أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بوبكر الفلالي - أبو حيان التوحيدي سيرة (محنة) فيلسوف















المزيد.....



أبو حيان التوحيدي سيرة (محنة) فيلسوف


بوبكر الفلالي

الحوار المتمدن-العدد: 3503 - 2011 / 10 / 1 - 09:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    






ضد محمد عمارة
إلى الروح الطاهرة لمحمد عابد
الجابري ، شيء من نفحات كتابه
المثقفون في الحضارة العربية
إلى كوثر محلاني
عنوان محبة و إخلاص

هل نقول كما قال علي أومليل و هو بصدد الحديث عن فكر ابن خلدون:
و ماذا عسى أن يقال بعد عن ابن خلدون؟ لقد أصبح الآن كل حديث عن صاحب المقدمة لابد و أن يصطدم بهذه العقبة. تراكم أدب خلدوني ضخم أنتج شرقا و غربا و صورة قد تكونت عن ابن خلدون و قع التسليم بها و هي أنه المفكر الأصيل من بين سائر مفكرينا القدامى أصيل بمعنى أن فكره قد حقق تجاوزا بالنسبة للنظام المعرفي القديم فصار على نحو من الأنحاء معاصرا لنا(...)1.
و يكفي إبدال اسم ابن خلدون باسم أبي حيان لتكون الصورة متماثلة ما قيل عن ابن خلدون يقال عن أبي حيان مع الاحتفاظ بالتفاوت الجزئي الذي لا يؤثر على قيمة الحكم فذاك مؤرخ و هذا أديب وذاك مغربي و هذا مشرقي أحدهما ابن الثقافة العربية و هي في أوجها تقطف ثمرة العلوم و الآداب بعد أن عرفت حركة انفتاح واسعة على مختلف الثقافات خصوصا اليونانية و الفارسية فأفادت إفادة لا مثيل لها و استوعبت الكثير من الأفكار و النظم و القيم و هضمت الكثير من الآداب و السياسات يحدثنا عن ذلك النضج الذي عرفته الثقافة إبراهيم كيلاني قائلا: كنت تجد رقيا في الحياة العقلية فكأن العلوم و الفنون لا ترقى إلا في عصور الفوضى والاضطراب2 (...) فغدا كل قطر من أقطار المملكة مركزا هاما من مراكز الثقافة العربية (...) و ظل العرب عاكفين على الإفادة من التراث الضخم الذي خلفته جهود العلماء و المترجمين في العصور السابقة (...) وقد كان كثيرون من البويهيين ووزرائهم على جانب من الثقافة (...) نتج عن ذلك: نبوغ كثير من العلماء و الأدباء و الفلاسفة و الفقهاء و المفسرين و المحدثين و أصحاب المذاهب المتصوفة و أصبحت مدن كثيرة في العراق و فارس مراكز للحركات العلمية كبغداد و البصرة و الكوفة في العراق و الري و أصفهان و شيراز و سيراف في فارس على أن بغداد على ما انتابها من ضعف و تضاؤل مركزها السياسي ظلت العاصمة بمعنى الكلمة الحقيقي وآية ذلك:
" أن جميع الحركات الروحية في مملكة الإسلام كانت تتلاطم أمواجها في بغداد و كان فيها لجميع المذاهب أنصار"3 و الآخر ابن الثقافة العربية أيام افولها و ضعفها يحكي حميش عن ابن خلدون قوله:"أما هم ذاكرتي الآخر المقيم فيها كالورم الخبيث هو: ما نزل بالعمران شرقا و غربا في منتصف هده المائة الثامنة من الطاعون الجارف الذي تحيف الأمم و ذهب بأهل الجيل و طوى كثيرا من محاسن العمران و محاها و انتقص عمران الأرض بانتقاص البشر فخربت الأمصار و المصانع و درست السبل و المعالم و خلت الديار و المنازل و ضعفت الدول و القبائل و تبدل الساكن و كأنني بالمشرق قد نزل به مثل ما نزل بالمغرب لكن على نسبته و مقدار عمرانه و كأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول و الانقباض فبادر بالإجابة والله وارث الأرض ومن عليها4 .
ولنا عودة إلى الوضعية النفسية التاريخية لعصر التوحيدي.
أم نقول مع عابد الجابري أو قياسا على كلامه: ابن خلدون (التوحيدي) موضوع مبتذل معاد5 و نكف عن الحديث عن التوحيدي مضربين صفحا عنه و محجمين خصوصا و الحديث عنه قد كثر حتى سمج فمن متحدث عن أدب التوحيدي " التوحيدي أديبا، التوحيدي ناقدا إلى متحدث عن فلسفته:الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي، أبو حيان في كتاب المقابسات ، أبو حيان أديب الفلاسفة و فيلسوف الأدباء إلى آخرين أقاموا مهرجانا فما تركوا موضوعا بصدد التوحيدي إلا أجالوا النظر فيه و بحثوا و فحصوا و نقبوا فبات التوحيدي مدة وجوديا (أديب وجودي في القرن الرابع) و أخرى زنديقا متقولا، مرة متزلفا خسيسا كثير الشكوى و مرة إنسانا فاضلا خانه عصره و ظلمته الظروف التي عاشها، مغتربا منفيا حينا، ناقدا اجتماعيا حينا آخر لا جرم أن كل هاته المواضيع و الأفكار و الصور يمكن أن تجتمع في شخصية كشخصية التوحيدي عاشت تقلبا و تغيرا كبيرا في أطوار حياتها و عرفت أحوالا شديدة العسرة و أخرى فيها رقة و لين فحري بشخصية كهاته أن تصور هذه التغيرات و الاختلافات و تعبر عنها يقول زكي مبارك عن هذه الأحوال و الأوصاف: و أبو حيان التوحيدي الذي نريد أن نفيض في الحديث عنه رجل خلقته البأساء و أنشأه الحقد على الموهوبين من أهل العلم و الأدب و الجاه.، ولن تجده في صميم أدبه إلا رعدا يزمجر كلما مر بباله خاطر الغنى ،الفقر و النعيم و البؤس و النباهة والخمول(...)6 .
حقا لقد أسف التوحيدي على حاله بؤس و شقاء فقر مدقع و حال رثة، نبوغ و ذكاء و جمال مغموس بفقر لا سبيل إلى رفعه و النظراء الذين لا علم لهم فيذكر و لا حلم لهم، يتمرغون في النعيم و ينعمون في النعيم بالمال و الجاه و القيان يحلون مجالسهم بأطايب الأكل و أصناف الشراب و يزينون هذه المجالس بالعلماء و الأدباء يتناظرون أمامهم يأكل بعضهم بعضا أمام أمير لا يفهم كثيرا مما يقال و تراه يضحك و يبتسم وهو في غفلة وتيه عن كثير مما يذكر.
لكننا لن ننساق مع زكي مبارك مرة أخرى و نقول لا تسألني متى ولد ولا أين ولد فذلك رجل نشا في بيئة خاملة لم تكن تطمع في مجد حتى تقيد تاريخ ميلاده و يكفي أن تعرف أنه فارسي الأصل و أنهم ترددوا بين نسبته إلى واسط أونيسابور أو شيراز و أنه عاش في القرن الرابع و شهد القرن الخامس7 (...) لسبب بسيط هو ما جدوى الكلام عن المنحنى الشخصي أو سيرة التوحيدي إذا لم نعرف من هو و متى ولد و أين ولد وكيف عاش حياته قبل أن يعيها و يخبرنا عنها ذلك أن الكثير من المعطيات التي قد تبدو تافهة ولا تعني شيئا قد تفيدنا إفادة جلى خصوصا و نحن نفحص عن مكونات شخصية التوحيدي و كيف ساهم مزاجه (نفسيته) إلى جانب الظروف التي عاشها (التاريخ) في إذكاء سخطه على مجتمعه و تبرمه منه و شعوره بالغربة داخله و بالتالي صب السخط و الهجاء المر على هذا المجتمع وعلى أهله و في ذلك يقول عبد الرحمن بدوي متحدثا عن كتاب الإشارات الإلهية:
فيه صرخة اليمة لأمل خائب تكسرت عليه نصال الخيبة بعد الخيبة و فيه عزوف رقيق ولكنه عميق عما يربطه بالعاجلة و استدعاء متوسل لكل ما تلوح منه بوارق الاجلة وفيه شعور بهوة هائلة تفغر فاها في نسيج الوجود و فيه طعم الرماد يتذوقه المرء في كل عبارة و إشارة 8.
و فكرة المنحنى الشخصي لحياة ما قد احتلت حديثا في علم النفس الاجتماعي مكانة خاصة فالفلسفة الشخصية تتعزز و تقوى لما نرنو إلى رسم صورة عامة عن العصر الذي عاشه أبو حيان كيف أثر أبو حيان في عصره و كيف تأثر، ما مدى انغراس ابي حيان في بيئته و كيف انفصل عن هذه البيئة ليحلق في سماء التجريد (إن كان فعلا قد مارس التحليق).
و فكرة المنحنى الشخصي تجد أهميتها في الحب الصوفي ( و التوحيدي أحد كبار الصوفية إن لم يكن حقيقة فعلى الأقل أدبا يعني من حيث الإنتاج الأدبي) حيث يكتمل ذلك التحقيق الموحد و ذلك النماء من باطن وذلك بواسطة نذر الإنسان نفسه( لله) بهذا الاصطفاء الذي فيه تهب قوى النفس الثلاثة حريتها ، بممارسة ذلك الديالكتيك الدرامي الذي يجعلنا نشق نطاق العالم المكاني الزماني للرموز كما نلحق و نستشعر و نتذوق حضرة موحدة يجب أن نقيمها في ذواتنا شيئا فشيئا بالقدر الذي يتحقق فيه و يكتمل لأن الثالث المرفوع لا ينطبق بعد في العشق فالأخر لم يعد بعد فيه اللا- أنا خصوصا حينما يستحيل عشق الآخر إلى عشق الله.
وليس ثمة ما يمنع من تصور تركيب تخطيطي و تخيل مجمل هندسي يرسم منحنى مصير تكون إحداثياته السينية هي الأزمنة و إحداثياته الصادية هي تغيرات القيم المختارة.
والمنحنى يبدأ من الميلاد و ينتهي بالموت و لكن حينما يشع في المجهود الحيوي عشق كبير فإن المنحنى يصير منحنى جيبيا صاعدا و أضف إلى هذا أنه حينما يكون هذا العشق دينيا يهدف إلى غاية يفترض أنا عالية على الكون [و هذا يمكن أن يتوافق عليه بشأن التوحيدي و يمكن أن يختلف فيه و نعني العشق الديني و هل كان دينيا محضا مع التوحيدي أم كان ماديا أم هو تركيب و تأليف بينهما .
واضح أننا لسنا أمام حياة متاله كما هو شأن ماسينون (9) Massigoon مع الحلاج فنحن أمام حالة فريدة في تاريخ الشخصيات شخصية متقلبة أشد ما يكون التقلب ليست طموحة راغبة مغامرة مثل المتنبي: سأله الوزير ابن العارض "لم لَم تداخل صاحب ديوان؟ ولم ترضى لنفسك هذا اللبوس" فقال: " أنا رجل حب السلامة غالب علي و القناعة بالطفيف محبوبة عندي" فقال الوزير: كنيت عن الكسل بحب السلامة و عن الفسولة بالرضا باليسير فقال: إذا كنت لا أصل إلى السلامة إلا بالفسولة ولا أتطعم الراحة إلا بالكسل، فمرحبا بهما"(10) مع أنه كان مزودا بكفايات يكفي أهونها لبلوغ حظ من حياة كريمة رفيعة و كان من دونه منزلة ينعم بالجاه و المال والسلطان على حين عاش هو في فقر وتسكع و استجداء، و كان يوصف بصوفي السمت والهيئة(11) رث اللباس نابي المظهر لا هيئة له عند ملاقاة الكبراء و مقابلة الوزراء و قد أكسبه المظهر الصوفي و مخالطته الصوفية و الغرباء و ركونه إلى أصحاب المرقعات و الناموسات فسولة و غرارة ربما كانت سبب حرمانه من بلوغ حقه و زهد الأعاظم فيه و إيثار سواه عليه.
أخرجه مرة مسكويه مع صاحب البريد إلى قرمسين بنفقه معلومة فما أقام على الوظيفة إلا أياما و حين عوتب على تركها اعتذر بقلة النفقة و غلظ المؤنة و مشقة السفر وبالخوف الذي يساوره و التهيب الذي يلازمه قائلا: لقد نظر الله بالعود فإن الأراجيف اتصلت و الأرض اقشعرت و النفوس استوحشت و تشبه كل ثعلب بأسد و فتل كل إنسان لعدوه حبلا من مسد(12).
وقد كلف مرة أن ينفذ مع ابن موسى إلى الجبل فيما رسم أن يتوجه فيه فامتنع و أبى فتعجب الوزير ابن سعدان من تخلفه و طال تعجبه حتى سأله عن سبب امتناعه فرد عليه:
" منعني من ذلك ثلاثة أشياء أحدهما أن ابن موسى لم يكن من شكلي و لا أشد للضد هونا من مصاحبة الضد لأنه سوداوي و جعد و الآخر أنه قيل لي ينبغي أن تكون عينا عليه و أنا قررت لك الحديث لما رأيته لائقا بحالي فكيف إذا قرنت برجل باطلي لو مر بوهمه أمري لدهدهني من أعلى الجبل في الطريق و الآخر أني كنت أفد مع هذا كله على "ابن عباد" وهو رجل أساء إلى وأوحشني و حاول على لسان صاحبه ابن شاهويه أن أنقلب إليه ثانيا و كنت أكره ذلك و ما كنت آمن ما يكون منه ومني المجنون المطاع مهروب منه بالطباع (13).
و الجبن كما يقول محيي الدين عبد الرزاق حين يرافقه نشاط في ملكات الذهن و طلاقة في اللسان يتعب صاحبه فلا هو قانع محتجز ولا طامع مغامر فهو بين رجاء حين تدفعه الحاجة و رهبة حين يرده الجبن عن تحقيق أدنى الرغبات و بين هذه القوى المتعاندة المتلاحمة ينتصر الإخفاق و الحرمان [ ولعله في هذا اشبه ما يكون باستاده ابوسليمان المنطقي الذي لم يظفر من دنياه بمنصب رفيع وعيش رغيد، فقد عاش زمنا طويلا و حاجته ماسة إلى الرغيف وحوله وقوته قد عجزا عن أجرة مسكنه وجبة غدائه و عشائه(14)].
ولا هي سمحة كريمة قنوعة مثل المعري يقول عنه محي الدين: يسوءني أن أسجل على صاحبي أنه لم يكن على شيء من عزة النفس أيام شبابه و كهولته ليترفع عن التذلل و التمرغ على أعتاب الوزراء و ذوي النفوذ.
فإن المسافة بين جبروت عقله و تهافت شخصية شاسعة جدا(15).
فقد بدأ الصلة بأبي الفتح و ابن سعدان و أبي الوفاء المهندس بتشفعات و توسلات و لم يبخل عليهم بالإطراء و المدح في اي صورة من صور المبالغة و الإغراق التي قد تبلغ حدود السخرية و الهزل، وكثيرا ما يستحيل لديه المدح إلى ضروب من الغلو و صور تتجاوز الاستدراج إلى الاستغفال و الإزراء.
و هو نفسه صرح حين هدأت فورة مطامعه و صفت نفسه من أوضار المادة و أقدم على إحراق كتبه أنه ألف اكثر كتبه طلبا للمثالة بين الناس(16).
وليست فاجرة فاسقة ماجنة كأبي نواس ومن يقرأ الإشارات الإلهية يدرك مدى تعفف و زهد و رفعة التوحيدي و مدى توقيه و شدة مراقبته لربه.
ونخشى أن نقول إنها كل تلك الشخصيات.(يعني أنها تجمع الطموح و الجبن، القناعة و الاستجداء، المجون و العفة) (...).
و تزداد أهمية الترجمة للتوحيدي لما نجد الكثير من المستشرقين و تبعهم في ذلك الكثير من الكتاب العرب لا يحفلون بفلسفة الفلاسفة الأدباء (أصحاب المقابسات) أمثال التوحيدي، المعري، الجاحظ يقول بهذا الخصوص زكرياء إبراهيم " اعتاد المشتغلون بالدراسات الإسلامية عندنا الاقتصار على دراسة ثلاث طوائف من المفكرين طائفة المتكلمين من معتزلة و أشاعرة كالنظام و العلاف و أبي الحسن الأشعري و طائفة الفلاسفة كالكندي و الفارابي و ابن سينا و طائفة المتصوفة كالحلاج و محيي الدين بن عربي و السهروردي المقتول ولكن هناك طائفة أخرى من مفكري الإسلام قد انصرف الباحثون - في العادة- عن الاهتمام بها ألا و هي طائفة الأدباء الفلاسفة أو الفلاسفة الأدباء(17).
مكرسين نظرة غريبة لا ترى و لا تعد من الفلسفة إلا ما أنتجه أتباع أرسطو ( الفارابي، ابن سينا، ابن رشد) ممن دعاهم الأستاذ النشار و قلبه مصطفى عبد الرزاق(18) متفلسفة الإسلام لا فلاسفته، و تزداد الأمور سوءا لما نجد أحد المؤرخين المكترين (عبد الرحمن بدوي) لا يلتفت إلا إلى كتب المدرسة الأرسطية في الثقافة العربية و نقصد [ الكندي، الفارابي، ابن سينا، ابن رشد، ابن باجة، ابن طفيل، السجستاني (...) مستثنيا الغزالي من وصف فيلسوف ملصقا به وصف المتكلم أو المفكر الصوفي في أحسن الأحوال مع العلم أن عرض الغزالي لأراء الفلاسفة و تصوره للفلسفة يعتبر أفضل بكثير من عروض غيره من المشتغلين بالفلسفة و نقصد طبعا عرض الغزالي في كتابه مقاصد الفلاسفة الذي ظن البعض من المتقدمين أن الغزالي كتبه لينصر به الفلسفة لا ليبطلها و يظهر تهافت أهلها(19).
وفي هذا الإطار يكتب الأستاذ جعفر إل ياسين و لكن عن لحظة متأخرة من الفلسفة الإسلامية: إنه ليلفت النظر حقا دعاوة بعض المتطرفين من المستشرقين من أن الفلسفة في الإسلام فقدت بموت ابن رشد 595 آخر ممثليها بعد أن سدد لها الضربات الموجعة المفجعة الإمام الفيلسوف. الغزالي فلم تقم لها قائمة بعد دالك اليوم(20) (...)
و يرى الأستاذ جعفر أن تلك دعاوة تفتقر إلى أبسط أدلة النقل و العقل وكلاهما خضع لفترة غير وجيزة لأراء الغربيين و أحكامهم المبتسرة.
ثم يصرح و ربما ينطق كلامه بما نود قوله بشأن التوحيدي: و لعل الفيلسوف الشيرازي [التوحيدي بالنسبة إلينا] يعد نموذجا لذلك الفكر المتكامل الذي خاض غمار الحكمة عن جدارة و مهارة(21).
و قد لا يستقيم كلامنا عن التوحيدي إذا لم نشر إلى غفلة الدولة عن حماية المتصوفة أهل العرفان و الفلاسفة [ من الفقر و الجوع أولا يحكى التوحيدي أن أستاذه أبو سليمان المنطقي لم يظفر من دنياه بمنصب رفيع أو عيش رغيد عاش زمنا طويلا و حاجته ماسة إلى الرغيف و حوله وقوته قد عجزا عن أجرة مسكنه و عن وجبة غدائه و عشائه و الفيلسوف أبو بكر القومسي الذي لقبه أبو حيان بالبحر العجاج و السراج الوهاج كان من الضر و الفاقة ومقاساة الشدة و الإضاقة بمنزلة عظيمة، و قد قال مدة عن نفسه ما ظننت أن الدنيا و نكدها تبلغ من إنسان ما بلغت مني: إن قصدت دجلة لأغتسل منها نضب ماؤه وإن خرجت إلى القفر لا تيمم بالصعيد عاد صخرا أملس "و المعافي ابن زكرياء" الذي قيل فيه إذا حضر أبو الفرج حضرت العلوم كلها شوهد يوما مستدير الشمس في يوم شات و به من أثر الفقر و البؤس و الضر أمر عظيم فقال له أبو حيان " مهلا أيها الشيخ و صبرا فإنك بعين الله و مرأى منه و مسمع و ما جمع لأحد شرف العلم و عز المال" فقال:[ ما لابد منه في الدنيا فليس منه بد 22] إضافة إلى أساتذته فهذا شيخه السيرافي الذي يصفه شيخ الشيوخ و إمام الأئمة ، عالم العالم و شيخ الدنيا و مقنع أهل الأرض،- يعتقد ماسينيون أن أبا سعيد هو الذي علم تلميذه في سن مبكرة أسرار علم التصوف حتى صار التوحيدي شيخا في الصوفية – لم يكن يظفر بالكسيرة اليابسة، و كان على شيء من الزهد و التقشف و التوكل لا نظير له و قد كان التوحيدي يطري فيه أخلاقه العالية و ميله إلى الزهد و التقشف يروي لنا كيف لاحظ يوما أبو سعيد اهتمام أبي حيان بالقذف في الناس و الاشتغال بذمهم فنهره عن ذلك.
نذكر كذلك أستاذه الذي لقنه الفقه المروردي كما لقنه شيئا من التصوف و للمروروي نظرية خاصة في الزهد يرويها لنا أبا حيان على لسان أستاذه فيقول الزهد في الدنيا لا يصح لأن الإنسان خلق منها و عمرها و سكن فيها فلا سبيل إلى انسلاخه منا على ما نرى جفاة الصوفية يقولون... وإنما أريد بالزهد القيام بالأمر و النهي على قدر الطاقة و كنه القوة مع التقلب بين الرجاء و الخوف وإصلاح القلب بحسن النية في الخير و بذل المجهود من الموجود لمن يحسن معه الجود(23). فقد كان المروردي يرغم نظريته في التصوف هاته فقيرا معوزا، إضافة إلى الكثير من أساتذته و صحبه الذين عرفوا الكثير من شظف العيش و محنه فذاقوا مرارة الفقر و ذل الحاجة.
ومن ذلك التيار من الفقهاء الأصوليين الذين حسبوا أن الفلسفة و التصوف بمعناهما الواسعين شر مستطير يفسد العيش ويحول دون التبشير بعقائد الإسلام و نظمه و كانوا لا يالون جهدا في محاربة كل بادرة لا تجنح إليهم أولا تؤيد سبيلهم في الدين و الحياة ( نذكرهنا حملة العديد من الفقهاء على التوحيدي و رميه بالزندقة، زنادقة الإسلام ثلاث: المعرين ابن الروندي و التوحيدي و أخطرهم على الإسلام التوحيدي لأنه مجمج و لم يصرح و الذهبي ولعله متأثر بابن الجوزي الذي ذكرنا موقفه يرى أنه كان سيء الاعتقاد و ابن فارس في كتاب الخريدة و الفريدة يقول عنه إنه كان قليل الدين و الورع عن القذف و المجاهرة بالبهتان وإنه تعرض لأمور جسام من القدح في الشريعة و القول بالتعطيل (24).
و الزنديق (الجمع زنادقة والمصدر زندقة مصطلح في الجريمة عند فقهاء المسلمين يطلق على الملحد الذي يكون تفسيره لنصوص الشرع خطرا على سلامة الدولة) (25).
و يطلق وصف زنديق من طرف المحافظين على المفكر الحر و على من يبدو أنه في اعترافه بالإسلام بلسانه يعزوه الصدق الكافي.
و الوصف زنديق بمعنى الإلحاد الذي يعرض الدولة الإسلامية للخطر و هذا واضح تماما في محاكمة الحلاج.
ومن الزنادقة عند الحنابلة إضافة إلى المعطلة الذين يردون العالم إلى خليط غير ثابت مكون من العناصر الأربعة العبدكية و هم امامية زهاد، كانوا زهادا الكوفة لا يأكلون الحيوان و الروحانية و هم أربع فرق من الصوفية أهل الغناء يحاولون أن يتخلصوا من قيود الشريعة من طريق محبة الروح لله و الإتحاد به و هو إتحاد كان موضع استنكار لأنه يتضمن التسوية بين الخالق و مخلوقاته ومن صوفية أهل السنة من يعد بين هؤلاء الروحانية مثل رباح و رابعة إضافة إلى أحد الأمامية كابن حيان لأنه كان يقول أن الروح شيء غير مادي أي شيء إلهي.
وقد أتهم الصوفية منذ وقت مبكر بأنهم زنادقة بسبب مذهبهم في الحب الإلهي (26) و نحن نتذكر هنا حملة السيرافي احد حماة اللغة والنحو العربيين ( الذات، الهوية، المأصول...) على متى المنطقي (الوافد، الآخر، المنقول...) تلك الحملة التي تخفي ورائها حملة أكبر من الموروث على الوافد و التي كانت تغذيها الحملة الكبرى ضد الشعوبية التي التف حولها الحكام و الفقهاء و غيرهم كما و أن الحملة أيضا كانت ضد الباطنية (27) التي تحمل في جدورها بذور العرفان الذي يدعو إلى استنباط سبيلين للكتاب و السنة هما ظاهرالشريعة و باطنها، أي أن علم الشريعة يتفرع إلى شقين أحدهما علم الأعمال الظاهرة (الفقه) كالطهارة و الصوم و الصلاة و الزكاة و البيوع و الفرائض الأخرى و الآخر علم يعنى بأحوال القلب (فقه الباطن، التصوف) و جوانحه و يدل على الأعمال الباطنية و يبين السبيل إليها و كيفية التحقق بالكمال فيها (28)..
لم تعرف الثقافة العربية في هذا السياق فقط التقسيم ظاهر/باطن و إنما هناك تقسيمات أخرى: تفسير/تأويل التفسير يحيل على الظاهر، و التأويل يشير إلى الباطن ثم التقسيم شريعة/حقيقة.
وهو تصنيف أخذ به الشيعة والمتصوفة ينسب في هذا السياق إلى معروف الكرخي قوله: التصوف الاخد بالحقائق و اليأس مما في أيدي الخلائق فالحقائق هنا في مقابل رسوم الشريعة أي العبادات المقررة من فرائض وسنن أما " ما بايدي الخلائق فالمقصود بما متاع الدنيا و الأدبيات كثيرة في هذا السياق يقول التوحيدي التصوف اسم يجمع أنواعا من الإشارة و ضروبا من العبارة (29)" وهو علم يدور بين إشارات إلهية و عبارات وهمية(30).
ومن النافل القول بأن التوحيدي لم يكتب في التصوف إلا في أخريات أيامه و يمكن تفسير ذلك بانشغاله بحياته و ميوله و حبه للدنيا في البداية كما يمكن تفسيره بخشيته من أن يرمي بالزندقة أو أن يتمم باشتغاله بعلوم الأوائل ل يعني ذلك أن الاشتغال بعلوم الأوائل كان ممنوعا أو محظورا بالعكس فقد كانت سوقه ناقصة و لكنه كان تهمه و في ذلك تناقض (عدم تحريم الاشتغال بتلك العلوم نصا/ و اتهام المشتغلين بها.) يحار المرء في تفسيره، و لعل ذلك ما جعل التوحيدي يؤجل الخوض في التصوف حتى أخريات أيامه و قد يكون لذلك تفسير آخر فما أكثر التفسيرات لحياة التوحيدي و لفكره.
ثم إنه كثيرا ما رأينا انتصار روحانية العرفان على خذينتها ظاهر "الشريعة" بعد تجربة قاسية يمتحن فيها أهل الفكر بصنوف من الزراية و التعسف و الاضطهاد مما يحدو ببعضهم إلى أن يترك جانب العيش ليخلص نفسه معتكفا عليها محللا بواطنها كما فعل التوحيدي مع ذاته و نفسيته: وكان له من إرهاف الحساسية و نصاعة الذهن و عمق الشعور ما يجعله يستمد من هذه الويلات غذاء لروحه و مادة لتفكيره، فأجهز على خلايا نفسه بمبضع التشريح الباطن حتى قضى على ذاته بذاته فقال يصف نفسه و أطوارها: أما حالي فسيئة كيفما قلبتها لأن الدنيا لم تواتني لأكون من الخاطئين فيها و الآخرة لم تغلب علي فأكون من العالمين لها و أما ظاهري و باطني فما أشد اشتباهما ! لأني في احدهما متلطخ تلطخا لا يقربني من أجله أحد و في الآخر متبذخ تبدخا لا يهتدي فيه إلى رشد و أما سري و علانيتي فممقوتان بعين الحق لخلوهما من علامات الصدق و دنوهما من عوائق الرق و أما سكوني و حركتي فآفتان محيطتان بي لأني لا أجد في أحدهما حلاوة النجوى و لا أعرى في الآخر من مرارة الشكوى و أما انتباهي و رقدتي فما أفرق بينهما إلا بالاسم الجاري على العادة و لا أجمع بينهما إلا بالوهم دون الإرادة و أما قراري و اضطرابي فقد ارتهنني الاضطراب حتى لم يدع في فضلا للقرار و غالب ظني أني قد علقت به لأنه لا طمع لي في الفكاك و لا انتظار عندي للانفكاك وأما يقيني وارتيابي فلي يقين ولكن في درك الشفاء فمن يكون يقينه هكذا كيف يكون خبره عن الارتياب (31).
وليبتعد عن جو يسوده القلق ويتحكم به ضعاف العقول والدولة القائمة على الحكم كانت تخشى أشد ما تخشى الحد من التيار الثاني(الفقهاء) لأنه كان يعتمد في سيطرته على جمهور العامة من السذج وهم كثرة كاثرة يرهبها الملوك و الأمراء و يحتقرنها مع ذلك (32) ومهما اكفهر جو الخلافة (بني بويه) في عصرها ذاك و تطاحن الطرفان المتنافران (السيرافي/متى الظاهر/الباطن، الفقه/الفلسفة ) كنا نرى أن الحاكمين لم يعدموا الإشادة بالعلم و قيمه و المعارف و سمو منزلتها فشادوا المدارس العلمية على اختلاف أنواعها و أدروا عليها شيئا كثيرا من المال ومن منا لم يقرأ عن المدرسة. النظامية التي شادها نظام الملك أيام الغزالي و التي درس فيها الغزالي ما شاء له أن يدرس ومما يذكر في هذا السياق أن العصر البويهي في فترته تلك كان رهين عصبية و إفراط تتناحر فيه الدعوات الجديدة من جانب آخر (مذهب التوحيدي في الكتابة /مذهب ابن العميد أو الصاحب) و سنذكر من حوادث ذلك العصر كما صورها التوحيدي ما يضحك و ما يؤلم و كثيرا ما كنا نضحك و نحن نقرأ للتوحيدي ظنزه بأمراء عصره و تصويره لهم في أردى الصور و أقبح القسمات.قال عن ابن عباد حاكيا قولا للمسيبي: له في الخلاعة قرآن معجز و في الرقاعة آية منزلة و في الحسد عرق ضارب و في الكذب عار لازب لا ينزع عن المساوي إلا مللا و لا يأتي الخير إلا كسلا ظاهرة ضلالة و باطنه جهالة و ليس له في الكرم دلالة و لا في الإحسان إلى الأحرار آلة فسبحان من خلقه غيظا لأهل الفضل و الأدب و أعطاه فيضا من المال و النشب و قال أيضا: كان ابن عباد شديد السفه عجيب المناقضة سريع التحول من هيئة إلى هيئة مستقبلا للأحرار بكل فرية و فاحشة كان يقول للإنسان الذي قدم عليه من أهل العلم تقدم يا أخي و تكلم و استأنس و اقترح و انبسط و ولا ترعى (...) حتى إذا استقى ما عند ذلك الإنسان بهذه الزخارف و الحيل و سأل الرجل معه في حدوره على مذهب الثقة و ركب في مناظرته و ردعه و حاجه و راجعه و ضاجعه و شاكعه ووضع يده على النكتة الفاصلة و الأمر القاطع تنمر له و تنغر عليه و استحصد غضبا و تلظى لهبا (...).
و كان جل حسده لمن كتب فأحسن الخط و أجاد اللفظ و تأتي للرسم و ملح في الاستعارة و كان إذا سمع من إنسان كلاما منظوما و معنى قويما و لفظا مسجوعا ونثرا مطبوعا و بيانا بليغا و عرضا حكيما انتقض طباعه و ذهب عليه أمره و تبدد حلمه وزال عنه تماسكه و التهب كأنه نار و اضطرب كأنه شرار و حدث نفسه بقتله أو نفيه أو إغرامه و إبعاده و حرمانه و قال عنه أي ابن عباد أيضا سجعه يدل على الخلاعة و المجانة و خطه يدل على الشلل و الزمانة و كلامه على هذا النحو أكثر من أن يحصى يكفي تصفح أخلاق الوزيرين ليحكم المرء على امتراس و حدق التوحيدي في النقد المبني على معرفة دقيقة بالنفوس وما تختزنه من خبايا و ما تخفيه من مساوئ و محاسن نقد همه فضح السلوك الذي يشف عن ازمة معرفية خانقة و عن اضطراب اجتماعي عانى منه أولئك المفكرين الذين شاء لهم الحظ أن يظهروا في عصره يستقر أمره على حال فكان يعاني أفه انقسام و اختلاف ضار و كان أهله الذين تظاهروا بالسعي نحو الكمال يحتذون مسالك آداب زمانهم ذاك و يتناحرون وفقا لروح عصرهم على مجموعة من العقائد و الأفكار فهناك سني و شيعي و ثمة متشرع و صوفي فكانت دولة بني بويه تضم عندئذ جماعات متضاربة متناقضة فحكيم و فقيه و محدث و سفيه و بليد و زاهد وواعظ وعابد و متعكف و خمار و سوفسطائي و عقلاني و أشباههم كثير فكان ديدنهم أن يتبرأ بعضهم من بعض و أن ينتصر كل على كل و هم أبدا مشغولون بالنزاع و التخاصم باليد و اللسان يقول التوحيدي متحدثا عن أدباء عصره و متكلميه و فلاسفته مصورا ضائقة بعضهم مع كثرة علمه و جودة محفوظه و بؤس بعضهم الآخر و سخافة بعضهم و لؤمه و خساسة طبعه و تزلف بعضهم الآخر و هيامه بالتخريف و الاغراب: أما شيخنا أبو سليمان فإنه أذاقهم نظرا و أقعرهم غوصا (...) مع تقطع في العبارة و لكنه ناشئة عن العجمه و ابن زرعة حسن الترجمة صحيح النقل جيد الوفاء بكل ما جل من الفلسفة ليس له في دقيقتها منفذ و أما ابن الخمار ففصيح، مرضى النقل كثير التدقيق (...) يخلط الدرة بالبعرة و يفسد النمس بالغث و يشين جميع ذلك بالزهو و الصلف.
و أما ابن السمح فلا ينزل بفنائهم و لا يسقى من إنائهم (...) يحطه عن مراتبهم بلادة فهمه و حرصه على كسبه فهو متفرغ مح البال مأسور العقل. و أما القومسى كثير الفقر العجيبة محمود العناية في التصحيح (...) إلا أنه غير نصيح في الحكمة (...) فهو كالمقلدين المحققين.
وأما مسكويه ففقير بين أغنياء و عيي ابيناء، و أما عيسى بن علي حجة في النقل و الترجمة و التصرف في ضروب المعاني و العبارات و أما نضيف فإنه متوسط ، و أما يحيى بن عدي فإنه كان شيخا لين العريكة فروقة (33). وله كلام كثير في أدباء عصره و عن أخلاقهم بل و عن أهل زمانه و أخلاقهم ذهب بالبعض إلى أن يدرس القرن الرابع مجتمعا و ثقافة و أخلاقا على ضوء نصوصه و أدبه و كأن نصوص و مؤلفات التوحيدي صورة ناطقة أمينة عن مجتمعه و ما يمور فيه من تيارات و أفكار و مذاهب و عقائد و ما يموج به من صراعات و سياسات و فتن و ما يختلج فيه من خواطر و نزاعات و كأن التوحيدي و هو كذلك تحقيقا فنان أخد يرسم بريشته زمانه و أهل زمانه بدقة و صراحة غير تارك خامل لخمولته و لا بليد لبلادته و لا تقي لتقيته و لا مستور لاستثاره و إنما أخد يتكلم عن الكل منتقلا من فكرة إلى خلق ومن ملة إلى سياسة و من عقيدة إلى فتنة ومن عجز إلى قوة ومن حركة إلى سكون ومن بيان إلى عي ومن صحة إلى مرض ومن جمال لإعاقة مبديا رأيه ساخرا مرة و متفجعا أخرى وهو في ذلك ابن بار لثقافة زمانه و سليل محمود لشيخ الساخرين المفتشين محللي النفوس الجاحظ الذي ما ترك هو الآخر خلة إلا أظهرها و لا مزية إلا أفشى سرها و لا نزعة أو فتنة أو نعرة إلا كشف عورتها و أبان عن مكنونها.
يطول الحديث عن أبي حيان ويتشعب ليس لأنه أرخ لنقسه و كتب عنها: إن التوحيدي الذي أرخ الأفكار و الفلسفة و الأدب في عصره، ذلك لأنه تعلق بالحياة تعلقا عظيما لم يؤرخ لنفسه في المواقف الحاسمة التي تعيننا اليوم على استكشاف الحركة الطبيعية لسيرته (34) الذي لم يترك واحدا من الناس .
فلا نجد له عمل في السيدة كما فعل الغزالي في منقذه أو ابن خلدون في تعريفه و حكايته عن نفسه و أهله و أسرته تكاد تكون معدومة أو في حكم المعدوم و هذه حال غربة التوحيدي فكيف أرخ و عرف و ترجم الكثير من أهل عصره (لأساتذة، وزراء، صوفية) و نسي نفسه و كيف هانت عليه نفسه حتى استنكف عن الترجمة لها.
هل تقول بأن كل كتب التوحيدي و أعماله من قبيل السيرة فهذه الكتب تعبر عن مراحل تطور فكرة التوحيدي و وانعطافاته الكبرى فهي بالتالي سيرة ذهنية معرفية تتضمن أمشاجا و علامات و صور و قسمات مما هو ذاتي (علاقات مع الوزراء، رحلات مع الصوفية، فقره المدقع متمثلا في شكواه المرة لزمان و أهله، المجالس التي كان يحضرها ) (...) و تفسح بالتالي المجال الأكبر للحديث عن معارفه و أفكاره، عشقه للأدب، مشاعره، زهده، ورعه، شكاته المستمرة و العنيفة تضرعه و تذله،تصوفه و نسكه، غربته و عزوفه و جملة حياته كما يراها هو لاكما نراها نحن و عجبنا من بيان التوحيدي التأريخ لنفسه يتضاعف لما نعرف أن كل الذين ترجموا له لم يتجاوزوا ما ذكر هو عن نفسه و بالتالي يصدق رأي زكي مبارك.
لا تسألني عن متى ولد و لا أين ولد فذلك رجل نشا في بيئة خاملة لم تكن تطمع في مجد حتى تفيد تاريخ ميلاده(25) و إمساكه عن الحديث عن لا يبرره و لا يفسره إلا خشيته من أن يكون معرض هزء و سخرية من خصومه (ألم يكن القائل و اكره أن أروي مذمتي تقلمي (...) و حيث إن ما كتبه يعتبر قطعة منه يقول: فشق علي أن ادعها لقوم يتلاعبون بها و يدنسون عرضي و إذا انظروا فيها و يشمتون بسهوي و غلطي إذا تصفحوها و يتراءون نقصي و عيبي من أجلها (26) و إذا كان هذا الخوف من العيب- الذي لا يخلو منه أحد سطر بقلم بل و لم تسلم منه حتى الكتب المقدسة- و النقد عظيم و جليل لدى التوحيدي فلعله يكون ميرا لسلوكه في عدم الترجمة لنفسه و تكتمه على أسرته و أهله و خاصته لا نحب أن نفسر هذا السلوك و نقول إنه ربما كان راجعا إلى إحساس التوحيدي بحقارة أرومته و ضعف منزلة أهله- خاصة في مجتمع معتد بالأصول، يقدر العرق و يغالي في نظرته للمكانة الاجتماعية- أديا بالتوحيدي إلى طي سر نفسه و أسرته ثم إن هذا السلوك ( الكتمان و التستر و عدم الإفصاح لم يكن خاصا بالتوحيدي لوحدة فقد تكتم المتنبي (27) و لم يفصح عن أصله ( يفسر طه حسين سر تكتم المتنبي على أصله بقوله: " كان فيما يظهر غالبا مسرفا في الغرور و الكبرياء" كما يذكر أن المؤرخين بين متحدث عن أصل المتنبي يريد أن يرفع من شأن المتنبي الذي انحدر من رجل فقير فملأ الدنيا و شغل الناس و ليس متحدث بذلك ليضع من شأن المتنبي الذي أنحذر من رجل فقير حقير فورث عنه الحقارة.و كذلك اختلف في أصل أبي تمام و ربما كان قول بدوي معبرا فهذا الخصوص فالتوحيدي من أولئك الموالي الذين اختلطت فيهم الدماء و العناصر فكونت مزيجا غريبا على أنه يشعر بواشجه قربي مع الغرباء و الأفاقيين (28).
فما الذي يرغم التوحيدي أو يكرهه على أن يترجم لنفسه أو يذكر أناسا خاملين حتى و إن كانوا أبويه و لماذا يغمس قلمه فيما لاعائدة من وراءه ثم إن التوحيدي مؤمن بأن من رفعه العلم لايضعه العرق فكم من العلماء الكبار أجلهم الناس ووقروهم وتنافسوا في الإقبال عليهم و هم لا يعرف لهم أصل و عموما فترك التوحيدي التعريف بأهله و نفسه ليس سهوة منه و لا غفلة إنما هو من قبيل ترك المتروك و كيف يعلن عن أصله و هو الذي خبر الناس و عرف نفوسهم فقال: "كيف أتركها لأناس جاورتهم عشرين سنة فما صح لي من أحدهم وداد و لا ظهر لي من إنسان منهم حفاظ" (39) و سواء كان الحديث عن كتبه أو عن سيرته فالأمر سواء عند التوحيدي.
ليس من غرضنا تحقيق ولادة (40) التوحيدي ولا وفاته فتلك أمور أكثر الباحثون في مناقشتها و البحث عنها.ويكفينا ما قاله له عبد الرزاق محيي الدين من أنه ليس فرضا لازما أن يجهد الباحث نفسه في ضبط الستة التي ولد فيها المترجم إلا حين يتوقف على تحقيق السنة أمر ذوبال (الحال انه لا نتوقف على ولادة التوحيدي أي شيء قل أو كثر). فإن التردد بين سنة و أخرى في مولد الإنسان ربما يكون ذا أثر في عمله الأدبي فسن الطفولة يمتد ببعض الناس فيكون حياة غفلا لا عمل فيها و لا نتاج فإلقاء سنة أو أخرى في هذه السن العاطلة لا يقدم أو يؤخر في تقييم الدارس للأثر الأدبي (41).
و قد صرف التوحيدي القسم الأكبر من حياته في بغداد على ما يقول مرحليون(42) يدرس و يقرأ و يناقش و يسامر في مجتمع كان يعرف قدر المناقشات ومن المؤكد أن طفولته تمثل نقطة مؤلمة يحاول تناسيها فقد كل شيء في وقت مبكر: أني فقدت ولدا نجيبا و صديقا حبيبا و صاحبا قريبا و تابعا أديبا و رئيسا منيبا (43).
و نكاد لا نعرف شيئا عن الكثير من مراحل حياته و لا تتوفر على إشارة من التوحيدي لها مثل طفولته و ليس من قبيل الإسراف في التأويل القول بان تكتم التوحيدي على الكثير من تفاصيل حياته إما لضعة في أصوله أو خشية من خصوم أسرته و لعل ذلك الغموض و الكتمان و الصمت الذي صاحب حياة أبي حيان "صمت عن طفولته و صمت لحظة استثارهة في آخر أيامه" يعبر أبلغ تعبير عن حياة معذبة : و كأن التوحيدي من الأفراد الذين حكمت عليهم المقادير بالشقاء حتى غدا محدودا محارفا يتشكى صرف زمانه و يبكي في تصانيفه على حرمانه(44) و لسنا نجد في كتب أبي حيان أية إشارة إلى أسرته كما أننا لا نلتقي في تضاعيف مصنفاته بأنه قرينة نستدل منها على لقبه و هذا ما حدا ببعض الباحثين إلى القول بأن الرجل كان يعلم أنه نشأ من أسرة رقيقة الحال عديمة النسب و الحسب فلم يكن يجد داعيا للحديث عن نشأته أو الإشارة إلى أسرته (45) و للأسف لا نجد أمامنا أية وثيقة نستطيع أن نستنتج منها شيئا عن طفولته او علاقته بأسرته أو صلاته بإخوته أو اتصالاته بإخوانه و هذا ما حدا بالدكتور عبد الرحمن بدوي إلى القول بأن الرجل فقد كل شيء في عهد مبكر كما فقد الصديق و الصاحب و التابع و الرئيس في جاري عمره (46).
و لكم كان جميلا لو أن التوحيدي دون اعترافات أو كتب ترجمة ذاتية على غرار ما فعل الغزالي في " المنقذ من الضلال" الذي يحدثنا فيه عن تطوره الروحي . و رحلته من الشك إلى اليقين و أغلب الظن أنا أبا حيان قد حرم في طفولته من كل عطف و حنان فاتسمت حياته منذ البداية بطابع القمع و الحرمان. وقد يكون من المبالغة القول إن كتاب "الإشارات الإلهية" سيرة ذاتية مؤلمة رصدت الآثار النفسية الإيجابية و السلبية التي تركها تاريخ أبي حيان بأكمله على شعوره و أحاسيسه و أنه تعبير صادق عن نفس معذبة أرهقها البكاء والأنين أو القول إنه (الإشارات) تعويض نفسي عن دنيا الناس و تشييد لصرح مدينة فاضلة في انتظار الدار الآخرة حيث القيم المطلقة الجنة المحبة إلى جانب رب رحيم و فئة خيرة(47) بدليل أن التوحيدي لو كان بالفعل يرغب في كتابة سيرة ذاتية لكان كتبها و لخص فيها تجاربه و عواطفه و أحاسيسه بلا تورية أو مخاتلة ثم إن اعتبار الإشارات سيرة ذاتية لا يفطن إلى الطابع الصوفي الروحي لكتاب كما لا يفطن إلى أن الكتاب مناجاة حارة بين نفس نزاعة إلى التخلص من الدنيا و لو ثاتها طامعة في الترقي و المعراج نحو الذات العلية التي يحلو الحنظل الحوالي ذات يتخلص معها من قال فيهم: "و الله يا رفيقي و شريك زادي لقد صحبت الليالي ستين عاما مذ عقلت فما غدربي إلا من استوفته ة لا كدر علي إلا من استصفيته و لا أمر لي إلا من استحليته و لا أهمل أمري إلا من استرعيته و لا قذيت عيني إلا بمن جعلته ناظرها ولا أنحنى ظهري إلا لمن نصبته عماده و لا نجمت لي نجاة إلا من حيث لم أحتسب و لا سبقت إلى مرة إلا ممن لم أكتسب (48).
و عموما فقد كان من التعبير على من تصدوا لكتابة سيرة التوحيدي إيجاد ترجمة وافية له متصلة الأحداث متوالية الوقائع فأخباره المبعثرة في ثنايا الكتب و المصادر لم تفد شيئا في معرفة أصله و نشأته و مكان ولادته وهذا ما جعل الأخبار عنه قليلة متضاربة إن وجدت وما عرف منها لم يسلم من التحريف و الوضع و التحامل لأن أبا حيان كان ذا مزاج خاص و لسان حاد و طبيعة شاذة زادها انحرافا و ضراما خلافه مع أهل زمانه مما جعله يقضي شطرا كبيرا من حيائه مستترا صونا لشخصيته و خشية أذى الناس و بطش السلطان (49).
وأيا كان الحال فقد عاش التوحيدي طفولته معذبة منعه الحياء من الخوض فيها فاكتفى بالصمت الذي أبلغ من كل الكلام (50).
نعم لم يتحدث الرجل عن أصله ونسبه و لم يفصح عن حال أبيه و أمه و لم يصف هيئته و شكله(51) (يصعب رسم صورة له كما رسم العقاد صورة لأبن الرومي من خلال شعره قائلا إنه كان أصلع طويل القامة شاحب الوجه مرتعد الفرائص خفيف الجانبين نحيل يصعب الخوض فيها بالسنة للتوحيدي و يكفينا القول إنه كان قوي البنية يبدو ذلك من كثرة أسفاره و كثرة شكواه و بلواه و طول عمره). فأيام طفولته و صباه مجهولة لدينا جهلا تاما و الأعراض و الحوادث التي اتفقت له في هذا الطور من نشأته عجماء لا تفصح و لا تبين لذلك دلف كثير من الباحثين إلى أيام طلبه و شبابه و كهولته تمشيا مع شح المعلومات عنه و غموضها فقد ضرب التوحيدي ستارا كبيرا على نشأته الأولى وعلى حياته في البدء وستار أكبر على أسرته و ضرب التاريخ أستارا أخرى. عليه فلا يبين من أخباره إلا القليل النادر. حتى ليدمجه البعض مع المقموعين (52) و المرفوضين تاريخيا.
و ليس هدفنا تحقيق أصله فقد أكثر في ذلك الباحثون وما خرجوا بطائل كما قد أكثروا في الحديث عن ولادته نقول محيي الدين: إنه فيما صور المؤرخون من ناحية العصر الفارسي أو عربي ومن حيث الموطن بغدادي أو واسطي نيسابوري أو شيرازي ومن حيث العقيدة مؤمن مصدق أو زنديق ومن حيث الرواية وضاع مختلف أو تبت حافظ ومن حيث الطريقة صوفي عارف أو أفاق محترف ومن حيث معارفه فيلسوف و متكلم و فقيه و محدث نحوي و شاعر وناثر و يمثل هذا يجري الخلاف في عام مولده ووفاته وفي مؤلفاته (53).
صوره فيها اختلاف كبير واسع بين المؤرخين في تقدير التوحيدي اختلاف بعيد مترامي لعله يكون من أقوى الحوافز ليبين وجه الحق في سيرته التوحيدي و قد قيل قديما من عظمة الرجل أن يختلف فيه و لكن الصورة التي يقدم محيي الدين تجمع الكثير من المتناقضات إلى حدود المفارقة فكيف يكون الرجل بغداديا وواسطيا في الآن نفسه و كيف يجتمع الإيمان و الزندقة في نفس واحدة؟ فهو إما مؤمن أو زنديق ثبت أ و وضاع صوفي أو أفاق و لا يمكن أن يجتمع النقيضان وكيف لهما أن يجتمعا وما وجود أحدهما إلا نفي للآخر و إبعاد له، فالإيمان يهدم الإلحاد و يورث يقينا و طمأنينة و الصوفي يخلص نفسه من المرء و يطهرها من النفاق و الكذب و الخداع و ما سمي صوفيا إلا لأن نفسه تصفو من الأكدار و الخبائث و يجاهدها و الخداع و يجلو طبائعهما لتزكي و تسمو، من هو إذن التوحيدي عربي أم فارسي؟ مؤمن مصدق أم زنديق ملحد؟ صوفي عارف أم أفاق مخرق؟ فيلسوف أم فقيه متكلم، محدث، أديب،وهل يمكن جمع هذا الشتيت من الاوصاف بالقول بان الرجل (التوحيدي) أديب فنان لا يقوى على فهم آثاره إلا أديب أو فنان من طرازه (54) و في مستوى ذهني يسامته فلا يقوى على تأليف صورة مبعثرة متباينة مشوشة إلا أديب فنان أو شاعر موهوب؟
ذلك أن الفنان أو الأديب قادر لوحده أن يعلو على التباين و التناقض فلا نرى إلا الانسجام و التوافق بل و المطابقة، ليس عيبا أن يلتمس الباحث الأعذار و في حالتنا التوافق لنفسية مبحوثة و لكن شرط أن يصرح بذلك و يدلنا عليه و يصرح بأنه مسؤول و لكل مسؤول أجر أما أن يقدم تأويله بوصفه الحقيقة و فصل الخطاب في قضية من القضايا فذلك مما لا يحمد و لا يمكن استساغته و في سياق الفحص في طفولة التوحيدي يفاجئنا أحد الباحثين يقوله: إن طفولة التوحيدي تكلمنا عنها أم سكتنا لن تكون في أبعادها و ملابساتها شيئا غريبا جدا أو بعيدا عن المراحل التي نعرفها عن التوحيدي الشاب و الكهل و الشيخ (56) و كأن حياة التوحيدي مرت عادية رتيبة سعيدة طيعة، إن مثل هذا الكلام الذي يستند إلى خلفية تقليدية، منكرة للكثير من المناهج و البحوث بدعوى أن كافة المناهج النفسية منها بخاصة التي توسل بها العديد من الباحثين في قراءة التوحيدي (بدوي،زكرباء إبراهيم، أركون) مهما بلغت كفايتها الإصرائية و قدرتها التحليلية تبقى نتائجها نسبية فمعظمها ظنون و أوهام (57) ومن ثقة مضى الباحث في الإنكار على الباحثين قراءاتهم على ضوء المنظور النفسي و لمزا في الكثير من منطلقاتهم متهما إياهم مرة بالوجودية يقول: وضع بدوي مقدمة طويلة إثر تحقيقه لكتاب الإشارات و ربط فيها التوحيدي بالفكر الوجودي و الديني الأوروبي (58) و لا يخفي الباحث امتعاضه من توظيف بدوي لأدوات فلسفية في في دراسة التوحيدي كما لا يخفي أمتعاضه من توظيف زكرياء إبراهيم للمفاهيم النفسية بجرأة نادرة (59).
و لا يستطيع الباحث إلا الأنكار على القول بأن حياة التوحيدي كانت كلا منسجما بدليل غرابة شخصية التوحيدي نفسه و بدليل كثرة المؤرخين الذين تجنوا في أحكامهم عليه حيث لم تسلم كتب الرواة من ثلب الرجل في أخلاقه و اتهام له في دينه وتشكيك في قيمة علمه.و بدليل كثرة السخط و الشكوى و الإفراط في ذم الناس و قد قال أحمد أمين في ذلك: إن أبا حيان كثير الشكوى من الزمان و الناس و الشكوى قد تثير في النفس عاطفة الحنو و الرحمة و قد تثير عاطفة الاشمئزاز و التقزز (60) وهي شكاة أعمق مما تبادر إلى أذهان الباحثين، لقد شكا من الفقر فإنه ليس لصاحبه على رأي أبي حيان عياذ من التقوى ولا عماد من الصبر لا دعامة من الأنفة و لا اصطبار على المرارة كذلك شكا من الناس فهم: ضباع ضارعة و كلاب عاوية و عقارب لساعة و أفاع نهاشة و لكنه شكا أيضا من ضعف الإنسان بوجه عام و شكا من تناقض الذات البشرية و شكا من قسوة الحياة الأنانية و شكا من سرعة انقضاء الزمان و شكا من هول الموت الذي ينتظرنا جميعا في خاتمة المطاف فلم تكن شكاته مجرد شكاة فردية شخصية بل كانت أيضا شكاة الإنسان من حيث هو إنسان (61) علاوة على فقره و زهده "صوفي السمت، قبيح الهيئة، حقير لبسة" و هو أكثر المحبين للدنيا نزاع إلى تحقيق رغباته و الفوز بالغنى و السعادة العاجلة كما يقول" محبوبة و الرفاهية مطلوبة و المكانة عند الوزراء بكل حول و قوة مخطوبة "(62) فكيف يقال إن حياته كانت كلا منسجما " لقد اتخذ من الانقباض صناعة" مع لهفته على الدنيا و حبه لها و صار يتنغص لبعض ما يشتهي و يتحرق حتى غدا محدودا محارفا يتشكى صرف زمانه و يبكي في تصانيفه على حرمانه (64) و هكذا قدر على التوحيدي أن يعيش دهره محروما شقيا. يطوي منشور أمله متنزها و يجمع شتيت رجائه ساليا و يدعى الصبر مستمرا(65). و‘ن أكثر ما يؤلم التوحيدي و ينغص عليه عيشه هو الفقر و الفقر عند رجل كالتوحيدي رهيف الأعصاب مكدودها رفيق الحسن سريع التأثر و الانفعال ليس كالفقر في نظر عامة الناس. بل الفقر عنده فكرة رهيبة يضخمها خياله فيزيدها رهبة و هولا فهي تنطوي على معاني الحرمان و الجهد الأليم الذي يتطلبه الحصول على العيش الهنيء المرموق يقول:" غدا شبابي هرما من الفقر و اقبر عندي خير من الفقر" (66) و قد بلغ من فقره أنه كان لا يظفر بقوته الضروري و أنه عجز عن الحصول على ظمرين للتستر لا للزينة و الاختيال (67) و أنه كان يأكل الكسيرة اليابسة و البقيلة الذاوية و يلبس القميص المرقع و يتأدم بالخبز و الزيتون (68) و أنه كان لا يفوز بالبلغة من العيش إلا ببيع الدين و أخلاق المروءة و إراقة ماء الوجه و كذا البدن و تجرع الأسى و مقاساة الحرقة و مضى الحرمان و الصبر على ألوان و ألوان (68).
هذا إضافة إلى تشاؤمه المبالغ و حقده على الناس فقد وقع فريسة للغيظ و الحسرة و قويت كراهيته للناس و كان تشاؤمه وليد المزاج و التجارب و كان للشذوذ و الكبرياء أثر في دعم تشاؤمه ذاك و استحالت عواطفه المكبوتة مع مرور الزمن إلى بغضاء و مرارة وحقد على الإحياء و نفره من المجتمع أسلمته هاته الأحوال( شقاء، تشاؤم) إلى حالة من القنوط و الاستسلام بعد أن قضى عمره بالأسى و التحسر على فوت المأمول بعد المأمول يأكل أصبعه أسفا و يزدرد ريقه لهفا متبرحا بطول الغربة و شظف العيش و كلب الزمان و عجف المال و جفاء الأهل و سوء الحال (69).
فكيف يقال إن حياة التوحيدي كل منسجما و كيف يأنف الباحث من توظيف. المناهج النفسية و الاجتماعية و التوحيدي ليس فردا لوحده يمكن دراسته و كشف خبايا نفسيته إنما هو ظاهرة تتضمن التوحيدي، أبو العلاء المعري، ابن الرومي، كافكا، الحلاج و الكثير من المفكرين المكروبين و الذين عجزوا عن التوائم مع حياة الناس فأضناهم الأسى و الأسف. و أرهقتهم الظروف و توالت عليهم الكوارث و الأحزان من كل جانب (70).
إن طفولة أبي حيان عكس ما يقول محمد همام كانت عجبا في حياة الأطفال وأن إحساسه المرهف الرقيق و أعصابه المتوفزة المتوترة و غريزة التطلع فيه إلى كل شيء حوله و حب المشاركة في كل ما يرى و يسمع و تسجيله لكل ما يقال و دقة مراقبته للصغير و الجليل من الأشياء لابد أن تكون قد سبقت طور حياة و استمدت من عهد طفولته فصيرت منه طفلا متعبا متعِبا ضاق به أهله و شكاه جيرانه وضج منه لذانه (71) فرقه الحسن و حب التطلع و جرأة النقد و تسجيل كل ما يقال و ما يروج خصائص لا تفسر لوحدها نفسية التوحيدي و الاحتراز عن توظيف المفاهيم النفسية يوقع الباحث في معضلة حدها الأول خصوبة و غنى حياة التوحيدي و نفسيته وحدها التالي (بعدم توظيف المفاهيم) فقر و ضعف المقاربة المعتمدة على قراءة ظروف حياة التوحيدي (شح المعلومات التاريخية).
وليس للباحث غير هاذين السياقين و بالجمع بينهما و تأليف وحدة منهجية متماسكة يمكن للبحث في التوحيدي أن يتقدم خطوات أوسع و يفتح أفاق أكثر رحابة لا نزعم أن ساعون إلى هاته الغاية فذلك هم أكثر من أن نوفي به.
لقد كان حرمان التوحيدي سببا في التجائه إلى الدرس و التحصيل عله يجد فيه تعويضا عن بعض ما فاته من نعم الحياة و يخيل إلينا أن أبا حيان كان يتحدث عن نفسه حينما راح يقول: و هكذا اشتد في طلب العلم تشميره و اتصل في اقتباس الحكمة رواحه و بكوره، وكانت الكلمة الحسناء أشرف عنده من الجارية العذراء و المال المقوم أحب إليه من المال المكوم (73) و يتأيد هذا الظن إذا عرفنا أن اهتمام أبي حيان بالعلم و الدراسة قد صرفه عن التفكير في الزواج و إنجاب النسل [ وقد ذهب الباحثون إلى تفسير عدم زواجه مذاهب، أقلها أنه كان مكبوت الغريزة (74)] لقد كان أبو حيان شخصية فلسفية طلعة تستخلص الأسئلة من كل ما يقع أمامها سواء كانت المسائل خلقية أو اجتماعية أو لغوية أو نفسية وقد كفانا الكثير من الباحثين مؤونة البحث في ثقافة (75) و علاقته بأساتذته مستخلصين الكثير من المعلومات من كتبه و دفاتره خاصة وأن عرض صورة موسعة عن أساتذته و شيوخه و أصدقائه متصرفة في كتبه (الإمتاع، المقاسات.) كما عرض صورة أخرى قاتمة عن وزراء عصره (أخلاق الوزيرين) و عرض صورة ثقافة رفيعة دافئة عن نفسيته ( الإشارات الإلهية) و قد قسم (76) بعض الباحثين أطوار حياة التوحيدي إلى ثلاثة مستثمرين في ذلك كتب التوحيدي و لا شك أن مثل هذه الجرأة المنهجية كثيرا ما توقع البحث في خلط خصوصا و أن الكثير من المفاصل في حياة التوحيدي يلفها الغموض بل و تتداخل بعض أطوار حياته (كتبه) إلى حد لا يمكن التمييز معه بين حالة الاستقراز النفسي و حالة اللاستقرار فالتوحيدي متوتر لا يستريح و لا يستقر على حال فلم تكن لحظات حياته ثورة دائمة ولا استقرار مستمر و إنما جمع إلى جانب الثورة و السخط حالات من الاستسلام و الهدوء ففي عز ثورته كان يبدي استسلاما و يركن إلى هدوء نفسي غير منتظر.
علاوة على أن التاريخ الذي كتبت فيه كتب التوحيدي لازال غير محقق فكيف يمكن تمثيل تلك التقسيمات أن تبقى دالة إذا ما كشف البحث التاريخي عن تقدم أو تأخر تاريخ كتابة إحدى كتب التوحيدي أو بطل نية أحد الكتب إليه (77) و بالنسبة إلينا و في حدود ما عثرنا عليه من كتب التوحيدي يمكننا اختصار و قراءة نفسية و شخصية التوحيدي علاوة على ثقافته إلى لحظتين اثنتين: لحظة فلسفية نقدية مطمعة بحسن أدبي رفيع و ثقافة واسعة، علاوة على توتر نفسي نمثل لها بثلاثة كتب هي (المقابسات، الإمتاع و المؤانسة و أخلاق الوزيرين) و لحظة صوفية إيمانية بلغت فيها نفسية التوحيدي ذروة ترقيها الروحي و سموها فالكتاب يعبر عن نفس دلفت إلى الإيمان المستسلم بعد أن عانت من تجارب الحياة أهوالا طوالا ففيه مرارة اليائس من الناس ومن دنيا الناس و فيه صرخة أليمة لأمل خائب تكسرت عليه نصال الخيبة بعد الخيبة و فيه عزوف رقيق لكنه عميق عما يربط بالعاجلة و استدعاء متوسل لكل ما تلوح منه يوارق الاجلة و فيه شعور بهوة هائلة تفغر فاها في نسيج الوجود و فيه طعم الرماد يتذوقه المرء في كل عبارة و إشارة(78).
لم يرضى التوحيدي على عصره الذي اختلت موازينه و سعي إلى تغييره بعنف و قوة فطلب بذلك محالا و حصل من كل ما تمنى إخفاقا لا نظير له و خيبة أمل لا حد لها مما سبب له حسرة لا تنتهي و هو مع ثورته و نقمته على مجتمعه (79) كان جبانا يؤثر السلامة في الخمول على الغنيمة عند تجشم الأخطار فهو في فصيلة الكتاب من نسخ ابن الرومي في فصيلة الشعراء وقد تنوعت علاقاته تبعا لهذه اللحظة وكثرة شكاته و تعددت تجاربه و ذكرت في الجهة شقاء اتصل بك في سفرك ذلك و عناء نال منك في عرض أحوالك و لعمري إن السفر فعول لهذا كله و الأكثر منه (80) و فشل التوحيدي في الحياة يعود به الكثيرين إلى طبيعته و نفسيته و توتر خلقه و شعور يخامره بالاستعلاء، لقد خاض تجربة شبيهة بالتي خاضها المعري. فكان مصيرهما واحدا لم يتركا طائفة إلا تعرضا لها بالنقد و التجريح علاوة على حبهما للعلم و عشقهما للثقافة فالرجل لم يترك طائفة من الطوائف في عصره إلا أعطاها و أخذ منها فقد هاج اليهود و النصارى و ناظر البوذيين و المجوس و اعترض على المسلمين و جادل الفلاسفة و المتكلمين و ذم الصوفية و نعى على الباطنية و قدح في الملوك و الأمراء و شنع على الفقهاء و أصحاب النسك و لم يعف التجار و الصناع من العذل و اللوم و لم يخل الأعراب و أهل البادية من التفنيد و التثريب و هو في كل ذلك يرضى قليلا و يسخط كثيرا و يظهر من الملل و الضيق ومن السأم و حرج الصدر ما يمثل الحياة العامة في أيامه، بشعة شديدة الإظلام (81) ما أشبه هذه الصورة بحياة التوحيدي و نفسية التوحيدي وتكاد نلمح تشابه و مماثلة كبيرة بين سلوك التوحيدي إزاء الناس و سلوك المعري فإذا كان التوحيدي قد قال بلسان سفيان. بن عينية: صحبت الناس خمسين سنة ما ستر لي أحد عورة و لا رد عني عيبه و لا عفا لي عن ظلمة و لا قطعته فوصلي (82) و قال المعري: مالي و الناس؟ لقد بلوت أخلاقهم فلم ألق إلا شرا و اختبرت طباعهم فلم أجد إلا نكرا فلتضربن بيني و بينهم الحجب و لتسدلن بيني و بينهم إلا ستار لقد سمعت منهم فما نطقوا إلا محالا و لقد تحدثت إليهم و تحدث إليهم قبلي الحكماء و ألو النهى فما آثروا إلا طاعة الأمراء و ما استجابوا إلا لدعاء الشهوات فلتصمن عن حديثهم أدني و ليعقدن عن تحديثهم لساني و ليمحين من قلوبهم شخصي و ليحسبني بعد اليوم من أهل القبور مالي و الدنيا؟ لقد أتيتها كارها و عاشرتها كارها و لأخرجن منها كارها و لقد ذقت من لذاتها ما لم أرج و احتملت من آلمها ما لم أحتسب فإذا اللذة إلى ألم و إذا السعادة إلى شقاء و إذا الأمل إلى يأس و الرجاء إلى قنوط إني لأحمق إن لم أطرحها قبل أن تطرحني و أزدرها قبل أن تزدرني (83).
هل تقول إن حال المعري كانت أكثرتركيبا و تعقيدا و فضاعة من حال التوحيدي (لفقد المعري ناظريه) لنا أن تقول ذلك مادام ما أصاب المعري يتجاوز في خطرة كل التصورات لقد مات و هو حي أما التوحيدي فما أكثر شكواه و ما أسعد حالة مقارنة بالمعري و لننصرف عن مثل هذه المقارنةلتي تؤلب في أنفسنا شيئا على التوحيدي فنتهمه بكثرة الشكوى :كان محدودا محارفا يتشكى صرف زمانه و يبكي في تصانيفه على حرمانه (84) و نفقد بالتالي الثقة في كلامه: خلصني أيها الرجل من التكفف أنقدني من لبس الفقر، أطلقني من قيد الضر اشتريني بالإحسان اعتبدني بالشكر استعمل لساني بفنون المدح اكفني مؤنة الغذاء و العشاء إلى متى الكسيرة اليابسة و البقيلة الذاوية و القميص المرقع (85).
في الوقت الذي كان فيه الوزراء و الكثير من الفقهاء و المقلدين من رجال الدين ينعمون بالسلطة كان الفلاسفة و المفكرون (التوحيدي سليمان المنطقي ) يلاقون ألوانا من الاضطهاد في حياتهم و عيشهم فقد عاشوا في مصغبة وفقر و حاجة يتكففون الناس لقد كان مذهب التوحيدي يعبر عن التراجع المأساوي و الهزيمة الحتمية للبحث الفلسفي النظري و للفلسفة أمام واقع ينذر بالتدهور(86) بل تكاد تجزم بأن موقف الغزالي من الفلسفة كان ثاويا في بطن نصوص التوحيدي و بقليل من التبصر استطاع الغزالي أن يستل موقفا من نصوص كثيرة منها نصوص التوحيدي نقض بها الفلسفة و أبان عن تهافت الفلاسفة لنا نقول إن التوحيدي كان يعادي الفلسفة ( كيف يفسر موقفه من مسكويه الذي هو امتداد سرطاني للفارابي ذات الصيغة السينوية) و إنما نقول إنه كان يعادي شكلا من أشكال اللاعقل الذي تبنته الفلسفة الإسلامية آنذاك و الدليل تبنيه لموقف أستاذه السجستاني في حملته على إخوان الصفا و التي تلتقي مع السياق الفارابي في كثير من المفردات علاوة على تحامله (أي التوحيدي) على علم الكلام (انظر موقفه من الباقلاني) (87). هل تقول إن التوحيدي سلفي متزمت، الكثير منة نصوصه تزكي هذا الزعم أم نقول عنه كما قيل عن ابن باجة: اشتهر جنونا و سخفا و هجر مفروضا و مسنونا فما يتشرع و لا يأخذ في غير الأضاليل و لا يشرع (88) أم أن التوحيدي من طينة أخرى؟
لا شك و الحال هاته أنه من الصعب دمج التوحيدي تحت عنوان من العناوين أو تيار من التيارات فقد كان مفكرا متحررا جادل و ناقش و خاصم و ليس من الإنصاف لأديب أو مفكر أن يستند الباحث في الحكم عليه إلى أقوال خصومه عنه خصوصا إذا كان يعرف أن هؤلاء الخصوم كانوا يملكون من الحول و الطول ما سهل عليهم مهمة تجريحه و القذف فيه ومن الظلم أن تعتبر الرجل عيابا شتاما لمجرد انه أراد الدفاع عن نفسه و الانتقام من خصمه فليس في وسعنا أن تصدق أولئك الذين يصورون لنا التوحيدي بصورة الرجل الخسيس الذي يعتريه الضعف أكثر مما تعتريه القوة و يقع من الخطأ أكثر مما يقع في الصواب(89) يقول ياقوت كان سخيف اللسان قليل الرضا عند الإساءة إليه و الإحسان الذم شأنه و الثلب دكانه (90) و يكفي الباحث النظر في كتبه خاصة مثالب الوزيرين و الإمتاع و نفسه كتبه ليلتمس بعضا من مثل هذا الكلام و لكن هل هذا يكفي كيما ، نستنبط أنه كان عيابا سليط اللسان و هل عاب الوزيرين بأكثر مما فيهما نحن نصدق التوحيدي لما يقول إنه ما جاوز الحد في ذم الوزيرين خصوصا لما نجده في أحايين كثيرة يشير إلى بعض مناقبهما و لماذا نلوم الرجل على تعريضه بالوزيرين و هما اللذان أذاقاه أقسى ألوان الإهانة وعمدا إلى الطعن في دينه و أخلاقه و حفزا أتباعهما على اتهامه بالكفر و الزندقة (91) ثم إن صراحة التوحيدي و صرامته لا يجب أن تحمل على محمل أنها تجريح فلربما كانت محاولة منه لتأسيس مبدأ النقد الذي لا يوارب و لا يساوم و إنما يصدق و يتحرى صحيح أنه ليس مثل النقد الذي أسس في الغرب: النقد لا يعني الهدم أو التجريح بل يعني بيان الإمكانيات و الوظائف التي يقوم بها الذهن البشري في إدراكه للعالم و تصوره له (92).
إلا أنه نقد منشأه الصرامة و صراحة التوحيدي الزائدة و ضيقه بأساليب المجاملة، و ليس نقدا كالذي أسسه كانط و لكنه قد يكون مقدمة طبيعية للنقد الذي بدأه الغزالي و بالتالي لا تفسر روح النقد الغزالية إلا بالرجوع إلى نصوص التوحيدي كما أنه لا يفسر تصوف الغزالي ولا سلوكه إلا على ضوء ما كتبه التوحيدي و يمكن أن نقول إن كتاب الإشارات مقدمة نظرية لما كتبه الغزالي حول التصوف و الفلسفة ما عرفه من أحوال و ما غاص فيه من مواجيد يقول: متى كان ذكر المهتوك حراما و التشنيع على الفاسق منكرا و الدلالة على النفاق خلط و تحذير الناس من الفاحش المتفحش جهلا؟ هذا ما لا يقوله من قد قام بالموازنة و المكايلة و عرف الفرق بين المكاشفة و المجاملة و استفاضت التجارب، لما وقف عليه من أنباء الناس و قصصهم و أحاديثهم في خيرهم و شرهم و في وفائهم و عذرهم و الحسن الذي شاع عنهم و القبيح الذي لصق بهم و المكارم التي بقيت لهم و الفضائح التي ركدت عليهم (93).
و يظهر التوحيدي مؤلفا في الوراقين ببغداد 347-400 وهي الفترة الخصبة في حياته التي رسم لنا شخصيته خلالها أديبا فقيرا من رواد القصور مريضا يجملة أمراض نفسية أهمها على الإطلاق شعوره بالخيبة و الخذلان و انتقاله من حياة النقد إلى التصوف الذي دلل فيه على أنه وصل إلى اليأس حتى أحرق كتبه إعلانا عن تمرده على الحياة فانتهى إلى الموت فقيرا معدما في إحدى زوايا شيراز (94) و نحن يهمنا هنا أن نؤرخ لحياة النقد التي خاضها التوحيدي و طبعا حياة النقد هاته عاشر خلالها الكثير من أساتذته فعرفوا منه أخلاقا و أنكروا عليه الكثير.
كان أبو حيان يتصف بالتناقض في بناء شخصيته و ليس صحيحا ما ذهب إليه أحد الباحثين من أن الدارسين للتوحيدي تصيدوا الكثير من عبارات التوحيدي و عزلوها عن سياقها نسجوها مع ظروفه الاجتماعية الصعبة ليطلقوا العنان لأقلامهم تنهش أبا حيان (95) إذ كثيرا ما وجدنا الباحثين حذرين في تناول هذه الشخصية يقول الأعسم: فلا نجامل فيها على حساب أبي حيان الذي تعرض في دراسات المحدثين لحملة من الأحكام التي لا يكفي لتوثيقها من المصادر القديمة ذات الطابع العاطفي أحيانا (96) و هذا زكرياء يقول: إن التوحيدي الذي تقدمه للقارئ هو توحيدنا (97)-فقد كان يتزامل مع رافض الدنيا كرد فعل واضح لطلبه العلاء في مجالس الأرستقراطيين و هو بذلك إنما يدلل على أنه لم يكن يحارب الطموح في ذاته إلى الدنيا إلى بالإعلان عن التمرد ولو إلى حين على الدنيا كان يغشى مجالس الوزراء بمظهر صوفي، أليس ذلك منه تناقضا و أي تناقض و نحن هنا بأمس الحاجة إلى تفسير هذا الشذوذ أليس في كلام ابن الجوزي ما يفسر حال التناقض تلك لما يقول عن الكثير من العلماء: يقنعون بذلك (الزهد في إرتياد مجالس الخلفاء) وقلوبهم رغب في الرياسة وطلب الجاه فتراهم يترصدون (لزيارة الأمراء إياهم...) (98) و لعل الفرق بين هؤلاء و بين التوحيدي هو أن التوحيدي أعلن رغبته في غشيان مجالس الوزراء فلقي الصد و الإزراء هذا إضافة إلى تقلبه بين الخاصة و العامة فكان أبو حيان يحب الخاصة و يتمنى الانضواء في سلكها و لكنه كان في الوقت نفسه يعلن إيمانه بخلق العامة، أنا رجل حب السلامة علي غالب و انتمائه لطائفة الزهاد فكانت نظرته إلى العامة التي ينتمي إليها انتماء صميما لا تنسجم أبدا مع الرياء الصوفي الذي عرفناه به في المسلك و الملبس (99).
ومن ميزات التناقض التي –يمكن الوقوف عليها في سلوك التوحيدي حبه الدائم لاستجداء المال و العطف فطبعت شخصيته بطابع الاستجداء الذليل الذي كان يفث عضده من خهة وانخراطه في تجربة ذوقية رفيعة المستوى فكيف تفسر حبه للمال و منحاه الصوفي و المعلوم أن الصوفية تعني الانسلاخ عن الدنيا و القرب من الله و لا يسمو الصوفي إلا بالجوع و الفقر و التخلص من أوضار الحياة كما يستطيع العروج نحو الذات السنية.
و برغم تناقضات التوحيدي الكثيرة فإنه لم يكن منافقا حتى يذهب إلى مجالس وزراء آل بويه لكي يبرهن لهم عن صدق نيته فيما اعتقدوه كما لم يكن يبطن غير ما اعتقد فلم يعرف غير الصدق و لكنه كان صلفا مع نفسه فلم يظهر غير ما كان في رأيه و لم ير ما كان في معتقدات الآخرين فلم يجامل على حساب عقيدة أو مبدأ أو رأي.
لقد كان أبو حيان يرتبط بالناس برباط عقلي بعيدا عن الرباط المذهبي أو الديني، درس على مجموعة من العلماء فلم يكن متعصبا في اختياره لمذهب الأستاذ كما أنه عرف جملة من الناس كانوا منه في موقع الصديق و الزميل و الحميم و كانوا مختلفي المذاهب و الأديان (100) و لذلك وجب استبعاد كل التفسيرات المذهبية و الطائفية في تحليل شخصية التوحيدي لأن مثل هذا الاتجاه ترفضه النزعة العقلية لأبي حيان و في مؤلفاته. و تفهم سيرة التوحيدي كما يقول الأعسم (101) أستاذ إلى مجموعة من النقط منها:
1- مرحلة صباه زمن مجهول يصعب التفصيل فيه و لا يلوم التوحيدي على هذا الكتمان.
2- مرحلة مناقشات عقلية خصبة و غنية مفصلها و أسها النقد البالغ حدود التخريج.
3- مرحلة الدلف إلى إيمان صادق و استسلام و هي كذلك مرحلة يلفها الغموض و يطويها النسيان و لا تظهر منها غير إشارات أسفرت عن كتاب الإشارات الإلهية.
4- لقد كان التوحيدي يعاني من أزمة نفسية حادة أساسها شعوره بقيمته بين الناس لقد كان التوحيدي ذا مزاجين مزاج الرجل الذي يرتاد مجالسي الكبراء مع حرصه على عدم قطع الصلة مع الناس لذلك وجه نقدا مرا من منطلق إنتمائه إلى عامة الناس لا نقول إن نقده للوزيرين عامين و إنما نقول إن هذا النقد ذا جذور و امتدادات و ارتباط مع الذهنية العامية مرتفعا إلى أسس فكري نقدي يحقق له مكانته العلمية بين غيره من النقود ( كثرة العبارات السخيفة و الفاحشة...) و مزاج فكري فلسفي أو مزاج الذي يرتبط بمجالس العلماء مثل مجلس السجستاني المنطقي و المقابسات حافلة بهذه اللقاءات و قد أسفر هذا المزاج عن نقل التوحيدي لمناظرات رفيعة المستوى كتلك التي دارت بين أستاذه السيرافي و بين متن بن يونس
5- و كثيرا ما يتحول الحوار (في هذه المناطرة )من العلم إلى العالم من الفلسفة إلى السلوك من النظر إلى العمل المنطقي لا يتطابق قوله مع عمله و لا فكره مع سلوكه لا نظره مع فعله أما النحوي اللغوي فإنه صوفي يعرف كلام الله يتفق قوله مع عمله و نظره مع فعله و فكره مع سلوكه و إذا كان النقد السيرافي ممثل دائرة النحو من ميزة فهي أنه بداية أو نقطة إبداع نشأة المصطلح الفلسفي غير المجتت أي الاثيل و إذا كانت المناظرة المدونة في كتاب الإمتاع يطغى عليها الصراع و العنف (جاءت المناظرة مليئة بكلمات السياب في حق متى أخطأت تعصبت. ملت مع الهوى، قل في هذا الموضع...
6- إضافة إلى طبيعتها التعليمية فإن الحوار أو الجدل الذي نقله التوحيدي في المقاسات بينه و بين أستاذه السجستاني تشعرنا بإمكان إقامة نموذج آخر للعلاقة بين المنطق و النحو و بالتالي بين الوافد و الموروث تقوم على التكامل و ليس على الصراع إذا كانت صيغة المناظرة في المقاسات يبدو فيما أبو حيان مفكرا تكشف عن التكامل بين المنطق و النحو و ضم ثنائيات " الصراع " في ثنائيات التكامل مما يدل على عقلية جديدة(102).
تكشف ثقافة التوحيدي ضمن هذا السياق عن تأثره بالعديد من المفكرين و بالكثير من التيارات الفكرية التي كانت قائمة في عصره لم يكن مقطوع الصلة بمفكري عصره لقد تأثر بهم و دخل معهم في حوار فكري فلسفي خلاق بالإضافة إلى أنه قد استطاع أن يستوعب العديد من الأفكار التي قال بها مجموعة من الفلاسفة و المفكرين القدامى لقد كان الرجل شعلة نشاط لا يكل و لا يمل دائم القراءة و القراءة الفاحصة الواعية و مما يجدر بنا ذكره أن رأيه في مجال التشاؤم بصفة خاصة لا يمكن فهمه و لا تبريره إلا إذا وضعنا في الاعتبار الظروف التي عاشها إننا نجد ذلك عند أكثر المفكرين الذين قالوا بالتشاؤم أمثال ابن الرومي و أبي العلاء و شوبنهور لقد عاش التوحيدي طفولة محرومة (103) و حياة محرومة فكان كثير الشكوى.
قليل الرضا و في ذلك تناقض بين هذه الشكوى و بين كتاباته في التصوف خاصة لما يتحدث عن مقامات الخوف و الرجاء و الشكر و التوبة و الزهد و المراقبة و اليقين و الطاعة و الصبر و التواضع و الرضا و التوكل و المحبة و الشوق و عن صفات العارفين و الرياضات العملية و الذكر و السماع و العزلة و الخلوة و لعل هذا هو الذي أدى به إلى أن يلوم نفسه على عدم إخلاصه في التوكل على الله و كثرة حديثه عن أخلاق الصوفية دون الالتزام بها(104).
و عموما إذا كان التوحيدي في أخلاق الوزيرين (105) شاكيا باكيا يجدف بكل شيء و يختار من العبارات ما كان طالبا لمقتهما (الوزيرين) و داعيا إلى الزراية عليهما و باعثا على سوء القول و الاعتقاد فيهما.
ومفصحا عن الكثير من أخلاقهما و مخازيهما: من كرم ولؤم و نقص و زيادة وورع و انسلاخ و رزانة و سخف و كيس و بله و شجاعة و جبن ووفاء و غدر و سياسة و إهمال و استعفاف و نطف و دهاء و غفلة و بيان وعي و رشاد و غي و خطأ و صواب و حلم وسفه و خلاعة و تماسك و حياء وقحة و رحمة و قوة و كل ما اشتملت عليه نفسي الوزيرين ففضح سلوكهما و أعلن عوراتهما و قد جاء حديثه عن الوزيرين(106) حديث خبير لابسهما و عرف من أخلاقهما الكثير: وزعمت أني قد خبرت هذين الرجلين من غمار الباقين ووقفت على شأنهما و استنبت دخائلهما و عرفت خوافي أحوالهما و غرائب مذاهبهما و أخلاقهما و لعمري قد كان أكثر من ذاك إما بالمشاهدة و الصحبة و إما بالسماع و الرواية من البطانة والحاشية و الندماء و دون الملوسة (107) و ليس حديث متجن ناكر فالتوحيدي يأخذ على نفسه في هذا الكتاب أن يكون منصفا في حكمه على الوزيرين بحيث ينشر على الناس مناقبهما و معايبهما دون الاقتصار على ذكر مساوئهما ومثالبهما ...
يتبع.....

هوامــــــش:
1- الخطاب التاريخي دراسة في منهجية ابن خلدون المقدمة.
2- تجديد ذكرى أبي العلاء: يقول طه حسين: فإنا نعتقد اعتقادا منطقيا تؤيده حقائق التاريخ أن المسلمين لم يشهدوا عصرا زهت فيه حياتهم العقلية وأزدهرت وآتت أطيب الثمر وألذ الجنى كهذا العصر الذي نبحث عنه و نقول فيه (...) ص 75.
3- الحضارة الإسلامية في القرن الرابع أدم متز ترجمة عبد الهادي أبو ريدرة منقول عن التوحيدي سلسلة نوابغ الفكر العربي الدكتور إبراهيم كيلاني.
4- عن العلامة رواية ص 1 بن سالم حميش نقل هذا النص الكثير ممن كتبوا عن ابن خلدون و ذهبوا في تفسيره مذاهب الجابري، أمليل العروي انظر الجابري العصر و الدولة معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي.
5- الجابري يقول ابن خلدون... موضوع متبدل معاد مقدمة ص 7 من القضية و الدولة.
- دراسة محي الدين عبد الرزاق أبو حيان سيرته وآثاره
- دراسة محمد همام أبو حيان ناقدا رسالة ماجستير موقوفة جامعة القاضي عياض للأسف إلى هذه الساعة لم نطلع عليها و إن كان صاحبها قرأ علينا بعض المقاطع منها.
- دراسة حسن الملطاوي الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي رسالة ماجستير من جامعة القاهرة إشراف عاطف العراقي.
6- عبد الأمير الاعسم: التوحيدي في كتاب المقاسات دراسة لفلسفة التوحيدي فيها تحليل دقيق لموضوعات الكتاب و لكنه يبقى مجرد تحليل فيلولوجي سطحي سيطرت عليه نظرة البحث عن الأصول لمجموعة من الأفكار و التأثيرات التي مارستها الفلسفة اليونانية على الثقافة العربية من خلال الاستخدام الساذج لمفاهيم أصل، منشأ، تطور، استمرارية، تراث، عقلية وحدة كونية شمولية للمعاني و الدلالات (...) للأسف أن الباحث لم ينته عن مثل هذا البحث عن التأثير نقد حسن حنفي لهذا المنهج منهج التأثير و التأثر راجع هذا النقد في التراث و التجديد، ودراسات إسلامية ولم ينته عنه النتيجة النهائية التي توصل إليها غركباوم التي فحواها: عدم فعالية التراث الإغريقي في المناخ الإسلامي: بنفس الصيغة يذكرها العروي في كتابه أوراق.
والواقع أنها عيوب المنهجية التقليدية لم يتخلص منها الكثير من الباحثين و طبعا لها حسناتها أنظر أعمال البدوي.
راجع نزعة الأنسة في الفكر العربي رسالة دكتوراه تقدم بها محمد أركون.
ص 56-75 ترجمة هشام صالح.
7 - الكتاب لإبراهيم زكرياء من أفضل و أمتن ما كتب عن التوحيدي إلا أنه بدوره قد تورط في غزو أفكار و تحليلات لا تتحملها نصوص التوحيدي ولعله يصرح نفسه بذلك.
ومؤرخ الفكر هو أولا و قبل كل شيء إنسان فليس بدعا أن تختلط أحكامه العقلية بشوائب العاطفة والوجدان.
وقد يجد القارئ في تضاعيف أحاديثنا عن أبي حيان شيئا من التحميس أو التحيز أو المحاباة و لكنه لن يلوم كثيرا على إنصافنا لمفكر من أهل عصره أقسى ضروب الجحود و النكران و قد تكون الصورة التي قدمناها لشخصية أبي حيان و لإنتاجه الفكري صورة محرقة أو غير دقيقة (...) فلنقل إذا أن التوحيدي الذي تقدمه للقارئ هو توحيدينا نحن ص 9 دكتور زكرياء إبراهيم.أبو حيان فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة.
8 - فصول خريق 1990 تم إقامة مهرجان كبير في ألفية التوحيدي قدمت فيه مجموعة من الدراسات الجادة. و صدر في ثلاث مجلدات كبرى.
9- زكي مبارك النثر الفني
10- المرجع نفسه.
11- شخصيات قلقة في الإسلام: دراسة موسعة عن الحلاج عنوانها المنحنى الشخصي لحياة الحلاج. والدراسة اشتغل فيها هذا المستشرق الكبير باستعمال [منهجية تاريخية: منهجية داخلية استبطانية إلى أقصى حد ممكن و هي منهجية دامجة و استيعابية ] محمد أركون نزعة الأنسة في الفكر عربي.
إن كتاب آلام الحلاج يعلمنا أن الأولوية لا ينبغي أن تعطى اليوم للبحث عن الجذور و الأرومة والأصول المتسلسة من الأعمال السابقة إلى الأعمال اللاحقة أقصد ذلك الهوس في البحث عن أصول الأفكار واعتبارها بمثابة جواهر حية منفصلة عن المشروطية الاجتماعية-السياسية و الاقتصادية(...)
تستحق الفلسفة العربية-الإسلامية أن تدرس لذاتها و بذاتها وليس من خلال مدى تأثرها بالفلسفة الإغريقية(...) نزعة الأنسنة ص 20-21 محمد أركون.
12- الإمتاع و المؤانسة: منقول عن عبد الرزاق محيي الدين أبو حيان سيرته و آثاره.
13- معجم الأدباء: منقول عن عبد الرزاق محيي الدين أبو حيان سيرته و آثاره.
14- الإمتاع: منقول عن عبد الرزاق محيي الدين ص 31.
15- الإمتاع: منقول عن عبد الرزاق محيي الدين.
16- مقدمة المقاسات منقول عن عبد الرزاق محيي الدين.
17- عبد الرزاق محيي الدين ص 32
18- معجم الأدباء عن عبد الرزاق محيي الدين ص 73
19- زكرياء إبراهيم أبو حيان التوحيدي أديب الفلاسفة و فيلسوف الأدباء مقدمة ص 3.
20- للأستاذ مصطفى عبد الرزاق كتاب اسمه "تمهيد لتاريخ الفلسفة" لجنة التأليف و الترجمة القاهرة 1945 و الكتاب يشتمل على بيان لمنازع الغربيين و الإسلاميين و مناهجهم في دراسة الفلسفة الإسلامية وتاريخها و الباحثون من الغربيين كأنما يعقدون إلى استخلاص عناصر أجنبية في هذه الفلسفة ليردوها إلى مصدر غير عربي ولا إسلامي و ليكشفوا عن أثرها في توجيه الفكر الإسلامي من مقدمة الطبعة الأولى أما الشيخ مصطفى فيريغ إلى منهج آخر في درس تاريخ الفلسفة الإسلامية فهو يتوخى الرجوع إلى النظر العقلي الإسلامي في سذاجته الأولى و تتبع مدارجه في ثنايا العصور و أسرار تطوره (...) و الجديد في هذا المنهج هو تلمس الفلسفة الإسلامية في أصول الفقه (الأدب بالنسبة لحالتنا مع التوحيدي) و لهذا نراه يتبع " الرأي أي الاجتهاد في الفقه منذ عهد النبي حتى الشافعي " يعلق بدوي على ذلك قائلا:ومن البين أن الاجتهاد في الفقه لا شأن له بالفلسفة بالمعنى المحدود المفهوم المتفق عليه بين المشتغلين بالفلسفة و قصارى أمره أن يكون أبواب فلسفة القانون أو بحثا المنهج المستخدم في استنباط الأحكام الفقهية موسوعة الفلسفة مادة عبد الرزاق ص 69 .
21-- انظر كتب و مؤلفون لبيان تجديد مصطفى عبد الرزاق لطه حسين.
و نجد نحن أن دعوة الأستاذ مصطفى قد وجدت من يطورها فلسفيا بعكس بدوي كان متأثرا بأجواء الفلسفة في الغرب إضافة إلى ذهوله أمام منهجيات المستشرقين لذلك جاءت الكثير من أعماله مجرد نقول و شروح تخلو من كل إبداعية.
ويكفي أن نذكر ممن تبني دعوة مصطفى إن صراحة أو ضمنا طه عبد الرحمن-المرزوقي أبي يعرب في المغرب حسن حنفي في المشرق و غيرهم من الباحثين .
22- انظر مجلات مثل: دراسات إسلامية معاصرة، محور علم كلام جديد.
23- انظر في هذا مادة ابن رشد في موسوعة الفلسفة بدوي و انظر التفاصيل لما يطرح بدوي السؤال: هل توجد فلسفة إسلامية؟ ومما يدل على ما قلناه بشأن بدوي قطعه بأن الفلسفة لا يجب أن تطلق إلا على التفكير العقلي الخالص الذي لا يعترف بملكة أخرى للتفلسف غير العقل النظري الخالص و لهذا لا وجه لإدراج علم الكلام الوضعي و الفرق الكلامية المختلفة التي تجول في إطار النصوص الدينية وتستند إليها في حجاجها- أقول لا وجه أبدا لإدراجها ضمن الفكر الفلسفي و لا بأوسع معانيه.
و يضيف قائلا: ومن هنا نرى أن من العبث بل و من الإمعان في الجهل بحقيقة الفلسفة أن نلتمس الفلسفة الإسلامية في غير الفلسفة بالمعنى الدقيق المحدود أعني البحث العقلي المحض و لهذا السبب استبعدنا عن عرضنا هذا كل من لا ينتسبون إلى الفلسفة بهذا المعنى الدقيق أمثال إخوان الصفا و الغزالي و السهرودي المقتول ( ناهيك عن التوحيدي أو علماء الكلام أو المعري و القائمة طويلة(...) ) لأنهم إما من أصحاب المذاهب المستورة الغنوصية (إخوان الصفا) أومن الصوفية المتكلمين الوضعيين (الغزالي) أو من الصوفية النظريين ( السهرودي المقتول) و مكانهم إنما يقع في تواريخ هذه التيارات.
وعند الحديث عن أصالة الفلسفة الإسلامية يقول بدوي: أين الأصالة في هذه الفلسفة؟ و المقصود بالأصالة هنا «الجديد" فيما بالنسبة إلى الفلسفة اليونانية.
و هنا ينبغي ألا يبالغ المرء في تحديد المعيار فيطلب أن يكون فيها نظراء لأفلاطون و أرسطو بل ولا افلوطين لأن هؤلاء عدموا النظير حتى كنت و هيجل فمن الإسراف و الشطط أن نحط من قدر هذه الفلسفة الإسلامية لأنها لم تنجب أمثال أفلاطون و أرسطو و افلوطين.
لكن حسبما أنما أنجب شارحا عظيما مثل ابن رشد و أصحاب مذاهب شاملة في العالم مثل الفارابي وابن سينا رغم قلة الأفكار الأصيلة التي ابتدعوها.(...).
لمناقشة أفكار بدوي و الرد عليها انظر: المرايا المقعرة عبد العزيز حمودة سلسلة عالم المعرفة. نحو نظرية نقدية عربية ع 272 2001.
24- حسن حنفي دراسات إسلامية فصل السهرودي و هوسرل .
و الكتابين رد علمي صارم لمثل دعوة بدوي و للدعوات الأقل قيمة و أهمية من تصور بدوي و لعل بدوي يشفع له إطلاعه الكبير و معرفته الغزيرة بالفلسفتين العربية و الغربية فما الذي يشفع لغيره ‼
أعني البحث العقلي المحض و لهذا السبب استبعدنا عن عرضنا هذا كل من لا ينتسبون إلى الفلسفة بهذا المعنى الدقيق أمثال إخوان الصفا و الغزالي و السهرودي المقتول ( ناهيك عن التوحيدي أو علماء الكلام أو المعري و القائمة طويلة(...) ) لأنهم إما من أصحاب المذاهب المستورة الغنوصية (إخوان الصفا) أومن الصوفية المتكلمين الوضعيين (الغزالي) أو من الصوفية النظريين ( السهرودي المقتول) و مكانهم إنما يقع في تواريخ هذه التيارات.
وعند الحديث عن أصالة الفلسفة الإسلامية يقول بدوي: أين الأصالة في هذه الفلسفة؟ و المقصود بالأصالة هنا «الجديد" فيما بالنسبة إلى الفلسفة اليونانية.
و هنا ينبغي ألا يبالغ المرء في تحديد المعيار فيطلب أن يكون فيها نظراء لأفلاطون و أرسطو بل ولا افلوطين لأن هؤلاء عدموا النظير حتى كنت و هيجل فمن الإسراف و الشطط أن نحط من قدر هذه الفلسفة الإسلامية لأنها لم تنجب أمثال أفلاطون و أرسطو و افلوطين.
لكن حسبما أنما أنجب شارحا عظيما مثل ابن رشد و أصحاب مذاهب شاملة في العالم مثل الفارابي وابن سينا رغم قلة الأفكار الأصيلة التي ابتدعوها.(...).
لمناقشة أفكار بدوي و الرد عليها انظر: المرايا المقعرة عبد العزيز حمودة سلسلة عالم المعرفة. نحو نظرية نقدية عربية ع 272 2001.
25- حسن حنفي دراسات إسلامية فصل السهرودي و هوسرل .
و الكتابين رد علمي صارم لمثل دعوة بدوي و للدعوات الأقل قيمة و أهمية من تصور بدوي و لعل بدوي يشفع له إطلاعه الكبير و معرفته الغزيرة بالفلسفتين العربية و الغربية فما الذي يشفع لغيره ‼
26- انظر بهذا الخصوص مقدمة تحقيق سليمان دنيا لتهافت التهافت لابن رشد.
27- يفند بدوي هذا الوهم (على حد قوله) بقوله و أولها و أخطرها الزعم بأن هجوم الغزالي على الفلسفة و الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة قد سدد ضربة قاضية للفلسفة الإسلامية لم تنهض منا و هذا الزعم شائع و إن كنت لم استطع أن أحدد من هو أول من قال به إذا لم أعثر على قائل به عند الكتاب المتقدمين كما لم أجده صراحة عند الباحثين الأوربيين المحدثين. فلننظر لهذا الزعم من حيث قيمته.
لقد لاحظنا أولا أن الكتاب تهافت الفلاسفة لا يرد له ذكر عند المشتغلين بالفلسفة في المشرق في القرون الأربعة التالية لوفاة الغزالي (...). فإغفالهم لكتاب الغزالي يدل على أنهم لم يحفلوا به و لم يكن له التأثير المزعوم في صرف الناس عن الفلسفة والفلاسفة(...).
نقول إن هذه الشخصيات العربية التي برزت في الدراسات الفلسفية بمختلف فروعها ، المنطق، الطبيعيات، الإلهيات تقطع بأنه لم يكن لهجوم الغزالي على الفلسفة و الفلاسفة أثر عند المشتغلين بالفلسفة و ربما كان أثره عند المتكلمين أكبر لكن هذا موضوع آخر يحتاج إلى بحث قائم بذاته.
ثم إنه لمن الغاية في السذاجة أن يقال أن كتاب من الكتب أو هجوما لمؤلف مهما يكن قدره قد قضى على علم راسخ كالفلسفة و كم من كتب وردود و مناقضات قد ألفت ضد الفلاسفة فلم تزعزع من مكانتها و لم تصرف كبار العقول عنها و منذ نفذت الفلسفة في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري ، التاسع الميلادي و الردود على الفلاسفة تتوالى خصوصا من جانب المتكلمين فلم يكن لذلك أثر يذكر في انتشار الفلسفة العالم الإسلامي و لا في ظهور فلاسفة إسلاميين
انظر أوهام حول الغزالي عبد الرحمن بدوي في مهرجان نظم حول فكر الغزالي و صدر في كتاب تحت عنوان "أبو حامد الغزالي دراسات في فكره و عصره و تأثيره 1988.
منشورات كلية الآداب الرباط سلسلة ندوات و مناظرات رقم 9.
28- جعفر آل ياسين الفيلسوف الشيرازي.
29- الكلام: منقول عن محيي الدين عبد الرزاق أبو حيان سيرته و آثاره.
30- Recueil des textes inédits concernant l’histoire de la mystique en pays d’islam p 86
31- منقول عن إبراهيم كيلاني أبو حيان التوحيدي
32- يقول زكرياء إبراهيم: حتى اعتقد البعض و على رأسهم المستشرق لويس ماستيون- أن أبا حيان تلقى أسرار التصوف في سن مبكرة على يد أستاذه أبي سعيد فصار منذ ذلك الحين شيخا من مشايخ الصوفية.
33- البصائر و الذخائر منقول عن زكرياء إبراهيم أبو حيان التوحيدي سلسلة أعلام العرب.
34- نصوص منقولة من مقدمة بدوي للإشارات الإلهية أديب وجودي في القرن الرابع
35- مادة زنديق في حائرة المعارف الإسلامية كتبها ماسنيون .

36- نقول عن مادة زنديق من دائرة المعارف الإسلامية.كتبها ماسينون.
37- الباطنية: تاريخيا فرقة مذهبية تشعبت عنها فرق كثيرة أخذت بظاهر الشريعة و باطنها و تمركزت الحركة في إيران لأنها كانت تعمل سرا على إعادة سلطان الفرس و لكنها تظاهرت بالاستكانة خيفة من بطش الناقمين عليها و رهبة من الحزب الحاكم يوم ذاك و ظهرت على أعقابها فرق الإسماعيلية و الفاطمية و القرمطية و الغلاة المتطرفة و هي فرق أقرب في واقعها إلى الديانات الفارسية البائدة (...) جعفر آل ياسين الفيلسوف الشيرازي.
- يقسم الغزالي في كتبه الفقه إلى قسمين: فقه الظاهر و يقصد به الفقه الذي يتعلق بالأعمال الظاهرة للإنسان و فقه الباطن يعني التصوف الذي يتناول نفسية الإنسان في علاقته بالله و قد أسس له معرفيا بكتابه الأحياء الذي اعتبره البعض فقه التصوف و قد قسمه الغزالي بحسب موضوعات الفقه الكبرى أي فقه الزكية و التحلية و التخلية...
38- من الإشارات الإلهية.
39- من رسائل أبي حيان. تحقيق إبراهيم كيلاني.
40- أديب وجودي في القرن الرابع الهجري تصدير عام ص 6 عبد الرحمن بدوي ط 1981.
- ينقل التوحيدي في الإمتاع حكايات عن فقر العامة و اضطراب أحوالها إلى الوزير الذي يبدي اهتماما سرعان ما يفتر لان إصلاح وضعية العامة تاريخيا لا يكون إلا منها نبضا لها و لا يأتي من الخارج ثم إن العطف دوما عطف لا يمكنه أن يصبح تغيرا أو إصلاحا.
41- هذه النصوص منقولة عن أخلاق الوزيرين حققه و علق حواشيه محمد بن تاويت الطنحي دار صادر 1992

42- الإمتاع و المؤانسة ص 34.33.32.31
صححه و ضبطه و شرح غريبة خليل المنصور دار الكتب العلمية.

* إذا كانت الذات تعرف من خلال التاريخ في الفصل الأول فإنه هذه المرة التاريخ يعرف من خلال الذات بمعنى أن الحديث سيكون عن الشكل النفسي العقلي لذات التوحيدي إذا كان الموضوع يسبق الذات العارفة في السياق الأول فإن الذات العارفة هي المعول عليها.
الذات العارفة بالمعنيين: المعنى الديكارتي العلمي و المعنى العرفاني الصوفي.
43- أبو حيان التوحيدي في كتاب المقاسات فصل السيرة.
يقول محمد همام: إن التوحيدي الذي لم يترك واحدا من الناس إلا و أشار إليه بقلمه كان من العامة أو الخاصة من الرؤساء و الوزراء أو من الدعماء والغوغاء ، إن أبا حيان لم يشر و لو مرة واحدة إلى أسرته و أقربائه، إلى والديه أو زوجه أو أولاده إلا تلميحا ضعيفا في سياق كلام عابر.

44- - النثر الفني فصل أبو حيان.
45- عن رسالة الاعتذار إلى التي وجهها إلى القاضي أبي سهل منقول عن التوحيدي مؤلفاته المخطوطة و المطبوعة.
46- راجع ذلك مع المتنبي لطه حسين
47-- مقدمة الإشارات الإلهية.
48- أبو حيان و مؤلفاته المخطوطة و المطبوعة.
49- يرجع العديد من الباحثين أن ولادة التوحيدي كانت في 310 و أن وفاته كانت في 400 أو 401 بناء على مجموعة من القرائن منها رسالته التي اعتذر فيها عن حرقه لكتبه يقول في الكتاب أنه بلغ التسعين و ثانيهما كتاب المقاسات الذي ألفه سنه 390 و كان عمره آنذاك خمسين عاما بدليل قوله: وما يرجوا المرء بعد الالتفات إلى خمسين حجة و قد أضاع أكثرها و قصر في باقيها. راجع بدوي،كيلاني، إبراهيم زكرياء، علي دب، أحمد أمين.
50- بدوي: مقدمة الإشارات الإلهية.
51- زكرياء إبراهيم: التوحيدي فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة.
52- إبراهيم كيلاني: نوابغ العرب أبو حيان التوحيدي.
53- أحمد أمين: مقدمةالامتاع.
و لا يخرج عن مدة التاريخ لوفاة التوحيدي إلا الكيلاني الذي يرى أنه توفي 414.
54- عبد الرزاق محيي الدين أبو حيان سيرته و آثاره.
55- دائرة المعارف الإسلامية مادة أبو حيان.
56- معجم الأدباء منقول عن إبراهيم كيلاني أبو حيان التوحيدي.
57 - بو حيان و مؤلفاته المخطوطة و المطبوعة.
58- رجع العديد من الباحثين أن ولادة التوحيدي كانت في 310 و أن وفاته كانت في 400 أو 401 بناء على مجموعة من القرائن منها رسالته التي اعتذر فيها عن حرقه لكتبه يقول في الكتاب أنه بلغ التسعين و ثانيهما كتاب المقاسات الذي ألفه سنه 390 و كان عمره آنذاك خمسين عاما بدليل قوله: وما يرجوا المرء بعد الالتفات إلى خمسين حجة و قد أضاع أكثرها و قصر في باقيها. راجع بدوي،كيلاني، إبراهيم زكرياء، علي دب، أحمد أمين.
59- بدوي: مقدمة الإشارات الإلهية.
60- زكرياء إبراهيم: التوحيدي فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة.
61- إبراهيم كيلاني: نوابغ العرب أبو حيان التوحيدي.
62- أحمد أمين: مقدمة الإمتاع .
و لا يخرج عن مدة التاريخ لوفاة التوحيدي إلا الكيلاني الذي يرى أنه توفي 414.
63- عبد الرزاق محيي الدين أبو حيان سيرته و آثاره.
64- دائرة المعارف الإسلامية مادة أبو حيان.
65- معجم الأدباء منقول عن إبراهيم كيلاني أبو حيان التوحيدي.
منقول عن إبراهيم كيلاني / فصل شقاؤه و عقده النفسية ص 29 عن معجم الأدباء.
66- التوحيدي فيلسوف الأدباء و أديب الفلاسفة زكرياء إبراهيم.
67- منقول عن زكرياء إبراهيم أبو حيان فيلسوف الأدباء.

68- أبو حيان التوحيدي ناقدا محمد همام. فصل العزلة و الانكفاء ص 88
69- الإشارات الإلهية وداد القاضي ص 392.
70- أبو حيان التوحيدي ناقدا محمد همام. فصل العزلة و الانكفاء ص 88
71- الإشارات الإلهية وداد القاضي ص 392.
72- حياة أبي حيان التوحيدي من كتاب مختارات، من كتاب الإمتاع و المؤانسة لأبي حيان اختاره و قدم له إبراهيم كيلاني.
73- الكلام لعبد الرحمن بدوي منقول عن زكرياء إبراهيم.
74- يقول محي الدين: إنه عاش صحيح البنية قوي المزاج فقد حج في غير استطاعة ماشيا من العراق إلى الحجاز مع جماعة من المتصوفة.
75- بلاغة المقموعين جابر عصفور نقلا عن همام أبو حيان ناقدك.
76- محيي الدين عبد الرزاق أبو حيان سيرته و آثاره.
77- المرجع نفسه.

78- محمد همام التوحيدي ناقدا ص 78.
79- المرجع نفسه ص 38.
80- المرجع نفسه ص 108.
81- عن توظيف زكرياء إبراهيم يقول الباحث و انتهى ( يعني زكرياء إلى خلاصات ترغمنا على مناقشاتها ما دامت قد هدت ما بنيناه و أسست للنقيض ص 39 و نحن نعلم أن بحث زكرياء ظهرسنة 1990 و بحث السيد محمد همام لم يأتي إلا في سنة 1997 إضافة إلى أن قول ما بنيناه


82- محمد همام ص 43.
83 - أحمد أمين مقدمة الهوامل و الشوامل ص 361-362 منقول عن زكرياء إبراهيم ص 81.
84 - المرجع نفسه.
85- منقول عن إبراهيم كيلاني .نوابغ الفكر ع.

86- منقول عن إبراهيم كيلاني
87- المرجع نفسه (معجم الأدباء)
88- معجم الأدباء منقول عن كيلاني.
89- الصداقة و الصديق.
90- 36-الإمتاع و المؤانسة.
91- إبراهيم كيلاني أبو حيان ص 29-30-31-32-33.
92 - عن مقدمة بدوي ص 5 بتصرف.
93 - محيي الدين عبد الرزاق.
94 - محمد همام التوحيدي ناقدا.
95 - قد اختار محمد همام المساق الثاني أي الالتزام بنصوص التوحيدي فجاءت قراءته فقيرة مجدبة حتى إن لم نقل إن رسالته عرض لنصوص التوحيدي بطرق و في سياقات أخرى.
96- الهوامل و الشوامل ص 37 منقول عن زكرياء إبراهيم.
هذا الكلام لأحمد أمين.
97- يخبر ذلك بصفة خاصة و ممتازة عند زكرياء إبراهيم ص 21....42 و لدى إبراهيم كيلاني و محيي الدين عبد الرزاق و حسن الملطاوي في الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي و عبد الأمير الأعسم و أبو حيان في كتاب المقاسات و نجد بعض التفاصيل من ذلك في مجلة فصول 3 ج.
- الأطوار عند حسن الملطاوي في الله و الإنسان في فلسفة التوحيدي ثلاثة:
المرحلة الأولى: يغلب فيها التساؤل الكتب المعبرة عنها.
كتاب الحج العقلي، الزلفة ، الهوامل والشوامل.
المرحلة الثانية: يعبر عنها الإمتاع و المؤانسة فيها كان التوحيدي في حالة التدين والالتزام الإيماني الهادئ و في المرحلتين كان التصوف طريقا مفهوما و معروفا بالنسبة له.
المرحلة الثالثة: مرحلة الإشارات الإلهية فيها يضهر كل ما جاش بصورة من تجربة الحياة و قد صورها في توبة خالصة لبست ثوب المناجاة فيها يعود التوحيدي من رحلته ليركن إلى جوار الله عن طريق الصوفية و انتهى إلى تسليم هادئ و ركون مطمئن وحب خالص و ائتناس لا حد له بالله و قد يئس من كل لذة جزئية ركن للمطلق و استراح إليه و عند محمد فهي مرحلة الانفتاح و المشاركة: قسمها إلى ثلاثة مطالب:
1- مطلب أبو حيان الطفولة الغامضة: انتقد فيها استعمال المناهج النفسية ذات النزعة الإلحادية في دراسة التوحيدي ممثلا لها بما كتبه زكرياء إبراهيم منتقدا تصور هذا الأخير عن التوحيدي حيث لم يستطع أن يحكم على الناس حكما محايدا، ولم يستطع في أسلوبه أيضا أن يعبر عن المعاني تعبيرا موضوعيا خالصا و لعله السبب في أننا كثيرا ما يبحث عن التوحيدي الفيلسوف فلا تكاد تلتقي إلا بالتوحيدي الإنسان و هذا راجع في نظر زكرياء إلى أن التوحيدي مزج الأدب بالفلسفة.
و نرى بصدد طفولة التوحيدي أنها ليست طفولة شاذة و إنما هي كل منسجم و هو لم يأت بأي معلومة جديدة حول طفولة التوحيدي ما فعله فقط نقد ضعيف لزكرياء مع أن بحث زكرياء من الطرافة و الخصوبة بمكان.
2- مطلب أبو حيان و علاقته بالناس: يرى الباحث أن الباحثين دأبوا على اعتبار التوحيدي شخصية انطوائية على هامش المجتمع لا تخالط الناس و لا تشاركهم هموم الحياة و مشاكلها و يرى أنه حكم مبالغ فيه و يسعى جهده لتفنيده و لكن بلا جدوى ذلك أن البداية هشة فطبيعي أن تأتي النهاية خاطئة.
*مرحلة النقد و المواجهة:
يرى أن نقد التوحيدي للمجتمع مبرر" لقد تحكمت في نقد التوحيدي إذن ظروف اجتماعية و نفسية كثيرة (…)"
*مرحلة الانكفاء و العزلة يمثل لها الباحث بكتاب الإشارات الإلهية يرى أن التوحيدي بعد هذا التطواف جلس إلى الله ذاكرا متضرعا إلى الله في جو من السمو الروحي الاستعلاء الإيماني في رحاب التصوف معتبرا غربة التوحيدي إيمانية.
- شكك الكثير من الباحثين في نسبة الإشارات الإلهية إلى التوحيدي محمد عمارة في نحن له بعنوان ابو حيان من الزندقة إلى الإبداع كما شكك فيه يوسف زيدان جاء في ذلك بالكثير من القرائن التي قد تنفي عن التوحيدي نحلة التصوف.طارحا الأسئلة المحرجة الآتية: هل كان التوحيدي صوفيا؟ هل كان زاهدا هل كان لتوحيدي شيخ صوفي؟ و يبدو أن الإجابة ب لا كانت من نصيب كل هذه الأسئلة.
- بدوي مقدمة الإشارات ص 43.
98- محمد همام، أبو حيان ناقدا
99- محي الذين عبد الرزاق : التوحيدي سيرته و آثاره
100- الإمتاع ص 11
101- تجديد ذكرى أبي العلاء ص 19.
102- الصداقة و الصديق.
103- تجديد دكرى أبي العلاء ص 156.
104- الكلام لياقوت منقول عن عبد الرزاق محي الدين.
105- الإمتاع منقول عن محي الدين عبد الرزاق.
106- الحركة الطبيعي إلى ما بعد الطبيعية
107-دراسة في فلسفة ابن باجة الأندلسي الدكتور معن زيادة.
- قال عن الباقلاني الأشعري (يزعم أنه ينصر السنة و يفحم المعتزلة و ينشر الرواية و هو في أضعاف ذلك على مذهب الخزمية و طرائق الملحدة.
108 - ياقوت معجم الأدباء و النص منقول عن زكرياء إبراهيم.
109 - ياقوت منقول عن زكرياء إبراهيم.
110- زكرياء إبراهيم.
111- الاغتراب الديني عند فيورباخ ص 24 لحسن حنفي.
112- مثالب الوزيرين ص 49 منقول عن زكرياء إبراهيم ، أليس في هذا النص روح من الغزالي (التشنيع، تحذير الناس، الموازنة، المكايلة، المكاشفة، وقف عليه ، شاع عنهم، الفضائح هذا طبعا لا يعرفه إلا من طاق كتب الغزالي، تهافت الفلاسفة فضائح الباطنية المنقد من الضلال.)
113- التوحيدي في كتاب المقاسات.
114- محمد همام أبو حيان ناقدا: و الباحث يظهر حنقا لا مبرر له على الكثير من مناهج التفسير الحديثة و نكاد نفهم منطلقاته الذي كثيرا ما يفصح عنها بين الفينة و الأخرى و ربما أخطاء في اخيار البحث فموضوع التوحيدي في حاجة ماسة إلى استحضار الكثير من مناهج لتفسيره هل نقول كان يجب أن يختار ابن تيمية موضوعا له ألم يكن ابن تيمية بدوره ظاهرة مفارقة..
115- التوحيدي في كتاب المقابسات زكرياء إبراهيم ص 9 .
116- التوحيدي في كتاب المقاسات.
- لم نتقيد حرفيا بكلام الأعسم و إنما وظفنا أقواله لرسم الصورة التي نروم رسمها و ندعم بها موقفنا.
117- نقول طويلة وتوظيف لمقالة الأستاذ حسن حنفي جدل الوافد و الموروث.
قراءة في المناظرة بين المنطق و النحو بين متى وأبي سعيد عند أبي حيان.
118- مفهوم الإنسان عاطف العراقي .
119- أخلاق الوزيرين تحقيق محمد بن تاويت الطنجي .
120- مقدمة محقق أخلاق الوزيرين.
121- أخلاق الوزيرين.
- تحولات حديث الوعي قراءة في التوحيدي هالة أحمد فؤاد ص 96 فصول ج 2.
- تحولات حديث الوعي هالة أحمد فؤاد 97 .
- مفهوم الإنسان عند أبي حيان التوحيدي عاطف العراقي.



#بوبكر_الفلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول مشكلة الحرية في الإسلام
- إلي الجميلة‮ ‬الجريئة‮ ‬إيناس الدغيد ...
- العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية (ادغار موران ضد ديكارت)
- التوحيدي والإغتراب
- الإبداع في برنامج الجريئة
- *الدغيدي* ...والاسلام السياسي
- الحكم الذاتي، الانفصال، الحركة الطلابية الصحراوية...التكوين ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بوبكر الفلالي - أبو حيان التوحيدي سيرة (محنة) فيلسوف