أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جميل محمد جميل - هل سيلتهم التضخم رواتب الموظفين والمتقاعدين















المزيد.....

هل سيلتهم التضخم رواتب الموظفين والمتقاعدين


جميل محمد جميل

الحوار المتمدن-العدد: 3501 - 2011 / 9 / 29 - 12:41
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


المفهوم الكلاسيكي للتضخم هو الارتفاع الحاد والمستمر في اسعار السلع والخدمات اما بمفهومة الحاضر فهو ظاهرة جديدة مرتبطة بالمفهوم القديم وله سمات متميزة لعل اهمها :
- انه ظاهرة عالمية استفحلت مطلع الخمسينات من القرن الماضي وتسارعت بشكل بارز منذ الستينات في بريطانيا فكان مرتبطاً بالبطالة انذاك وبات التضخم يبسط ذراعه الان على معظم البلدان ان لم نقل جميعها ولكن بدرجات متباينة حيث يندرج تحت ذلك النوع التضخم المكبوت المتمثل بصفوف الانتظار الطويلة ورداءة السلع والسوق السوداء وما شابه.
- يبدو ان هذا التضخم الجديد مستمر وطويل مقارنة مع ظواهرة السابقة القصيرة الامد والتي من اسبابة زيادة احجام السيولة النقدية وانحراف القيم الاقتصادية عن القيم النقدية والحروب والازمات وما شابه وطالما استمرت هذه المشاكل فالتضخم يبقى مستمراً و ينجم عن استمرارة الزيادة في المستوى العام للاسعار.
- بسبب العولمة الاقتصادية والمالية اصبحت ظاهرة التضحم شاملة وبحيث ينتقل من بلد الى اخر عن طريق التجارة بالاخص.
- يبدو ان التضخم مرتبط بشكل وثيق مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية اضافة للعولمة المتمثلة بالتصنيع وارتفاع اعداد السكان وتزايد نفوذ نقابات العمال والمنظمات الفئوية المختلفة المقرونة بضعف التنسيق ما بين سياسات الانتاج المادي والسياسات المالية والمصرفية.
فالتضخم اذن ليس بالمشكلة الاقتصادية السهلة فبقدر ما تتعدد اسبابه بقدر ما تتعدد وسائل وطرق معالجته وبالتالي يصعب التنبؤ به على اية حال ولذلك باتت مسائل التضخم تعتبر من المشاكل الاساسية جنباً الى جنب مع مشاكل التنمية والبطالة وتلوث البيئة التي تحيط بعالمنا المعاصر.
وقد ارتاينا عرض هذا الموضوع كمشكلة اساسية باتت مسبباتها تتزايد ويعاني منها عراقنا الجديد المرتبط بشكل وثيق ليس مع ازدياد نسبة البطالة فحسب وانما لارتباطه بجملة المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها والتي خلاصتها الهبوط الجامح في الكفاءة الاقتصادية للبلاد على اننا سنقتصر كلامنا على مدى علاقة التضخم الجاري مع مستويات الرواتب التي يتقاضاها فئة من الموظفين الحكوميين و المتقاعدين والذين قد تزيد اعدادهم حالياً عن اربعة او حتى خمسة ملايين شخص في العراق في اغلب الظن.
فمن المعروف ان مستويات الرواتب وصلت الى ادنى حد ابان فترة النظام السابق وحيث بلغ متوسط الراتب الشهري لدرجة مدير او رئيس قسم في اية وزارة على السبيل المثال بحدود 3-4 دولارات شهرياً وبحدود 7-8 دولارات شهرياً لوكيل وزارة وكما نشرته المنظمات والمؤسسات الدولية ابان الحصار الاقتصادي على العراق انذاك (1991-2003) وكما عشناه نحن على حقيقته.
وبعد سقوط النظام السابق اختلفت الامور وبادر مجلس الحكم في النصف الثاني من عام 2003 الى اقرار دفعة كبيرة في رواتب الموظفين وصلت في متوسطاتها المرجحة الى اكثر من (200) دولار شهرياً وبظل الاسعار السائدة قبل اكثر من سنتين بات من المستطاع شراء الطعام والشراب والسلع الراسمالية الثابتة وبشكل ميسر امام هؤلاء الموظفون جميعاً (ولم تكن هنالك اية تعريفات كمركية على الاستيرادات).
ولعل ذلك الوضع اصبح مفرحاً جداً لهذه الشرائح مما حدى بالكثير من شرائح المجتمع للتكالب في سبيل الحصول على الوظيفة الحكومية وهذا الوضع استمر لاكثر من سنة ونصف أي لغاية مطلع عام 2005 بعدها بدا الامر يختلف فقد بدا التضخم يزحف بشكل غير تدريجي او منتظم ولا سيما ضمن قطاع النقل والخدمات المرتبطة بتردي اوضاع الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء ووقود اضافة للسلع الغذائية المستوردة وبات الانتاجين الزراعي والصناعي لا يفيان بمتطلبات الطلب عليهما بسبب تعطلهما بشكل واضح.
كل ذلك مضافاً الى المسببات الامنية نجم عنها تسارع معدلات التضخم في الاقتصاد العراقي وبنسبة تزيد عن 37 % لعام 2004 وحدة كما اوردتها الاجهزة الرسمية لوزارة التخطيط اما التقديرات لعام 2005 فتشير الى ما نسبته بنفس الحدود انفة الذكر هذا ناهيك عن الزيادات الكبيرة الحاصلة في اسعار الوقود والمحروقات والتي من شانها ان تزيد هذه النسبة العالية من التضخم بشكل كبير.
وحيث ان ما يهمنا في هذه المقالة هو الفات النظر حول الاوضاع المعيشية للموظفين والمتقاعدين نستطيع القول وبحسابات بسيطة جداً ان المكاسب (او بالاحرى حقوقهم الطبيعية) التي حصلوا عليها ستتبدد بسبب ان القدرة الشرائية للنقود التي يتقاضونها كرواتب وتخصيصات شهرية ستتلاشى وتاكلها الاسعار المرتفعة في مدة زمنية قصيرة قادمة لا تجاوز السنتين او الثلاث اذا لم تتخذ الحكومة الدائمة الجديدة اجراءات من شانها ضبط جنوح الارتفاعات المستمرة في اسعار مختلف السلع والخدمات وعلى اية حال نرى من الصعوبة بمكان التنبؤ الان بما ستكون عليه نسب التضخم القادمة ولكن تجارب الكثير من البلدان الافريقية التي تعاملت مع صندوق النقد الدولي وكانت اكثر استقراراً هي جديرة بالدراسة والتمحيص وباتت نسب التضخم هنالك ملفته للنظر فهل يا ترى ستتكرر نفس الصورة في العراق الجديد.
ومما يزيد من قلقنا هو استمرار صندوق النقد الدولي في فرض تدابيره الصارمة تجاه الاقتصاد العراقي مع ملاحظة تهاون الحكومات السابقة في مساومتها معه بهذا الصدد ومع عدم ايماننا باصلاح البنى الارتكازية لصناعة النفط في الامد القصير فان الخيارات الاصلاحية المتاحة امام الحكومة الدائمة لا تتعدى سوى الاجراءات التالية لتقليص اثار التضخم وبالتالي تقليص اثار الامتصاص السريع للقدرة الشرائية لرواتب الموظفين والمتقاعدين :
اولاً : رفع رواتب الموظفين والمتقاعدين سنوياً بقدر النسبة السنوية للتضخم ومن أي مصدر مالي كان مع تقليص الفوارق الكبيرة بين رواتب كبار مسؤولي الدولة مقارنة بجموع الموظفين عموماً.
ثانياً : المساومة المستمرة مع صندوق النقد الدولي ومؤسسات المال الدولية لوضع العراق في خانة استثنائية من شروط وتدابير هذا الصندوق وغيره من مؤسسات المال عند الاقتراض لاغراض الاستثمار.
ثالثاً : اتباع سياسات مالية ومصرفية حكيمة تتضمن المرونة في اسعار الصرف والرقابة على عرض النقود والائتمان مع تقليص الانفاق العام غير مبرر.
رابعاً : التحرك السريع نحو تنفيذ مشاريع اعادة الاعمار والبناء من الدول المانحة وتوسيع قواعد النشاط الخاص لتقليص البطالة وتحريك الاستثمار الاجنبي والمحلي على الاقل في المناطق الامنة حالياً.
خامساً : بذل الجهود الجبارة لتنشيط الانتاج الزراعي والصناعي المحلي لزيادة المعروض السلعي (تهدئة لمستويات الاسعار).
واخيراً ان لم تستطع الحكومة من القيام بالاجراءات السابقة ولربما غيرها (مما يقترحه الاقتصاديون والماليون) فسيستمر التضخم وتتصاعد الاسعار وتوكل القدرة الشرائية لعموم الناس ويتضاءل الانتاج المادي (الزراعي والصناعي) وعندها لن تكون هنالك شفاعة وطنية لاية حكومة او فئة سياسية تدعي العدالة وتطوير المجتمع العراقي حتى قبل انتهاء السنوات الاربعة للحكومة القادمة.

أ.د. جميل محمد جميل
خبير اقتصادي الزراعي



#جميل_محمد_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة عن دور اقتصاد السوق الزراعية الحالية في تحقيق الكفاءة ...
- الإصلاح الاقتصادي في العراق ودور صندوق النقد الدولي IMF


المزيد.....




- هتكسب أضعاف الفلوس اللي معاك في شهر واحدة بس .. مع أفضل 6 شه ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- -قضية الذهب الكبرى-.. قرار جديد من هيئة مصرية بحق رجل الأعما ...
- ستاندرد أند بورز? ?تخفض تصنيف إسرائيل طويل الأجل 
- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024
- لماذا تعزز البنوك المركزية حيازاتها من الذهب؟
- كيف حافظت روسيا على نمو اقتصادها رغم العقوبات الغربية؟
- شركات تأمين تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد عمليات الاحتيال


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جميل محمد جميل - هل سيلتهم التضخم رواتب الموظفين والمتقاعدين