أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بوبكر الفلالي - أبو حيان التوحيدي سيرة فيلسوف2















المزيد.....



أبو حيان التوحيدي سيرة فيلسوف2


بوبكر الفلالي

الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 23:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



يقول: ولست أدعي على ابن عباد ما لا شاهد لي فيه و لا ناصر لي عليه و لا أذكر ابن العميد بما لا بينة لي معه و لا برهان لدعاوى عنده و كما أتوخى الحق عن غيرهما أن اعترض حديثه في فصل أو نقص كذلك أعاملهما به فيما عرفا بين أهل العصر باستعماله و شهرا فيهم بالتحلي به لأن غايتي أن أقول ما أحطت به خبرا و حفظته سماعا (1).
ولسنا ندري إلى أي حد التزم التوحيدي بالنزاهة و لكن الذي ندركه حقيقة أنه أفرط في ذم الوزيرين تبعا للصد و الهجر و البعاد الذي لاقاه منهما فأصبح نظام الأشياء يفعم قلب التوحيدي بالقلق و الأسى، لقد طور التوحيدي قلقه و حنقه و حقده على الوزيرين إلى أسى فلسفي غدا فيه قلقه قلقا وجوديا حيث أصبح كائنا مهجورا قذف به إلى هذا العالم على غير إرادته و دون رغبة منه ومن ثم بات الشعور بالهجر لديه علما على ضياعه و عدم قدرته على التكيف مع العالم أو الاستقرار فيه فأصبح التوحيدي موجودا مغتربا بلا موقع أو موضع في صميم العالم ( و طبعا قصر الوزير صورة مصغرة عن العالم).
إن قلق التوحيدي يبدو ماديا للوهلة الأولى و لكنه سرعان ما يتحول إلى قلق وجودي متخذا تعابير دينية و فلسفية تخفي ورائها أسا و بؤسا و شقاءا يستشعره التوحيدي في كل زوايا الوجود، إن القلق الذي بات يستشعره التوحيدي بفقدانه الصلة بوزراء عصره تضخمت لديه فبات فقدان الصلة هذا يعني فقدان أي دعامة يستند إليها و بالتالي فقدان ملامح وجود مقبل و فقدان كل القوى العلوية التي قد تعين على التحكم في مصير مأساوي (2).
لقد سلك التوحيدي نفس مسلك مفكري عصره في الاقتراب من السلطة و هو عالم أديب واسع الدراية و ملم بثقافة عصره على تعدد ألوانها و ذو مواهب ثقوف الكثير من مفكري عصره فكان يرى نفسه أغرز منهم علما و أخصب أدبا و انصع بيانا و لكنه لم ينل حظه من عصره مثلهم فمال على رميهم من قوسه فابن العميد برأي التوحيدي بخيل، ماجن، صاحب لهو، و صيد، حسود، حقود، ظالم (3).
والصاحب صاحب مخرقة ورقاعة و سخف و قلة دين و مجون و من الواضح أن التوحيدي قد أظهر عداء منقطع النظير للوزراء و يعود السبب في ذلك إلى التكوين النفسي لشخصية التوحيدي و نظرته للزمان على أنه زمن تدمع له العين حزنا و أسى و يتقطع عليه القلب غيطا وجوى و ضنى و شجى مما و لد في نفس التوحيدي شعورا بالغربة و الضياع فبات الموت ماثلا أمام عيني التوحيدي لا يفارقه يطارده أينما حل مما يمكن دعوته مع هيدجر بالوجود من أجل الموت (4).
و كتاب أخلاق الوزيرين صرخة مدوية ضد الظلم و العسف: ابتليت به و ابتلي بي، رماني عن قوسه مغرقا فأغرقت ما كان عندي على رأسه مغيظا و حرمني فازدريته و حقرني فأخزيته و خصني بالخيبة التي تالتفي فخصصته بالغيبة التي أحرقته و البادي أظلم و المنتصف أعذر ولئن لم يرني أهل لنائله و بره إني لا أراه أهل لقول الحق فيه و بث ما كان يشتمل عليه من مخازيه و تابع المكروه من جهته و تعقبني بالشر و متى وجد غرة اهتبلها و لما رأى فرصة انتهزها و لم يرضى حتى حسر عن الذراع يدا فكشف القناع و جرد العداوة و أظهر التسلط و التغلب ففاضت النفس بعد امتلائها (5).
و صرخة أكبر ضد الحرمان: و لما نالني هذا الحرمان الذي فصدني به و أحفظني عليه وجعلني من بين جميع غايشته ورده فردا... أخذت أتلافى ذلك بصدق القول عنه في سوء الثناء عليه و البادي أظلم، و للامور أسباب (6).
أما كتاب الإمتاع و المؤانسة (7) فيرغم أن التوحيدي يبدو فيه أكثر هدوءا و رضا من كتاب أخلاق الوزيرين إلا أن المتصفح لكتاب سرعان ما يكشف عن حسن نقدي ثاو بين تضاعيفه و لياليه نقد للفقر: خلصني أيها الرجل من الفقر من أنقذني من لبس الفقر أطلقني من قيد الضر اشترني بالإحسان اعتبدني بالشكر (...) نقد للاستبداد: قلت يؤدن لي في كاف المخاطبة و تاء المواجهة و نقد لطرق التفكير لدى أساتذته و زملائه و إخوانه مما تطفح به الليلة الثانية و نقد لطرق السياسة و نظام الحكم: سمعت أشياء و لست أحب أن أسم نفسي بنقل الحديث و إعادة الأحوال فأكون غامزا و ساعيا مفسدا قال معاذ الله إنما تدل على رشد و خير: و هذا يلزم من آثر الصلاح الخاص والعام لنفسه و للناس و اعتقد الشفقة و حث على قبول النصيحة (...).
فقلت وجدت ابن برمويه يذكر أشياء متعلقة بجانبك و يرى أنها لو لم تكن لكان مجلسك أشرف و دولتك أعز و أيامك أدوم ووليك أحمد وعدوك أكمد (...).
نقد للتعصب و بيان خصال و أخلاق كل أمة من الأمم بعيدا عن الغلو و يبدو التوحيدي في هذا الموقف فيلسوف شديد الحذر و الروية لا يجازف بالأحكام: ثم إن هذه الفضائل المذكورة في هذه الأمم المشهورة لبست لكل واحد من أفرادها بل هي الشائعة بينها ثم في جملتها من هو عار من جميعها.
و موسوم بأضدادها يعني أنه لا تخلو الفرس من جاهل بالسياسة خال من الأدب داخل في الرعاع و الهمج و كذلك لا تخلو العرب من جبان جاهل طياش (...)
نقد فلسفي ( مناظرة السيرافي/متى) و لعله كما سبق أن ذكرنا نقد مزدوج نقد للمواقف التقليدية المنعلقة بالأصيل ضد الدخيل و نقد لهجمة الدخيل الكبيرة التي لم تتوفر لها الوسائل كما تتعايش مع الأصيل فراغت محاصرته و القضاء عليه (8).
نقد للمواقف الباطنية (إخوان الصفا) وبيان ضعف نسقها الفكري و رؤيتها الفلسفية مادامت مجموعة متناثرة من الأفكار لا ينظمها منهج محدد و رؤية واضحة: و ضعوا مذهبا زعموا أنهم قربوا به الطريق إلى الفوز برضوان الله و المصير إلى جنته و ذلك أنهم قالوا الشربعة قد دنست بالجاهلات و اختلطت بالضلالات و لا سبيل إلى غسلها و تطهيرها إلا بالفلسفة و ذلك لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية و المصلحة الاجتهادية.،وزعموا أنه ما انتظمت الفلسفة اليونانية و الشريعة العربية فقد حصل الكمال (...) و يميل التوحيدي على هذا الكلام بالنقد فيقول و هي مبثوثة من كل فن نتفا بلا أشباع و لا كفاية و فيها خرافات و كنايات و تلفيقات و تلزيقات و قد غرف الصواب فيها لغلبة الخطأ عليها. ناهيك عن نقد أستاذه السجستاني لها.
نقد علم الكلام و بيان الأباطيل التي اشتمل عليها و اشتملت عليها كتب المتكلمين و فضح سوء عقيدة المتكلمين و قبح طويتهم.
يقول عن الباقلاني: يزعم أنه ينصر السن و يفحم المعيزلة و ينشر الرواية و هو لي أضعاف ذلك على مذهب الحرمية و طرائف الملحدة(9) فقد كان يذهب إلى أن الدين قائم على القبول و التسليم و المبالغة و التعظيم وليس فيه لم وكيف ألا يقدر ما يؤكد أصله و يشد أزره و ينفي عارض السوء فيه وما تجاوز ذلك فهو في رأيه مما يوهن الأصل بالشك و يقدح في الفرع بالتهمة (10).
و نقد للعامة و لسلوكها و قلة شأنها و تهافت رأيها: التصدي للعامة خلوقة و طلب الرفعة بينهم ضعة و التشبه بهم نقيصة و ما تعرض لهم أحد إلا أعطاهم من نفسه وعلمه و عقله و لوثته و نفاقه و ريائه أكثر مما يأخذ منهم من أجلالهم و قبولهم و عطائهم و بذلهم.
فكتاب الإمتاع و المؤانسة كما هو الشأن في بقية كتب التوحيدي يحتوي على نقد اجتماعي لاذع يصل إلى حد الشتم (موقفه من ابن عباد)، ثم إن جل الآراء النقدية التي وردت في كتاب الإمتاع و معظم القضايا التي طرحها أبو حيان قد نسبها إلى آخرين حتى إن التوحيدي لم يعط رأيه في كثير من الأحيان (11) هل نقول إنها طريقته في الكتابة? أم نقول مع بعض الباحثين أن رأي التوحيدي النقدي (إثبات آراء الآخرين بلا تمحيص أو نقد) لم يكن يتميزا بل كان صدى و تابعا لأراء الآخرين، لن يجزم في ذلك برأي و لكننا نشير إلى أن كتب التوحيدي و خاصة الإمتاع كتبت بأسلوب واحد و طريقة واحدة و منهج واضح حتى وإن كان التوحيدي راويا لكلام غيره مما يعزز القول بأن الآراء التي يسردها على آلسنة الآخرين إنما هي آراءه و أنه لما أحسه فيها من تحامل فقد نسبها إلى غيره و الدليل رسالة السقيفة إلى نسبها إلى أستاذه المرورذي.
يقول أحمد أمين عن الكتاب: ولعل أقوم كتبه و أنفعها و أمتعها كتابه الذي نحن بصدده (الإمتاع و المؤانسة) (12) و يروي أحمد أمين قصة تأليف الكتاب و هو كما يذكر القضطي: كتاب ممتع على الحقيقة لمن له مشاركة في فنون العلم فإنه خاض كل بحر و غاص كل لجة فقد ابتدأ أبو حيان كتابه صوفيا و توسطه محدثا و ختمه سائلا ملحفا (13).
لقد مدح التوحيدي في الكتاب و أطرى و بكى و اشتكى و هدد و أوعد فما نفعه مدحة و لا ذمه و لا إطراؤه و لا هجاؤه(14).
و أيا كان فالكتاب ممتع مؤنس كاسمه يلقى نورا على العراق في القرن الرابع أعني في العصر البويهي و هو عصر مغيش بالظلوم فيتعرض لكثير من الشؤون الاجتماعية في ثنايا حديثه منتقدا ساخطا فيصف الأمراء و الوزراء و مجالسهم و محاسنهم و مساويهم و يصف العلماء و يحلل شخصياتهم و ما كان يدور في مجالسهم من حديث و جدال و خصومة و شراب و يصف النزاع بين المناطقة و النحويين كما يعرض للحياة الشعبية (15) إلى غير ذلك من الأغراض التي يبدي التوحيدي فيها رأيه يتخذ منها مواقف تتراوح بين اللين والشدة.
ويمكن القول إن كتاب المقاسات هو كتاب التوحيدي النقدي الفلسفي بامتياز فله امتياز تأملي يتعدى طبيعة الأفكار المطروحة في كتبه الأخرى فهو ليس كتاب ملح و نوادر و حكايات بل هو كتاب فلسفة قصد فيه التوحيدي الفلسفة قصدا واضحا لا سبيل إلى إنكاره (16) يرى مرجليون أن الكتاب ثبت للمجادلات الفلسفية التي يقول أبو حيان أنه استمعها بنفسه (17)، و قد حمل الأستاذ عبد الامير الأعسم حملة كبيرة على الكتاب منتقصا من قيمته النقدية و الفلسفية يقول: ومن هنا يمكننا أن نفسر قول مايرهوف" وليست لهذه المحاورات التي كتب المؤلف (=التوحيدي) بعضها من عنده قيمة كبيرة فهي موضوعة في قالب أدبي و الملح تسودها إلى جانب التلاعب بالألفاظ (18)، منتقدا أولئك الذين حاولوا الرد على مايرهوف محي الدين و إبراهيم زكرياء قائلا: و كأنهما أرادا أن يجعلا من التوحيدي فيلسوفا حقا و أن أفكار المقابسات تنتمي إليه جملة دون سواه، معتمدا على ما قاله التوحيدي نفسه في مقدمة كتاب المقابسات من أنه قد تدخل في صياغة عدد كبير من تلك المقابسات مما يعني أنها ليست له بالأصالة فما هو إلا حاك وراو يقاس عمله ليس من خلال إبداعية الأفكار و قوتها لأنها ليست له و إنما يقاس بناءا على الانضباط اللغوي و الروابط المنطقية و التقديم و التأخير أما الأفكار فهي لتلك الثلة من المفكرين و على رأسهم السجستاني ولم نكن نشك في أن التهافت قد يذهب بالأعسم إلى نسبة الكتاب إلى السجستاني الذي ما عرفنا له إلا كتابا و واحدا و حتى هذا الكتاب مشكوك في نسبته إليه (19).
و من ثمة فليس للتوحيدي في الكتاب من دور إلا الحكاية و إعادة الترتيب و الصباغة الجميلة، و يبدو الأعسم كثير الارتباك في تقديره للكتاب بعرضه للكثير من الأقوال دون محاولة الحسم فيها و بالتالي الوصول إلى خلاصة معينة، يدكر كثير من الاحتمالات، ويميل إلى أنه لا يمكن دراسة التوحيدي بنفس الطريقة التي يدرس بها الفلاسفة الكبار أمثال الفارابي و ابن سينا( 20).
مما يمكن، القول معه بأن بحث الأعسم يتدرج في تلك الدراسات الأفقية فلم يبحث إلا الأمور الشكلية في الكتاب ( تركيب الكتاب السماع، المحاورة، الأمالي) إضافة إلى ضمور المنهج التحليلي في الكتاب أما التحليل الموضوعي للأفكار الفلسفية في الكتاب و هو التحليل المعول عليه في بابه فكان تحليلا عاما موجزا و لم يأخذ إلا أربع عشر صفحة 298-282 (21).
ومن ثمة فالتفكير النقدي في الكتاب يتعدى الحديث المباشر إلى حوار شامل في أحوال متنوعة ينتظمها خط فلسفي موحد لبواعثها راصد لتشبعاتها جامع لمخرجاتها و عند الاقتراب من فلسفة التوحيدي في كتاب المقاسات لابد من استحضار أمور ثلاثة مهمة:
1- أن أبا حيان يبدو لنا في الظاهر ناقلا عن شيوخ عدة و على رأسهم أستاذه السجستاني لكن هذا النقل لم يكن على الحقيقة نقلا محايدا و إنما هو إعادة صياغة المفاهيم على قدر الإيمان بها و الوعي العميق بأسرارها و التبني الكامل لأبعادها و مراميها و هذا كاف لأن تكون هذه الأفكار أفكار التوحيدي نفسه و قد تكون تعريفاته الخاصة حول مضامين الكتاب و مصطلحاته ص 245-257 دليلا مقنعا على أنه يكتب بوعيه و فهمه و يعبر عن فلسفته كما بلورها هو نفسه.
2- أن أبا حيان حدد هدفه منة الكتاب فجعله لفائدة الإنسان و خيره قال: فكما أحوج الإنسان... إلى يقظة بها يكيس في معاشه و منها يقتبس لمعاده فباب الخير مفتوح و داعي الرشاد ملح و خاطر الحزم معترض ووصايا الأولين و الآخرين قائمة و مزاجرهم موجودة و أعلم أن الغرض كله من هذا الكتاب في جميع ما يثبت عن هؤلاء الشيوخ إنما هو إيقاظ النفس و تأييد العقل و إصلاح السيرة و اعتياد الحسنة و مجانبة السيئة ص 79-80.
3- أن من يتعرض لفلسفة أبي حيان النقدية في المقابسات عليه أن يدرك شمولية هذه الفلسفة التوحيدية من جهة و أن يردها إلى أساسيات القوى الداخلية للأنسان من جهة ثانية،إن فلسفة أبي حيان مبنية على أساس شمولي تداخلي يري في الحركة و الفاعلية و التركيب الأساس هنا وهناك (22).
أنهى أبو حيان تجاربه و مسامراته مع الوزراء و الكبراء بتأليف أخلاق الوزيرين و الإمتاع و المؤانسة و مع المفكرين و الفلاسفة بكتاب التوحيدي"المقابسات" و سبق أن أشرنا إلى أنها لحظة نقدية لمعت فيها أسلحته النقدية و توسعت فيها آفاق نظرته سخط فيها كثيرا و قليلا ما رضي فعاب الزمان و عاب أهله و لكن ما عرف به في هذه اللحظة بشكل عام ذكاؤه الحاد و ثقافته الموسوعية و تجربته العريضة في الحياة (23) ومما أخصب هذه اللحظة عمق دراسته و اتصاله الكبير و المتعدد مع أساتذته عصره و ما يهمنا نحن جدته و عبقريته في تلقي و استلهام و استثمار الفكر النقدي الفلسفي و هو ما عبر عنه في كتابه المقابسات فقد كان تلميذا حائرا كثير الأسئلة عميقا أصيل النظرة متفتحا متحررا و قد عبر عن عمقه و حذقه الفلسفي في كتاب "الهوامل و الشوامل" كما عبر عن أستاذيته حيث انقادت له أعنة المصطلحات و الأقيسة في كتاب المقابسات، إضافة إلى كونه من جهة أخرى فيلسوفا نفسانيا يتمتع بعين بصيرة نفاذة و روح نقدية ممتازة فهو يفطن إلى عيوب الناس الخفية و يدرك حقيقة بواعثهم ولعل هذا هو السبب في أننا كثيرا ما نراه يغوص في طوايا النفس البشرية لكي يكشف على الملأ نقائصها و عيوبها و شتى مظاهر ضعفها (24) و قد انتهى به التركيز على نقائص الناس و معايبهم إلى أن أدان الإنسان فقال: الإنسان بشر بنيته منها فته و طينته منتثره و له عادة طالبة و حاجة هاتكة و نفس جموح و عين طموح و عقل طفيف و رأي ضعيف (25).
وإذا ما حاولنا الحكم على مدى تكامل شخصية أبي حيان لكان في وسعنا أن نقول أن الكثير من مظاهر سلوكه كان ينطوي على أمارات الإنحراف و التفكك و التمزق الداخلي و إذا كان المقصود بالتكامل هو التوافق و الإتزان فقد يكون في وسعنا أن نقول إن أبا حيان الذي عانى في حياته أقسى ضروب التمزق و الصراع لم يستطع أن يجمع في شخصيته كافة شروط الصحة العقلية و التوازن النفسي (26).
مما حذا به إلى إعلانها حربا على كل مظاهر الزيف و مواطن الخداع فقال لا صديق و لا من يشبه الصديق و أنكر على أرسطو كثيرا من عباراته الصديق أنت لكنه بالشخص غيرك و ربما كان كتاب الصداقة و الصديق قناة النار كتبه التوحيدي ليتطهر من خلاله كل من يريد الإنتقال من الواقعية (النقد، الجدال) إلى المثالية (27)، ماذا أقول بل ليتطهر هو نفسه من خلاله و يندفع نحو السكون الذي كثيرا ما بحث عنه فلم يجده، إن كتاب الصداقة و الصديق معبر أراد من خلاله التوحيدي أن يمر من المقابسات إلى الإشارات و من الإنسان إلى الله من الفلسفة إلى التصوف، من الجدال إلى التقوى من الإمتاع إلى الفناء.
فأبو حيان الذي خاض غمار الحياة فذاق مرارتها و عانى من أهلها الكثير و ذاق منهم الويلات و المتاعب مما جعله يائسا مكتئبا ضجرا بالحياة معتزلا لمن فيها بعد أن كان متفائلا محبا للناس راغبا في الإتصال بهم لم يكن ليرتاح و يتخلص من غربته و من كلمات مثل: أمسيت غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، متأنسا بالوحشة قانعا بالوحدة معتادا للصمت ملازما للحيرة متحملا للادى يائسا من جميع من أرى (28)، لو لم يكتب الصداقة والصديق الذي هو بمثابة المهاد أو المقدمة أو الجسر نحو الإشارات الإلهية الكتاب الذي دخله ساخطا، حائرا، شاكا و توسطه صوفيا و ختمه مغتربا (29).
و لما كانت الصداقة مشوبه بالجسد، مكدرة بالحقد مهددة دائما بالخيانة و كانت صدور الناس مليئة بالحقد و الحسد و الأنانية و كانت لحظات الصفو قليلة: لقد صحبت الناس أربعين سنة فما رأينهم غفروا لي ذنبا و لا ستروا لي عيبا و لا حفظوا لي غيبا و لا قالوا لي عثرة و لا رحموا لي عبرة و لا قبلوا مني معذرة و لا فكوني من أسر و لا جبروا لي من كسر و لا بذلوا لي من نصر، فقد عاج التوحيدي على مفهوم الصداقة و يحلله و يفسره خاصة و هو الأديب الذي عرف الفقر و الحرمان و الخيبة و التشرد و التزلف و النفاق و الذي عرف بدقة الملاحظة، وعمق النظرة وقرة التجربة فلا شك أن كلامه عن الصداقة سيكون حديث من خبر النفس الإنسانية و ما تنطوي عليه من خير و شر و لؤم و كرم و نقص وزيادة وورع و انسلاخ و رزانة و سخف و كيس و بله و شجاعة و جبن ووفاء و غدر و سياسة و إهمال و استعفاف و نطف ودهاء و غفلة و رشاد و غي و خطأ و صواب و حلم و سفه و خلاعة و تماسك و حياء وقحة و رحمة و قسوة (30).
وليس من شك في أن التوحيدي لم يكتب الصداقة و الصديق إلا بعد أن شعر بالسأم من الناس ومن الحياة و بعد أن امتلأ صدره بأحاسيس الملل و الضيق و الضجر و امتلكه شعور بهزال و هشاشة خيوط الصداقة و الألفة والعشرة فطفق يسأل عن سر صداقة البعض و كان أول من سأل أستاذه السجستاني: إني أرى بينك و بين أبن صيار القاضي ممازحة نفسية و صداقة عقلية و مساعدة طبيعية و مواثة خلقية فمن أين هذا؟ و كيف هو؟ (31)و الحري بالانتباه إليه هو أسئلة التوحيدي التي تشي بعدم إيمانه بالصداقة و قلة ثقته فيها و عدم حرصه عليها حتى قال: و قبل كل شيء ينبغي أن نتق بأنه لا صديق و و لا من يتشبه بالصديق (32) فالصداقة مرفوضة و الحفاظ معدوم و الوفاء اسم لا حقيقة له و الرعاية موقوفة على البذل و الكرم قد مات و استرسال الكلام في هذا النمط شفاء الصدر و تخفيف من البرحاء انجياب للحرقة و إطراد للعيظ و برد للغليل و تعليل للنفس (33) و لعلها مقدمات ضرورية حتى يكشف التوحيدي على مفهومه للصداقة و المحبة : فالصديق هو الله و المحبوب هو الله: إلهنا قدنا بزمام طاعتك إلى كريم حضرتك و اعصمنا من كيد كل كائد لنا من أجلك و مح أسماءنا من ديوان غيرك و اكتبنا في المنيبين إليك الذاكرين لك المفتخرين بك المبتهجين بقربك المغمورين بعطائك المذكورين بحضرتك المتوجين بتاج صفوتك، المخصوصين بالإطلاع على أسرارك و إعلانك المطمئنين على بساط خيرك و عيانك (34) و الشعور بالسأم من الأصدقاء و من مخالطتهم و معاشرتهم مقدمة نحو البحث عن صداقة و محبة و قرب من نوع أسمى و ذلك ما عبر عنه التوحيدي في الإشارات: فالصداقة التي تدور بين الرغبة و الرهبة شديدة الإستحالة و صاحبها من صاحبه في غرور و الزلة فيها غير مأمونة و كسرها غير مجبور (35) لا يعني هذا أن القرب من الله لا يدور بين الرغبة و الرهبة و لكنها رغبة و رهبة ممن كرمه فائض و رحمته واسعة من حافظ الأسرار و مسبل الأستار وواهب الأعمار ومنشئ الأخبار و مولج الليل في النهار و مصافي الأخيار و مداري الأشرار و منقد الأبرار من النار و العار (36).
إن كتاب الصداقة و الصديق كتاب السأم (37) الأول و معلوم أن السأم كثيرا ما تصحبه ظروف و ملابسات يظنها الإنسان علته و هي لا يمكن أن تكون العلة الحقيقية لتفسيره و إنما هي مجرد عوامل مساعدة أو ظروف ملائمة لنمو الشعور بالملل في هذه البيئة أو تلك.
و الحديث عن سأم التوحيدي من الكثير من علاقاته الإجتماعية و تجاربه التي كثيرا ما مني فيها بالإحباط و الإخفاق لا يفسر إلا على ضوء كتاب الصداقة و الصديق فالكتاب محاكمة نقدية صارمة لجملة علاقاته ( خاصة إذا ما تذكرنا أنه كتب في مراحل متباعدة من عمره ) الاجتماعية بعد أن حاكم علاقاته الفكرية الفلسفية في المقابسات.
و ربما كان الكتاب انتحار علاقات التوحيدي الاجتماعية و الانسانية على اعتاب الإشارات الإلهية فسالت الكثير من الدماء على الإشارات مما علاوة على الصداقة فلو نتهما بلون الدم و السواد و أضفت عليهما كآبة و حزن عميقين أصبحا أكبر عناوين غربة التوحيدي.
اجل إن كتاب الصداقة بقدر ما يعبر عن سأم التوحيدي من الحياة و من العلاقات الإجتماعية يعبر بدرجة أولى عن سأمه من زمنه النفسي الخصب و ليس سأم التوحيدي مثل سأم باسكال إذا كان باسكال يسأم من السكون و الهدوء: إذ إن السكون لديه ليس سوى موتا تاما و بالتالي فإن ما يشق على الإنسان في نظر باسكال ليس التغير و الحركة و إنما هو حالة السكون التام دون أدنى هوى أو انفعال و بغير اهتمام أو أنشغال ومن دون ملهاة أو تسلية و بلا عمل يعمله أو جهد يقوم به و هو لو بقي كذلك لاستشعر بكل حدة عدمه أولا وجوده و عجزه و قصوره و نقصه أو عدم اكتفائه و عوزه و افتقاره و فراغه أو خوائه....إلخ أي أنه لو استرسل في تلك الراحة لوجد نفسه مضطرا بعد حين إلى اجترار مشاعر السأم والسوداوية و الحزن و الشقاء و اليأس(38)...إلخ ، ليس سأم التوحيدي على هاته الشاكلة فسام التوحيدي مرده إلى فشله في بناء علاقات اجتماعية سوية، كثرت حركته بلا جدوى وجد في طلب العيش و لكنه باء بالخسران و انتهى إلى اإستجداء و التكفف فالتوحيدي شخصية منطوية و لكن انطوائها جاء بعد فشلها إذا كانت من سمات المنطوي: غلبة العوامل الذاتية على العوامل الموضوعية و خضوع السلوك لمجموعة من المبادئ المطلقة و القوانين الصارمة دون مراعاة ما تقتضيه الظروف من مرونة في التصرف ثم افتقار المنطوي القدرة على التكيف السريع و تحقيق التوافق بينه و بين البيئة الاجتماعية و اسرافه في ملاحقة حالته الصحية و معالجة أمراضه إضافة إلى نكوصه كسبيل لتحقيق عملية التوافق و لجوءه إلى عالم الخيال و الوهم علاوة على الوسواس الذي كثيرا ما يصيب المنطوي (39) يقول التوحيدي عن علاقته بابن عباد: فإني فارقته بعد ما جرعنيه من مرارة الخيبة بعد الأمل و حملني عليه من الإخفاق بعد الطمع مع الخدمة الطويلة و الوعد المتصل و الظن الحسن كأني خصصت بخاسته وحدي أو أوجب أن أعامل به دون غيري (40) فانطواء التوحيدي، جاء نتيجة خوضه لتجارب و معارك و علاقات حصد من خلالها الفشل المرارة فعاد إلى ذاته.
مكتنها باحثا عن الراحة والسكينة و مفتشا عن الهدوء في رحاب الصوفية بدل صخب دنيا الناس و حياة الناس فليس سأم التوحيدي إذا مثل سأم باسكال إذا كانت تجربة باسكال الروحية خلقت في نفسه و بدرت سكونا وهدوءا وفراغا شبيها بالموت و بالتالي تمنى لو يتخلص منه بالرجوع و الغوص في الحياة مرة ثاني فإن تجربة التوحيدي الاجتماعية بذرت في نفسه تطلعا نحو الهدوء و السكون فكان أن كتب الصداقة و الصديق.
ليتخلص من خلاله من كافة العلاقات الاجتماعية (لا صديق و لا من يشبه الصديق) (...) استعدادا لخوض مغامرة من طراز آخر تلك هي مغامرة التصوف حيث لا شقاء و لا محن و لا جوع و لا خوف و إنما هو الرجاء و الاعتراف ومن ثمة الخلاص و قد ردد التوحيدي بعضا من كلمات المسيح في هذا المعنى، ولعل سأم التوحيدي أشبه بسأم شوبنهور الذي ربط بين السأم و الديموية أو الزمان الحي حيث راح يقول: إن الزمان ليضغط علينا باستمرار دون أن يترك لنا الفرصة حتى لكي نلتقط أنفاسنا و كأنه السيد الصارم القاسي الذي يلاحقنا بسوطه الغاشم الناري لكي يلهب ظهورنا بضرباته الأليمة المتتابعة و إما حين يرفع الزمان يده عن ظهورنا المكلومة الدامية فما ذلك إلا لكي يسلمنا إلى شقاء السأم (41) خاصة و الحياة البشرية كثيرا ما تدفع الإنسان إلى البحث عن الإشباع وبلوغ الاستمتاع و حيثما حقق انسان إشباعه حتى يجد نفسه نهبا للإحساس الأليم بالخواء و السأم، فالحياة أشبه ما تكون بالبندول الذي لا يكف عن الذبذبة و الحركة منتقلا باستمرار من حالة الألم إلى حالة السأم.
وقد أحال الإنسان كل الألام و المآسي و شتى ضروب العذاب إلى الجحيم فلم يبق أمامه من شيء يضعه في الفردوس سوى السأم و إذا كان من شأن الرغبات الحادة الأليمة المتحققة المشبعة أن تولد لدينا إحساسا إليها بالسأم الممض و الملل القاتل (42).
و من هنا ندرك حقيقة سأم التوحيدي لا يعني هذا أن ما قاله شوبنهور عن السأم يصدق بالضرورة على التوحيدي فما أبعد الثقة بين مسلم عاش الإسلام فكرا و سلوكا و صيغت نفسيته بصيغة إسلامية روحانية و بين فيلسوف مسيحي متشائم تأثر بالفلسفة الأفلاطونية ممزوجة بتصورات هندية عنوصية (43) فشوبنهور فيلسوف اكتشف أن الوجود في جوهره شر و التوحيدي مفكر لحظ الكثير من الشرور في صميم الوجود فأخبر عنها و الإنسان بنظر شوبنهور يسعى طوال محياه محتملا أشد صنوف العذاب و الألام محفوفا بالمتاعب باذه كل ما في وسعه من طاقة و كل ما يحصله من هذا العناء كله فعل و في كل آن ألا يؤذن هذا كله بأن السعادة الدنيونة و هم يجب الإعتراف به و بأن الحياة بطبعها شر و بأن جوهر هذا الوجود هو الشقاء؟ أجل (44) هذا ما حققه التوحيدي فكتب الصداقة و الصديق ليتخلص من هموم الدنيا و كتب الإشارات ليخوض غمار الآخرة فماذا وجد.?
من الصداقة و الصديق إلى الإشارات الإلهية.
بإنتقال التوحيدي من اللحظة النقدية الفلسفية (أخلاق الوزيرين ، الإمتاع و المؤانسة، المقابسات) نحو المرحلة الصوفية الإيمانية (الإشارات الإلهية) عبر قناة النار (الصداقة والصديق) يكون قد انتقل من الواقعية إلى المثالية من المحنة و العذاب و الشقاء إلى السكون والإطمئنان عالم النقد و الجدل و الرفض إلى الإستسلام و القنوط من الفلسفة إلى التصوف لايشك أحد أنها نقلة طبيعية و لعلها تكون ممهدة لتحول الكثير من المفكرين بعده الغزالي في المنقد من الضلال ابن خلدون، السهروردي مما حذا ببعض الباحثين إلى القول: إن قراءة الغزالي سواء على مستوى الفهم و التأويل أو على مستوى التفكيك و إعادة البناء تتطلب قراءة مماثلة سابقة لمختلف منازع الفكر العربي الإسلامي و تياراته، كما أن الكتابة عنه سواء إنطلاقا منه أو أنتهاءا إليه تتطلب هي الأخرى كتابة مماثلة سابقة تنطلق من الغزالي صوب نقطة من نقط البداية المسجلةى قبله(45) (ولتكن تلك النقطة هي التوحيدي فما أكثر التشابه بين مسلكيهما الفكريين لا الحيايين فقد عاش الغزالي حياة ناعمة بينما عاش التوحيدي حياة حرمان و بؤس) فعلا إن فكر الغزالي يفسر ما قبله و ما بعده و مكونات فكره كان لها دوران دور ينتهي عند الغزالي ودور يبتدئ معه، و ما يهمنا نحن الدور الذي ينتهي عنده لأننا واجدون التوحيدي ماثلا.
إن كتاب الإشارات الإلهية جاء نتيجة إيمان التوحيدي بقسوة الحياة و كثرة معاطبها فقد قال التوحيدي لما أراد أن يفسر أسباب حرقة كتبه بأنه جمع أكثرها للناس و لطلب المثالة منهم و لعقد الرياسة بينهم و لمد الجاه عندهم (46) ولكنه حرم ذلك كله فأحرقها و هذا يدل على رغبة التوحيدي في الإنتعاش المادي و نيل الجاه المعنوي بين الناس عن طريق كتبه إلا أنه حرم ذلك كله يقول: اعطني أجرتي على سعيي أشكرني على سهري لك، أمن الفتوة أن تراني أتعب لك فلا ترحمني الإشارات ص 360 (47)، و بالتالي فليس من المستبعد أن يكون قد كتب الإشارات الإلهية هو الآخر تحت ظل الحافر.
المادي (48) و تزخر الإشارات (الرسائل) بالنصائح إلى مخاطب كثيرا ما تتغير لهجة خطاب التوحيدي تجاهه (و لكن كثير ما يخاطبه بيا هذا) لحمله على ترك الدنيا و الأعراض عما فيها من شهوات و رغبات و الآخذ بالفضائل التي يحث عليها الدين و يتطلبها الخلق القويم و التوجه إلى الله في كل حين و تأمل ما أنعم الله به عليه.
حتى ينال الرضى الإلهي فبسعد في الدنيا و الآخرة (49) و ليس غريبا أن يكون هذا المخاطب هو التوحيدي نفسه يقول بدوي: و أغلب الظن أن هذا المخاطب الذي يتجه إليه ما هو إلا نفسه إذ كثيرا ما يتحدث عن بينك وبينك (ص113) و بيني و بيني (ص134) و معنى هذا أنه يقول بازدواج في نفسه (50) (...) و لا يكتفي بدوي بذلك بل لا يعتبر كلمة إلهي التي يكثر منها التوحيدي سوى عادة لغوية فيكون العلو الذي يتجه إليه في هذه المناجيات أو الصلوات ما هو إلا نفسه حيث انقسمت ذات التوحيدي على نفسها إلى متحاورين يتضرع أحدهما إلى الآخر و يبتهل استمتاعا بالحالتين العاطفيتين اللتين يلبسهما، وقد يدخل في ذلك استلهام الرواسب عاطفية دينية تصرخ في الأعماق المستورة أو تدق أجراسها الداعية إلى إقامة الفروض الدينية لكن لا ثم مجيب (51) هل نقول إن بدوي قرأ تصوف التوحيدي على ضوء التصورات الباطنية السابقة عليه و خاصة الحلاج الذي قال أنا الحق و يصدق بالتالي إتهام ابن الجوزي للتوحيدي بأنه أخطر على الإسلام لأنه مجمج ولم يصرح ذلك ما تشي به عبارات بدوي.
و إذا كان ذلك كذلك ألم تكن تجربة التوحيدي بصيغة أخرى حوارا ذاتيا للتوحيدي مع نفسه الباطنة يصعب معه فرز المخاطب من المخاطب في بعض لحظات الش=تشظي الذاتي لما يقول: حبيبي أما ترى ضيعتي في تحفظي؟ أما ترى رقدتي في تيقظي؟ أما ترى أتفرقي في تجمعي؟ أما ترى غعصتي في اساغتي؟ أما ترى ضلالي في اهتدائي؟ أما ترى رشدي في غييي؟ أما ترى غيبتي في حضوري؟ أما ترى كموني في ظهوري (4)
في إطار إجابته عن هل كان التوحيدي صوفيا زاهدا يرى الأستاذ يوسف زيدان (52) أن يصعب أن ينطبق على التوحيدي مفهوم معين من مفاهيم الزهد أو التصوف فلم يكن التوحيدي زاهدا بنظر هذا الباحث بل كانت حياته وقوفا متتاليا على أبواب الوزراء و الكبراء و ينتقد الباحث قول أحمد أمين الذي صدر به لحقيقة لكتاب البصائر و الدخائر: إن أبا حيان يظهر أنه كان مكبوت الغريزة الجنسية و ذلك بحكم فقره و تقشفه الجبري فلم نسمع مثلا في تاريخ حياته أنه تزوج أو رزق أولادا و لو كان لتحدث عنهم كثيرا لأن سره دائما مكشوف ثم كان فقره الفظيع يحول بينه وبين التسري كما كان حال الأغنياء في زمنه (53) بدليل الكثير من المعطيات الميتوتة في كتب التوحيدي المنشورة من طرف أحمد أمين نفسه و التي تذهب إلى أن أبا حيان لم يكن فقيرا معدما و لم يكن مكبوت الغريزة الجنسية و ما تلك إلا تخرصات من أحمد أمين * و ما أكثر تخرصاته
و يقطع يوسف زيدان بأن التوحيدي لم يكن صوفيا: بيد أن ما يعنينا هنا هو تصوف التوحيدي و قد مر أن قاعدة التصوف هي الزهد و ترك التعلق بالمتاع الدنيوي و التخلق بخلق الربانيين فأين ذلك كله في سيرة أبي حيان؟(54) بناءا على الكثير من المعطيات مستمدة من كتب التوحيدي، كما يقطع بأنه لم يكن التوحيدي شيخ صوفي و من زعم بأن الخلدي شيخ التوحيدي في التصوف لا دليل له عليه،و يرى أن التوحيدي لم يكن من الصوفية و قد نظر إليهم: لا نظرة واحد منهم بل باعتبارهم، طائفة من أهل زمانه فهم بالنسبة إليه الآخرون أو هذه الطائفة ثم هو قد أورد أخبارهم في معرض المسامرة و تصوير ثقافة العصر لا من حيث كونه أحدهم (55) كما يشكك في نسبة الإشارات الإلهية للتوحيدي: و يبدو أن ما أسلفناه من إثبات أن التوحيدي لم يكن صوفيا فلا هو زاهد و لا مريد شيخ و لا هو منتم لأهل الطريق يجعلنا نتشكك في نسبة الإشارات إليه خاصة أن لهذا الشك ما يبرره (56):
1- يخالف الإشارات بقية أعمال التوحيدي المعروفة و يزكي هذا الكلام بدوي عن أسلوب الكتاب: أما الأسلوب فلم يبلغ كتاب من كتب التوحيدي الأخرى مقدار ما بلغه في هذا الكتاب سموا و حرارة و موسيقى (57).
فالإشارات نفس طويل هادئ لا يحيل إلى خبر و لا يعول على منقول و لا يستشهد بعبارة علم و لا يتكئ على ما خطه قلم (58) (...)
2- الإشارات كتبه مؤلفه بعد أن بلغ السبعين فإن كان التوحيدي فقد كتبه سنة 380ه و هو ما يتفق ...ففي سنة 400 كان التوحيدي يكتب الصداقة والصديق و يحرق كتبه .
3- لم يكن التوحيدي باتفاق الدارسين شاعرا و مؤلف الإشارات شاعر مطبوع صفحات 30.53.57 و حجج الباحث كثيرة في قطع صلة التوحيدي بالتصوف و إن كانت حجج كبرى يصعب ردها إلا أن الحري بالتامل هو بالفعل أسئلة الباحث فالمقال عبارة عن أسئلة و محاولة الإجابة عنها بضرب النصوص بعضها ببعض و الفحص عن أدلة من سياقات متعددة تثبت انقطاع صلة التوحيدي بالتصوف و يمكن سلوك الطريق المعاكس و بدل طرح الأسئلة يكون إيراد تقريرات مثل: التوحيدي صوفيا بدل هل كان التوحيدي صوفيا، التوحيدي زاهد بدل هل كان التوحيدي زاهدن الإشارات للتوحيدي بدل هل الإشارات للتوحيدي ولن يعدم الباحث الشواهد الكثيرة على صدق دعوله ما دامت القضية شكوك مضادة لا نشك في جرأة الباحث و خطر أسئلته ولكنا نرى أن الحسم في مثل هذه القضايا موكول للوثائق التاريخية علها تسفريوما عن معطيات و شواهد تكون أبلغ في إزالة الشكوك.
و يكفي القول أليس صاحب هذا الكلام صوفي و صوفي من طراز أول:
- أعلم أن التصوف علم يدور بين إشارات إلهية و عبارات وهمية و أغراض علوية و أفعال دينية و أخلاق ملوكية و للنكرة
في بعض ذلك مجال و ذلك لفساد يعرض في البيان و للتحير في ذلك متصرف و لكن ليس بعيب عند الإمتحان.
- و قد لحق الطريقة حيف لكثرة الدخلاء فيها (...) و لذلك لا تجد الناسك في سكه و لا الفاتك في فتكه و لا السائس في سياسته في الغاية المطلوبة و النهاية المحبوبة.
- و لابد من نقصان يعتري الإنسان في كل زمان ومكان كيلا يستبد باستطاعته و لا يغتر بكمال و لا يختال في مشيته (60).
ولكن هذه المرة ليس من الإشارات و إنما هو من رسائل التوحيدي التي لم يلحقها شك الباحث يوسف زيدان.




يتبع...
هوامش:

1- أخلاق الوزيرين ص 47 منقول عن زكرياء إبراهيم أبو حيان.
2- عقدة الإحساس بالهجر و الصد و البعاد بين الفلسفة و علم النفس الدكتور زكرياء إبراهيم - العربي – عدد 192 1974 نوفمبر.
3- بين أبي حيان و ابن العميد لعلم الدكتور أحمد الحوفي ص 97 العدد 195 أغسطس 1976.

4- عقدة الإحساس بالهجر و الصد و البعاد بين الفلسفة و علم النفس الدكتور زكرياء إبراهيم.
5- أخلاق الوزيرين محقق الكتاب ص (ل) و النصوص من الصفحات 86-87.
6- أخلاق الوزيرين ص 311
7- كتاب الإمتاع و المؤانسة تحقيق أحمد أمين و أحمد الزين و نعتمد نحن تحقيق خليل منصور و بنظرنا إلى تحقيق أحمد أمين و المقدمة التي قدم بها الكتاب لمسنا ضعف طبعة خليل منصور و أقل دليل على ضعف الكتاب أن صاحب النشرة يعتبر الكتاب أثر من آثار الأدب الأندلسي ص5.
مناظرة الليلة الثامنة عن السيرافي( الموروث) و متى (الوافد). -8
9- منقول عن محي الدين عبد الرزاق أبو حيان سيرته و آثاره.
10- المرجع نفسه
11- المبحث النقدي و البلاغي في الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان يوسف أبو العدوس ص 177-779
12-مقدمة أحمد أمين لكتاب الإمتاع.
13-مقدمة أحمد أمين لكتاب الإمتاع.
14-مقدمة أحمد أمين لكتاب الإمتاع.
15-مقدمة أحمد أمين لكتاب الإمتاع
16- عبد الأمير الأعسم التوحيدي في كتاب المقاسات ص 134
17- دائرة المعارف الإسلامية مادة أبو حيان نقلها إلى العربية محمد ثابت الفقدي القاهرة 1933.
18- مايرهوف من الإسكندرية إلى بغداد ( ضمن كتاب التراث اليوناني لبدوي).
19- صوان الحكمة تحقيق عبد الرحمن بدوي مع مقدمة صويلة في 70 ص.


20- التوحيدي في كتاب المقاسات.
21- التفكير النقدي في كتاب المقاسات مقاربة نصية دانية عبد القادر الرباع ص 145.
22-
التفكير النقدي في كتاب المقاسات عبد القادر الرباعي ص 145-146.

23-دعاها بعض الباحثين بمرحلة العزلة و الانكفاء محمد همام أبو حيان ناقدا مرقونة بجامعة القاضي عياض 1997 وهي المرحلة الثالثة عند حسن الملطاوي لحظة سكون روحي أو مناجاة صوفية الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي مكتبة مدبولي 1989.
24- الصداقة و الصديق لبي حيان التوحيدي شرح و تعليق علي متولي صلاح المطبعة النموذجية الناشر علي حسن.

25- ا لإشارات الإلهية لأبي حيان تحقيق و داد القاضي دار الثقافة بيروت 1973 الجزء الأول معه ملخص من الجزء الثاني.
26- كما تعتمد مقدمة عبد الرحمن بدوي للإشارات الإلهية طبعة الكويت 1981.
تصدير عام في 38 صفحة عنوان التصدير أديب وجودي في لبقرن الرابع الهجري.
27-أبو حيان و قضايا الإنسان و اللغة و العلوم الدكتور محمود إبراهيم.

28-زكرياء إبراهيم أبو حيان فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة.
29-عن الإمتاع و المؤانسة منقول عن زكرياء إبراهيم.
30- زكرياء إبراهيم فصل شخصيته التوحيدي فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة ص 11.
31-وظفنا ما حكاه حسن حقي عن كون فيورباخ (هو قناة النار) التي يظهر من خلالها كل فيلسوف يريد الإنتقال من الواقعية إلى المثالية و لكن للأسف انتقل البعض إلى الماركسية دون أن يظهر و انتقل في حالتنا البعض إلى التصوف دون أن يتظهر (الصداقة و الصديق). الاغتراب الديني عند فيورباخ ص 43.
32- إشارة إلى ما قاله القفطي في حق الإمتاع ابتدأه صوفيا و توسطه محدثا و ختمه سائلا ملحفا و قسنا نحن على هذا الكلام. مقدمة الإمتاع بقلم أحمد أمين ص م.
33- منقول عن مقدمة ناشر الصداقة و الصديق.
34أخلاق الوزيرين مقدمة المحقق ص و في الأخلاق ص9-10.
35-الصداقة و الصديق ص 2.
36-الصداقة و الصديق.
37- الصداقة و الصديق.
38- الإشارات الإلهية ص 10 تحقيق و داد القاضي ط 1973.
39- الصداقة و الصديق ص 5.
40- الإشارات الألهية ص 1.
41- انظر مقالة زكرياء إبراهيم السأم في الفكر الفلسفي المعاصر ص 86-87-88-89 العربي العدد 151 أغسطس 1971.
42- السأم في الفكر الفلسفي الدكتور زكرياء إبراهيم ص 86-87.
43- زكرياء إبراهيم أبو حسان ص 93.
44- منقول عن مثالب الوزيرين ص 325 و نحن نقلنا عن زكرياء ص 94.


45- العالم إرادة و تصور منقول عن مقال زكرياء السأم في الفكر المعاصر ص 87.

46-السأم في الفكر المعاصر زكرياء إبراهيم مقال سابق ذكره.
موسوعة الفلسفة عبد

47-موسوعة الفلسفة عبد الرحمن بدوي مادة شوبنهور الجزء الثاني ص 32. المؤسسة العربية للدراسات و النشر.
48- موسوعة الفلسفة مادة شوبنهور ص 36.
49-مكونات فكر الغزالي محمد عابد الجابري ص 55 مهرجان عن الغزالي.
50-مكونات فكر الغزالي محمد عابد الجابري ص 55 مهرجان عن الغزالي
51-الإشارات الإلهية تحقيق وداد القاضي ص 9 و النص نقلته وداد من معجم الأدباء.
52- الإشارات مقدمة المحققة ص 11.
(1) و إذا كان هذا صحيحا بطلت كثيرا من تقسيمات الباحثين من أن الإشارات كتبه التوحيدي بعد أن قرف من الحياة و عافاها وربما كان من طلب منه كتابة الكتاب مريد صوفي يعينه على سلوك الطريق و إن كان صحيحا أن الكتاب كتب تحت ظل الحافز المادي فأتعس تحليلات الكثير من الباحين: بدوي، زكرياء إبراهيم، كيلاني، وداد القاضي التي وجهت لقراءة التوحيدي صادقة.
مقدمة المحققة ص 12.
53- مقدمة عبد الرحمن بدوي ص 21 نستغرب كثيرا من تأويلاتبدوي نحن قراء كتبه إذ قليلا ما وجدناه يسرف في التأويل على هذه الشاكلة فسره البعض ببدايات التزامه بالوجودية و بداياته المبكرة في دنيا التحقيق و لم لا، نعم يقول هذا التفسير الذي تقدمه في احتياط و حذر لكن لا يغني مثل هذا الكلام فالتفسير الذي قدمه لنزعة التصوف عند التوحيدي=موغل في الإسراف.
54-من مقدمة تحقيق بدوي ص 22.
55- الإشارات الإلهية 103-104.
56-هل كان أبوحيان صوفيا أو فيلسوفا يوسف زيدان فصول ج3.
57- هل كان أبوحيان صوفيا أو فيلسوفا يوسف زيدان فصول ج3 ص 101.
58- *انظر نقدا مرا لأحمد أمين و لضعف علقته بالتراث في عبد الرحمن بدوي سيرة حياتي
هل كان أبو حيان صوفيا أو فيلسوفا يوسف زيدان ص 102.

59- هل كان التوحيدي و فيلسوفا يوسف زيدان فصول ج 3.
60- مقدمة بدوي للإشارات الإلهية.
61- هل كان التوحيدي صوفيا و فيلسوفا
. و انظر في سياق إثبات تصوف التوحيدي: توصف التوحيدي في كتاب الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي مقدمة بدوي للإشارات الإلهية ، مقدمة وداد القاضي للإشارات، التصوف فصل من كتاب التوحيدي سيرته و آثاره عبد الرزاق و محيي الدين، الآثار الصوفية في أبو حيان لإبراهيم كيلاني في سلسلة نوابغ العرب.

62-رسالة أبي حيان في العلوم تأليف أبي حيان مكتبه الثقافة الدينية بدون تاريخ.
* نستلهم في هذا العنوان مقالة للدكتور حسن حنفي تحدث فيها عن الاغتراب الاجتماعي بوصفه مقدمة ضرورية للاغتراب الديني عند فيورباخ المقال بعنوان "الاغتراب الديني عند فيورباخ عالم الفكر" العدد الأول يوني 1979.
- إن ما فشل فيه حقا الأستاذ عبد الرحمن بدوي هو قراءة التوحيدي في سياق الفكر الإسلامي، فكم كان ممتازا لو قرأ التوحيدي على ضوء الحلاج و هما من طبقة واحدة و عرفا الحرمان و الشقاء هما الإثنين أو في ضوء الكثير من المفكرين المسلمين قبله أو بعده (الغزالي، ابن خلدون، ابن رشد) بدل أن يرصد مشابه بينه و بين الألماني المسلول الشريد في دنيا اللامعقول كفاكا إن عجز القراءات المقارنة إنما بدل أن تسلط الأضواء على شخصية البحث المركزية تذهب لاهيثة في رصد مواطن و نقط مماثلة بين النموذجين و طبعا نحن لا ننكر أهمية مثل هذه القراءات و القراءة التي كتبها الأستاذ بدوي ذات قيمة عالية ولا معول على ما تقوله الأستاذ وداد القاضي و أستاذها إحسان عباس (46) و لكننا كنا نفضل لو قرئ التوحيدي في ضوء ثقافته و في سياق الفكر الإسلامي نظرا لأيماننا بأن مثل هذه القراءة كثيرا ما تحقق الطراقة و الجدة المفقودة في الكثير من القراءات المقارنة.


بوبكر الفلالي
باحث



#بوبكر_الفلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو حيان التوحيدي سيرة (محنة) فيلسوف
- ملاحظات حول مشكلة الحرية في الإسلام
- إلي الجميلة‮ ‬الجريئة‮ ‬إيناس الدغيد ...
- العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية (ادغار موران ضد ديكارت)
- التوحيدي والإغتراب
- الإبداع في برنامج الجريئة
- *الدغيدي* ...والاسلام السياسي
- الحكم الذاتي، الانفصال، الحركة الطلابية الصحراوية...التكوين ...


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بوبكر الفلالي - أبو حيان التوحيدي سيرة فيلسوف2