أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة















المزيد.....

المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 16:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من شأن تشكل المجلس الوطني السوري الذي أعلن عنه الأحد الماضي في اسطنبول أن يكون خطوة إلى الأمام في مسار الثورة السورية إذا تلته خطوات أخرى مهمة.
أولها إقامة صلات وثيقة وكثيفة مع الثورة في الداخل، بما يتيح للمجلس أن يكون على بينة من التطورات الميدانية والسياسية والنفسية الجارية على الأرض من جهة، وأن يكون أقدر على التأثير على سير هذه التطورات في الاتجاهات الموافقة للمصلحة العامة للثورة من جهة ثانية، وبما يتيح له كذلك تقدير أشكال الدعم اللازمة للثورة. هذا واجب أول لا يعلوه واجب. وهو يقتضي شبكة مأمونة من التواصلات، المباشرة والشخصية بقدر الإمكان، دون الاكتفاء بالتواصل عبر النت. ينبغي أن تكون عين المجلس على الداخل السوري.
في المقام الثاني تمس الحاجة إلى بلورة رؤية واضحة ومفصلة عن سورية الجديدة التي يتطلع إليها المجلس. تفجرت الثورة السورية من أجل الحرية والكرامة والعدل. هذا كلام يتعين أن يترجم إلى تصورات واضحة في شأن مستقبل سورية. لا بد مثلا من بيان أسس الدولة المدنية الديمقراطية التي تكلم عليها بيان تأسيس المجلس، وكذلك المقتضيات السياسية والدستورية والقانونية والمؤسسية للمواطنة المتساوية التي أشار لها البيان أيضا. الثورة محتاجة إلى تنظيم فكري وقيمي لا يقل أهمية عن تنظيمها السياسي الذي يشكل المجلس، بعد تأخير مديد، تجسيدا له، ولا عن التنظيم الميداني الذي تكفل به خلال نحو سبعة شهور الناشطون الشباب وهيئات التنسيق المتنوعة.
وسيكون حيويا أن يوفر المجلس للعاملين في إطاره وللرأي العام في البلد سجلا وافيا، غير ملزم بالضرورة لجميع قواه، من المعلومات والدراسات والتحليلات والخطط عن مختلف جوانب الحياة العامة في البلد.
والمجلس مدعو لأن يكون مركز مبادرات عملية وسياسية تخاطب السوريين في الداخل والخارج، وتعمل على تنظيم قواهم وطاقاتهم بأفضل صورة ممكنة، واقتراح سبل مقاومة اجتماعية ومدنية مساندة أو مكملة أو بديلة حسب الحالات والمدن والبؤر الاحتجاجية، من الإضرابات إلى المقاطعة إلى العصيان المدني. وقد يلزم أن توجه بعض هذه المبادرات إلى قطاعات بعينها من المجتمع السوري، مدن محددة، أو قطاعات اجتماعية محددة (تجار، موظفين، طلبة جامعات، مدارس، الجيش، النساء...). ومن شأن تقدم يتحقق على هذه المستويات أن يعظِّم طاقات السوريين ويفتح لهم دروبا مقاومة فعالة قد تكون أقل كلفة لهم، وأعلى كلفة للنظام، وتحرر النقاش في شأن الثورة من التوجه المفرط نحو الخارج.
من القضايا المربكة اليوم ما يتصل بالحماية الدولية للمدنيين والتدخل الدولي والحدود بينهما. فيما عدا أنه لا يبدو أن القوى الدولية المعنية بالأمر في وارده اليوم من قريب أو بعيد، فإن من شأن تجريب أشكال مقاومة إضافية والعمل على أقصى تفعيل لطاقات الداخل أن يتيح كسب مزيد من الوقت في مواجهة النظام. المسألة مسألة وقت وعض أصابع، وحسن سياسة المجلس الوطني السوري قد تعيد كسب الوقت إلى صف الثورة. وهذا كله لا يقتضي سحب فكرة الحماية الدولية للمدنيين. ستكون الفكرة أقوى تأثيرا إذا صدرت عن المجلس بعد استنفاد خيارات أخرى. ومن جهة نظر عملية، لا نرى صائبا أن تكون اليوم قضية المجلس الأولى. المجلس محتاج إلى وقت كي يتحرك ويبادر، فلا ينبغي أن يستنفد طاقاته في قضية على هذه الدرجة من التعقيد منذ البداية. المسألة أعقد مما توحي به الانفعالات المحتدمة والتفضيلات الإيديولوجية على كل حال، ومن المهم أن يتدارسها المجلس الوطني وتكون له رؤية واضحة في شأنها.
ليس من الصعب بناء ملف كامل وحسن التوثيق عن جرائم النظام، منذ بداية الثورة، من أجل تقديمه للأمم المتحدة والمنظمات الدولية وجميع الحكومات في العالم، على أن يتم تحديثه وإغناؤه بصورة مستمرة. هذا نشاط شبابي، يمكن أن يتولاه بكفاءة شبان في الداخل والخارج. من المهم في هذا السياق أن يعتمد المجلس على مبدأ التخصص. فبدل أن نقوم كلنا بالشيء نفسه في كل وقت، يتعين أن نستفيد من مزايا تقسيم العمل وفق قدرات الأشخاص ومؤهلاتهم. وهو ما يفترض أن يتجسد في المكاتب المرتبطة بالمجلس، التي ينتظر منها تواصل أكثف مع الثورة واستثمار أفضل للطاقات الموجودة. ومن شأن ذلك أيضا أن يكون تدريبا لملاكات وكوادر لإدارة الدولة بعد سقوط النظام. وكلما كانت نسبة الشباب أعلى في مكاتب المجلس، كانت أعماله أكثر فاعلية ونشاطه أكثر ديناميكية، ومثل استثمارا مهما للمستقبل. كانت مشكلة المعارضة التقليدية السورية أنها مكتهلة وإيقاعها بطيء جدا، وتقسيم العمل منعدم فيها بفعل الحجم الضئيل لكل من تنظيماتها.
من المهم أيضا أن تكون للمجلس أداة إعلامية موثوقة، جريدة جدية وموقع إنترنت يجري تحديثه باستمرار. وربما قناة فضائية تعمل وفق الأصول المهنية. هذا يقتضى من قوى المجلس ألا تتعامل معه كقطاع عام، تسخر أفضل جهودها مواردها لمنظماتها الخاصة، بينما هي تسدد قسطها للعلى بأن تتمثل فيه.
ويتصل بهذا وجوب الحفاظ على وحدة التوجهات العامة داخل المجلس، وتجنب التشويش الذي قد تتسبب به المواقف المتضاربة. الجمهور السوري اليوم شديد التنبه وواع لما يجري حوله وفي شأنه المشترك، والملايين من السوريين على بينة اليوم من الفوارق الدقيقة في المواقف والتعابير، وحتى النبرات، ولن "تمشي عليه" تمويهات لفظية للمواقف والتفضيلات الفعلية. وهو يراقب الجميع وجاهز لسحب الثقة من أي شخص أو تيار لا ينضبط سلوكه بمصلحة الثورة التحررية.
وأخيرا التواضع في العمل والتعامل والكلام. بعض المتكلمين لديهم إجابة على كل سؤال. هذا ليس غير ممكن فقط، وإنما هو غير لازم.
في المحصلة، تشكيل المجلس الوطني السوري، السيد، بداية عمل طويل وكبير، أكثر مشقة من تشكيل المجلس ذاته.
****
يظهر السوريون، والعرب عموما، طاقات كبيرة كأفراد، ونسبة الأفراد الأذكياء قد تكون مميزة. لكن ذكاءنا الجمعي متواضع، قد يكون من الأشد تواضعا في العالم. لا يكاد يجتمع اثنان منا إلا وشيطان التنافس السلبي ثالثهما. هذه مشكلة عريقة، لا تعالج بين ليلة وضحاها. وهي إحدى ركائز الاستبداد في حياتنا السياسية والاجتماعية. لذلك سيكون امتحانا مهما للمجلس الوطني السوري وللمعارضة السورية أن تعمل على التغلب على هذا المرض الاجتماعي في صفوفها أولا. نحن اليوم في ثورة، ولا ينبغي أن يكون تطلبا شاقا من أحد إصلاح مألوفه الفكري والسياسي، واللغوي، إن لم يكن الثورة عليه.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار متجدد حول الثورة السورية
- من المملكة الأسدية إلى الجمهورية الثالثة
- في تكوين الثورة السورية و-طبائعها- وتحولاتها المحتملة
- في شأن الثورة السورية ولاءاتها الثلاثة
- ثورة العامة: قضايا أخلاقية وثقافية وسياسية في شأن الانتفاضة ...
- غياث مطر من دارَيَّا...
- الثورة السورية وخطر -الوضع الطبيعي-
- من -تحالف الأقليات- إلى أين؟ -استبداد الأكثرية- أم سياسة الم ...
- أية نهاية لنظام الحرب الأهلية؟
- حوار: سورية بعد ليبيا
- قبول تحدي التغيير دون بديل ناجز
- حوار متجدد في الشأن السوري
- في شأن النظام السوري وشركائه الإيديولوجيين
- في أم معاركه، النظام يخوض حروبه السابقة
- المعضلة السورية ومآلاتها المحتملة
- إنقاذ النظام من نفسه أم إنقاذ سورية منه؟
- -العامية- السورية: انتفاضة مجتمع العمل!
- الجهلُ مكتفيا بذاته: ردا على أسعد أبو خليل
- في ذاكرة الانتفاضة السورية وإدراكها السياسي
- حوار حول الثورات العربية


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة