أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أشرف حسن منصور - الحرب الطبقية في مصر















المزيد.....

الحرب الطبقية في مصر


أشرف حسن منصور
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية


الحوار المتمدن-العدد: 3508 - 2011 / 10 / 6 - 12:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إن ما يحدث في مصر منذ التسعينيات وحتى الآن (أواخر 2011) هو حرب طبقية بالمعنى الحرفي. وهي حرب تشنها فئة قليلة من الطبقة الرأسمالية المسيطرة على جهاز الدولة ومؤسساتها على باقي طبقات المجتمع المصري. وهي فئة الرأسمالية المالية التي استطاعت أن تحوز على جانب كبير من ثروة المجتمع المصري بفضل عمليات الخصخصة والتكيف الهيكلي وإطلاق العنان للاستثمارات الخاصة للسيطرة على جانب كبير من القوة العاملة ومن السوق المصري. والذي جعل الحرب الطبقية أكثر شراسة ووضوحاً في السنين العشر الأخيرة هو تحالف فئة الرأسمالية المالية، تلك التي يطلق عليها فئة رجال الأعمال، مع البيروقراطية الحاكمة، ذلك التحالف الذي وصل إلى حد الاندماج الكامل بين الفئتين والذي أطلق عليه البعض زواج المال والسلطة. هذا الاندماج الكامل جعل جهاز الدولة المصرية أداة قمعية في يد هذه الفئة المحدودة قليلة العدد من الرأسمالية. ولأن مصالح هذه الفئة تتناقض مع مصالح وحقوق كل الشرائح الأخرى في المجتمع المصري، فقد شهدت السنوات السابقة على الثورة تناقضاً حاداً بين سياسات الدولة التي أصبحت الذراع السياسية لفئة الرأسمالية المالية وباقي طبقات المجتمع المصري، بما فيها الرأسمالية الوطنية الصناعية، تلك التي وجدت السوق المحلي وقد سيطرت عليه التوكيلات الأجنبية والسلع المستوردة التي يتحكم في دخولها عدد قليل من رجال الأعمال المقربين من السلطة، أو الذين نجحوا في تولي مناصب في جهاز الدولة.
ليس شرطاً في الحرب الطبقية أن تكون موجهة من الطبقة الحاكمة المسيطرة إلى أفقر طبقات المجتمع، بل يمكن أن يشنها التحالف المالي والسياسي الحاكم على المجتمع كله. وهذه هي النقطة التي وصلت عندها الحرب الطبقية في مصر في السنتين السابقتين على الثورة، وهو ما يشكل أحد البواعث الرئيسية للثورة. ذلك لأن الجموع الغفيرة التي انطلقت إلى الميادين والشوارع في الثورة كانت مكونة في الأساس ومنذ الأيام الأولى من الطبقات الوسطى بكافة شرائحها.
كانت الطبقات الشعبية والفقيرة تعاني من العدوان الصريح للسلطة منذ زمن بعيد، لكن الانفجار حدث عندما طال القمع الطبقات الوسطى، ومقتل خالد سعيد على أيدي الشرطة خير دليل على ذلك. فإجرام السلطة وأجهزتها القمعية قبل الثورة هو جزء من الحرب الطبقية التي تشنها الفئة الحاكمة على المجتمع كله، مثل التعذيب المنهجي في أقسام الشرطة والسجون، والقمع الوحشي للحركات الاحتجاجية، والمحاكمات العسكرية للمدنيين قبل الثورة وبعدها أيضاً، وآلاف المعتقلين السياسيين في السجون.
وتزداد الحرب الطبقية عنفاً ودموية كلما توجهنا إلى أسف السلم الطبقي، حيث يزداد العنف كلما كانت الفئة الاجتماعية أفقر. وخير دليل على ذلك أن التعذيب في أقسام الشرطة أو على أيدي أمن الدولة لا يبدأ إلا بعد التأكد من أن الشخص المقبوض عليه ليس له ظهر وليس مهماً أو ذا شأن، وليست له اتصالات أو علاقات.
وكانت أحداث الثورة من قتل للمتظاهرين إلى سجن الآلاف من الثوار والنشطاء السياسيين بعد تنحي مبارك ومحاكمتهم عسكرياً مظاهر وعلامات على أن الحرب الطبقية مستمرة بعد الثورة ولم تنته، ويمارسها الآن المجلس العسكري الذي هو النواة الصلبة للدولة القمعية.
كشفت الدولة أثناء الثورة وبعدها عن طبيعتها الحقيقية باعتبارها جهازاً قمعياً يمارس العنف المنظم ضد الطبقات الشعبية، والوسطى ايضاً، والذي امتد في الثورة إلى أن أصبح حرباً صريحة على المجتمع كله. فقبل الثورة كانت الدولة تمارس شيئاً من التلطيف على طبيعتها القمعية باللجوء إلى آليات الهيمنة، عن طريق التعتيم والتزييف الإعلامي، وعمليات غسيل المخ بنظامها التعليمي وصحفها الرسمية، والهيمنة السياسية المصاحبة بخدع وأضاليل الحزب الوطني ولجنة السياسات، وهيمنة الحكومات السابقة كلها على جهاز الدولة الإداري وتحويله إلى مجرد سكرتارية لرئاسة الجمهورية؛ وفي الوقت نفسه اللجوء إلى شئ من العنف عن طريق جهاز الشرطة الذي كان يمارس التعذيب المنهجي المنظم. لقد وصل عدد جهاز الشرطة إلى مليون ونصف، وهو بذلك يزيد ثلاث مرات عن عدد الجيش النظامي، وهو بهذا العدد لم تكن له سوى وظيفة واحدة هي القمع الوحشي للشعب المصري كله. إلا أن هذا الجهاز الذي هُيئ لقمع مصر وكأنه جيش احتلال قد أثبت فشله في قمع الثورة الشعبية حتى عندما لجأ إلى الحرب الصريحة ضد هذا المجتمع.
والدليل على أن ما حدث في الثورة هو حرب شنها النظام السياسي على مصر كلها هو اتباع أساليب الحرب المعروفة، من قطع للاتصالات والمعاملة العسكرية للمظاهرات وإطلاق الرصاص على المتظاهرين واستخدام القناصة. ولا يقطع أي نظام سياسي الاتصالات عن شعبه إلا عندما يكون في حالة حرب صريحة معه. واللقطات التليفزيونية الشهيرة التي ظهر فيها مبارك مع المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وهم يجلسون في غرفة العمليات المركزية يتابعون المظاهرات من شاشات متصلة بكاميرات مبثوثة في كل أنحاء مصر وكأنهم يديرون معركة عسكرية تقف دليلاً على الحرب الصريحة لهذا النظام على الشعب، حرب استعان فيها النظام بالجيش بعد أن فشلت الشرطة وقوات الأمن المركزي. لقد كان هذا المشهد معبراً عن إدارة عمليات عسكرية ضد المصريين.
وفي هذه اللحظات الثورية التي كشف فيها النظام الحاكم عن وجهه الحقيقي اتضحت صحة توصيف ماركس للدولة بأنها أداة قمع في يد الطبقة الحاكمة، وتوصيف ماكس فيبر لها بأنها جهاز سياسي يحتكر استخدام العنف الشرعي (وغير الشرعي أيضاً) في رقعة جغرافية معينة. فهذا هو التعريف الجوهري للدولة والذي اتفقت عليه الاتجاهات الماركسية وغير الماركسية على السواء. فعندما تفشل كل الأجهزة الأيديولوجية للدولة وتفشل كل آليات هيمنتها التقليدية تكشف عن جوهرها الحقيقي باعتبارها جهازاً قمعياً في الأساس، يلجأ إلى الحرب الصريحة على الج تمع في حالة فشل كل الخيارات الأخرى. وبما أن الدولة هي في الأساس جهاز قمعي عسكري، يكون الجيش هو نواتها الصلبة وخليتها الأولى والأساسية. وهذا هو السبب الذي جعل الجًلس العسكري هو المتولي للسلطة بعد انهيار النظام السابق، وهو الآن يقوم بمهمته القمعية الطبيعية، على استحياء في أحيان، وبصراحة في أحيان أخرى كثيرة.
د.أشرف حسن منصور



#أشرف_حسن_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقال الثورة المصرية إلى الجامعات
- الإسلاميون يحصدون زرع غيرهم
- علم الاجتماع والليبرالية: دوركايم نموذجاً
- العولمة أعلى مراحل الإمبريالية
- ابن رشد وسبينوزا وعصر التنوير الأوروبي
- طبيعة النظام الذي سقط
- محاولات تهدئة الثورة في جامعة الإسكندرية
- لقد أسقطنا الدكتاتور
- احذروا خدعة الحوار مع نظام مبارك
- وقائع الثورة المصرية-الأسبوع الأول 25 إلى 31 يناير
- يسقط مبارك
- نظرية المعرفة عند كانط باعتبارها فلسفة في المنطق (2)
- نظرية المعرفة عند كانط باعتبارها فلسفة في المنطق (1)
- الفلسفة الحديثة: عوامل نشأتها وخصائصها العامة
- إشكالية قدم العالم وحدوثه بين ابن رشد وكانط
- كانط ومبدأ العلة الكافية
- الفلسفة وأيديولوجيا الإعلام: إسهام الفكر المعاصر في دراسة وس ...
- الحذاء الفييتنامي: العمل اليدوي في عصر العولمة
- الفكر الاقتصادي لثورشتاين فبلن
- نقد فوكو للنظرية الليبرالية في السلطة


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أشرف حسن منصور - الحرب الطبقية في مصر