أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 13















المزيد.....

قراءة في طبائع الاستبداد ج 13


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3501 - 2011 / 9 / 29 - 20:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نأتي بعدها لفصل الاستبداد والانسان، حيث يقول الكواكبي:
الاستبداد والإنسان:

عاش الإنسان دهراً طويلاً يتلذذ بلحم الإنسان ويتلمَّظ بدمائه، إلى أن تمكَّن الحكماء في الصّين، ثمَّ الهند من إبطال أكل اللحم كليّاً، سدَّاً للباب، كما هو دأبهم إلى الآن. ثمَّ جاءت الشرائع الدينية الأولى في غربي آسيا بتخصيص ما يؤكل من الإنسان بأسير الحرب، ثمَّ بالقربان يُنذَر للمعبود، ويُذبَح على يد الكهان. ثمَّ أُبطِل أكلُ لحم القربان، وجُعِل طعمة للنيران، وهكذا تدرَّج الإنسان إلى نسيان لذَّة لحم إخوانه، وما كان لينسى عبادة إهراق الدِّماء لولا إبراهيم شيخ الأنبياء استبدل قربان البشر بالحيوان، واتَّبعه موسى عليهما السلام، وبه جاء الإسلام. وهكذا بطل هذا العدوان بهذا الشكل إلا في أواسط أفريقيا عند (النامنام). انتهى النقل.

أعتقد أنه لم يتوقف أكل لحم الإنسان نهائيا، فهو ليس منتشرا فقط في الشعوب البدائية في وسط أفريقيا، أو في بعض الجزر النائية في شرق آسيا، ولكن تظهر بعض الحالات الفردية من القتل، يتبعها تقطيع المقتول، وأكل كبده، أو قلبه، أو حتى أجزاء من جسمه، كله أو جزئه.
وهذا حدث ويحدث في بعض البلدان العربية، وحتى في بعض البلدان الأوربية، وحتى لو أبدل ابراهيم لحم قربان البشر بلحم الغنم، ولكن استمر الحال كما هو زمن الجاهلية والاسلام ولكن ليس بنفس الكثرة، ففعلت هند بالحمزة دليل على ذلك.
وما زلنا نشهد بكلمات تستخدم يوميا بالشارع العربي، الذي يمثل الاسلام، العقيدة الطاغية فيه، كلمات من مثل، أشرب دمك، أذبحك من الوريد للوريد، أقطع رأسك، أقطع لسانك، أمسح بوجهك الأرض، وغيرها كثير.
وهذا دليل على أن الثقافة الشعبية الجمعية لم تتخلص من أكل لحم البشر حتى اللحظة، وأن شعور الانتقام بتقطيع جسد العدو، وإرهاق دمائه، هي السائدة في العقل الباطن لدى البشر، مما قد يعني أن هذا الشعور متوارث من أجدادنا القدماء، حتى المنع لم يلغيه، مهما كان هذا المنع، دينيا عقائديا، أو أخلاقيا، أو قانونيا.
فهذا الشعور يخرج من الانسان عند الانفعال الشديد وقت حدوث الازمات والانفعالات الغير مسيطر عليها، بما معناه أن الانسان يعود لأصله الدموي، وحب أكل لحم أخيه بني البشر.

ثم يقول:
الاستبداد المشؤوم لم يرضَ أن يقتل الإنسان الإنسان ذبحاً ليأكل لحمه أكلاً كما كان يفعل الهمج الأولون، بل تفنَّن في الظلم، فالمستبدّون يأسرون جماعتهم، ويذبحونهم فصداً بمبضع الظلم، ويمتصون دماء حياتهم بغصب أموالهم، ويقصرون أعمارهم باستخدامهم سخرة في أعمالهم، أو بغصب ثمرات أتعابهم. وهكذا لا فرق بين الأولين والآخرين في نهب الأعمار وإزهاق الأرواح إلا في الشكل. انتهى النقل.

بل وأزيد، أن المستبد الجديد بدأ يتفنن بطريقة التعذيب التي يكون معها الموت أرحم بآلاف المرات، فمن استعمال الحوامض لتذويب الاجساد، الى ضرب الايادي والارجل بالمسامير، وتقطيع الاعضاء التناسلية وحرقها، الى قطع الاوصال والأطراف، ونزع الأظافر، والتعليق بالجلابات من أماكن حساسة في الصدر والبطن، الى أشياء و أساليب لا يعقل ولا يعرف كيف تفنن العقل البشري بإيجادها.

ثم يقول:
إنَّ بحث الاستبداد والمال بحثٌ قويُّ العلاقة بالظُّلم القائم في فطرة الإنسان، ولهذا؛ رأيت أن لا بأس في الاستطراد لمقدِّمات تتعلَّق نتائجها بالاستبداد السياسي، فمن ذلك:
إنَّ البشر المقدَّر مجموعهم بألف وخمسمائة مليون نصفهم كَلٌّ على النّصف الآخر، ويشكِّل أكثرية هذا النصف الكَلّ نساء المدن. ومن النّساء؟ النّساء هنَّ النّوع الذي عرف مقامه في الطبيعة بأنَّه هو الحافظ لبقاء الجنس، وأنَّه يكفي للألف منه ملقح واحد، وإنَّ باقي الذكور حظهم أن يُساقوا للمخاطر والمشاقّ، أو هم يستحقّون ما يستحقُّه ذكر النحل، وبهذا النظر اقتسمت النساء مع الذكور أعمال الحياة قسمةً ضيزى، وتحكَّمْن بسنِّ قانونٍ عام؛ به جعلن نصيبهنَّ هيِّن الأشغال بدعوى الضّعف، وجعلن نوعهنَّ مطلوباً عزيزاً بإيهام العفّة، وجعلن الشجاعة والكرم سيئتين فيهنَّ محمدتين في الرجال، وجعلن نوعهنَّ يُهين ولا يُهان، ويظلم أو يُظلَم فيُعان؛ وعلى هذا القانون يربِّين البنات والبنين، ويتلاعبن بعقول الرِّجال كما يشأن حتى أنهن جعلن الذكور يتوهمون أنَّهن أجمل منهم صورةً. والحاصل أنَّه قد أصاب من سمَّاهنَّ بالنصف المضرِّ! ومن المشاهد أنَّ ضرر النساء بالرجال يترقّى مع الحضارة والمدنية على نسبة التَّرقي المضاعف. فالبدوية تشارك الرجل مناصفةً في الأعمال والثمرات، فتعيش كما يعيش، والحضرية تسلب الرّجل لأجل معيشتها وزينتها اثنين من ثلاث. وتُعينه في أعمال البيت. والمدنية تسلب ثلاثة من أربعة، وتودُّ أن لا تخرج من الفراش، وهكذا تترقَّى بنات العواصم في أسر الرِّجال. وما أصدق بالمدنية الحاضرة في أوروبا؛ أن تسمّى المدنية النسائية، لأنَّ الرِّجال فيها صاروا أنعاماً للنِّساء. انتهى النقل.

أعتقد أن الكواكبي تجنى على المرأة بكلماته تلك، ولكني أعذره لأنه يتحدث ضمن نطاق المكان الذي تواجد فيه، والزمان الذي عاش فيه، و لصعوبة التنقل حول العالم حينها، مع كلفتها، كذا صعوبة تناقل الأخبار والمعلومات كما هي في يومنا هذا.
فأن الأكثرية النسوية التي تشكل عالة على الذكور هي في أكثر مجتمعاتنا العربية أو الاسلامية، حيث أن طبيعة التربية والبيئة، والتراث الديني هم من جعلوا المرأة تسكن البيت، ليس حبا فيها، أو حفاظا عليها كأنها الدرة، كما يقال، بل لأنها اعتبرت حاجة من حاجات المنزل الضرورية، كباقي الاثاث ومكملاته.
وهو ليس لأن المرأة أرادت ذلك، بل لأن البيئة والمجتمع والتراث والدين ورجالاته فرضوا عليها الأمر فرضا، لذا تجد أكثرهن و بأقرب فرصة سانحة، تتذمر على واقعها المنحط من قبل الرجل المستبد ومجتمعه، لتخرج وتعبر عن ذاتها.
كذا فإن أكثر النساء هن مستبعدات من قبل أبناء جنسهن دعما للزوج أو الأب أو الأبن، أو بما يسمى ولي الأمر، فصيغة ولي الأمر هذه، الذي يكون للذكر مهما كان عمره وعقله وتوازنه ورشده، وصي وقائم على نساء بيته وشؤونهن، لهو قمة الاستبداد.
كذا، فالنساء كبار السن لا يرغبن أن تعيش البنات الصغيرات، نسبة لهن، حياة أكثر حرية وقيمة مما مر بهن.
أما موضوع كفاية رجل واحد لتلقيح ألف امرأة، فلا ذنب للمرأة فيه، وهو ليس من صناعة يدها، أو برغبتها، و هذه بسبب الخلق او الطبيعة.
أ فلأن للرجل ملايين الحيوانات المنوية، ولا يحتاج تلقيح البويضة الوحيدة للأنثى سوى حيمن واحد منها، لا يعتبر دليل على أن المرأة هي من اختارت ذلك الحال لها، ولم لا نقول الرجل هو من اختار ذلك حتى يتمتع بعدد أكبر من النساء.
وعلى نفس القياس الذي أرفضه، يكون حمل المرأة وآلام مخاضها حتى وكأنها تموت يومها، كل هذا من خيارها، عجبا.
هو ليس الرجل، ولا المرأة من اختار ذلك، ولا يد لهما فيه، فلا يجوز محاسبة شخص على فعل لم يقم به، ولم يختاره، بل ولم يُسأل حوله.
أما كونهن مطلوبات بسبب ايهام العفة، فهو مبدأ يوحي بأن الكاتب لا يستطيع التخلص من ثقافة بيئته الاسلامية، حيث العفة مطلوبة كشرط أساسي للاقتران، بينما تغاضت مجتمعات كثيرة، خاصة الاوربية منذ زمن الدولة الرومانية عن شرط كهذا.
ويقول انه قد أصاب من سماهن بالنصف المضر، وهو تجني كبير أيضا، وقوله أن البدوية تشارك مناصفة مع الرجل، لهو مناقض للواقع، حيث أنها هي من تقوم بكل شيء، وهو يقوم بشرب القهوة في المضيف، كذا بنت الريف، فأكثر النساء هن العاملات بالحقل، وحلب البقر، وتحضير الخبز والفطور قبل طلوع الشمس للذكور الذين ينامون لما بعد طلوعها.
أما قوله بأن المدنية الحديثة، خاصة بالعواصم الأوربية، اصبحت تسمى المدنية النسائية، لأن الرجال فيها صاروا أنعاما للنساء، فهو قد يكون محقا بجانب لما تراه العين من صورة أولية، فالمرأة عاملة، حالها كحال الرجل، وتعمل نفس أوقات ساعات عمله، فلم يكون للرجل أفضلية عليها؟ وبم؟
لذا نجد القوانين الاوربية تحمي المرأة بكثرة، ضد الاغتصاب، والعنف الجسدي واللفظي، التي كثيرا ما يقوم بها الرجل، وقلما تقوم بها المرأة.
فيوميا نسمع عن حالات لاغتصاب النساء من رجال، ونادرا ما نسمع عن حالة لاغتصاب النساء لرجل، والعنف الجسدي واللفظي يصدر عن الرجال أضعاف مضاعفة عما يصدر من النساء، لذا كانت القوانين التي تحاول حمايتها، وهي ليست بعنصرية تجاه الذكر، ولكن لحماية النصف الأضعف جسديا من الأقوى.

محمد الحداد
29 . 09 . 2011



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2083 ج 7
- لورنس العرب الجديد برنار هنري ليفي
- محكمة فاطمة الزهراء
- انكحوا ستة عشر امرأة
- زحل يعتذر
- 2083 ج 6
- 2083 ج 5
- 2083 ج 4
- 2083 ج 3
- 2083 ج 2
- 2083 ج 1
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 12
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 11
- ثقافة الجواري والعبيد
- خطاب رئيس عربي
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 10
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 9
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 8
- دعوة لخروج العراق من جامعة الدول العربية
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 7


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 13