أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - المعارضة السورية أمام امتحان دبلوماسي دقيق















المزيد.....

المعارضة السورية أمام امتحان دبلوماسي دقيق


هيثم خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 08:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشكل الزيارة التي سيقوم بها وفدا المعارضة السورية المبعوثان من قبل الملجلس الوطني السوري و هيئة التنسيق الوطنية حدثاً ذو معنى خاص، إذ إنه لا يدل فقط على أن المعارضة بدأت تكتسب ثقلاً عالمياً و ربما على أن النظام قد بدأ يفقد معظم حلفائه في العالم و بالأخص حليفته الأكبر روسيا، بل لأنه أيضاً يشكل امتحاناً للحذاقة الدبلوماسية لجناحي المعارضة.

لقد ارتكزت سياسية روسيا في منطقة الشرق الأوسط على حماية حليفها النظام السوري، إذ إنه ليس فقط أحد زبائن صناعة أسلحتها و الذي يؤمن لها منفذاً عسكرياً على البحر المتوسط عبر قاعدتها العسكرية المتواجدة بالقرب من مدينة طرطوس، و لكنه أيضاً "بممانعته" العالية التكلفة لشعبه يبطئ الامتداد الغربي إلى الشرق الأوسط الذي لا تقدر روسيا على منافسته. هكذا حمت روسيا الأسد من العقوبات التي كانت الدول الغربية فرضها عليه عبر مجلس الأمن في عامي 2005 و 2006 عقب جريمة اغتيال الحريري، إذ قامت روسيا بالعمل على إيجاد حلٍ وسط يقوم على أساس تعاون الأسد بالتعاون مع التحقيق الدولي مقابل عدم وضع ضغط كبيرعليه. كل هذا أعطى الأسد فرصة لفك عزلته و تحسين وضعه الدولي.

حاولت روسيا اعطاء نظام الأسد الوقت للخروج من الأزمة السورية الحالية على غرار ما فعلت بعد اغتيال الحريري،فنصحته باجراء بعض الاصلاحات، ثمّ دافعت عنه بدعوى أنه يحتاج لوقت لتحقيق الإصلاحات التي وعد بها. وهي فعلت هذا متشجعة ببعض أطراف المعارضة التي كانت ترى أن التحول الديمقراطي لا يتطلب التخلص كلياً من النظام الحالي، بل يتطلب فقط التخلص من الأجهزة المخابراتية التي أقضت مضجع الشعب و الماكينة العسكرية استنفذت مقدراته. و هكذا اعتقدت روسيا أن بقاء الأسد ممكناً، و أنه من الممكن التوصل لحلول وسط بين النظام و المعارضة، وأن اطراف المعارضة التي لا تتفق مع هذا الرأي هي متعنتة و متطرفة، و أن الدول الغربية متسرعة و متهورة. لهذا أصرت روسيا منذ البداية على ضرورة الحوار بين النظام و المعارضة مع التمسك ببقاء النظام، و نددت بأطراف المعارضة التي لا ترى جدوى من هذا الحوار، و لهذا عملت على منع أي قرار من مجلس الأمن يدين النظام .لكنها وافقت في شهر آب على بيانِ رئاسي يتضمن دعوة صريحة ومباشرة لوقف كافة أشكال العنف ومشاركة كافة القوى السياسية فى حوار سياسى بناء . ثمّ استخدمت الثلاثاء الماضي حق النقض ضد مشروع القرار الأوروبي المدين لأفعال النظام محذراً إياه أن أفعاله القمعية ستؤدي به إلى مزيد من العزلة و العقوبات. ولتبرير هذا النقض استخدمت حجتين معلنتين، الأولى هي أن القرار لم يتضمن بالإضافة إدانة للمعارضة لإدانته النظام، والثانية هي أنها لا تريد مشاهدة تكرارٍ للمشهد الليبي على الأرض السورية.

ها نحن في نهاية الشهر السابع من الإنتفاضة و رهان روسيا على اصلاحات الأسد و على حوار بين النظام و المعارضة لم يتحقق، فإذاً فما هو خطأ التقدير الذي ارتكبته الإدارة الروسية؟ أولاً إن روسيا اعتبرت أن بشار مازال ليناً كما كان قبل خمس سنوات، فبشار بعد جريمة اغتيال الحريري قَبِلَ بأن تأتي لجنة التحقيق إلى دمشق و وفّر لها كل التسهيلات للقيام بعملها، برغم أن هذا القبول كان جرحاً لكبرياء النظام، و فوق ذلك بشار كان مستعداً للتضحية بزوج أخته آصف شوكت لإنقاذ النظام لو اقتضت الحاجة. و لكن هذه المرة ظهر بشار متعنتاً متعجرفاً، لم يسمح له كبرياءه بتقديم أي اعتذارٍ لأهالي درعا، و و لم يقدم للعدالة ابن خالته عاطف نجيب جزاءً على جرائمه، و حتى لم يعترف بحقوق الشعب أو بالمعارضة التي أرادته روسيا أن يحاورها. أيضاَ فبينما كانت جريمة قتل الحريري حدثاً واحداَ من غير دلائل مباشرة تدين النظام، فالنظام اليوم يكرر جرائمه اليوم في وضح النهار من دون آي خوف أو حياء. كل هذا جعل إمكانية جلوس المعارضة على طاولة المفاوضات مع النظام للوصول إلى حلٍ يرضي الطرفين معدومة. فهل يا تُرى بدأت روسيا تدرك الحقيقة؟ و هل تصريح رئيسها الذي قاله في الأيام الماضية معلناً إذا كان الأسد لا يستطيع اجراء الإصلاحات فعليه بالتنحي هو خطوة في هذا المجال؟ و هل دعوة القيادة الروسية لجناحي المعارضة السورية لزيارتها هو إعلان بأن السياسة الروسية لم تعد ترتكز على تشجيع الحوار بين النظام و معارضة تقبل بوجوده، بل هي قائمة منذ الآن فصاعداًعلى تشجيع الحوار بين معارضتين لهما رؤيتين مختلفتين لحل الأزمة الحالية؟ هذا ما ستجيبنا عليه تطورات الأيام القادمة و أيضاً وفود المعارضة التي تزور العاصمة الروسية.

لاشك أن المجلس الوطني السوري و هيئة التنسيق الوطنية لهما رؤيتان مختلفتان لحل الأزمة الحالية، وطبعاَ هذا الاختلاف ليس بمشكلة، لا بل هو طبيعي و سليم طالما أن كل طرف يحترم الآخر و لا يُخوِّنه، و ربما يكون مفيداً إذا عرف الطرفان استخدامه. منذ بدأت الثورة اتخذت الفصائل التي انضوت لاحقاً تحت لواء هيئة التنسيق رؤية مختلفة لحل الأزمة من تلك التي انضوت تحت راية المجلس الوطني، فبينما الأولى رأت أنه يمكن تحقيق الديمقراطية بإصلاح النظام عبر تخليه عن طبيعته الأمنية و العسكرية، رأى الثاني أن النظام لن يتخلى عنهما طوعاً لذلك و جب اسقاطه. و الحقيقة أن الهيئة استمرت على موقفها هذا إلى ما بعد مؤتمر حلبون الذي عقد في شهر أيلول الماضي حيث تعرضت الهيئة لانتقادات عنيفة من قِبَلِ شباب الثورة تصل لحد السخط لعدم و ضعها اسقاط النظام كجزء من برنامجها. بعد هذا تبنت الهيئة هذا الشعار و لكن قالت "لا" لأي تدخل خارجي من أي نوع كان، بينما لم يستبعد المجلس فكرة التدخل الخارجي و لكن من غير أن يحدد ماهيته. لا شك أن روسيا ستميل إلى رأي هيئة التنسيق لأنها من حيث المبدأ ترفض أي تدخل غربي في الأزمة السورية و خصوصاً إذا كان عسكري ، وأيضاً بسبب التركيبة اليسارية الاشتراكية لمعظم الأحزاب المنضوية تحت عبائتها.

و السؤال الذي يمكن أن يُطرح الآن طالما أن المجلس الوطني و هيئة التنسيق أصبح لهما قاسم مشترك واحد في برنامجيهما لحل الأزمة السورية و هو اسقاط النظام، فهل يمكن أن يعملا بتناسق خلال زيارتهما لموسكو لاقناع المضيف الروسي بضرورة هذا الاسقاط؟ مما لا شك فيه أنه إذا استطاع جناحي المعارضة العمل بتناسق فإن بإمكانهما فعل الكثير. لذلك فأولاً و قبل كل شئ على الوفدين أن يستفسرا عن حقيقة الموقف الروسي الآن، فهل مازالت روسيا تعتقد بأنه يمكن حل الأزمة السورية دون اسقاط النظام؟ ثم على الوفدان أن يناقشا القيادة الروسية في حجج النقض الروسي لمشروع القرار الأوروبي الذي قدم لمجلس الأمن الأسبوع الماضي. فبينما تبدو حجة إدانة المعارضة و النظام على السواء واهية و غير عادلة إذ لايمكن مقارنة الجلاد بضحيته و خصوصاً بعد انتقاله إلى مرحلة جديدة في اجرامه مع قتله لمشعل تمو و إيذائه لرياض سيف جسدياً، فإن حجة تكرار المشهد الليبي على الأرض السورية تستحق النظر، إذ إنني أعتقد أن أوربا و أمريكا لا تريدان تدخلاً عسكرياً في سوري كما حدث في ليبيا، و أيضاً فإن الشعب السوري لا يريده أيضاً، فنحن نعرف كيف أن السوريين شديدي الحساسية لأي انتهاك لسيادة بلادهم، وأيضاً فإن أي ضربات من الناتو ستلحق الأذى بالمدنيين و المنشآت المدنية نظراً لكثافة السكان العالية في الكثير من المناطق السورية. و أخيراً على الوفدين أن يطرحا إمكانية صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يسمح بوضع ضغوط إضافية على النظام السوري.

بسبب كل ما ذكرت آنفاً فإنني أقول أن مهمة وفدي المعارضة الذاهبين إلى موسكو الثلاثاء القادم ستكون شديدة الدقة و الأهمية، فإذا احسنا أدائيهما فإنهما سيقدمان خدمة عظيمة للشعب السوري. لهذا أقول لأعزائى في هيئة التنسيق كونوا عمليين و بينوا للقيادة الروسية أن حلّ الأزمة السورية يبتدأ باسقاط النظام، و أقول لأصدقائي من المجلس الوطني انتبهوا ألا تضعوا العربة أمام الحصان، فنحن لا نريد إثارة حفيظة أحد، و نريد اسقاط النظام بأقل التكاليف المادية و البشرية الممكنة حتى لو تطلب ذلك بعض الوقت.



#هيثم_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية و نهاية العقم السياسي


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - المعارضة السورية أمام امتحان دبلوماسي دقيق