أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روبير البشعلاني - صعلوكيات : الدولة بين الطائفة والراسمال الشكلي. رد على سياسوية محمد علي مقلد















المزيد.....



صعلوكيات : الدولة بين الطائفة والراسمال الشكلي. رد على سياسوية محمد علي مقلد


روبير البشعلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3508 - 2011 / 10 / 6 - 21:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الاشكالية:

ازاء اشكالية وقوع بلادنا في قبضة الهيمنة الغربية وتفوقها الاكيد اعتبر الفكر النقدي العربي ان الراسمالية اتمت سيطرتها وان بلادنا انتقلت الى مرحلة نمط الانتاج الراسمالي وان ما نشاهده من كيانات وجماعات قرابية ليست الا بقايا نمط الانتاج القديم لا تستحق التوقف عندها. لانها في احسن الاحوال "وعيا" قديما او بنى متقادمة لا يلبثان ان يزولا مع الوقت. واما الفشل تلو الفشل والاصطدام المستمر مع البنى القديمة هذه فلم يك يدفع باتجاه اي اعادة نظر بالبديهيات المحسومة لدى الغالبية العظمى من كتابه. الا البعض منهم من الذين لاحظوا الورطة السياسية فسعوا لفهمها وتفسيرها لكن استعمال العدة النظرية القديمة اياها لم تتح التقدم كثيرا مما اضطرهم الى القيام بعمليات رتق نظري سعت الى التوفيق بين الواقع المعيوش والواقع الاخر كما تعكسه الادوات النظرية المستعملة .اهمية المحاولات هذه وان لم تنتج معرفة نقدية جديدة فانها على الاقل عينت مكامن العلل وضرورة المعالجة. الرتق هذا انتج مفاهيم جديدة مثل الاقطاع السياسي والمارونية السياسية والشيعية السياسية والاسلام السياسي والطائفة الطبقة والعائلات السياسية واخيرا المحاصص الخ.كلها تشير الى مازق طوفان القديم في الحاضر مأزق تمازج الاقطاع بالبورجوازية الدين بالسياسة الطائفة بالدين الطبقة بالطائفة والعائلة بالسياسية وهلم جرى من بنى "غريبة" تعصى على "العلم" المستعمل لعقلها .كل ما يعصى فهمه انعته بالسياسية يصبح مفهوما مجردا .ء



من جهة ثانية ادى انحسار الفكر النقدي هذا وفشله سواء في انتاج معرفة تتيح عقل الواقع ام في انتاج مشروع سياسي ناجح الى طغيان فكر سياسي عربي اعتبره سياسويا "حضاريا" "غربيا" لانه يركز على المستوى السياسي وحده دون غيره يعالج اشكالياته كما لو كانت معلقة بالهواء بدون تاريخ ولا اجتماع بلا ماض ولا حاضر بلا جغرافيا ولا استراتيجيا. فكر انتقائي "ينقل" من الغرب ما يراه "مناسبا" لذوقه و"ناجحا"لا انطلاقا من تحليل لواقعه المعقد وحاجاته ومن الضرورات التي تتيحها حركة تطور البنى المحلية بل انطلاقا من رغباته واعجابه بانجازات الغرب السياسية الاستثنائية ومن شوقه الى اختصار الزمن بناء على عقلانية درسها في الكتب وشاهد نتائجها بام العين في مجتمعات اخرى. يتصدى الفكر هذا لمسالتي الدولة والسلطة بدون فهم اساساتهما الاجتماعية الاقتصادية مما يجعل المثقف "حرا" ليبراليا وقادرا على اسقاط اوهامه على التاريخ البشري وانتقائيا في الحلول فيقترح علمانية من هنا ومدنية من هناك وفصل سلطات على اليمين وديمقراطية على الشمال وعدالة في الوسط وكل ما شئت ," ينتقي" الافضل مما درسه في الكتب "يستذوق"كما لو ان الاجتماع البشري من حوله قد قرأ مثله في الكتاب نفسه.يقفز فوق القبائل والعشائر دون اعارتها قليلا من اهتمامه السياسوي الذي يستطيع ارادويا استنباط الحلول من فوق من عند الدولة متناسيا ابسط شروط بناء الدولة هذه : "الزبون" اي المواطن الفرد لا الجماعة ,غياب المواطن الفرد ولماذا .ء



اشكالية المحاصصة



كيف يمكن على ضوء ذلك قراءة نص الصديق محمد علي مقلد وفرضيته عن المحاصصة السياسية والاستبداد عند هذا الحد من

النقاش الطويل وبناء على قراءتي لبعض اعماله الاخرى؟



انطلق محمد علي مقلد في اعماله من الفرضية المهيمنة عند الفكر النقدي الماركسي العربي حول اتمام النمط الراسمالي عملية هيمنته على نمط الانتاج "الاقطاعي" العربي البائد اقله على الصعيد الاقتصادي وذلك بواسطة السيطرة الغربية الاستعمارية. لكن "لغزا" شغل فكر الكاتب ويتلخص في بقاء المستوى السياسي وعلى مستوى الدولة خارج اطار الهيمنة هذه . وبالمناسبة فان كتابا كثيرين قبله واجهوا المشكلة نفسها ساعين الى " اعادة ايقاف الدولة على رجليها بدل بقائها على رأسها".يقول الكاتب في الاطار هذا :"


إن السلطات الحاكمة في عالمنا العربي وافقت على الدخول في الحضارة الرأسمالية من الباب الاقتصادي فاعتمدت الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق ، لكنها "روضت " مصطلح الدولة فجعلت مدلوله امتدادا لما كان عليه في الحضارة السابقة ، حضارة العصر الاقطاعي".ء




الاشكالية عنده لا تتمثل في معرفة السبب في بقاء الدولة في يد الاقطاع او " السلطات الحاكمة "التي "وافقت" على الدخول في الاقتصاد الراسمالي وتمنعت في السياسي بل في اسباب فشل محاولات اصلاح الخلل هذا المتكررة والتي وجدها عند المحاولين , عند المصوبين لا عند المصوب عليه.ء

وفي مناسبة بحثه عن اسباب فشل العلمانية في فرض نفسها على البنيان السياسي للدولة اللبنانية اكتشف الكاتب انها تتعلق بقصور حامليها النظري عن قراءة النظام السياسي اللبناني على حقيقته وخطأهم في تعيين علة النظام هذا مما تسبب في الوقوع في خطأ آخر هو تقديم العلمانية على غير حقيقتها وتشويهها وعزلها وتصويرها إلحادا ضد الدين والطوائف. اخطات العلمانية برأيه عندما تصورت ان علة النظام السياسي تكمن في طائفيته اذا مما جعلها تصوب على الدين اي على تصورات الناس الايديولوجية وعقائدها فارتكبت شنيعتين بحسب النص دائما :التصويب على "الوعي" الايديولوجي بدل التصويب على السياسي الاجرائي وهو خطأ منهجي ونظري وخطأ اخرا عمليا لان التصويب الخاطىء انقذ المستهدف الفعلي وحماه واضعف الطرح نفسه امام الجمهور الطائفي. بمواجهة الخطأ هذا انبرى النص لتصحيحه عبر قراءة جديدة لعلة النظام فوجد ضالته في مفهوم المحاصصصين "السياسي"للذين يسيطرون على السلطة باسم الطوائف وعلى حسابها.ء



الانزلاق السياسوي



حسم الكاتب مسألة هيمنة الراسمالية على الاقتصاد وحصر كل اهتمامه في المستوى السياسي الذي تخلف ويتخلف عن اللحاق في المستوى الاقتصادي , مما ادى على الصعيد المنهجي عنده الى استعمال منظار مفاهيمي لا يرى الى المجتمع ككل متفاعل بل الى السياسي كمستوى مستقل ومريض. ما دام المرض لا يصيب الا السياسي فلا بد من معالجة مكمن المرض بالعدة والادوات الخاصة بعلم السياسة . ومن فرط معالجة "المرض "السياسي هذا اصيب ببعض عوارضه "السياسويه" وراح ينتقد كل من يحاول ان "يدق" في موضوعه " المستقل" في "حقله" متهما الاخرين تارة بالمنهج الثقافي وتارة اخرى بالمنهج الاقتصادي وطورا بالمنهج السوسيولوجي مع الاعتراف لهم بما يعرفون وما قد يصح في "حقولهم".ء

وحتى "تثبت الاحداث صحة خطنا" اضطر الى لوي عنق المفاهيم التي نستعملها في منظار شامل نرى به الى البنية ككل في جميع مستوياتها ونقلها الى السياسي الاجرائي واطلق التحدي :"انت

اقترحت نظام القرابة الدينية ، وأنا اقترحت المحاصصة كمصطلحين، أو مفهومين إجرائيين . وعلينا أن نجرب أيهما أكثر جدوى".ء

ان غلبة المنهج السياسوي في رؤيته جعلته ينسى ربما ان دراسة السياسي لا تتم بمعزل عن قاعدته الاقتصادية والاجتماعية .واذا كان الاجتماع في بلادنا ما يزال مؤلفا من الجماعات القرابية, وهذا ما بدا انه موافق معي عليه, فان سلسلة من الاشكاليات تنبثق بناء عليه وتحتاج الى جواب. ولا يمكن الاكتفاء عندها بالقول انا متفق ربما معك ولكن الامر لا يتعدى الاجتماعي . لا يا صديقي فما ان تقر بالحقيقة هذه حتى يصبح لزاما عليك ان تجيب اولا على التالي : كيف يمكن للراسمالية في الاقتصاد الا تنعكس في الاجتماع؟ ما هو نوع الراسمالية هذه؟ اي كيف يمكن ان تهبمن الراسمالية بدون القضاء على البنى القرابية التي تعيق بناءها وبدون نشوء طبقات اجتماعية . واذا صح ذلك اي ان الاقتصاد راسمالي لا الاجتماع فان العلة لا تعود تقتصر على المستوى السياسي فقط بل تطال الاجتماعي ايضا . بمعنى اوضح صار عندنا نظام راسمالي الاقتصاد ,قرابي الاجتماع ,محاصصي السياسة . اين الترابط او التماسك في قولنا هذا؟ باي حال صار لزاما عليك ان تفسر راسمالية تقوم على الربح بلا طبقة تنتجه وقرايب يسيطرون على الاجتماعي ويعفون عن السياسي وسياسيون يحكمون بدون ان يمثلوا الاجتماع كما ذهبت الى القول.ان بلوغ التناقض الداخلي هذا الحد يدفعني الى العودة اكثر الى الوراء ,الى الفرضية الاساس, لعل العطب الفكري ناتج عنها .ماذا لو كانت الراسمالية لم تهيمن ايضا على الاقتصاد؟



ان تاخر المستوى السياسي عن اللحاق في ركب الاقتصاد الراسمالي واستئخاره عند "الزعماء "هو " اللغز" الذي يحير الكاتب الصديق فعليا. لقد وافقت "السلطات الحاكمة على الدخول في الحضارة الراسمالية من الباب الاقتصادي"لكنها "روضت" مصطلح الدولة لتمدد القديم. ان الخطأ الشائع هذا عند عدد كبير من ممثلي الفكر السياسي العربي هو المسؤول على ما اعتقد عن هذه النظرة الازدرائية للدولة القرابية عن هذا "الكخ" "العلة" الافة" المرض" . ان "تخلف" الدولة القرابية عن اللحاق بالاقتصاد العصري الموهوم انتج لدى الفكر العربي من الشتائم والصفات السلبية ما يمكن ان يؤلف قاموسا مستقلا كاملا بعنوان "في شتم الدولة القرابية".ولم يأت على بال احد ان يشكك في فرضية الدخول الراسمالي وعصرنة الاقتصاد , وماذا لو ان الراسمال الغربي لم يستهلك "الدخلة"؟ بل امضى ليلته يدخن مثلا .ماذا لو دخل قليلا اي بما يكفي لعدم احراز تغيرات في البنية الاقتصادية والاجتماعية ؟ وكان "التمديد" ليس فقط للدولة القديمة بل لكل قديم وعلى كل صعيد؟ هل يبقى المأزق مقتصرا على المستوى السياسي وهل تبقى القراءة هي هي للمستوى هذا؟ سؤال برسم الفكر السياسوي



اصرار الكاتب على عدم المس ببنيانه النظري ينبع برايي من فرضيات غير دقيقة انطلق منها كبدهيات لا ضرورة للنقاش فيها جعلته ينزلق الى تبني الفكر السياسوي .يوضح الكاتب في مقاله الاخير ان الحكام ارتضوا او تبنوا مفهوم السوق الراسمالي على الصعيد الاقتصادي وحافظوا على مفهومهم القديم للدولة فتحاصصوها كثروة فيما بينهم . بمعنى اخر الاقتصاد في بلادنا صار راسماليا لكن بدون دولة راسمالية . وبما انه لم يتناول اثار ذلك على المستوى الاجتماعي ولم يشر الى مشكلة خاصة فيه يحق لنا ان نستنتج من الكلام هذا فرضية ضمنية اخرى تفيد ان البنيان الاجتماعي انتقل الى الطبقات الاجتماعية على حساب البنى الاجتماعية ما قبل الراسمالية . اين ؟كيف؟ باية شروط؟ لا نعرف. لو سلمنا جدلا بان الامر هذا صحيح لحق لنا ان نتساءل لماذا ابقت الطبقات هذه تمثيلها بيد من لا يمثلها سواء كان محاصصا ام لا ؟ ولماذا لم تفرز ممثلين لها لا يتحاصصون ولا يتلصلصون ؟ ولماذا ابقت عليهم فيما بعد في سدة الحكم لفترة عقود من الزمن ؟ وكيف تقبل الطبقات الاجتماعية بالانقسام العامودي فيما بينها كرمى لعيون حكام لا يمثلونها ؟ لا بل ينهبونها كما تؤكد. ام هل يحق لنا الافتراض بان الفرضيات الاولية خاطئة؟.ء



تجهيل الهوية الاجتماعية

نتبين مما سبق ان اعتماد النص في بنيانه على فرضيات خاطئة يقودنا الى سيل من الاسئلة التي تبقى بدون جواب او تحيلنا الى "الغاز"اخرى يا ما احلى اللغز الاول معها. اما وان الغموض يلف بقاعدة النسق الاقتصادبة الاجتماعية فكيف يمكن تحديد البناء الفوقي بدقة وبدون الوقوع في فخ الانتقائية والرغباتية والسياسوية؟

والسياسوية منهج يتناول السياسة كما لو كانت جسما منفصلا عن اجتماعه اي عن تاريخه كما لو كانت عينة في مختبر علمي تقيم عليها التجارب الداخلية فتصل الى استنتاجات "علمية" محكمة لكنها غير ممكنة التطبيق لغياب قوى اجتماعية تحملها بسبب من مصلحة بها.السياسوية تدرس السياسة بدون جسمها الاجتماعي "رحت ابحث عما يحل لي هذا اللغز فنبشت في تاريخنا القريب مصطلح المحاصصة" وكأن التاريخ سلة مصطلحات منسية وليس متابعة لحركة صراع قوى اجتماعية اقتصادبة معينة. ضبابية في صف الفلسفة فبعد اربعة مقالات متتالية لم نتمكن من معرفة

التعريف الاجتماعي للمحاصص لا شهادة ولادة له , اين نشا ؟ من يمثل ولماذا ؟ لا تحديد لما يسمى نمط الانتاج . فقط ثمة افتراضات ضمنية فقط تبني عليها فرضية اجتماعية ضمنية هي الاخرى لكي تبني فوقها كلها فرضية تنحصر بالطاقم السياسي الذي ننتهي معه بان لا نعرف علاقته بالطائفة او الطبقة او غيرها ربما

كل ما حصلنا عليه من التحليل السياسوي هو :" هؤلاء المحاصصون هم بالتحديد الزعماء السياسيون والمؤسسات الدينية الذين توزعوا سيادة الدولة في ما بينهم وزعموا أنهم يمثلون طوائفهم ويدافعون عما يسمونه المصالح العليا للطائفة ، وهي ليست سوى مصالحهم الشخصية، وذلك بالتأكيد على حساب المصالح العليا للوطن".ء



اعذرني يا صديقي لكن الاسطر الثلاثة تحمل بكثافة كل عيوب المنهج السياسوي من تحليق وغموض وتناقض داخلي وخارجي وبدع غير علمية فاقعة : اولا منذ متى يوجد "زعماء سياسيون" او لنقل طاقما سياسيا حاكما لا يمثل الا مصالحه الشخصية اي بدون جسم اجتماعي وراءه ؟ طبقة قبيلة طائفة او اي شكل تريده؟ اما اذا صح ما تقول فانه يشكل بالنسبة الي على الاقل اكتشافا علميا جديدا اعترف باني لم اسمع به من قبل . ثانيا عندما تعرف المحاصص بواسطة مصطلح هو بدوره بحاجة الى تعريف " المحاصصون هم بالتحديد الزعماء السياسيون............." المشكلة بالتحديد هي بالضبط هنا فمن هم هؤلاء الزعماء الذين "زعموا انهم يمثلون طوائفهم", من زعمهم؟ من اين اتوا ؟ ممن يستمدون شرعيتهم؟ نزلوا من السماء فجأة؟



ثالثا لماذا تربط مصطلح العلمانية بالمحاصص طالما ان المحاصص ليس الكنيسة والعلمانية هي فصل الكنيسة عن الدولة, لم افهم بالتحديد العلاقة بين الاثنين ؟العلمانيون فهموا الطائفة دينا او كنيسة فدعوا لابعادها عن السلطة اما انت فترى الطائفة مقولة غير سياسية لا مصلحة في التصويب عليها ولا وجود لها في السلطة .المسيطر على السلطة برايك هو المحاصص , السياسي, المدني, واذا صح ذلك انتفت صلاحية مصطلح العلمانية بانتفاء الموضوع .لكنك هذه المرة اضفت "المؤسسات الدينية" الى الزعماء السياسيين في تعريفك للمحاصصين. لكنك بهذه الاضافة بررت استعمالك لمصطلح العلمانية لكن اوقعت نصك في تناقض منهجي داخلي:طالما ان المؤسسات الدينية جزء من المحاصصين فكيف لك ات تعيب على العلماني مطالبته بتحييد الدولة عنهم ؟ اذا كانت المؤسسات الدينية جزء من المحاصصين اي جزء من المستوى السياسي فلماذا تعيب على العلمانيين اذا التصويب عليهم متهما اياهم بالتصويب على هدف غير سياسي؟واذا صوبت على هدف سياسي كهذا فهل يعفيك ذلك من تفادي الاصطدام بجمهوره ؟



رابعا والاهم لماذا لم يزعم الزعماء انهم يمثلون طبقاتهم او دينهم ؟ ما هي الضرورة لاستعمال الزعم هذا بالتحديد؟ طالما انك ذكرت في مكان اخر ان الطائفة "شكل من اشكال الوعي...او هو منهج في التفكير" بينما قلت في مكان اخر "ان المحاصصة لا تنفي وجود الطائفية وعلى جميع الصعد وبوضوح اقل على الصعيد السياسي". دوران في حلقة مفرغة هذا بعض من المنهج السياسوي.ء

ان يضطر الزعيم السياسي لان يزعم انه يمثل طائفة لا طبقة ولا دينا يقودنا الى التساؤل عن الفرق بين المفاهيم الثلاثة هذه. بزعمه هذا اكد لنا الزعيم انه لا يمثل طبقة وليس رجل دين وان الطائفة هي غير ذلك,لا طبقة اجتماعية ولا ايدبولوجيا, ولكنها تتمتع بأهمية قصوى حتى اضطر الى الزعم انه يمثلها .ء



مازق العلمانية ليس في التصويب اذا فتصويبها صحيح على الاقل جزئيا فيما يتعلق "بالمؤسسات الدينية السياسية المحاصصة" , اين المأزق اذن؟ نعم انه في شجرة العائلة التي ذكرتها والتي ينتمي اليها المصطلح هذا , في الجذع الاساس في عدم نشوء الدولة كلها من الاصل . كيف نستطيع ان نلصق العلمانيةاو الديمقراطية على اللا دولة او او ....فكيف ما كان تصويبك ستعود الطلقة الى صدرك لانها مرسلة على العنوان الخطأ.ء



المنهج السياسوي جعلك تحصر المعضلة في الجانب التقني من السياسي ,في التصويب, وفي اسم الهدف .فلو اطلقنا على الطاقم السياسي اسم المحاصص لفلحنا. مع انه هو هو الهدف ايا يكن اسمه.السياسوية فرضت بمنهجها التركيز على الطاقم السياسي بدون معرفة تناقضات البنيان الاجتماعي نفسه وما اذا كان حاضرا للتغيير موضوعيا ولقبول العلمانية.ء



فشل العلمانية من عدم نشوء الدولة



لن اعيد اليوم تكرار الحجج التي استعملتها في المرة السابقة بل ساحاول ان اوسع اطار الاشكالية الاوسع وهي تشتمل على موضوعنا ايضا.ء



اسوة بالكثير تعتقد ان القاعدة الاقتصادية راسمالية وان مازق المستوى السياسي عدم لحاقه او بالاحرى تخلفه عن اللحاق بالقاعدة والتناغم معها. المأزق ينحصر في السياسي وحسب من هنا اراك تفتش عن حل اللغز "اجرائيا" بينما المأزق الحقيقي موجود حيث اعتبرت ان لا مشكلة حيث البداهة. طالما انك تعتبر اسوة بالكثير ان الطائفية تعود الى "الوعي" او الى "ثقافة" الانتماء فهي مشكلة يمكن تاجيلها او انتظار الوقت يحلها كما يراه مناسبا .طالما ان الطائفية "وعي" فما هي الطائفة اذن؟ وعي الوعي؟ فتشت عند ماكس فيبر فلم تجد ضالتك فرميتها جانبا ومشيت.اذا لم تلحظ ان الطائفية هي احد اهم اشكال تنظيم مستويات المجال الحيوي باسره لدى الجماعات المكونة على اساس القرابة الدينية وانها مهيمنة على البنيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفكري فمن الطبيعي عندها ان تفتش كما قلت عن "اللغز"فقط في البنيان السياسي ولن تجده برايي.والحال ان اشكالية السياسي في بلادنا لا تتوقف على العلمانية وحسب بل على على غياب نشوء الدولة ككل بكل ابعادها الوطنية دولة -امة دولة الاندماج ودولة المواطن ودولة القانون والمؤسسات ودولة فصل السلطات والديمقراطية الخ.فلماذا لم تنشأ الدولة هذه ؟ اليس بسبب القاعدة القرابية للاجتماع ؟ اليس بسبب غياب قاعدة الدولة الموضوعية ؟ وهل نشأت الدولة الدولة في الغرب وفي فرنسا التي تحب الاستشهاد بها غالبا على غير قاعدة الراسمال الصاعد ومصلحته في خلخلة وتدمير العوائق الجغرافية والاجتماعية و البنى السابقة عليه والمعيقة لتوسعه وهيمنته؟ ان مشروع الدولة الامة بمتفرعاته نعم له شجرة عائلة ولكن له جذور ايضا ضاربة في عمق البنية الاقتصادية الاجتماعية.ء



ان خلافنا على ما اعتقد ليس على اسم نبيه بري ووليد جنبلاط بل على ما يمثل او بالاحرى على من يمثل. الخلاف ليس على اسم الطاقم السياسي بل على هويته الاجتماعية. جئتنا هذه المرة بالقول انهم لا يمثلون احدا : " زعموا انهم يمثلون طوائفهم ويدافعون عما يسمونه المصالح العليا للطائفة , وهي ليست سوى مصالحهم الشخصية ", فكرت فعلا بهذا التأكيد وتساءلت كيف يمكن للمرء ان يصدق ان بيت جنبلاط يستطيعون البقاء في السلطة لاكثر من قرن بدون ان يمثلوا احدا الا انفسهم . خلافنا ليس كما اعتقدت على مفهوم اجرائي من هنا او هناك قد يكون له اهمية بعد مائة عام من الان بل هو على اشكالية الدولة ككل وجوازها في بلادنا ضمن الشروط الاقتصادية والاجتماعية المسيطرة . كيف يمكن عاقل ان يتوقع ديمقراطية في دولة لم تنشأ بعد؟ عجيبة يعني؟ كيف يمكن توقع نشوء دولة بلا مواطن؟ كيف يمكن توقع بناء دولة مؤسسات بدون مؤسسات اقتصادية تعتاش من الربح لا من الريع ؟ وكيف يمكن لدولة المواطن ان تمر بدون تفكيك الجماعة حتى ولو كانت ثقافية ؟ خلافنا على منهج متهافت مبسط ينظر الى السياسي كورقة بيضاء يسودها كما يشاء كمنطق الشعر المخالف للمنطق. منطق تبسيطي صار يدع سياسييه يختارون القوة الاجتماعية التي "يريدون" تمثيلها :"لو مثلوا احزابا او نقابات لكانت دولة مدنية,لكنهم لا يريدون ذلك, اذن لابد من ان يلجأوا الى نظام تمثيلي اخر: القرابة........". وبذلك وقف الفكر على راسه. كانت الدولة على رأسها فصار الفكر ايضا. السياسوية استأذنت العلم السياسي ليس فقط لامكان استذواق ما ترغبه من شعارات للدولة الجميلة بل مددت الاستئذان هذا للسياسيين حتى يختارون هم ايضا من يستذوقون من قوى اجتماعية .ء



في النظرية الماركسية حول الراسمال المبنية على مقولة فائض القيمة الزائدة اعتبر ماركس انها منتجة من قبل الطبقة العاملة لصالح طبقة بورجوازية عبر قيام الاخيرة بدفع اجرة فوة العمل وليس العمل وبالتالي اعتبر التناقض تناحريا بين الطبقتين ذلك ان البورجوازية وخلافا للمبادىء الاقتصادية السائدة حول تساوي القيم المتبادلة تشتري خدمة دون قيمتها الفعلية بسبب من تملكها لوسائل الانتاج. وهو جوهر مفهوم الاستغلال الانسان للانسان. ان التناقض بهذا المعنى هو تناقض داخلي اي في قلب الراسمالية عناصره محددة بدقة وكذلك اوالياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . الفصل فقط يتم على المستوى السياسي لتناقض موجود في مكان اخر في الاقتصاد في شراء قيم دون قيمتها.اما التحضير لهذا الفصل قيكون في الاجتماع حيث على الطبقة المستغلة البروليتاريا ان "تعي" عملية الاستغلال هذه اي الطبقة صاحبة المصلحة فيه ام الصبي يعني. ولو اضاع ماركس عمره في البحث عن اسم الطاقم السياسي للبورجوازية وخصائصه ودرجة ذكائه في استعمال السلطة اي المفهوم الاجرائي لما كان توصل الى فهم الراسمالية وتناقضاتها الموضوعية وكيفية تجاوزها. ء



لم تذهب روزا لوكسمبورغ هذا المنحى في رؤية الامور لانها لم تقتنع بنظرية تحقيق فائض القيمة من داخل النسق الراسمالي نفسه معتبرة ان العمال الذين ينالون قيمة قوة عملهم وحسب لن يستطيعوا بالتالي ان يشكلوا الطلب الضروري لفائض البضاعة المعروض والتي تحتوي على فائض القيمة. السوق الداخلية حسب توزيع المداخيل ومنطق الراسمالية المقفل او الداخلي نفسها لا يتيح توافر قدرة شرائية تحقق الربح هذا او بالاحرى القسم منه الذي يعود ليدخل في التراكم الراسمالي اي ببساطة في اعادة الاستثمار في العملية الانتاجية . الراسمالية تحتاج اذا حسب المفكرة الالمانية الى "خارج" راسمالي دوما وبالضرورة, انه علة تحقيق الربح ومصدر وسائل انتاجه معا. واعتبرت ان النظام الراسمالي ينحو تاريخيا نحو ضم الخارج اليه تدريجا لاسباب التوسع والمنافسة .لا تناقض داخلي اذا في الراسمالية يتيح تجاوزها. لا يمكن القضاء على الراسمالية الا بالراسمالية اي عندما تعم العالم فتنعدم امكانية الربح موضوعيا نتيجة غياب المصدر . لو صحت نظرية لوكسمبورغ هذه لامكننا الاستنتاج ان الشروط الموضوعية لنزع السلطة من البورجوازية هي شروط تعمم الراسمالية ايا يكن اسم وشكل الطاقم السياسي للبورجوازية او لون شعره على اهمية ذلك اجرائيا.ء



القصد من العرض هذا تبيان المنهج الذي يسمح في فهم وتفكيك البنيان الاقتصادي الاجتماعي الذي يقوم المستوى السياسي على اساساته. فهم ذلك صروري لتبيان التناقضات التي تعنمل في البنيان هذا ولكشف مصالح القوى الاجتماعية المتناقضة فيه. بعد ذلك ياتي دور المستوى السياسي الذي عليه , في التحليل الاخير, ان يعكس تناقضات الاساس وليس العكس





الراسمال الشكلي



المعضلة الحقيقية المطلوب حلها في اشكالية بلادنا لا يمكن ان تقتصر على اسم الطاقم الحاكم وخصائصه السياسية والفكرية والدينية بعد دخول الغرب الراسمالي الى بلادنا , محاصص ام لا, بل من يمثل من قوى اجتماعية وهذا لعمري لا يمكن بدون الجواب اولا على الاشكالية التالية: هل انهت الراسمالية هيمنتها على انماط انتاجنا السابقة بشكل كلي وصار بالامكان قراءة مجتمعاتنا على اساس "علمها" وادواته سواء كان العلم بورجوازيا ام غير بورجوازي ؟ هل صهر الراسمال الغربي مجتمعنا في نمط انتاج جديد يقوم اساسا على مفهوم الربح؟ ام ابقاه على الريع؟ هل كسر عوائق الحدود المعيقة لتوسع السوق الراسمالية المفتوحة ام جددها وزاد منها عبر خلق كيانات سياسية لم تكن موجودة اثناء تسلمه المنطقة من العثملي؟ هل عمل او ساعد على تفكيك البنى الاجتماعية الما قبل راسمالية لخلق مناخات تساعد على ولادة المنشاة الاقتصادية الحديثة التي تقوم على العقلانية الاقتصادية والبشرية ؟



ان قراءة سريعة للفكر السباسي العربي الحديث بتلاوينه المختلفة كافية لتبيان مدى الارتباك النظري في الجواب على المعضلة هذه. طبعا لسنا بحاجة الى طول شرح لتبيان المأزق الفكري والسياسي والخيبات المتكررة للذي اجاب بنعم فراح يقرأ بكتاب غيره ويسقط على واقع لم يفهمه مفاهيم واسماء جعلته ليس فقط يبتعد عن فهم ما يجري حوله بل يزداد انعزالا وصعلكة.ء

اما الاستنتاج الالي بالقول بناء على ذلك ان الراسمال الغربي لم يشبك اطلاقا مع بنانا فهو قول مغلوط كذلك برايي. اننا بالاحرى في حالة البين بين وآية ذلك ان نمطي الانتاج الراسمالي الفعلي والمحلي في الحالة هذه وكل لسبب خاص به ليسا على عجلة من امرهما في المضمار هذا.فحاجة النظام الراسمالي لالحاق "الخارج" الراسمالي بسوقه لا تفترض تحويله الى "الداخل" مباشرة لاسباب تتعلق بمبدأ معدلات الربحية المتناقصة طردا الذي يميز الراسمالية الداخلية اثناء تطورها الطبيعي عند ماركس ام بسبب قانون تحقيق التراكم الراسمالي في المركز عند روزا لوكسمبورغ . ومن الجهة المقابلة فان البنى التقليدية ما قبل الراسمالية تمارس نوعا من الممانعة البدهية الطبيعية ضد الميل الغالب لتطويعها واندماجها.ء



التقاء مصالح الطرفين اذا على ابطاء حركة الصهر الراسمالي تجعل انماط الانتاج المحلية في حالة انتقالية قد تمتد عقودا طويلة كما يقول ماركس في "الفصل غير المنشور لراس المال".وهو يطلق على هذه المرحلة اسما محددا هو " الراسمال الشكلي".لماذا الشكلي فلانه لا يتمتع بخصائص الراسمالية بل بما قبلها .ولانه يؤمن مصالح الراسمال دون ان يدخل في صدام تفكيكي مع البنى المهيمنة قبل دخوله لا بل يتعامل معها ويستخدمها في عملية تحويلية تاريخية طويلة . الارتباط عضوي لكنه غير اندماجي في المرحلة هذه.ء



اذا صح ذلك واعتقد انه صحيح بخاصة اذا ما نظرنا بالعين المجردة الى طوفان البنى القرابية المعروفة في بلادنا منذ قرون من قبائل وعشائر وصولا الى الطوائف ,التي اعتقدها بنت الراسمال الشكلي اثناء تطوره, والى هيمنتها الراهنة على البنيان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وضمانها لاغراض الراسمال الشكلي على اكمل وجه في آن معا,واذا نظرنا الى نوعية النشاطات الاقتصادية المسيطرة والتي تتميز بهيمنة القطاعات الخدمية وادارة المال العائد من النشاط الاقتصادي الريعي اساسا , اذا صح ذلك اذا فان قراءة المستوى السياسي في بلادنا لا بد ان تكون انعكاسا لقراءة مسبقة لبنى المجتمع القرابية وكيفية تنظيمها لمجالها الحيوي وموازين القوى القائمة فيما بينها .بدون ذلك يصبح المستوى السياسي معلقا في الهواء وكأن لا اساس اجتماعيا له . بدون ذلك يصبح التغيير وكأنه بقوى غامضة غير محددة اجتماعيا تحمله ويستهدف ممثلين لقوى مزعومة غير محددة بدورها. في ظل نمط الراسمال الشكلي كل عملية تغيير تهدف الى بناء دولة عصرية من دون معرفة هوية القوى الاجتماعية التي تشكل قاعدة السلطة تصير نوعا من قبض الريح .اما التصويب على المحاصصين فلا يتعدى التصويب على طاقم سياسي محترف, لا يشارك ولا يحاصص الا في ما ندر, ومن هنا الاستبداد, وكأن هذا الطاقم معزول لا يمثل الا نفسه .ء



وما دام الراسمال الشكلي يحدد العلاقة بين الراسمال الفعلي وبين مجموع "الخارج" ومن بينه بلادنا , وما دام الراسمال الشكلي لا يثور البنى السابقة عليه في الخارج الا على المدى الطويل , بل يتعامل معها كما هي , وما دامت بلادنا كلها اجمالا تتميز ببنى اجتماعية مشتركة لناجية القرابة لم تتدمر بسبب الراسمال الشكلي فمن الطبيعي ان تنعكس البنى هذه في المستوى السياسي بناء على ميزان القوى الملموس لقواها الاجتماعية .وبما ان البنى القرابية هذه لا تشارك من جيث المبدأ في عملية ادارتها للسلطة بل تخضع البنى الاخرى دون ادماجها او صهرها فانه من الصعب تعميم المثال اللبناني الحديث نسبيا في المشاركة على بقية دول المنطقة , كما انه من العبث تصور ضمور البنى هذه في دول المحيط واستمرارها حية ترزق في لبنان وحده من دون غيره. ء



في ضوء ذلك يمكن اجراء قراءة موضوعية للمستوى السياسي لبلادنا بعيدا عن الاوهام والاسقاطات والسياسوية المقلدة . وبناء عليه يصير من غير الممكن لعاقل سياسي ان يقفز فوق مهمة دراسة البنى القرابية المحيطة بنا وتركيبتها وطريقة اشتغالها وتنظيمها لمجالها الحيوي تناقضاتها الداخلية والخارجية وامكانية تجاوزها.ء

في ضوء ذلك يمكن اجراء مقاربة موضوعية لما كان بعصى علينا من اشكالات واخفاقات سياسية مستمرة حتى يصير بالامكان طرح شعارات قابلة للتحقق لا شعارات معلبة ومنقولة من تاريخ اخر



ما دام الراسمال الشكلي هو المهيمن فمن العبث تصور حصول قطيعة في البنيان الاجتماعي او السياسي , قطيعة بين نظام الملل والنحل العثماني وما بين النظام السياسي الحالي ولو تلبس في لبوس الدستور الغربي ذلك ان الطوائف سرعان ما ارفقته بدستور آخر غير مكتوب جعلته بمثابة كتاب مقدس. ومن العبث ايضا تصور قطيعة في الشام او العراق او غيرها.والدليل اكثر من واضح في التجربة العراقية الاخيرة حيث لم يصح غير الصحيح وفي تجربة الربائع العربية حاليا حيث يختار الناس تأييد او معاداة الانتفاضة وفق مسبار الطائفة الوحيد.ء



الطائفةكعلاقة قرابة دينية





في الاطار هذا كنت بدات في مقالات سابقة التعرض لمفهوم الطائفة ووجهت دعوة الى من يهمه الامر لتعميق ونقد وتوسيع ما بدأته نظرا لاهمية ذلك راهنا كما اعتقد. وازعم خلافا لاعتقاد السياسوية بان ذلك يمكنه الانتظار ,لانه سوسيولوجي , ازعم اذا ان اية قراءة موضوعية لما يجري حاليا في المنطقة غير ممكن بدون المنظار هذا سواء على مستوى هوية الاطراف المتنازعة وميزان القوى ام على مستوى الرهانات المطروحة.ء

الراسمالية هيمنت لكنها شكلية . من هنا عدم نشوء الدولة العصرية , من هنا " زعم" الزعماء انهم يمثلون الطوائف ومن هنا "زعم"القذافي انه يمثل قبيلته ومن هنا "زعم" ابن الاحمر في اليمن انه يمثل عشيرة الاحمر والشيعي الشيعة والسني السنة والعلوي العلويين والكرد الكرد وهلم جرا.وبالتالي فانه من غير المعقول توقع ان ياتيني ابن الاحمر بما لا يملك موضوعيا اي بالديمقراطية والمواطن الفرد والعلمانية والدولة العصرية . من غير المعقول في الاطار هذا الا من قبيل اسقاط الاوهام السياسوية توقع وصول الدولة العلمانية على حصان البنى القرابية . الا تسمعون ما سمعت من ان الاتراك يطلبون من العلوي السوري الاتيان بالسني الى رئاسة الوزارة كتسوية مقبولة للازمة في سوريا ؟ الا ترون ما رأيت من تسوية طائفية في العراق؟ الم تروا وليد جنبلاط يتحدث عن "طائفتنا" في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن؟ الم تسمعوا بحنق البطريرك "الماروني" ودعوته الى حماية "مسيحيي الشرق" اي ما يمكن اعتباره برأيي توسيع وانشاء طائفة جديدة قائمة على القرابة "المسيحية" الشرقية والتخلي عن القرابة "المارونية" التي انتهت خدمتها.ء



المفارقة المضحكة المبكية تتمثل في سعي البنى القرابية المهمشة في العالم العربي الى المشاركة في السلطة , المحاصصة, في الوقت الذي يسعى العقل السياسوي اللبناني الى التصويب عليها في لبنان بصفتها استبدادا ."في تشخيصنا ازمة النظام اللبناني ,قلنا ان مرضه يكمن في كونه نظاما يقوم على المحاصصة" يقول المقلد . اذا كان المرض بنظرك ان تتقاسم الجماعات الفرابية المؤلفة للاجتماع السلطة بشكل اتفاقي سلمي فماذا يكون التعافي؟ الصراعات الاهلية الدائمة ربما؟ التطهير العرقي؟ ما هو البديل في ظل غياب لقوى اجتماعية جديدة تستطيع حمل مشروع الدولة؟



ان ازمة النظام اللبناني يا صديقي هي هي ازمة الانظمة كلها في بلادنا الجميلة وتتمثل بخضوعها للراسمال الشكلي العالمي الذي يفرض عليها اقتصادا ريعيا مطبقا يعود عليها بدخل "نقدي " ثم يجبرها على اعادة اسنعماله لشراء سلعه وسلاحه وتمويل حروبه المفتعلة هنا وهناك .يجوفها اقتصاديا ويتركها اجتماعيا كما كانت قبائل وعشائر وطوائف لكي تسيطر بفضله وبدعمه العسكري احداهن على السلطة وتحكم استبدادها على الاخرين . ازمة الانظمة الطائفية ليست في داخلها بل في خارجها غالبا : في نشوء وتكون قوى قرابية جديدة دينية اي طوائف جديدة تسعى الى الملك من هنا ازمة النظام الطائفي اللبناني الحالية بعد بروز الطائفة الشيعية على حساب العائلات ومن هنا الازمة العربية الحالية بعد بروز الطوائف السنية المختلفة من سلفية وتكفيرية وتنموية واخوانية و طبعا ما عدا في البحرين وباقي دول الخليج حيث "الربيع" شيعي. اما المشاركة بين اكثر من وحدة قرابية في السلطة فهي استثناء اقتصر على لبنان وبدأ في القرن التاسع عشر بعد

الاحداث الدموية العام 1860.ثم تكرر مؤخرا في العراق على يد الاحتلال الاميركي



فاذا كانت المحاصصة هي علة النظام اللبناني ماذا تكون العلة في النظام السعودي او في غيره مثلا ؟ تقول ان الطائفة لا يمكنها ان تكون في السلطة فهل بلغت بك السياسوية الحد هذا؟ فهل تجد ان الطبقة في الغرب موجودة كلها في السلطة ؟ طبعا هي ممثلة بطاقم يحترف السياسة لكنه يمثلها ويدافع عن مصالحها . مهم في علم السياسة ان تحدد طبعا طبيعة القوة المحترفة الموجودة في السلطة وان تفهم درجة ذكائها وقدرتها على المناورة لكن الاهم معرفة القوى الاجتماعية التي تستمد شرعيتها منها وايضا معرفة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في تغييرها .علم السياسة هو دراسة المجتمع بشموليته وبمستوياته المختلفة ولذلك هو علم الامكان لا علم الاحلام او التبشير. التبشير نعم كما يفعل بالضبط الفكر السياسوي حاليا مع الربيع العربي. يحدثنا ليل نهار عن "ثوار" نبتوا فجأة يريدون الدولة والمدنية والديمقراطية والباقي طبعا.ليس هكذا تولد الدول يا صديقي.ما هي التحولات التي حصلت في اقتصادنا او اجتماعنا حتى تغير ما في دولتنا.ء



مع الراسمال الشكلي لا شيء تغير اللهم الا نشوء الطائفة كشكل قرابي ديني لكي يستجيب الى حاجات الحجم وتوسع نطاق الحكم الجغرافي الذي يتعدى قدرة القبيلة والعشيرة على التلبية. تسالني اذا كانت الطائفة سياسية فاجيبك بانها علاقة قرابة وهي كاي علاقة قرابة في تاريخنا تقوم اساسا على نزعة الملك تستند الى فكرة دينية مزعومة لخلق عصب قرابي يوسعها ويوحدها والى اقتصاد تتحاصصه يغذي شرايينها ويعيد انتاجها يتوزع وفق التراتبية القرابية لا وفق ملكية وسائل الانتاج.في هذا المجال ما علينا الا مراقبة طرق توزيع الريوع النفطية في الدول الخليجية حتى نتاكد من ذلك او حتى في لبنان طرق توزيع الوكالات التجارية الحصرية ورخص المصارف . ان الطائفة اسوة بكل اشكال القرابة عندنا ظاهرة اجتماعية كلية شمولية تسعى للوصول الى السلطة وتتعاطى النشاط الاقتصادي وتستعمل الدين مطية لتبرير القرابة . اما تحديد العامل المحدد فيها فهو يحتاج الى جهد فكري جماعي لدراسته وان يكن لدي بعض الفرضيات في الشان هذا.وكذلك الامر بالنسبة الى دينامية فرز النخب فيها. اذ هي تختلف عن الاشكال القرابية السابقة عليها التي كانت تقاد من قبل زعامات الجبب الاكثر عددا . طبعا الدين لا يلعب اي دور على الصعيد هذا فالمسؤول او الزعيم الطائفي ليس القائد الاكثر كفاءة دينيا وكذلك الامر بالنسبة للغنى لكن ذلك يحتاج الى دراسات معمقة . اما وحدة الطائفة فلا تتمظهر في ايام السلم بل في ايام الخطر واما وجود فروع فيها فهو قائم على اساس الفرز الداخلي المحتاج الى تعميق . مع ذلك يمكن القول ان التعدد داخل الطائفة لا يقوم حتى الان على قواعد اجتماعية جديدة اي غير قرابية وان التعدد هذا يعود الى الاشكال القرابية ما قبل الطائفية حيث كان جزءا من سماتها الاساسية .انقسام العشيرة على جبب وافخاذ وجذوع وفروع الخ متنافسة فيما بينها لم تؤد يوما الى فرط الوحدة العامة للعشيرة ولاسيما ايام الخطر الذي يهدد وجودها. الطوائف تفرخ كالفطر في ظل الراسمال الشكلي . يكفي ان تخلق تفسيرا مقبولا لاي دين او مذهب وان تبني حوله مشروع سلطة حتى تصبح طائفة, من هنا فان الكلام على المارونية السياسية مثلا او الاسلام السياسي لا يكتسب معنى الا في الاطار هذا واني اعتقد ان غالبية الحركات السياسية الدينية الا القليل منها والتي تطرح نفسها دينا للجميع هي مشاريع بناء طائفة .ء



مشاريع السياسوية يتيمة



عندما تحلق السياسوية في الاستذواق وتصل الى الحل العملي تجد نفسها بلا قوى اجتماعية تحمل افكارها و

مشاريعها فتروح تقترحها على المجهول او وهوالانكى على سبب العلة والمسؤول عنها ليطبقها مع علمها المسبق باتفاقهم فيما بينهم على " عدم الاجازة ببناء دولة مدنية قوامها القانون و..........". من هنا نرى المقلد يطرح حلولا لا يحدد القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة فيها وكانها برسم المحاصصين بالنتيجة العملية , يقول:"مفتاح


الحل لكل القضايا الشائكة والعالقة هو تأمين الإطار التشريعي العصري القادر على استشراف المستقبل وتأمين موجبات الدخول في حضارة العصر والقادر على بناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة القانون والمؤسسات والكفاءة وتكافؤ الفرص ،دولة الحريات العامة والديمقراطية . يبدأ ذلك بسن قانون جديد للتمثيل السياسي يقوم على النسبية ويعتمد لبنان كله دائرة واحدة ويحافظ مؤقتا على القيد الطائفي إلى أن يتأمن مستوى من الوعي الجمعي مؤات تنضج معه ظروف العلمانية بصورتها المثلى."ء


لنفترض جدلا ان قانونا نسبيا للانتخابات هو مدخل الحل في لبنان للدخول في حضارة العصر من هو المؤهل "لسنه"؟ على من تطرحه ؟ على المحاصصين طبعا فمن غيرهم يحق له "السن"؟لكن العقل السياسوي نسي ان المحاصصين لا يمكنهم ان يكونوا الخصم والحكم.ء



استنكف الفكر عن لعب دوره وعن انتاج علم في واقعه وقرر الهجرة الى السياسوي او الى الثقافوي او الغيبي. عدم نشوء الدولة سببه اما الدين الذي لم يعد النظر في نفسه وفي مسالة الدين والدنيا واما التقنية السياسية الخاطئة واما الاقدار لعنة الله عليها عبر النفخ في اتون ..وذر الفتنة بين.. واللعب على اوتار العلانة.. واثارة العصبيات البغيضة ..اما الفكر الذي على الاقل تستوقفه الاشكاليات والصدمات فيحاول حل "الغازها"فهو فكر له اجران اذا وجد حلا لها اما اذا لم يحلها فله اجر الملاحظة على الاقل. ارجو يا صديقي ان يكون الاجران لك في حل المعضلة رغم عدم قناعتي في ذلك. والله الموفق



#روبير_البشعلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روبير البشعلاني - صعلوكيات : الدولة بين الطائفة والراسمال الشكلي. رد على سياسوية محمد علي مقلد