أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جان كورد - نحن بحاجة إلى عملية -تكريد- شاملة















المزيد.....

نحن بحاجة إلى عملية -تكريد- شاملة


جان كورد

الحوار المتمدن-العدد: 1044 - 2004 / 12 / 11 - 05:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كما هو معلوم فإن الأمة الكوردية قد تعرَضت في تاريخها الطويل إلى مختلف صنوف الحملات العدوانية والاستعمارية التي قضت على كثير من مراكزها الثقافية، وبخاصة لدى تعرَضها لغزوات المغول والتتار والأقوام التركية الأخرى التي انطلقت من المراعي الآسيوية مدَمرة في طريقها كل ما يشع نورا وحضارة، كما فعلوا أيضا ببغداد، عاصمة الدولة العباسية، التي رموا بما في مكتباتها الكثيرة في نهر دجلة حتى تغيَر لون الماء إلى أسود بسبب الحبر الذي دوَنت به الكتب، على حد قول المؤرخين المسلمين وغير المسلمين.
إضافة إلى ذلك فقد تعرَضت هذه الأمة إلى سياسات التتريك والتعريب والتفريس الدائمة والمستمرَة حتى يومنا هذا على كل الصعد والمستويات، بحيث بات الكوردي محاصرا في قوميته ولغته وعاداته ومحاربا ومدانا على أرض وطنه كوردستان، وبخاصة إذا ما أظهر اهتماما بالشخصية القومية لأمته وبلغتها وأشعارها وأدبها وفنَها، وكأن هذه اللغة وباء أو عمل اجرامي يجب مكافحته ومطاردة مرتكبيه وزجهم في السجون والمعتقلات وكم أفواههم ومنعهم من التلفَظ بلسان من الألسنة التي هي آيات من آيات الخالق العظيم وتعكس التنوَع العظيم في الوضع الثقافي لبني البشر.
ولا يخفى الدور الكبير الذي قام به الدين الإسلامي في مسألة تعريب الأمة الكوردية، طوعا أو كرها، بحيث اهتَم علماء اللغة الكورد من (ابن الحاجب) إلى (محمد كرد علي) باللغة العربية دون الكوردية، ولا يخفى أن خطب يوم الجمعة ظلَت لقرون عديدة تخطب بالعربية في مجتمع كوردي تجهل أكثريته هذه اللغة، وهذا ما أدَى في الوقت نفسه إلى فهم خاطىء للدين وتحوَل شديد نحو الصوفية بكل تحريفاتها، وبمساوئها ومحاسنها، بعد أن أخذت حيزا كبيرا في المجتمع الكوردستاني تاريخيا.. ناهيك عن المنع التام والشامل لاستخدام الكوردية في التعليم المدرسي والعالي على حد سواء بظهور قناديل "القومية العربية" التي كانت توقد بزيت الفكرالنازي الألماني والفاشي الايطالي في عهد الدكتاتوريتين المدمرتين في أوروبا في النصف الأوَل من القرن الماضي، والمتأثرتين تأثيرا كبيرا بالأتاتوركية المجرمة. التي قضت على آخر الوشائج السياسية بين شعوب المنطقة بقضائها على الخلافة الإسلامية بعون ودعم أوروبي.
أما في تركيا الطورانية فقد تم محاربة اللغة الكوردية محاربة شعواء وكأنها داء الطاعون ولم ترحم الدولة التركية الشعب الكوردي في ذلك، بل سرقت كثيرا من مفردات لغة الكورد وضمتها إلى القاموس التركي بحيث اعتبر بعض جهلاء (علماء!) اللغة التركية أن الكوردية مجرّد لهجة تركية، كما ادعى ذلك (بروفيسور) تركي في كتيب نشره في ألمانيا، مع أن الكوردية تنتمي إلى المجموعة الاندوأوربية التي لا علاقة للتركية بها وظلّت الكوردية على الدوام أنقى وأصفى من التركية التي شابها من العربية كثير جدا إلى درجة أن الترك لايستطيعون تصفية لغتهم بعد الآن من المفردات العربية الطاغية عليها. ويكفي أن نعدد أسماء كبرى الصحف التركية (حريت، ملليت، جمهوريت، صباح، زمان...)
هذه الأسباب المتعلقة بحقد الآخرين وكرهههم ومحاولات فرض لغاتهم على الأمة الكوردية بالقوة، وغيرها من الأسباب الذاتية المتعلقة بتقسيم كوردستان وضعف الحركات السياسية والثقافية الكوردية وسياسة الحرمان والكبت والقهر على كافة الأصعدة، دفعت بعض كبار المؤلفين الكورد إلى نشر نتاجاتهم الأدبية القيّمة باللغات الأخرى، وخير أمثلة على ذلك هو أمير شعراء العرب أحمد شوقي كوردي وأهم كاتب روائي في تركيا يشار كمال كوردي أيضا... وإن لغة سليم بركات الرائع في كل ما يكتبه ليست الكوردية وانما العربية، وكذلك أحد أهم علماء المسلمين المعاصرين الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي (نسبة إلى بوطان الكوردية)... وكان ضليعا بالكوردية في شبابه بدليل ترجمته الرائعة لملحمة (مه م وزين – تأليف أحمد خانى ) الشعرية العظيمة إلى العربية....

واليوم نرى بين الكورد من هجر الكوردية تماما رغم اعترافه بكورديته، ومن هؤلاء ملايين من الكورد الذين نزحوا إلى المدن أو ممن استلموا وظائف في أجهزة النظم التي تستبد بقومهم، وترى أسماء رجالات العرب والترك والفرس منتشرة بين الكورد أكثر بكثير من أسماء رجالات الكورد وعظمائهم، فأسماء جمال وحافظ وناصر بين الأكراد أكثر من أسماء بارزاني وطالباني وقاسملو..الألحان العربية والتركية والفارسية تطغى اليوم على الحياة الموسيقية الكوردية، بعد أن كانت الموسيقى الكوردية ذات خصوصية مميّزة.. كثير من الأكراد في جنوب كوردستان لم يعد يذكر لفظ "كوردستان – وطن الكورد" في أحاديثه مطلقا، وانما يكرر "العراق" مثلا في وقت أصبح "كوردستان العراق" حقيقة أو دولة بالواقع.. الإعلام الكوردي ليس إلا "شوربة خضار" لكثرة ما ينشر باللغات الأخرى لدرجة أن كثيرين لا ينظرون إلى الأقنية الكوردية إلا عندما يكون هناك برنامج بالعربية أو بالتركية أو بالفارسية، سواء أكان سياسيا أو أدبيا أو فنيا...ومع الأسف بعض زعماء الكورد الكبار أيضا يساهمون مساهمة فعاّلة في عملية "التعريب الذاتي" لشعبهم الذي كافحوا من أجل حريته طوال عمرهم، وعلى الرغم من الكوردية هي اللغة الرسمية الثانية في عراق اليوم بعد العربية. ولقد لاحظت بأن عدد الأكراد السوريين الذين يتحدثون في المهاجر الأوربية بالعربية قد ازداد بشكل عجيب في السنوات الأخيرة وبخاصة بين القادمين الجدد والذين هم في عمر الشباب..والغريب أنه ضمن كثير من العوائل الكوردية صارت العربية وليس الألمانية ، وهم في وسط ألمانيا، لغة المحادثة اليومية بدلا عن الكوردية.. وكأن لاعلاقة لهم بالكورد وكوردستان نهائيا، على الرغم من أنهم يحصلون على جوازات سفر أوربية على حساب الشعب الكوردي وفي ظل الحركة الوطنية الكوردية التي تساعدهم بحجة أنهم مضطهدون بسبب كورديتهم في بلادهم. وصارت الأغنية العربية والرقص العربي جزءا لا يتجزأ من حفلات الأعراس الكوردية في أوروبا، ونرى بأن مجموع ما تنشره الصفحات الانترنتية أو المجلات والجرائد (الكوردية!) بالعربية أو التركية أو الفارسية أكثر بكثير مما تنشره باللغة الأم.. وهذه مصيبة كبرى حقا... وعلى الرغم من أن عدد الذين تمكّنوا من تعلّم الكوردية والكتابة بها قد ازداد بشكل ملحوظ في العشرين سنة الأخيرة، إلا أن "التعريب الذاتي" و"التتريك الذاتي" قد أصبحا أوسع وأعمق وأوضح من "التعرب القسري" و "التتريك القسري"...
طبعا قد يسألني أحد القراء:"إذا لماذا تكتب أنت بالعربية؟ ولماذا تصدر مجلة صوت كوردستان بالعربية؟" فأقول:"حقيقة أريد كتابة كل شيء بالكوردية وأحبها، وأحاول كتابة كل نتاج أدبي بها، ولكن يبدو أن السياسة الكوردية لم تستكرد بعد، لذا أجدني مضطرا للكتابة بالعربية، على الرغم من أنني أكتب بالكوردية أيضا كل أسبوع." ولكنني لم أجعل في يوم من الأيام لغة أخرى غير الكوردية لغة مخاطبة عائلية أو بين الأصدقاء أو في المعاملات العامة، وهذا ليس عنصرية، وانما لكي لا تندثر هذه اللغة الجميلة، فكل شعب يحب لغته وكل إنسان يحب لغة آبائه وأجداده، وهذه من طبيعة البشر أينما كانوا، وليس تعاليا أو كرها أو حقدا على الآخرين كما قد يتصور بعض الناس... برأيي نحن بحاجة إلى عملية "تكريد" شاملة، بدءا من المثقفين الكبار، والزعماء السياسيين، والإعلاميين الذين لهم دور فعّال جدا في توسيع دائرة التكريد، والمرأة بحكم قيامها بتربية الطفل الكوردي أهم عنصر تربوي ولغوي في حياة الإنسان.. وإلا فإن لغتنا، هذه الآية الربانية الجميلة في خطر، وخطر الاندثار كاللغات القديمة الأخرى في المنطقة من حيتيتية وأكادية وبابلية محدّق بها من كل الجهات، في الوطن وفي خارج الوطن، وعسى أن يأخذ محبو الكورد وكوردستان كلامي هذا مأخذ الجّد والاهتمام...



#جان_كورد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملية الاغتيال في سورية تزيل هيبة البعث الحاكم
- مهزلة الإعلام الكردي الانترنتي
- قضيتنا المركزية هي قضية كوردستان
- لماذا الحملة المسعورة على الأكراد؟
- العافون عن الناس وحكاية الحصان الطائر
- حول العلاقات الكردية – الاسرائيلية في ظل الحقائق التاريخية : ...
- إلى رئيس وزراء تركيا - رسالة كردية بالعربي
- الكرد حزينون ولكنهم ليسوا ضعفاء
- الحوار مع البعث وأجهزته الأمنية إلى أين؟
- نحو استراتيجية كردية جديدة في سوريا
- وماذا عن التعذيب في السجون العربية؟
- أنعود من منتصف الطريق؟
- هل نحن على الطريق الصحيح؟!
- هل نحن حقاً شركاء في الوطن ؟!
- ماذا تريدون من الكرد أيها السادة؟
- إسألوا الشعب الكردي أولا...!!
- الطريق الطويل إلى الديموقراطية في الشرق الأوسط
- نظرة في رد الفعل الكردي على الإرهاب
- مأزق المعارضة السورية الديموقراطية
- المعارضة السورية من الفرز الطبقي إلى الفرز الديموقراطي


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جان كورد - نحن بحاجة إلى عملية -تكريد- شاملة