أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - ما زلنا عجولاً














المزيد.....

ما زلنا عجولاً


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3509 - 2011 / 10 / 7 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


قصـة قصيرة


عندما حان موعد الحصاد، تبين للفلاح الغني الحاج رستم أن محصوله جيد جدا وأنه بحاجة إلى عمال زراعيين يشتغلون عنده بأجور يومية، إذ أنه، بخلاف الفلاحين الآخرين، وحسب حساباته الدقيقة، رأى أن استئجار تراكتور سيكلفه أكثر بكثير مما هو عليه البديل الأول الذي يمكنه أن يستغل طيبتهم وجهلهم ولاسيما ما يتعلق بتكاليفهم، رغم أنهم اشترطوا عليه أن تكون وجبتهم الرئيسة يوميا أكلة "خورماو رون" (تمر بالدهن). وإذ وافق على هذا الطلب على مضض، فكر في حيلة تمكنه من الحيلولة دون الإسراف في هذه الأكلة التي لا يتناولها يوميا سوى ارستقراطيو القرية الملاعين الذين علموا هؤلاء الرعاع على مثل هذه المأكولات اللذيذة بعد أن تعفنت وانتفخت بطونهم من وراء أكلة البرغل والترخينة. إنه سيعرف كيف يعاقبهم ويمنع دون أن تمتلئ بطونهم التي لا حدود لها.

وبدأ بتطبيق خطته مع العشاء الأول الذي هو في نفس الوقت الوجبة الرئيسة. ذهب إلى المطبخ، فوجد زوجته مشغولة بإعداد كمية كبيرة، قال بدهشة:
" ماذا تفعلين يا امرأة، إنك ستخربين بيتنا"
قالت زوجته بدهشة:
" ماذا بك يا رجل؟ أنا أطبخ لعشرة بطون فارغة. خمسة من عندنا والخمسة الأخرى عمالك"
ضرب بيده اليمنى على كتف زوجته:
" لا يا حبيبتي، احسبي حساب خمسة بطون فقط. إنني حين يبدءون بالأكل أقوم بلعبة ترغمهم على عدم مواصلة الأكل. ولذلك يكفي أن تطبخي لخمسة بطون فقط"
كانت الزوجة ترعرعت في بيت معروف بالسخاء قالت باعتداد:
" أنا علمتني والدتي أن أطبخ دوما كمية كبيرة، لأن البركة في الكثرة، سأطبخ إن أردت لتسعة بطون فقط وأنت تدبر أمر بطنك بنفسك"
رأى الرجل أن لا فائدة للنقاش مع زوجته المسرفة، ورغم ذلك فإنها لن تتمكن من أن تثنيه عن عزمه على تطبيق خطته التي لاشك ستؤدي إلى توفير نصف كمية الطعام، في رأيه طبعا، الأمر الذي سيسد حاجة يوم غد. ودخلت البهجة في نفسه وهو يترك المطبخ. عندما انتهت الزوجة من إعداد الطعام تذكرت نصيحة والدها: "إذا أردت أن تشجعي عمالك على العمل الجيد، قدمي لهم مع أكلة "خورماو رون" بيض مقلي إضافي كما يفعله الإنسان مع الضيف العزيز. وأضافت خمس بيضات مقلية بالزبد، دون أن تحسب حساب زوجها. وحين وضعت الصحن أمامهم، تمنت لهم شهية طيبة. أحس رستم، صاحب البيت بالإحراج لعدد البيضات التي لم تحسب حسابه، علق بعد أن تركت زوجته المضيف:
" زوجتي تراعي صحتي وتعرف إن لي حساسية تجاه البيض. هيا كلوا باسم الله الذي أنعم علينا هذه السنة محصولا جيدا"
والآن جاء موعد تطبيق الخطة التي تحتاج إلى مهارة خاصة وتوقيت صحيح ومقام معين وأناس معينين. وراح يفكر في خطته التي سبق أن طبقها مرارا ونجح فيها نجاحا باهرا. وتتضمن خطته عدة أشكال منها سحب اليد عن الطعام والتوقف عن الأكل. آنذاك يتوقف الضيف أيضا عن الأكل. إن هذه الخطة غير مضمونة وقد لا يلتزم به الضيف الجائع. وثمة شكل آخر يلجأ فيه المضيف إلى رفع الصحن الفارغ وعدم إعادته مليئا.
لاحظ أن الرجال بدءوا يتسابقون في الالتهام بشهية كبيرة قد لا يفيد معها رفع اليد عن الطعام وفي هذه الحالة يستحيل أن يعود إلى الأكل. وبدأ هو الآخر يتسابق معهم. واختلط عليه التفكير حين وجدهم ينسفون هرم الطعام نسفا. ووجد أن أي تأخير في الأمر يؤدي إلى تنظيف الصحن. قال بصوت عال وهو يرفع يده وينسحب من الحلقة المحاطة بالصينية:
" الله، يجب أن أرخي حزامي. لقد شبعت حتى تحولت إلى ثور"
قالوا بصوت واحد وهم يواصلون حربهم على الطعام اللذيذ:
" وأما نحن فمازلنا عجولا "

حين تم الانتهاء من الأكل وشرب الشاي وانصرف العمال الزراعيون إلى مأواهم، توجه "رستم" إلى المطبخ لعله يجد بقية من الطعام يسد بها رمقه فلم يجد شيئا. قالت زوجته باستخفاف:
" يمكنك لحس الصحون التي لم أغسلها بعد"



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقهاء المسجد والملا
- دولتى عليئه ى عثمانية
- الأواني المستطرقة
- الحاج طرشي و الفأرة
- قسم
- معطف الشقيق الأكبر
- إلى روح الشهيد جالاك سعيد مجيد
- رجاء، أوجدوا هذا المخطوف
- ذكريات مع مظفر النواب
- أسطورة أسمها عرفة
- تحولات من نوع آخر
- حركة الشباب: قوة محركة جديدة
- الزمن الرديء
- إلى الصديق ييلماز جاويد
- بين الديمقراطية والفوضى يسقط الظل
- صديقي العزيز كاظم حبيب
- زهرة الثلج
- نخب الشعب المصري العظيم
- المثقف المصري والانتفاضة
- ثورة أهل الكهف


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - ما زلنا عجولاً