أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - أما أنا فأقول لكم















المزيد.....

أما أنا فأقول لكم


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 22:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أما أنا فأقول لكم: (من يزرع التكبر والاستعلاء على المصريين* يحصد فوز فلول الوطني والإسلاميين)، رغم ملاحظاتي الكثيرة ومآخذي العديدة على المصريين في كثير من سلوكياتهم وطباعهم وثقافتهم، إلا أنهم يبهرونني بوضع كل من يتكبر ويستعلي عليهم ويتعاظم أو يحتقرهم ويتجاهلهم تحت أقدامهم ويطئونه بأحذيتهم حتى ولو كان يحمل لهم (الزبد والعسل). وهنا يكمن الفارق الكبير والبون الشاسع بين خطاب شباب الثورة والدخلاء عليهم وأدعياء العلمانية وأدعياء الليبرالية والمدنية ومخبري (أمن الدولة سابقا) من الإعلاميين والصحفيين والكتاب، وبين خطاب التيارات الإسلامية والمجلس العسكري وفلول الحزب الوطني للشعب المصري وكيف يخطبون وده ويقدرونه ويحترمونه حتى ولو بالخطاب الأجوف.

طالعتنا وسائل الإعلام أمس بفوز الدكتور (حسام كامل) المحسوب على النظام السابق، برئاسة جامعة القاهرة في انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بحصوله على (51 صوتا) مقابل (31 صوتا) لمنافسه الدكتور (محيي سعد). وأنا أعتبر هذا (عقابا أليما) من قبل النخبة الجامعية المثقفة ضد كثير من أصوات شباب الثورة والدخلاء عليهم من الإعلاميين والصحفيين وأدعياء العلمانية وأدعياء الليبرالية والمدنية، الذين تعالت أصواتهم كبرا واستعلاء وصراخا ولعانا وسبابا وقذفا وسخرية واستهزاء بكل من اختلف معهم من التيارات الأخرى سواء كانوا من الحزب الوطني أو من التيارات الإسلامية أو من قادة المجلس العسكري أو حتى من غالبية الشعب المصري الذين يُسَمَّون بـ (الأغلبية الصامتة).

وليست هذه هي النكسة الأولى لهؤلاء، ولكن سبقتها نكسات ثلاث، الأولى كانت في نتائج الاستفتاء على الدستور التي اكتسح فيها الإسلاميون وفلول الوطني والغالبية الصامتة، والثانية: في انتخابات (نقابة الصيادلة) التي فاز واكتسح فيها (الإخوان المسلمون) وأصبح نقيب الصيادلة (إخوانيا)، أما الثالثة: فهي انتخابات (نقابة المعلمين) التي اكتسح فيها كذلك (الأخوان المسلمون) بأكثرية المقاعد، وبقية نتائج الانتخابات القادمة ستأتي قريبا.

وهذا يعني أنه كلما قام شباب الثورة والدخلاء عليها وأدعياء العلمانية وأدعياء الليبرالية ومخبري (أمن الدولة سابقا) من الصحفيين والإعلاميين والكتاب بصب جام لعناتهم وسبابهم وتكبرهم واستعلائهم وعجرفتهم و(ردحهم) على الشعب المصري كلما قام الشعب المصري بوضعهم تحت أقدامه واصطف جنبا إلى جنب مع المجلس العسكري وفلول الوطني وجماعات الإسلام السياسي.

لقد بُحَّت الأصوات ومن بينها صوتي منذ نجاح الثورة، منادين ومطالبين شباب الثورة والدخلاء عليها والكائنات الفضائية التي هبطت من السماء على الثورة والثوار، ولم يكن أحد يسمع بهم من قبل، أن يتواضعوا مع الشعب المصري ليخطبوا وده، وأن يخففوا من حدة استعلائهم وغطرستهم واستكبارهم، ومن حدة لهجتهم ولعناتهم وقذائفهم ضد من يختلف معهم، وضد المجلس العسكري وقادته، وضد فلول الوطني، وضد الإسلاميين ورموزهم، ولكن،،،،
لقد أسمـعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد

لقد كتبت عددا من المقالات عقب الاستفتاء على الدستور في شهر (مارس) الماضي ونشرتها بجريدة (روزاليوسف اليومية) ونصحت فيها شباب الثورة وأدعياء العلمانية والليبرالية والإعلاميين والكتاب والصحفيين بأن يتواضعوا مع الشعب المصري ولا يخاطبوه بتلك الحدة، وألا يعتدوا على معتقداته وثقافته ورموزه بهذه الفجاجة وهذه الصلافة وهذا الاستعلاء، لكن: (أفأنت تُسْمِعُ الصُّمَّ أو تهدي العُمْيَ ومن كان في ضلال مبين)، وكان من بين المقالات التي نشرتها في هذا الصدد مقال بعنوان: (نتائج الاستفتاء بين الليبرالية والدين) وقلت فيه:

(لقد رأى بعض الناس أن نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية كانت بمثابة صفعة يد قاسية على وجوه دعاة الدولة المدنية، والبعض رأى أنها لم تكن صفعة، بل كانت لكمة موجعة، والبعض الآخر رآها (قذفة بحذاء قديم) في وجوه وعلى رؤوس دعاة العلمانية والديمقراطية والدولة المدنية، وأيا يكن توصيف نتائج الاستفتاء ووقعها على هؤلاء، علينا أن نعرف ابتداء من هم دعاة الدولة المدنية في مصر؟، ولماذا استحقوا هذه الصفعة أو اللكمة أو القذفة عن جدارة واستحقاق؟، إن دعاة الدولة المدنية في مصر هم أكثرية الإعلاميين والمثقفين والكتاب الذين يحتلون ويغتصبون ويسطون على أدوات ووسائل مخاطبة وعي الشعب المصري من خلال البرامج التلفزيونية في القنوات الحكومية والخاصة، سواء من القائمين على إعداد وتقديم هذه البرامج أو من ضيوفها الزبائن الدائمين من المحللين والسياسيين والقانونيين والمختصين الذين لا يتغيرون، وكذلك هم أكثرية الذين يحتلون ويغتصبون ويسطون على مساحات أغلب المقالات في الصحف الحكومية والخاصة، ويُنَصِّب جميع هؤلاء من أنفسهم أوصياء على جموع الشعب المصري القاصر عن الفهم وعن الاختيار بمسلميه ومسيحييه، وهم وحدهم الذين يرون أين تكمن منفعة الشعب وأين تكمن مضاره.

أكاد أجزم وأقطع بأن هؤلاء لا يعلمون شيئا عن طبيعة التركيبة الفكرية والثقافية والدينية للشعب المصري، بل وأكاد أجزم أن هؤلاء الناس لا يعلمون شيئا عن المفاهيم الفكرية والعلمية الحقيقية لمعنى الدولة المدنية، وكذلك الدولة الدينية، وأكاد أجزم وأقطع أن هؤلاء ومن خلال (ردحهم) عبر عشرات السنين للإخوان المسلمين والتيارات الدينية الأخرى في برامجهم وصحفهم هم من استفزوا التطرف الديني لهذه التيارات وهم من أوقدوا جذوة انحياز التيارات الإسلامية المطلق لأفكارهم المتطرفة، وهم من ألهبوا الحماسة الدينية لجموع الشعب المصري في أن ينحازوا لهم ويتعاطفوا معهم، حتى أصبحت التيارات الإسلامية المتشددة بهذه القوة وهذا الانتشار الواسع الذي نراه الآن في الشارع المصري، لقد ظل دعاة العلمانية ودعاة الدولة المدنية ومن يسمون بـ (دعاة التنوير) على مدار العصور المختلفة للأنظمة السياسية المتعاقبة يعملون كدروع إعلامية للدفاع عن الأنظمة الإجرامية المستبدة ضد عدو الأنظمة الوحيد (التيارات الإسلامية)، وليت دفاعهم كان عن طريق الحوار الفعلي الحقيقي القائم على العلم والوعي الحقيقيين بأفكار هذه التيارات ومنابعها وجذورها، وليتهم قدموا خلال هذه السنوات الطويلة فكرا دينيا وسطيا حقيقيا كبديل عن الأفكار المتطرفة لهذه التيارات يجتذب إليهم جموع الشعب المصري ويأخذ بألبابهم. إنما كان دفاعهم عبارة عن نفخ في نار ظنوا أن نفخهم فيها سيطفؤها، بل لم يزدها نفخهم فيها إلا اشتعالا واتقادا.

لقد عمل دعاة العلمانية والديمقراطية والدولة المدنية لعشرات السنين على مواجهة (التيارات الإسلامية) المتطرفة بتفزيع الناس وتخويفهم منهم، وعملوا على تشويههم وازدرائهم وتحقيرهم والسخرية منهم وتخوينهم وشيطنتهم، وفي المقابل كانت (التيارات الإسلامية) أكثر ذكاءً ودهاءً منهم، فقاموا يستخدمون من حالة (الردح الإعلامي) و(الشرشحة الصحفية) التي يقودها ويقوم عليها دعاة العلمانية والليبرالية والدولة المدنية، وسيلة وفرصة ذهبية لتجييش الشعب المصري وتحريضه دينيا ضدهم، وألقت التيارات الإسلامية في روع الشعب المصري أن دعاة العلمانية والليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية عبارة عن مجموعة من الملحدين والمارقين من الدين الذين يعادون الإسلام ويحاربونه ويتهجمون على شريعته في برامجهم وصحفهم، فصدقهم الناس ووثقوا بهم وشايعوهم وتعاطفوا معهم سواء بوعي أو بغير وعي.

وما زاد طين دعاة الدولة المدنية بلة، أنهم اتخذوا من قضايا المسيحيين ومطالبهم ومظالمهم وسيلة وذريعة لضرب التيارات الإسلامية وتحريض الشعب المصري ضدهم، وقاموا بالانحياز إلى هذه المطالب بصورة حمقاء بلهاء، بها الكثير من الإثارة والاستفزاز، مما مهد الطريق أمام التيارات الإسلامية للعب على هذا الوتر الحساس، فاتخذت التيارات الإسلامية من هذا الانحياز دليلا جديدا يقدمونه لجموع الشعب المصري (المسلم) على أن دعاة العلمانية والديمقراطية والدولة المدنية يناصرون المسيحيين وينحازون لهم ضدكم وكي تتأكدوا أن هؤلاء ليسوا بمسلمين ويكرهون الإسلام ويتواطئون ضده وضد المسلمين، فصدقهم الناس وشايعوهم وناصروهم على ذلك، إن دعاة الدولة المدنية فعلوا بالمثل ما فعلته الدبة الساذجة التي قتلت صاحبها من فرط حرصها الأحمق والأبله عليه، وكذلك فعلوا بالمثل ما كان يفعله الرئيس السابق (محمد حسني مبارك) في معالجته الحمقاء لقضايا ومطالب ومظالم المسيحيين.

لقد أثبتت نتائج الاستفتاء بما لا يدع مجالا للشك حتى هذه اللحظة وبعد ثورة 25 يناير وبعد انهيار الاستبداد والطغيان واندحار مليشيات تزوير الانتخابات أن كلمة التيارات الدينية (الإسلامية والمسيحية) في مصر هي العليا وكلمة الذين تعلمنوا وتمقرطوا وتمدنوا وتلبرروا وتنوروا هي السفلى، وليس من برهان جلي واضح على هذا إلا القراءة المتأنية في نتائج الاستفتاء، فالملايين الأربعة عشر الذين صوتوا على التعديلات الدستورية بـ (نعم) هم في أغلبهم من المسلمين الذين لم يصوتوا بـ (نعم) عن قناعة سياسية بجدوى (نعم)، إنما هم هبوا لتلبية نداء التيارات الإسلامية التي أوحت إليهم بأن التصويت بـ(لا) سوف يقضي على هوية مصر الإسلامية، وسوف يهدد بإلغاء المادة الثانية من الدستور، وسوف تتحول مصر إلى ماخور كبير للكفر والضلال. وكذلك الملايين الأربعة الذين صوتوا بـ (لا) هم في أغلبهم وبنسبة 95% منهم مسيحيون، وتصويت المسيحيين بـ (لا) لم يكن عن قناعة شخصية أو وعي معرفي بمدلول (لا) سياسيا، إنما كان تصويتا تلبية لنداء القيادات الدينية الكنسية العليا، التي أوحت إليهم بأن القول بلا هو معارضة مقدسة لخيار التيارات الإسلامية التي صوتت بـ (نعم)، كي لا تتحول مصر إلى دولة يحكمها الإسلاميون.

وبعملية حسابية بسيطة نستطيع من خلالها أن نفرز جميع الأصوات فنخرج من قالوا (نعم) تلبية لنداءات التيارات الإسلامية جانبا، وكذلك نخرج الذين قالوا (لا) جانبا من المسيحيين الذين كان تصويتهم بـ (لا) تلبية لتوجيه قادة الكنيسة، فكم يا ترى سيكون عدد الذين قالوا (لا) عن قناعة شخصية ووعي سياسي حقيقي؟ وكم يا ترى سيكون عدد الذين قالوا (لا) من الذين تعلمنوا وتمقرطوا وتمدنوا وتلبرروا وتنوروا؟، الجواب: لن نجد منهم نسبة تذكر رغم ذلك الحشد والتجييش الإعلامي الذي كان يقف وراءه دعاة الليبرالية والديمقراطية والعلمانية والدولة المدنية، وهذا يؤكد بكل وضوح وجلاء أن نتائج الاستفتاء كانت صفعة قوية على وجوههم لضحالة أفكارهم وتجاهلهم للشارع المصري وانعزالهم عنه وتجاهل الشارع المصري لهم وانعزاله عنهم، صفعة قوية لهم على أنهم كانوا يخاطبون الشعب المصري من برج عاجي وبنفس الطريقة التي كان يخاطب بها الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان يحتقر المصريين ويحتقر معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم ورموزهم وينظر إليهم من علِِ، صفعة قوية لهم على عدم نزولهم إلى الشارع المصري واختلاطهم بملايين البسطاء وهم أكثرية الشارع المصري من الذين يقطنون الأحياء الفقيرة والأرياف والصعيد، صفعة قوية لهم على اكتفائهم بمخاطبتهم الشعب المصري من أمام كاميرات البرامج ومن خلال مقالات الصحف ومن داخل مكاتبهم المكيفة، فيا ترى هل سيفيقون بعد تلك الصفعة الموجعة؟ وهل سيعون الدرس على بساطته؟؟.

إن من المفارقات العجيبة والمدهشة ومن سخرية القدر في الوقت نفسه أن دعاة الديمقراطية والليبرالية والعلمانية والدولة المدنية رغم ما يمتلكون وما تحت أيديهم من آلة إعلامية جهنمية ضخمة ليس لديهم أي تأثير يذكر في جموع المصريين مقارنة بالتيارات الإسلامية التي لا تمتلك صحيفة واحدة ولا برنامجا واحدا في أية فضائية من فضائياتهم، بل إنني أجزم وأقطع بأن خطبة جمعة واحدة من شيخ سلفي أو إخواني أو أزهري أو من أي تيار إسلامي لها من التأثير والقدرة على الإطاحة بكل ما كتبه وقاله وألفه وفكر به دعاة العلمانية والليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية عبر عشرات السنين، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا غائب عن الوعي أو مغيب عن الحياة.

وينبغي علينا أن نفرق بين الفكرة في ذاتها أية فكرة تدعو إليها أي جماعة بشرية، وبين دعاة الفكرة وحملتها، فدعاة الفكرة وأصحابها قد يسيئون إلى الفكرة ذاتها على أهميتها وضرورتها، ومن ثم يعافها الناس ويلفظونها، بسبب سوء عرضها من قبل دعاتها، وهذا بالضبط ما فعله ويفعله دعاة الليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية في مصر، فهم كانوا وما زالوا عامل رئيسي وفاعل في تقسيم مصر على أساس ديني وليس التيارات الإسلامية كما يعتقد معظم الناس، إن دعاة العلمانية والليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية هم في مأزق حقيقي لا يحسدون عليه، بل إنهم يمثلون عقبة كأداء أمام وعي عموم الشعب المصري بمدلول وحقيقية وأهمية الدولة المدنية، ومن هنا أقول ينبغي على دعاة الدولة المدنية إن أرادوا أن يرفعوا من وعي الشعب المصري تجاه الدولة المدنية وأهميتها أن يعيدوا النظر في أفكارهم بشكل جدي وعملي، وكذلك في آليات تواصلهم مع جموع الشعب المصري كله، وكذلك في لغة خطابهم، وعليهم أن يعيروا اهتماما كبيرا للحساسية الدينية للشعب المصري، وأن يحترموا معتقداته ورموزه وعادته وتقاليده ومقدساته حتى وإن لم يتفقوا معها، وأن يحترموا مشاعره الدينية، فالشعب المصري لدية قابلية مفرطة للاستثارة الدينية، وإن لم يتنبهوا لهذا فسوف ينقرضوا من المشهد السياسي والثقافي والفكري والإعلامي المصري كما انقرضت اللغات الميتة ويمسون مجرد نقش على حجر عتيق) انتهى.

ومن أحسن قولا من الأستاذ (عماد الدين حسين) في مقاله الصادر صباح اليوم (الجمعة الموافق 14 / 10 / 2011م) في جريدة (الشروق) تحت عنوان: (مغزى عودة حسام كامل)، الذي قال فيه:

(قواعد اللعبة الديمقراطية تحتم علينا أن نتقبل بصدر رحب فوز الدكتور حسام كامل برئاسة جامعة القاهرة بحصوله على 51 صوتا مقابل 31 صوتا لمنافسه الدكتور محيى سعد.
الدكتور حسام كامل كان محسوبا على النظام السابق، وعندما استشعر الحرج قدم استقالته لكن الحكومة رفضتها مرات كثيرة، ثم قبل الاحتكام للعملية الديمقراطية، واستطاع أن يعود رئيسا للجامعة بصورة لم يكن يتخيلها فى أكثر أحلامه وردية، لأنه عاد منتخبا وليس بهذه «الواسطة» أو هذا «التقرير».
لكن إذا ونحن فى كل الأحوال لا نناقش شخصيته أوعلمه كنا نقبل بعودته إيمانا بالديمقراطية، فإن قواعد اللعبة السياسية تحتم علينا توجيه أقسى نقد ممكن للحكومة والمجلس العسكرى، بل ولبعض الحركات المعارضة، هذه الأطراف الثلاثة استهلكت الوقت وتفننت فى إضاعته حتى نصل إلى موقف يتكتل فيه الكثير من فئات الشعب لإعادة الكثير من رموز الحزب الحاكم عبر صندوق الانتخاب.
لو أن الحكومة أوفت بوعدها وأقالت كل رؤساء الجامعات فى أول أغسطس الماضى، عندما كانت الروح الثورية فى أوجها، ما كنا قد وصلنا إلى هذا اليوم، بل إن هناك تقارير أن ضغوطا ــ بعضها حكومى ــ تمت ممارستها على بعض رؤساء الجامعات كى لا يقدموا استقالاتهم باعتبار أن القائم بأعمال رئيس الجمهورية هو الذى يعينهم، وبالتالى هو الذى يقيلهم.
السيناريو الذى حدث منذ بداية الثورة وحتى الآن يوحى بكارثة مقبلة، خلاصتها أن هناك لعبة جهنمية ـ لا أعرف أن كانت حدثت بالصدفة أم تم الترتيب لها ـ هدفها تكفير الناس بكل ما يمت للثورة بصلة.
وللأمانة فإن بعض الثوار ـ أو حتى المحسوبين على الثورة زورا وبهتانا ـ لعبوا دورا غاية فى السلبية فى الإساءة للثورة خصوصا بعد اعتصام 8 يوليو وعدم فضه فى الوقت المناسب، والتفنن فى إغلاق ميدان التحرير، ومحاولات الصدام المستمر مع القوات المسلحة، وأخيرا اللغة المتعالية من بعض الشباب ضد فئات كثيرة من الشعب المصري.
الأخطر أنه وإذا لم يقتصر الأمر على الجامعات فقط، فإنه قابل للتكرار فى أماكن أخرى خصوصا فى الانتخابات البرلمانية التى انفتح باب ترشيحها قبل يومين، وشهدت هجوما من المحسوبين على الفلول.
يسأل كثيرون: إذا كانت الثورة وممثلوها قد فشلت فى التأثير على أساتذة الجامعات والمثقفين فى إعادة انتخاب شخص محسوب على النظام القديم، فهل ستنجح فى التأثير على قطاعات شعبية كثيرة ليس لديها وعى سياسى كافٍ، ولا يشغلها جدل النخبة بل لقمة العيش والمرتب واسعار السلع.
الوقت يمر تماما.. وهناك فرصة أن تتنبه قوى الثورة إلى عدم الانجراف والسقوط فى الفخ الذى ينصب لها كل مرة وللأسف تقع فيه، من أول التجاذبات والمعارك بين التيارين الليبرالى والإسلامى ونهاية بفخ الفتنة الطائفية.
لو استمر السيناريو بنفس اندفاعه الراهن فإننا قد لا نستغرب إذا شهدنا مجلس شعب مقبل يطالب بالقبض على ائتلاف شباب الثورة بتهمة العمالة لصربيا أو بوركينا فاسو!) انتهى.


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 0164355385 _ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لا يقال ولن يقال حول الصراع الإسلامي المسيحي في مصر
- (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) رد على: علال البسيط
- تعليقات على مقال أم قداس في كنيسة؟
- (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا)
- الرجل هو من استعبد المرأة والرجل هو من حررها
- علاقة الغرب العلماني المتحضر بالحاكم العربي
- هل الإجماع مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟
- الحرية كذبة كبرى
- هل الاجتهاد مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟؟
- وماذا بعد سقوط حسني مبارك ومحاكمته؟
- المواقيت الصحيحة للإفطار والسحور
- لا دية لأسر شهداء 25 يناير
- النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الثاني
- النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الأول
- من أجل إنقاذ مصر
- الدعاء في سجن (مزرعة طرة) مستجاب
- ويل لمن تنكروا لفضل الرئيس مبارك عليهم
- ثورة 25 يناير ثورة إسلامية بلا خوميني
- حقيقة حياد الجيش وقراءة أخرى في المشهد المصري
- العلاقة المشبوه بين البابا شنودة والرئيس مبارك


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - أما أنا فأقول لكم