أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد علي ثابت - ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2















المزيد.....

ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 08:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تبدو شاسعة بحق مساحة التناقض بين التوصيف السياسي للحدث المستمر في مصر منذ 25 يناير الماضي من ناحية، وبين النتائج التي يحققها ذلك الحدث على الأرض من ناحية أخرى. فلا يكاد يختلف كثيرون على أن ما اندلعت شرارته في مصر منذ أقل من ثمانية أشهر هو ثورة بالمعنى الصحيح للمصطلح. وعلى الرغم من ذلك فإن كثيرين منا لا يشعرون بأن النتائج التي حققها هذا الحدث حتى الآن تتناسب مع وصفه باعتباره ثورة شعبية وليست مجرد انتفاضة مجتمعية جزئية أو مؤقتة.

والواقع أننا حين نتكلم عن البطء الذي اتسمت به ثورة يناير وهي تحقق ما نجحت بالفعل في تحقيقه من مطالبها (مثل حل المجالس المحلية أو حل الحزب الوطني أو حل جهاز أمن الدولة أو تحقيق علنية محاكمة رموز النظام البائد)، وحين نتكلم عن عدم قدرتها حتى الآن على تحقيق ولو النزر اليسير من بعض مطالبها الأخرى (مثل الإلغاء الكلي لنظام الانتخاب الفردي، ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتغيير النائب العام ومحافظ البنك المركزي ورئيس هيئة القناة، واستطلاع رأي الشعب أو القوى السياسية قبل تقرير استمرار وجود مجلس الشورى عديم الفائدة وقبل تحديد أسبقيات خريطة الطريق نحو تسليم السلطة بحيث يتم وضع الدستور قبل انتخاب أعضاء البرلمان إن كانت غالبية الشعب ترغب بذلك).. الواقع أننا بكلامنا هذا وذاك لا نحاول تبسيط أمور لا تحتمل التبسيط أو إصدار أحكام لحظية متسرعة من النوع الذي لطالما ثبت خطؤه بأثر رجعي، كما أننا لا نسعى للقول بأن هناك ثورات حقيقية نجحت من قبل في تحقيق أهدافها بالكامل في بضعة أيام أو شهور. فالثورة الفرنسية وثورة يوليو وثورة البرتغال، على سبيل المثال، احتاجت كل واحدة منها إلى عقد كامل من الزمان على الأقل كي تؤتي ثمارها الحقيقية؛ فلا توجد ثورات بدون مقاومة من الأنظمة التي يتم خلعها أو من حلفائها المستفيدين في حالة بقائها، ولا توجد ثورات بدون أخطاء من الثوار أو صراعات هامشية فيما بينهم، ولا توجد ثورات بقائمة أهداف شديدة السهولة والبساطة وعديمة الجذرية؛ ولا شك أن هذا كله يطيل المسافة الزمنية بين لحظة اندلاع الثورة وبين لحظة بدء جني ثمار نجاحاتها الكبرى، وثورة يناير لا يمكن أبدا أن تكون استثناء من ذلك. وإنما ما نعنيه هو أننا بعد مرور أقل من ثمانية أشهر على انطلاق الشرارة الأولى لثورة يناير، نجد أن ثوار يناير الحقيقيين كادوا يصبحون مفعولا بهم بعد أن كانوا طيلة أربعة أشهر على الأقل هم المحرك الأول وربما الأوحد لمجريات الأحداث في البلد والدافع الأكبر باتجاه الإصلاح الجذري الشامل فيه، كما نجد أن موقف رجل الشارع العادي من الثورة وتقييمه الراهن لها لم يعد إيجابيا كما كان في بدايات الأحداث ولم يعد تعاطفه معها أو إيمانه بها وبمن قاموا بها ملموسا. فمن جهة، نجد أن بعض الثوار تم إخضاعهم لمحاكمات عسكرية لمجرد أنهم رفعوا أصواتهم بالنقد أو الشكوى من جهة ما، قبل أن يقوم المجلس العسكري بالتعطف على اثنين أو أكثر منهم ويأمر بالعفو عنهم، في لفتة مشكورة وإن كانت لا تختلف كثيرا عن لفتتات انتقائية مماثلة كان النظام السابق يأتيها أحيانا. ومن جهة أخرى، نجد أن السلطة السياسية في البلاد، ممثلة في المجلس العسكري وفي مجلس الوزراء، لم تعد تستطلع رأي الثوار الحقيقيين قبل إقدامها على خطوات مهمة مثل حركة المحافظين الأخيرة، بل ولم تعد تسمح للثوار بالعودة للتظاهر والاعتصام بأعداد كبيرة كلما دعت الضرورة لذلك، سواء في "صينية" ميدان التحرير الشهيرة أو في غيرها من ميادين البلاد. ومن جهة أخيرة، نجد أن تحالف فلول سياسيي ورجال أعمال النظام السابق وفلول جهازه الإعلامي الذين أدمنوا الغش والتزييف، قد نجح بوضوح في تشويه صورة الثورة والثوار في أعين المواطنين البسطاء وتحميل الثورة والثوار وزر الانفلات الأمني والبلطجة وتعطيل المصالح الاقتصادية، وهي كلها اتهامات باطلة واهية ومردود عليها.

إن استمرار هذا الوضع السلبي، الذي يضع الثورة في ركن الاتهام ويضع الثوار في وضع المفعول بهم، هو أخطر تحد يواجه ثورة يناير منذ قيامها وأخطر ما يعيق قدرتها على تحقيق بقية أهدافها مستقبلا. فمصر ما بعد ثورة يناير إذا لم يكن للثوار الحقيقيين صوت مسموع وقدرة على الفعل والتأثير فيها، فإن أوضاعها قد لا تختلف كثيرا في نهاية المطاف عن أوضاعها في عصر مبارك الفاسد. فثوار يناير الحقيقيون هم أنقى وأشرف وأشجع ظاهرة عرفتها مصر منذ زمن بعيد، ومن الخطأ القاتل في حقهم وفي حق مصر حرمانهم من التعبير عن رؤاهم ومن رؤية تلك الرؤى وهي تتحقق على الأرض، وخصوصا في الفترة الانتقالية الخطرة الحالية التي مازلنا بحاجة فيها إلى حس ثوري نقي ومتفتح ينقلنا إلى مستقبل أفضل خال من كل ما عانيناه من بلاء وعفن في مستنقع مبارك. وبالمثل، فإن الاستمرار في تشويه صورة الثورة وفي الوقيعة بين الثوار وبين عامة المواطنين هو جريمة سياسية واجتماعية أخرى شديدة الخطورة والدناءة تضاف إلى جرائم عصر مبارك وفلول ذلك العصر وكل من لا يودون رؤية تطهير حقيقي يحدث في مصر.

ولكي ينجح ثوار يناير وكل المؤمنين بالثورة والمؤيدين لها في انتزاع دفة قيادة الأحداث في مصر من جديد وفي الإفلات من حالة الطرف المفعول به إلى حالة الطرف الفاعل أو الشريك الإيجابي في الحكم المسموع صوته، فإنه يتعين عليهم تفكيك عناصر المنظومة الفاسدة التي تحوي كل مقومات إفشال وإفساد الثورة، ثم التصدي بحسم ووعي لتلك العناصر بحيث نضمن اختفاءها للأبد أو على الأقل تحييدها مؤقتا لحين انتقالنا إلى المرحلة التالية، مرحلة الحكم المدني، التي نأمل أن ننتقل إليها سريعا وأن تصبح الثورة فيها أقدر على المحاصرة التلقائية للفاسدين. وإذا كنا جميعا قد أسهبنا في الحديث، تقريبا منذ مطلع مارس الماضي وحتى يومنا هذا، عن "الثورة المضادة" و"الفلول"، فعلينا الآن أن نصبح أكثر شمولية في رؤيتنا لمعوقات نجاح الثورة بحيث نضع الحديث عن الثورة المضادة التي تقودها فلول النظام السابق في سياقها الصحيح بلا مبالغة في دورها ولا تركيز حصري عليها. فالثورة المضادة، التي تقودها الفلول السياسية والأمنية والاقتصادية المؤيدة للنظام السابق والفئات المتأذية من خلعه، ليست في حقيقتها سوى الغلاف الخارجي أو الطبقة القشرية لما يمكننا تسميته بـ "الصندوق الأسود" الذي يستهدف مصمموه المعنويون تفجير الثورة وإرجاعها إلى نقطة الصفر توطئة لإعادة النظام القديم للساحة من جديد لكن في نسخة أقل فجاجة في ممارستها للاستبداد وأكثر شعبوية. وعليه فلا يجب علينا أن نلتفت أكثر مما يجب إلى تلك الطبقة القشرية ونغفل عن الالتفات إلى ما هو أعمق وأخطر وأقل قابلية للرصد.

وبوجه عام، فإنني أقترح تقسيم عناصر ذلك الصندوق الأسود إلى ثلاث طبقات، هي:

- الطبقة القشرية: الثورة العشوائية المضادة.

- الطبقة الوسيطة: الإدارة المنهجية المضادة.

- الطبقة العميقة: المكون الثقافي والمجتمعي المناهض للفعل الثوري.


وفي المقال التالي سنتناول تلك الطبقات الثلاث بالتفصيل



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2
- في متعةِ الحيرة
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...
- حكايات النظريات: ماركس والحتمية المادية للتاريخ
- حكايات النظريات: طه حسين ونظرية التأويل السياقي
- حكايات النظريات: الإدارة الإنسانية والحق في الإبداع
- حكايات النظريات: ابن رُشد ومحاكم التفتيش
- حكايات النظريات: اليد الخفية وحرية السوق
- حكايات النظريات: الشك المنهجي ونظرية الأفكار
- متوالية، بين نقل وعقل


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد علي ثابت - ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2