أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي سعد - المجتمع العربي في إسرائيل وعوامل التفتيت الذاتي














المزيد.....

المجتمع العربي في إسرائيل وعوامل التفتيت الذاتي


مهدي سعد

الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 22:38
المحور: المجتمع المدني
    


السائد في الخطاب الرسمي للقيادات السياسية والنخب الثقافية العربية في إسرائيل هو أن تقسيم وشرذمة مجتمعنا العربي الفلسطيني إلى مجموعات طائفية وعائلية متناحرة هو نتاج لسياسة إسرائيلية سلطوية ممنهجة تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي للأقلية العربية من أجل إضعافها وتسهيل سيطرة السلطة وأذرعها على الحراك السياسي- الاجتماعي فيها. ورغم أن هذا التشخيص صائب إلى حد كبير إلا أنه يغفل العوامل الذاتية التي تساهم في تفتيت شعبنا من الداخل عبر ممارسات وسلوكيات تقوي الاستقطاب الطائفي وتحول دون تبلور هوية وطنية جامعة يندمج في بوتقتها أبناء الأقلية العربية على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم الفئوية.

من المعلوم أن المجتمع العربي في إسرائيل يتكون من ثلاث طوائف دينية لكل منها مقومات اجتماعية وثقافية خاصة بها تميزها عن غيرها، وهذا أمر طبيعي يعكس التعددية القائمة لدينا وهو مصدر غنى حضاري نعتز ونفتخر به. على الرغم من ذلك هناك قوى وجهات فاعلة في الحيز العام تلعب دورًا مركزيًا في تغذية الانقسامات الطائفية ونشر التعصب والعنصرية في صفوف أتباعها. وبإمكاننا أن نجمع هذه القوى تحت ثلاث مسميات وهي: الأصولية الإسلامية، الانعزالية المسيحية والرجعية الدرزية.

الأصولية الإسلامية، ممثلة بشكل أساسي بالحركة الإسلامية، تبني خطابها السياسي على أسس دينية غيبية وتعمل على تكريسها على أرض الواقع عبر شعار "الإسلام هو الحل" والذي يعني بعرفها أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو السبيل الأمثل لحل جميع المشاكل التي تعاني منها الحضارة الإنسانية. إن تنامي الأصولية الإسلامية وانتشارها على نطاق واسع له أسهام كبير في إضعاف الوحدة الوطنية وتفكيك عرى التلاحم بين أبناء الشعب الواحد، بالإضافة إلى أنه يثير مخاوف جدية لدى الطوائف الأخرى التي تشعر بأن المد الإسلامي الأصولي يهدد وجودها ويشكل خطرًا حقيقيًا عليها وبالتالي تلجأ إلى التقوقع والانكفاء على ذاتها.

الانعزالية المسيحية هو تعبير جامع لمختلف الأطر والهيئات التي تشترك مع بعضها بالاعتقاد بوجود هوية مسيحية منفصلة عن الانتماء العربي وتعمل على خلق كيانية مسيحية غير مرتبطة بمحيطها. إن هذا التوجه آخذ بالانتشار في أوساط عديدة لدى الطائفة المسيحية التي باتت ترى بأن صلتها بالغرب أعمق من علاقتها بالشرق العربي، وهذا ما يدفع بتلك الأوساط إلى الانعزال عن العرب الآخرين وإضمار العداء لهم لمجرد انتمائهم الطائفي. كثيرًا ما نلاحظ لدى هؤلاء وجود نظرة استعلائية على بقية الطوائف نتيجة اعتقادهم بوجود فوقية مسيحية تضعهم في مصاف المجتمعات الراقية والمتقدمة بينما يقبع الآخرون في وحول الجهل والتخلف حسب تصورهم.

الرجعية الدرزية تتشكل من مختلف القوى والشخصيات التي تعمل على تنفيذ المشروع السلطوي الرامي إلى سلخ الطائفة الدرزية عن محيطها العربي واصطناع هوية درزية منغلقة على نفسها. يدعي هؤلاء بأن الدروز يشكلون مجموعة إثنية لها خصوصيتها الثقافية والعرقية المختلفة عن العرب ولا يعتقدون بوجود صلة تربط الدروز بالهوية العربية. لذلك يرفض أصحاب هذا الادعاء الانخراط في صفوف الأحزاب والمؤسسات العربية التي يعتبرونها لا تمثلهم ولا تعبر عن تطلعاتهم، وقد ربطوا أنفسهم بالمؤسسة الإسرائيلية طمعًا في الحصول على بعض الموارد وتحقيق عدد من المصالح وإن أتى ذلك على حساب تنازلهم عن دائرة انتمائهم الأصلية. ولا بد من الإشارة إلى أن الرجعية الدرزية تكن العداء للطوائف الأخرى وتعمل على نشر الكراهية تجاه الغير في صفوف أتباعها.

إلى جانب هذه القوى الطائفية فإن الأحزاب والحركات السياسية العلمانية، التي من المفترض أن تعمل على تقوية الرابطة القومية بين أبناء الشعب الواحد، أخفقت هي الأخرى في تحقيق مشروع الوحدة الوطنية والعيش المشترك، لا بل ساهمت في تكريس البنى التقليدية في المجتمع العربي. ولا يخلو حزب عربي من نزاعات على خلفية طائفية، والتي تطفو على السطح بشكل بارز أثناء المعارك الانتخابية البرلمانية والمحلية، التي تلجأ فيها الأحزاب إلى تشكيل قوائمها وفق تركيبة طائفية تضمن "التمثيل اللائق لطوائف شعبنا". وهي بذلك تتلاقى، من حيث كانت تدري أو لا تدري، مع مشروع السلطة الهادف إلى تمزيق وحدة شعبنا، والذي تدعي محاربته والتصدي له.

المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل بحاجة لمشروع شامل لبناء هوية وطنية على أسس واضحة المعالم تتمثل في إعادة الاعتبار للمركب القومي الذي تنصهر فيه كافة الانتماءات الطائفية والعائلية، كذلك لا بد من تكثيف المبادرات الوحدوية التي تساهم في تعزيز العيش المشترك وترسيخ مبادئ احترام التنوع وقبول الآخر. هذا المشروع يتطلب تضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني التي يؤمل منها العمل على تطبيقه بعد أن فشلت الأحزاب في هذه المهمة التي تعتبر مصيرية لضمان مستقبل مشرق لشعبنا.



#مهدي_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقصاء -الفجر- و-أبناء شفاعمرو- والمعركة على وجه شفاعمرو
- نحو إسقاط النظام الطائفي الشفاعمري
- قائمة -الفجر- وإستراتيجية الهيمنة
- عن دور الشبيبة التقدمية في خلق حالة شفاعمرية جديدة
- صراع الإرادات وسر استهداف المدرسة الشاملة -أ-
- تدحرج التجربة الشفاعمرية نحو العنصرية
- أحاديث في واقع دروز شفاعمرو
- عن المؤتمر الاغترابي ووفد التواصل ومستقبل الطائفة الدرزية
- الانزلاق الفاشي يحتم بناء جبهة يسارية عريضة
- نحو إعادة تشكيل اليسار الدرزي
- نحو تنجيع أداء المعارضة الشفاعمرية
- قراءة في المشهد السياسي الشفاعمري
- عن الوطنية والمقاومة والإسلام السياسي
- لنجعل من احتفالات المئوية تظاهرة ثقافية مميزة
- لا بد من إرساء معادلة شفاعمرية جديدة
- الخلاف حول العطلة الأسبوعية هو نتاج لواقع طائفي مرير!
- حينما يتحول العنف إلى سلوك مبرر!!
- نحو تنشيط الحراك الثقافي الشفاعمري
- حول العلاقات المسيحية- الدرزية
- عن المسألة الطائفية مرة أخرى!


المزيد.....




- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...
- تقرير أممي يحذر: المجاعة أصبحت وشيكة في شمال غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي سعد - المجتمع العربي في إسرائيل وعوامل التفتيت الذاتي