أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - غضب آخر سوف يجيء!














المزيد.....

غضب آخر سوف يجيء!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 16:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


دخلت احتجاجات الشباب الأمريكي اسبوعها الثالث، منذ بداية اعتصامات حركة "احتلوا وول ستريت"، التي انطلقت في السابع عشر من سبتمبر، احتجاجًا على هيمنة المؤسسات المالية الاحتكارية على اقتصاد أمريكا و العالم بأسره، و للتنديد بجشع الشركات العملاقة في وول ستريت.
وكانت الدعوة لاعتبار السابع عشر من سبتمبر "يوم الغضب" الأمريكي، قد بدأت في يونيو على أيدي ناشطين أعلنوا أنهم يمثلون تسعة و تسعين بالمئة من الأمريكيين. وأنشأ الداعون للحركة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي موضحين أنهم استلهموا حركتهم من شباب الربيع العربي، ومن الثورة المصرية بالتحديد!
وتعهد أعضاء في الحركة بالبقاء في زوكوتي بارك طوال الشتاء، احتجاجا على ما اعتبروه استخداما مفرطا للقوة ومعاملة غير عادلة للأقليات ، بالإضافة إلى الاستيلاء على منازل المتعثرين في سداد أقساط الرهن العقاري وارتفاع معدلات البطالة.
وتبدو سيطرة الملمح الاجتماعي على الاحتجاجات الأمريكية واضحة؛ حيث أعلن نشطاؤها "نحن نمثل 99 في المائة من المجتمع ولن نسمح للواحد في المائة أن يستهينوا بنا بعد الآن"!، بينما اندلعت الاحتجاجات المصرية في يوم عيد الشرطة لرفض الممارسات القمعية وسحق كرامة المواطنين بأيدي ضباط وجنود العادلي، إسقاط سيناريو التوريث. وهو أمر مفهوم ـ رغم أن البعد الاجتماعي لم يغب عن شعارات الثورة المصرية ـ فعلى الرغم من تدهور الأحوال المعيشية للغالبية العظمى من المصريين بسبب النهب والفساد المنظمين؛ إلا أن سبل القضاء عليهما لم تكن لتتوافر من دون تغيير سياسي يضمن مشاركة المواطن في توجيه دفة الأمور في بلاده؛ وفرض رقابة شعبية على الأجهزة التنفيذية غيبت منذ عقود، فعاث أولي الأمر فسادا في حماية الاستبداد.
ومن ثم، مثل التخلص من النظام السياسي برموزه وآلياته للاستبداد والفساد أولوية لدى ثوار مصر؛ فمن دون ذلك، كانت سبل تغيير أحوال المصريين ستبقى موصدة بأيدي من تتناقض مصالحهم مع تحقيق العدالة الاجتماعية، والحفاظ على ثروات البلاد، وصون سيادتها، وتطوير مصر ونهضتها، وانتشالها من وهدة التبعية للقوى الداعمة لنظام عميل.
وكان المفترض مع سقوط رموز ذلك النظام، أن يعمل من تولوا أمور البلاد ـ بفضل الثورة ـ على استئصال بقاياه، وتمهيد الطريق لتغيير حقيقي. وانتظرت الجماهير تحقيق تغيير سياسي، مع خطوات حقيقية لتحسين ظروف المعيشة للمواطنين وبدء مسيرة تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
إلا أن ما حدث حتى الآن ـ من تباطؤ في محاسبة المسئولين عن قمع المواطنين، وقتل أبنائهم، ومماطلة في وضع أسس نظام مدني ديمقراطي، وما يتردد عن صفقات تحاك للالتفاف على الثورة وضمان عدم سقوط النظام بالكامل والاكتفاء بتغيير الوجوه، وتجاهل المطالب الاجتماعية لمعظم الفئات الشعبيةـ سوف يؤدي إلى تأجيج غضب المصريين الذين صبروا تسعة شهور أملا في تغيير يستحقونه.
ويبدو أن من تولوا أمور البلاد بفضل دماء أبنائنا، نسوا أن ثورة يناير المصرية، كان لها فضل تأجيل تفجر غضب الجياع. فقبل قيام أبناء الطبقة المتوسطة بالدعوة إلى يوم الغضب في 25 يناير ـ الذي تحول بفضل مساندة الملايين إلى ثورة عارمة ـ كان المصريون على وشك انفجار حقيقي لا يبقي ولا يذر: أو لم يحرق مصريون أنفسهم احتجاجا على أوضاع معيشية قاسية؟ أو لم تتزايد حالات انتحار المواطنين تهربًا من ديونهم، أو يأسًا من الحصول على فرصة عمل شريف؟ ألا يتذكر القوم أن التجارة في أعضاء البشر ازدهرت في السنوات الأخيرة قبل الثورة، بعدما لجأ مصريون لبيع أعضاء من أجسادهم بثمن بخس عله يقيم أود أبنائهم بضع شهور، أو يسمح بتزويج ابنة أو الحصول على عقد عمل لابن علَّه ينتشل العائلة كلها من براثن الجوع؟ ألم يسمعوا عن حالات قتل فيها رب الأسرة أبنائه لأنه لا يستطيع الإنفاق عليهم، وحتى لا يعانون المذلة في حياة لا ترحم؟ أو عن حالات باعت فيها أم أحد أطفالها كي تطعم بثمنه باقي اخوته؟ وهل ننسى تفشي حالات الانحراف والجريمة، والإدمان، والتحرش الجنسي، بين شباب فقدوا الأمل في حياة كريمة تتيح لهم ممارسة حقوقهم الطبيعية في فرصة عمل وبناء أسرة؟ أو حوادث غرق العشرات من شباب هذه الأمة في محاولات للهروب من الفقر للعيش في بلد يتيح حياة كريمة؟
ويتحجج المتنطعون بانتشار البلطجة والانفلات الأمني. فهل كانت البلطجة من صنع الثورة؟ أم نتيجة تخاذل أجهزة مهمتها حفظ أمن البلاد؟ وهل يسجل التاريخ أن الثورة أفرزت بلطجية، أم سيقول أن جيش البلاد وشرطتها معا عجزا عن السيطرة على حفنة من البلطجية؟ ويسعى متبجحون لتحميل الثوار مسئولية الانفلات كما لو أن الثوار تولوا الحكم بالفعل وقصروا في مسئولية إدارة البلاد! وينحون باللائمة على احتجاجات شعبية أطلقوا عليها "مطالب فئوية" ناسين أن المحتجين يوميا هم جموع هذا الشعب: من عمال النقل وعمال النسيج إلى المعلمين والأطباء والمهندسين والعاملين بالأوقاف، ومختلف الموظفين؛ إلى جانب جيش الفقراء الجرار الذي ينذر باندلاع ثورة جياع حقيقية، طالما يتجاهل الحكام مطالبهم.
وكان الأحرى بمن يديرون أمور البلاد أن يتعاملوا بشفافية، ويظهروا احتراما لهذه الفئات مؤكدين إيمانهم بحقها في العيش الكريم، وجديتهم في السعي لحل مشاكلها وفق جدول زمني معلن؛ حتى وإن صارحوا الشعب بضرورة اتباع سياسة تقشفية لفترة زمنية محددة.
غير أن القوم اختاروا ـ حتى الآن ـ نفس سياسة المخلوع، في الغطرسة و تجاهل المطالب الجماهيرية، غير منتبهين إلى أن النتيجة ـ هذه المرة ـ ربما تكون ثورة الجياع العارمة، التي أجلت ثورة يناير السلمية قيامها إلى حين.
لقد استلهم الشباب الأمريكي تجربة الثورة المصرية في الدفاع عن حقوق غالبية الشعب ضد الأقلية الجشعة. غير أن الأمريكيين لديهم ـ رغم تحفظاتنا ـ مساحة من المشاركة الشعبية ودولة مؤسسات وقنوات لحل المشكلات. أما اندلاع غضب الجياع في مصر، مع غياب نظام مدني ديمقراطي، وسيادة قانون حقيقية ـ تمنح الفقراء أملا في تغيير يشملهم ـ فسيكون أعنف وأقوى مما تظنون!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علموا أبناءنا في إيطاليا!
- الدبة.. وصاحبها!
- بوادر جولة ثانية
- عصام وحسن ..ورأب الصدع
- حتى الرمق الأخير
- شعب واحد
- خطاب مفتوح إلى السيد المشير
- ثورة عالمية في الأفق
- وانهمرت دموعي
- رمضان .. وهدى
- عجلة الإنتاج .. وسنينها!
- المشككون.. بين الثوار والجماهير
- كرامة المصريين خط أحمر
- عفوا.. يرجى إعادة شحن الرصيد
- قبل الحساب
- الداخلية.. وثورة صارت ضرورية
- تحركوا قبل فوات الأوان
- ولسة جوا القلب أمل
- الإخوان وتحديات العمل العلني
- فارس الجيش والديمقراطية


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - غضب آخر سوف يجيء!