أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الربيع العربي والآفاق الغامضة














المزيد.....

الربيع العربي والآفاق الغامضة


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3504 - 2011 / 10 / 2 - 03:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


التغيير نحو الأفضل طموح لا يفارق الشعوب حتى أكثرها خنوعا، فهي رغم استبداد الحاكم وبطشه بها تبقى متربصة بالفرصة السانحة لتحقيق هدفها المنشود منذ قرون أو عقود. فالتشاؤم لا يعرف طريقا إلى نفسية الشعوب إذ أنها تدرك إدراكا حسيا أن إرادتها لا تقهر وعزيمتها أقوى من البطش والموت وأعلى من أعواد المشانق. وما الربيع العربي المنطلق من تونس الخضراء إلا دليل على وجهة النظر هذه، رغم أنه لا زال في بداية طريقه الملتوية والشائكة. خصوصا وأن هذا الربيع مناخه فسيفسائي غير واضحة معالمه ويكتنف الغموض توجهاته الفكرية بحيث يصعب تحديد أفق بلاده. هذه الوضعية مكنت أذيال الأنظمة البائدة من السيطرة على زمام الأمور والنجاح، ولو مرحليا، في تغيير الوجوه والإبقاء على النهج الأوليغارشي اللاشعبي للدولة. كما أن عدم وضوح المعالم الفكرية للربيع العربي أعطى فرصة لتلك الأنظمة، التي ما زالت كاتمة على أنفاس شعوبها، للالتفاف على مطالب الجماهير الشعبية المناضلة والمراوغة بشأن الإصلاحات السياسية الضرورية، كما هو الشأن بالمغرب والأردن والجزائر. فانعدام وحدة الرؤية للجماهير المطالبة بالتغيير جعل هذا المطلب المشروع يسقط في دوامة إديولوجية لعبت عليها الأنظمة، التي استطاعت حتى الآن الحفاظ على نفسها، لتفكيك صفوف الجماهير وبالتالي إضعافها. وخير مثال حركة 20 فبراير بالمغرب، حيث دخلت في صراعات داخلية بين المتحزبين واللامنتمين وبين التنظيمات السياسية المختلفة فيما بينها، مما أدى بعملية احتجاجات الحركة إلى فتور لعدة شهور تحاول اليوم الخروج منه، و ما أظنها موفقة في ذلك على الأقل في الظرف الراهن. فمحاولتها لاستئناف النضال جاءت فاترة بوضوح بسبب تفكك الصفوف وتشتت الأفكار وتضارب الأهداف. فهناك البعض أراد رفع سقف مطالب الاحتجاجات، بينما البعض الآخر صمم على نهج التقية والحفاظ على الشعارات القديمة. ويضيع هكذا مستقبل الشعب المغربي بين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" وسقف "الشعب يريد إسقاط الاستبداد".
إن الواقعية السياسية أثبتت، تاريخيا، أن الثورات لا تقوم بها إلا الجماهير المؤطرة تحت لواء إديولوجي معين يوضح معالم أفقها ويوحد كلمتها ويلحم صفوفها ويضيئ طريقها. فمن غير ظلال إديولوجية واضحة المعالم يكون التغيير صعب المنال وغامض المستقبل وعرضة للانتهازيين والوصوليين وتجار الوطن والأميين السياسيين ذوي النزعة الرومانسية. هذه الفئة الأخيرة أشد خطرا على الثورات الشعبية لأنها تفتقد الحنكة السياسية والخبرة الميدانية والحس الواقعي، فهي تعيش بين طيات الأسطر التنظيرية وأجواء العاطفة الجياشة والقرارات التهورية وعناء فقدان الحس السياسي. وهي كثيرا ما تقاوم الظلم والاستبداد لتحكم بديكتاتورية وشمولية أشد وأكثر وقعا من النظام السابق، لأن فكرها يحوم في أعماق السحاب وأقدامها مستأصلة من أرض الواقع. هذه الفئة تجعل الإنسان في خدمة الإديولوجية، بينما الصحيح هو جعل الإديولوجية في خدمة الإنسان، لكون الغاية هو الإنسان وليست الإديولوجية.
إذا من دون إطار إديولوجي مبني على أسس علمية ويرتكز على أرضية واقعية لا يمكن تحقيق التغيير وبناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية. فالنظام كيفما كان نوعه هو فكر، والفكر لا يحارب إلا بالفكر، وما احتجاجات الجماهير الشعبية وصراعها مع الأنظمة الشمولية والمستبدة إلا حرب إديولوجية بين رؤية النظام ورؤية الشعب لمفهوم الدولة. لذلك كل نضال خارج هذا الإطار مآله الفشل والخيبة لكون منبعه إما المساومة بهدف الوصول لمركز أو منصب أو التهور والاندفاعية أو الطمع في السلطة لعينها. هذه المنابع الثلاثة لا يمكنها أن تحقق التغير المنشود، لأنها تضع هدفا لها إما مصالح ذاتية أو تنطلق من رؤية عاجزة عن تقييم الوضعية الميدانية تقييما سليما. والمأساة تكمن في كون الجماهير الشعبية لا تمثل في كل هذه الحالات إلا وسيلة لغاية ذاتية أوطوباوية.
لكل هذه الاعتبارات فإن الحركات الشبابية، ومن ضمنها حركة 20 فبراير، يستوجب عليها التخلص من عقدة الانتماء السياسي التي ركبتها فيها الأنظمة البائدة أو السائرة في طريق الإبادة والعمل داخل إطار فكري منظم، كل حسب قناعاته، للخروج بالربيع العربي من مستنقع الركود الذي بات يحوله إلى خريف أو ربما قد يجعله شتاء. خصوصا وأن عامل المفاجأة قد استنفد قدراته مع الثورتين التونسية والمصرية.



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي في معادلة الشواذ
- الشعب يطالب بالكرامة لا بصدقة
- انتصار الشعب الليبي سيعطي انطلاقة جديدة للربيع العربي
- حرب إعلامية فاشلة
- شعب أمس غير شعب اليوم
- Madamme Font Du Picard
- من ذكرياتي مع الاتحاد السوفياتي
- الفيزازي من السلفية إلى الاشتراكية أو ما دمت في المغرب فلا ت ...
- الدولة ليست فكرة مجردة ولا جهازا فوق المجتمع
- رسالة عاشق
- رسالة الشعب للقصر في يوم احتفاله
- الفيزازي والاحتيال السياسي
- البيعة في المغرب المعاصر تزوير لإرادة الشعب
- ليس العيب في أن نخطأ بل العيب في أن نتمادى في خطئنا
- إنما المنتصر من يفوز بالحرب لا من يربح معركة
- النادل
- لماذا نقاطع الاستفتاء أو يوم الجمعة يوم حاسم أم يوم انطلاقة ...
- الشعبوية
- شفق أم غروب؟
- عادة حليمة إلى عادتها القديمة


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الربيع العربي والآفاق الغامضة