أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - عقدة الخوف من صدام تعود الى قلوب العراقيين















المزيد.....

عقدة الخوف من صدام تعود الى قلوب العراقيين


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اختطاف في حديثة

اتصل بي احد اصدقائي يبلغني عن حادث اختطاف شاهده بنفسه من قبل عصابة لصوص- ارهابيين في حديثة. فقد كان قرب محطة بنزين في وسط مركز حديثة المزدحم, وفي وضح النهار, حيث هاجم اربعة ملثمين مسلحين شابين كانا يستقلان سيارة, فهددوا السائق بالسلاح والقوا بصديقه على الارض وهم يصرخون به : " انبطح لك ...علي". (لم يكن هذا اسمه ولكنها محاولة على ما يبدوا لافهام القريبين انها قضية سنة وشيعة ...الخ) , الخاطفين اطلقوا سراح صاحب السيارة بعد ساعة واحتفظوا بالسيارة التي كان يقودها. وقيل فيما بعد ان السيارة شوهدت لاخر مرة وهي تدخل راوه.
سألته:"اربعة مسلحين فقط, ولاتجرؤ مدينة في وضح النهار ان توقفهم؟ الا يوجد شرطة في المدينة؟
قال لي:" الشرطة اكثر خوفا من الاهالي". ولما رأى استهجاني للخوف السائد, قال لي: "الاسؤا من ذلك انه, وبعد ان ذهب الخاطفون بالسيارة وسائقها, كان الناس يبتعدون عن الشاب الثاني الذي كان يطلب منهم المساعدة لابلاغ الشرطة واهل المختطف".
قلت: "وكيف يحدث هذا في ناحية صغيرة يعرف كل واحد من سكانها كل الاخرين؟"
قال باسى والم: "الناس مرعوبة..لقد عادت ايام زمان واكثر..حتى انني اذا تحدثت بالسوء عن البعث او صدام, اشار لي رفاقي ان اسكت واترك الموضوع خوفا من ان يصل الكلام الى "المقاومة"...الناس مستسلمة للرعب من صدام اكثر مما كانت ايام حكمه الاخيرة".

....وصور في بغداد

قبل شهر تقريبا, وصلتني الصورتين التاليتين من العراق, فاصابتني بالكرب!

...............................

شخصان يرتدي الاول ملابس سوداء مكتوب عليها بالابيض : "اصحوا يا عراقيين, بالامس قلتم نعم لصدام واليوم تطلبون بالاعدام...مستقل" وهو يسير في شارع في بغداد. اما الثاني فيرتدي دشداشة بيضاء ويسير في المنصور في وضح النهار بين السيارات, وقد كتب على دشداشته " عاش صدام بطل العراق..قل انتم موافقون..." الخ, بلغة وخط ركيكين. (ارفق هذه الفقرة في حالة عدم امكاني نشر الصور مع المقالة).

في البداية قررت ان انشر الصورتين على الانترنيت, ثم فكرت ان ذلك قد يصب في صالح ما يريده الارهاب, وان نشر الصور قد يساهم في نشر الخوف بين الناس. فاحترت ما افعل بهما, وتركتهما لحين الوصول الى رأي.
وبعد زوال الصدمة الاولى والشعور بالغضب والالم, بدأت تحليل الموقف, واضطررت الى الاعجاب مكرها, بالمبادرة التي تمكن اتباع صدام من استردادها في ضروف يفترض انهم يختبؤون في دورهم هلعا من الناس الذين تسببوا في اصابتهم باعظم الالام لعشرات السنين. لكنه من الواضح اليوم انهم قد تمكنوا من ادارة الخوف, واستفادوا من التفوق التنظيمي على الناس وتمكنوا من تثبيته.

...والان ما العمل؟

اثار هذا الشعور حنقي على ممثلي الشعب ومثقفيه وسياسييه وقادة احزابه الذين يعجزون حتى في ضروف مواتية نسبيا عن التفوق على المجرمين بالمبادرة. هل كان الامر فوق امكانيات العراقيين؟ هل اطالب بما لاطاقة لنا به اصلا؟ ربما...لكن ما وصل اليه العراق, وضع مأساوي بكل المقاييس ونتحمل جيمعا تبعاته!

لم تكن هذه خيبة املي الاولى بطلائع الشعب. ففي معركتهم من اجل كسب الناس, فعلوا كل ما يمكن لكي يخسروا التأييد العارم الذي كان لديهم في البداية, والناتج عن الارهاب والالم من النظام الدموي السابق. وشيئا فشيء, ارتكبت الاخطاء تلو الاخطاء, والتخاذل تلو التخاذل, وتزايد الناس الذين يقفون ضد تشكيلة الحكومة العراقية المؤقتة والامريكان, وتزايد الناس الذين يسمون الارهاب مقاومة. اما من بقي يسميها ارهابا, فأغلق فمه. فالسباق بين من يخيف الاخر اولا, قد انتهى لصالح الصداميين!

الامريكان, بسياستهم الوسخة دائما, قدموا عونا هائلا للارهاب, ولم يعترض شركائهم في الحكومة العراقية بشكل كاف. فبالاضافة الى وجودهم, الذي ربما كان مفهوما لفترة ما, فان قصص عنجهيتهم وقتلهم للناس الابرياء اكثر من ان تذكر هنا,( انظر مثلا ( http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=20255)) والتشريعات المهينة لسيادة البلد كانت تشرع حتى بدون سبب مفهوم, مثل القوانين المئة التي تركها بريمر لينفذها الرئيس العراقي, والحصانة القانونية لكل امريكي, بل لكل اجنبي, في العراق من اية محاسبة, والمستشارين الذين يقودون او يراقبون عمل كل من الوزارات العراقية, والسماح بنهب العراق في فضائح شركات امريكية كشفت فيما بعد, او في قوانين الاقتصاد الجديدة, وفضائح تعذيب ابو غريب, و في تاسيس قلعة عسكرية سياسية هائلة تظم 3000 موظف, علىانها سفارة, اكبر "سفارة" في العالم, ثم تسليمها الى سفير امريكي معروف بتأريخه الارهابي في اميركا الوسطى(http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=21758). كل هذا اضافة الى قرارات مشبوهة المقاصد حين تركوا الحدود مفتوحة, وساعدوا, بل احيانا عملوا على اشاعة جو من اللاقانون وتشجيع النهب في العراق لتعم الفوضى, كما انهم تركوا مقتدى الصدر يكون جيشه بهدوء وهم يمتلكون دليل ادانته بالمشاركة في جريمة قتل, ثم مواجهته وجماعته بطريقة تدفع به الى مواجهة عسكرية,... وغيرها كثير.

هل كان اعضاء مجلس الحكم عاجزين تماما عن الضغط على الامريكان لتعديل بعض قراراتهم وتصرفاتهم؟ لا اعتقد ذلك, ودليلي الذي اعود اليه دائما هو نجاح الاحزاب الكردية في دفع الامريكان الى التراجع عن طلب المساعدة العسكرية من تركيا. وهو قرار كان في غاية الاهمية للامريكان, اضطروا للتخلي عنه, عندما وجدوا ارادة الجانب العراقي قوية مصممة فيه.
لم يعجز الجانب العراقي فقط عن الضغط على الامريكان بشكل يمكن للناس ان يروه, بل عجز عن تنظيف نفسه ايضا, وقبل مشاركة البعض من ذوي السمعة السيئة في الحكم. كل ذلك كان يصب في صالح الارهاب ويكسبه المزيد والمزيد من الشرعية والمكانة عند الناس.

ان النهاية المأساوية للفلوجة لايمكن ان تعتبر نصرا ابدا. فالنصر كان لو تمكنا من احتواء الشر وايداعه السجون دون ان نحرق مدننا وبيوتنا واهلنا. ان من التقيت بهم في سفرتي الى العراق في نيسان الماضي اكدوا جميعا انه حتى الفلوجة كانت قد رحبت بالامريكان, وان التنسيق كان قد تم بشكل ممتاز للبدء بمشاريع نافعة للمدينة. لكن الامر تغير تدريجيا, وتصرف الامريكان بشكل مثير لمشاعر الناس, وردوا على احتجاجاتهم السلمية بعنف, حتى افلت الزمام, واستفاد جماعة صدام من الجو لاشعال تلك الحرب.
ليس هناك بلاد دون اشرار, لكن البلدان لاتظطر في العادة الى حرق نفسها للتخلص منهم. وهؤلاء الذين جاءوا بصدام الينا ثم حررونا منه بعد ان اكمل تدمير البلاد وما جاورها شرقا وجنوبا, لديهم اشرارهم ومتطرفيهم وارهابييهم ايضا, لكنهم يتعاملون معهم بما يضمن مصلحة البلاد في النهاية, اما العراق وامثاله, فليحترقوا, لايهم.

لا اقول ان السياسيين العراقيين لايدركون حساسية التعامل مع الامريكان وضرورة الانتباه الى ان مصلحة هؤلاء غير مصلحة الوطن, فلدي العديد من الشواهد على ان العديد من اولئك السياسيين في حيرة من امرهم مع الامريكان ولايثقون بهم. اخر هذه الشواهد كان من رئيس الوفد العراقي الذي زار هولندا قبل شهرين بدعوة من الحزب الاشتراكي الهولندي. فحين سأله البعض في لقاء بين الوفد وبعض قياديي الحزب, ان كان العراقيون يفضلون بقاء القوات الهولندية في العراق ام لا اجابهم: "نرجوكم ان تبقوا...لا تتركونا لمصيرنا مع الامريكان".

انه واجب المثقفين والقادة السياسيين والاجتماعيين ومسؤوليتهم التأريخية, ان يشحذوا اذهانهم لايجاد الحلول المبدعة التي تحقق استعادة المبادرة من قوى الارهاب والاستعمار وتنمية الثقة والشجاعة قبل ان يفوت الاوان.
انها مهمة صعبة نواجهها بلا خبرة سابقة لكنني لست متشائما من امكانية العقل العراقي المثقف في استبيان الطريق والاستفادة من كل الممكن من الظروف الوطنية والدولية لتحقيق اعز امنيات اهلنا. واسمحوا لي ان استعير قول رسول حمزتوف:

" ليس لاحد ان يكون صغيرا في هذا الموقف"



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن وحوارنا المتمدن
- درس كلاسيكي في التظليل الاعلامي
- رسالة الى ضفتي بلادي الثانية :هولندا
- صفحة من تأريخ الديمقراطية الهولندية وتساؤلات مقلقة حولها
- صور صغيرة لمشكلة كبيرة كبيرة
- لماذا لم احتضن كل الحق؟
- جوائز مظللة في هولندا والدنمارك
- داغستان في ذاكرتي : بمناسبة ذكرى وفاة رسول حمزتوف
- المسامير التي لم تتحمل كلمة -لكن-
- سباق لتبرئة الذات: مرة ثانية حول مقتل فان خوخ
- ولنا نحن العلمانيون تعصبنا ونفاقنا...
- ايضاح حول مقتل ثيو فان خوخ - تعقيب على موضوعي بيان صالح و نا ...
- السعودية الجديدة
- 1%
- مثال, بطل الابطال
- كيف اقتنعتم؟
- نقاط ساخنة في الحوار العربي الكردي في العراق
- هل تدافع الجالية المسلمة في هولندا عن نفسها بشكل حضاري؟
- الاخوة الاعداء: جو مريض وعسر في الحوار بين العرب والاكراد
- وان ابتليتم بالمعاصي فاستتروا


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - عقدة الخوف من صدام تعود الى قلوب العراقيين