أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي















المزيد.....

أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3501 - 2011 / 9 / 29 - 23:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من العوامل المشتركة القليلة التي تجمع كل الأنظمة العربية سواء كانت ملكية أو جمهورية هو فشلها في تحقيق تنمية اقتصادية وبشرية حقيقية لشعوبها ثم تحولها إلى أنظمة استبدادية وقمعية تستمد شرعيتها من الغرب واليد الثقيلة للأجهزة الأمنية. ونتيجة لانفراد الأسر الحاكمة في كل البلاد العربية ماعدا لبنان بمصائر الشعوب فقد خضعت الشعوب العربية منذ حصولها على استقلالها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لكل أنواع التجارب والنظم الرأسمالية والاشتراكية والمختلطة دون تحقيق أي نجاحات يعتد بها عكس ما حدث في ماليزيا وتركيا.

وكانت محصلة هذا الفشل نمو الإحساس الديني والمتطرف أحيانا لدى هذه الشعوب وأصبحت الأغلبية فيها تؤمن بالخلاص الديني وتميل إلى الاعتقاد بمقولة الأحزاب الدينية في العالم العربي بأن الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية رغم ما تحمله هذه المقولة من غموض ـ ربما يمثل الحل المنشود للخلاص من الاستبداد والفقر والبطالة والقهر والتخلف والتبعية وكل أوبئة العالم العربي.

ولكن ظلت هذه الأحزاب الدينية تعاني من مشكلة غياب النموذج الإسلامي العملي والمختبر الذي يمكنها الاقتداء به لتحقيق الآمال المعقودة عليها خاصة مع النقص الواضح في الكوادر والخبرات الاقتصادية والسياسية العملية لدى هذه الأحزاب.

وفي البداية توجهت أنظار هذه الأحزاب إلى النموذج الإيراني خاصة بعد التصريحات النارية لرئيسها أحمدي نجاد بحق إسرائيل وأمريكا ودعم إيران لحزب الله والشيخ حسن نصر الله في حربه ضد إسرائيل في جنوب لبنان ولكن سرعان ما بدأ الحديث من جانب أئمة السنة خاصة الشيخ يوسف القرضاوي عن المطامع والطموحات الإيرانية الشيعية في العالم العربي ،وعادت الخلافات التاريخية والعميقة بين السنة والشيعة لتطفو على السطح مذكرة الجميع وبقوة بقضايا خلافية يستحيل حلها ويستحيل معها أن يلتقيا أو أن يتبع أحدهما الآخر.

وفجأة بدأت معظم الأحزاب الإسلامية في العالم العربي في التحدث عن استلهام نموذج حزب العدالة والتنمية في تركيا الذي يهيمن عليه رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء والحقيقة أن هذه الأحزاب لم تتحدث أبداَ عن النموذج التركي إلا بعد الموقف المتشدد الذي اتخذه أردوغان تجاه إسرائيل بعد الهجوم الغاشم التي قامت به الأخيرة على قافلة السلام التركية التي كانت تعتزم التوجه إلى غزة وهو الهجوم الذي تسبب في مقتل عدد من النشطاء الأتراك ومن يومها والعلاقة بين تركيا وإسرائيل في تدهور مستمر والذي توج باستدعاء السفير التركي من تل أبيب وتجميد العلاقات الدبلوماسية والعسكرية مع إسرائيل. وأياَ كانت أسباب تركيا في تأزيم علاقتها مع إسرائيل حيث يرى البعض أنها مقصودة لتوطيد نفوذها في العالم العربي بعد أن تركت الساحة لفترة لإيران منفردة وأيضا ليأسها من الانضمام للاتحاد الأوربي نتيجة التعنت الفرنسي بالأساس. وينبغي هنا ملاحظة أنه يكفي لمن يرغب في الحصول على شعبية سريعة وقوية وسط الجماهير العربية أن يدخل في مواجهة مع إسرائيل أياَ كانت نتيجة هذه المواجهة كما فعل السيد حسن نصر الله وأحمدي نجاد.

وعودة إلى النموذج التركي الذي أصبح ملهماَ لكل الأحزاب الإسلامية في معظم الدول العربية بمجرد دخول أردوغان في مواجهات مع إسرائيل وإعرابه عن تعاطفه مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة دون أن تتكلف هذه الأحزاب مشقة دراسة الحالة التركية بعمق والآليات الرأسمالية للأداء الطيب للاقتصاد التركي وفات هذه الأحزاب أن تركيا عضو في الحلف الأطلسي (الناتو) وأن لأمريكا قواعد عسكرية بها وأنها كانت تتمتع بعلاقات دبلوماسية جيدة مع إسرائيل وتقوم بتدريبات ومناورات عسكرية معها ولم تهتز هذه العلاقات إلا بعد حادث عبارة السلام، بالإضافة إلى أن تركيا أردوغان تسعى منذ سنوات دون جدوى إلى الانضمام إلى المجموعة الأوربية ولكن ألمانيا وفرنسا يحولان دون ذلك.


ونحن لا نذكر هذه الحقائق من باب النقد أو التجريح في تركيا وإنما فقط نتحدث عن حقائق يبدوا أنها غائبة عن الكثيرين، فتركيا دولة علمانية منذ عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك، وأجمل ما في النموذج التركي أنه يحترم الحريات والمعتقدات الشخصية لكل أفراده ولا يتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياتهم وملبسهم مثلما هو الحال في نظام ولاية الفقيه في إيران.

ونتيجة لغياب هذه الحقائق البسيطة عن أذهان الزعامات الدينية في عالمنا العربي فقد صدم أقطاب الجماعات السلفية والإخوان المسلمين في مصر صدمة شديدة عندما صرح أردوغان في زيارته الأخيرة لمصر منذ أسابيع بأنه رئيس وزراء مسلم لدولة علمانية. وقد عرف العلمانية بأنها سياسة أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان.

كما صرح بأن الدولة العلمانية لا تنشر اللا دينية وطالب الشعب المصري بالا يقلق أو يخاف من نظام الدولة العلمانية.

ولكن هذه الآراء التي توضح أننا إزاء شخصية سياسية متزنة وعميقة لم تلق إعجاب الأحزاب الدينية في مصر التي توقعت أن تسمع من أردوغان تصريحات عنترية تروج لمفهوم الدولة الدينية وشعارات تطبيق الشريعة الإسلامية وأن تركيا في ظل قيادته في سبيلها للقضاء على النظام العلماني الذي أسسه كمال أتاتورك ولذلك كانت صدمة الأحزاب الإسلامية شديدة إزاء تصريحات أردوغان المخيبة لأمالها في استخدام النظام التركي كواجهة لها للترويج لبضاعتها أمام الجماهير العربية التي لم تر حتى الآن من الأحزاب الإسلامية سوى الشعارات الفضفاضة والغامضة، وهي الآن بصدد البحث عن نموذج آخر غير النموذج التركي.

والخلاصة أنه بعد عقود من النظم الاستبدادية والقهر والفساد والنهب والسلب وغياب دولة القانون والمؤسسات وما واكب هذا من ظلم اجتماعي وفقر وضياع لأجيال كاملة فإن الجماهير العربية تحلم بنظام سياسي ديمقراطي يضمن العدالة الاجتماعية ويفعَل دولة القانون والمؤسسات المستقلة التي يخضع الجميع في ظلها للمساءلة، نظام يضمن الحريات العامة مثل حرية التعبير والاعتقاد ويحترم الأقليات.
هذا هو الإطار الذي ينبغي أن يعمل من خلاله أي نظام سياسي يحرص على النهوض بأفراده وتحقيق تنمية اقتصادية وبشرية تخفف من معاناتهم وتمهد لهم الطريق للحاق بركب الأمم المتقدمة.

وقد وعى السيد أردوغان بحسه التاريخي أن النظام السياسي العلماني وليس الديني هو الخيار الملائم لتحقيق كل هذه الطموحات حيث أثبت التاريخ الإنساني أن النظم الدينية مستبدة بطبيعتها مثلها مثل حكم العسكر ولم تكن مصادفة أن تكون كل الدول الغربية والأسيوية المتقدمة دول علمانية وكما صرح أردوغان فإن الدولة العلمانية لا تعني اللا دينية وعلى سبيل المثال فإن من يزور لندن سيجدها مليئة بكل أنواع دور العبادة من مساجد وكنائس ومعابد يهودية وبوذية وهندوسية .... الخ ولا توجد أي قيود عليها أو على ارتيادها وباختصار فإن العلمانية تعني فصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية وليس فصل الدين عن الدولة كما يفهم البعض وهذا هو سر نجاح النموذج التركي ومن قبله النموذج الغربي الأسيوي.

وإذا كانت الأحزاب الإسلامية تعاني من حساسية ما تجاه مصطلح العلمانية فإنه يمكنها استخدام أي مصطلح آخر للنهوض بشعوبها ولكن عليها أن تفهم أن الجماهير العربية متشوقة للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان...الخ كما أسلفنا، سمها ما تشاء ولكن هذه هي أحلام الجماهير العربية التي لن تقبل بعد اليوم أي سلطة استبدادية حتى ولو ارتدت عباءة الإسلام.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مفارقات الرؤساء العرب
- ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي
- رسالة قصيرة إلى الأغبياء الثلاثة
- مبروك يا أسد
- ماذا يريد المجلس الأعلى للجيش المصري؟
- من أخطر ما يهدد الثورة
- هل تتحول مصر إلى دولة دينية؟
- نصيحة هامة ومخلصة للمجلس العسكري الحاكم في مصر
- عندما يهرج الأسد
- الشيخ القرضاوي والشيعة
- كيف نضمن نجاح ثورات الشعوب العربية
- أنا حر إذاً أنا موجود
- قم يا مصري من أجل كل عربي
- ماذا يريد البابا شنودة؟
- لن ننسى أيها الطغاة
- الدين والاستبداد والثورة
- الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية
- أن تكون متديناَ
- اللغة العربية تحتضر
- عرض مبسط لآخر تطورات الاقتصاد العالمي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي