أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:-الماوية معادية للشيوعية- نموذجا( فى الردّ على حزب العمّال و -الوطد-)-لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة- عدد5 / سبتمبر 2011















المزيد.....



فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:-الماوية معادية للشيوعية- نموذجا( فى الردّ على حزب العمّال و -الوطد-)-لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة- عدد5 / سبتمبر 2011


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3500 - 2011 / 9 / 28 - 11:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:"الماوية معادية للشيوعية" نموذجا
( فى الردّ على حزب العمّال و "الوطد")
"لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة" عدد5 / سبتمبر 2011

مقدّمة العدد الخامس:

- " الماركسية- اللينينية هي علم و العلم هو معرفة لا يمكننا الحصول عليها إلاّ بطريقة أمينة ، لا يمكن التحيّل معه. إذا لنكن أمناء!!" (ماو تسى تونغ ، المجلّد الخامس ، صفحة 18 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة"-الطبعة الفرنسية).
=============
بلغنا عبر رسالة إلكترونية ، سؤال عن غاية هذه المقالات التي ننشرها و هل هذا وقتها؟ فإستغربنا السؤال ذلك أنّ النضال على الجبهة الإيديولوجية أحد الأعمدة الثلاثة التي عليها يقوم صرح النضال البروليتاري الشامل الحقيقي كما حدّده إنجلز و لينين فى " ما العمل؟". و من البديهي لدى الشيوعيين الماويين أنّه لا يجب تناسي النضال على الجبهة الإيديولوجية في أي وقت و مهما كانت الظروف فصحّة الخطّ الإيديولوجي - السياسي محّددة في كلّ شيء كما علّمنا ماو تسى تونغ . و مخطئ من يتصوّر أن تحالفا نقابيّا أو سياسيّا يقتضى تخلّى الشيوعيين عن الدعاية للشيوعية و لمبادئها وعن الصراع الإيديولوجي الحيوي.

لعقود لم يجر إصلاح هذا الخطإ القاتل و لعقود الآن غيّب ما يسمّى باليسار الماركسي هذه الجبهة من النضال ما جعل المشروع الشيوعي يكاد يندثر تحت غبار المشاريع الرجعية والتحريفية السائدة حيث غالبا ما لا يكون الشيوعيون شيوعيون و لا يدافعوا عن الشيوعية كإيديولوجيا و كمجتمع فيه يتمّ تحرير الإنسانية من كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد بقدر ما يقدّمون أنفسهم على أنّهم ديمقراطيون و تقدّميّون و أنصار حقوق الإنسان و أحيانا إشتراكيون.

و مع إقرار البعض بالواقع المرير للحركة الشيوعية الحقيقية ،الثورية ، قلّما تسمع أو تقرأ نقاشا عميقا لجذور هذه الإنحرافات فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي. و غياب المعرفة العميقة لدي غالبية المناضلات و المناضلين لن يسمح بالقيام باللازم ضد هذه الإنحرافات . لذلك آلينا على أنفسنا الذهاب ضد التيّار بتنشيط هذه الجبهة و مزيد التوغّل فى أعماق أطروحات حزب العمّال و " الوطد"، من منظور شيوعي ماوي ، فى إطار نضالنا الدؤوب ضد التحريفية عموما و ضد الخوجية المفضوحة منها و المتستّرة خصوصا لما تتسبّب فيه من اضرار جسيمة للحركة الشيوعية. و نحن على قناعة تامة بأنّ جذور الإصلاحية السياسية و النقابوية تعود فى جزء هام منها إلى الخوجية ، لا سيما إلى الخطّ الذي رسمه أنور خوجا فى " الإمبريالية و الثورة" و الذي أثّر أيّما تأثير في صياغة الوثائق المرجعية لكلّ من حزب العمّال و "الوطد" وفى سياساتهما الممتدّة إلى يومنا هذا.

و هكذا نتناول بالبحث " الماوية معادية للشيوعية " و " هل يمكن إعتبار ماو تسى تونغ ماركسيّا –لينينيّا؟" لنبلغ جذور الخوجية و ننال من أسسها الدغمائية التحريفية إذ لا يكفى التعامل النقدي مع تكتيكاتها و تحالفاتها...علينا ان نتوجّه إلى الأسس ، إلى الجذور مثلما يتوجّه الفلاّح إذا أراد أن يتخلّص من أعشاب طفيلية أو سامّة أو من شجرة ما عاد راغبا فى وجودها ،إلى إقتلاع الأعشاب أو الشجرة من جذورها و إلاّ ظلّت تتوالد و تتكاثر إن قصّ فقط جزءا من أوراقها أو أغصانها. و نسارع هنا للردّ من الآن على تهمة قد توجّه لنا فنؤكّد أنّنا لا نقصد التخلّص من الأشخاص كما قد يذهب إليه البحثون عن تشويه الماويين بل نقصد إقتلاع الأفكار التحريفية و بصيغة ماوية نعالج المرض لإنقاذ المريض.

لقد كان كتيّب " الماوية معادية للشيوعيّة" الذي نشره حزب العمّال بإسم محمّد الكيلاني أحد الوثائق الأساسية للخطّ الإيديولوجي و السياسي فى المخاض الذي أسفر عن تأسيس ذلك الحزب . و نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة ل" هل يمكن ...؟" الذي مثّل وثيقة مفتاحا فى التشكّل التنظيمي للمجموعة التي أطلقت على نفسها "الوطد" بتفرعاتها. و قد تبنّت الوثيقتان، بشكل مفضوح بالنسبة للأولى ، و بشكل متستّر بالنسبة للثانية ، الأفكار و المواقف الخوجية موجّهة أقوى ما لديها من أسلحة إنتهازية ضد الماوية ، فى سعي محموم للنيل منها و الحيلولة دون إنتشارها و إنصهارها صلب الجماهير الثورية و تأطيرها لأجل إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية. و للحقيقة و التاريخ تمكّنت الخوجية من ذلك إلى حدود معيّنة ، فى أماكن معيّنة من العالم و لكنّها منذ عقود الآن تتهاوى تحت ضربات الماوية المكافحة و المنتشرة بإطّراد و الرافعة لراية الثورة فى كافة القارات و خاصة فى القارة الآسيوية.

و نحن فى أعداد سابقة من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"، سلّطنا سياط سلاح النقد الماركسي-اللينيني-الماوي على وجه الخصوص على جوانب من هاتين الوثيقتين و كشفنا الإنتهازية الخوجية بصدد ستالين والترهات و الخزعبلات الدغمائية التحريفية بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الإنحرافات البرنامجية و المنهجيّة لدي "الوطد" و الإصلاحية لدي حزب العمّال و "الوطد" كلاهما. و كشفنا فى نقد لجدول مقارنة بين ماو تسى تونغ وستالين ورد فى "هل يمكن...؟" مغالطات "الوطد" و تزويرهم للمواقف الماوية و تأويلاتهم المغرضة لنصوص ماو تسى تونغ . و نخصّص هذا العدد للبحث الدقيق فى الأساليب الإنتهازية الخوجية فى التعامل مع الوثائق و المواقف الماوية ، الأساليب الإنتهازية المشتملة لتزوير الوقائع و الوثائق و الكذب الرخيص و التأويل المغرض ...، والمرفقة بالميتافيزيقا و المثالية و النظرة الإحادية الجانب و الإنتقائية...؛ و المدافعة عن أخطاء دحضها لينين و ستالين و ماوتسى تونغ و دحضتها الحركة الشيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين و عالميّا ، ضاربة فى الصميم المواقف البروليتارية الثورية والمادية الجدلية و أبسط قواعد النزاهة العلمية.

جهودنا هذه المرّة سنصبّها على التتبّع بتمعّن و تؤدة و تفصيليّا لكلّ إستشهاد بكلام نسب لماو إستعمل فى كتيّب " الماوية معادية للشيوعية" لفضح التزوير و الكذب الخوجي و تعرية الحقيقة الثورية التي أهال عليها الخوجيون أطنانا من تراب دغمائيتهم و تحريفيتهم . و بالنتيجة المظهر الرئيسي لعملنا هو فضح الفظائع الخوجية و صبغة مقالنا الرئيسية صبغة دفاعية ، لذا سنضطرّ مستقبلا للعودة مطوّلا إلى المواضيع المعالجة هنا بإقتضاب قصد عرض المواقف الماوية بالوضوح كلّه و دون العيون الخوجية خصوصا و الرجعية عموما.

و صاحب كتاب " الماوية معادية للشيوعية"، محمّد الكيلاني ، لا يهمّنا هنا إلاّ بقدر ما كان رمزا وتعبيرا مركّزا للخوجية المفضوحة التى يتبّنّاها حزب العمّال إلى الآن ،على أنّ لمسار هذا الكاتب دلالة كبيرة حيث بعد إنتهائه من الهجوم بكلّ الطرق على الماوية و بالتالى كما سترون على لينين و ستالين أيضا متظاهرا هو وحزبه آنذاك ب"اليسارية" فى حين كانا يطبّقان سياسات يمينية، مضى بحربه ضد الشيوعية الحقيقية، الثورية إلى نهايتها المنطقية فإنتقل لاحقا إلى إطلاق النار الكثيف مباشرة و دون لفّ و دوران على اللينينية و تاليا على الماركسية ليتنكّر لكافة التجربة التاريخية للثورة البروليتارية العالمية. ودراسة مسارمجموعة الكيلاني - و كذلك مسار "الوطد"- و ما آل إليه موضوع شيّق ويثبت صحّة النظرة الماوية لصراع الخطّين كما يثبت صحّة الفلسفة الماوية بصدد "إزدواج الواحد " كتعبير مركّز لشمولية التناقض ،غير أنّها ليست المحور الذي سننكبّ على بحثه الآن و هنا فما سيحظى بجلّ جهودنا النقدية حاليّا هو " الماوية معادية للشيوعية " و ليس :"التجربة السوفياتية :إشتراكية أم رأسمالية؟ - نحو تجديد المشروع الإشتراكي". و من هنا سنعنى بالكيلاني الخوجي لا الكيلاني زعيم" الحزب الإشتراكي اليساري"، الكيلاني "الرأسمالي اليميني".

و كمدخل للأكاذيب و السفاسف الخوجية نقترح عليكم جزءا من خاتمة بحثنا و تأكّدوا أنّكم فى طيّاته ستجدون البراهين و الدلائل الكفيلة بجعل المتمسّكين بالحقيقة و لا شيء غير الحقيقة يوافقوننا هذه الإستنتاجات :
" إذا أردت أن تكون خوجيّا معاديا للماوية و الشيوعية و طامسا لها و مشوّها فعليك ، بما يشبه طاحونة كلام، أن تملأ غالبية مقالك أو كتابك بثرثرة تطرب الإنتهازيين و أن تتبع الأساليب الإنتهازية التالية :

1- تحريف كلام الإستشهاد بالإنقاص و الزيادة و التحوير.
2- عدم إحترام التنقيط و نهايات الجمل.
3- إستعمال صيغ فعلية ماضية ،عند التعريب، عوض الصيغ الفعلية المضارعة و العكس بالعكس.
4- تعريب دون إحترام الكلمات و الجمل و سواها أو صياغة تعريب نصّه مبهم يستعصى على الفهم.
5- إيراد كلمات بين معقّفين على أنّها لماو تسى تونغ فى حين أنّها ليست له.
6- إذا كان للمصطلح المقصود معنيين ، عدم ذكر أكثر من واحد فقط يخدم أغراضك.
7- من الضروري التلاعب بأدوات الربط بين الكلمات و الجمل.
8- إضافة جمل زورا و بهتانا تلصق بجمل معروفة لماو.
9- تهويل الأمر عبر التعميم و التجريد و إستعمال " جميع "و " كلّ" ...
10- تقديم كلام فى تاريخ ما دون تحديد لمرجع الوثيقة المقتطف منها.
11- إنكار الواقع و إيراد آراء مناقضة له.
12- عدم الإكتراث لنصّ إستشهاد تتحوّل جمله كالحرباء من موقع لآخر من المقال أو الكتاب.
13- إعطاء مرجع خاطئ لخلط التواريخ.
14- أخذ كلمات من جرائد فى حقبة معيّنة و الإيحاء بأنّها تعبير عن آراء ماو و إن كان هو نفسه نقدها.
15- عدم ذكر الصفحة ، ذكر فقط إسم المصدر.
16- تقديم حدث تاريخي معيّن في سنة محدّدة على أنّه من أحداث فترة لاحقة.
17- إنكار ظروف تطبيق سياسة معيّنة و تأويل تكتيك على أنّه إستراتيجيا.
18- عدم التعرّض للحلول المقترحة من قبل ماو لمعالجة المشاكل المناقشة.
19- إهمال الكمّيات و الأرقام.
20- عدم التفريق بين خصوصيّات الثورات و عقد مقارنات تماثل مهما كانت طبيعة الثورة مختلفة.
21- تأويل نصوص ماو تأويلا مغرضا .
22- منذ البداية، صياغة عنوان يحمل طرحا مغلوطا للمسألة المعالجة.
23- وضع عنوان و اللغو ثمّ اللغو دون البرهنة على صحّة العنوان الموضوع.
24- نزع الجمل من إطارها و تركيبها تركيبا على أطر أخرى.
25- إلصاق نظرية هي لخصم ماو بماو والإنهيال على الأخير بالشتائم على أنّه متبنّيها.
26- حذف الأمثلة التوضيحية كي يمسي الكلام مجرّدا فضفاضا.
27- إدارة الظهر لآراء المنظّرين و نسب أفكار لهم و إن لم تكن لهم.
28- إستخدام مفردات متقاربة المعنى دون التمييز بينها من وجهة النظر الشيوعية.
29- تبنّى نظرية إحادية الجانب و عدم النظر للمسالة من جميع جوانبها.
30- إعتبار كلام ماو جريمة و مأثرة ثورية إن نطق به غيره.
31- الصمت المطبق عن عنوان المقال أو الخطاب إذا كان مناقضا للإتهام الموجّه لماو.
32- خلط المفاهيم المتعلّقة بالبرجوازية و أصنافها.
33- إيراد ما إشتهر به ماو تسى تونغ و إعتباره إعلانا كلاميّا لا غير لا ينطبق على ممارسته.
34- إدّعاء الدفاع عن لينين و ستالين و ضرب مقولاتهما في الصميم من خلال الهجوم على ماو.
35- توجيه تهمة بدعة حيث يوجد تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية.
36- إعلاء المواقف اليسراوية على أنّها المواقف الثورية و تمرير مواقف يمينية.
37- إنتقاد أي عمل جبهوي على أنّه تنازل عن النقاوة الثورية.
38- الحكم بالخطإ على خطّ صحيح تعرّض الفشل في لحظة ما لأسباب ما.
39- الإستناد إلى التحريفيين السوفيات و الصينيين و تروتسكي و كاوتسكى ... و تبنّى بصورة غير معلنة موافقهم و إستعمالها ضد ماو.
40- إعتبار كلّ تنازل مهما كانت الظروف خيانة للبروليتاريا.
41- سلوك سياسة ماكييفال - الغاية تبرّر الوسيلة – غاية الخوجيين سحق الماوية لا تهمّ الوسيلة .
42- التنكّر للمنهج المادي الجدلي و تكريس المنهج الميتافيزيقي المثالي في تناول القضايا.
43- عمليّا و تطبيقيّا إعلاء راية الفلسفة البراغماتية و الإنتقائية...".

حقاّ ، " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"







- " أن ينسب المرء إلى خصمه حماقة بيّنة لكي يدحضها فيما بعد، ليس من أساليب الرجال الأذكياء جدّا" ( لينين" الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى" ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 80).

- " إنّ المعرفة هي مسألة علم، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور، بل المطلوب هو العكس بكلّ تأكيد أي الصدق و التواضع".( ماو تسى تونغ " فى الممارسة العمليّة " ، المجلّد الأوّل من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" – صفحة 439- الطبعة العربية) .
------------------------------------------
كان على الخوجي محمّد الكيلاني و من لفّ لفّه حين إصدار الكتاب " الماوية معادية للشيوعية" و المدافعين عن الأفكار الخوجية التى يتضمّنها إلى اليوم أن يكونوا أمناء فى إستشهاداتهم بمؤلّفات ماو تسى تونغ وإن كانوا يعتبرونه خصمهم و عدوّهم اللدود ، مواصلين بذلك المنهج العلمي الذى علّمنا إيّاه معلّمو البروليتارية العالمية و على رأسهم ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو الذى لم يشوّه قط كتابات أعدائه حين كان يعمل على دحض أطروحاتهم؛ إلاّ أنّ الكيلاني الخوجي فى مقدّمتهم متبعا خطى أستاذه أنور خوجا ، إنتهج مسلكا آخر إذ إختار التعامل الإنتهازي على شاكلة كاوتسكي الذى فضحه لينين فى " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" و الذى إليه وجّه التعليق أعلاه و تروتسكي فى قراءته للتاريخ و فى إقتطافه من جمل من يناقش.
غاية هذا المقال إذن ،هي فضح الإنتهازية المعادية للمنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي و المواقف البروليتارية و البحث العلمي و من ثمّة ننسف الركيزة التى إنبنت عليها إستنتاجات خوجية خاطئة و ننشر حقيقة الماوية كمرحلة جديد ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية.
و فى نقاشنا سنتبع، بشكل عام ، الطريقة الآتى ذكرها : نورد النصّ المسشتهد به كما كتبه و قدّمه الكيلاني الخوجي ثمّ نعود و القارئ/القارئة إلى النصّ الأصلي و من هناك نمضى إلى التعليق النقدي و إجلاء الحقيقة.


كذب و تزوير فى التقديم


===========1- فضح الكذب و التزوير بصدد البرجوازية الوطنية =========

تقديم "الماوية معادية للشيوعية":

الإستشهاد * بالصفحة 6: يقول: " و يؤكّد ماو أنّه " بعد قلب طبقة الملاكين العقاريين و البرجوازية البيروقراطية ، فإنّ التناقض الرئيسي فى الصين يصبح قائما بين الطبقة العاملة و بين البرجوازية " و لم يعد بالتالى صحيحا إستعمال مصطلح برجوازية وطنية".
و نقرأ النصّ الأصلي:" بعد قلب طبقة الملاكين العقّاريين و البرجوازية البيروقراطية ، صار التناقض الرئيسي قائما بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية ،و لا يجب من هنا فصاعدا نعت البرجوازية الوطنية بالطبقة الوسطى". ( ماو تسى تونغ ، المجلّد الخامس من المؤلفات المختارة ، صفحة 80 ، بتاريخ 6 جوان 1952 ،و التسطير مضاف).

وتعليقنا نوجزه فى أربع نقاط :
1- الكيلاني الخوجي يحرّف ما كتب ماو حيث لم يذكر صفة البرجوازية كما وضعها ماو ، " الوطنية"، مميّزا إيّاها عن البرجوازية الإمبريالية أو البرجوازيات الأخرى.
2- لم يضع ثلاث نقاط بعد "البرجوازية " و كأنّ الجملة إنتهت و الحال أنّها لم تنته بعدُ و بقيّتها الغاية فى الأهمّية بترها بترا.
3- يستعمل " يصبح" بصيغة المضارع عوض " أصبح" بصيغة الماضي وهي الأصل، موحيا بأنّ ذلك شأن مستقبلي فى حين أنّ ماو يؤكّد على " من هنا فصاعدا " و ذلك منذ 1952. تفوح من وراء هذا الفهم فكرة نكران حصول ذلك فى الصين ، فكرة محو الوقائع التاريخية ، وهي فكرة مبثوثة على طول الكتاب و عرضه؛ إنّها إحدى ثوابت خطاب المؤلِّف الدغمائي التحريفي المستلهمة مباشرة من " الإمبريالية و الثورة" لأنور خوجا.
4- يضيف الخوجي إستنتاجا منافيا تماما لما إستخلصه ماو فيعطى مفهوما مناقضا كلّيا لما أراد قوله القائد البروليتاري العالمي. فهذا الأخير يشدّد على عدم وجوب نعت البرجوازية الوطنية بالطبقة الوسطى وهو يستعمل فعلا مصطلح " برجوازية وطنية " – مثلما نشاهد- و لم يدعو إلى عدم إستعماله مثلما يدّعى الكيلاني الذى لا يفرّق بين البرجوازية الوطنية و البرجوازية الإمبريالية و هذه النقطة أيضا من ثوابت الخطاب الخوجي للكيلاني و أضرابه من الخوجيين .

منذ البداية لا يريد منّا الخوجي أن ننكر وقائع تاريخية صينية فحسب بل و أن ننكر الفروق الواقعية الملموسة بين البرجوازية الوطنية فى بلد كان بلدا مستعمرا و شبه مستعمر و شبه إقطاعي من جهة و من جهة أخرى ، البرجوازية فى البلدان الرأسمالية المتطوّرة فى مرحلتها العليا أي البرجوازية الإمبريالية. بكلمات أخرى، يطالبنا الكاتب الخوجي إنطلاقا من التوطئة أن لا نميّز بين الواقع الملموس وهو منبع المعرفة حسب المنهج المادي الجدلي من ناحية و الأفكار المثالية الذاتية المتخلّية المراد فرضها بدغمائية على الواقع المطموس و المشوّه و بأن لا نميّز بين الثورة الإشتراكية الموجّهة ضد البرجوازية الرأسمالية الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية الموجّهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية / الكمبرادورية و التى يمكن ، وخلال فترات، أن تساهم فيها البرجوازية الوطنية بإعتبار مصالحها المناهضة للإمبريالية و عملائها و بإعتبار أنّ الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية بقيادة البروليتاريا و إن كانت تمهّد للثورة الإشتراكية فهي لا تستهدف القضاء ، فى مرحلة أولى،على الرأسمال الوطني ، بل تقيّده و تحاصره و لن يتمّ إستهدافه مباشرة و تماما إلاّ فى مرحلة الثورة الإشتراكية تركيزا للملكية الإشتراكية فى شكل ملكية الدولة التى تمسك البروليتاريا بالسلطة فيها . و هكذا يسعى الكيلاني الخوجي إلى تحديدنا بإطار خوجي علينا كسره فى الحال تجاوزا للدغمائية و إلتصاقا بالواقع و كشفا للحقيقة التى هي وحدها الثورية كما قال لينين.


كذب و تزوير فى الفصل الأوّل:"اللينينية ماركسية عصرنا وليس الماوية"


===2- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية و عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية "===

قبل كلّ شيء ،عنوان هذا القسم الأوّل من الكتاب السيئ الصيت يتضمّن مغالطة كبرى فالمسألة مطروحة طرحا خاطئا ذلك أنّ الماوية لا تقترح على نفسها و لا يمكنها أن تقترح أن تعوّض اللينينية و أن تحلّ محلّها فالماوية إمتداد للماركسية-اللينينية و تطوير لها كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية وهو ما سنشرحه ببعض التفصيل فيما بعد.

الإستشهادين 1 و 2 : أعلن الكيلاني : " غنيّ عن البيان أنّ التحريفيين الصينيين ظلّوا دائما يقدّمون " فكر ماو تسى تونغ" على " أنّه " قمّة الماركسية-اللينينية " و يذهبون إلى حدّ إعتباره " ماركسية عصرنا " مدّعين أنّ " ماو واصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طوّرها مرتقيا بها إلى مرحلة عالية جدّا و جديدة جدّا " (1) و يختلق التحريفيون الصينيون ، الذين قنّنوا كلّ هذه الإدعاءات بوضعها فى القانون الأساسي الموافق عليه فى المؤتمر التاسع الذى أشرف عليه ماو نفسه ، ليقولوا إنّ ماو وضع له التنظير الكامل وهو ما جعل فكره يشكّل" ماركسية-لينينية العصر الذى تسير فيه الإمبريالية نحو إنهيارها التام و الإشتراكية نحو الإنتصار الكامل فى العالم كلّه " (2)
[ و هذا نقل لأفكار و كلمات أنور خوجا فى الصفحة417 من "الإمبريالية و الثورة"].

و مباشرة إلى ما ورد فى القانون الأساسي للحزب الشيوعي الصيني المصادق عليه فى المؤتمر التاسع فى 14 أفريل 1969: " الأساس النظري الذى يقود تفكير الحزب الشيوعي الصيني هو الماركسية،اللينينية، فكر ماو تسى تونغ . إنّ فكر ماو تسى تونغ هو ماركسية- لينينية العصر الذى تسير فيه الإمبريالية إلى إنهيارها التام و الإشتراكية نحو الإنتصار الكامل فى العالم بأسره.
طوال نصف قرن ، و فى أثناء الصراعات الكبرى التى قادها تحقيقا للثورة الديمقراطية الجديدة و فى الثورة و البناء الإشتراكيين فى الصين و كذلك فى أثناء الجدال الكبير للحركة الشيوعية العالمية المعاصرة ضد الإمبريالية و التحريفية المعاصرة و كلّ الرجعية ، جمع الرفيق ماو تسى تونغ بين الحقيقة العالمية للماركسية-اللينينية و الممارسة الملموسة للثورة وواصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طوّرها فإرتقى بها إلى مرحلة أرقى و جديدة تماما ".

و هذا تعريبنا للنصّ الفرنسي الذى عثرنا عليه بالصفحة 250-251 من كتاب جلبار موري " من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني ، الجزء الثاني ، سلسلة 10/18 الإتحاد العام للنشر ، باريس 1973 و النص الفرنسي هو :
« Le fondement théorique sur lequel le parti communiste chinois guide sa pensée, c’est le marxisme, le léninisme, la pensée Mao Tsé Toung. La pensée Mao Tsé Toung est le marxisme - léninisme de l’époque ou l’impérialisme va à son effondrement total et ou le socialisme marche vers la victoire dans le monde entier.
Pendant un demi-siècle , au cours des grandes luttes qu’il a dirigées dans l’accomplissement de la révolution de démocratie nouvelle et dans la révolution et l’édification socialistes en Chine, de même qu’au cours de la grande lutte du mouvement communiste international contemporain contre l’impérialisme , le révisionnisme moderne et toute la réaction, le camarade Mao Tsé Toung a uni la vérité universelle du marxisme –léninisme à la pratique concrète de la révolution, continué ,sauvegardé et développé le marxisme –léninisme, et il l’a fait accéder à une étape supérieure, toute nouvelle ».

- هي مرحلة أرقى و ليست " عاليةsupérieure ونسجّل الآتى بخصوص تعريب الكيلاني لنصّ ماو : مرحلة
- ليست " جديدة جدّا " بل جديدة تماما"، و فى إستعمال " عالية جدّا" متبوعة ب toute nouvelle جدّا" و -
"جديدة جدّا" تحريف بيّن رغبه الكاتب إستهزاء أسلوبيّا بالماوية والماويين و بثّا للبلبلة و الغموض حول الهويّة
الفكرية للماوية منذ الفقرة الأولى إثر العنوان الحامل لطرح مغلوط للمسألة المعالجة. و ثمّة بون شايع بين " الماركسية، اللينينية، فكر ماو تسى تونغ" فى القانون الأساسي الأصلي و الصيغة الخوجية " الماركسية و اللينينية و فكر ماو تسىى تونغ" الموحية بعمليّة ترصيف لا تداخل و تكامل فيها ، و أيضا بين " ماركسية- لينينية العصر" فى المرجع الأصلي و ما جاء فى جملة الكيلاني الخوجي " يذهبون إلى حدّ إعتباره " ماركسية عصرنا ".

و الجملة الأخيرة هذه تحمل نفس المغالطة فى عنوان القسم الأوّل من الكتاب الذى ننقد بل و تؤكّدها. فما من أحد من الماركسيين-اللينينيين-الماويين عدّ قطّ " الماوية ماركسيّة عصرنا "، ما من أحد أحلّ الماوية محلّ اللينينية و ما من أحد من الماويين أقرّ " بأنّ اللينينية قد تجاوزها الزمن و لم تعد صالحة و ينبغى تعويضها ب" الماوية " ،" ماركسية عصرنا"( كلام الكيلاني بالصفحة 11).
و منطق التعويض هذا لا يستقيم أصلا فهل مثّلت اللينينية تجاوزا للماركسية بمعنى تعويضا لها؟ قطعا ،لا. إنّ اللينينية فرضت نفسها كمرحلة جديدة، ثانية و أرقى فى علم الثورة الحيّ النابض حياة فأضحى يسمّى الماركسية-اللينينية. و الماوية هي كذلك تشقّ طريقها ، فى الوقت الراهن ، لتفرض نفسها كمرحلة جديدة، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية المتطوّر أبدا بتطوّر الممارسة و التنظير الثوريين للبروليتاريا العالمية و من ذلك ما ذكره المؤتمر التاسع :" طوال نصف قرن ، و فى أثناء الصراعات الكبرى التى قادها تحقيقا للثورة الديمقراطية الجديدة و فى الثورة و البناء الإشتراكيين فى الصين و كذلك فى أثناء الجدال الكبير للحركة الشيوعية العالمية المعاصرة ضد الإمبريالية و التحريفية المعاصرة و كلّ الرجعية ".

و بين يدينا تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد سنة 1973 وهو آخر المؤتمرات الماوية و هو ينطوى على ردّ مفحم مباشر على الكذب و التزوير الخوجيين : " بعد وفاة لينين ، حدثت تغيّرات كبرى فى الوضع العالمي، إلاّ أنّ العصر لم يتغيّر و المبادئ الجوهرية للينينية لم تتجاوز بل إنّها ما زالت الأساس النظري الذى يقود تفكيرنا اليوم " ( ص 291-292 من كتاب " من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" المذكور أعلاه.) .و من يطلب المزيد من المعلومات التفصيلية بصدد تمسّك ماو تسى تونغ باللينينية التى طوّر أفكاره إنطلاقا منها و كإمتداد لها فعليه بالعودة إلى المقالات التى صيغت فى إطار الجدال الكبير بين الماركسيين –اللينينيين الصينيين بقيادة ماو تسى تونغ من جهة و التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و الفرنسية و الإيطالية و التيتوية و غيرها من جهة ثانية . و من تلك المقالات نذكر : " "عاشت اللينينية " و" حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا" و " حول شيوعية خروتشاف المزيفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم" و " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية" و "سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما" و " أصل الخلافات و تطوّرها بين قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي و بينننا" و " هل يوغسلافيا قطر إشتراكي؟" و " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد"و " خطّان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم" و " حول مسألة ستالين"...

أي نعم ، يضع الماركسيّون-اللينينيون-الماويون الماويّة ( فكر ماو تسى تونغ سابقا) ليس إلى جانب الماركسية-اللينينية كترصيف خوجي غير جدلي و إنّما يعتبرونها مكمّلة و مواصلة لها و إمتدادا تسمّى الماركسية-اللينينية-الماوية لأنّها بالفعل كذلك تطويرا على كافة الأصعدة و فى المكوّنات الأساسية الثلاثة للماركسية ألا وهي الفلسفة الماركسية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية. و بالنسبة للماركسين-اللينينيين –الماويين، الماوية هي المرحلة الثالثة و الجديدة و الأرقى فى تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية من ماركسية إلى ماركسيّة- لينينية إلى ماركسية-لينينية- ماوية. و ينكر الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون – حزب العمّال و "الوطد"- و التحريفيون بعامة ذلك و يوقفون الماركسية فى المرحلة الأولى (الماركسية) أو الثانية من تطوّرها (الماركسية-اللينينية ) ( إن لم يلووا عنقهم إلى ما قبل الماركسية كما يفعل "الحزب الإشتراكي اليساري" الذى يقوده محمّد الكيلاني الذى بعد التهجّم على الماوية بإسم الماركسية-اللينينية واصل رحلته الإنتهازية إلى منتهاها للحسم فى الماركسية-اللينينية ذاتها ،و حزب العمل الوطني الديمقراطي إلخ)زورا و بهتانا و الإقرار بالماركسية –اللينينية –الماوية بالنسبة لهم " أمر فى منتهى الغرابة و لا يمتّ بأيّة صلة للشيوعية " (و الكلام للكيلاني ، صفحة 11).

و نتابع. فى مقولة " اللينينية ماركسية عصرنا و ليس الماوية" خلط متعمّد بين عصر التطوّر الإجتماعي وهو فعلا عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و بين مراحل تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية حيث أنّ العصر كما شرحع لينين هو عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و إلى الان لم يتغيّر العصر غير أنّ علم الثورة البروليتارية راكم عديد التجارب النضالية منها إستشفّت دروس عملية و نظرية مثّلت و تمثّل إضافات للإرث اللينيني و تطويرا له. فهذا العلم مثل أيّ شيء حيّ أو ظاهرة حيّة ينمو و يتطوّر و يمرّ بتغيّرات كمّية و نوعية / كيفية فتحدث فيه بفعل ذلك و فى علاقة جدلية بين الكمّي و النوعي قفزات أو طفرات و وثبات. و إنكار تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية خلال عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية هو نكوص عن المادية الجدلية ينتهى بصاحبه إلى رؤية مثالية ميتافيزيقية تحوّل علم الثورة إلى دوغما ثابت، ساكن ، ميّت لا يتطوّر و لا ينمو و لا يعالج المشاكل و التناقضات التى تبرز بإستمرار فى واقع مادي حيّ و فى تحرّك مطلق إذ المادة حركة. و من هنا و بهذا الفهم الخوجي تمسى "الماركسية-اللينينية "على الطريقة الخوجيية سلاحا دغمائيّا يشهره أعداء الثورة فى وجه الماديين الجدليين الساعين بجهد جهيد إلى تغيير ثوري لواقع لا يمكن تغييره بنظرية دغمائية تتعامى عن ما يفرزه على الدوام من مشاكل و تناقضات جديدة خلال هذا العصر ذاته ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية، تستدعى بالضرورة النضال فى سبيل معالجتها عمليّا و نظريّا إنطلاقا من الحقائق الملموسة و الدروس و النظريّات المستقاة من التجارب السابقة لكفاح البروليتاري العالمي على كافة الأصعدة و أيضا المستقاة من الإنغماس المباشر فى تثوير الواقع و تغييره تغييرا ثوريّا صوب الشيوعية.

هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، إعتبار أنّ اللينينية حلّت جميع تناقضات كافة عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من أوّله إلى آخره و لم تدع أيّ تناقض فى هذا العصر إلاّ و عالجته لا يمكن إلاّ أن يعتبر قمّة فى تجاهل الواقع الملموس منذ وفاة لينين و الإستخفاف به و قمّة أيضا فى تقديم أفكار مسبّقة لتحلّ محلّ الواقع. و هذا الموقف المثالي الخوجي كما نلمس لا يعير الواقع الإنتباه الذى يستحقّ بما هو مجال مادي للصراع الطبقي الحقيقي و الملموس فى المجالات جميعها ، عمليّا و نظريّا و بما هو موضوع التغيير الثوري المرجوّ إضافة إلى كونه منبع الحقائق و النظريّات المعمّمة و الملخّصة لحقائق الممارسة العملية إنطلاقا منه و منها و كونه محكّا لصحّتها." إنّ المعرفة تبدأ من الممارسة العملية . و المعرفة النظرية التى يتمّ إكتسابها عن طريق الممارسة العملية ، يجب أن تطبّق فى الممارسة العملية مرّة أخرى. إن الدور الفعّل للمعرفة لا يتجلّى فى القفزة الفعّلة من المعرفة الحسيّة إلى المعرفة العقلية فحسب ، بل ينبغى أن يتجلّى أيضا - و هذا أهمّ من ذاك- فى القفزة من المعرفة العقلية إلى الممارسة العملية الثورية" ( ماو تسى تونغ، " فى الممارسة العملية").

و يعكس هذا الموقف الخوجي منطقا يدير ظهره بلا خجل ( مع إدعاء المادية ) للواقع المادي الحيّ و المتحرّك و الديناميكي ، واقع نضال البروليتاريا العالمية منذ وفاة لينين إلى يوم الناس هذا و يتمسّك بتحنيط علم الثورة البروليتارية العالمية ضمن مفاهيم و صيغ مثالية ذاتية لا أكثر و لا أقلّ ما يحوّل الماركسية النقدية أبدا و مرشد العمل إلى دوغما لا غير أبعد ما يكون عن الفهم المادي الجدلي للعلاقة بين النظرية و الممارسة العملية.
فى سياق عرضه لنظرية المعرفة الماركسية-اللينينية فى مقاله ضد الجمود العقائدي فى التعاطي مع الواقع، " فى الممارسة العملية : فى العلاقة بين المعرفة و الممارسة العملية-العلاقة بين المعرفة و العمل" ( 1937) ، أكّد ماو تسى تونغ الإرتباط الوثيق بين نشأة الماركسية و تطوّرها بالواقع قائلا: " إذا أراد أي شخص أن يفهم أي شيء من الأشياء ، فليس له من سبيل إلى ذلك سوى الإحتكاك بهذا الشيء ، أي العيش ( الممارسة العملية) فى محيطه. فقد كان من المستحيل على المرء أن يدرك مقدّما قوانين المجتمع الرأسمالي وهو يعيش فى المجتمع الإقطاعي، إذ أنّ الرأسمالية لم تكن قد ظهرت بعدُ ، و لذلك فإنّ الممارسة العملية التى تتفق معها لم تكن قد وُجدت أيضا. إنّ الماركسية لا يمكن أن تظهر إلى الوجود إلاّ كنتاج للمجتمع الرأسمالي. و لم يكن بمقدور ماركس ، فى عصر الرأسمالية الحرّة ن أن يدرك مقدّما و بصورة محدّدة بعض القوانين الخاصة بعصر الإمبريالية ، إذ أنّ الإمبريالية - آخر مراحل الرأسمالية - لم تكن قد ظهرت بعد إلى حيّز الوجود ، و كذلك الممارسة العملية التى تتفق معها لم تكن قد ظهرت بعدُ، فكان فى إستطاعة لينين و ستالين وحدهما الإضطلاع بهذه المهمّة . إذا إستثنينا شرط العبقرية فإنّ السبب الرئيسي فى قدرة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين على صياغة نظرياتهم يعود إلى مساهمتهم شخصيّا فى ممارسة الصراع الطبقي و التجربة العلمية فى زمانهم".( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ، المجلّد الأوّل ، صفحة 437- 438 ).

" إن الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقض مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ، و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم. فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها، إلاّ أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا، و أن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ،هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية". ( ماو تسى تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية"، 1957).

و عليه لم يساهم لينين شخصيّا فى ممارسة الصراع الطبقي و التجربة العلمية منذ عقود الآن فلم يساهم فى الثورة فى الثلاثينات و الأربعينات و الخمسينات و الستينات و السبعينات... من القرن الماضي و الحال أنّ كافة هذه العقود عقب وفاته تتنزّل ضمن عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية الذى لم ينته بعدُ و على الأرجح ، إثر خسارة البروليتاريا العالمية للبلدان الإشتراكية السابقة و مثلما أثبتت التجربة العالمية ، سيمتدّ لعقود كثيرة أخرى أو ربّما أكثر من ذلك.و من معلّمي البروليتاريا العالمية العظماءالذى شهد العقود التى لم يشهدها لينين نجد ماو تسى تونغ الذى تطبيق الماركسية –اللينينية عمليّا و نظريّا ليرتقي بها ،فى خضمّ المعارك المحتدمة على كافة الأصعدة ، إلى مرحلة ثالثة جديدة و أرقي.

أمّا التغيّرات الكبرى و الصراعات العظمى ضمن عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و التى حدثت إثر وفاة لينين و طوال عقود الآن و مثّلت الأساس والقاعدة المادية الملموسة التى نجمت عنها قفزة/ وثبة جديدة فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى لتمسي الماركسية- اللينينية- الماوية فنجمل هنا أهمّها : الثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين و حرب الشعب الطويلة الأمد و بناء الإشتراكية فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين الماوية ثمّ إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي و معركة الماوية للحيلولة دون حدوث الشيء نفسه فى الصين و الجدال الكبير ضد كافة أرهاط التحريفية المعاصرة و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى...

كلّ تلك التجارب البروليتارية العالمية و الأحداث التاريخية التى هزّت العالم هزّا ، كلّ تلك الصراعات التى خاضها البروليتاريا العالمية ، كلّ تلك المراكمات و ما أسفرت عنه من تغيّرات كمية و نوعية لا تثمّن فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، دفعت البروليتاريا ضريبتها غاليا و غاليا جدّا و يريد منّا الخوجيون الدغماتحريفيون بمثالية أن ننبذها و أن نفسخها بجرّة قلم و كأنّها لم تكن بتاتا. لا و ألف لا ، لن ننبذها و لن نغضّ الطرف عن تجارب البروليتاريا العالمية و نضالاتها بدروسها الإيجابية و السلبية فسبيل البناء المستقبلي لهذه الثورة لا يسعه إلاّ أن ينطلق من أعلى و أرقى نقطة بلغتها البروليتاريا عمليّا و نظريّا و إلاّ أهدرت و ذهبت سدى المساهمات العظيمة فى علم الثورة البروليتارية العالمية من جهة و من جهة ثانية أُعيدت نفس الأخطاء السابقة فى الممارسة الثورية لطبقتنا. و هذا ،التفريط فى الجوانب الإيجابية المتقدّمة لتلك التجارب و الصراعات العظيمة و إعادة الأخطاء عينها بعد تقييمها و فهمها و إيجاد حلول تخطّيها، ضرب من ضروب التحريفية و فى النهاية خيانة لمصالح البروليتاريا العالمية.

و لينين العظيم الذى طوّر الماركسية إلى مرحلة ثانية، جديدة و أرقى ، الماركسية-اللينينية ، بغوصه فى الواقع (الواقع العالمي و الصراع الطبقي وواقع روسيا وواقع الحركة الشيوعية العالمية فى زمانه) تحليلا و إستيعابا و معالجة للمشاكل و التناقضات من وجهة نظر البروليتاريا و تغييرا ثوريّا ، ما وقف يوما موقفا دغمائيّا و مثاليّا من علم الثورة البروليتارية العالمية بل بالعكس تماما عمل قصارى جهده لتطوير الماركسية فى جميع المجالات ودعا غيره من الثوريين البروليتاريين أن يحذوا حذوه آخذين بنظر الإعتبار المهام الجديدة التى يطرحها الواقع بغية تغييره تغييرا ثوريّا فى مصلحة البروليتاريا و تحريرالإنسانية من كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد. و لنضرب مثالا على ذلك بصدد الثورة الديمقراطية الجديدة مثلما سمّاها ماو تسى تونغ فيما بعد ( الثورة الديمقراطية المعادية للإمبريالية و الرأسماليّة البيروقراطية/ الكمبرادورية و الإقطاعية) سندنا فى ذلك " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق"( 1919).

عاقدا مقارنة بين الثورة البلشفية و الثورات القادمة آنذاك فى الشرق ، كتب :
" و ينبغى لى أن أقول إنّه ّإذا كان قد تيسّر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ،و القيام بمهمّة فى منتهى العسر و لكنّها فى منتهى النبل هي إحداث طرق جديدة فى الثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثّلي جماهير الكادحين فى الشرق مهمّة أعظم و أكثر جدّة".
و يتابع فى فقرة أخرى من التقرير عينه :" و فى هذا الحقل ، تواجهكم مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل: ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلّف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمّة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد يقايا القرون الوسطى".

وفى الفقرة قبل الأخيرة من التقرير يشدّد على أنّ :" هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى كتاب من كتب الشيوعية و لكنّكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا. لا بدّ لكم من وضع هذه القضيّة و من حلّها بخبرتكم الخاصّة ، و يساعدكم فى ذلك من جهة ، التحالف الوثيق مع طليعة جميع الكادحين فى البلدان الأخرى، و من جهة أخرى ، معرفة التقرّب من شعوب الشرق التى تمثّلونها هنا."(خطّ التشديد مضاف، لينين ، " ضد الجمود العقائدي و الإنعزالية فى الحركة العمّالية" دار التقدّم موسكو، صفحات 148و 150 و 152).

بيّن إذا أنّ لينين بشموخ يقف ضد الجمود العقائدي و ضد المثالية من ناحية ،و من ناحية أخرى مع تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية دوما و بإستمرار لمواجهة المهام الجديدة التى يفرضها و يتطلّبها الواقع و الظروف العامة و الخاصّة و لم يشر أو يلمّح البتّة (و لا يمكنه فعل ذلك بإعتباره مادي و جدلي) أنّه حلّ كافة قضايا و تناقضات عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من أوّله إلى آخره (و لا يمكنه ذلك فالعصر المعني إمتدّ بعد وفاته عقود إلى الآن و سيستمرّ دون أدنى شكّ لعقود عديدة أخرى إن لم نتحدّث عن قرون).

إنّ من يخلط بين عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من جهة و مراحل تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية من جهة أخرى غير لينيني مطلقا بل و يشوّه لينين و اللينينية و إن إدعى أنّه ماركسي- لينيني . و إنكار تطوير الماركسية-اللينينية إلى مرحلة ثالثة ،جديدة و أرقى : الماركسية-اللينينية-الماوية ، على أنّه معاد للماركسية-اللينينية ، لا يعدو أن يكون إنكارا للينينية و تزويرا لها علاوة على أنّه تنصّل دغمائي تحريفي و مثالي من الواقع و التاريخ بحيثيّاته و أحداثه و صراعاته و نضالات البروليتاريا العالمية فى الميدانين النظري و العملي منذ وفاة لينين.

و فى ختام هذه المعالجة المقتضبة للموضوع الذى نحن بصدده هنا ، علينا أن نلخّص بإيجاز ( لأنّ المجال لا يسمح بأكثر من ذلك) محتوى الماوية كملاحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية-اللينينية –الماوية. و لم نجد بهذا المضمار أفضل من مقتطف وجيز من وثيقة صاغها سنة 1988رفاق الحزب الشيوعي البيروفي، " بصدد الماركسية-اللينينية-الماوية" :

" بشأن مضمون الماوية ، من البديهي أن من ضمن خلاصتها ، علينا أن نشير إلى المسائل الأساسية التالية :

1- نظريا: للماركسية مكوّنات ثلاثة هي الفلسفة الماركسية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية و تطوّر فيها جميعها تترتّب عليه قفزة كبرى نوعية فى الماركسية بكليتها أي وحدة بمستوى أرقى بمعنى مرحلة جديدة . و بالتالى ، الأساسي هو إثبات أن الرئيس ماو كان منبعا لمثل هذه القفزة الكبرى النوعية كما يمكن رؤية ذلك نظريا و عمليا . و لضرورة العرض دعونا نمعن النظر فى الأمر فى هذه النقطة و النقاط التالية .

بصدد الفلسفة الماركسية ، طوّر ماو ما يمثل جوهر الجدلية و نقصد قانون التناقض معتبرا إياه قانونا جوهريا وحيدا و إلى جانب فهمه الجدلي العميق لنظرية المعرفة و محورها القفزتان اللتان تمثلان قانونها ( من الممارسة العملية إلى المعرفة و من هذه الأخيرة إلى الأولى ، مع أن القفزة الرئيسية هي من المعرفة إلى الممارسة العملية ) ، يبرز أنه طبّق ببراعة قانون التناقض فى السياسة . و فوق ذلك كله ، فإنه أوصل الفلسفة إلى الجماهير منجزا بذلك المهمّة التى أبقاها ماركس عالقة .

فى الإقتصاد السياسي الماركسي ، طبّق الرئيس ماو الجدلية لتحليل العلاقة بين البناء التحتي و البناء الفوقي وواصل النضال الماركسي-اللينيني ضد الأطروحة التحريفية ل"قوى الإنتاج" و إستشف أن البناء الفوقي و الوعي بوسعهما أن يغيّرا البناء التحتي و بواسطة السلطة السياسية بإمكانهما تطوير قوى الإنتاج . و مطوّرا الفكرة اللينينية عن السياسة كتعبير مكثّف عن الإقتصاد ، رسّخ وضع السياسة فى المصاف الأول ( وهو أمر قابل للتطبيق على كافة الأصعدة ) و أن العمل السياسي هو الخط الحيوي للعمل الإقتصادي ممّا أدى إلى تحكّم حقيقي فى الإقتصاد السياسي و ليس إلى مجرد سياسة إقتصادية .

مسألة على أهمّيتها يتجنّبها خاصة الذين يواجهون ثورات ديمقراطية هي الأطروحة الماوية عن الرأسمالية البيروقراطية أي الرأسمالية التى تتطوّر فى الأمم التى تضطهدها الإمبريالية مع درجة متفاوتة من وجود الإقطاعية أو غيرها من أنماط الإنتاج السابقة عليها حتى . و هذه مسألة حيوية رئيسيا بالنسبة لآسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية ذلك أن كمرحلة ثانية مرهون ، إقتصاديا ، بمصادرة هذا الرأسمال البيروقراطي .

لكن الرئيسي هو أن الرئيس ماو تسى تونغ طّور الإقتصاد السياسي للإشتراكية . و فى منتهى الأهمية هو نقده للبناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي و الشيئ نفسه يمكن قوله عن أطروحته حول كيفية تطوير الإشتراكية فى الصين : إعتبار الفلاحة قاعدة و الصناعة القائدة و إعتبار أن الصناعة توجّهها العلاقة بين الصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة و الفلاحة و أن محور البناء الإقتصادي هوالصناعة الثقيلة و فى الوقت ذاته تجب إعارة الإنتباه التام إلى الصناعة الخفيفة و كذلك إلى الفلاحة . ويتعيّن أن نشدّد على القفزة الكبرى إلى الأمام و ظروف تنفيذها : أولا ، خط سياسي وجّهها توجيها صائبا و صحيحا و ثانيا ، أشكال تنظيمية صغرى و متوسطة و كبرى و عددها يكثر حسب خاصيّة كل منها و ثالثا إندفاع جماهيري عظيم و مجهود جبّار دفعا لإنجازها و إنجاحها . و القفزة الكبرى إلى الأمام تقيًّم نتائجها أساسا تبعا للسيرورة التى أطلقتها و أفقها التاريخي أكثر من تقييمها تبعا لمكاسبها الآنية و صلتها بالتعاونيات الفلاحية و الكمونات الشعبية. و فى النهاية ، ينبغى أن نأخذ بعين الإعتبار تعاليمها حول الموضوعية و الذاتية فى فهم قوانين الإشتراكية و التحكم فيها و أن العشريات القليلة من الإشتراكية لم تسمح بمشاهدة تطوّر تام و من هنا معرفة أفضل لقوانينها و لخصوصياتها و رئيسيا العلاقة بين الثورة وسيرورة الإنتاج المجسدة فى " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " . و مع ذلك بالرغم من أهميته البالغة، قلما تتم معالجة هذا التطوير للإقتصاد السياسي الماركسي .

فى ما يتعلق بالإشتراكية العلمية ، طوّر الرئيس ماو نظرية الطبقات محلّلا إياها على المستويات الإقتصادية و السياسية و الإيديولوجية . ووضع العنف الثوري كقانون عالمي دون إستثناء و الثورة كإحلال عنيف لطبقة محلّ طبقة أخرى و صاغ أطروحته العظيمة " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " و حلّ مسألة إفتكاك السلطة فى الأمم المضطهَدة عبر طريق محاصرة المدن إنطلاقا من الريف و بتّ أيضا فى قوانينها العامة . و جدّد بتألق نظرية صراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية و طوّرها و أوضح أن الصراع التناحري يستمرّ فى ظلّ الإشتراكية بين البروليتاريا و البرجوازية و بين الإشتراكية و الرأسمالية و أنه بالملموس ، لم يتحدّد من الذى سينتصر على من وهو مشكل يحتاج حلّه إلى وقت ، وبيّن تطوّر سيرورة إعادة تركيز الرأسمالية و نقيضها حتى تتمكن البروليتاريا من التوطيد النهائي للسلطة عبر دكتاتورية البروليتاريا . و ختاما و رئيسيا ، قدّم الحل العظيم ذو الأهمية التاريخية البالغة ألا وهو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمواصلة للثورة الإشتراكية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.

تبيّن هذه المسائل الأساسية المعروضة ببساطة تقريبا و المعروفة و غير القابلة للدحض ، تبيّن تطوير الرئيس ماو لمكوّنات الماركسية و سموّه البديهي بالماركسية – اللينينية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى هي الماركسية –اللينينية –الماوية ، رئيسيا الماوية. "( مقتطف من " الماوية : نظرية و ممارسة " -1- : علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية - الماوية " ، شادي الشماوي، موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت).

كذب وتزوير فى الفصل الثاني:لاعلاقة للماوية بالفلسفة الماركسية


========3- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و مسألة ستالين ==========

و نأتى إلى مسألة ستالين حيث يزيف الكيلاني الخوجي الحقائق فيقول :" التحريفيون الصينيون يكنّون له إحتقارا كبيرا و يعتبرونه ضعيفا فى النظرية و أضرّ بالماركسية-اللينينية عندما وضعها فى " قوالب جامدة " ، و لا يستحقّ أن يوضع إلى جانب ماو" ( "الماوية معادية للشيوعية"، صفحة 11).[ آراء أنور خوجا ،صفحة 461-465].

نسرع فى الحال إلى تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد فى 1973والذى إستشهدنا به أعلاه و نترك له الكلمة من جديد ليكنس الغبار الخوجي المنثور على الموقف المبدئي للماويين:" على كلّ عناصر الحزب أن يدرسوا بجدّ مؤلفات ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ومؤلفات الرئيس ماو و أن يتمسّكوا بصلابة بالمادية الجدلية و المادية التاريخية و أن يحاربوا المثالية و الميتافيزيقاية و أن يغيّروا نظرتهم للعالم".( صفحة 298،"من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" لجلبار موري، سلسلة 10/18 ، الإتحاد العام للنشر ، باريس 1973) .

و من ما تقدم نشاهد معا الكذب الفجّ . و العيان لا يحتاج إلى بيان.

عند تقييم التجربة التاريخية السوفياتية لدكتاتورية البروليتاريا فى ظلّ قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي برزت إلى الوجود ثلاثة مواقف أساسية هي الموقف التروتسكي والتحريفي الخروتشوفي المدين لستالين على أنّه دكتاتور أرسى عبادة الفرد...

و فى أواخر السبعينات خرج علينا الخوجيون بموقف آخر يتبنّى التجربة الإشتراكية فى ظلّ ستالين بحذافرها و لا يرى فيها أية جوانب سلبية أو أخطاء أو نواقص أو هنات . بالنسبة للخوجيين ، ستالين لم يخطإ أبدا و ليست له أّية إنحرافات ، كلّ ما نظّر له و مارسه صحيح لا تشوبه شائبة و لا ثغرات فيه مهما كانت صغيرة أو طفيفة. و هذه نظرة مثالية و إحادية الجانب .

و منذ خمسينات القرن العشرين ، قد إنبرى ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني ليتصدّى للتحريفيين منجزا تقييما علميّا عميقا (ما فتئ الماركسيون-اللينينيون-الماويون يعمّقونه) لحقبة قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي و أعلنها صراحة و على الملئ بأنّ ستالين ماركسي - لينيني عظيم يجب الإستفادة من كتاباته و رفع رايته عاليا لكن كذلك يجب دراسة أخطائه و تجنّب الوقوع فيها مجدّدا. و هذا هو الموقف العلمي المادي الجدلي.

وقد لخّص ماو تقييمه لستالين من وجهة نظر بروليتارية و بمنهج مادي جدلي فى أنّه ماركسي- لينيني عظيم قام بأخطاء أحيانا جدّية و أخطاؤه لا تتجاوز 3 من 10 من ما قدّمه للحركة الشيوعية العالمية. و تناول الأخطاء بالشرح و التفسير تاريخيّا و موضوعيّا و ذاتيّا كي تكون مصدر دروس و عبر للبروليتاريا العالمية مثلها مثل الجوانب المضيئة فى ممارسة و تنظير الماركسي- اللينيني العظيم ستالين.

و ببساطة نضيف أنّه من المعلوم لدى الجميع عالميّا و ليس قطريّا أو عربيّا فقط أنّ الماركسيين-اللينينيين-الماويين يرفعون راية الرؤوس الرموز الخمس و منهم ستالين: ماركس ، إنجلز ، لينين، ستالين و ماو فهل أدلّ من ذلك على كذب و تزوير الخوجيين لموقف الماويين من ستالين؟

و هنا لن ندخل فى تفاصيل أخرى لأنّ المجال لا يسمح بذلك و لأنّنا سبق و أن أفردنا عددا كاملا، العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" ، للمسألة ، تحت عنوان "مسألة ستالين من منظور الماركسية-اللينينية-الماوية ". فمن أراد التوسّع فى الموضوع و الإبحار مع بعض تفاصيله ، فعليه بالعودة إلى هذه الوثيقة على موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت.

=====4- فضح الكذب و التزوير بصدد "علاقة الماوية بالفلسفة الصينية القديمة " =====

الإستشهاد 9، بالصفحة 15:

" كما أنّه يقرن دور الثورة " بالدور المطهّر للنار فى الفلسفة القديمة" بحيث أنّ اليسار يقوم بثورة كلّما إستولي اليمين على الحكم لتطهير المجتمع من " الأدران" التى لحقت به ، يقول :" يجب" " إشعال النار" بصفة دورية . كيف نتصرّف فى ذلك مستقبلا؟ فى رأيكم يجب أن نقوم بذلك مرّتين كلّ خمسية تماما كشهر الكبس فى تقسيم الأوقات القمري ،الشمسي ، يعود مرّة كلّ 3 سنوات أو مرّتين كلّ خمس سنوات".[ أنورخوجا ، صفحة 435-436].

نستهلّ بنقد إستغلال الجمل بعد نزعها من إطارها ف" إشعال النار" لا يقصد به ماو هنا الثورة كما يريد أن يُفهمنا الخوجي ، بل هو يقصد النقد و النقد الذاتي و هاكم بالضبط ما قاله ما وفى بداية مقاله الذى منه إقتطف الكيلاني تلك الجمل:" ... مثلا قلت: حين يشرع الناس فى نقدنا ، يعنى ، حين تشتعل النار، ألن يؤذينا ذلك ؟ يجب علينا أن نقوّي جلد دماغنا و نصمد..."( الصفحة 497 من المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الطبعة الفرنسية ، التسطير من وضعنا) .

و هذه الآن الأسطر السابقة بالضبط للفقرة التى أوردها الخوجي ( بالصفحة 499 ذاتها) :" كلّ واحد من رفاقنا له عيوبه ، و من ليست له عيوب؟ الناس ليسوا أنبياء ، كيف يمكن ان يكونوا معصومين من الخطإ؟ من الحتمي أن نقوم بأخطاء فى كلامنا أو فى أفعالنا ، أخطاء ذات طابع بيروقراطي مثلا. ففى غالبية الأحيان لا نكون واعين بذلك."

و هذه الجمل إنّما هي دعوة من ماو للحزب و للجماهير لممارسة النقد و النقد الذاتي لإصلاح الأخطاء التى حصلت و الممكنة الحصول مستقبلا و ليست بالمرّة تعريفا لكيفية القيام بالثورة. و قد وردت ضمن الخطاب المعنون ب : " دحض هجمات اليمينيين البرجوازيين " ( بتاريخ 9 جويلية 1957) حيث يحلّل ماو نقد اليمين البرجوازي لإنجازات الشيوعيين و ممارستهم التى رفعت من وعي الجماهير و لكنّه فى ذات الآن يدعو الحزب و الجماهير إلى ألاّ يغترّوا بالمنجزات و ينسوا النواقص التى يلزم تجاوزها و التى لا بدّ ، قبل ذلك، من كشفها عبر اللجوء إلى النقد و النقد الذاتي.

ثمّ إنّ هذا الإستشهاد عينه، (9) ، يفنّد إدّعاءات الخوجي بأنّ ماو يعتبر نفسه " يعرف كلّ شيء" و أنّه موافق على مقولة " لإيجاد حلّ لأيّ شيء ، فى أيّ وقت و فى أي بلد يكفى أن تقرأ كتابات ماو و تسترشد بأفكار ماو" ( بالصفحة 11 من " الماوية معادية للشيوعية"). أمّا نظرية " العبقريّ " فليست سوى نظرية لين بياو الذى كان " يرفع الراية الحمراء ليسقطها " معدّا لإنقلاب فشل فى إنجازه سنة 1971 و هرب إثر ذلك إلى الإتحاد السوفياتي لكنّ الطائرة التى كانت تقلّه تحطّمت قرب الحدود الصينية السوفياتية. إنّها نظرية عدوّ ماو تسى تونغ المتخفّي ، إنّها غريبة كلّ الغرابة عن أفكار ماو تسى تونغ الذى قاد حملة نقد شعبية عبر الصين كافة لنقد هذه النظرية وخطّ لين بياو التحريفي ( و كنفيشيوس) ككلّ من 1971 إلى 1975.و من الوثائق التى تبرز هذه الحقيقة رسالة ماو تسى تونغ لتشينغ تشانغ بالصفحة 18 من " لومند : أربعون سنة من الصين الشعبية" بالفرنسية . و أيضا لدراسة مستفيضة نوعا ما لنضال ماو تسى تونغ ضد لين بياو و خطّه التحريفي ، يمكن للمهتمّين بمزيد التفاصيل أن يطّلعوا على "الصين الماوية : حقائق و مكاسب و دروس " لشادي الشماوي ، على موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت.

=====5- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية وتعويض الجدلية بالثنائية " =====

الإستشهاد (10) بالصفحة 16-17:

"... و على هذا الأساس يصبح تحوّل الضدّ إلى ضدّه مجرّد تغيير فى الموقع و ليس حلاّ للتناقض أو تغيير فى طبيعة الشيئ أو الظاهرة. إّن يعتقد مثلا أنّ البرجوازية و البروليتاريا تتبادلان المواقع و تحافظان فى نفس الوقت على وجودهما كطبقتين يقول ماو :" بواسطة الثورة تتحوّل البروليتاريا كطبقة مهيمن عليها إلى طبقة مهيمنة. و تتحوّل البرجوازية التى هيمنت إلى حدّ الآن إلى طبقة مهيمن عليها كلّ واحدة أخذت مكان خصيمتها".[أنور خوجا، صفحة 438]

و تعليقا نسوق الملاحظات التالية :

أوّلا، فى النصّ الأصلي بالفرنسية ( و إليكم الصفحة التى لم يذكرها الكاتب، الصفحة 377 ضمن " فى التناقض" ، أوت 1937، المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " – الطبعة الفرنسية) لا وجود « jusqu’alors » لنقطة بين " مهيمنة" و " تتحوّل" ذلك أنّها جملة واحدة. ثمّ إنّ تعريب
ليس " حدّ الآن" بل " حدّ ذلك الحين" و كأنّنا بالكاتب المترجم الخوجي يريد ممّن يقرأ أن يشعر بأنّ ماو مقرّ بهيمنة البرجوازية فى بلاده فى حين كان ماو يتحدّث بصفة عامّة سنة 1937 و الصين لم تكن بلدا رأسماليّا وقتئذ بل بلدا مستعمرا و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و البرجوازية الرأسمالية الوطنية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات تختلف عن البرجوازية الرأسمالية الإمبريالية فى البلدان الإمبريالية.

ثانيا، إليكم النصّ الأصلي بالعربية من الطبعة العربية من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، المجلّد الأوّل ، بالصفحة 491 : " إنّ البروليتاريا التى كانت محكومة تصبح هي الحاكمة بواسطة الثورة ، بينما البرجوازية ، وهي الحاكمة فى الأصل ، تصبح هي المحكومة و تنتقل إلى المركز الذى كان نقيضها يشغله من قبل".
و الكيلاني بما هو تحريفي دغمائي سيقف عند " خصيمتها" و يحرمنا من المثال الشارح للفكرة العامة التى صاغها ماوتسى تونغ فبالضبط إثر( بكلام الكيلاني) و " نقيضها يشغله من قبل" ( فى النصّ باللغة العربية )، نعثر على الجملة التالية:" و هذا ما حدث فى الإتحاد السوفياتي ، و سيحدث فى العالم بأسره".

ما معنى ذلك؟ ألم يكن ما حدث فى الإتحاد السوفياتي تحوّلا نوعيّا و حلاّ مؤقّتا للتناقض هناك نتيجة ثورة أكتوبر العظيمة. و نؤكّد حلاّ مؤقّتا و ليس نهائيّا للتناقض بين البروليتاريا . ذلك أنّ البروليتاريا أي نعم إفتكّت السلطة لكن ذلك لا يعنى القضاء النهائي على البرجوازية القديمة منها و الجديدة التى تنشأ فى رحم الإشتراكية ذاتها ، إجتماعيّا و إقتصاديّا و سياسيّا و ثقافيّا. و النتيجة ليست إضمحلال البرجوازية وزوالها فى المجتمع الإشتراكي كما يروّج إلى ذلك التحريفيون السوفيات و الصينيون و الخوجيون و من لفّ لفّهم ،و إنّما سيتخذ التناقض شكلا آخر تكون فيه البروليتاريا مهيمنة و بأكثر دقّة حاكمة بكلمات ماو ، فتمارس كطرف رئيسي للتناقض دكتاتوريتها على البرجوازية المحكومة التى غدت بفعل الثورة مهيمن عليها أي الطرف الثانوي للتناقض. و هذا يعنى أيضا (وهو ما ينكره الكثير من التحريفيين) أنّ إمكانية فقدان البروليتاريا للسلطة و هيمنتها و كونها الطرف الرئيسي فى التناقض و بكلمة لدكتاتوريتها الطبقية ، أنّ هذه الإمكانية واردة جدّا و بالفعل تحوّلت الإمكانية إلى واقع فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة الرفيق ستالين فحدثت ردّة و تمّت إعادة تركيز الرأسمالية و أمست البروليتاريا من جديد محكومة و البرجوازية حاكمة وهو ما يؤكّد صحّة النظرة الجدلية لماو تسى تونغ لمسألة جوهرية فى الديالكتيك ألا وهي القانون الجوهري ، قانون التناقض.

أو ربّما ، يا أيها الخوجيوّن، لم تغيّر ثورة أكتوبر المجيدة التى جعلت البروليتاريا حاكمة و البرجوازية محكومة ، من مواقع الطبقتين النقيضتين و من طبيعة المجتمع و الإتحاد السوفياتي ليصير بلدا إشتراكيّا و ظلّ رغم "هيمنة " / حكم البروليتاريا ، بلدا رأسماليّا؟ لا طبعا . أضحى الإتحاد السوفياتي بموجب ثورة أكتوبر البروليتارية التى غيّرت وجه التاريخ المعاصر ، بلدا إشتراكيّا تحكمه البروليتاريا المختلفة عن تلك فى المجتمع الرأسمالي حيث باتت مالكة لوسائل الإنتاج و لسلطة سياسية تعمل على تشكيل المجتمع على شاكلتها ولذلك تمارس فيه دكتاتورية البروليتاريا على أعدائها فى ظلّ قيادة لينين و ستالين و من هم أعداؤها التى تمارس عليهم دكتاتوريتها مستعملة جهاز دولتها كأداة قمع طبقة لأخرى حسب لينين فى "الدولة و الثورة" ؟ أليست البرجوازية القديمة التى لم تعد تملك وسائل الإنتاج و الجديدة التى تنشأ فى صلب المجتمع الإشتراكي ، أتباع الطريق الرأسمالي تحديدا وسط الحزب الشيوعي الحاكم و الدولة الإشتراكية ؟

أمّا القضاء النهائي على البرجوازية فيقتضى سيرورة كاملة و ليس مجرّد صعود البروليتاريا للسلطة و التحويل الأساسي لملكية وسائل الإنتاج فالرأسمالية تولد يوميّا كلّ ساعة فى المجتمع الإشتراكي بما هو مرحلة تأكّد بما لا يدع مجالا للشكّ أنّها مديدة و معقّدة بين المجتمع الرأسمالية و المجتمع الشيوعي عالميّا.و سيرورة تطوّر الصراع بين البروليتاريا و البرجوازية ، بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي سيرورة تطوّر لولبية تصاعدية لا تنكر إمكانية النكسات. و قد إنتهت الموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية التى إبتدت بكمونة باريس ، مع خسارة الصين الماوية و الإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية هناك فى 1976 بعد إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين.و فى الأفق تتبدّى موجة جديدة من الثورة البروليتارية العالمية بقيادة الماوية. ( و لمزيد التفاصيل بهذا المضمار - تغيير المواقع و حلّ التناقض- عليكم بالجزء الرابع، "الديالكتيك" ضمن " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي ضد فكر ماو تسى تونغ " لج. وورنر ، بالفرنسية، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية).

و ثالثا، أتى حديث ماو فى سياق تحليل " الوحدة و الصراع بين طرفي التناقض" و ذلك فى إطار تبيان المعنى الأوّل و المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض " إنّ عنصرين متضادين هما، بفعل عوامل معيّنة ، متعارضان من جهة ، و مترابطان ، متمازجان ، متداخلان، يعتمد بعضهما على بعض من جهة أخرى، و هذا المقصود بالوحدة. إنّ كلّ طرفين متناقضين هما ، بسبب عوامل معينة، متسمان بعدم الوحدة بينهما ، لذلك نقول إنّهما متناقضان . و لكنهما فى الوقت ذاته متسمان بسمة الوحدة ، فهما لذلك مترابطان. و هذا هو ما يشير إليه لينين بقوله إنّ الديالكتيك يدرس " كيف يمكن لضدين أن يكونا متحدين". كيف يمكن أن يكونا متّحدين ؟ يمكن ذلك لأنّ كلا منهما يشكّل شرط وجود اللآخر. هذا هو المعنى الأوّل للوحدة.
لكن هل يكفى أن نقول فقط إنّ كلّ طرف من طرفي التناقض يشكّل شرطا لوجود الطرف الآخر، وأنّ ثمة وحدة بينهما ، و لذلك يمكنهما أن يتواجدا فى كيان واحد؟ كلاّ ، لا يكفى ذلك، فالأمر لا ينتهى عند حدّ الإعتماد المتبادل فى البقاء بين الطرفين المتناقضين، و إنّما الأهمّ من ذلك هو تحوّل أحدهما إلى نقيضه. و هذا يعنى انّ كلا من الطرفين المتناقضين فى شيء ينزع ، بسبب عوامل معيّنة ، إلى التحوّل إلى الطرف المناقض له، و أن ينتقل إلى مركز نقيضه. هذا هو المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض". ( المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، الصفحة 490-491 من الطبعة العربية و الصفحة 377 من الطبعة الفرنسية).

و الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون يديرون ظهورهم للمعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض ففى المرحلة الإشتراكية لا وجود لمحكوم ، لا وجود لبرجوازية محكومة إذ هناك طبقات متحالفة لا غير هي طبقة العمّال و طبقة الفلاحين والأنتلجنسيا فحسب، بل و يدافعون عن الأطروحة القائلة " يتكوّن المجتمع الإشتراكي من طبقتين (هكذا!): الطبقة العاملة و الفلاحون الكولكوزيون كطبقتين صديقتين، لكن متمايزتين بوضعيتهما فى الإنتاج الإجتماعي. و إلى جنبهما توجد فئة إجتماعية أخرى فئة المثقّفين الإشتراكيين".

أمّا عن إجابة صريحة ، واضحة ، وضوحا ضافيا ، و نضيفها إلى ما سبق ، حسما للأمر و دحضا لإدعاء الخوجي الدغمائي التحريفي بأن ماو يعتبر " تحوّل الضدّ إلى ضدّه مجرّد تغيير فى الموقع و ليس حلاّ للتناقض أو تغييرا فى طبيعة الشيء أو الظاهرة "، فنقتطفها لكم من الصفحة 485 ، من المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية ،( صفحة 372 ، الطبعة الفرنسية):
" امّا البروليتاريا التى تفوق البرجوازية كثيرا فى عددها، و التى نمت مع البرجوازية فى وقت واحد، لكنها تقع تحت سيطرتها، فهي قوّة جديدة ، تنمو و تزداد قوّة بصورة تدريجية ، بعد ان كانت تشغل فى البدء مركز التابع للبرجوازية ، فتصير طبقة مستقلّة تلعب دورا قياديّا فى التاريخ ، حتى تستولي فى النهاية على السلطة السياسية فتصبح الحاكمة. و عندئذ تتبدّل طبيعة المجتمع فيتحوّل من المجتمع الرأسمالي القديم إلى المجتمع الإشتراكي الجديد. وهذا هو الطريق الذى إجتازه الإتحاد السوفياتي و الذى سيجتازه سائر البلدان حتما"(التسطير من وضعنا ).

طبيعة الشيء مثلما فسّر ماو فى " فى التناقض" تتحدّد بالطرف الرئيسي للتناقض فعندما تكون البرجوازية الطرف الرئيس فى التناقض بينها و بين البروليتاريا تكون طبيعة المجتمع رأسمالية و العكس بالعكس عندما تكون البروليتاريا الطرف الرئيس و ليس الثانوي فى التناقض بروليتاريا / برجوازية تكون طبيعة المجتمع إشتراكية و التحوّل من موقع الثانوي فى التناقض إلى موقع الرئيسي تغيير نوعي يفرز طبيعة جديدة للشيء أو الظاهرة و مثال ذلك بيّن لدي ماو فى الجملة التى سطّرناها : " ... تستولي فى النهاية على السلطة السياسية فتصبح الحاكمة. و عندئذ تتبدّل طبيعة المجتمع فيتحوّل من المجتمع الرأسمالي القديم إلى المجتمع الإشتراكي الجديد.".

و هكذا يتجلّى أنّ ما فعله الكيلاني الخوجي ليس سوى ضربا من الكذب و التزوير و التشويه الإنتهازي المقيت للنصوص الأصلية و إتباعا لماكيفال صاحب " الغاية تبرّر الوسيلة ": غاية الخوجيين تشويه الماوية و الوقوف حجر
عثرة فى سبيل معانقة الثوريين و الجماهير الشعبية لعلم الثورة البروليتارية العالمية و الوسيلة هنا الكذب و التزوير و التضليل.
=====6- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و البرجوازية فى ظلّ الإشتراكية ====

الإستشهاد (11) بالصفحة 17 :

" إذا لا يمكن للبرجوازية و البروليتاريا أن تتحوّل بواسطة الثورة إلى طبقة مهيمنة عليها... نحن و كومنتنغ تشان كاي تشاك فى تضاد تام إلآّ أنّه تبعا لصراع و تنافر الضدّين تبادلنا المواقع مع الكومنتنغ" ( التسطير مضاف).

لنلقى نظرة على ما قاله ماو حقيقة بالصفحة 399-400 من المجلّد الخامس ( الطبعة الفرنسية ) فى إطار حديثه عن " وحدة و تماثل الأضداد" : " إذا لم تستطع كلّ من البرجوازية و البروليتاريا أن تتحوّل الواحدة إلى الأخرى كيف تفسّرون أن تصبح البروليتاريا ، بواسطة الثورة، الطبقة المهيمنة و البرجوازية الطبقة المهيمن عليها؟ لنورد مثلا: نحن و كومنتغ تشان كاي تشاك فى تضاد تام. و تبعا لنضال و تنافر الطرفين المتناقضين ، تبادلنا المواقع مع الكومنتنغ: من قوّة مهيمنة كان هو ، تحوّل إلى قوّة مهيمن عليها و من قوّة مهيمن علينا كنّا نحن، أصبحنا القوّة المهيمنة...".

ماذا نلاحظ؟ نلاحظ التالي :

1- جريا على عادته كمحرّف للوثائق ، ما حذفه الخوجي كلّيا ليس أقلّ من المثال التوضيحي مسألة تبادل المواقع أي " من قوّة مهيمنة... أصبحنا القوّة المهيمِنة ..." فالأمثلة الملموسة الواقعية مزعجة إلى حدّ لا يطيقه الدغمائيون.

2- إنّ إستعمال " لا " الإطلاقية النفي فى كلام الخوجي يجعلنا نعتقد أنّ ماو لا يرى إمكانية للثورة بينما يتحدّث القائد البروليتاري الصيني بصيغة الماضي عن واقع تاريخي عاشته الصين و يقصد إنتصار الثورة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ على الكومنتنغ الذى غدى بفعل تلك الثورة مهيمن عليه و أمست قوى الثورة يقودها الحزب الشيوعي الصيني و ماو معلّمه هي المهيمنة. و هكذا يعبث المترجم بالنصّ تحريفا و تشويها.

3- جملة الكيلاني " إذا لا يمكن للبرجوازية و البروليتاريا ان تتحوّل بواسطة الثورة إلى طبقة مهيمن عليها..." غير مفهومة أصلا حيث لا نفهم من يهيمن على من ، أيّة طبقة تهيمن على أيّة طبقة أخرى و كأنّ المسألة غير مهمّة فى نظر الخوجي الدغمائي والواقع هو أنّ هيمنة البرجوازية تولّد مجتمعا رأسماليّا ( فى البلدان الإمبريالية و هيمنة البرجوازية الكمبرادورية/ البيروقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات تولّد مجتمعا مستعمرا أو شبه مستعر شبه إقطاعي ) و هيمنة البروليتاريا تعنى دكتاتورية البروليتاريا فى شكل أو آخر أي مجتمعا إشتراكيّا .أمّا ماو فقد أبان مقصوده بجلاء إستنادا إلى واقع و أمثلة الواقع مصدرها.

4- " تبعا" وردت فى النصّ الأصلي دون " إلاّ أنّه" ( المضافة كرما من الخوجي المزوّر!!!) و التى تفيد الإعتراض و كأنّ النتيجة مناقضة للمتوقّع أو الواقع و تفسير هذا التشويه هو سعي الكاتب إلى عدم التناقض مع ما ورد فى الإستشهاد العاشر من إنكار لقيام ثورة فى الصين و تحوّل طبيعة المجتمع غلى الإشتراكية بالأساس منذ أواسط الخمسينات بعد إعداد القاعدة المادية و الفكرية لذلك منذ سنوات سابقة و فى ظلّ قيادة البروليتاريا لدولة الديمقراطية الجديدة فى البلاد كافة منذ 1949 و قبل ذلك للسلطة الحمراء فى المناطق المحرّرة.

5- يتحدّث ماو عن " الطرفين المتناقضين" المتصارعين من أجل الهيمنة فالثورة هي إطاحة طبقة ( أو جملة طبقات) بطبقة أخرى ( أو جملة طبقات) أي الإطاحة بها من مركز الهيمنة لوضعها بموقع المهيمن عليها و فى خصوص البرجوازية و البروليتاريا ، كما رأينا لدي ماو ، ينجم عن ذلك تغيير فى طبيعة المجتمع و ليس المحو الكلّي و الإضمحلال و الزوال و " الحلّ النهائي" للطبقة المطاح بها. هذا ما أثبته الواقع التاريخي مرارا و تكرارا وهو ما تؤكّده المراجع الكلاسيكية ( ماركس: " نقد برامج غوت" و لينين :"الدولة و الثورة" إلخ ) و المرحلة الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ليست سوى دكتاتورية البروليتاريا.
"الرفيق" الخوجي و أنت العلم و المعلوم و المعلم ، متى تعلم ، متى تعلم أن دولة دكتاتورية البروليتاريا لا تجد مشروعيتها ( داخليّا فى الأساس) إلاّ لقمع أعداء البروليتاريا العاملين من خارج الدولة و الحزب الشيوعي و من داخلهما ،على إحداث ردّة و إعادة تركيز الرأسمالية ، إلاّ لقمع الطبقة البرجوازية الرأسمالية المطاح بها و أيضا تلك التى تولد يوميّا و كلّ ساعة كما قال لينين- أتباع الطريق الرأسمالي حسب ماو - فى ظلّ الإشتراكية ( البرجوازية الجديدة )، إلاّ لأنّ التناقض لم يحلّ نهائيّا فالحلّ النهائي لا ينبثق من القضاء على البرجوازية و العلاقات الرأسمالية بكلّ أسسها و تأثيراتها فحسب بل من تحرير البشرية جمعاء بالتوصّل إلى مجتمع شيوعي عالميّا ، خالي من الطبقات : من البرجوازية و من البروليتاريا أيضا ).

و ماو فى هذا طوّر أطروحات لينين القائلة بأنّ الطبقات لا الصديقة المتحالفة فقط بل كذلك البرجوازية فى شكل جديد داخل الحزب الشيوعي و الدولة الإشتراكية - أتباع الطريق الرأسمالي و قاعتهم المادية التناقضات التى لم تعالج بعدُ فى ظلّ الإشتراكية : الحق البرجوازي التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و بين الفلاحين و العمّال...- و بالتالى يتواصل الصراع الطبقي و تتواصل حتى إمكانية الردّة و إعادة تركيز الرأسمالية كطرف ثانوي للتناقض فى ظلّ الإشتراكية من المحتمل، إن لم تمارس البروليتاريا دكتاتوريتها الشاملة على البرجوازية و لم تستمرّ الثورة فى التقدّم صوب الشيوعية على كافة الأصعدة، أن يغدو بواسطة إنقلاب أو ثورة مضادة ،الطرف الرئيسي فتخسر البروليتاريا و حلفاؤها السلطة و ينهزم الطريق الإشتراكي أمام الطريق الرأسمالي فتتغيّر إلى الوراء طبيعة المجتمع من مجتمع إشتراكي إلى مجتمع رأسمالي.
مجدّدا و بإختصار، "الرفيق" الخوجي و أنت العلم و المعلوم و المعلم متى تعلم ، متى تعلم أنّ التناقض الرئيسي فى المرحلة الإشتراكية ، فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، كما كتب ماو حقيقة وواقعا هو بين البروليتاريا و البرجوازية (القديمة و الجديدة) كطبقتين موجودتين موضوعيّا!!؟
=======7- فضح الكذب و التزوير بصدد" الماوية و مرحلتي الشيوعية " =======

الإستشهاد (12) بالصفحة 17 :

" إنّ الجدلية تقدّر أنّ النظام الإشتراكي كظاهرة ستزول يوما مثلما الإنسان حتما سيموت. و أنّ النظام الشيوعي سيمثّل نفيا له. كيف يمكن ان نعتبر ماركسية، الزعم القائل بأنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية للإشتراكية لن تزول؟ أليس عقيدة دينية جامدة كعلم اللاهوت المنادي بأبدية الله". و يعلّق الكيلاني الخوجي مكرّرا نظرة انور خوجا و جمله فى " الإمبريالية و الثورة" حرفيّا تقريبا :" فى حين أنّ مرحلتي الشيوعية تمثّلان بالنسبة للماركسية-اللينينية سيرورة واحدة لا تختلف مراحلها إلاّ بدرجة النضج و على هذا الأساس لا يمكن النظر لهما كأَضداد. إنّ الإشتراكية لا تمثّل نفي ذاتها بل هي نفي الرأسمالية".[أنور خوجا ، صفحة 438-439]

يحملنا كلام الكيلاني الخوجي هذا على أن نذكّره و أضرابه من الخوجيين بصوت عال ما يراه منظّرو الشيوعية حول الإشتراكية فحسب ماو و قبله ماركس و إنجلز و لينين و ستالين ( فى " أسس اللينينية ") الإشتراكية هي المرحلة الإنتقالية بين مجتمعين متناقضين كلّيا هما المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي. و الإشتراكية مرحلة إنتقالية بمعنى أنّها ليست نفيا للرأسمالية أي قضاء لا عودة منه، تاما ، كلّيا، نهائيّا و إنما هي تنطوي على عناصر الرأسمالية إلى جانب عناصر الشيوعية الناشئة فى صراع محتدم على مدى طويل لا يعرف خلاله من سينتصر الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي . فقط الشيوعية هي النفي التام للرأسمالية وهي القضاء الكلّي على الرأسمالية و الصراع الطبقي و الطبقات حتى البرجوازية و البروليتارية . فى الإشتراكية ( سلطة دولة دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج إشتراكي) يبقى " الحقّ البرجوازي" فى توزيع الإنتاج ساري المفعول و تظلّ علاقات الإنتاج الرأسمالية قائمة و قابلة للتوسّع إن لم تحدّد. و قد بلغ الأمر بلينين فى " الدولة و الثورة " أن وصف دكتاتورية البروليتاريا و دولتها بأنّها " الدولة البرجوازية- بدون البرجوازية !"( صفحة 105، دار التقدّم، موسكو). ف" الشيوعية هي وحدها التى تجعل الدولة أمرا لا لزوم له البتّة ، لأنّه لا يبقى عندئذ أحد ينبغى قمعه، "أحد" بمعنى الطبقة ، بمعنى النضال المنتظم ضد قسم معيّن من السكّان" ( نفس المصدر السابق، صفحة 97).

و نعلّق على تعريب الخوجي للفقرة المستشهد بها فنقول إنّ النصّ الأصلي يتضمّن نعت " تاريخية " لكلمة ظاهرة و الخوجي يحذفها و يتجاهلها و ذلك شأن هام لأنّ المسألة لا تتعلّق بمعارضة الإشتراكية بالشيوعية. و إنّما بوجه خاص، بدحض ماو للفهم المثالي للتاريخ عموما و لكنّ الخوجي لا يعجبه ذلك هو الذى يكره التاريخ و أحداثه و حقائقه و يكره الواقع و يكره ما هو خاص فى تاريخ الشعوب لا سيما تاريخ الصين الماوية. الثابت فى الخطّ الإيديولوجي الخوجي الدغمائي التحريفي المنغمس فى المثالية هو إنكار عناصر الواقع و إنكار ظروف تطبيق الماركسية- اللينينية و تطويرها فى بلد كالصين. إنّها الدغمائية تتبختر من أوّل صفحة فى كتابه إلى آخر صفحة فيه.

( نقد ماوي عميق للنظرة الخوجية لمرحلتي الشيوعية متوفّر فى " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي على فكر ماو تسى تونغ" لج. وورنر، الجزء الخاص ب" الديالكتيك"؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية، باللغة الفرنسية ).

الإستشهاد (96) ، الصفحة 77:

أكّد الكيلاني:" يكسو ماو افكاره بالجملة الماركسية كي يسهل عليه تمريرها فهو يقول بشأن الإشتراكية و الشيوعية : " إنّ الجدلية ترى كون النظام الإشتراكي كظاهرة تاريخية سوف يزول يوما تماما مثلما الإنسان حتما سيموت و أنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية الإشتراكية سوف لن تزول؟ ألا يعدّ هذا الزعم دغمائية دينية كاللاهوتية التى تدعو إلى خلود الله؟" يراجع ماو جهرة المفهوم الماركسي-اللينيني للإشتراكية و الشيوعية بإعتبارهما مرحلتين لظاهرة واحدة: الشيوعية ، و لا يتميّزان إلاّ بدرجة النموّ و النضج، و يقدّمهما كالظاهرتين على طرفي نقيض".[أنور خوجا ،صفحة 438-439].

لا يجوز هنا ألاّ نلفت النظر إلى أنّ هذا الإستشهاد الوحيد بهذا المضمار هو ذات الإستشهاد (12) لا غير، و لنقارن: " إنّ الجدلية تقدّر أنّ النظام الإشتراكي كظاهرة ستزول يوما مثلما الإنسان حتما سيموت. و أنّ النظام الشيوعي سيمثّل نفيا له. كيف يمكن أن نعتبر ماركسية ، الزعم القائل بأنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية للإشتراكية لن تزول؟ أليس ذلك عقيدة دينيّة جامدة كعلم اللاهوت المنادى بأبدية الله".

و لكم التعليق على الفروقات و مغزاها!

و نأتى إلى الرؤية الخوجية لموضوع الحال لنسأل من أين للكيلاني بأنّ الإشتراكية و الشيوعية ماويّا " على طرفي نقيض" ؟ هل فى ما أعرب عنه ماو ما يوحى و لو إيحاءا بذلك ؟ قطعا لا أساس لذلك فماو يعرب عن أنّ " النظام الشيوعي سيكون النفي له" ( للنظام الإشتراكي) و من يعرف الماركسية فى أبجديّاتها يعرف أن إستعمال مصطلح النفي يعنى جدليّا تجاوزا ( راجعوا إنجلز " ضد دوهرينغ" بخصوص قانون نفي النفي كقانون تطوّر) مفاده حصول تحوّل نوعي / كيفي و ليس تحوّلا كمّيا أو مراكمة تدريجية. جملة القول ، فى المفهوم الماوي بلوغ الشيوعية يعدّ تحوّلا نوعيّا و ثورة و ايّة ثورة فى تاريخ الإنسانية ( إنتصار الإشتراكية كمرحلة إنتقالية بين الرأسمالية و الشيوعية، و تحرّر الإنسانية قاطبة ، فى البلدان كافة ، من الإستغلال و الإضطهاد الطبقيين و القوميين ، مجتمع خال من الطبقات فيه تنعدم كلّيا التناقضات الطبقية و الطبقات و الصراع الطبقي و الأحزاب السياسية الطبقية، إضمحلال الدولة تماما، كلّ حسب حاجياته فى مجتمع الوفرة، ثقافة و أخلاق شيوعية ...) بينما فى المفهوم الخوجي ، لا تتميّز الشيوعية عن الإشتراكية إلاّ " بدرجة النموّ و النضج" فى " تشكيلة إقتصادية و إجتماعية واحدة" ( صفحة 78 من " الماوية معادية للشيوعية") و يتمّ الإنتقال من المرحلة الدنيا للشيوعية إلى مرحلتها العليا عبر تحولات تدريجية لنفس الظاهرة" ( صفحة 79 ، المصدر السابق) وهو موقف تطوّري غير جدلي لا يعترف بالقفزات و الوثبات و التحوّلات النوعية. و ندعو كلّ من بقي الأمر لديه ضبابيّا نوعا ما ان يدرس " أصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة" لإنجلز و " نقد برنامج غوتا" لماركس و " الدولة و الثورة" للينين و " ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية" منشورات سوي ، باريس 1975؛ حتى يتسنّى له القطع معنا بأنّ الرؤية الخوجية تطوّرية سواء تعلّق الأمر بالمرحلتين الإشتراكية و الشيوعية أو بالمرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ، قائمة على أنّ التمييز بين المرحلتين الأولتين أو الأخيرتين فى الدرجة و التحوّلات التدريجية و بأنّ الرؤية الماوية رؤية جدلية ثورية تؤمن بالقفزات و الطفرات فى التطوّر أي التحوّلات و التغيرات النوعية و الكيفية فالفروق بين المرحلتين الإشتراكية و الشيوعية فروق نوعية وهي أيضا نوعية فيما يتصل بالثورة الديمقراطية الجديدة والثورة الإشتراكية كمرحلتين متمايزتين و مختلفتين و متباينتين كيفيّا و نوعيّا و عن كانت الأولى تمهيد للثانية و الثانية مكمّلة للأولى.

======8- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية وفهم الدغمائية و التحريفية " ======

الإستشهاد (13) بالصفحة 17:

" عندما تتحوّل الدغمائية إلى ضدّها ، تصبح إمّا ماركسية و إمّا تحريفية " و " تتحوّل الميتافيزيقا إلى جدلية و الجدلية إلى ميتافيزيقا".( أنور خوجا ، الصفحة 438 من " الإمبريالية و الثورة" ، الطبعة الفرنسية).

و بحثا عن الحقيقة ، عدنا إلى الصفحة 479 من المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة"، الطبعة الفرنسية ، فى نصّ مؤرّخ فى 15 ماي 1957، فلم نجد سوى الجزء الأوّل من الإستشهاد " عندما تتحوّل الدغمائية إلى ضدّها، تصبح إمّا ماركسية و إمّا تحريفية " أمّا الجزء الثاني فغير موجود أصلا، هو من إختراع خوجا و عنه نقله تلميذه الكيلاني دون التحقّق من صحّته. و لا ريب ، الإنتهازي بالإنتهازي يقتدى ويستنجد.

نوضّح موقف ماو تسى تونغ فنقول إنّ الدغمائية فى المفهوم الماركسي- اللينيني هي خطا " يساري" يتمثّل فى حفظ النظرية عن ظهر قلب و عدم رؤية الواقع فى خصوصيّاته و التعامل معه عبر دوغما أفكار تؤخذ على أنّها مبدأ دينية و قوالب جامدة تنطبق فى كلّ مكان وزمان. فالدغمائية بذلك خطأ فى فهم النظرية الماركسية للمعرفة و التى تعتبر انمّ النظرية و الممارسة ، الذاتي و الموضوعي فى علاقة جدلية ، لكنّ الموضوعي ، الممارسة هي مصدر المعرفة و محكّ صحّتها.

والتحريفية خطأ " يميني"، تتنكّر لصحّة النظرية الماركسية و مبادئها الجوهرية و تسعى إلى مراجعتها و تعويضها بمقولات نظرية مناقضة لها ، برجوازية. و التحريفية ، شأنها شأن الدغمائية، تتناقض والماركسية. و الدغمائية إذا تحوّلت إلى ضدّها إي إذا لم تعد دغمائية إمّا ستعير الواقع الموضوعي و خصوصياته، والممارسة فى علاقتها بالذاتي و النظرية المكانة المستحقّة فيتمّ إصلاح الخطإ فتصبح ماركسية ؛ و إمّا أن تغالي فى تقدير مكانتها فلا تتشبّث بالواقع و ما أفرزه من مبادئ إستخلصتها الماركسية بل تحوّر و تراجع المبادئ الماركسية مدّعية تجديدها و تطويرها تطويرا خلاّقا فتصبح تحريفية. هذه ليست سفسطة بل الجدليّة عينها ، و الأحداث التاريخية فى مسار الحزب الشيوعي الصيني أو الحزب الشيوعي السوفياتي أو غيرهما من الأحزاب الشيوعية تبيّن كيف أنّ الرفاق الذين يقومون بأخطاء " يسارية" إمّا أن يصلحوها فيلتحقوا بالخطّ الثوري الشيوعي حقّا و إمّا أن يتحوّلوا إلى مواقع التحريفية مارين من أخطاء " يسارية " إلى أخطاء " يمينية " أي من الدغمائية إلى التحريفية. ( بهذا الصدد من المفيد الإطلاع على عديد الأمثلة فى " تاريخ الحزب الشيوعي ( البلشفي) للإتحاد السوفياتي " و على " المعرفة الأساسية للحزب الشيوعي الصيني " ).

ماو تسى تونغ يطبّق بإقتدار المادية الجدلية و يطوّرها و يخرج علينا الخوجي بنقد للقائد البروليتاري العالمي لا أساس له من الصحّة و الأدهى أنّ مساره هو بالذات يبرهن مرّة أخرى نفاذ رؤية ماو المادية الجدلية حيث أنّ الكيلاني إرتكب، بإسم نقاوة الماركسية- اللينينية، أخطاء " يسارية" فى التعاطي مع مسألة ستالين مثلا مدافعا حتى عن أخطاء الماركسي العظيم الذى قام بأخطاء أحيانا جدّية ثمّ تحوّل إلى إرتكاب أخطاء يمينية متنكّرا تماما للتجربة الإشتراكية بأسرها فى الإتحاد السوفياتي !!!


كذب و تزوير فى الفصل الثالث:" الماوية و نظرية الحزب اللينيني"


==9- فضح الكذب و التزوير بصدد" نظرية الصراع الخطّي معادية للماركسية – اللينينية"==

الإستشهاد ( 21) و (32) بالصفحات 27 و32 :

"يقول ماو : " يوجد حاليّا فى حزبنا كثير من الأعضاء الذين ينتموه إليه من الناحية التنظيمية و ليس من الناحية الإيديولوجية …و هؤلاء الناس ينبغى علينا أن نتوحّد معهم و نربّيهم و نساعدهم ".
ورد هذا المقتطف بعد الفقرة التالية للخوجي :
" فالحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني بالنسبة له ليس الحزب الذي يضمّ خيرة عناصر الطبقة العاملة المتفانية فى خدمتها و المتشيّعة لإيديولوجيتها . بل هو حزب يضمّ فى صفوفه عناصرا طبقية مختلفة تمثّل مصالح مختلفة و متناقضة . لذلك ظلّ الحزب " الشيوعي" الصيني مرتعا للعناصر البرجوازية الصغيرة".

و هاكم الآن النصّ الأصلي لماوتسى تونغ فى إطار معالجته لمسألة النضال ضد الإنعزالية فى صفوف الحزب ، تحت عنوان " تعزيز وحدة الحزب" ، قال :" إذا ما غيّر هؤلاء الناس [ من أخطؤوا] فيما بعد مواقفهم وإعترفوا بأنّهم أخطؤوا فى نعتهم و أنّه كان من غير الصحيح نعتكم بملك مملكة الإنتهازية ، إعتبروا الأمر منتهيا . لكن إذا رفض البغض منهم الإعتراف بخطئهم ، هل يجب الترقّب ؟ وجب ذلك.فبالوحدة نقصد التوحّد مع اولئك الذين لهم رؤى مختلفة عن رؤانا ، أولئك الذين يظهرون لنا الإحتقار ، الذين لا يحترموننا ، الذين فتّشوا لنا عن خصومات ، الذين ناضلوا ضدّنا أو إحتالوا علينا. أمّا الذين يشاطروننا نفس الرؤى و الذين إلتحقوا ، فمسألة الوحدة لا تطرح معهم. المشكلة هي أنّ نتّحد مع اولئك الذين لم يتحدوا معنا بعدُ، بصيغة أخرى ، أولئك الذين لا يشاطروننا الآؤاء أو الذسن لهم عيوب خطيرة مثلا. يوجد الآن فى حزبنا عديد الأعضاء الذين ينتمون إليه تنظيميّا و لا ينتمون إليه إيديلوجيّا. يمكن ان يكونوا من الذين لم يناضلوا ضدّنا و لم يتخاصموا معنا، لكن بما أنّهم لم ينخرطوا بعد فى الحزب إيديولوجيّا، من الحتمي أنّهم لن يتصرّفوا بصورة صحيحة و أن تكون لديهم نواقص أو أن يـأتوا أفعالا تستحق اللوم، هؤلاء الناس ينبغى علينا ان نتّحد معهم و نربّيهم و نساعدهم.مثلما قلت ذلك من قبل فيما يتعلّق بالرفاق الذين لهم عيوب أو الذين إرتكبوا أخطاء ، لا يجب علينا الإكتفاء برؤية ما إذا سيصحّحون أخطاءهم ، بل يجب ان نساعدهم على أن يصحّحوا مواقفهم. بكلمات أخرى ، لا بدّ من الإنتباه لهم و إعانتهم. إذا ما إكتفينا بالرؤية و بقينا مكتوفي الأيدي أمام ما سيتحوّلون إليه ، إذا قلنا مرحة! حين يتطوّرون فى الطريق الصحيح و قلنا يا للخسارة ! حين يتجهون وجهة خاطئة ، سيكون موقفنا موقفا إستكانيّا لا موقفت عمليّا. على الماركسيين أن يتّخذوا موقفا إيجابيّا فلا يكتفون بالملاحظة و إنّما عليهم أيضا أن يقدّمواالمساعدة". ( ماو تسي تونغ، المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسي تونغ المختارة" ، صفحة 344 ، الطبعة الفرنسية ).

لاحظوا انّ ماو هنا يتحدّث عن الرفاق الذين أخطؤوا و تحديدا أخطأوا إيديولوجيا مثلما سنرى و لا يتحدّث عن "عناصر طبقية مختلفة تمثّل مصالح مختلفة و متناقضة" . فهذه " العناصر" طبعا من صنع خيال الخوجي المثالي، لا غير!
" يجب أن يضمّ الحزب عناصر الطبقة العاملة المتشيّعة لإيديولوجيتها " . فى العموم ، هذا صحيح إلاّ انّه هل يولد المرء " متشيّعا" لإيديولوجيا طبقة ما ؟ لا طبعا. تبنّى الإيديويلوجيا البروليتارية ولا يتطلّب إستيعاب النظرية كتلخيص للممارسة البروليتارية السابقة فحسب بل يتطلّب أيضا المشاركة فى الممارسة الثورية و تغيير الواقع الموضوعي و الذاتي وهي محكّ الحقيقة و هذا ليس شأنا يسيرا حتى بالنسبة لأعضاء و كوادر الحزب الشيوعي المتفاوتين موضوعيّا و فعليّا فى الإستيعاب العلمي لعلم الثورة البروليتارية العالمية. فيوجد " متقدّمون" و " متوسّطون" كما يوجد " متأخّرون" نسبيّا حسب التحليل الملموس للواقع الملموس فى كلّ تنظيم حيّ مادي و ليس خيالي مثالي.

ثمّ إنّ " التشيع" لإيديولوجيا الطبقة العاملة لا يمنع الرفاق من الخطإ و لا يمنع حتى الحزب كلّه من السقوط فى الخطإ. ذلك أنّ الإرادة وحدها لا تمنع من الخطإ و الإنحراف فالخطأ و الصواب مرتبطان بأكثر من عامل و من هذه العوامل الإمساك بالحقيقة ليس إمساكا ظاهريّا و لا إمساكا إحادي الجانب بل إمساكا ماديّا جدليّا شاملا وهو أمر غير يسير إذا أضفنا إليه تعقيدات الواقع و تداخل الظواهر و تطوّرها و فى إطار المجتمع الطبقي و الصراع الطبقي الوعي الطبقي و التحالفات و ميزان القوى و ما إلى ذلك ، كلّ هذا آخذين بعين الإعتبار النظرية الماركسية فى المعرفة و علاقة الممارسة بالنظرية و الذاتي بالموضوعي فى تعقيداتهم...

إلى هذا الحدّ نسأل هل أنّ إرادة الكيلاني الخوجي الظهور فى ثوب " ناقد" لماو تسى تونغ من وجهة نظر بروليتارية حالت دونه و السقوط فى أفظع أخطاء الإنتهازية و الدغمائية و الإرادية ؟ و الجواب بالتأكيد لا.

إنّ حزب الطبقة العاملة فى مجمله و عناصره مأخوذين كلّ على حدة ليسوا معصومين من الخطإ مثلما تلوّح بذلك المثالية الخوجية ، إنّهم يخطئون و ماو فى خطابه ذاك محقّ فى طرح الإشكالية و فى بسط كيفية حلّها: لا بدّ من تربية المخطئين من الرفاق و مساعدتهم على تجاوز اخطائهم لا الوقوف عند الإشارة إلى أين أخطأوا فقط.
و الواقع يتحرّك ، يتطوّر بفعل ما يتضمنه من تناقضات فيفرز مشاكلا جديدة أبدا ، المشكل تلو الآخر، و ما أن نحلّ مشكلا حتى يظهر تناقض جديد و كي نفهم ما حصل و نغيّر الواقع و نحوّله تحويلا ثوريّا فى مصلحة البروليتاريا صوب الشيوعية ، علينا أن نجد حلاّ لتناقضين يتعلقان بنظرية المعرفة :

1- التناقض بين ما يحدث موضوعيّا و مدى إنعكاسه بشكل صحيح فى أذهاننا.
2- التناقض بين إرادة التغيير و التصميم عليه و تحقيق ذلك فعليّا فى الواقع الحي النابض و الحافل بالتطوّر. هذان التناقضان لخّصهما ماو تسى تونغ فى " فى الممارسة العملية" - الموجّه أساسا ضد الدغمائية- فى ما أسماه سيرورتا المعرفة : من الممارسة إلى النظرية ثمّ من النظرية إلى الممارسة و هكذا دواليك نتحقّق من صحّة أفكارنا و ننمّيها و نوسّعها دوما فى سيرورة لولبيّة تصاعدية و نحقّق تغيير الواقع و فى الآن معا نغيّر ذواتنا كما قال ماركس.
و لا يعد هذا أن يكون جانبا من المسألة ، أمّا الجوانب الأخرى لمنشأ التناقضات فى الحزب و صراع الخطّين داخل الحزب الشيوعي و فى المجتمع الإشتراكي فليس هذا مجال معالجتها . و نكتفى هنا بأمرين إثنين هما: أوّلا الإشارة إلى مراجع مهمّة بهذا الصدد منها " نقد برنامج غوتا" لماركس ، و " الدولة و الثورة" للينين، و " تاريخ الحزب الشيوعي(البلشفي) للإتحاد السوفياتي " و عديد صراعات الخطين التى شهدها و " تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين..." لجون دوبليه، دار الطليعة ، بيروت 1971، و " فى الردّ على الهجوم الدغماتحريفي ضد فكر ماو تسى تونغ" لج. وورن و " فى الردّ على حزب العمل الألباني "...و ثانيا لفت نظر الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين إلى حقائق تفنّد فهمهم المثالي من تاريخ تطوّر تنظيماتهم هم بالذات فحزب العمّال شهد صراع خطين و إنقسم (و حتى لاحقا شهد " الحزب الإشتراكي اليساري" صراع خطين و إنقسم ) و " الوطد" بدوره شهد صراع خطين فى أكثر من مناسبة و إنقسم مرّة فمرّة ليصبح عدة مجموعات متناحرة !!! و ثالثا، التأكيد انّ الصراع الطبقي العالمي دلّل على أنّه عندما تخسر البروليتاريا صراع الخطين فى صفوف الحزب الشيوعي يتحوّل الحزب إلى حزب برجوازي وهو ما حصل فعلا فى الإتحالد السوفياتي بعد وفاة ستالين و فى الصين إثر وفاة ماو و حتى على نطاق أوسع ، داخل الحركة الشيوعية العالمية و مآل الأممية الثانية أسطع مثال عالمي على ذلك!!!

و نعود إلى ماو فنقول إنّ ما قدّمه هو الفهم العلمي المادي الجدلي لمعالجة التناقضات غير العدائية بين الرفاق فى صفوف الحزب وهي تناقضات توجد من البداية إلى النهاية داخل الحزب بما أنّ التناقضات ، جدليّا، هي المولّدة لحركته و حياته أصلا مثلما هو الحال بالنسبة لكلّ شيء أو ظاهرة ( قانون التناقض قانون شامل) . و نعيدها ماو يتحدّث عن معالجة التناقض غير العدائي و لكن حينما يتمسّك الرفاق المخطئون بالخطّ و المواقف المناهضة للخط الثوري للحزب و الخادمة لمصالح طبقية معادية للبروليتاريا رغم ما بذل من جهد لضمّهم للخطّ الثوري البروليتاري حينئذ ، بعد فضح القادة العاملين ضد الخطّ العام للحزب و بعد عزلهم ، يقع طردهم فيتمّ بذلك تطهير الحزب و الحفاظ على وحدته الثورية على أساس فهم و وعي أرقى يحصلان بإشراك الرفاق و الجماهير فى نقد الخطّ البرجوازي عندما تبلغ الأخطاء درجة التبلور كخطّ متكامل متماسك ضد الحزب. و لن يتمّ طرد كافة المخطئين ، فقد يعزل المتعنّتون، امّا من يقدّمون نقدهم الذاتي أو الذين وقع التغرير بهم و أدركوا ما حصل و عادوا ليلتفّوا حول الخطّ الثوري البروليتاري داخل الحزب فلن يقع طردهم فمع الصراع معهم تمدّ لهم يد المساعدة ليتجاوزوا أخطاءهم نحو المزيد من الإلتحام بالإيديولوجيا البروليتارية .

هكذا تستعمل الجدلية فى التعامل مع الرفاق . الصراع نعم، الصراع مطلق نعم، و لكن لا ينبغى أن ننسى جانب الوحدة و إن كانت مؤقتة و عابرة؛ و نسيان الوحدة يعدّ إنحرافا عن النظرة الجدلية و ترجمة لنظرة ميتافيزيقية مثالية إحادية الجانب ترى مظهرا واحدا من مظهري التناقض و لا ترى المظهر الآخر. و معا نلمس لمس اليد أنّ النظرة الخوجية ميتافيزيقية و مثالية إحادية الجانب حول الحزب "و الوحدة الصمّاء" التى تنكر التناقض/صراع الخطين الموضوعي صلب الحزب و حول الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية بما هو ، حسب الخوجيين، " صراع طبقي" دون طبقات متناقضة و دون برجوازية. فى هذه النقطة كما فى الكثير من النقاط الأخرى ، بهجومهم على المادية الجدلية و التحليل الملموس للواقع الملموس للحزب الشيوعي و المجتمع الإشتراكي مثلما طوّرها ماو تسى تونغ ضمن نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، يحرّفون لينين حين قال " التطوّر هو " صراع" المتضادات" ( المؤلفات الكاملة ، المجلّد 13، صفحة 301 ، الطبعة الروسية - ذكره ستالين فى " المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية" ، صفحة 23 ، طبعة دار دمشق) .

الإستشهاد ( 22) بالصفحة 27 :

الكيلاني الخوجي :" و يضيف [يقصد ماو] فى مكان آخر قائلا عند معالجته لقضيّة زانغ مينغ و لي ليسان: " إنّ المسألة الهامّة هي أنّ الأمرلا يتعلّق ببعض العناصر المعزولة و لكنّهما يمثلان جزء هاما من البرجوازية الصغيرة... إنّ حزبنا قد قبل أيضا فى صفوفه مثقفين و على عشرة ملايين عضو يوجد حوالي مليون من المثقّفين الصغار و المتوسّطين و الكبار. لا يمكن أن نقول إنّهم يمثّلون الإمبريالية و طبقة الملاكين العقّاريين و البرجوازية البيروقراطية اوز البرجوازية الوطنية بل من الصحيح وضعهم فى صفّ البرجوازية الصغيرة و أي جزء من البرجوازية الصغيرة يمثّلون؟ إنّه الجزء الذى يملك كمّية لا بأس بها من وسائل الإنتاج فى المدينة و الريف كالفلاحين الميسورين على سبيل المثال".

و يتّهم الخوجي ماو تسى تونغ بأنّ الحال لم " يستنفره" و أنّه لم يعمل على كسب البرجوازية الصغيرة " عن طريق تثويرها كفئة إجتماعية و تحويلها على أرضية البناء الإشتراكي".

علاوة على حذف " خصوصا" بعد " يمثّلون" وهي كلمة لعمرى هامّة فى فهم من يمثّل الشخصان المذكوران بإعتبار أنّ البرجوازية الصغيرة لا تتشكّل من تلك الفئات المذكورة فحسب ، فما حذف بعد " الصغيرة" هو تفسير تلك الوضعية و تحديد مكوّنات الحزب ( و نحن نعلم أن شرح الظروف و التحليل الملموس للشيء لا يعنيان الدغمائيين فى شيء!) . ففى إطار الحديث عن التمييز بين التناقضات بيننا و بين الرفاق الذين أخطأوا و بيننا من جهة و الأعداء الطبقيين من جهة أخرى ، فى الصفحة 346-347 من المجلّد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "(الطبعة الفرنسية ) ، كتب ماو :" الصين بلد له برجوازية صغيرة كثيفة العدد و عناصرها المتذبذبة كثيرة. لنأخذ مثالا حال الفلاحين المتوسّطين المترفّهين. مثلما يمكن أن نلاحظ فى أيّة ثورة، إنّهم متذبذبون دائما و تنقصهم الصلابة، يمكن أن يتحمّسوا حدّ الهذيان او أن ييأسوا حدّ القنوط التام. أعينهم غالب الوقت، تكون على ملكيّتهم الصغيرة: حيوان أو حيوانات جرّ، عربة و أكثر بقليل من عشرة "موس" أرض . ينزعجون على الدوام لمصالحهم خوفا من ضياع ما لديهم. يختلفون عن الفلاحين الفقراء فالأخيرين يمثّلون 50% من سكّان الريف فى شمال البلاد و 70% فى الجنوب . و من ناحية تكوينه الإجتماعي ، يتكوّن حزبنا بالأساس من عمّال و فلاحين فقر اء ، بصيغة أخرى، من بروليتاريين و أشباه بروليتاريين. وشبه البروليتاريا تنتمى أيضا إلى البرجوازية الصغيرة و لكنها أكثر إندفاعا من الفلاحين المتوسّطين. [ و يواصل " حزبنا قد قبل أيضا...] و بعد المرفّهين نقرأ:" هؤلاء المثقّفين أعضاء فى الحزب يتميّزون بالذاتية و بالإنعزالية على حدّ كبير. ما الذى يمكن أن يعنبيه أن ننتخب هذين الممثّلين لخطّ وانغ مينغ و خطّ لى ليسان ؟ هذا يعنى أنّنا نعامل الناس الذين يخطئون على المستوى الإيديولوجي بشكل مختلف عن المعادين للثورة و الإنشقاقيين ( مثل تشان توسيو، تشانك كوو- تاو، كاو كانغ و جاو تشو تشى) " ( التسطير من وضعنا) .

و فضلا عن كون " كسب البرجوازية الصغيرة " عن طريق تثويرها كفئة إجتماعية و تحويلها على أرضية البناء الإشتراكي" حسب الخوجي غير سليم جزئيّا إّذ التثوير مثلما شدّد على ذلك لينين فى " مرض " اليسارية" الطفولي فى الشيوعية "، يتمّ أيضا على ارضية تثوير البنية الفوقية - الثورة الثقافية فى الصين الماوية- فإنّ الإتهام الأوّل بعدم الإستنفار باطل و الواقع يكذّب الإدعاءات الخوجية و ماو يتعامل مع الواقع بجدّية فهو ليس دغمائيّا إذ فسّر وجود ذلك العدد من المثقّفين بالواقع الموضوعي للصين. يبقى هل طرح تثوير هذا الواقع؟ طبعا ، دون ادنى شكّ، عمل على ذلك و لا يهدف التمييز بين ممثّلي الثورة و أعدائها إلاّ تسهيلا لتثوير البرجوازية الصغيرة عبر تربيتها و تدريبها . و هاكم ما قاله ماو تسى تونغ بعد صفحيتين أي بالصفحة 349 :" إذا إتخذنا فى المؤتمر الثامن تجاه وانغ مينغ و لي ليسان نفس الموقف الذى إتخذناه فى المؤتمر السابع، فإنّ ذلك سيكون لصالح حزبنا و فى مصلحته: مهمّة تحويل البرجوازية الصغيرة الكثيفة العدد جدّا ،ستكون أسهل عبر البلاد بأسره".( التسطير مضاف)
و عليه فإنّ إدعاء الكيلاني فى هذه المسألة أيضا مردود و عار من الصحّة و محض كذب.

الإستشهاد (23) بالصفحة 27:

كتب الكيلاني الخوجي:" ...بل جعل [ ويقصد ماو] الحزب " الشيوعي" الصيني منبرا لها و مدافعا عن مصالحها و ذلك بمنحها حقّ التمثيل الطبقي فى صلبه. و يتجلّى هذا فى مقولة له :" المشكل هو أنّ البرجوازية الصغيرة هامّة عدديّا فى مجتمعنا و أنّه يوجد عدد كبير من العناصر البرجوازية المتذبذبة ، المثقّفة. و كلّ هذه العناصر تنتظر ما سيكون مصير هذه الحالات النموذجية [ أي وانغ مينغ و لي ليسان ] فإذا رأت أنّ هتين الرايتين ما زالتا واقفتين فإنّها ستشعر بالطمأنينة و ستنام مرتاحة البال و ستعبّر عن بهجتها". ( أنور خوجا ، الصفحة 422-423 من " الإمبريالية و الثورة").

هنا ، إضافة إلى لفت الإنتباه على شطب التأكيد " جدّا" بعد " هامة" ما يؤثّر على الفهم الحقيقي لموقع البرجوازية الصغيرة إجتماعيّا إذ هي تمثّل أهمّ الطبقات عدديّا فى الصين ، و من يريد إغفال ذلك فهو يغفل الواقع بقوّة وجوده الدامغ و يقدّم ملاحظات و حلول دينية دغمائية ، و زيادة على ذلك ، نؤكّد أنّ الإطار الذى يندرج فيه كلام ماو هو التمييز بين خطإ الرفاق من جهة و المعادين للثورة من جهة ثانية و كيفية إستفادة الجماهير العريضة و الحزب الشيوعي من ذلك بهدف تحويل البرجوازية الصغيرة تحويلا ثوريّا.(راجعوا الإستشهاد السابق (22) والتعليق عليه).

و الآن أتى دور الفقرة كاملة ، كما هي فى الصفحة 348 من المجلّد الخامس (الطبعة الفرنسية) " فى بلادنا حيث البرجوازية الصغيرة كثيفة العدد جدّا ، يمثّلان رايتين. إذا إنتخبناهما ، سيقول العديد من الناس: الحزب الشيوعي يظهر معهما ،مع ذلك، صبرا، يفضّل أن يُبقي لهما على مقعدين راجيا أن يصلحا أخطاءهما. أن يصلحا أخطاءهما أم لا تلك مسألة اخرى قليلة الأهمّية ، لا تعنى سواهما. المشكل هو [ كما ورد سابقا] " .و إن رأت أنّ هتين الرايتين ما زالتا واقفتين فإّناه ستشعر بالطمأنينة و ستنام مرتاحة البال و ستعبّر عن بهجتها...و لكن إذا أطحتم بهتين الرايتين سيتملّكها الفزع. لذلك ليست المسألة مسألة معرفة ما إذا سيصلح وانغ مينغ و لى ليسان نفسيهما أو لا، ليس هذا مهمّا ، ما يهمّ هو أنّ ملايين أعضاء حزبنا الذين هم من أصل برجوازي صغير و الذين لهم ميول للتذبذب خاصّة منهم المثقّفين يترقّبون ما سيكون الموقف الذى سنتّخذه تجاه وانغ مينغ و لى ليسان".
و الغاية كلّ الغاية، بُعيد سطر أوردناه سابقا، صفحة 449، هي أن تصبح " مهمّة تحويل البرجوازية الصغيرة الكثيفة جدّا " " أسهل".

و إذن؟ ليس هناك ما يوحى بأنّ الحزب أصبح منبرا للبرجوازية الصغيرة، بل بالعكس ما سعى إليه الحزب الماوي هو تحويلها ثوريّا وهو يساعدها على تجاوز اخطائها "الإيديولوجية" تحديدا و لا يستعمل معها، طالما أنّها ( العناصر ذات الأصل البرجوازي الصغير) ليست لا " إنشقاقية" و لا " معادية للثورة" "( مثل تشان توشيو...) " سوى أسلوب الإقناع. و السلوك الماوي هذا لا يعنى و لو للحظة قبول مواقف طبقيّة برجوازية صغيرة داخل الحزب فهي موجودة موضوعيّا و لا يتعلّق الأمر بالقبول أم لا و الأهمّ أنّ ماو حاربها أينما وجدها، على أنّه كماركسي- لينيني أي نعم قبل بعناصر من أصل طبقي برجوازي صغير و لا تدافع عن مصالح طبقتها بل عن طموجات و مصالح البروليتاريا أساسا رغم ما يفرزه واقعها البرجوازي الصغير الموضوعي من تذبذب لا سيما لدى المثقّفين عمل الحزب الشيوعي أبدا على محاصرته كما يلزم . و طريقته فى ذلك كانت " تربية" تلك العناصر المتذبذبة و " مساعدتها على تجاوز أخطائها".و نسأل المجموعات الخوجية الناقدة للماوية أن تمدّنا بحقيقة العناصر البرجوازية الصغيرة المنتمية إليها عددا و تأثيرا و ما الذى تثوم به لتثويرها إلخ لنقارن بينها و بين الحزب الشيوعي الصيني و حزب العمل الألباني!!!


و ما رأي الخوجيين لو عرضنا عليهم كلاما لمعلّمهم خوجا الدغماتحريفي مقتطف من كتاب " مع ستالين" ، طبعة بالفرنسية ، تنيرانا ، 1979، صفحة 64 :" فى تلك المناسبة وصفت للرفيق ستالين بصورة عامّة التشكيلة الإجتماعية لشعبنا. و" لهذا السبب ، قلت له، يمثّل الشيوعيون المنحدرون من فئات الفلاحين حاليّا الغالبية فى صفوف حزبنا..." ( التسطير مضاف ).هكذا كانت تركيبة حزب العمل الألباني (1947) مشابهة إلى حدّ كبير لهيكلة الحزب الشيوعي الصيني فى بداية الخمسينات من القرن العشرين و يتجرّأ الخوجيون على مهاجمة ماو و نعته بمختلف أصناف التحريفية منكرين الواقع الموضوعي الصين و يقدحون فى ماو بينما يكيلون التمجيد لخوجا!!!

و الذى لا بدّ من الإشارة إليه مجدّدا هو أنّ الحزب الشيوعي إضطرّ، موضوعيّا إلى أن يلجأ إلى القبول فى صفوفه بعدد هام من الفلاحين الفقراء و المثقّفين - الأولين كطبقة مثّلوا القوّة الرئيسية للثورة الديمقراطية الجديدة المناهضة للإقطاع و الإمبريالية و الرأسمالية البيروقراطية/الكمبرادورية حين كانت الطبقة العاملة من خلال حزبها الشيوعي القوّة القيادية- علاوة على أهمّية هذه الطبقة عدديّا و ضرورة تحويلها ثوريّا، لأنّه كان عمليّا يحتاج لكي يمارس برنامجه خدمة للطبقة العاملة و الشعب المتكوّن فى غالبيته من الفلاحين و لكي يؤثّر فى البلاد كافة و فى المجتمع قاطبة ، كان عمليّا يحتاج إلى كوادر لا تعدّ بالمئات و لا بالآلاف المؤلّفة بل بالملايين ( 10 ملايين عضو آنذاك) فى بلد يعدّ أكثر من 500 مليون نسمة وقتذاك و لم يكن عدد البروليتاريين الصناعيين لا غالبيّا و لا كبيرا و إن كان البروليتاريون عبر حزبهم الشيوعي يقودون المجتمع و التحالف مع الفلاحين الفقراء أشباه البروليتاريين البرجوازيين الصغار الذين أضحى جزء كبير منهم ، أثناء حرب التحرير و إثرها، يملكون أرضا نتيجة للإصلاح الزراعي فى قواعد الإرتكاز و فى المناطق المحرّرة و فى النهاية عبر البلاد بأسرها.

و من هنا جاءت تلك السياسة إستجابة ضرورية موضوعية لمتطلّبات الواقع الصيني و قد نجح فيها الماويّون و الدليل الآخر على ذلك هو حصيلة ما حدث مع لي ليسان ووانغ مينغ كما وردت على لسان قائد الحزب الشيوعي الصيني سنة 1969 (أفريل) ناقلا الواقع ،ضمن مداخلته أثناء الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي الصيني :" إنعقد المؤتمر السابع فى يانان . وقد كان مؤتمر وحدة لأنّه وجدت حينذاك إنقسامات فى الحزب نشأت عن أخطاء تشوتشيو- باي ، لي ليسان ووانغ مينغ- خاصة خطّ وانغ مينغ . كان هناك من كانوا ضد أن ننتخب إلى اللجنة المركزية رفاق إتبعوا خطّ وانغ مينغ. لم نكن موافقين على ذلك و أقنعنا النواب بإنتخاب مندوبيهم و النتيجة؟ النتيجة كانت أنّ القليل منهم فقط لم يكونوا جيّدين. لقد هرب وانغ مينغ إلى الخارج ليقاتلنا. و لي ليسان ما كان جيّدا هو الآخر. تشانغ وان- تيان ووانغ تشيا - هسيانغ إقترفوا أخطاء. لا يوجد إلاّ هؤلاء." ( " ماو يتحدّث إلى الشعب" نصوص قدّم لها ستوارد شرام، بالفرنسية ، نشر الصحافة الجامعية بفرنسا ، 1977، صفحة 271، التشديد مضاف).

بهذا الصدد طبّق ماو تسى تونغ المادية الجدلية التى تعلّمنا أنّ " إستخدام الطرق المختلفة لحلّ التناقضات المختلفة هو مبدأ يجب على الماركسيين- اللينينيين ان يراعوه مراعاة دقيقة". أمّا أصحاب الجمود العقائدي فلا يراعون هذا المبدأ إذ أنهم لا يفهمون الفوارق بين الحالات الثورية المختلفة ، و بنتيجة ذلك لا يفهمون أنّه ينبغى اللجوء إلى طرق مختلفة فى سبيل حلّ التناقضات المختلفة ، بل يعتنقون بإنتظام صيغة واحدة يتخيّلون أنّها غير قابلة للتبدّل، و يطبقونها بصورة آلية على كلّ شيء ،الأمر الذى لا يؤدّى سوى إلى جلب النكسات على الثورة أو إلى إفساد قضيّة كانت تسير على ما يرام حتى ذلك الحين"( المجلّد الأوّل من " مؤلّفات ماوتسى تونغ المختارة" ، الطبعة العربية ، الصفحة 468-469).

و إذا أراد الخوجيون الدغماتحريفيون مواصلة هجومهم على مثل هذا التكتيك الإستثنائي فعليهم بالتوجّه إلى لينين و ستالين بالنقد اللاذع نفسه الذى وجّهوه لماو تسى تونغ حيث أنّهما ، مثلا و ليس حصرا، أبقيا على تروتسكي فى المناصب القيادية العليا للحزب رغم أنّه إرتكب مرارا و تكرارا أخطاء خطيرة جدّا قبل الإلتحاق بالبلاشفة و بعد ذلك إلاّ إذا إدعى أتباع خوجا أنّ لينين و ستالين لم يفهما سياسات تروتسكي و خطّه الإنتهازي!!

مع الرفاق فى الحزب المنحدرين من البرجوازية الصغيرة ( و أبعد من ذلك المنحدرين من البروليتاريا و هم واقعون تحت تأثير الإيديولوجيا البرجوازية) الذين أخطأوا إيديولوجيا و طالما لم يتحوّلوا إلى معادين للثورة و الحزب فالأسلوب و الطريقة التى ينبغى إعتمادها ليست الطرد أو القوّة المسلّحة و إنّما النقد و النقد الذاتي ، الصراع و الوحدة معهم لمساعدتهم على تجاوز أخطائهم و عدم سلوك موقف المتفرّج إزاءهم. ألا يعدّ هذا " تثويرها كفئة إجتماعية" ، تثوير لم يحدّد الكيلاني الخوجي كيفية إنجازه؟ و " التحويل على أرضية البناء الإشتراكي" بصدد الحصول آنذاك وهو مع ذلك إذا ما أخذناه وحده يعبّر عن نظرة ميكانيكية خوجية وغير كاف لينينيا و ماويا فعملية البناء الإشتراكي تتمّ على كلتا البنيتين التحتية و الفوقية ( ثورة ثقافية) فى إرتباط عضوي و بتجاوز الملكية و الإنتاج الصغير الحجم الذى يفرز فى كلّ يوم و فى كلّ ساعة عناصر برجوازية رأسمالية كما قال لينين فى " مرض " اليسارية" الطفولي فى الشيوعية". و فى الكتاب ذاته دعا لينين إلى تربية لا العناصر البرجوازية الصغيرة فحسب فى المجتمع الإشتراكي بل أكثر من ذلك - و لينتفض الخوجيون ما شاؤوا- العناصر البرجوازية و غيرها!

======10- فضح الكذب و التزوير بصدد " الدور القيادي للحزب فى النظرية الماوية :
تقاسم القيادة مع الأحزاب البرجوازية"==========

الإستشهاد (27) بالصفحة 29 :

يقول الكيلاني الخوجي :" إنّ تخلّى ماو عن الدور القيادي للحزب لا يقف عند هذا الحدّ ، بل يتّعداه للدعوة إلى تقاسم هذا الدور مع الأحزاب البرجوازية فى قيادة البلاد. لم تكن التعدّدية وليدة " لتتفتّح مائة زهرة " ، بل هي متأصّلة فى فكره ، يقول:" تبقى المذاهب المختلفة موجودة طالما أنّ الطبقات تبقى موجودة ، و من الممكن أن يكون لمختلف تجمعات الطبقة الواحدة مذاهبها الخاصّة. و بما أنّ الإقطاع له مذهبه الإقطاعي و للبرجوازية مذهبها الرأسمالي ، و البوذيين لهم البوذية ، و للمسيحيين مسيحيتهم، و للفلاحين تعدّد الآلهة و بما أنّه فى السنين الأخيرة يوجد اناس يدعون للكمالية و للفاشية و للإحيائية و " نظرية التوزيع حسب العمل" ، لماذا لا يمكن للطبقة العاملة ان تكون لها شيوعيتها؟ بما أنّ " اليات" عديدة، لماذا ننادى عندما نرى شيوعية واحدة بتصفيتها؟ و الصواب لا يجب تصفيتها، و من الأفضل الدخول فى مباراة، و إذا خسرت فيها الشيوعية ، نحن الشيوعيين نقبل بالهزيمة بصدر رحب ، لا بدّ أن تتمّ مراجعة هذه " النظرة الواحدة" فى أسرع وقت لأنّها مضادة للمبادئ الديمقراطية".

أوّل ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ هذا المقتطف غير موجود- كما كتب الكيلاني الخوجي زورا - بالمجلّد الرابع صفحة 387 ذلك أنّ المقال الوارد بهذه الصفحة و غيرها من الصفحات التالية يُعنى بالإقتصاد و لا يحلّل جانب الحزب فى إرتباطه بالإيديولوجيات الأخرى! عثرنا على الكلام الذي يقصده الخوجي بالمجلّد الثاني ، صفحة 387 وقد خطّه ماو سنة 1940 ضمن " حول الديمقراطية الجديدة" أي قبل إنتصار حرب التحرير فما بالك بالمرحلة الإشتراكية!! الخوجيون لا يفرّقون بين مرحلتي الثورة الديمقراطية الجديدة/الوطنية الديمقراطية و الإشتراكية فى طبيعة الهدف و التحالفات و الإستراتيجيا و التكتيك...

هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، نفهم من السياق العام للنصّ أنّ النقاش يدور حول المرحلة الإنتقالية أي مرحلة الديمقراطية الجديدة السابقة للمرحلة الإشتراكية و الممهّدة لها فى الثورة الصينية - و من هنا عنوان " حول الديمقراطية الجديدة" بقيادة الطبقة العاملة، و علاقة الشيوعيين بالإيديولوجيات الأخرى أثناءها . هذا علما و أنّه على عكس ما يريد الخوجي أن يبلغنا ، فى 8 مارس 1948 ، وهو تاريخ كتابة المقال الموثّق بالصفحة 387 من المجلّد الرابع الذى يتضمّن كتابات ماو إلى أواخر 1949 لا غير بينما آخر نصّ فى المجلّد الثاني تاريخه 1941 ، قلنا فى 8 مارس 1948 لم تنتصر الثورة الديمقراطية الجديدة بعدُ و لم تتأسّس بعد الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية كدولة عبر البلاد كافة سابقة للمرحلة الإشتراكية و ممهّدة لها ، فى ظلّ قيادة البروليتاريا.

و الإطار الذى تتنزّل فيه أسطر ماو تلك هو النقطة التاسعة من " حول الديمقراطية الجديدة" ( 1940) و المعنونة " دحض المتعنّتين" الذين يقولون " حسنا ، لقد أجلتم أيّها الشيوعيون ذلك النظام الإشتراكي إلى مرحلة تالية و أعلنتم ما يلى:" لماّ كانت مبادئ الشعب الثلاثة هي ما تحتاجه الصين فى الوقت الحاضر ، فإنّ حزبنا مستعدّ للنضال من أجل تحقيقها تحقيقا كامل" ،إذن فأطووا شيوعيتكم مؤقتا. إنّ مثل هذه الأقوال تحت عنوان " المذهب الواحد" قد أصبحت صيحة جنونيّة ،وهي فى جوهرها ليست سوى صيحة المتعنّتين من أجل ممارسة تسلّطهم الرجوازي". ( المجلّد الثاني من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، صفحة 502-503، الطبعة الصينية باللغة العربية). و" يصيحون تلك الصيحة العالية مطالبين ب"طي " الشيوعية و الواقع أن " طيّها" غير جائز ،لأنّها إذا طويت فعلا فستقع الصين مستعبدة على الفور. إنّ العالم جميعه اليوم يعتمد الشيوعية كمنقذة ، و كذلك الأمر بالنسبة على الصين اليوم" ( نفس المصدر ، صفحة 503) و يسترسل ماو قائلا:" إنّ نظرية " المذهب الواحد" نظرية سخيفة ايضا. و طالما وجدت الطبقات ، فلا بدّ ان يكون لكلّ منها مذهب ، بل قد يكون لكلّ جماعة من جماعات الطبقة الواحدة مذهبها. و ما دام اليوم للطبقة الإقطاعية مذهب إقطاعي ،و للبرجوازية مذهب رأسمالينو ما دام بعض الناس قد نادوا ن فى هذه السنوات الأخيرة ،بالكمالية، و الفاشية، و الحياتية،و "مذهب لكلّ حسب عمله" و ما شابه ذلك. فلماذا لا يمكن إذن ان يكون للبروليتاريا شيوعيتها؟ نقول بكلّ صراحة، إنّنا لن "نطوي" الشيوعية، فمن الأحرى أن ننظمّ مستبقة بيننا و بينكم؟ فإذا هزمتم الشيوعية فسنعترف نحن الشيوعيين بسوء حظّنا . أمّا إذا لم تهزموها "فلتطووا" انتم فى أسرع وقت ممكن ذلك السلوك الصادر عن " المذهب الواحد" و المخالف لمبدأ الديمقراطية!" ( المصدر السابق ، صفحة 504-505، التسطير مضاف).

ما قمنا بتسطيره هو ما أغفله الخوجي عمدا عامدا فهو لا يقوى على ذكر إنتصار ( و إن كان إمكانية ) للخطّ الإيديولوجي و السياسي للحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ فما بالك بذكر إنتصار فعلي حصل على أرض الواقع حيث تمكّنت الشيوعية من أن تصبح قائدة للثورة الديمقراطية الجديدة و أكثر من ذلك حقّقت الظفر (1949) و مهّدت للمرحلة الإشتراكية ثمّ و منذ أواسط الخمسينات ، شرعت فى الثورة الإشتراكية وولجت المرحلة الإشتراكية من الباب الواسع فى ظلّ قيادة البروليتاريا. فأين هو " تخلّى ماو عن الدور القيادي للحزب"؟ و أين هي " الدعوة إلى تقاسم هذا الدور مع الأحزاب البرجوازية فى قيادة البلاد"؟ لا وجود لها إلاّ فى رأس الخوجي فالقضيّة كلّ القضيّة ، زيادة على ما تقدّم تكمن فى معالجة الجبهة المتحدة ضد اليابان ونعيدها جبهة متحدة ضد الغزاة اليابانيين. يقول ماو : " و يعرف الجميع أنّ الحزب الشيوعي قد وضع، فيما يتعلّق بالنظام الإجتماعي، منهاجا للحاضر و منهاجا للمستقبل، أي منهاجا أدنى و منهاجا أقصى. الديمقراطية الجديدة فى الفترة الحالية ، و الإشتراكية فى المستقبل، هذان جزءا
ن من الكلّ العضوي يسترشدان بالنظام الإيديولولجي الشيوعي الكامل. و إنّ منهاج الحزب الشيوعي الأدنى يتماثل بصورة أساسية مع القواعد السياسية لمبادئ الشعب الثلاثة ، و لمجرّد هذا التماثل راحوا يصيحون بجنون ب "طي" الشيوعية ، أفليس ذلك منتهى السخافة؟ و هذا التماثل وحده يوفّر لنا نحن الشيوعيين إمكانية الإعتراف ب " مبادئ الشعب الثلاثة كقاعدة سياسية للجبهة المتحدة ضد اليابان". و يستطرد بعد بضعة أسطر :" إنّ نكران الشيوعية يعنى ، فى الحقيقة ، نكران الجبهة المتحدة" .( التسطير مضاف).

و الآن هل الجبهة المتحدة تقاسم للسلطة و تخلى عن الدور القيادي للحزب الشيوعي؟ بالتأكيد لا! نظريّا و عمليّا قيادة الحزب الشيوعي الصيني للثورة وضعها ماو تسى تونغ شرطا لنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة وهو موقف متأصّل فى فكره ، لم يتزحزح عنه البتّة. و فوق ذلك كرّسه عمليّا بأن صارع ورفاقه من أجل جعل الشيوعية تقود الثورة فى مرحلتها الأولى و فى مرحلتها الثانية و يشهد التاريخ على ذلك النجاح. و مسألة القيادة ليست مسألة نظرية فحسب بل مسألة صراع طبقي محتدم على البروليتاريا خوضه بإقدام لكسب ذلك الموقع المحدّد فى نجاح أو فشل الثورة. ليس مجرّد قول بل معركة ضارية و شرسة على أرض الواقع فى المجالات كافة خرج منها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ مظفّرامحرزا دولة جديدة هي دولة الديمقراطية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة من خلال حزبها. هذا ما أنجزه الحزب الشيوعي الصيني وهو مفخرة له و لكافة الشيوعيين الحقيقيين فى العالم و درسا لهم منهم يتعلّمون و يستخلصون الدروس و العبر ، أمّا الخوجيون المثاليون ناكري الواقع و التاريخ فليشربوا البحر!

و الدولة الصينية الجديدة التى أعلنت سنة 1949 - جمهورية الصين الشعبية- هل وقع فيها تقاسم للسلطة و تخلّى عن قيادة الحزب الشيوعي الصيني؟ الجواب عن هذا السؤال جوابا شافيا نقدّمه فى مقتطف من " حول الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية" المؤرّخ فى 1949 ، فى الذكرى 28 لتأسيس الحزب، قبل الإنتصار عبر البلاد كلّها بأشهر قليلة": " الشعب فى الصين فى المرحلة الراهنة هو الطبقة العاملة و طبقة الفلاحين و البرجوازية الصغيرة فى المدن و البرجوازية الوطنية. و تحت قيادة الطبقة العاملة و الحزب الشيوعي تتحد هذه الطبقات و تنشئ دولتها و تنتخب حكومتها و تمارس الدكتاتورية و الإستبداد على خدم الإمبريالية أي على طبقة ملاك الأراضي و البرجوازية البيروقراطية و كذلك على رجعيي الكومنتانغ و شركائهم الذين يمثّلون هاتين الطبقتين، و تضطهدهم ، تسمح لهم فقط بحسن السلوك و لا تسمح لهم أبدا بأن يعربدوا فى الكلام أو العمل . و إذا عربدوا فى الكلام و العمل يقمعون و يعاقبون فورا. إنّ الديمقراطية تمارس داخل صفوف الشعب ن فيتمتّع الشعب بحرّية الكلام و الإجتماع و تأسيس الجمعيّات ... إلخ وحقّ التصويت يمنح للشعب دون الرجعيين فمن جهة ، ديمقراطية للشعب ، و من جهة أخرى ، دكتاتورية على الرجعيين، و يكوّن هذان الوجهان بترابطهما الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية". ( المجلّد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، صفحة 528، الطبعة العربية). فى 1949، تلك كانت الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تقودها البروليتاريا بمشاركة الطبقات الشعبية- و لا وجود لتقاسم قيادة فى الصين و لا فى ألبانيا حيث جرى تشريك قوى غير بروليتارية فى الدولة - و صارت " الإشتراكية فى المستقبل" قريبة المنال، بعد إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة و قد أمسكت البروليتاريا و حلفاؤها ،و البروليتاريا فى موقع القيادة، بزمام دولة تمهّد للإشتراكية كمرحلة تالية و المرحلتان كما قال ماو أعلاه " جزءان من الكلّ العضوي يسترشدان بالنظام الإيديولوجي الشيوعي الكامل".

و حتى فى ظلّ الإشتراكية و قيادة الطبقة العاملة لدولة دكتاتورية البروليتاريا ، هل قضت التجارب التاريخية للبروليتاريا العالمية على وجود الآراء و المذاهب المختلفة و" المباراة " بالمعنى الماوي أي الصراع من أجل الهيمنة و السيطرة و القيادة إيديولوجيا ؟ فى ضوء تلك التجارب ، بإمكاننا القطع بأنّ ذلك لم يحدث فى الإتحاد السوفياتي فى ظلّ قيادة لينين و ستالين ولا فى الصين فى ظلّ قيادة ماو تسى تونغ و لا فى أيةّ تجربة إشتراكية أخرى. المجتمع الإشتراكي مجتمع طبقي ويعدّ وجود الطبقات المتناقضة و حتى المتناحرة و الصراع الطبقي و الملكية الجماعية التى لم تبلغ حدّ ملكيّة الشعب بأسره و " الحقّ البرجوازي" ... هي الأساس المادي لوجود الأفكار المختلفة و ماو تسى تونغ بما أنّه مادي جدلي ،إعترف بذلك الواقع الموضوعي و لكنّه لم يقف مكتوف الأيدي و إنّما إجتهد فى جعل الشيوعية تنتصر على الإيديولوجيات الأخرى و أسطع دليل على ذلك هو " الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى" ( 1966-1976) و نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا التى تعتبر أهمّ مساهمة من مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة فى تطويرالماركسية-اللينينية على الإطلاق .

و الخوجيون لا يرون فى الوجود الموضوعي للأفكار المختلفة إلاّ بقايا مجتمع رأسمالي هزم نهائيّا ( الثورة حلّ التناقض نهائيّا حسب الخوجيين) ، أساسها وراثة أكثر منها نتاج علاقات إنتاج و علاقات إجتماعية رأسمالية مرتبطة بالوجود الموضوعي للبرجوازية الجديدة ، البرجوازية بشكل أو أشكال أخرى تفرزها حركة تناقضات المجتمع الإشتراكي ببنيته التحتية و بنيته الفوقية اللتان يتصارعان فيهما الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي لا سيما و بالأساس فى صلب الحزب الشيوعي و الدولة الإشتراكية و إمكانية الردّة إلى الرأسمالية ليست واردة فحسب و إنّما تحقّقت فعلا فى جميع البلدان الإشتراكية سابقا.

و لينين ذاته لم يكن ضد فكرة الصراع الإيديولوجي بحثا عن تعزيز مواقع المادية الجدلية و النظرة البروليتارية للعالم و إلحاق الهزيمة تلو الهزيمة بالرؤى الميتافيزيقية و محاصرتها بإستمرار و أكثر من ذلك - و تصوّروا وجه الخوجيين عند قراءة الحقيقة الآتى ذكرها- لم يلغ لينين وجود الأحزاب الأخرى إلاّ تلك التى عملت على الإطاحة بسلطة العمّال و الفلاحين ( و نشدّد على ذلك : سلطة العمّال و الفلاحين كشكل من أشكال دكتاتورية البروليتاريا و تحالف ضروري للثورة دونه ما كانت لتكون ذلك أنّ كلّ ثورة تستدعي تحالفات طبقيّة و لا تنجزها طبقة بمفردها و إن كانت تقودها. هذا ما يعلّمنا إيّاه تاريخ الثورات البروليتارية و حتى البرجوازية أمّا من يبحث عن دولة عمّال لا غير فى الصين أو فى الإتحاد السوفياتي فلن يعثر عليها فى الواقع بإعتبار أنّها ساكنة فى خياله الدغمائي ليس إلاّ. و للتاريخ فى ذلك قول فصل بالخصوص فيما يتّصل بالإشتراكيين الثوريين بعيد ثورة أكتوبر العظيمة فلينين دعا الإشتراكيين الثوريين إلى تكوين حكومة إئتلافية- فى فترة محدّدة- و تعامل معهم بديمقراطية داخل السوفياتات و حتى السوفيات الأعلى... فليوجّه الخوجيون نيرانهم بوضوح و دون مراوغات إلى لينين الذى و يا للهول صرّح بما يبدو أخطر من ذلك بكثير فى " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي "( صفحة 51 ،الطبعة العربية لدار التقدّم موسكو) : "إنّ حرمان البرجوازية من الحقوق الإنتخابية لا يشكّل ، كما سبق و أشرت، سمة لازمة لا غنى عنها لديكتاتورية البروليتاريا." .

وليعلم من يهمّه الأمر أنّ المذاهب المتباينة و الإيديولوجيات المتناقضة عدائيّا لا تزول قبل زوال الطبقات و التناقضات الطبقية و الصراع الطبقي و من ثم إضمحلال الدولة و الأحزاب فتسود الأفكار الشيوعية ،مع ظهور إختلافات فى الآراء لا تبلغ حدّ العدائية الطبقية ، المستندة إلى أسلوب الإنتاج الشيوعي و العلاقات الإجتماعية الشيوعية. و خلاف ذلك ليس مادية جدلية بل مثالية ميتافيزيقية.


الإستشهاد (28) بالصفحة 29:

يتّهم الخوجي ماو بأنّه :" يدعو لديمقراطية تتقاسم فيها جميع الطبقات الأدوار" ثمّ يستطرد :" يقول ماو جوابا على سؤال طرحه عليه صديقه الحميم الصحفي الأمريكي " إدغار سنو" عمّا إذا كان افضل أن تتواجد أحزاب عديدة لقيادة البلاد على غرار ما هو موجود فى " البلدان الديمقراطية": " إنّه من المفيد أن توجد احزاب عدّة حسبما يبدو لنا. هكذا كان فى الماضي و من الضروري أو من الواجب)ان يكون ذلك فى المستقبل ، إنّه التعايش و المراقبة المشتركة على أمد طويل"( أنور خوجا ، الصفحة 431 من " الإمبريالية و الثورة") .

لقد وردت أفكار ماو هذه لا إجابة على سؤال الصحفي الأمريكي " عمّا إذا كان أفضل أن تتواجد احزاب عديدة لقيادة البلاد على غرار ما هو موجود فى " البلدان الديمقراطية" ( و بالتالى ليست ضمن حوار مع الصحفي الأمريكي إدغار سنو!) ، بل فى المجلّد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة (الطبعة الفرنسية) ، صفحة 319 و تتنزّل فى إطار خطاب فى إجتماع موسّع للمكتب السياسي للجنة المركزية ، سنة 1956. تفوّه ماو بالضبط بالآتى ذكره :" هل من الأفضل عموما ، أن يكون لنا حزب أم عدّة أحزاب؟ من المستحسن أن تكون لنا عدّة احزاب حسب ما يبدو لنا. هكذا كان الأمر فى الماضي و يمكن ان يكون كذلك فى المستقبل، إنّه التعايش على امد طويل و المراقبة المشتركة" . ( أفريل 1956- التسطير مضاف).

إلى جانب ذلك ، وقع تعويض "يمكن أن يكون " ب"ضروري أو من الواجب" و إنّنا لنستطيع و تستطيعون فهم البون الشاسع بين الإمكان و الضرورة و أيضا بين كلمة " المستحسن" و الكلمة التى حلّت محلّها " المفيد"!
و إجابة على إتّهام " ديمقراطية تتقاسم فيها جميع الطبقات الأدوار" ( لاحظوا "جميع" الطبقات يقول الخوجي ، لا طبقات معيّنة وهو تكتيك إنتهازي يقدّم الأشياء بإطلاقية مثالية لا أغرب منها على الماركسية و بتهويل هو أيضا مثالي إستعمل كذلك عند الحديث عن صراع الخطين الذي يستحيل عند الخوجيين إلى "صراع الخطوط") لندع ماو يتكلّم و لننصت إليه فى الصفحات 319-320-321 من المجلّد الخامس، فى مقال " العشر علاقات الكبرى" ، الفقرة السابعة و عنوانها " الحزب الشيوعي و الأحزاب غير الشيوعية" :
" فى بلادنا ، لا تزال توجد عدّة أحزاب ديمقراطية أسّست خلال حرب المقاومة ضد اليابان و النضال ضد تشان كاي تشاك ،و التى هي مكوّنة أساسا من عناصر برجوازية وطنية و من مثقّفيها. فى هذا الشأن ، تختلف بلادنا عن الإتحاد السوفياتي . أبقينا على الأحزاب الديمقراطية سامحين لها بإمكانية التعبير و مستعملين إزاءها سياسة الوحدة و الصراع...[ التسطير مضاف ،و فى الفقر ة الموالية ]" بما أنّ الطبقات و الصراع الطبقي لا يزالان مجودين فى الصين ، لا يمكن إلاّ أن توجد معارضة بشكل أو آخر. ورغم أنّ الأحزاب الديمقراطية و الشخصيّات الديمقراطية غير المنتمية إلى أحزاب معيّنة ، صرّحت بقبول قيادة الحزب الشيوعي الصيني ، فإنّ عددا من الناس فى صفوف هذه الأحزاب و ضمن هذه الشخصيّات هي بالفعل بدرجة ما فى المعارضة..." [ التسطير مضاف،] وفى الفقرة التالية : "الحزب الشيوعي و الأحزاب الديمقراطية هي جميعا نتاج تاريخي و كلّ نتاج تاريخي يجب أن يضمحلّ فى سيرورة التاريخ. هكذا فى يوم ما سيضمحلّ الحزب الشيوعي، شأنه شأن الأحزاب الديمقراطية .و هل سيكون ذلك محزنا؟ لا. أعتقد أنّنا سنكون فى غاية الرضا إذا لم نعد نحتاج فى يوم من الأيّام إلى حزب شيوعي و لا إلى دكتاتورية البروليتاريا ، أرى أنّ ذلك سيكون بالفعل جيّدا فمهمّتنا تتمثّل بالضبط فى الإسراع بإضمحلالهما. هذه وجهة نظر عبّرنا عنها فى عدّة مناسبات. لكن حاليّا ، حزب البروليتاريا و دكتاتورية البروليتاريا هما ضروريّان تماما و يجب مواصلة تعزيزهما و إلاّ لن يكون ممكنا قمع المعادين للثورة و مقاومة الإمبريالية و لن يكون ممكنا بناء الإشتراكية و لا توطيدها حين نكون قد شيّدناها. نظرية لينين حول حزب البروليتاريا و دكتاتورية البروليتاريا ليست البتّة "غير صالحة"مثلما يدّعى البعض. هذه الدكتاتورية لا يمكن ممارستها دون إكراه قويّ"(التسطيرمن وضعنا).

لعلّكم لاحظتم معنا تشديد ماو على الإختلاف التاريخي بين الصين و الإتحاد السوفياتي فى السيرورتين الثوريتين و إفرازاتهما ( ديمقراطية جديدة فى المرحلة الأولى فى الصين المستعمرة و شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية و ديمقراطية برجوازية فى بلد رأسمالي إمبريالي) بينما ينكر الدغمائيون ذلك و يعقدون مقارنات لا تصحّ علميّا و ينكرون الأمر الجوهري فى حديث ماو ألا وهو قيادة الحزب الشيوعي الصيني و ليس تقاسم القيادة و ممارسة دكتاتورية البروليتاريا و قمع المعادين للثورة و لا حديث عن " جميع الطبقات"، واضعا هدفا له الشيوعية عبر بناء الإشتراكية و توطيدها ثمّ المجتمع الخالى من الطبقات و بالتالى من الدول و الأحزاب!!

و فضلا عن ذلك ، ما الضرر الذى يلحق الحركة الشيوعية إن تمكّن الحزب الشيوعي الصيني من أن يفرض فرضا على الأحزاب الديمقراطية هناك أن " تصرّح بقبول قيادة الحزب الشيوعي" مع الوعي التام لوجود عناصر فى صفوفها " بدرجة ما فى المعارضة"؟ ( و طبعا لا وجود لتقاسم للسلطة هنا) أم أنّ الخوجيين يرفضون الواقع و يتمنّون محوه ليصحّ ما يزعمون؟!

و ماو فوق ذلك ، يدعو إلى ممارسة دكتاتورية البروليتاريا و توطيدها. علي من ستمارس هذه الدكتاتورية إن لم تكن على " المعادين للثورة" من البرجوازيين و الحال أنّ " التناقض الرئيسي بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية"؟ ( ماو تسى تونغ، المجلّد الخامس ن صفحة 80 ، بتاريخ 6 جوان 1952 و الإستشهاد * ،بالصفحة 6 من " الماوية معادية للشيوعية").

و من المعلوم أن كلمات ماو تلك صدرت فى أفريل 1956 و فى الوقت الذى كان ماو تسى تونغ يدافع عن الحزب اللينيني و عن دكتاتورية البروليتاريا ، كان التحريفيون السوفيات و من لفّ لفّهم من الأحزاب الشيوعية الأوروبية و غير الأوروربية يروّجون للمقولات التحريفية : " حزب الشعب بأسره" و " دولة الشعب بأسره" و سواها ، بعد المؤتمر العشرين للحزب السوفياتي السيئ الصيت، علما و أنّ الخوجيين سيستقون الكثير و الكثير من الأفكار و المواقف التحريفية السوفياتية - و حتى التحريفية الصينية- ليستعملونها ضد ماو تسى تونغ.

==========11- فضح الكذب و التزوير بصدد علاقة الجيش بالحزب ==========

الإستشهاد 30 ، بالصفحة 30 :

حسب الكيلاني :" يقول ماو : على كلّ شيوعي أن يقتنع بهذه الحقيقة ، أنّ السلطة فى فوّهات البنادق و مبدؤنا هو الحزب يقود البنادق و من غير المقبول أن تقود البنادق الحزب. فى حين أنّه عندما تكون عندنا البنادق بإمكاننا بالفعل أن نبعث تنظيمات للحزب. و هذا ما وقع فى الصين الشمالية فجيش الطريق الثامن بعث منظّمة قويّة للحزب و بإمكاننا كذلك أن نربّي الكوادر و نبعث المدارس و نطوّر الزراعة و ننظّم الحركات الجماهيرية: إنّ كلّ ما هو موجود فى يانان مردّه البنادق . بالبندقيّة بإمكاننا الحصول على كلّ شيء" ( و فى فهرس المراجع 30، ماو ، الأعمال المختارة، الطبعة الفرنسية- دون تحديد كلّ من المجلّد المعنيّ و الصفحة !!).

بعد أن نحدّد نحن المرجع الصحيح ، الصفحة 241من المجلّد الثاني من الطبعة الفرنسية ، بتاريخ 6-11-1938 ، نقول معلّقين على التعريب بأنّه إضافة إلى ترجمة خاطئة تماما إذ وضع الخوجي زراعة مكان ثقافة و حذف ما رآه أمرا مزعجا فقبل " فى حين أنّه عندما" وقع إسقاط مفردة فرنسية معناها " إلاّ أنّه" وهي تفيد الإستطراد بمعنى انّ المبدأ العام هو " الحزب يقود البنادق" فى عامة الأحوال / مبدأ و الإستطراد يبيّن العلاقة بين الحزب و الجيش فى جانب آخر خاص بإستراتيجيا حرب الشعب فى الصين حيث مهمّة الجيش الأحمر الصيني الذى بناه و قاده الحزب الشيوعي الصيني منذ 1924 أي بعد ثلاث سنوات من تأسيسه لم تكن القتال فقط ( و إن كان المهمّة المركزية) بل كانت أوسع من ذلك : الدعاية و التحريض و تنظيم صفوف الشعب تبعا لإستراتيجيا حرب الشعب و شيئا فشيئا تشييد سلطة دولة جديدة ( و الدولة ماركسيّا عنصرها الرئيسي هو الجيش) دولة الديمقراطية الجديدة "فالحرب هي الشكل الرئيسي للنضال فى الصين ،كما أنّ الجيش هو الشكل الرئيسي للتنظيم" ( ماو ، صفحة 305 من المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ،الطبعة العربية) وهو ذات رأي ستالين مثلما رأينا و سنرى.

و لكن قبل المزيد من النقاش، لنطّلع معا على النصّ الأصلي بالطبعة العربية من"مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة"، المجلّد الثاني ، صفحة 311-312 :" و على كلّ شيوعي أن يدرك هذه الحقيقة:" من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية". إنّ مبدأنا هو أنّ الحزب يوجه البنادق ،و لن نسمح للبنادق أبدا بأن توجه الحزب إلاّ أنّه بإمتلاك البنادق يمكننا حقّا أن ننشأ منظّمات حزبية ،و قد أنشأ الجيش الثامن منظمات حزبية قويّة فى شمالي الصين. و يمكننا كذلك بإمتلاك البنادق أن نربّي الكوادر و ننشئ المدارس و نخلق الثقافة و ننظّم الحركات الجماهيرية ، و كلّ ما هو موجود فى يانان قد أنشأ بواسطة البنادق. إنّ كلّ شيء يمكن أن ينبع من فوهة البندقية. و يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة. فكلّ من يريد الإستيلاء على سلطة الدولة و المحافظة عليها، لا بدّ أن يكون لديه جيش قويّ. إنّ بعض الناس يسمّوننا بسخرية أنصار" نظرية قدرة الحرب على كلّ شيء"[ و كأنّ ماو يردّ على الخوجيين جميعا!]، نعم ، إنّنا أنصار نظرية قدرة الحرب الثورية على كلّ شيئ ، و هذا ليس شيئا سيّئا ،و إنّما هو شيء حسن ، ماركسي. إنّ بنادق الحزب الشيوعي الروسي قد خلقت الإشتراكية. و نحن نريد خلق جمهورية ديمقراطية. و تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية تعلمنا بأنّ الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة لا تستطيع إنزال الهزيمة بالبرجوازيين و ملاك الأراضى المسلّحين إلاّ بقوّة البنادق . و بهذا المعنى ، يمكننا أن نقول إنّه لا يمكن إصلاح العالم كلّه إلاّ بالبنادق. و نحن من دعاة القضاء على الحرب، و لسنا نريد الحرب، إلاّ أنّه من غير الممكن القضاء على الحرب إلاّ بواسطة الحرب، و فى سبيل القضاء على البنادق يجب علينا أن نحمل البنادق".( التسطير مضاف) .

هذا كلام ماو تسى تونغ و هذه أمثلته الملموسة و نقصد " بنادق الحزب الشيوعي الروسي" و " تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية" ، فأين هي " التناقضات الصارخة" و " البندقية تصنع و تقود [ لاحظوا حقن الخوجي الجملة من عنده ب" تقود"] كلّ شيء"؟ و كيف توصّل إلى إستنتاج لا وجود له إلاّ فى خياله المريض بأنّه " يتضح بما لا يترك مجالا للشكّ أنّ التأكيد المبدئي لم يكن سوى غطاء لشعار " البندقية تمكننا من كلّ شيء" و " الجيش هو كلّ شيء" [ " الجيش هو كلّ شيئ " يلصق بكلمات ماو على أنّه شعار آخر له و الواقع أنّه من إختراع الخوجيّ]"؟
و الكيلاني الخوجي ينسى أو يتناسى انّ ستالين فى مقاله الشهير للغاية " آفاق الثورة فى الصين" و الذى تجنّبه الخوجي تجنّب المرء للطاعون لأنّه يفضح الخوجيين و يعرّى الحقيقة التى يجحدون ، أشار فى 30 نوفمبر 1926 على أنّ " فى السابق، فى القرن 18و 19، كانت الثورات تتمّ بصفة عامّة ، بإنتفاضة الشعب الذى هو فى غالبيته دون سلاح أو هو قليل التسلّح و الذى كان يواجه جيشا من النمط القديم كان هذا الشعب يسعى إلى حلّه أو على الأقلّ إلى كسب جزء منه إلى جانبه. هذا هو الشكل الخاص بالإنفجارات الثورية فى الماضى. و الشيء ذاته حصل فى روسيا 1905. فى الصين ، أخذت الأشياء منحى آخر. فى الصين ، لا تواجه فيالق الحكومة شعبا أعزل بل شعبا مسلّحا، يعنى الجيش الثوري. فى الصين الثورة المسلّحة تقاتل الثورة المضادة المسلّحة. هذه هي إحدى خصوصيات و ميزات الثورة الصينية ..." ( التسطير مضاف)

و يستطرد:" حسنا الآن، من ذلك يستنتج أنّه على الشيوعيين أن يضاعفوا إلى أقصى حدّ العمل السياسي داخل الجيش و أن يتوصّلوا إلى أن يصير الحامل الحقيقي و المثالي لأفكار الثورة الصينية... و ثانيا ، على الثوريين الصينيين ، و من ضمنهم الشيوعيين ، أن يعملوا ، بكلّ ما فى وسعهم من جهد على دراسة الفنّ العسكري" ( التسطير مضاف).
أكيد ان الخوجيين و قد قرأوا هذه الأسطر لستالين ، سيضربون الأرض بأقدامهم مردّدين : لا ! لا! لا! "الجيش الحامل الحقيقي و المثالي لأفكار الثورة الصينية" ! لا! لا! لا! حتى ستالين ماوي! لا! لا! لا!

إن ماو لم يستوعب ملاحظات ستالين إيّاها فحسب بل عمل جاهدا على تعميقها و تخصيصها على واقع شعبه المعيش و الذى كان هو نفسه يعاينه من قريب و عن كثب ف " حمل أفكار الثورة الصينية" كمقولة صحيحة ، اضحت لدى ماو بالملموس الدعاية و التحريض و تنظيم صفوف الشعب حول حرب الشعب و البرنامج الإستراتيجي و التكتيكي للحزب الشيوعي الصيني مع الأخذ بعين النظر خصوصيات الصين و مميّزاتها و على رأسها حسب ستالين أنّ " الثورة المسلّحة تقاتل الثورة المضادة المسلّحة" ؛ و غدت " دراسة الفنّ العسكري" مؤلفات لامعة خطّها ماو و عناوينها " حول الحرب الطويلة الأمد" و " قضايا الإستراتيجيا فى حرب العصايبات المناهضة لليابان" و " دور الحزب الشيوعي الصيني فى الحرب الوطنية " و " قضايا الحرب و الإستراتيجيا "... وهي مؤلفات نظرية لم تسمح بإنارة طريق الإنتصار للثورة الصينية فقط بل مهّدت الطريق لإنتصار ثورات أخرى من بعدها ؛ وعمقت هذه الدراسات و المؤلفات البحث فى الفنّ العسكري و طوّرت النظرية العسكرية البروليتارية تطويرا خلاّاقا بناء على خصوصيّات الصين و ميزاتها و الممارسة الجديدة للثورة فى الصين حيث " أخذت الأشياء منحى آخر" وفق ستالين.

بإختصار، أدرك ستالين خصوصيات الثورة الصينية و مميزاتها و حدّد مهاما عامة للشيوعيين إضطلع بها و طوّرها ماو و رفاقه بتخصيص و دقّة و وواقعية و على أفضل وجه ما مكّنهم من الظفر سنة 1949 ؛ و الخوجي أدار ظهره للحقيقة و الواقع الموضوعي و فرض على القائد البروليتاري الصيني ما لم ينطق به و بعد كلّ ذلك يدّعى أنّه ماركسي بل و ماركسي- لينيني فيا للمهزلة!


الإستشهاد 31 ، بالصفحة 31 :

" يقول ماو فى تعرّضه لدور الجيش :" على كلّ كوادر الجيش أن يكونوا قادرين على قيادة العمّال و على تنظيم النقابات و على تعبئة و تنظيم الشبيبة و على التوحد مع كوادر الجهات المحرّرة حديثا و تثقيفهم و على إدارة الصناعة و التجارة و المدارس و الصحف ووكالات الأنباء و محطّات الإرسال الإذاعي و على العناية بالشؤون الخارجية و على تسوية المشاكل المتعلّقة بالأحزاب الديمقراطية و التنظيمات الجماهيرية و على تنسيق العلاقة بين المدينة و الريف و على حلّ مشاكل التغذية و التموين بالفحم الحجري و المواد الضرورية و كذلك تسوية المسائل النقدية و المالية". (نقل الخوجي الإستشهاد من صفحة 428 ، من "الإمبريالية و الثورة " لأنور خوجا ).

لكن مهلا يا رجل ! على الفور سنجيبك على مزاعمك هذه.

جاءت هذه الفقرة المنسوبة لماو فى نداء " لنجعل الجيش فرقة عمل " صادر فى 8 فيفري 1949 و ليس قبل ذلك. هدف النداء كان تعيين المهام الآنية و ليس الإستراتيجية للجيش الأحمر وهو على أبواب إفتكاك المدن الكبرى و الإنتصار الشامل للثورة عبر البلاد كافة ، مع العلم أنّ الثورة حقّقت الإنتصار المرجوّ و أعلنت جمهورية الصين الشعبية سنة 1949.
كتب ماو :" إستلمنا برقيتكم بتاريخ اليوم الرابع . إنكم تعجلون فى إعادة تنظيم الجيش و تستعدّون للتحرّك قبل شهر من الميعاد المقرّر ، و هذا حسن جدّا. إستمرّوا إذن فى هذا السبيل و لا تتوانوا. فى الواقع ينبغى لكم أن تواصلوا إعادة التنظيم و التدريب فى مارس أيضا و تشدّدوا على دراسة السياسة و تستعدّوا للإستيلاء على المدن الكبرى و إدارتها. إنّ الصيغة المتبعة فى ال20 عاما الأخيرة " الأرياف قبل المدن" تقلب من الآن فصاعدا و تبدّل بصيغة " المدن قبل الأرياف".

إذا هي سياسة خاصّة و ظرفية تستجيب لمتطلّبات الواقع الثوري و بما أنّ الجيش الأحمر ما هو بالجيش البرجوازي فهو على حدّ كلام ماو ليس فرقة قتال فحسب و إنّما بصورة رئيسية فرقة عمل" هو جماعة مسلّحة تؤدّى المهمات السياسية للثورة التى يحدّدها الحزب الذى أنشأه و يقوده نظريّا و عمليّا. لكلّ هذا فى تلك الظروف المعيّنة " على جميع كوادر الجيش أن يتعلّموا الإستيلاء على المدن و إدارتها ، ينبغى لهم فى المدن أن يعرفوا جيّدا كيف يعاملون الإمبرياليين و رجعيي الكومنتانغ ،و كيف يعاملون البرجوازية، و كيف يمارسون قيادة العمّال و تنظيم النقابات و تعبئة الشبيبة و تنظيمها و الإتحاد مع كوادر المناطق المحرّرة الجديدة و تدريبهم و إدارة الصناعة و التجارة و إدارة المدارس و الجرائد ووكالات الأنباء و محطّات الإذاعة و معالجة الشؤون الخارجية و معالجة المسائل المتعلّقة بالأحزاب الديمقراطية و المنظّمات الشعبية و تنسيق العلاقات بين المدينة و الريف و حلّ مشكلة الحبوب الغذائية و الفحم و الضروريات الأخرى و كذلك معالجة المسائل النقدية و المالية. و موجز القول أن جميع المسائل المدينية التى لم يألفها كوادر الجيش و المحاربون فى الماضى، تقع منذ الآن بكلّيتها على عواتقكم. سوف تحتلّون، فى تقدّمكم ، أربع أو خمس مقاطعات..." ( التسطير مضاف).

هي إذن إجراءات إستثنائية لواقع إستثنائي معيّن و ما هي أبدا " وضع الجيش فوق الحزب" . و لمّا كان ماو غير دغمائي كان واضحا فى المبدأ و كذلك فى تفاصيل الإجراءات الآنية إذ صرّح فى النصّ ذاته:" إنّ الجيش يظلّ فرقة قتال ،و فى هذا المعنى لا يسمح بأي توان ، و إن توانى المرء إرتكب خطأ. غير أنّ مهمّة جعل الجيش فرقة عمل فرضت نفسها الآن علينا. و إذا لم نطرح هذه المهمّة الآن و لم نصمّم على إنجازها ، إرتكبنا خطأ جسيما جدّا. نحن نستعدّ لإرسال 53 ألف كادر إلى الجنوب مع الجيش و لكن العدد صغير جدّا. إنّ الإستيلاء على ثماني أوسع مقاطعات و عشرات المدن الكبرى يتطلّب عددا هائلا من كوادر العمل ، و لحلّ هذه المسألة ، ينبغى الإعتماد أساسا على الجيش بالذات..." (التسطير مضاف ، الصفحات 432-433 من المجلد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الطبعة العربية).

وفى مارس من نفس السنة ، صرّح فى تقرير إلى الدورة العامة الثانية للجنة المركزية السابعة للحزب ( صفحة 460 من المصدر السابق ):" إنّ دوره [ جيش التحرير الشعبي الذى يقوده الحزب الشيوعي الصيني ] كفرقة عمل سوف يزداد بقدر ما تقلّ العمليّات العسكرية بالتدريج.و هناك إحتمال هو أن يتحوّل جيش التحرير الشعبي كلّه فى مستقبل غير بعيد إلى فرقة عمل ،و علينا أن نضع هذا فى تقديرنا".

هذا هو التحليل الملموس للواقع الملموس و هذه هي النصوص الأصلية لماو و نحن بجلاء ما بعده جلاء نستغرب من أين أتى الخوجي ب" وضع الجيش فوق الحزب" و ب" أوكل له بصفة فعلية الدور القيادي فى عملية تغيير البنى التحتية و الفوقية" لعلّ الخوجي ،بل من الأكيد أنّ الخوجي لا يقدر على النظر إلى القضية المطروحة إلاّ بدغمائية و مثالية ذاتية لا أكثر و لا أقلّ فيرى ما يريد و يحجب ما لا يريد. و يا هول ما سيكتشف الخوجيون إن درسوا تاريخ الجيش الأحمر السوفياتي و كيف تحوّل إلى جسم عمل فى فترات معيّنة و تحت قيادة ليس ماو تسى تونغ و إنّما لينين و ستالين !!


12- فضح الكذب و التزوير بصدد "الحزب الماوي من النمط الإشتراكي الديمقراطي : وحدة الحزب الماوي مبنيّة على أساس الوفاق الطبقي"

الإستشهاد 32 عولج قبلا مع الإستشهاد 21 .

الإستشهاد (33) ، بالصفحة 33:

لنكشف معا مهزلة فى شكل نكنة فيما يتصل بهذا الإستشهاد و إليكم عناصرها: فى الصفحة 27 نقرأ" يوجد حاليّا فى حزبنا كثير من الأعضاء الذين ينتمون إليه من الناحية التنظيمية و ليس من الناحية الإيديولوجية... و هؤلاء الناس ينبغى علينا أن نتوحّد معهم و نربّيهم و نساعدهم " ( الإستشهاد 21) وفى الإستشهاد 33 بالصفحة 33 نلفى " يوجد الآن فى حزبنا عدد وافر من الأعضاء الذين ينتمون للحزب من الوجهة التنظيمية لكنهم لا ينتمون له إيديولجيّا... يجب علينا أن نتوحّد مع هؤلاء الناس لنثقّفهم و نساعدهم".( التسطير مضاف).

نفس المقتطف من صفحة إلى أخرى تتبدّل كلماته بفعل فاعل فهل هذا من الجدّية فى البحث فى شيء؟
و نكتة أخرى على شاكلة السابقة، يتغيّر المقطع ذاته من الصفحة 27 إلى الصفحة 33 حيث لدينا بالصفحة 27 :" إنّ المسألة الهامة هي أنّ الأمر لا يتعلّق ببعض العناصر المعزولة و لكنّهما يمثّلان جزءا هاما من البرجوازية الصغيرة... إنّ حزبنا قد قبل أيضا فى صفوفه مثقفين و على عشرة ملايين عضو ، يوجد حوالي مليون من المثقّفين الصغار و المتوسّطين و الكبار" (التسطير مضاف).

و بالإستشهاد 34 ، بالصفحة 33 ، لدينا :" المسألة لا تتعلّق هنا ببعض العناصر المعزولة و إنّما بجزء كبير من البرجوازية الصغيرة –الذى يمثلانه- فالصين بلد توجد فيه البرجوازية الصغيرة بأعداد كبيرة منها عناصر [ يقفز فوق عديدة ، فى النص ّ الأصلي لماو] متردّدة... و قبل حزبنا أيضا فى صفوفه مثقفين صغارا و متوسّطين و كبارا يصل عددهم نحو المليون من بين عشرة ملايين عضو" (التسطير مضاف ) .

جانب التقلّبات النصّية و لا شكّ لا غبار عليه و نودّ التنبيه من ناحية أخرى إلى أنّه مثلما سبق و أن بيّننا ذلك فى ما مرّ بنا ( نقاش الإستشهاد 21 و 22) لا يذكر الخوجي عن قصد أنّ " العمّال و شبه البروليتاريا أهمّ مكوّنات الحزب و يضع تمثيلية البرجوازية على أنّها تمثيلية فكرية طبقية فى حين تحدّث ماو عن أصل طبقي برجوازي صغير و عن أخطاء رفاق فى الحزب و ليس عن معادين للثورة.

و الخوجي لم يتعامل مع مقتطفات ماو بأسلوب التلاعب بالنصوص المرجعية فقط و إنّما شملت " كراماته و بركاته" ستالين أيضا ذلك انّ فى الإستشهاد 29 بالصفحة 30 نعثر على " يقول ستالين : إنّ الإشتراكية لا يمكن أن تبنى إلاّ إذا كانت مقادة من طرف حزب الشيوعيين الذى لا يتقاسم و لا يجب ان يتقاسم أبدا القيادة مع أحزاب أخرى".و الإستشهاد نفسه الذى يحرّف حتى ما قاله خوجا بالصفحة 432 من "الإمبريالية و الثورة" ، يستحيل بكلّ بهلوانية بعد عشر صفحات، أي بالصفحة 40 من " الماوية معادية للشيوعية"، إلى "إنّ دكتاتورية البروليتاريا – كما قال ستالين – لا يمكن أن تكون تامّة إلاّ إذا قادها حزب الشيوعيين الذى ينبغى أن لا يشاركه مطلقا فى القيادة أي حزب"!!!
فظيع أليس كذلك!!!

ورد منسوبا لماو ، بالإستشهاد 34 ، صفحة 33 :" ...إنّنا لن نتبع خطّ وانغ مينغ أو لى ليسان. لقد كانا فى مجال العلاقات الحزبية الداخلية يمطران كلّ الذين إرتكبوا أخطاء او الذين قاوموهما و نعتوهما بالإنتهازية ، لقد كانا يتزيّنان بلقب البلشفيين مائة بالمائة لكن إتضح فيما بعد أنّهما إنتهازيان مائة بالمائة،و مع ذلك فعلى المؤتمر إنتخابهما للجنة المركزية..."(التسطير مضاف).

و لمّا دقّقنا النظر فى النصّ الأصلي لماو تسى تونغ بالمجلّد الخامس من مؤلّفاته المختارة و تحديدا بالصفحة 345-346 تأكّد لنا :1- أنّ الكيلاني الخوجي عوّض كلمة " يطردان" بكلمة " يمطران" و لا نظنّ ذلك سهوا أو خطأ مطبعيّا بل هو أمر مقصود لأنّ المفردة ( يطردان) مزعجة للغاية حيث تضرب فى الصميم إدّعاءات الخوجي إذ هي تبيّن أنّ القائد البروليتاري الصيني لا يريد " إتباع طريقتهما" البرجوازية فى التعاطى مع الرفاق أي طرد كلّ من أخطأ. إنّ ماو يسعى لتربية من يخطأ من الرفاق و لم يتحوّل إلى معاد للحزب و للثورة و لمساعدته على تجاوز أخطائه. وهي الطريقة البروليتارية فى العمل على تغيير نظرة الرفاق المخطئين للعالم و فى الوحدة و الصراع داخل الحزب.
2- أنّ بعد " إنتهازيين مائة بالمائة" ، حُذفت جملة " بينما نحن هم الذين كانوا عُرضة للنعت بالإنتهازيين" و مع ذلك تمكّنا إلى درجة معيّنة من إستيعاب الماركسية" ( مزعجة هي بالفعل هذه الجملة بما أنّها تبيّن تواضع ماو و صحّة تعامله مع رفاقه و لو أخطأوا فى حقّه هو و حقّ الحزب و لم يتحوّلوا إلى أعداء للحزب و للثورة ) و عُوّضت بجملة أخرى لم ترد أصلا هنا ، فى النصّ الأصلي وهي " و مع ذلك فعلى المؤتمر إنتخابهما للجنة المركزية".
كأيّ تحريفي يلجأ الخوجي إلى تشكيل النصوص الماوية تشكيلا " فنّيا" زيادة و نقصانا و تحويرا و هكذا و هكذا و هذا السلوك الإنتهازي الفجّ يذكّرنا بكاوتسكي الذى عرّى لينين ردّته فى " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاو تسكي"، دار التقدّم موسكو. بعد تحليل مستفيض للأسلوب الإنتقائي الإنتهازي التحريفي لكاوتسكي لم يسع لينين إلاّ أن يستخلص، و كأنّه يردّ مباشرة على الخوجيين ، " هذه هي الطريقة التافهة ، الحقيرة ، المخزية التى لجأ إليها السيد كاوتسكي " و الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين و معلّمهم أنور خوجا من قبلهم!


الإستشهاد (35) ، بالصفحة (33) :

الكيلاني الخوجي :" و يضيف [ماو] :" أقنعنا الرفاق فى المؤتمر السابع بإنتخاب وانغ مينغ و لي ليسان فى اللجنة المركزية فهل ألحق بنا ذلك ضررا طيلة ال11 سنة الماضية ؟ لا شيئ... و حتى إنتصارنا لم يتأخّر لبضعة أشهر من جرّاء إنتخاب وانغ مينغ".

ملاحظتان :

1- هنا نلفت النظر إلى أنّ الكيلاني الخوجي بعد " لا شيئ" و قبل " حتى" ، حذف جملة " و مع ذلك إنتصرنا فى الثورة" وهي جملة توضّح أنّ الخطّ العام للحزب عمليّا كان و لا يزال ثوريّا حينذاك و أنّ ذلك التنازل (نحيلكم من جديد على نقاش الإستشهادين 22و 23) لم يكن تنازلا مبدئيّا بل تنازلا ثانويّا جدّا لرفاق مخطئين على المستوى الإيديولوجي و ليسوا معادين للثورة و لم يمنع فى شيء الثورة الماوية من الإنتصار و سهّل تحويل العناصر من أصل برجوازي صغير فى الحزب تحويلا ثوريّا. مثل هذا الإجراء التكتيكي لماو تسى تونغ هو تطبيق لمقولة لينين " لا يجب أن تحول المنغصات الصغرى دون اللذّة الكبرى" . ثمّ ألم يكن تروتسكي و من وراءه - مثلا و ليس حصرا- قد إرتكب العديد من الأخطاء السياسية و الإيديولوجية و التنظيمية إلاّ أنّ لينين لم يطرده من الحزب و إنّما تعامل معه مثلما تعامل ماو مع الرفاق داخل الحزب ، بطريقة النقد و النقد الذاتي ،الوحدة و الصراع ،طالما لم يتحوّل إلى معاد للثورة أو إنشقاقي لأنّه كمادي جدلي يفهم أنّ وحدة الحزب ليست وهمية بل هي مسألة تتحقّق بالنضال المستمرّ و بالصراع الدؤوب و أنّ الصراع يتخذ أشكالا مختلفة حسب إختلاف نوع التناقض : تناقض بين رفاق او تناقض تناحري ووحدة الحزب ليست سوى طرف ثانوي لحياة الحزب الذى يلقى الموت دون صراع أي أنّ المبدأ الذى يقوده هو أنّ الصراع حتى داخل الحزب هو المطلق و أنّ الوحدة نسبيّة و أنّ الفهم الجدلي لحياة الحزب يستدعى رؤية جانبي القضيّة - مظهري التناقض- الصراع كما الوحدة حتى لا يسقط المرء فى أخطاء إنعزالية او ليبرالية.
و ستالين ألم يناضل لسنوات عدّة ضد تروتسكي و لم يطرده من الحزب ، بعد فضح خطّه تماما ، إلاّ حين بات بالفعل يمثّل تيّارا معاديا للبروليتاريا و لم يعد " تيّارا بروليتاريا" أي حين بات بالمكشوف لدى كوادر الحزب و قواعده و الجماهير العريضة معاد للثورة و إنشقاقي على إثر عمله على قلب السلطة ايسوفياتية عبر تنظيم المظاهرات و إقامة تكتّلات وسط الحزب و ما إلى ذلك. و غاية كلّ من لينين و ستالين لم تكن آنذاك سوى تربية الرفاق و القواعد التى إنجرّت وراء تروتسكي و غرّر بها أمّا مسألة تروتسكي كشخص فكانت ثانوية سيما و أنّ نصوصا كثيرة للينين و ستالين قد فضحت بعد توجهاته الإنتهازية المعادية للماركسية-اللينينية .

2- و عقب " يجب أن يتخلّى رفيقان لهما سلوك صحيح أو إرتكبا أخطاء طفيفة عن مقعديهما لوانغ مينغ و لي ليسان " (35 مكرّر) يستطرد ماو متسائلا فى مقطع لم يذكره الخوجي : " أليس هذا قمّة اللاعدل ؟ إذا ما نظرنا إلى المشكل من هذه الزاوية ، فإنه غير عادل بالمرّة ... غير أنّه إذا ما إنطلقنا من وجهة نظر أخرى سنصل إلى إستنتاج مغاير" ووجهة النظر هذه هي ان ّ ذلك " سيكون لصالح حزبنا و فى مصلحته ، مهمّة تحويل البرجوازية الصغيرة الكثيفة جدّا ستكون أسهل عبر البلاد بأسرها".

بداهة ليس هذا " تمثيل البرجوازية الصغيرة فى اللجنة المركزية " كما يدعى المتجنّى الخوجي على ماو. قائد الحزب الشيوعي الصيني يقتفى خطى لينين و ستالين و لم يزغ عن الخطّ البروليتاري الثوري قيد أنملة واضعا نصب عينيه التقدّم بالثورة فى ظلّ قيادة البروليتاريا. و إنتصرت الثورة و خطت خطى جبّارة مراكمة تجاربا بروليتارية جديدة و خائضة معاركا جديدة أسهمت فى تطوير نظرية الثورة البروليتارية العالمية و دفعت بها إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية-اللينينية-الماوية.

=====13 - فضح الكذب و التزوير بصدد " الحزب الماوي جامع لمختلف الطبقات "======

الإستشهاد (38) ، بالصفحة 35 :

هذه الفقرة جزء من ذات الإستشهاد 27 بالصفحة 29 الذى عالجناه أعلاه . يبقى أن نشير فى هذا السياق إلى تبدّل الكلمات من مقتطف إلى آخر تبدّل الحرباء وهو نقطة قارّة فى الأسلوب الخوجي فلنشاهد المقتطفين ونقارن.
فبالصفحة 27 ، نجد :" تبقى المذاهب المختلفة موجودة طالما انّ الطبقات تبقى موجودة و من الممكن ان تكون لمختلف تجمّعات الطبقة الواحدة مذاهبها الخاصة..." [ التسطير مضاف]
و بالصفحة 35 ، نجد :" طالما ظلّت الطبقات موجودة يكون هناك ما يقابلها من المذاهب الفكرية و حتى التجمّعات المختلفة للطبقة المختلفة الواحدة ن بإمكان كلّ واحدة منها أن يكون لها مذهبها الخاص".( التسطير مضاف).
ما رأيكم فى هذه المواهب الإنتهازية ؟

==========- 14- فضح الكذب و التزوير بصدد ماو و القيادة الجماعية ========

الإستشهاد (47) ، بالصفحة 39:

يعتبر الكيلاني الخوجي انّ " ماو لا يثق باللجنة المركزية و لا بالمكتب السياسي ، يقول ماو :" يجب ان أراقب كلّ الوثائق و البرقيات الموجّهة بإسم اللجنة المركزية للحزب قبل بعثها و إلاّ فإنّها تعتبر ملغاة"."[ خوجا،صفحة 426].
و مباشرة إلى الصفحة 96 من المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" -الطبعة الفرنسية- . عنوان النصّ يكفى : " نقد موجّه لليو تشاوتشى و يانغ تشانغ كوان لكسرهما الإنضباط : بعث وثائق صاغاها لوحدهما بإسم اللجنة المركزية" بتاريخ 19 ماي 1953 ( التسطير مضاف).

هل أنّ توجيه النقد لشخص لكسره الإنضباط و المطالبة بالإطلاع على الوثائق المرسلة بإسم اللجنة المركزية يعدّ عدم ثقة باللجنة المركزية و بالمكتب السياسي ( الإسم الثاني لم يذكره ماو قطّ فى النصّ!!) . يبدو أنّ الشخص ، ليوتشاوتشى ؛ و الشخصين المتعرّضين للنقد بالنسبة للخوجي و لمعلّمه من قبله فى الصفحة 426 من " ملاحظات حول الصين، الجزء الثاني" هما اللجنة المركزية و المكتب السياسي. هذا هو العجب العجاب ! شخص بعصى سحريّة يتحوّل إلى شخصين ثمّ إلى مكتب سياسي و لجنة مركزية !!!
زد إلى ذلك ماو هو رئيس المكتب السياسي و اللجنة المركزية و من حقّه و الحال هذه أن يطّلع على ما يرسل بإسم اللجنة المركزية وهو يطالب بأمر بسيط بل غاية فى البساطة أن لا يبعث شخص وثيقة على أنّها صادرة عن اللجنة المركزية و هذه الأخيرة و رئيسها حتى لا علم لهما بذلك. هذه من أبسط مبادئ المركزية الديمقراطية . فى فهم الخوجيين إطلاع رئيس اللجنة المركزية على ما يرسل بإسمها تسلّط و عدم ثقة و تجاوز للقيادة الجماعية فهنيئا لهم بهذا الفهم الطفولي حقّا!!

======15 - فضح الكذب و التزوير بصدد الحزب و دكتاتورية البروليتاريا عند ماو ======

الإستشهاد (49) ، بالصفحة 40 :

ينسب هذا القول لماو :" إنّنا نحافظ على الأحزاب الديمقراطية لنتمكّن من التعايش معها على أمد طويل".
بداية لا بدّ من الإشارة إلى أنّه لا وجود لهذا الإستشهاد بالصفحة 391-392 و لا حتّى بالصفحة 491-492 على حدّ كلام الكاتب فى المراجع، بل هو نفس كلام الإستشهاد 28 المقتطف فى الواقع من الصفحة 319 من المجلّد الخامس من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" - الطبعة الفرنسية-. و بعد هذه الإشارة و قد فكّكنا المسألة عند التعرّض للإستشهاد 28 ، لنقارن كيف ورد الإستشهاد ذاته فى صفحتين مختلفتين إذ بالصفحة 29 نعثر على هذه الصيغة " إنّه من المفيد أن توجد أحزاب عدّة حسبما يبدو لنا هكذا كان فى الماضي و من الضروري ( أو من الواجب) أن يكون ذلك فى المستقبل ، إنّه التعايش و المراقبة المشتركة على أمد طويل" .
بيّن تماما أنّ صيغة الإستشهاد 49 جديدة الجدّة كلّها فشكرا لك يا خوجي على هذا التجديد!!!

كذب و تزوير فى الفصل الرابع :" الماوية و نظرية الثورة "

===============================================

=====16- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية تفصل مرحلتي الثورة بسور صيني"====

الإستشهاد ( 51) ، بالصفحة 43:

تفضّل الخوجي بما يلى ذكره:" ماذا تعنى جملة كهذه " فى المستقبل ستتحوّل الثورة الديمقراطية حتما إلى ثورة إشتراكية" بالنسبة لسير الثورة الفعلي ، سوى تأجيل الثورة الإشتراكية إلى موعد غير محدّد ، إلى مئات أو عشرات آلاف السنين". [ أنور خوجا، صفحة 441]

بلا تأخير، نعود إلى ماو فى الصفحة 188 من المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الطبعة الفرنسية ، و الصفحة 223 ،الطبعة العربية. و المقال المتضمّن لهذه الجملة هو " حول تكتيك مناهضة الإمبريالية اليابانية" و قد كتبه ماو فى 27 ديسمبر 1935 ما يعنى بوضوح ما بعده وضوح أنّه مكتوب قبل إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين بأربعة عشرة سنة و الرجل ( و يا له من مادي تاريخي!) يريد من القائد البروليتاري العالمي أن يتكلّم عن الثورة الإشتراكية فى الصين بصيغة الماضي أي ألاّ يراها كمهمّة مستقبلية . أيعقل إتّهام ماو بأنّه يؤجّل الثورة الإشتراكية عشرات آلاف السنين و الحال أنّه لم يشر إليها إلاّ بصيغة المستقبل و الأدهى هو أنّ المرحلة الأولى من الثورة آنذاك لم تنجز بعدُ ؟ ربّما أراد الخوجي من ماو أن يدعو فى 1935 إلى ثورة إشتراكية و بعبارة أخرى أن يضع المرحلة الثانية للثورة قبل الأولى. و هذا أكثر بقليل ، بقليل جدّا من التروتسكية التى تتجلّى فى قراءة حزب العمّال الخوجي لطبيعة المجتمع و لطبيعة الثورة فى القطر و بتعبير للمعرّي معناه ليست لنا عقول!

و ما قول التاريخ فى ما حدث بالصين الحديثة؟ الواقع المعلوم لدى كلّ من له عيون ليرى و لا يغرس رأسه فى الرمل كالنعامة ، يصرخ : بعد إنتهاء المرحلة الأولى من الثورة الصينية ، فى أواسط الخمسينات ، جرى المضيّ قدما فى الثورة الإشتراكية التى أرسيت بعض قواعدها خلال المرحلة الأولى السابقة لها و الممهّدة لها ، المرحلة الديمقراطية الجديدة ( راجعوا نقاش الإستشهاد 60 ،لاحقا) .

الإستشهاد 58 ، بالصفحة 45 :

" يمكننا إّذن أن نؤكّد أنّ السياسة الجديدة للأمّة الصينية هي سياسة الديمقراطية الجديدة و إقتصادها الجديد هو إقتصاد الديمقراطية الجديدة و ثقافتها هي ثقافة الديمقراطية الجديدة".

ما هي مشكلة الخوجي مع جملة ماو هذه ؟ مشكلته هي أنّها بالنسبة له، تؤكّد أن " هذا النظام لا هو برجوازي و لا هو للطبقات الكادحة بقيادة البروليتاريا إبتدعه ماو كي تتقاسم فيه البروليتاريا السلطة مع البرجوازية و حدّد له إطاره ، ليس فى الواقع إلاّ شكلا من أشكال دكتاتورية البرجوازية لا أكثر و لا أقلّ"( التسطير مضاف) .

الديمقراطية الجديدة هي شكل دولة إقترحه ماو تسى تونغ للصين ثمّ وقع تطبيقه بعد ذلك تماشيا مع خصوصيّات البلاد التى أصبحت ، بعد تحرّرها التام و قبل منتصف الخمسينات، بلاد الديمقراطية الجديدة المختلفة إختلافا جوهريّا و كيفيّا عن النوع القديم من الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية و تتباين مع النوع الجديد من الديمقراطية البروليتارية/ دكتاتورية البروليتاريا. و دولة الديمقراطية الجديدة - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية أقيمت إثر نموذج جديد من الثورات ، تحديدا ثورة ديمقراطية جديدة / وطنية ديمقراطية بقيادة البروليتاريا ( و ليست إشتراكية كثورة أكتوبر) شهدتها الصين كأوّل مرّة فى تاريخ العالم ففى الصين المستعمرة و شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية ،وجدت برجوازية تختلف عن البرجوازية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، تختلف عنها فى انّ لها طابع وطني و ليست إمبريالية ، وهي تحارب ،فى فترات، الإمبريالية و عملاءها نظرا لأنّها مضطهَدَة شأنها فى ذلك شأن البرجوازية الصغيرة و الفلاحين و العمّال من طرف دولة الإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية و الإقطاع . فى مثل هذه الظروف المتميّزة ، كتب ماو مقاله " حول الديمقراطية الجديدة " فى جانفي 1940 ( المجلّد الثاني) و منه أخذ الكيلاني الخوجي الجملة أعلاه و لو أنّه ، مغالطة، وضع فى المراجع أنّها مقتطفة من المجلّد الرابع ، صفحة 366.
لننصت لماو فى إحدى فقراته بالمجلّد الثاني من مؤلفاته المختارة ولندرك جيّدا ما ينطق به هو فعلا و ما ينسب إليه زورا:" و على الرغم من أنّ مثل هذه الثورة فى البلد المستعمر و شبه المستعمر لا تبرح خلال مرحلتها الأولى أو خطوتها الأولى ثورة ديمقراطية برجوازية بصورة أساسية من حيث طبيعتها الإجتماعية ،و على الرغم من أنّ رسالتها الموضوعية هي تمهيد الطريق لتطوّر رأسمالي ، إلاّ أنّها ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازية و تهدف إلى إقامة مجتمع رأسمالي ، و دولة خاضعة للدكتاتورية البرجوازية ، بل هي ثورة جديدة تقودها البروليتاريا و تهدف ، فى مرحلتها الأولى ، إلى إقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة و دولة خاضعة للدكتاتورية المشتركة التى تمارسها جميع الطبقات الثورية. و هكذا فإنّ هذه الثورة من ناحية أخرى تقوم ، على وجه التحديد ، بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطوّر الإشتراكية" ( التسطير مضاف ، المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ، صفحة 480 ، الطبعة العربية) .

إذا المسألة ليست مسالة بدعة و إبتداع و محاكمة لماو على الطريقة الدينية السلفية و إنّما هي مسألة تطبيق الماركسية على الظروف الخاصّة بالصين كمستعمرة و شبه مستعمرة شبه إقطاعية ( و ليست روسيا الرأسمالية الإمبريالية) و الثورة الديمقراطية الجديدة لا تقودها البرجوازية و إنّما تقودها البروليتاريا و تقوم بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل نتطوّر الإشتراكية :" و من المؤكّد أنّ البروليتاريا و الفلاحين و المثقّفين و الفئات الأخرى من البرجوازية الصغيرة فى الصين هي القوى الأساسية التى تقرّر مصير الصين". (المصدر السابق ، صفحة 487) و " البرجوازية الوطنية الصينية تتحلّى بصفة ثورية خلال فترات معيّنة و إلى حدود معيّنة ، نظرا لكون الصين بلد مستعمر و شبه مستعمر. وواجب البروليتاريا هنا هو ألاّ تهمل هذه الصفة الثورية للبرجوازية الوطنية و أن تقيم معها جبهة متحدة ضد الإمبريالية و حكومات البيروقراطيين و أمراء الحرب" ( صفحة 486) .

و يشدّد ماو على أنّ " جمهورية الديمقراطية الجديدة هذه تختلف من جهة عن الجمهورية الرأسمالية من النمط الأوروبي الأمريكي القديم و الخاضعة لدكتاتورية البرجوازية ، إذ أنّ الأخيرة هي جمهورية الديمقراطية القديمة التى فات أوانها ؛ و من جهة أخرى فإنّها تختلف أيضا عن الجمهورية الإشتراكية من النمط السوفياتي و الخاضعة لدكتاتورية البروليتاريا " و هذه الأخيرة " خلال فترة تاريخية معيّنة ، لا تصلح للثورات فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ،و لذا فلا بدّ أن يتبنّى خلال تلك الفترة التاريخية المعيّنة شكلا ثالثا للدولة فى ثورات جميع البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ، ألا وهو جمهورية الديمقراطية الجديدة . و بما أنّ هذا الشكل مناسب خلال الفترة التاريخية المعيّنة ، فهو شكل إنتقالي و لكنّه شكل ضروري لا بديل له"( صفحة 488 ، التسطير مضاف).
و بالفعل عندئذ دولة الديمقراطية الجديدة - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية لا تقاسم فيها للسلطة على الطريقة الخوجية بل قيادة البروليتاريا لطبقات مناهضة للإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية الكمبرادورية/البيروقراطية ، قيادة تمهّد طريقا أوسع و أرحب لتطوّر الإشتراكية فهي بالتأكيد ليست شكلا من أشكال دكتاتورية البرجوازية كما يدعى الخوجيون و إنّما شكلا ثالثا من الدول فى ثورات البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة بقيادة البروليتاريا ، شكلا إنتقاليّا و لكنّه ضروري لا بديل عنه. و ما هذا ببدعة و لا إبتداع من منظور ديني بل تطوير خلاّق للماركسية المطبّقة جدليّا وفق الظروف الخاصّة بالصين و البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة.

و ستالين صاغ ذلك نظريّا و إن بصورة عامة فى " آفاق الثورة فى الصين" المذكور آنفا :" السلطة الثورية المستقبلية فى الصين لا يمكن أن تكون سوى سلطة معادية للإمبريالية" و " ستكون سلطة إنتقالية نحو تطوّر غير رأسمالي و بأكثر دقّة ، نحو تطوّر إشتراكي للصين". ( التسطير من وضعنا) . كان ذلك سنة 1926 و ما قله ماو أتى سنة 1940 لا يتعارضان جوهريّا إلاّ انّ ماو عمّق بفضل تطوّر الممارسة العملية و الثورية تلك المقولات العامة لستالين :
1- سلطة معادية للإمبريالية : سلطة الطبقات الثورية المعادية طبعا للإمبريالية و حلفائها المحلّيين وضمن الطبقات الثورية ، لفترات معيّنة ،توجد البرجوازية الوطنية ( و ستالين عينه دعا إلى التحالف معها) ؛ 2 - " سلطة إنتقالية" " نحو تطوّر إشتراكي" : " شكل إنتقالي " يقوم فى" المرحلة الأولى " على وجه التحديد ب " تمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطوّر الإشتراكية" و " تقوده البروليتاريا".

و إلى لينين و الأفكار التى بسطها فى " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق" فى 23 نوفمبر 1919 ( " ضد الجمود العقائدي و الإنعزالية فى الحركة العمّالية" ، دار التقدّم ، موسكو).
مقارنا بين ثورة أكتوبر و الثورات فى الشرق مستقبلا ، قال لينين :" إذا كان قد تيسّر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، و القيام بمهمّة فى منتهى العسر و لكنّها فى منتهى النبل هي مهمّة إحداث طرق جديدة فى الثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمّة أعظم و أكثر جدّة" ( صفحة 148 ، التسطير مضاف).

ها أنّ لينين من دعاة " البدعة و الإبتداع" أي التجديد و مواجهة المهام الجديدة وهو المنظّر المعلّم البروليتاري يصف مهمّة شعوب الشرق و ثوراتها القادمة بأنّها ، نسبة إلى ثورة أكتوبر ، " أعظم و أكثر جدّة " و بالنتييجة الهجوم على ماو هو هجوم على لينين و ستالين.
و شارحا ذلك و مشدّدا عليه ، كتب لينين بعد صفحتين :" تواجهكم مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل: ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدان النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامّة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمّة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى".

ماوتسى تونغ يتبع تعاليم لينين و يتصدّى للمهمّة الجديدة التى لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل ، دارسا الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية و معمّقا المبادئ الشيوعية العامّة لينتهي إلى شكل ثالث من الدول هو الجمهورية الديمقراطية الجديدة و الخوجيون جميعا مثلهم مثل كافة التحريفيين يعتبرون ذلك التطوير الخلاّق " بدعة" ماوية بما أنّه لا يوجد فى الكتب الشيوعية السابقة و الحال أنّ لينين كان واضحا تماما بهذا الصدد إذ صرّح " هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى كتاب من كتب الشيوعية ،و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا. لا بدّ لكم من وضع هذه القضية و من حلّها بخبرتكم الخاصّة،و سيساعدكم فى ذلك من جهة التحالف الوثيق مع طليعة جميع الكادحين فى البلدان الأخرى، و من الجهة الأخرى، معرفة التقرّب من شعوب الشرق التى تمثّلونها هنا. لا بدّ لكم أن تستندوا إلى القومية البرجوازية التى تستيقظ و التى لها مبرّر تاريخي " ( التسطير مضاف).

و التحالف مع البرجوازية الوطنية ، فى فترات معيّنة و فى ظروف محدّدة لم يقترحه ستالين فحسب ( مثلما مرّ بنا) و إنّما أعرب عن ضرورته لينين ذاته و الأممية الثالثة ( راجعوا " مقرّرات الأممية الثالثة" ) فدعا إلى الإستناد إلى القومية البرجوازية التى لها مبرّرها التاريخي. مجدّدا ترون معنا أنّ الخوجيين حين يهاجمون ماو يهاجمون لينين و ستالين ثمّ يروّجون أنّهم ماركسيون- لينينيون و لكن كرّة وراء الأخرى نسقط عنهم قناعهم و نعرّي دغمائيتهم و تحريفيتهم لينال كلّ ذى حقّ حقّه.

هذا هو القول الفصل للتاريخ و المادية التاريخية و المعلمين البروليتاريين و هذه هي المهمّة الجديدة التى تصدّى لها ماو فطوّر الماركسية- اللينينية والخوجيون لا يعترفون بذلك همّهم الوحيد القدح فى ماو تسى تونغ و الماركسية-اللينينية إعتمادا على قوالب جامدة و نبذ الجديد و الخوف منه و خشيته خشية الخفافيش لشمس النهار.

الإستشهاد (59) ، بالصفحة 46 :

"إنّ الصناعة الرأسمالية الصينية الخاصة الى تحتلّ المرتبة الثانية فى صناعتها المتقدّمة تمثّل قوّة لا يجب تجاهلها ، لقد شاركت البرجوازية الوطنية الصينية وممثلوها فى نضالات الثورة الديمقراطية الشعبية أو بقيت محايدة بحكم الإضطهاد الذى يسلّطه عليها الإمبريالية و الإقطاع و الرأسمال البيروقراطي، والحدود المفروضة على مختلف أنشطتها. ولهذه الأسباب و بحكم أنّ الإقتصاد الصيني ما زال متخلّفا، يصبح من الضروري و على إمتداد مرحلة طويلة نسبيّا ، بعد إنتصار الثورة، إستعمال العوامل الإيجابية للرأسمال الخاص فى المدن و الأرياف لفائدة تنمية الإقتصاد الوطني. و فى هذه المرحلة ،علينا أن نسمح لكلّ العناصر الرأسمالية فى المدينة و الريف النافعة - و ليست الضارّة- للإقتصاد الوطني من الوجود و من النموّ. و هذا أمر لا يمكن تفاديه ، بل هو ضروري إقتصاديّا... إنّه من الضروري و المفيد بالنسبة لنا أن نستعمل شعار سون ياتسان " مراقبة رأس المال" . غير أنّه علينا و لصالح الإقتصاد الرأسمالي الخاص بصفة مجحفة أو بصرامة كبيرة ، بل يجب أن نترك المجال حتى يتمكّن من البقاء و من التطوّر فى إطار السياسة الإقتصادية و التخطيط الإقتصادي للجمهورية الشعبية".

و التهمة التى يوجّهها الخوجي لماو هي أنّ القائد البروليتاري العالمي وريث لينين و ستالين و مطوّر نظرياتهما على حدّ ما رأينا بدقّة " يقتفى أثر زعماء الأممية الثانية" معتقدا أنّ " الثورة الديمقراطية البرجوازية [ هي حسب ماو ما عادت من النمط القديم كذلك فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، بل ديمقراطية جديدة تقودها البروليتاريا و تمهّد الطريق لتطوّر الإشتراكية بصورة أوسع و أرحب] مفصولة عن الإشتراكية بمرحلة طويلة تتطوّر فيها الرأسمالية لتوفّر الظروف الملائمة للإنتقال إلى الإشتراكية".

وبسرعة، نمدّكم بما جاء على لسان ماو :" إنّ الصناعة الرأسمالية الخاصّة فى الصين ، التى تحتلّ المرتبة الثانية فى صناعتنا الحديثة ، هي قوّة لا يجوز تجاهلها. فالبرجوازية الوطنية الصينية و ممثلوها غالبا ما يشتركون فى نضالات الثورة الديمقراطية الشعبية أو يقفون موقف الحياد ،و ذلك يرجع إلى معاناتهم من الظلم او القيود المفروضة من قبل الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية. لهذا السبب ، و لأنّ الإقتصاد الصيني ما زال متخلّفا ، فإنّه سيكون من الضروري ، خلال فترة طويلة نسبيّا بعد إنتصار الثورة ، أن نستفيد بقدر الإمكان من الإيجابية لدى الرأسمالية الخاصة فى المدن و الأرياف ، و ذلك لمصلحة تطوير الإقتصاد الوطني. و فى هذه الفترة يجب السماح لجميع العناصر الرأسمالية فى المدن و الأرياف و التى ليست ضارة بل نافعة للإقتصاد الوطني ، أن تبقى و تتطوّر. و هذا ليس أمرا حتميّا فحسب ، بل هو ضروري إقتصاديّا . و لكن لا يمكن أن نترك الرأسمالية تبقى و تتطوّر فى الصين كما هي الحال فى البلدان الرأسمالية حيث تطغى بدون قيود. فإنّ الرأسمالية فى الصين سوف تقيّد من عدّة نواح- من نواحى نطاق نشاطها و السياسة الضريبية و أسعار السوق و ظروف العمل. و سوف نتبع سياسة ملائمة و مرنة لتقييد الرأسمالية من مختلف النواحي وفقا للظروف المحدّدة فى كلّ مكان و كلّ فرع و كلّ فترة. و ما زال من الضروري و المفيد لنا أن نطبّق شعار صون يات صن الداعي على تحديد الرأسمال. و لكن ، من أجل مصلحة الإقتصاد الوطني كله و المصلحة الراهنة و المقبلة للطبقة العاملة و سائر أبناء الشعب الكادح ، لا يجوز أبدا أن نقيّد الإقتصاد الرأسمالي الخاص بصورة متجاوزة الحد و جامدة ، بل ينبغى أن نترك له مجالا ليبقى و يتطوّر ضمن إطار السياسة الإقتصادية و التخطيط الإقتصادي فى الجمهورية الشعبية. إنّ سياسة تقييد الرأسمالية الخاصّة سوف تصطدم حتما بمقاومة البرجوازية على درجات متفاوتة و فى أشكال مختلفة و لا سيما بمقاومة كبار أصحاب المؤسسات الخاصّة أي كبار الرأسماليين. إنّ التقييد و مقاومة التقييد سيكونان الشكل الرئيسي للصراع الطبقي فى داخل دولة الديمقراطية الجديدة. و إذا راى المرء أنّنا لا نحتاج فى الوقت الحاضر إلى تقييد الرأسمالية و أنّه يمكننا ان ننبذ شعار " تحديد الرأسمال" ، فإنّ هذا الرأي خاطئ كلّ الخطإ، وهو رأي إنتهازي يميني. و لكن إذا رأي المرء ،عكس ذلك، أنّه يجب أن نقيّد الرأسمال الخاص بصورة متجاوزة الحدّ و جامدة، أو إعتقد أنّنا نستطيع حتى إزالة الرأسمال الخاص بسرعة فائقة ، فهذا أيضا خاطئ تماما ،وهو رأي إنتهازي " يساري" أو نظرة مغامرة". ( المجلّد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" صفحة 466-467 ، مارس 1949، الطبعة العربية، التسطير مضاف).

لنشرح لماذا شدّدنا على " تحتلّ المرتبة الثانية" فى الحديث عن الصناعة الرأسمالية الخاّصة فى الصين. من المفيد للغاية وضع النقاط على الأحرف هنا لكشف خلط الأوراق الذي يعمد إليه الخوجيون و من لفّ لفّهم فالصين بلد مستعمر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و ليس روسيا الرأسمالية الإمبريالية و بالتالى لا يمكن الحديث عن الرأسمالية الخاصّة بصورة عامّة دون تعيين عن أي رأسمالية خاصّة يجرى الحديث: فى الصين هي رأسمالية خاصّة تقف وراءها البرجوازية الوطنية ( و ليس الإمبريالية) و مثلما يقول ماو تسى تونغ " البرجوازية الوطنية الصينية برجوازية فى بلد مستعمر و شبه مستعمر وهي فى غاية الضعف إقتصاديّا و سياسيّا"( المجلّد الثاني ، صفحة 486). فما حجم الصناعة ككلّ فى الصين آنذاك ، سنة 1949، قبل إنتصار الثورة فى البلاد كافة ؟
" إنّ صناعة الصين الحديثة ممركزة للغاية ، رغم أن قيمة إنتاجها لا تشكّل إلاّ حوالي 10% من مجمل قيمة إنتاج الإقتصاد الوطني ، إذ أنّ القسط الأكبر و الأهمّ من الرأسمال ممركز فى أيدى الإمبرياليين و كلابهم البرجوازيين البيروقراطيين الصينيين. إنّ مصادرة هذا القسط و تحويله إلى ملكية الجمهورية الشعبية التى تقودها البروليتاريا سوف يمكنان هذه الجمهورية من السيطرة على عصب الإقتصاد فى البلاد و يجعل من إقتصاد الدولة القطاع القيادي فى الإقتصاد الوطني كلّه. إنّ هذا القطاع من الإقتصاد ذو طابع إشتراكي لا رأسمالي. و من يهمل هذه النقطة او يقلّل من شأنها ، فإنّه سيرتكب خطأ الإنتهازية اليمينية"( المجلّد الرابع ، صفحة 465-466).

إذا كانت الصناعة عموما تساهم ب 10% فى الإقتصاد الصيني و الرأسمالية الخاصة لها مرتبة ثانية فقوّتها بالتأكيد ضعيفة نسبة إلى الرأسمال و الصناعة الذين سيتمّ مصادرتهما و سيصيران تحت سيطرة البروليتاريا و دولتها و عصب الإقتصاد الإشتراكي لا الرأسمالي. هذا هو إطار إقتصاد الجمهورية الديمقراطية الشعبية - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية وهو ما يتغاضى الخوجيون عنه و عندئذ لا مجال ، و نحن نعلم حقّ العلم هذه المعطيات، لأن ينفذ أي شكّ إلى أنّ إتهام الخوجيين لماو بأنّه يدافع عن " مرحلة طويلة تتطوّر فيها الرأسمالية لتوفّر الظروف الملائمة للإنتقال إلى الإشتراكية" إتّهام باطل و باطل فالقطاع الذى سيمهّد للإنتقال إلى الإشتراكية هو " القطاع من الإقتصاد ذو طابع إشتراكي لا رأسمالي" وهو " عصب الإقتصاد فى البلاد و يجعل من إقتصاد الدولة القطاع القيادي فى الإقتصاد الوطني كلّه" وهو " ملكية الجمهورية الشعبية التى تقودها البروليتاريا" و القطاع الرأسمالي الخاص سيكون مقيّدا، محاصرا يعمل فى إطار محدّد تحديدا.

إلى جانب هذا ، نتوقّف عند " بقدر الإمكان" فنسجّل عدم ذكر الخوجي لتلك العبارات و مردّ هذا التشويه هو أنّ العبارات لا تخدم ما سطّر له الخوجي و ما يرنو إليه، إنّها تكذّب هي الأخرى إطلاقية الحكم على سياسة التعامل مع الرأسمالية الخاصّة فى إطار جمهورية ديمقراطية جديدة تقودها البروليتاريا فالمسألة مشروطة متعلّقة بالصراع الطبقي و قدرة البروليتاريا و حلفائها على كسبه و مثلما يبيّن ذلك المقتطف و بخاصة الكلام الذى حذفه الخوجي :" إنّ سياسة تقييد الرأسمالية الخاصة سوف تصطدم حتما بمقاومة البرجوازية على درجات متفاوتة و فى أشكال مختلفة و لا سيما بمقاومة كبار أصحاب المؤسسات الخاصة إي كبار الرأسماليين. إنّ التقييد و مقاومة التقييد سيكونان الشكل الرئيسي للصراع الطبقي فى داخل دولة الديمقراطية الجديدة".

و نتوقّف عند " السماح" للعناصر الرأسمالية جميعها أن تبقى و تتطوّر شرط ألاّ تكون ضارة بالإقتصاد الوطني فنسجّل تعويضها لدى الخوجي ب "نقبل" فى جملة ينسبها لماو " على طول المرحلة ( أي الثورة الديمقراطية الوطنية) ، علينا أن نقبل كلّ العناصر الرأسمالية للمدينة و الريف" ( صفحة 45 من " الماوية معادية للشيوعية"). إيراد جملة بصيغة مطلقة دون التلميح حتى إلى الشرط و تعويض يسمح ب " نقبل" أرادهما الخوجي صيغة لأطروحة تعرض على أنّها شعارا لماو تسى تونغ و الحال أنّ ماو يقصد بالضبط الرأسمال البرجوازي الوطني و المعرّض إلى التقييد و المشروط بعدم الضرر بالإقتصاد الوطني كقطاع فى مرتبة ثانية فالسماح بالبقاء و التطوّر المشروطين لا يعنى رفع اليد عنه و إطلاق العنان له و التعويل عليه لبناء الإشتراكية.

و تجدر الملاحظة هنا أنّ ماو ما إستعمل بتاتا هذا المفهوم ،" ديمقراطية وطنية" فهو مفهوم تحريفي يعتمده حزب العمّال الخوجي يسقطه الكيلاني إسقاطا على ماو والذى يضع مرحلة جديدة قبل الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فهو حزب العمّال الخوجي الذى يروّج لمرحلة الحرّيات السياسية كتكتيك تحوّل إلى إستراتيجيا و الذى يعتبر الآن الإنتفاضة الشعبية فى تونس ثورة شأنه شأن الخوجيين المتستّرين،"الوطد"، و كذلك حركة الوطنيين الديمقراطيين!!!

و لينين فى المقتبس الذى نظرنا فيه قبلا ، بصريح العبارة إعتبر أنّه فى المرحلة الأولى من الثورة فى أشباه المستعمرات " تطرح مهمّة النضال لا ضد رأس المال بل ضد بقايا القرون الوسطى" .

و أحلّ الكيلاني الخوجي ثلاث نقاط محلّ جمل تعيّن كيفية تقييد هذا القطاع الرأسمالي الخاص. كدغمائي لا يهمّه مطلقا الواقع الملموس و الإجراءات الخاصّة بتقييد الرأسمالية فى الصين ( تقييد النشاط و السياسة الضريبية و أسعار البيع و ظروف العمل ) ، أمّا نحن فيعنينا الأمر إلى أبعد الحدود كيما نصل إلى الحقيقة التى لا تشوبها شائبة لأنّنا كماديين جدليين ندرك أن الحقيقة ثورية مصدرها الواقع الموضوعي لا التلاعب الخوجي بالوقائع.

و فى خاتمة فقرة ماو ثمّة بالضبط نقد للخطإ الذى يدافع عنه الخوجيون " إذا رأي المرء عكس ذلك، أنّه يجب أن نقيّد الرأسمال الخاص بصورة متجاوزة الحدّ و جامدة أو إعتقد أنّنا نستطيع حتى إزالة الرأسمال الخاص بسرعة فائقة، فهذا أيضا رأي خاطئ تماما، وهو رأي إنتهازي " يساري" أو نظرة مغامرة".

نأكّد هنا بناء على ما سبق أنّ الخوجيين فى سعيهم المحموم للنيل من الماوية عمدوا و يعمدون إلى الدفاع عن أخطاء معروفة تاريخيّا لدي الحركة الشيوعية العالمية أو لدي الحركة الشيوعية الصينية. دافعوا عن بعض أخطاء ستالين الماركسي العظيم و دافعوا عن أخطاء تروتسكي و عن أخطاء وانغ مينغ و عن أخطاء لي ليسان و ليوتشاوتشى ... و إستندوا فى ذلك حتى على كتابات ووثائق و آراء التحريفيين السوفيات و التحريفيين الصينيين.
و ماذا أثبت تاريخ الصراع الطبقي فى الصين؟ يودّ الخوجيون إفهامنا أنّ الصين لم تمرّ أبدا إلى المرحلة الإشتراكية بينما فى الواقع فسحت المرحلة الديمقراطية الجديدة المجال للمرحلة الإشتراكية منذ أواسط الخمسينات و لن نكرّر هنا ما سنتطرّق إليه بالإعتماد على معطيات ثابتة بصدد الإستشهاد 69 بالصفحة 52 من " الماوية معادية للشيوعية" نستقيها من كتاب شارل بتلهايم و جاك شريار و هيلين مرشيسيو :" بناء الإشتراكية فى الصين"- مسبيرو ،باريس 1968.
و هكذا تطفو حقيقة التزوير الخوجي كالزيت مهما يصبّ عليها من ماء الدغمائية و التحريفية.

الإستشهاد 60 ، بالصفحة 47:

" يقول ماو :" أن تسعى إلى بناء الإشتراكية على أنقاض النظام النظام الإستعماري و نصف الإستعماري و نصف الإقطاعي بدون دولة موحّدة للديمقراطية الجديدة بدون تطوير الإقتصاد الرأسمالي الخاص يكون مجرّد طوباوية".
بينما جاء فى الصفحة 442-443 من " الإمبريالية و الثورة" :" السعي لبناء الإشتراكية على أنقاض النظام الإستعماري و نصف الإستعماري و نصف الإقطاعي بدون دولة موحّدة للديمقراطية الجديدة... بدون تطوير الإقتصاد الرأسمالي الخاص ... يكون مجرّد طوباوية". [ أنور خوجا ، صفحة 442-443].

لاحظتم و لا شكّ إستعمال خوجا للثلاث نقاط المسترسلة مرّتين و المقصود هو أنّ جزءا من الكلام قد مُحي و الكيلاني الخوجي يعمّق إنتقائية و إنتهازية معلّمه و لمزيد المغالطة ، يشطبها تماما (النقاط المسترسلة). إلاّ أنّه رغم إختلافهما الشكلي هذا ، فإنّهما ، الإثنين ، قد حرّفا أقوال ماو و هذا ما يوحّدهما كمعلّم و تلميذ إنتهازيين.

و الآن لنلمّ بأدقّ تفاصيل ما نطق به ماو فعلا و لنعرف حقّ المعرفة ما تفوّه به حتى نتمكّن من فصل الحنطة عن الزؤان.
" من القواعد الماركسية أنّه لا يمكن بلوغ الإشتراكية إلاّ بعد إجتياز مرحلة الديمقراطية و فى الصين لا يزال النضال من أجل تحقيق الديمقراطية يتطلّب مدّة طويلة . و بدون دولة متحدة و موحّدة للديمقراطية الجديدة،و بدون تطور الإقتصاد الحكومي للديمقراطية الجديدة ،و بدون تطوّر الإقتصاد الرأسمالي الخاص و الإقتصاد التعاوني ، و بدون تطور الثقافة الوطنية و العلمية و الجماهيرية أي ثقافة الديمقراطية الجديدة ، و بدون تحرّر و تطوّر المبادرة الفردية لمئات الملايين من أبناء الشعب ، و بإختصار، بدون ثورة ديمقراطية شاملة ، جديدة الطراز ،متسمة بطابع البرجوازية ، يقودها الحزب الشيوعي ، فإنّه وهم خالص ان نحاول بناء مجتمع إشتراكي على أنقاض المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي". ( " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الثالث ، صفحة 317، الطبعة العربية ؛ الطبعة الفرنسية صفحة 540 من المجلّد الثالث).

نقف مرّة أخرى على بتر فظيع للنصّ الأصلي حيث جرى القفز على أهمّ ما فى الفقرة ألا وهو تفسير الديمقراطية الجديدة و بالخصوص فى جانبها المناهض للإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية/الكمبرادورية و المقيّد للرأسمال الخاص الوطني و الممهّد للبناء الإشتراكي من خلال " تطور الإقتصاد الحكومي" أي القطاع الإشتراكي فى ظلّ قيادة البروليتاريا مثلما مرّ بنا و " تطور الإقتصاد التعاوني" و " تطوّر الثقافة الوطنية و العلمية و الجماهيرية"أي ثقافة الديمقراطية الجديدة " "التى يقودها الحزب الشيوعي ". ببساطة يقفز الخوجيون على عناصر البنية التحتية و البنية الفوقية للديمقراطية الجديدة التى ستسمح للصين واقعيّا و فعليّا و بالملموس منذ أواسط الخمسينات أن تتحوّل إلى المرحلة الثانية من الثورة و تمسي بلدا إشتراكيّا ، غايتهم من ذلك نكران البناء الإشتراكي فى الصين و جعل الناس يفهمون - خطأ- أن " الماوية تفصل مرحلتي الثورة بجدار صيني. و الحال أنّهم يطمسون عمدا و عامدين الفرق و التكامل بين المرحلة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية مثلما نظّر لها ماو تسى تونغ و مارسها عمليّا محقّقا نجاحا غير مسبوق و مطوّرا الماركسية-اللينينية فى هذا المضمار كما فى سواه.

==17- فضح الكذب و التزوير بصدد " " الإصلاح الزراعي على النمط الماوي" ==

الإستشهاد (63) ، بالصفحة 48:

فى سياق الفقرة التالية ، ثمة كلام منسوب لماو تسى تونغ :" لقد ضبط ماو للثورة الصينية إطار " الديمقراطية الجديدة". و لم يعمل على تجاوزه. بل طمأن كلّ " الذين ساهموا فى الحرب الثورية و يساندون الإصلاح الزراعي و يفعلون بالمثل فى البناء الإقتصادي و الثقافي فى السنوات المقبلة" و " أن الشعب لن ينساهم عند تأميم الصناعة و مشركة الفلاحة ( فى المستقبل- ما زال بعيدا [ كلام الكيلاني طبعا!] ) و لهم أمامهم آفاق وضّاءة. و مرجع الخوجي فى ذلك هو المجلّد الخامس ، الصفحة 215، علما و أنّ المجلّد الخامس يتضمّن مختارات من كتبات ماو تسى تونغ بين سبتمبر 1949 و مارس 1957.

و ليكن فى علم الجميع أنّ الجمل المقتبسة إيّاها لا أثر لها بالمجلّد الخامس . من أين هي إذن ؟ و الجواب من المجلّد الرابع ، أي نعم من المجلّد الرابع و البون شاسع، ذلك أنّ النص الذى إحتوى تلك الجمل مكتوب فى غرّة مارس 1948 و الثورة الديمقراطية الجديدة/ الوطنية الديمقراطية لم تحقّق الظفر بعدُ و دولة الديمقراطية الجديدة لم ترس حينها عبر البلاد كافة و الحرب الأهلية لم تضع أوزارها بل ما زالت على أشدّها ضد أعداء الثورة المسنودين من قبل الإمبريالية و الخوجيّون يهذون بعدم تجاوز " إطار الديمقراطية الجديدة"!!! هل يريدون من ماو و الثورة لم تحقّق الإنتصار الشامل و لم تنجز مهامها بالكامل أن تتجاوز " إطار الديمقراطية الجديدة" الذى لم يرس بعدُ؟ ( مفردة " الإطار " من عنديّات الخوجي قصد بها حصر الثورة الصينية فى " إطار" من صنعه و كأنّها لم تمرّ البتّة إلى المرحلة الثانية الإشتراكية) . إنّهم يطالبون ماو بأن يقوم بالثورة الإشتراكية قبل إنهاء الثورة الديمقراطية الجديدة ، بأن ينجز المرحلة الثانية من الثورة قبل إنهاء المرحلة الأولى . أليس هذا فى منتهى الروعة التروتسكية و التحريفية المعادية للنينينية؟!!!

لننتقل بعد هذا إلى نقد الجمل المقدّمة على أنّها جملا لماو عائدين معكم قبل كلّ شيء على النصّ الأصلي :" ينبغى لنا ألاّ نتخلّى عن الوجهاء المستنيرين الذين تعاونوا معنا فى الماضي و لا يزالون يتعاونون معنا فى الوقت الحاضر، الذين يؤيدون نضالنا ضد الولايات المتحدة و تشانغ كاي شيك و يؤيدون كذلك الإصلاح الزراعي . فلنأخذ مثلا شخصيّات مثل ليو شاو باي من منطقة حدود شانشى- سوييوان ولي دينغ من منطقة حدود شنسى- قانسو- نينغشيا، لقد قدّموا لنا مساعدة جيّدة فى الظروف الصعبة خلال و بعد حرب المقاومة ضد اليابان و لم يعرقلوا أو يعارضوا الإصلاح الزراعي حينما قمنا به ، و لذلك يجب علينا أن نواصل سياسة الإتحاد إزاءهم. و لكن الإتحاد معهم لا يعنى إعتبارهم قوّة تحدّد طابع الثورة الصينية. إنّ ما يحدّد طابع ثورة هو أعداؤها الرئيسيون من جهة و القوى الثورية الرئيسية من جهة أخرى. و أعداؤنا الرئيسيون الآن هم الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية فى حين أنّ القوى الرئيسية فى نضالنا ضد هؤلاء الأعداء هي جميع الشغيلة اليدويين و الفكريين الذين يشكّلون 80 بالمائة من سكّان البلاد. و هذا يحدّد طبيعة ثورتنا فى مرحلتها الراهنة أن تكون ثورة ديمقراطية جديدة ، ثورة ديمقراطية شعبية تختلف عن ثورة إشتراكية مثل ثورة أكتوبر". ( المجلّد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، صفحة 266، الطبعة العربية).

من كلّ الجمل المقدّمة على أنّها لماو، لم ترد فى النصّ الأصلي سوى كلمتين إثنتين هما " يساندون" و " إصلاح زراعي" أمّا بقيّة الصيغة و المفردات فهي من إختراع و تركيب متمركسنا الخوجي عليه سلام من صدّق دعوته!
مفاد فقرة ماو لا غبار عليه فبإعتبار أنّ المرحلة الأولى للثورة هي مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة المختلفة عن الثورة الإشتراكية وهي لا توجّه مثلما أعرب عن ذلك لينين " ضد رأس المال" لأنّ العدوّ الرئيسي وفق تحديد القائد البروليتاري العالمي ، ماو هو الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و القوى الرئيسية هي الشغيلة بالساعد و الفكر- بروليتاريا و فلاحين و برجوازية صغيرة بينما تظلّ البرجوازية الوطنية حليفا متذبذبا. و لئن وجد من بين الوجهاء المستنيرين كأفراد من تعاونوا مع الحزب الشيوعي فى تطبيق برنامجه و القضاء على أعداء الثورة أفلا يتعيّن الإتحاد معهم دون إعتبارهم قوّة تحدّد طابع الثورة ؟ لا يجوز ذلك فحسب بل يتعيّن القيام بذلك لصالح الثورة و إنشاء جبهة واسعة قدر الإمكان ضد العدوّ العنيد و الشرس و تحييد من يمكن تحييده لعزل العدوّ و القضاء عليه و بذلك يتحقّق نجاح ثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة ما سيمهّد الطريق أمام المرحلة الموالية ، الثانية للثورة و المقصودة هي الإشتراكية التى تكون دولة الديمقراطية الجديدة فى بنيتها التحتية و الفوقية ( قطاعا إشتراكيّا و تعاونيّا و ثقافة علمية و جماهيرية) قد عبّدت الطريق أمامها سيما و أنّ التناقض الرئيسي فى جمهورية الديمقراطية الجديدة فى الصين ن بعد الإنتصار، داخليذا، أصبح بين البروليتاريا و البرجوازية الوطنية التى كانت تنشط مقيّدة فى حدود ترسمها الدولة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا. و بالفعل، فى الصين ، شُرع فى التحويل الإشتراكي على نطاق واسع منذ أواسط الخمسينات و تعمّق مذّاك البناء الإشتراكي من خلال عدّة حركات أهمّها حركة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966-1976 التى حاصرت أكثر علاقات الإنتاج الرأسمالية و ضربتها فى العمق كما و أزاحت من الدولة و الحزب جزءا من أتباع الطريق الرأسمالي و تمّت هكذا " مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا" نظريّا و عمليّا وهي أهمّ إضافات ماو تسى تونغ الخالدة للماركسية-اللينينية إطلاقا. و فى 1976 تمكّنت البرجوازية الجديدة و عناصرها القيادية داخل الحزب المدافعين عن الخطّ التحريفي ،من قلب سلطة البروليتاريا و من ثمّة إعادة تركيز الرأسمالية و الوثائق التى تسجّل تلك الحقائق التاريخية لا تحصى و لا تعدّ( و على سبيل الذكر لا الحصر " الصين بعد ماو " لشارل بتلهايم ن مسبيرو ، فرنسا) ، غير أنّ الخوجيين المثاليين و الدغماتحريفيين لا يأبهون لها و يسعون طاقتهم لفرض ما يصنعونه من خيالات على الواقع فيا لبؤس فكرهم!

الإستشهاد 64 ، بالصفحة 49 :

عن الكيلاني الخوجي :" و هكذا بعد أن ضربت الثورة الصينية الإحتكار القديم فتحت الطريق لإحتكار جديد. و هذا يعنى أنّ الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر رأس المال بل فتح أمامه طريق التطوّر السريع و الواسع. يقول ماو فى هذا الشأن فى أواسط 1955: " هذه الثورة ( أي الثورة الديمقراطية و المعادية للإمبريالية) تنتسب إلى الماضي . لقدإنتهينا مع الملكية الإقطاعية ، و ما تبقى فى الريف هي الملكية الرأسمالية للفلاحين الأغنياء و الملكية الخاصّة لجمهور الفلاحين ، وهي عريضة كالمحيط. و منذ بضع سنوات لاحظنا أن إتجاه التطوّر العفوي للرأسمالية يتثبت كلّ يوم اكثر فى الريف فنرى فى كلّ مكان فلاحين أغنياء جددا يظهرون. فى حين أنّ الكثيرين من الفلاحين المتوسّطين الميسورين يعملون جهدهم من أجل أن يتحوّلوا إلى فلاحين أغنياء بينما العديد من الفلاحين الفقراء الذين لا يملكون وسائل إنتاج كافية ما زالوا يعيشون فى فاقة بعضهم لهم ديون و آخرون باعوا أو أجّروا أراضيهم و إذا تركنا المجال مفتوحا لهذا التطوّر كي يتواصل فإنّ هذا الإستقطاب الثنائي سوف يسير حتما نحو الإحتداد أكثر".

تعليقنا نستهلّه بالملاحظة الأولى المتصلة بأنّ الجملة الأولى من المقتطف غير موجودة فى النصّ الأصلي بتلك الصفة بل هي تبدأ ب " لكن" الإستدراكية التى تفيد فى الإطار الأصلي عكس ما ذهب إليه الخوجي كما سنقرأ معا فى ما يلى. و الجملة ذاتها " هذه الثورة ( ثورة الديمقراطية الجديدة)" و ليس كما سمّاها الخوجي زورا و بهتانا (الثورة الديمقراطية و المعادية للإمبريالية) "تنتسب إلى الماضي" ؛ تعرّي كلّيا إدعاء الكيلاني الخوجي بأنّ ماو " فصل مرحلتي الثورة بجدار صيني" و بأنّه لم يعمل على كسر " إطار" " الديمقراطية الجديدة. فإذا أضحت الثورة الديمقراطية الجديدة تنتسب إلى الماضي، فى أي مرحلة توجد إذا الصين بداية من أواسط الخمسينات؟ أو على الأقلّ ما هي المرحلة التى ستدخلها؟ لا جواب لدى الخوجي . بيد انّ ماو الذى طرح المسألة على عكس الخوجي الذى إجتزأ الجملة و عرض جزءا من المسألة واضعا جنبا مقترحات ماو لمعالجة المشكل ، أجاب جوابا بروليتاريا ثوريا على النحو التالي، تحت عنوان " حول مشكل التعاونيّات الفلاحية" و ذلك فى 31 جويلية 1955 ، إعدادا للمرحلة الجديدة أي دفع حركة التعاونيّات الفلاحية و حركة مشركة الفلاحة .
فى الصفحة 215 من المجلّد الخامس ، عبّر عن رأيه بأوضح ما يكون الوضوح: " كما يعلم الجميع ، قد حقّقنا تحالفا بين العمّال و الفلاحين على أساس الثورة الديمقراطية البرجوازية الموجّهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية ؛ هذه الثورة إنتزعت الأرض من الملاكين العقاريين لتوزّعها على الفلاحين و هكذا حرّرت هؤلاء من سلاسل الملكية الإقطاعية . لكن هذه الثورة تنتمى إلى الماضى و نحن قد قضينا على الملكية الإقطاعية و ما بقي فى الريف هي الملكية الرأسمالية للفلاحين الأغنياء و الملكية الخاصّة للفلاحين المفردين وهي عريضة كالمحيط. و منذ بضع سنوات ، كما يمكن أن يلاحظ، فإنّ الإتجاه العفوي للرأسمالية فى الريف يتثبّت كلّ يوم أكثر ففى كلّ مكان يظهر فلاحون أغنياء و جدد فى حين يحاول كثير من الفلاحين المتوسطين الميسورين جهدهم كي يتحوّلوا إلى فلاحين أغنياء . فى الوقت الذى لا يتمتّع عديد الفلاحين الفقراء بوسائل إنتاج كافية إذ هم لا يزالون فى فاقة و للبعض منهم ديون و البعض الآخر باع أرضه أو أجّرها. إذا تركنا هذا التطوّر يتواصل فإنّ الإستقطاب الثنائي سيسير حتما إلى الإحتداد أكثر".

الإحتداد سيتفاقم شرط ترك التطوّر على حاله دون تدخّل الدولة التى تقودها البروليتاريا، غير أنّ ماو لا يسعى كثوري بروليتاري إلى تطوّر الرأسمالية كما يدعى الخوجيون لذلك إقترح الحلّ ، بعد وصف الواقع العياني، فى الفقرة عينها بالضبط " فى مثل هذه الحال هل يمكن لتحالف العمّال و الفلاحين أن يحافظ عليه بصلابة؟ طبعا لا. المشكل لا يمكن ان يعالج إلاّ على أساس جديد: فى نفس الوقت الذى نقوم فيه تدريجيّا بالتصنيع الإشتراكي و التحويل الإشتراكي للصناعات التقليدية و كذلك الصناعة و التجارة الرأسماليين ، يجب القيام التدريجي بالتحويل الإشتراكي للفلاحة فى مجملها و نقصد إقامة التعاونيّات [ التى ستغدو معروفة عالميّا بإسم الكمونات حين تتطوّر] و القضاء على الفلاحين الأغنياء و الإقتصاد الفردي فى المناطق الريفية لغاية ضمان الرفاهة لكلّ الشعب فى الأرياف . نعتبر انّ هذا هو السبيل الوحيد لتعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين" ( التسطير مضاف ، صفحة 216).

و بالأرقام المعبّرة و فى الفقرة التالية تحديدا من نفس النصّ :" علينا أن نعي من الآن أنّ التحويل الإشتراكي سيعرف قريبا و حتما قفزة عامة فى أريافنا. فى نهاية المخطّط الأوّل و بداية الثاني ، يعنى فى ربيع 1958، ستعدّ التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي حوالي 250 مليون فلاّح أي 55 مليون عائلة تقريبا ( إن إعتبرنا معدّل أفراد العائلة اربعة أفراد و نصف) ، وهو ما سيمثّل نصف سكّان الريف. حينذاك ، سيكون تحويل الإقتصاد الفلاحي نصف الإشتراكي قد إنتهى بالأساس فى عديد المحافظات و فى بعض المقاطعات ؛ هذا إضافة إلى أنّ فى مناطق مختلفة من البلاد ، سيكون عدد قليل من التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي قد تحوّل إلى تعاونيّات من النوع الإشتراكي كلّيا. و مع منتصف المخطّط الخماسي الثاني ، أي فى 1960 ، يجب أن نكون قد حقّقنا ، بالأساس ، تحويل الإقتصاد نصف الإشتراكي ضمن النصف الآخر من سكّان الريف .عندئذ ، عدد التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي التى تكون قد صارت من النوع الإشتراكي سيكون أكبر". ( صفحة 216) و البقية تاريخ كما يقال و للإطلاع عليه بإمكانكم العودة إلى " بناء الإشتراكية فى الصين" لشارل يتلهايم و آخرون ( ذكر آنفا) و " الكمونات الشعبية الصينية" لبتريك تيسيى ( بالفرنسية ، الإتحاد العام للنشر ، باريس 1976، ضمن سلسلة 10/18).

هذا ما إقترحه ماو تسى تونغ البروليتاري الثوري و ما طبقه عمليّا وهو فى ذلك يتباين إلى أبعد ما يكون التباين فى فهمه العميق للعلاقات فى الريف و التحالف بين البروليتاريا و الفلاحين عن الفهم الخوجي الذى يعتقد أنّ الإصلاح الزراعي سيحدّ من الرأسمالية :" الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر الرأسمالية". إنّما الإصلاح الزراعي إجراء ثوري خلال مرحلة الديمقراطية الجديدة و مع ذلك هو إجراء ديمقراطي برجوازي و ليس إجراءا إشتراكيّا. شعار الإصلاح الزراعي " الأرض لمن يفلحها" ليس شعارا إشتراكيّا كما صدح بذلك لينين و أعاد و كرّر لمرّات لا عدّ لها فى مؤلّفاته. أمّا التحويل الإشتراكي فهو إجراء إشتراكي حقّا وهو ما نظّر له و كرّسه الشيوعيون الصينيون و على رأسهم ماو بإعتباره " السبيل الوحيد لتعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين" .

نخلص هكذا إلى أنّ الصين منذ أواسط الخمسينات دخلت مرحلة جديدة نوعيّا ،مرحلة البناء الإشتراكي و تعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين على أساس " القضاء على الفلاحين الأغنياء و الإقتصاد الفردي فى المناطق الريفية" فى نفس الآن الذى يتمّ فيه " التصنيع الإشتراكي و التحويل الإشتراكي للصناعات التقليدية و كذلك الصناعة و التجارة الرأسماليين" ، إلى جانب ما أنجز من محاصرة رأس المال و تقييده و إرساء قطاع إشتراكي فى الصناعة و الفلاحة تشرف عليه الدولة بقيادة البروليتاريا. كلّ ذلك يفسّر أنّ الثورة الديمقراطية الجديدة أصبحت " تنتسب إلى الماضي". و بعد هذا يتجرّأ الخوجي على قول" الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر رأس المال بل فتح أمامه طريق التطوّر السريع و الواسع!!!

كنا سنقتصر على هذا الحدّ من النقاش لهذه النقطة بيد أنّنا رأينا من الضروري التذكير ببعض الوقائع التاريخية الأخرى و لتسمحوا لنا بالعودة إلى مواقف أخرى لماو تسى تونغ موثّقة بالمجلّد الخامس بالذات.
تحت عنوان " نقد الرؤى الإنحرافية - اليمينية التى تبتعد عن الخطّ العام " ، تطرّق ماو إلى الخطّ العام للحزب فيما يخصّ تحويل الثورة الديمقراطية الجديدة إلى ثورة إشتراكية على أرض الواقع. فى تلك المناسبة ، ركّز سوط نقده على الذين " لم يفهموا انّ طابع الثورة تغيّر و يواصلون ممارسة ديمقراطيتهم الجديدة" عوض الإعتناء ب"التحويل الإشتراكي " و " المحافظة بالفعل على الملكية الخاصة" ، مبيّنا أن المقولة الأولى تذرّ الرماد على الصراع القائم بين المظاهر الإشتراكية التى تولد يوميّا و المظاهر الرأسمالية التى تتعيّن محاصرتها كذلك يوميّا وأنّ الثانية تركّز الملكية الفردية عوض المرور التدريجي إلى الإشتراكية. و كان نقده هذا وجها من وجوه صراع داخل الحزب ضد الخطّ التحريفي ،من أجل خطّ بروليتاري تمكّن من الإنتصار ووضع التحويل الإشتراكي فعلا و بالملموس موضع الممارسة العملية فى الصين التابعة للكرة الأرضية و ليس فى الصين التى يتوهّمها و يصوّرها لنا الخوجيون.
و الأسلوب الإنتقائي الإنتهازي التحريفي الذى إتبعه الكيلاني الخوجي فى هذه النقطة نجمله فى أخذ موقف طالما ناضل ضدّه ماو و هزمه و تقديمه على أنّه موقف ماويّ يستحقّ الإدانة و هذا الأسلوب يجعلنا نستحضر نكتة شعبية قديمة قوامها أنّ أحدهم ،و بعد تفتيش طويل ، لم يعثر على أرنب فأمسك بقطّة و أخذ يضربها ضربا مبرّحا آمرا إيّاها أن تقول إنّها أرنب!!!

الإستشهاد (65)، بالصفحة 49 :

" لقد تمّ بعد الإصلاح الزراعي إستقطاب ثنائي بين الفلاحين . و إذا لم نجد عندنا شيئا جديدا نعطيه لهم ، و إذا لم نساعدهم على إنماء قوى إنتاجهم، و على إنماء مداخيلهم ، و على بلوغ إزدهار عام ، فإنّ الذين بقوا فقراء سوف لا يواصلون منحنا ثقتهم و يصبحون يرون أنّه لم يعد من مصلحتهم مواصلة السّير وراء الحزب الشيوعي لأنّهم بقوا دائما فقراء بالرغم من توزيع الأراضي ، لماذا ينبغى عليهم إتباعنا؟ أمّا الذين يعيشون فى بحبوحة ، يعنى الذين أصبحوا أغنياء ،أو الذين يعيشون فى بحبوحة عالية ، فإنّهم أصبحوا لا يرون ضرورة لمنح ثقتهم فينا معتبرين أنّ سياسة الحزب الشيوعي لم تعد تتماشى و ميولاتهم. و فى النهاية فالفلاحون أغنياء كانوا أم فقراء سوف لن يطمئنّوا لنا ، و هكذا يصبح التحالف بين العمّال و الفلاحين جدّ هشّ."

و ما يعيبه الخوجي على القائد البروليتاري ، إثر ذلك بالضبط ، هو أنّ -1- " الإصلاح الزراعي و الإجراءات التى تمّ إتخاذها ظلّت مقيدة بالحدود التى تفترضها مصلحة الفلاحين الأغنياء"و -2- " سعى إلى كسب ثقة القطبين فى نفس الوقت".
لعلّ الأسطر المخطوطة فى جدال الإستشهاد السابق كافية شافية لدحض هذه الخزعبلات الخوجية ، إلاّ أنّه لن يزعجنا بل هو مدعاة للبهجة أن نستمرّ فى تعميق المسألة إيضاحا للحقيقة و فى هذا المضمار لدينا تعليق فى نقطتين، عقب التدقيق فى مضمون المصدر الأصلي لماو :
ب " أصبحوا لا يرون ضرورة لمنح ils nauront …plus confiance أوّلا، علاوة على خطإ فادح فى تعريب
ثقتهم فينا" وهو خطأ متعمّد يعوّض صيغة المضارع الذى يفيد المستقبل المفترض كإمكانية بصيغة ماضى إقرارية كأنّ الأمر واقعا و ماو يدافع عن مصلحة الفلاحين الأغنياء ( و هذا قطعا تشويه خسيس) ، علاوة على ذلك " سياسة لا تعرّب ب " لم تعد تتماشى مع ميولاتهم" ( الكلام يخصّ الفلاحين الأغنياء). nest jamais a leur gout الحزب
بل يلزم أن يكون التعريب ب " لا تتماشى أبدا مع ميولاتهم". لماذا هذا التحريف؟ إنّ " لا" إلى جانب " أبدا" تعنى إطلاق النفي فى حين " لم تعد" تفيد أنّها كانت تتماشى مع ميولات الفلاحين الأغنياء . بكلمات أخرى، يرجو الخوجي منّا أن نعتقد ، لا بل أن نتوهّم أنّ الإصلاح الزراعي كان خدمة لمصلحة الأغنياء من الفلاحين و أنّ الحزب الشيوعي الصيني ذو توجّهات برجوازية و هذا إفتراء واضح على ماو و على الوقائع التاريخية.

ثانيا، هذه بقيّة الفقرة كما هي فى مقال " نقاش حول التعاونيّات الفلاحية و الصراع الطبقي الحالي" ، بتاريخ 11 أكتوبر 1955: " لغاية توطيده [ التحالف بين العمّال و الفلاحين] ، ينبغى أن نقود الفلاحين على طريق الإشتراكية " ( المجلّد الخامس ، صفحة 227) . هذا هو الحلّ الذى إرتآه ماو و ناضل من أجله و نفّذه الحزب الشيوعي الصيني محقّقا إنتصارات باهرة.

ما العلاقة بين الحركة التعاونية الفلاحية و تحويل الصناعة و التجارة الرأسماليين؟ أجاب القائد البروليتاري الصيني: " نعتقد أنّه فقط حين سيكون التحالف بين الطبقة العاملة و طبقة الفلاحين قد تعزّز شيئا فشيئا على قاعدة جديدة هي القاعدة الإشتراكية ، خلال التحويل الإشتراكية الشامل للفلاحة، فقط حينها سيكون ممكنا الكسر النهائي للعلاقات بين البرجوازية المدينية و الفلاحين و عزل البرجوازية تماما ما سييسّر التحويل الشامل للصناعة و للتجارة الرأسماليين. إنّ التحويل الإشتراكي للفلاحة يهدف إلى إجتثاث جذور الرأسمالية فى الريف الواسع الإمتداد".( المجلّد الخامس، صفحة 226).

و كشيوعي ثوري يربط كلّ ذلك بالهدف النهائي ألا وهو القضاء على الرأسمالية و بلوغ الشيوعية ، أكّد : " التعاونيّات الفلاحية ستسمح لنا بتوطيد تحالفنا مع الفلاحين على قاعدة الإشتراكية البروليتارية و ليس على قاعدة الديمقراطية البرجوازية الأمر الذى سيعزل نهائيّا البرجوازية و يسهل القضاء النهائي على الرأسمالية. بهذا المضمار،إنّنا حقّا لا نرحم! نعم ، الماركسية قاسية، بلا رحمة؛ ما تصبو إليه هو القضاء قضاء مبرما على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية و كذلك على الإنتاج الصغير...غايتنا هي بالضبط إقتلاع الرأسمالية من الجذور و محوها إلى الأبد من على وجه الأرض و إحالتها إلى متحف التاريخ". ( المجلّد الخامس، صفحة 229).

و لا نزيد تعليقا إذ ينكشف الخداع الخوجي فحبل الكذب قصير.


الإستشهاد 66 ، بالصفحة 50:

" يقول ماو : إنكم مدعوون لتجميع آراء الرفاق المسؤولين على مختلف القطاعات المجتمعين حاليا لمناقشة التكتيك الواجب إتباعه حيال الفلاحين الأغنياء و إبلاغنا عن طريق البرقيات الموقف من إقتراحاتنا الداعي إلى أن لا نترك الفلاحين الأغنياء الرأسماليين و شأنهم فقد ، بل ايضا الفلاحين الأغنياء نصف الإقطاعيين فى حركة الإصلاح الزراعي التى ستبدأ فى الشتاء المقبل فى المقاطعات الوسطى و بعض مناطق الشمال الغربي و نؤجّل لبضع سنوات تصفية مسألة الفلاحين الأغنياء نصف الإقطاعيين."

و رأي الخوجي فى ذلك هو أنّ ماو " كان ملويّ العنق فى إتجاه أغنياء الفلاحين الرأسماليين و نصف الإقطاعيين".

قبل كلّ شيء ، نلفت النظر إلى أنّ كلمات ماو تسى تونغ هنا تكذّب تكذيبا جليّا تهمة الخوجيين ماو بأنّه يتصرّف خارقا مبدأ القيادة الجماعية ( الإستشهاد 47، بالصفحة 39) فالقائد البروليتاري العالمي يجمّع آراء الرفاق فى إطار نقاش تكتيك. و بعد ذلك ، نشير إلى أنّ المقتطف هو فقرة من نصّ" طلب إستشارة حول التكتيك تجاه الفلاحين الأغنياء" و المؤرذخ فى 12 مارس 1950 ( المجلّد الخامس ، صفحة 21) . و هذا التاريخ له دلالته لأنّ هذا المقترح أتى بعد أقلّ من سنة من إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة فى البلاد بأسرها و سيكون هذا التكتيك ساري المفعول إلى حدود 1955 و ما فكّكناه فى نقاش الإستشهاد السابق يثبت هذه الوقائع المتعلّقة بالثورة الديمقراطية الجديدة و ليس تكتيكا معتمدا فى أثناء الثورة الإشتراكية.

ما ذلك إذا سوى تكتيك إعتمد لمدّة خمس سنوات خلال الثورة الديمقراطية الجديدة و التمهيد للثورة الإشتراكية و التكتيك كما نعرف مرهون بالواقع الملموس لميزان القوى الطبقي فى زمن و مكان معيّنين لعزل و مهاجمة عدوّ رئيسي محدّد بأكثر ما أمكن من القوّة . و تعليل ماو لهذا التكتيك أتى فى نفس الإتجاه : " أوّلا : الإصلاح الزراعي بإعتباره ذو إتساع لم يشهد له مثيل فإنّ إنحرافات " يسارية" يمكن أن تحصل بسهولة. إذا تعرّضنا فقط للملاكين العقّاريين [ المقصود هو القضاء على الملكية الإقطاعية، صفحة 245 من المجلّد الخامس] و أبقينا جانيا الفلاحين الأغنياء ، سنتمكّن بصورة أفضل بكثير من عزل الملاكين العقاريين و حماية الفلاحين المتوسطين و منع أن يتمّ الضرب و القتل دون تمييز؛ و إلآّ سنتعب كثيرا فى منع ظهور مثل هذه الأعمال. ثانيا، الإصلاح الزراعي المقام فى الشمال حصل زمن الحرب، فى جوّ كانت الحرب فيه تغطّى الإصلاح الزراعي. أمّا الآن و قد وضعت الحرب اوزارها تماما، فإنّ الإصلاح الزراعي سيتخذ طابعا خاصا، سوف يُحدث فى المجتمع هزّة قويّة للغاية و صرخات طوارئ الملاكين العقّاريين ستمسى شديدة الحدّة؛ إذا أبقينا جانبا و بصفة مؤقتة الفلاحين الأغنياء ذوى الطابع شبه الإقطاعي لكي نعود لهم بعد بضع سنوات [ و هذا ما وقع فعلا سنة 1955، عادوا لهم! ؛ راجعوا النقاط أعلاه] سوف نكون اكثر إستعدادا لنتصرّف ، يعنى أنّه ستكون لنا مبادرة أكبر من وجهة النظر السياسية. ثالثا ، شكّلنا على المستويات السياسية و الإقتصادية و التنظيمية جبهة متحدة مع البرجوازية الوطنية. و بحكم أنّ هذه الأخيرة مرتبطة إرتباطا وثيقا بالمسألة العقارية فحتّى نطمئنها ، ينبغى عدم التعرّض ، فى الوقت الراهن، للفلاحين الأغنياء ذوى الطابع شبه الإقطاعي... " . ( التسطير مضاف؛ المجلّد الخامس ، صفحة 21 -22).

تكتيك " مؤقت" يصدح ماو بأعلى صوته و صالح " للوقت الراهن" ، سنة 1950 و ل" بضع سنوات" لا غير ، غايته عزل الأعداء الرئيسيين آنذاك : الإقطاعيين او الملاكين العقّاريين ، يستحيل لدى الخوجيين الدغماتحريفيين إلى " لوي" العنق فى إتجاه الفلاحين الرأسماليين و نصف الإقطاعيين"، هؤلاء الذين حاربهم ماو ، مثلما لمسنا أعلاه ، بلا هوادة و بلا رحمة الماركسي الساعي إلى قبر الرأسمالية. فى هذا التكتيك يطبّق القائد البروليتاري العالمي ما علّمتنا إيّاه اللينينية من عزل الأعداء ثم الإنقضاض عليهم و " لا يجب أن تحول المنغّصات الصغرى دون اللذّة الكبرى" و الخوجيون يصمّون لآذانهم و يغلقون أعينهم و يكرّرون كالصحن المشروخ "مروق عن الماركسية-اللينينية، مروق..."
الخطل الخوجي من هذا اللون يمكن توصيفه ك " إنحراف عن الماركسية فيما يتعلّق بمطالبتها بمراعاة ظروف الزمان و المكان" ( لينين، المختارات 1/3 نالصفحة 548، ضمن "مرض " اليسارية " الطفولي فى الشيوعية " 1920.)

الإستشهاد 69، بالصفحة 52:

" عندما تكون التعاونية قد أنجزت فى الأساس فى المنطقة او المقاطعة ، أي عندما تحصل على 70 % أو 80% من العائلات الفلاحية ، و عندما تتعزّز تبدأ وقتها فى معالجة قبول الملاكين العقّاريين و الفلاحين الأغنياء مجموعات مجموعات ، بصفة تدريجية كلّ حسب سلوكه الخاص. إنّ الذين يتبعون دائما سلوكا جديدا و هم نزهاء و يحترمون القانون يصبحون أعضاء فى التعاونية و آخرون يعملون مع أعضاء التعاونيّات و يتقاضون أجورهم . إلاّ أنّهم لا يتمتعون بالعضوية. فهم مرشّحون لها إذا كان لهم سلوك حسن، و هذا يعنى بالنسبة لهم مسألة إلتزام...و على كلّ فالملاكون العقاريون و الفلاحون الأغنياء الذين يقبلون كأعضاء فى التعاونيات لا يمكن لهم أن يتحمّلوا فيها أيّة مسؤولية". و يستنتج الخوجي:"إنّ التعاونيّات على النمط الماوي تصبح بحكم النظرة التى تقودها ، و بحكم تركيبتها الطبقية نوعا من التعاونيّات الرأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله كالتعاونيّات التى تقوم بها رأسمالية الدولة".

جمل ماو تسى تونغ الأصلية مقتبسة من الصفحة 243 من المجلّد الخامس، من " نقاش حول التعاونيّات الفلاحية" وهي فى أوجه كثيرة مغايرة لتلك التى قدّمها الكيلاني الخوجي : محلّ "جيدا" أحلّ المعرّب الخوجي " جديدا" رغم ما لذلك من تأثير على الفهم فماو ما طلب من الإقطاعيين و الفلاّحين الأغنياء ككلّ ،و كأفراد سلوكا جديدا نوعيّا و إنّما فقط سلوكا جيّدا ، حسنا تجاه الفلاحين الفقراء و تجاه قوانين الدولة التى تقودها البروليتاريا. و أمّا أن يعرّب " و مفاد المفردة التشجيع بكلمة غريبة كلّ الغرابة عن هذا المعنى ، " إلتزام" و أن يحذفencouragement"
جزء هاما من الفقرة وأن يضع ثلاث نقاط و يفرض صيغ فى الماضي على صيغ أفعالها فى المضارع و تفيد المستقبل فذلك بلا ريب ، تزوير واضح يُخلّ بمعنى الفقرة فى كلّيتها و يوحى بأنّ القبول فى التعاونيّات شمل كلّ الفلاحين الأغنياء و كلّ الملاكين العقاريين و الواقع أنّ ماو قسّم الفلاحين الأغنياء و الملاكين العقّاريين حسب المواقف الملموسة للأفراد من حركة التعاونيّات الإشتراكية ، إلى ثلاث فئات تصرّف مع كلّ منها بطريقة خاصّة و هذا ما أراد " نقّاده" بثّ الرماد عليه.

مكان الثلاث نقاط المسترسلة جملة تفضح إنتقائية الإنتهازي" أمّا الذين هم من الفئة الثالثة فلن يسمح لهم ، فى الوقت الراهن، بدخول التعاونيّات ؛ سنرى فيما بعد و سوف نقرّر حسب الحالات".

النظرة القائدة لماو هي إذا إدماج فئة من الفئات الثلاث و تحويلها ، ضمن التعاونيات شريطة تحوّل عناصر هذه الفئة عن موقفها الطبقية و سلوكها سلوكا جيّدا محترما قوانين الدولة التى تقودها البروليتاريا و الفئة الثانية تعمل كأجراء دون لقب العضويّة و الفئة الثالثة لن تدخل التعاونيات. و التركيبة الطبقيّة للتعاونيّات ستكون 70% أو 80% من العائلات الفلاحية و فى الأساس الفقيرة هي المسؤولة عن التسيير و حين تقبل بعناصر ، أفراد فئة قليلة العدد إجتماعيّا فذلك لن يغيّر تقريبا فى شيء من التمثيلية الطبقية كمّيا و سياسيّا علما و أنّ هذه الفئة التى ستدمج فى التعاونيّات لن تتحمّل مسؤوليّات فيها .

هذه الملاحظات تدحض فى الصميم النقطتين الأولتين من ترّهات الخوجي حول أنّ " التعاونيّات على النمط الماوي تصبح بحكم النظرة التى تقودها و بحكم تركيبتها الطبقية نوعا من التعاونيّات الرأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله كالتعاونيّات التى تقوم بها رأسمالية الدولة". أمّا الجزء الأخير :" تعاونيّات رأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله" فيكفى لتفنيده العودة إلى كتاب شهود عيان قاموا برحلة دراسية إلى الصين و هم شارل بتلهايم و جاك شريار و هيلين مرشيسيو و الكتاب هو " بناء الإشتراكية فى الصين" ( مسبيرو ، باريس 1968). نقلوا ضمن ما نقلوا من حقائق الحقائق الآتى ذكرها ( الصفحة 34-35) :" ...كان الإنتاج الفلاحي ينمو و فى الريف إمتازت سنوات 1953-1957 بتحوّل الأشكال الخاصّة لإستغلال الأرض إلى أشكال جماعية، من خلال تتابع سريع نسبيّا لمختلف أنواع التعاونيّات، من التعاونيّات من النوع الأدنى أي نوع التعاونيّات الإشتراكية التى تعمّمت فى 1956-1957 و التى إنتهت إلى التحويل الكلّي لأشكال الإنتاج فى الفلاحة إبتداء من 1957".

و عليه، تنطق الوقائع بأنّ الصين مرّت بعدُ منذ أواسط الخمسينات إلى التعاونيّات الإشتراكية كشكل مهيمن ويعمل حسب مساهمة كلّ عنصر فى العمل و الخوجيون يتشبّثون بأكاذيبهم السافرة حول التعاونيّات الرأسمالية فى الصين الشيء الذى يجعلنا نقطع جدّيا بأنّه قبل خطّ أي سطر ...كان قد قطع عهدا على نفسه بأنّها لن تكون إلاّ " عنزة و لو طارت"!!

18- فضح الكذب و التزوير بصدد الصينيون و التجربة السوفياتية فى مجال مشركة الفلاحة :


الإستشهاد (7) لا مرجع له !!!

الإستشهاد 74-75 ، بالصفحة 58-59 :

" " أعلن ماو تمسّكه المبدئي ب " أن الصناعة الثقيلة تمثّل العامل الرئيسي فى تشييد بلدنا . يجب علينا أن نطوّر حسب الأولوية إنتاج وسائل الإنتاج ، و هذا الأمر لا رجعة فيه ".
" و فى تنظيم هذه العلاقة ( العلاقة بين الفلاحة و الصناعة) ، نحن لم نرتكب أخطاء مبدئية . لقد تصرّفنا أحسن من الإتحاد السوفياتي و بعض بلدان اوروبا الشرقية. إنّ المشكل المطروح فى الإتحاد السوفياتي يتمثّل فى أنّ إنتاج الحبوب لم يبلغ المستوى الأقصى لما قبل الثورة و هذا لا يوجد عندنا و لا المشاكل الخطيرة التى عرفتها بعض بلدان اوروبا الشرقية تحت فعل عدم توازن كبير بين تطوّر الصناعة الخفيفة و تطوّر الصناعة الثقيلة. كلّ هذه البلدان شدّدت بصورة إحادية الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة الشيء الذى إنجرّ عنه نقص فادح فى تزويد السوق بالسلع الضرورية ممّا أدّى إلى عدم توازن فى العملة. لقد أعطينا نحن أهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة".

"ب" مطروح" مع الحذف التام لظرف الزمان - لمدّة طويلة- تعريب أخرق، يشوّش دلالة sest pose" تعريب
النصّ مثله مثل الإضافة المجانية ل " الضرورية ممّا أدّى" :" النتائج المنجرّة على التشديد الإحادي الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة نتيجتان مرتبطتان و عدم توازن العملة ليس نتيجة نقص السلع فى السوق". والمشكلة المعالجة تحيل على مقارنة الصين آنذاك بماضي الإتحاد السوفياتي لمّا كان إشتراكيّا لا بحاضره و لا بصفة مطلقة و على عكس ذلك ، حين يقارن ماو الصين بحاضر بلدان أوروبا الشرقية مستعملا الحاضر ، يستعمل الخوجي " عرفتها" ، صيغة ماضى عوضا عن " تعرفها" وهو بهذا يريد خلط الأوراق و خلط الماضى بالحاضر حيث لا يجب لتشويش ذهن القرّاء و تمرير إدّعاءاته الكاذبة.

هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى ، حديث ماو المؤرّخ فى 25 أفريل 1956 لا يتصل " بالعلاقة بين الفلاحة و الصناعة" كما قدّم الكيلاني الخوجي ، بل جاء تحت عنوان " العلاقة بين الصناعة الثقيلة من جهة و الصناعة الخفيفة و الفلاحة من جهة ثانية". و ماذا فى ذلك؟ يقلّص الخوجي المشاكل المطروحة للنقاش و يقدّمها على هواه ، متفاديا إثارة مسألة الصناعة الخفيفة و معارضا الصناعة ( لا فرق لديه بين الصناعة الثقيلة و الخفيفة) بالفلاحة ليخلص إلى أنّ ماو " دعا إلى ضرورة إعطاء الأولوية لتطوير الفلاحة..." وهي فكرة من عنديّاته لأنّنا و كلّ من يفهم و لو قليلا اللغة العربية ندرك أن ليس فى الإستشهاد ،على تشويهه ، ما يفيد ذلك أبدا. ماو ينقد التجارب الإشتراكية السابقة على أنّها " شدّدت بصورة إحادية الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة" و يقارن ذلك الخطإ (و هذا النقد صائب تماما بالنسبة لكلّ مادي نزيه له إطلاع و لو أوّلي على تاريخ تلك التجارب الإشتراكية التى لم تعمّر طويلا إذ إغتصبتها البرجوازية الجديدة) بموقف الصينيين المستفيدين ممّن سبقهم فى الميدان، فيصرّح:" لقد أعطينا نحن أهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة" و حسب سياق الحديث " أهمّية أكبر" تعنى تحديدا أهمّية أكبر من تلك التى أعطتها البلدان الإشتراكية الأخرى التى ما عادت إشتراكية منذ أواسط الخمسينات ، للفلاحة و الصناعة الخفيفة عكس ما ذهب إليه الخوجي من أنّها أهمّية أكبر على حساب الصناعة الثقيلة و سندنا فى ذلك جملة لماو أردفها بعد إعلانه المبدئي عن " أولوية تطوير وسائل الإنتاج" وهي جملة أسقطت قصدا من الإستشهاد الأمر الذى يفسّر شطر الإستشهاد ذاته إلى شطرين إثنين 74و75:" مع ذلك لا يجب إهمال إنتاج وسائل العيش و على رأسها الحبوب " لا أكثر و لا أقلّ. و يمضى ماو فى تحليله فى الصفحة الموالية ( صفحة 308 من المجلّد الخامس):" هل يعنى ذلك إذا أنّنا لن نشدّد بعدُ على الصناعة الثقيلة؟ التشديد نعم سيبقى دائما على أنّ هذا القطاع يحتلّ مكانة الصدارة فى إستثماراتنا ، لكن يتعيّن علينا الترفيع فى جزء الإستثمارات الموجّهة للفلاحة و الصناعة الخفيفة." ( التسطير مضاف).

" أعطينا اهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة " مفاده بالضبط " الترفيع فى جزء الإستثمارات الموجّهة للفلاحة و الصناعة الخفيفة" مع الإبقاء على التشديد على قطاع الصناعة الثقيلة، " هذا القطاع يحتلّ مكانة الصدارة فى إستثماراتنا"و هذا التوجه الماوي الثوري ترجم فى سياسة/ شعار " أخذ الفلاحة كقاعدة و الصناعة كقيادة " تأمينا " لإنتاج وسائل العيش و على رأسها الحبوب".
( و نحيل من يرغب فى الإطلاع على حقائق الصين الماوية و مكاسكبها بالإحصائيات و المعطيات الدقيقة على كتاب على الأنترنت ، بموقع الحوار المتمدّن ،" الصين الماوية حقائق و مكاسب و دروس" لشادي الشماوي).

يتخطّى ماو بطريقته المادية الجدلية النظرة الإحادية الجانب و يتطرّق للعلاقة المتبادلة بجوانبها و تأثيراتها كافة وهو فى هذا يستفيد من التجارب التى راكمتها البروليتاريا العالمية السلبية منها و الإيجابية ليطوّر الإقتصاد السياسي الماركسي- اللينيني. إنّ ماو المادي الجدلي يبحث طرفي التناقض فى التجارب الإشتراكية و الخوجيون يتبنّون تلك التجارب بحذافرها و لا يرون فعليّا جوانبها السلبية و اخطائها و نواقصها و المنطق عينه يقودهم بالفعل فى تعاملهم مع مسألة ستالين حيث لا نعثر لهم على تقييم مادي جدلي لما نظّر له و مارسه القائد البروليتاري العظيم و نراهم يردّدون زيفا أن ماو لا يدافع عن ستالين لا لشيء إلاّ لأنّ القائد الثوري الصيني إضطلع بمهمّة التقييم العلمي من زاوية النظر البروليتارية لمساهمات ستالين فى الثورة البروليتارية العالمية و لإخفاقاته التى شرحها ماو و عمل على تجاوزها . واقعيّا ، بالنسبة للخوجيين ، ستالين لم يخطإ أبدا، ليست له نواقص، كلّ ما نظّر له و مارسه لا تشوبه شائبة مهما كانت صغيرة أو طفيفة و هذا طرح غير جدلي للقضية أبعد ما يكون عن اللينينية فى منهجها الديالكتيكي القائم على " إنّ إنقسام الشيء الواحد إلى شطرين و إدراك أجزائه المتناقضة هو جوهر الديالكتيك" ( لينين كما ذكره ماو فى المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" بالصفحة 501 ؛ " حول مسألة الديالكتيك") .

مقابل الموقف المثالي غير الجدلي للخوجيين ، أنجز الماركسيّون-اللينينيون - الماويّون - و ما فتئوا ينجزون- تقييمات عميقة لستالين و التجربة السوفياتية من منظور بروليتاري و كان ماو على رأسهم حين كان حيّا و أعلنها بصريح العبارة، بعد دراسة تقييمية علمية، أنّ ستالين ماركسي- لينيني عظيم يجب الإستفادة من كتاباته و إعلاء صوته ، مدافعا عنه فى وجه التحريفيين جميعا، خروتشوفيين و غيرهم. و قد لخّص ماو تقييمه لستالين ،من وجهة نظر مادية جدلية فى أنّه ماركسي- لينيني عظيم قام بأخطاء و أخطاؤه لا تتجاوز ثلاثة من عشرة ممّا قدّمه للحركة الشيوعية العالمية ( لنقاش مستفيض للمسألة ، راجعوا العدد 3 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" ).

===19- فضح الكذب و التزوير بصدد " ماو و رأس المال و السياسة الإقتصادية الجديدة"===

الإستشهاد (76) ، بالصفحة 61 :

كتب الكيلاني الخوجي :" ...و بالتالى فإنّ هذه الطبقات "المتحالفة " " تتقاسم" فيما بينها النفوذ الإقتصادي بما فى ذلك الإشراف على القطاع " الإشتراكي" و قطاع رأسمالية - الدولة على الصورة التى ترضى الجميع:" ففى [ الآن الكلام لماو حسب الخوجي] كلّ مؤسسة تابعة للدولة على الإدارة و النقابة تكوين هيئة إدارية مشتركة مكلّفة بتحسين التنظيم بهدف رفع الإنتاج و التخفيض فى تكاليفه و مراعاة المصالح العامة و المصالح الخاصة فى نفس الوقت و على المؤسسات الرأسمالية الخاصّة أن تقوم بهذه التجربة حتى ترفع من إنتاجها و تخفض من تكاليفه و تراعى فى نفس الوقت مصالح العمّال و مصالح رأس المال."

توجد هذه الفقرة بالصفحة 190 ( لا 189 كما كتب الكيلاني) من المجلّد الرّابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ( الطبعة الفرنسية) ، ضمن " حول بعض المسائل الهامّة فى سياسة الحزب الراهنة" ، 18 جانفي 1948 و الثورة لم تنتصر بعدُ و لم تحقّق بعدُ جميع أهداف الديمقراطية الجديدة على مستوى البلاد بأسرها و لم تنته بعدُ الديمقراطية الجديدة كمرحلة إنتقالية تمهّد للإشتراكية.

و إليكم نصّ الفقرة فى الطبعة العربية ، بالصفحة 237 من المجلّد الرابع :" و فى كلّ مؤسسة للدولة على الإدارة و النقابة أن تشكّلا لجنة إدارة مشتركة لتقوية الإدارة بهدف تخفيض تكاليف الإنتاج و زيادة الإنتاج و تحقيق المصالح العامّة و الخاصةّ معا. و على المؤسسات الرأسمالية الخاصّة أيضا أن تجرب هذه الطريقة، بغية تخفيض تكاليف الإنتاج و زيادة الإنتاج و تحقيق مصالح العمل و الرأسمال معا. و يجب تحسين ظروف معيشة العمّال فى حدود مناسبة ، و لكن يجب تجنّب الإفراط فى رفع الأجور."

موضوع حديث ماو هو برنامج سياسة الحزب خلال المرحلة الأولى من الثورة ألا وهي المرحلة الديمقراطية الجديدة حيث لم يكن على جدول الأعمال القضاء على الرأسمالية حينذاك بحكم أنّ هدف الثورة كان الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و ليس البرجوازية الوطنية ولا رأس المال حسب ما مرّ بنا فى كلام للينين. و أمّا إثر تحقيق إنتصار الثورة و حتىّ قبل نهية المرحلة الديمقراطية الجديدة ، فقد أعلن ماو بجلاء و أوضح أيّما إيضاح أنّ التناقض الرئيسي داخليّا صار فعلا بين البروليتاريا و البرجوازية ( نقاش إستشهاد * فى تقديم كتاب الكيلاني).

و ليس هناك ، فضلا عن ذلك، فى المقتطف ما يدعو إلى " تقاسم النفوذ الإقتصادي" " على الصورة التى ترضى الجميع"( لاحظوا " الجميع" فمن جديد تعميمات مثالية مثلها مثل "إرضاء الجميع كصيغة مناهضة للماركسية و مفهوم الصراع الطبقي فلا مجال فى المجتمع الطبقي لتقاسم النفوذ بين طبقات متناقضة و عدائية ذلك أنّ هذه أو تلك منها ستلتهم الأخرى بمعنى ستهيمن عليها و تمارس ضدّها دكتاتوريتها و غير هذا ميتافيزيقية مثالية و تضليل برجوازي معادي للفهم البروليتاري المادي الجدلي للعالم ) و القطاع الصناعي مثلما سبق أن رأينا ، لا يمثّل سوى 10% من الإقتصاد الصيني ، غالبيته بأيدي قطاع تابع للدولة و القطاع الرأسمالي الوطني وضعت له حدود و قيود وأنشأ أثناء المرحلة الديمقراطية الجديدة، قطاع مشترك بين الدولة التى تقودها البروليتاريا و القطاع الرأسمالي الوطني. و مثّل هذا القطاع المشترك درجة معيّنة من تحويل الرأسمال الخاص إلى قطاع إشتراكي. ( أنظروا التعليق على الإستشهاد 82، لاحقا). و بالتالى كان قطاع الدولة الإشتراكي هو القطاع القائد طوال المرحلة الديمقراطية الجديدة التى إمتدّت إلى أواسط الخمسينات. و ما جمل ماو تلك التى تتنزّل فى إطار النقطة 3 ( من العنصر الثاني " بعض المسائل المحدّدة فى سياستنا الخاصّة بالإصلاح الزراعي و الحركات الجماهيرية" ، التى تتناول توجيه " يجب تلافى إتخاذ أية سياسة مغامرة إزاء الصناعيين و التجّار المتوسطين و الصغار"، إلاّ دليل على ذلك وهي جمل نداء غايته أن تتبع المؤسسات الخاصّة طريقة تسيير قطاع الدولة وهذا شكل آخر من أشكال محاصرة الرأسمال الوطني و مؤسساته الخاصّة و تحديدهم و تقييدهم.

و فوق ذلك، نعيد التذكير بالبون الشاسع بين تطوّر الرأسمالية و تطوّرها المقيد فى المرحلة الديمقراطية الجديدة فى الصين " و لكن لا يمكن أن نترك الرأسمالية تبقى و تتطوّر فى الصين كما هي الحال فى البلدان الرأسمالية حيث تطغى بدون قيود . فإنّ الرأسمالية فى الصين سوف تقيد من عدّة نواح- من نواحي نطاق نشاطها و السياسة الضريبية و أسعر السوق و ظروف العمل. و سوف نتبع سياسة ملائمة و مرنة لتقييد الرأسمالية من مختلف النواحي وفقا للظروف المحدّدة فى كلّ مكان و كلّ فرع و كلّ فترة." ( ماو تسى تونغ ، المجلّد الرابع من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ، صفحة 466، الطبعة العربية ؛ و صفحة 386 ، الطبعة الفرنسية).

و حقائق التحويل الإشتراكي للصين الثورية الماوية و تفاهات الخوجيين بهذا الشأن قد تناولناها بالتفصيل أعلاه و لا فائدة فى تكرارها.

الإستشهاد (77) ، صفحة 62 :

ورد على لسان الكيلاني الخوجي :" إنّ سلطة الديمقراطية الجديدة ليست موجّهة ضد إستثراء البرجوازية الوطنية بل هي تدافع عن مصالحها . يقول ماو فى عام 1957:" إنّ السياسة التى تعتمد على حماية كلّ صناعة و كلّ تجارة خاصّة تخدم الإقتصاد الوطني و على تشجيع نموّها هي سياسة كنّا طبقناها فى المناطق المتحرّرة و تبقى صحيحة. و ينبغى علينا مواصلتها و السياسة المتبعة وقت التخفيض فى إيجار الأرض و نسبة الربح الهادفة إلى تشجيع الملاكين العقاريين و الفلاحين الأغنياء لتوجيه أنشطتهم نحو الصناعة أو التجارة تبقى صحيحة أيضا...إنّ المؤسسات الصناعية و التجارية التابعة للملاكين العقاريين و الملاكين الأغنياء ن ينبغى حمايتها عامة و ينبغى مصادرة المؤسسات الصناعية و التجارية التابعة للرأسمال البيروقراطي و الطغاة المحلّيين و عناصر أخرى شديدة العداء للثورة...لا ينبغى أن تصل الضرائب على رغم المعاملات الصناعية و التجارية النافعة للإقتصاد الوطني إلى حدّ يضايق هذه المؤسسات".

عكس الإستشهاد السابق ، هذا الإستشهاد ليس موثّقا بالصفحة 190 بل بالصفحة 189 من المجلّد الرابع من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ،الطبعة الفرنسية و بالصفحة 236 من الطبعة العربية ،و هو ( الإستشهاد) جزء من النقطة 3 من " بعض المسائل المحدّدة فى سياستنا الخاصّة بالإصلاح الزراعي و الحركات الجماهيرية" و بالنتيجة هو الجزء الموجود قبل الإستشهاد (76) بالضبط. و الخوجي هذه المرّة ،كسابقاتها ، يواصل هوايته المفضّلة التى أمسينا نعرف جيّدا إذ كتب " يقول ماو فى عام 1957" و الواقع الدامغ أنّ النصّ مؤرّخ فى 18 جانفي 1948 و لا شيئ فى ذلك!! بالضبط كما لو قلنا كتب لينين "خطّتا الإشتراكية الديمقراطية فى الثورة الديمقراطية " سنة1923 ، عوض سنة 1905.

بالبساطة كلّها ، يقفز المتمركس الخوجي الدغمائي التحريفي على أهمّية المكان و الزمان فى تحديد مدى صحّة المواقف ،و بمثالية يقفز على الفرق بين المرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ،غرضه إيهامنا أنّ ماو يسلك سياسات ديمقراطية جديدة فى المرحلة الإشتراكية وهذا مجرّد لغو لا غير.

نعيدها ، لا ضرر فى ذلك إن أبلغنا أنّ ماو يمارس و يواصل ممارسة سياسة إنتهجها قبل تسع سنوات ، فى أثناء مرحلة قال عنها على الملإ بعد تجاوزها إنّها " أصبحت تنتسب إلى الماضي" (نقاش الإستشهاد 64) ، يواصل إنتهاجها فى مرحلة الثورة الإشتراكية التى شهدت منعرجا غاية فى الأهمّية منذ 1956-1957؛ حقّا لا ضرر فالأمر يضاهي أن يقول الخوجي إنّ ثورة أكتوبر حصلت سنة 1926 أو أنّ ستالين توفّي سنة 1962 و ما إلى ذلك ،لا ضرر...يظلّ الكيلاني الخوجي "رفيق" يبحث عن تخليص الخوجيين من الماوية و لا يهمّ إن ادخل تحويرات طفيفة و طفيفة جدّا على النصّ الأصلي إطارا و شكلا و مضمونا، لا يهمّ إطلاقا، لا يهمّ!!!


20- فضح الكذب و التزوير بصدد"التحوّل الإشتراكي للرأسمال الخاص: ماو يقتفي أثر بوخارين"

الإستشهاد (82) ، بالصفحة 66 :

جاء على لسان الكيلاني :" و يقول [ماو] فى مقال آخر تحت عنوان " حول الأسلوب الصحيح لمعالجة التناقضات فى صلب الشعب" :" هنالك من الرأسماليين من يبدون تردّدا كبيرا إزاء الدولة لأنّ شغفهم بالربح لم يغادرهم بعدُ ، و من جهة أخرى هنالك بعض العمّال يحرقون المراحل إذ لا يسمحون لرأس المال بأدنى ربح".

لم ترد هذه الجمل الماوية كما يدعى الخوجي فى مقال بعنوان " حول الأسلوب الصحيح لمعالجة التناقضات فى صلب الشعب" و المؤرّخ فى 27 فيفري 1957 ، بل أفصح عنها القائد البروليتاري الصيني فى مقال بعنوان " الطريق الوحيد لتحويل الصناعة و التجارة الرأسماليين" كتبه فى 7 سبتمبر 1953 ( نعم سنة 1953) ، بالصفحة 119/120 من المجلّد الخامس من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة." للمرّة الألف شعارات الخوجي هي : - لا للتفريق بين المرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية! – ليسقط التاريخ و لتعلو الأوهام! - نعم لإغتصاب الوقائع!

أوّل جملة من المرجع الأصلي لماو هي " تحقيق تحويل الإقتصاد الرأسمالي إلى إقتصاد إشتراكي مرورا برأسمالية الدولة"، كفكرة محورية للمقال. ما لم يرغب الخوجي فى أن نعرفه هو أنّ الماركسيين - اللينينيين و على رأسهم ماو شرعوا ،خاصة منذ 1953، فى إعداد أرضية التحويل الثوري للرأسمالية و لم يعملوا إطلاقا و أبدا على تأبيدها. لقد بذلوا قصارى جهدهم لبناء الإشتراكية و نجحوا فى ذلك إلى حدود أكتوبر 1976 وهو تاريخ الإنقلاب المعادي للثورة لجماعة دنك سياو بينغ - هواو كوفينغ على القيادة الثورية البروليتارية و مذّاك تحوّل لون الحزب الشيوعي الصيني و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين ونفّذت هذه الجماعة التحريفية البرجوازية الجديدة مخطّطها فى إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين .

و إلى نقطة جوهرية : ما المقصود ب" رأسمالية الدولة؟" يجيب ماو شارحا ، بالصفحة 120 من المجلّد الخامس : " مؤسسة مختلطة ذات رأسمال خاص و تابع للدولة ؛ مؤسسة تطبّق مطالب أو عمل تحويل لصالح الدولة التى تتولّى مدّها بكلّ المواد الأوّلية الضرورية و تتولّى شراء كلّ إنتاجها، مؤسسة تكتفى الدولة بشراء جزء كبير من إنتاجها- هذه هي الأشكال الثلاثة التى تتخذها رأسمالية الدولة فى الصناعة الخاصّة".

و كيفية توزيع المرابيح التى تحقّقها مؤسسات رأسمالية الدولة هي كالآتى ذكره ( الصفحة 120 من المجلّد الخامس):
"- أداءات على المداخيل 34.5%.
- صندوق الرفاهة 15%.
- صناديق المراكمة 30 %.
- أسهم تعطى للأعراف 20.5% ".

من هنا ندرك كيف أنّ الرأسمالية محاصرة و مقيّدة و موجّهة فى خدمة الشعب ( محاصرة و مقيّدة بطرق أخرى عرضناها عند نقاش الإستشهاد 64 ) و الصين التى تمّ فيها تطبيق هذه السياسة الثورية أثناء المرحلة الديمقراطية الجديدة هي على الكرة الأرضية ،الصين الماوية ، لا الصين الخيالية الخوجية المفبركة خصّيصا و حسب المقاس لتشويه مكاسب الثورة الماوية فى الصين و المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية إلى مرحلة ثالثة ،جديدة و أرقى هي الماركسية-اللينينية-الماوية.

مفيد فى هذا المجال كتاب " الصين الماوية : حقائق و مكاسب و دروس" المشار إليه أعلاه.



الإستشهاد (83) ، بالصفحة 66:

كتب الكيلاني :" و لإيهام الشعب الصيني بأنّ الثورة تتقدّم بإستمرار و لكي يتمكّن ماو من حماية أغلب الرأسماليين صنّف المؤسسات الصناعية و التجارية على خمسة أقسام: التى تحترم القانون و التى تحترمه فى الأساس و التى توليه نصف الإحترام و تخرقه بالنصف أيضا،و التى تخرق القانون فى الأساس و التى تخترقه كلّيا. و إذا إكتفينا بالمدن الكبرى فالثلاثة أصناف الأولى تمثّل حوالي 95% . أمّا الصنفان الباقيان فيمثّلان حوالي 5% . " ثمّ ستساءل الخوجي " فما هي الإجراءات الحازمة التى يعتزم ماو إتخاذها ضدّها؟" و يجيب:" كلّ ما فى الأمر أنّ ممثّل الصنف الأوّل من ال5% له الحقّ فى التواجد فى مراكز الإشراف فى التنظيمات المهنية البرجوازية و يطرد ممثلو الصنف الثاني من هذه المنظّمات و على الأخصّ إذا كان سلوكهم فى حركة "الووفان" غير مرضى. و هكذا تكون النتيجة النهائية لحركتي " السان فان" و "الووفان" ليست تقليص نفوذ البرجوازية بل تركه على حاله مع فتح الباب أمام المشاريع المشتركة مع السلطة".

لعلّ أوّل ما يتبادر إلى الذهن هو سؤال ما هي " السان فان " و "الووفان"؟ فى الصفحة 72 من المجلّد الخامس أي فى المقال نفسه المعنون " حول حركتي "السان فان" و "الووفان" ، تعريف بالمفهومين. كلمة " سانفان" تستعمل للدلالة على حركة نضالية خاضها الشيوعيون بقيادة ماو تسى تونغ فى نهاية 1951، ضمن العاملين فى أجهزة الدولة و مؤسساتها، ضد الفساد و التبذير و البيروقراطية. و مفردة "ووفان" تدلّ على الحركة التى إندلعت أوائل 1952 ،فى المؤسسات الخاصّة، ضد " العيوب الخمسة" التى يقترفها صناعيون و تجّار: الرشوة و التهرّب من دفع الضرائب و سرقة ممتلكات الدولة و عدم تنفيذ العقود المبرمة مع الدولة بشرف و سرقة المعلومات الإقتصادية . ( علما و أنّ الخوجي لا يذكر بالصفحة 66 من كتابه سوى إسم الحركة الثانية و يغيّب محتواها تغييبا تاما).

هاتان الحركتان لوحدهما تبيّنان بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ الماوية حاصرت و قيّدت البرجوازية الوطنية و الرأسمال الوطني فى ظلّ الديمقراطية الجديدة و صارعتهما ميدانيّا كأدقّ ما يكون الصراع و لم تكتف بذلك و إنّما حاربت حتى السلوكات البرجوازية فى صفوف العاملين فى قطاع الدولة التى تقودها البروليتاريا ،معبّئة الجماهير ضد الفساد و التبذير و البيروقراطية.

إنّ شيخنا المتمرّس على الإنتقائية إتخذ بنظرة إحادية الجانب من الدعوة لإعادة تنظيم المنظمات المهنيّة للبرجوازية الوطنية على أساس قيادة من إحترموا قانون الدولة الديمقراطية الجديدة التى تقودها البروليتاريا و طرد من عارضوه من تلك المنظّمات ( و الشيوعيون الماوين الصينيون محقّون فى هذا الإجراء الثوري) ، لرمي ماو جزافا بما يعنّ له. فالجانب التنظيمي لم يأت إلاّ تتويجا للإجراءات النضالية الأخرى و منها ما ذكرنا و ما مصدره المجلّد الخامس عينه، بالصفحة 67، ضمن المقال نفسه، بتاريخ نوفمبر 1951 أي خلال مرحلة الديمقراطية الجديدة ، لا بعدها :
" بالنسبة للحالات القليلة الأهمّية سيربّى المذنبون عبر النقد ، أمّا المذنبون الكبار فسيعزلون و يعاقبون أو يحاكمون بالسجن ( لتربتهم عبر العمل الشاق) و عدد معيّن من المختلسين الذين تكون حالتهم من أخطر الأحوال سيقع حتّى إعدامهم". و فى الصفحة 68 التى منها إقتطف الإستشهاد (83) ، نقرأ:" ...الرأسماليون الرجعيون الذين قاموا بالجرائم الأكثر خطورة سيقع عزلهم و الدولة ستكون مستعدّة لإصدار العقوبات المفروضة دون أن تلقى معارضة كبيرة ، مثلا، غرامات مالية ، مصادرة ، إيقاف ، حكم بالسجن أو الإعدام".

على هذا النحو ، إلى جانب إجراءات تقييد و محاصرة رأس المال الوطني فى نشاطه و تطوّره فى الصين ، جرى تطبيق الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا ضد اعداء الشعب من الإمبرياليين و الإقطاعيين و الرأسماليين البيروقراطيين/الكمبرادوريين و حتى ضد الرأسماليين الوطنيين العاملين على تجاوز قانون الدولة الديمقراطية الجديدة سنوات 1951 و 1952 ، قبل المرور إلى المرحلة الإشتراكية. فأين المفرّ يا أيها الخوجيون الدغمائيون التحريفيون و الحقائق التاريخية الفاقعة أمامكم و القراء و قد عرفواما تبطنون من كذب و تزوير و خداع من ورائكم؟




21- فضح الكذب والتزوير بصدد"الماوية و القوى المحرّكة للثورة:العمّال و الفلاّحون فى الثورة"

الإستشهاد (84) أ بالصفحة 69 :

ينقد الكيلاني بشدّة ماو على أنّه " أعطى الدور الأساسي فى الثورة للفلاحين و ترك البروليتاريا فى المرتبة الثانية" ( الصفحة 69) و يعطى الخوجي بعد ذلك الإنطباع بأنّه يستند فى ذلك إلى جمل ماو تسى تونغ:" يقول ماو :" إنّ النضال الحالي ضد المحتلّين اليابان هو من حيث الجوهر نضال الفلاحين و النظام السياسي للديمقراطية الجديدة فى جوهره يعنى إعطاء السلطة للفلاحين." و هذا يعنى أنّ جوهر النضال الديمقراطي و المعادي للإمبريالية لا يخرج عن إطار التغييرات التى تقبل بها البرجوازية الوطنية. أمّا إذا أزيحت البرجوازية من القيادة و تولّتها البروليتاريا فإنّ تغييرا جوهريّا يحدث فى المدى الذى ستأخذه الثورة و بالتالى تتحرّر من الأفق البرجوازي و تفتح الطريق لتحويلها إلى ثورة إشتراكية فى أسرع وقت ممكن". [ أنور خوجا ، صفحة 443 ]

نلقى نظرة على مراجع "الماوية معادية للشيوعية" ، فنجد " 84- ماو ، المؤلّف الثالث ، ص : 177-178" و هذا غير صحيح البتّة ذلك أنّ قول ماو متضمّن فى " الديمقراطية الجديدة" ، صفحة 332 من المجلّد الثاني ، الطبعة الفرنسية و صفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية. و لا غرابة فى ذلك فنحن إعتدنا على هذه الألاعيب الخوجية و الشيء من مأتاه لا يستغرب.

لنرصد ما قاله ماو تسى تونغ فعلا بالصفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية: " لقد قال ستالين إنّ " المسألة القومية هي ، فى جوهرها، مسألة الفلاحين" و هذا يعنى أنّ الثورة الصينية هي جوهريّا منح السلطات للفلاحين ، كما أنّ الثقافة الجماهيرية تعنى جوهريّا رفع مستوى الفلاحين الثقافي . و أنّ حرب المقاومة ضد اليابان هي جوهريّا حرب الفلاحين. إنّ اليوم يوم تطبيق "مبدأ الصعود إلى الجبال" فالإجتماعات و العمل و الدراسة و إصدار الصحف و تأليف الكتب و التمثيل المسرحي ، كلّ شيء يجرى على الجبال، و كلّه من أجل الفلاحين جوهريّا. و فى الجوهر إنّ الفلاحين هم الذين يقدّمون كلّ الأشياء التى تدعم المقاومة ضد اليابان و التى تستعين بها على الحياة. و نحن حين نقول " جوهريّا" إنّما نقصد أساسيّا ، دون أن نتجاهل فئات الشعب الأخرى. و هذا ما أوضحه ستالين نفسه. إنّ الفلاحين يشكّلون 80 % من سكّان الصين و هذا ما يعرفه كلّ تلميذ صغير. لذلك أصبحت مسألة الفلاحين المسألة الأساسية للثورة الصينية، و قوّة الفلاحين هي القوّة الرئيسية للثورة الصينية. و من حيث العدد يحتلّ العمّال بين سكّان الصين المرتبة الثانية بعد الفلاحين. فيوجد فى الصين عدّة ملايين العمّال الصناعيين و عشرات ملايين من العمال الحرفيين و العمّال الزراعيين . و لا يمكن للصين أن تحيا بدون عمالها فى مختلف الصناعات ، لأنّهم المنتجون فى القطاع الصناعي فى إقتصادنا. و لا يمكن للثورة ان تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة ، لأنّها قائدة الثورة الصينية و أكثر الطبقات ثورية."

نلمس معا ، بلا ريب و من جديد ، أنّ الخوجيين حين يهاجمون ماو تسى تونغ فهم فى الواقع و فعلا يهاجمون الماركسية- اللينينية و هذه المرّة يهاجمون مباشرة و دون مواربة ستالين حيث أنّ ماو أعاد فكرة ستالين التى صاغها فى خطابه " حول المسألة القومية فى يوغسلافيا" الذى ألقاه بتاريخ 30 مارس 1925 أمام اللجنة اليوغسلافية التابعة للجنة التنفيذية للأممية الشيوعية:" ... إنّ الفلاحين يشكّلون الجيش الأساسي للحركة الوطنية ،و بدون هذا الجيش من الفلاحين لا يكون هنالك و لا يمكن أن يكون هنالك حركة وطنية قويّة...و هذا هو المقصود عندما نقول إنّ المسألة القومية فى جوهرها ، مسألة الفلاحين"( الصفحة 536 من المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة"الطبعة العربية ، و بالصفحة 410 من الطبعة الفرنسية،أو الصفحة 228 من " الماركسية و المسألة الوطنية و الإستعمارية " كتاب لجوزاف ستالين ، منشورات نورمان بيتون ، باريس).

و نلمس معا أيضا أنّ شجب الخوجيين لماو بخصوص دور العمّال و الفلاحين فى الثورة لا أساس له من الصحّة ، ولا نحتاج مطلقا أن نضيف عشرات الجمل الماوية بهذا الصدد إلى نصّ ماو الموضوع أمامنا فهو بليغ بما فيه الكفاية:
1- الفلاحون الذين يشكّلون 80% من الصينيين هم القوّة الأساسية للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية . و ماو إذ يحدّد الفلاحين كقوّة أساسية للثورة الديمقراطية الجديدة يصبّ عليه الخوجيون جام غضبهم فيعتبرونه إنحدر إلى صفّ المراجعين التحريفيين لكن عندما يصرّح خوجا بالشيء ذاته :" إنّ الفلاحين الألبان مثّلوا القوة الرئيسية فى ثورتنا " ( الإستشهاد 30 ، صفحة 72) يرتقى إلى مرتبة المنظّر الثوري الفذّ!
2- و العمّال عدديّا و ليس بالمرّة سياسيا فى المرتبة الثانية . و لا يمكن للثورة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة، لأنّها قائدة الثورة الصينية و اكثر الطبقات ثورية.

على ضوء هذه الحقائق و غيرها يبدو واضحا أنّ الخوجيين ساروا بلا رجعة على درب تحريف علم الثورة البروليتارية كلفهم ذلك ما كلّفهم و سياسات هذه المجموعات الإصلاحية و برامجها غير البروليتارية أفضل دليل على ذلك.

ملاحظة : نتوقّف هنا لحظة ، لنسجّل أنّ فهرس مراجع " الماوية معادية للشيوعية" آخر ما يحتويه هو الإستشهاد (86) . مراجع بقيّة الإستشهادات لا محلّ لها فى كتاب الخوجي غير أنّ بحثنا عن الحقيقة و متعة تعميق المعرفة عبر البحث و التنقيب المفصّلان فرضا علينا متابعة المهمّة لنعثر على كلّ إستشهاد بماو و لا ندعه يمرّ دون فضح أكاذيب الخوجية التى تتناقض عدائيّا مع منهج البحث المادي الجدلي و الماركسية-اللينينية. و إليكم ما تكلّلت به مساعينا.


الإستشهاد (87) ، بالصفحة 70:

الكيلاني :" و على الثوريين [حسب ماو] من العمّال أن ينسحبوا من المدينة الرجعية للإلتحاق بالريف الثوري و بالتالى فإنّ الدور الرئيسي فى الثورة يحتله الفلاحون. أمّا الدور الثانوي فهو موكول للمدينة أي البروليتاريا. [أنور خوجا ، صفحة 444] نقرأ فى " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ما يلى :
إنّ وجود أعداء من هذا النوع يطرح مشكل القواعد الثورية. ستبقى المراكز المدينية زمنا طويلا تحت إحتلال الإمبريالية العالمية و حلفائها الرجعيين الصينيين و إذا أرادت القوى الثورية ألاّ تجنح إلى الحلول السهلة من الإمبريالية و عملائها ، لكنّها مصمّمة على مواصلة الكفاح ،إذا أرادت لنفسها أن تنمو و يصحّ عودها إذا كانت تنوى تجنّب المعركة الحاسمة ضد عدوّ قويّ طالما لم تصبح بالحجم الذى يخوّل لها خوضها ، ينبغى عليها أن تجعل من الريف المتخلّف قاعدة صلبة تكون فى طليعة التطوّر معقلا عسكريّا و سياسيّا و إقتصاديّا و ثقافيّا مقاومة عدو ضار يستعمل المدن لمهاجمة الجهات القروية لذلك جعل الثورة تنتصر خطوة خطوة فى كلّ البلاد عبر صراع طويل."

فتّشنا فى مؤلف ماو المذكور أعلاه فألفينا الفقرة فى الصفحة 436 من المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية؛ و الصفحة 337 من الطبعة الفرنسية:
جاء بالصفحة 436 من المجلّد الثاني، الطبعة العربية:" إزاء أعداء كهؤلاء، واجهنا مسألة القواعد الثورية أيضا. و بما أنّ الإمبريالية القويّة و حليفها القوي الرجعية فى الصين ظلت تحتلّ لمدّة طويلة مدن الصين الرئيسية ، فلا بدّ للصفوف الثورية أن تحوّل المناطق الريفية المتأخّرة إلى قواعد متقدّمة متوطّدة، إلى مواقع ثورية كبرى فى الميادين العسكرية و السياسية و الإقتصادية و الثقافية ، تعتمد عليها فى النضال ضد أعدائها الشرسين الذين يهاجمون المناطق الريفية بالإستناد إلى المدن، و فى كسب النصر الكامل للثورة تدريجيّا و خلال قتال طويل الأمد و ذلك إذا كانت تأبى المهادنة مع الإمبريالية و عملائها ، بل تصمّم على متابعة النضال ، و إذا كانت تنوى ان تكدّس قواها و تصلب عودها، و تتجنّب المعارك الحاسمة مع عدوّ قوي قبل أن تملك القوّة الكافية لذلك. و فى هذه الحال ، و بسبب التطوّر المتفاوت للإقتصاد الصيني ( الذى ليس إقتصادا رأسماليا موحّدا)، و بسبب إتساع الأرض الصينية ( حيث تجد القوى الثورية مجالا واسعا للمناورة) ، و بسبب أنّ المعكسر المعادي للثورة فى الصين منقسم على نفسه و مليئ بالتناقضات و أن نضال الفلاحين الذين هم القوّة الرئيسية فى الثورة الصينية يجرى تحت قيادة حزب البروليتاريا - الحزب الشيوعي ، فإنّ من الممكن أن تنتصر الثورة الصينية أوّلا ، فى المناطق الريفية، هذا من جهة ، و لكن ، من جهة أخرى ، سوف يسبّب ذلك تفاوتا فى تطورات الثورة ممّا يجعل مهمّة كسب النصر التام فيها مهمّة طويلة الأمد و شاقة. و عليه ، يصبح جليّا أن النضالات الثورية الطويلة الأمد فى هذه القواعد الثورية هي ، بصورة رئيسية، حرب عصابات يخوضها الفلاحون تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. و بالتالى ، فإنّ وجهات النظر التى تهمل إستخدام المناطق الريفية كقواعد ثورية، والتى تهمل القيام بالعمل الشاق الدؤوب بين الفلاحين، والتى تهمل حرب العصابات ، لهي جميعا وجهات نظر غير صحيحة " و كأنّ ماو يتوجّه حصرا لوجهات النظر الخوجية !

و بغضّ النظر عن التعريب الخوجي المختلّ ( تصريف الأفعال فى المضارع عوض الماضي"ظلّت تحتلّ " و ليس " ستبقى " و تراكيب الجمل المهتزّة...و إمكانية دحض الدعوي الخوجية بالرجوع فقط إلى ما كتبنا فى مقارعة الإستشهاد 84 ، نحرص حرصا بليغا على تأكيد أنّ الصين موضوع حديث ماو تسى تونغ هي البلد المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي و الصين ليست روسيا أو غيرها من البلدان الرأسمالية الإمبريالية حتى يعمد الخوجي إلى إيراد فقرة للينين (صفحة 71) عن الثورة فى روسيا معتبرا إيّاها محكّا لصحّة أو خطإ النظرة الماوية عن بلد مستعر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و يتجاهل الخوجي دون أدنى ظلّ من الشكّ مختلف أطروحات لينين بصدد المستعمرات و اشباه المستعمرات مثلما يدير ظهره تماما لجميع كتابات ستالين عن الثورة الصينية فعلى طول الكتاب و عرضه لا أثر لتلك الأطروحات و الكتابات و كأنّها تبخّرت و كأنّها غير موجودة أو غير صالحة أصلا. أليس هذا من العجب العجاب من أناس يدّعون أنّهم لينينيون !!!

فلينين فى " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق" ( راجعوا ما فصّلناه فى النقاش بشأن الإستشهاد 58) إعترف كمادي بحقيقة موضوعية هي أنّ شيوعيي تلك البلدان تواجههم " مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل" و ذلك لأنّ تلك البلدان لها " ظروف خاصة غير موجودة فى البلدان الأوروبية". يبدو أنّ الخوجي بما هو خوجيّ عند عقده المقارنات بين المستعمرات و أشباه المستعمرات ، الصين مثلا ، من جهة و روسيا مثلا كبلد راسمالي إمبريالي على أنّهما متماثلان فى طريق الثورة ، عند عقده هذه المقارنات الغبيّة والسخيفة ، تجاهل هذه الحقيقة أو لعلّه يعتبر الصين بلدا أوروبيّا !!!

خلط الأوراق هذا بثّا للبلبلة و ذرّا للرماد على الحقائق الأوّلية و عدم التفريق بين طريق الثورة فى الدول الرأسمالية الإمبريالية و الدول المستعمرة و شبه المستعمرة ليس بالأمر الجديد فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ف"المعارضة" داخل الحزب البلشفي إرتكبت الحماقة عينها. كتب ستالين يقول فى " حول الصين "، الصفحة 288 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية " (منشورات نورمان بيتون ، باريس):
" عدم التمييز و عدم فهم هذا الإختلاف و مماثلة الثورة فى البلدان الإمبريالية مع الثورة فى البلدان المستعمَرة ( بفتح الميم) هو خروج عن النهج الماركسي و عن النهج اللينيني ؛ هو إنخراط فى نهج أنصار الأممية الثانية.
و هذا ما كان لينين يقوله بهذا المضمار فى تقريره عن المسألة الوطنية و الإستعمارية للمؤتمر الثاني للأممية الشيوعية : ما هي الفكرة الأكثر أهمّية ، الفكرة الجوهرية لأطروحاتنا؟ هي التمييز بين الشعوب المضطهَدة [ بفتح الهاء] والمضطهِدة [بكسر الهاء]. نشدّد على هذا التمييز على عكس موقف الأممية الثانية و الديمقراطية البرجوازية " [التسطيرلستالين]. الخطأ الجوهري للمعارضة هو أنّها لا تفهم و لا تقرّ بهذا الإختلاف بين نوع من الثورة و النوع الآخر منها".
و شدّد ستالين على خصوصيّات الثورة الصينية و ميزاتها و منها أنّ " فى الصين تقاتل الثورة المسلّحة ضد الثورة المضادة المسلّحة. تلك هي إحدى خصائص الثورة الصينية و إحدى ميزاتها" ( من مقالة لستالين " آفاق الثورة فى الصين").

فهل يبغى الخوجيّون من الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية وهما كما فسّر ماو لا يملكان القوّة العسكرية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية الكافية ليدخلا فى معركة أو معارك حاسمة و العدوّ أشدّ بطشا و أعتى بعشرات المرّات أن ينتحر؟، بكلمات أخرى أ يبغون منهما المغامرة المؤدية مباشرة و بالتأكيد إلى الهزيمة النكراء؟!أم أن يلقوا السلاح الذى يرفعون و يحلّوا الجيش و يفكّكوا القواعد التى بنوها و يعودوا إلى المدن فى حين أنّ الواقع برهن و أصبح " فى حكم المؤكد أنّ الوسيلة الرئيسية او الشكل الرئيسي للثورة الصينية لا يمكن أن تكون سلمية ، بل يجب أن تكون مسلّحة"( ماو المجلّد الثاني ، الصفحة 436) أو بمفردات ستالين أن تتخلّى الثورة الصينية عن " إحدى خصائصها و إحدى ميزاتها" لتتطابق مع قوالب الخوجيين الدغمائية التى لا تفرّق بين طريق الثورة فى البلدان الإمبريالية و فى أشباه المستعمرات وسياساتهم فى تربيع المثلّثات"؟!

هل يبغون ذلك أو يودّون من الحزب الشيوعي الصيني أن يخوض أوّلا نضالا مسلّحا فى المدن التى تسيطر عليها الإمبريالية القوية و حليفها القويّ، القوي الرجعية فى الصين على شاكلة " بادرماينهوف الأمانية " أو "الجيش الأحمر الياباني" أو... و هؤلاء من وجهة النظر اللينينية مخطئين فى منهج و طريق الثورة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية و كيفية مراكمة القوى الثورية هناك؟!

الصين ليست بلدا أوروبيّا و ليست بلدا رأسماليّا إمبرياليّا. طبيعة المجتمع و المهمّة الجديدة التى تفترضها و لم تواجه شيوعيي العالم بأسره من قبل و التجربة الصينية عينها تثبت و تبرهن بقوّة أنّ حرب الشعب طويلة الأمد مثلما نظّر لها و مارسها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ مثّلت الحلّ الصائب و الإجابة الماوية الصحيحة لواقع المستعمرات و أشباه المستعمرات على المستوى العسكري. طريق الثورة الصينية مغاير لطريق أكتوبر ،" محاصرة الريف للمدينة " و حرب ثورية دامت لأكثر من عشرين سنة ( حرب الشعب طويلة الأمد) أفضيا إلى إنتصار باهر للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية/ الكمبرادورية سنة 1949 بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و بتهليل و ترحيب عظيمين من ستالين و الحركة الشيوعية العالمية . و مرّة أخرى ، إعتبار طريق حرب الشعب طريقا إنتهازيّا برجوازيّا هو طعن مباشر فى ستالين و الأممية الشيوعية و أحزابها اللذان لم يكتشفا ذلك حسب المنطق الخوجي فليوجّه الخوجيون صراحة سياط نقدهم لستالين و للأممية الشيوعية و أحزابها .

و بالفعل قبل ذلك ، فى أوائل الثلاثينات ، طُبّق " البلاشفة 28 و نصف" لأكثر من مرّة الخطّ الدغمائي الذى يدافع عنه الخوجيون ، داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته وعلى الثورة الصينية ذاتها فجرى التركيز فى العمل على المدن لإفتكاكها قبل الإستيلاء على الريف و مني بالفشل الذريع الذى عرّض إلى الخطر وجود الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية بعامّة و كاد يقضى عليهما قضاء مبرما لولا المسيرة الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .و ذلك قبل أن تغدو قيادة الحزب الشيوعي الصيني ماويّة أي قبل هذه المسيرة الكبرى سنة 1935 و إجتماع تسونيى.

بعد هذا كلّه يتجرّا الخوجيون و يوجهون سيلا لا ينقطع من الشتائم و التهم لماو المستفيد من التجارب الميدانية و العيانية و المشخّصة و الممارسة العملية للثورة الصينية و من توجيهات لينين و ستالين، طالبين منه و من الماويين من جديد تطبيق خطّ خاطئ و ضار للثورة كلّفها دماء و آلام و تضحيات الآلاف من أفضل بنات و أبناء الشعب و الشيوعيين و الشيوعيات أي إعادة الحياة لجثّة عفنة شبعت موتا و رائحتها غاز قاتل ، و بالتالى التفريط فى المغزى العميق لتطوير ماو الثوري للنظرية العسكرية للبروليتاريا العالمية. فيا لبؤس الفكر الخوجي!

و لأجل أن نحيط بالمسألة من جميع جوانبها ، نخلص إلى ما جاء فى معرض معالجة ماو لموقع كلّ من الريف و المدينة و كيفية العمل فيهما ضمن إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد كطريق للثورة الصينية متباين مع طريق أكتوبر الروسي ، فلا نجد ما يلمح لا من قريب و لا من بعيد إلى أنّه " على الثوريين من العمّال أن أن ينسحبوا من المدينة الرجعية" ( و الكلام للكيلاني الخوجي ، بالصفحة 70 من كتابه الذى بوسعنا الآن نعته بالمهزلة !).

مطوّلا يشرح ماو تسى تونغ نفسه قائلا بالضبط فى الفقرة الموالية لتلك التى أوردنا فى ما مرّ بنا فى هذه النقطة بالذات ( الصفحة 437-438 من المجلّد الثاني):
" على أنّ التشديد على أهمّية النضال المسلّح لا يعنى أن يجوز لنا الإعراض عن النضال بالأشكال الأخرى ، بل الأمر على النقيض من ذلك، فإنّ النضال المسلّح لا يمكن أن ينتصر إذا لم تدعمه نضالات بأشكال أخرى. كما أنّ إيلاء إهتمام خاص للعمل فى القواعد الريفية لا يعنى أنّه يجوز لنا التخلّى عن عملنا فى المدن و فى المناطق الريفية الواسعة الأخرى التى لا تزال تحت سيطرة العدوّ؛ بل الأمر على النقيض من ذلك ، إذ أنّ قواعدنا الريفية ستصبح معزولة و أنّ الثورة ستتعرّض للهزيمة إذا لم نقم بالعمل فى المدن و فى المناطق الريفية الأخرى . و فضلا عن ذلك، فإنّ الهدف النهائي للثورة هو الإستيلاء على المدن التى تشكّل القواعد الرئيسية للعدوّ ، فلا يمكننا بلوغ هذا الغرض إذا لم نقم بما يكفى من عمل فى المدن.
و هكذا ، فإنّه من الواضح أن الثورة لا يمكن أيضا أن تنتصر فى الأرياف و المدن معا بدون تدمير قوات العدوّ التى تشكّل أداته الرئيسية فى نضاله ضد الشعب. و لهذا ، يصبح من أعمالنا المهمّة تفكيك قوات العدوّ ، إلى جانب إفناء قواته فى المعارك.
و إنّه لمن الواضح أيضا أنّه لا يجوز للحزب الشيوعي ، حين يقوم بالدعاية و العمل التنظيمي فى المدن و المناطق الريفية الرجعية المظلمة التى ظلّ العدوّ يحتلّها منذ وقت طويل ، أن يتبنّى سياسة المغامرة التى تتسم بالتهوّر و التسرّع ، بل يجب أن يتبنّى السياسة القاضية بإنتقاء خيرة الكوادر للعمل بصورة سرّية و تجميع قوتنا و إدخارها إنتظارا للوقت الملائم. و يجب على الحزب ، حين يقود الشعب فى النضال ضد العدوّ ، أن يتبنّى تكتيك التقدّم فى النضال خطوة فخطوة، و بصورة ثابتة و مأمونة ، إنطلاقا من المبدأ القاضي بأن يكون النضال مبرّرا و مفيدا و محدودا، و ذلك بالإستفادة من كلّ ما يمكن الإستفادة منه من أشكال النشاط العلنية و المشروعة التى تسمح بها القوانين و المراسيم و العرف الإجتماعي ، فلا يمكننا إحراز أي نجاح بالصيحات العالية و التصرّفات الطائشة".
و لكم التعليق...

الإستشهاد (88) ، بالصفحة 71:

الكيلاني :" و يقول [ماو] فى مكان آخر " أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم أو رفضهم". [ أنور خوجا ، صفحة 444].

مصدر هذه الجملة المعزولة عن إطارها (وهو ليس كما توحى عبارة " فى مكان آخر" أنّه فى نفس المرجع السابق أي " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ) هو " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان"(مارس 1927) بالمجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الصفحة 22 من الطبعة الفرنسية و الصفحة 30 من الطبعة العربية و ذلك ضمن الفقرة المعنونة " أهمّية مسألة الفلاّحين" الآتى ذكر جزء منها:" إنّ ما يقال ضد حركة الفلاحين يجب تصحيحه بسرعة . و كلّ الإجارءات الخاطئة التى إتخذتها السلطات الثورية فيما يتعلّق بحركة الفلاحين يجب أن تصحح على وجه السرعة. و بهذا وحده يمكن إفادة مستقبل الثورة بعض الفائدة. ذلك لأنّ النهضة الراهنة التى تشهدها حركة الفلاحين هي حدث هائل. و لن تنقضى إلاّ فترة قصيرة حتى يهبّ فى هذه النهضة مئات ملايين منالفلاحين فى مقاطعات الصين الوسطى و الجنوبية و الشمالية بسرعة خارقة و قوّة جارفة كالعاصفة العاتية، لا تستطيع أيّة قوة أخرى ، مهما تكن عظيمة أن تقف فى وجهها. و هم سوف يحطّمون جميع القيود و الأغلال التى تكبلهم ، و ينطلقون قدما فى الطريق المؤدّية إلى التحرّر . و سوف يقذفون فى غياهب القبور بجميع الإمبرياليين و أمراء الحرب و الموظّفين الفاسدين و العتاة المحلّيين و الوجهاء الأشرار. أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق الثوريون فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختبار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم. أتسير على رأس الفلاحين و تقودهم؟ أم تقف وراء ظهورهم معيبا لهم؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم؟ إنّ لكلّ صيني الحرّية فى أن يختار أحد هذه المواقف الثلاثة ، بيد أنّ الظروف ستجبرك على الإختيار العاجل".

الكيلاني الخوجي مثل معلّمه الذى إستخدم ذات الإستشهاد قبله ، لم يطرح سؤال لماذا يقبل الفلاحون أو يرفضون تلك الأحزاب و أولئك الرفاق. حلفاء الطبقة العاملة و القوّة الرئيسية للثورة الديمقراطية الجديدة طبيعيّا و موضوعيّا سيقبلون بالرفاق و الأحزاب الثورية الديمقراطية الجديدة من خلال الحزب الشيوعي الصيني غايتها هي إستنهاض الجماهير الشعبية لا سيما الفلاحين الفقراء فى الريف كطبقة مصالحها أقرب إلى البروليتاريا و تحالفها معها أصلب تكون طليعة الفلاحين القوّة الرئيسية للثورة و لا مصلحة بل كلّ الضرر للحزب الشيوعي الصيني و للثورة الصينية الديمقراطية الجديدة فى قمع حركة الفلاحين المتصاعدة. لذا دعا ماو و على أساس دراسة ميدانية الحزب الشيوعي الصيني ألاّ يتخلّى عن حليفه الأساسي و أن يسير على رأس الفلاحين و يقودهم وهو الموقف الصحيح و الثوري الوحيد متخطّيا موقفي الوقوف وراء ظهور الفلاحين معيبا لهم و الوقوف فى وجوههم مناهضا لهم فالموقفان الأخيران لا يخدمان إلاّ التيّار الرجعي للكومنتانغ آنذاك و الإقطاعيين أعداء الثورة.

ولتأصيل المقالة " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خاونان" فى تاريخ الثورة الصينية و تاريخ الصراع داخل الحزب الشيوعي الصيني عينه نمدّكم بالإطار الذى تتنزّل فيه ( بالصفحة 29-30 من المجلّد الأوّل ، الطبعة العربية) :" كتب الرفيق ماو تسى تونغ هذه المقالة كردّ على النقد الموجه من داخل الحزب و خارجه آنذاك لنضال الفلاحين الثوري . و لأجل الردّ على ذلك النقد سافر الرفيق ماو تسى تونغ على مقاطعة خونان حيث مكث 32 يوما أجرى خلالها تحقيقا ثمّ كتب هذا التقرير. فلم يقبل رأيه الإنتهازيون اليمينيون فى الحزب يومذاك بقيادة تشن دوشيو و أصرّوا على آرائهم الخاطئة. و قد كان خطأهم الأساسي أنهم لم يجرؤوا ،و قد أرهبهم التيّار الرجعي للكومنتانغ ، على تأييد النضالات الثورية العظيمة التى خاض غمارها الفلاحون أو كانوا على وشك خوض غمارها .و فضّلوا ، تساهلا مع الكومنتانغ، هجر الفلاحين الذين هم الحليف الرئيسي الأوّل ، ممّا أدّى إلى عزل الطبقة العاملة و الحزب الشيوعي و تركهما بلا قوّة مساعدة . و السبب الرئيسي فى أن الكومنتانغ تجرّأ على خيانة الثورة و شنّ حملة ل " تطهير الحزب" و إعلان الحرب على الشعب فى صيف 1927 هو أنّه تمكّن من إستغلال هذا الضعف فى الحزب".

و على الفور نتأمّل معا رأي ستالين فى خطإ الحزب الشيوعي الصيني و حصرا خطأ الإنتهازيين اليمينيين الذين كانوا فى دفّة القيادة الحزبية ، هذا الخطإ الذى كشفه ماو تسى تونغ و نقده و قدّم بديلا له الموقف الصائب الذى يتعيّن إتخاذه إنطلاقا من معطيات صارخة. فى غرّة أوت 1927، بضعة أشهر إثر تقرير ماو، ،فى مقاله " حول الصين" ذكّر ستالين بموقفه فى خطاب ألقاه أمام اللجنة الصينية للأممية الشيوعية فى نوفمبر 1926 و صدر تحت عنوان " آفاق الثورة فى الصين" : " أعلم أنّ فى صفوف أعضاء الكومنتانغ و حتى فى صفوف الشيوعيين الصينيين ، ثمّة من لا يعتبرون ممكنا شنّ الثورة فى الريف ، خوفا من عرقلة الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية بجرّ الفلاحين إلى الثورة. إنّه خطأ عميق جدّا، أيّها الرفاق. إنّ الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية فى الصين ستكون أقوى و أعتى بقدر ما سيتمّ جرّ الفلاحين الصينيين بأسرع ما أمكن إلى الثورة و بصورة عميقة ". ( صفحة 294 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية "،منشورات نورمان بيتون، باريس).

هل ثمّة أشدّ وضوحا من هذا الموقف الثوري لكلّ من ستالين و ماو؟ و هل ثمّة أشدّ زهوقا من باطل الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين؟!

==========22- فضح الكذب و التزوير بصدد" الدكتاتورية المشتركة "========

الإستشهاد (92) ، بالصفحة 74:

الكيلاني:" خرج [ماو] على الطبقة العاملة بديمقراطية هجينة ، خليط بين الديمقراطية الثورية و بين الديمقراطية البرجوازية. يقول شارحا فكرته:" ما هو إذن النظام الدستوري للديمقراطية الجديدة ؟ إنّه الدكتاتورية المشتركة التى تمارسها طبقات عديدة ثورية ضد خونة الأمّة و الرجعيين . قيل قديما : إذا توفّر الطعام فليأخذ كلّ نصيبه. و أعتقد أنّ هناك بعض الشبه بين هذا و بين الديمقراطية الجديدة. و بما أنّ الجميع يتقاسمون الطعام عندما يتوفّر، من غير المسموح لحزب واحد و لمجموعة واحدة أو لطبقة واحدة إحتكار السلطة". [ أنور خوجا ، صفحة 448].

هذا الكلام فى إرتباط وثيق بالديمقراطية الجديدة كمرحلة ممهّدة للثورة الإشتراكية و ما فكّكناه قبلا قد يفي بالغرض و يزيد إلاّ ّأنّه ينبغى إماطة اللثام عن السفاسف الخوجية جميعها و إلى النهاية.

الفقرة الأصلية موثّقة فى الصفحة 576 من المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ،الطبعة العربية ( أمّا الطبعة الفرنسية فبالصفحة 439):
" ما هو الحكم الدستوري للديمقراطية الجديدة ؟ إنّه الدكتاتورية المشتركة لعدّة طبقات ثورية على الخونة والرجعيين. و فى الماضي قال أحد الناس :" إذا كان ثمّة طعام فليتقاسمه الجميع". و أعتقد أنّ هذا القول يمكن أن ينطبق على الديمقراطية الجديدة. فما دام للجميع أن يتقاسموا الطعام الموجود ، يجب ألاّ تحتكر السلطة من قبل حزب واحد أو جماعة واحدة أو طبقة واحدة... ذلك هو الحكم الدستوري الذى نحتاج إليه فى الوقت الحاضر. و إنّ الحكم الدستوري من هذا النوع هو بالذات الحكم الدستوري للجبهة المتحدة ضد اليابان" (التسطير مضاف ).

جاء الكلام أعلاه فى فيفري سنة 1940، ضمن خطاب " حكم دستوري للديمقراطية الجديدة" " ألقاه الرفيق ماو تسى تونغ أمّا جمعية يانان للحثّ على إقامة الحكم الدستوري . إنّ دعاية تشيانغكاي شيك الخداعة حول ما يسمّى بإقامة الحكم الدستوري وقتذاك قد ضلّلت كثيرا من الرفاق داخل حزبنا فجعلتهم يعتقدون أنّ الكومنتانغ قد يقيم الحكم الدستوري بالفعل. لذلك فضح الرفيق ماو تسى تونغ فى هذا الخطاب خداع تشيانغكاي شيك منتزعا من يديه هذا السلاح الدعائي للحكم الدستوري و حوله إلى سلاح لتوعية الشعب من أجل المطالبة بالديمقراطية و الحرّية من تشيانغ كاي شيك. فطوى تشيانغ كاي شيك خديعته هذه فورا و لم يجسر طوال مرحلة حرب المقاومة ضد اليابان أن ينادي مرّة أخرى بحكمه الدستوري المزعوم" ( صفحة 573-574، المجلّد الثاني ،الطبعة العربية).

إذا، ماو كان يطالب بالديمقراطية و الحرّية من تشيانغ كاي شيك للشعب و للحزب الشيوعي الصيني كسلاح لتوعية الشعب فى " الوقت الحاضر" آنذاك،زمن الجبهة المتحدة ضد اليابان فلا مكان ، أيّها الخوجيّون للغو حول " سلطة المستغٍلّين و المستغَلّين "( مفهوم غريب عن الماركسية :صفحة 74 ،" الماوية معادية للشيوعية") فالديمقراطية الجديدة كثورة فى بلد مستعمر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي ليست موجّهة ضد رأس المال ( لنتذكّر لينين جيّدا و ما أبديناه من ملاحظات على الإستشهاد 58، هذا دون الحاجة إلى تفاصيل دقيقة تجدونها فى مقرّرات الأممية الشيوعية و لدى ستالين فى " آفاق الثورة فى الصين" و غيرها من الوثائق) بل ضد الخونة و الرجعيين و تحديدا ضد الإمبريالية و الإقطاعيين و الرأسماليين البيروقراطيين/ الكمبرادوريين. نعيدها بصوت عال فى أذن الخوجيين لعلّهم يعون أنّ ثورة الديمقراطية الجديدة ليست هي الثورة الإشتراكية فكفى خلطا بينهما و كفى نشرا للإلتباس و كفى إفتراءا على القائد البروليتاري العالمي العظيم ؛ لكن هيهات، ندرك سلفا أن نداءنا للخوجيين - خاصة من يقدّمون أنفسهم كقادة لهم- سيذهب أدراج الرياح بإعتبار أن نشر الإلتباس و الإفتراء و الكذب مسألة قارة مبدئية فى تعاطيهم مع الماركسية-اللينينية و الماوية كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية.

الإستشهاد (93)، بالصفحة 74 :

الكيلاني:" و عن طريق الدكتاتورية المشتركة ذيّل ماو البروليتاريا للبرجوازية و جعلها تتخلّى عن دورها القيادي فى الثورة لفائدة مستغليها . هذا هو جوهر الفكر الماوي. يقول ماو " إعتمادا على مبدأ الجبهة الوطنية الموحدة المعادية لليابان و المتعلّق بتركيبة أجهزة السلطة يجب أن يكون فيها ثلث من الشيوعيين و ثلث و ثلث من عناصر اليسار التقدّمية من غير الشيوعيين و ثلث من العناصر الوسطية التى لا هي من اليسار و لا هي من اليمين".

ومرجع جملة ماو هذه هو المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الصفحة 590 من الطبعة العربية و الصفحة 450 من الطبعة الفرنسية. خائضا فى " مسألة السلطة السياسية فى مناطق القواعد المناهضة لليابان" ( 6 مارس 1940) ، قال ماو " 4- وفقا لمبدأ سلطة الجبهة الوطنية المتحدة ضد اليابان ، يجب ان يكون توزيع المقاعد كما يلى : ثلث للشيوعيين ،و ثلث للتقدّميين اليساريين اللاشيوعيين ،و ثلث للفئات المتوسّطة التى ليست يسارية و لا يمينية".

عندئذ مسألة توزيع المقاعد على ذلك النحو متعلّقة بطور معيّن من مجرى الثورة الديمقراطية الجديدة وهو طور الجبهة الوطنية المتحدة ضد اليابان و لا ينطبق على ما سبق ذلك و لا على ما لحقه من المرحلة الديمقراطية الجديدة و تمّ ذلك سنة 1940 و ليس قبلها و لا خلال الحرب الأهلية المقبلة ، بعد طرد اليابان و لا بعد الإفتكاك التام للسلطة عبر الصين كافة. التعميم و التجريد حينئذ يجعلان من التكتيك إستراتيجيا و هذا تحريف للفهم الماوي و تشويه لسلطة الديمقراطية الجديدة أو الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية كتحالف للطبقات الثورية الصينية بقيادة البروليتاريا ضد أعداء الثورة. و أعرب ماو صراحة و مباشرة و بتصميم أنّه " لا يمكن للثورة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة ،لأنّها قائدة الثورة الصينية و أكثر الطبقات ثورية". ( المجلّد الثاني ، الصفحة 512 و راجعوا أيضا التعليق على الإستشهاد 84) و أمّا كيفية تجسيد تلك القيادة فالمسألة ليست شكلية عددية بقدر ما هي مسألة صراع من أجل التأثير و الإشعاع و الإقناع لتطبيق سياسات صحيحة و قد شرح ماو تفكيره بالضبط إثر النقطة (4) التى إستشهد بها الخوجي فأوضح :" 5- يجب تأمين المكانة القيادية للشيوعيين فى أجهزة السلطة السياسية ، و لذا فإنّ الشيوعيين الذين يشغلون ثلث المقاعد يجب أن يكونوا من أصحاب الكفاءة و الصفات الرفيعة . و سوف يكون هذا كافيا من أجل تأمين قيادة الحزب فيها من دون تمثيل أوسع فليست القيادة شعارا تلوكه الألسن ليل نهار كما انّها لا تعنى أن نخضع الآخرين لآرائنا بغطرسة ، بل تعنى أن نطبّق سياسات الحزب الصحيحة و نكون قدوة فى العمل، و ذلك هو السبيل لإقناع و تثقيف الأشخاص الذين خارج الحزب حتى يقبلوا مقترحاتنا عن طيب خاطر".

و يمضى ماو فى نقاطه ليحدّد دوافع و أسباب تلك السياسة ماديّا وفق الواقع الملموس لوقتئذ :" 6- يجب أن يمنح التقدّميون الذين خارج الحزب ثلث المقاعد لأنّهم مرتبطون بالجماهير الغفيرة من البرجوازية الصغيرة. و سيكون لهذا الأمر أثر بالغ فى كسب البرجوازية الصغيرة إلى جانبنا. -7- إن غرضنا من تخصيص ثلث المقاعد للفئات المتوسّطة هو كسب البرجوازية المتوسّطة و الوجهاء المستنيرين فكسب هذه الفئات يشكّل خطوة هامة فى عزل المتعنّتين و لا يجوز لنا أبدا فى الوقت الراهن أن نغضّ النظر عن قوّة هذه الفئات، و لذلك يجب أن نعاملها بتدبّر و تبصّر.[ التسطير مضاف].

8 - بالنسبة إلى أولئك الأشخاص اللاشيوعيين ، يجب أن يكون موقفنا تجاههم موقف التعاون، سواء أكانت لهم إرتباطات بالأحزاب و الجماعات السياسية الأخرى أم لا ، و مهما كان الحزب أو الجماعة أو الجماعة السياسية طالما يفضّلون المقاومة ضد اليابان و يرغبون فى التعاون مع الحزب الشيوعي". ( المجلّد الثاني، صفحة 590-591).
وفى هذا السلك لا يبتعد ماو قيد أنملة عن المبادئ اللينينية و إنّما بالعكس تماما هو يجسّد اللينينية فى فهمها لمسألة التكتيك و التحالفات الطبقية . و تحديدا يطبّق القائد البروليتاري العالمي العظيم المبدأ التكتيكي اللينيني الذى لخّصه ستالين على النحو التالي :" المبدأ القاضي بأنّ يستخدم الحزب الشيوعي فى كلّ بلد أدنى إمكانية ضمان حليف جماهيري للبروليتاريا ، مهما كان حليفا مؤقّتا ، غير ثابت، غير مأمون، غير مضمون".( " المسألة الوطنية و الإستعمارية "، صفحة 261).

الإستشهاد 94 ، الصفحة 75 :

يواصل الكيلاني الخوجي كذبه :" ماو لم يقف عند حدود سياسة " الثلاث أثلاث" بل تخطاها إلى شكل فضفاض اكثر من السابق . يقول ماو :" ففى "الكيانغسو" الشمالي و فى مناطق أخرى أين بدأنا بتركيز السلطة الديمقراطية المعادية لليابان ، من الممكن أن تكون نسبة الشيوعيين أقلّ من الثلث، و فى الهيئات الحكومية و الهيئات التمثيلية يجب إدخال ممثّلى البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية و الذين ليسوا معادين نشيطين للشيوعية. و ينبغى أيضا قبول عناصر الكومنتانغ الذين لا يعارضون الحزب الشيوعي . و بإمكاننا أيضا إدخال عدد قليل من العناصر اليمينية إلى الهيئات التمثيلية . [ لا ] يجب على حزبنا أن يسيطر على كلّ شيء مهما كان من أمر. إنّنا إذا أطحنا بدكتاتورية البرجوازية العميلة و الملاكسن العقّاريين الكبار، لا يعنى هذا تعويضها بدكتاتورية الحزب الشيوعي وحده".
قبل ماو فى النهاية أن تكون نسبة الشيوعيين أقلّ من الثلث لفائدة العناصر المتردّدة و اليمينية الرجعية المعادية للشعب!! لا بأس!! إذ لا يجب تعويض الدكتاتورية المطاح بها " بدكتاتورية الحزب الشيوعي وحده"."

المصدر الأصلي لما إقتطفه الخوجي هو المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الصفحة 479 و 480 من الطبعة الفرنسية و هاكم المقتطف كما ورد بالصفحة 631-632 من الطبعة العربية: " تركيب اجهزة السلطة السياسية : يجب ان نطبّق بحزم " نظام الأثلاث الثلاثة" الذى يقضى بأن يحتلّ الشيوعيون ثلث المقاعد فقط فى أجهزة السلطة السياسية مع إجتذاب عدد كبير من اللاشيوعيين إلى هذه الأجهزة. و فى بعض المناطق مثل شمالي جيانغسو ، التى بدأنا فيها فى تأسيس السلطة السياسية الديمقراطية المناهضة لليابان، يجوز ان تكون نسبة المقاعد التى يحتلّها الشيوعيون دون ثلث. يجب إجتذاب من لا يتحمّس لأمر مكافحة الحزب الشيوعي من ممثّلى البرجوازية الصغية و البرجوازية الوطنية و الوجهاء المستنيرين، على المشاركة فى الأجهزة الحكومية و هيئات الشعب التمثيلية على حدّ سواء؛ و يجب أيضا أن يسمح لعدد ضئيل من العناصر اليمينية بالإشتراك فى هيئات الشعب التمثيلية. و حرام ان يحتكر حزبنا كلّ شيء . فإنّنا نريد فقط تدمير دكتاتورية البرجوازية الكومبرادورية الكبيرة و طبقة كبار ملاك الأراضي ، و لا نريد أن نحلّ محلّها دكتاتورية الحزب الواحد من قبل الحزب الشيوعي."

و النصّ الأصلي أمامنا ، لا نلمس أي " تجاوز إلى شكل فضفاض أكثر من السابق" يستهلّ ماو الفقرة بتأكيد المبدأ العام الذى صاغه كتكتيك شرحناه فى النقطة التى مرّت بنا منذ قليل و بعد ذلك يلفت النظر على إمكانية خاصة بمنطقة محدّدة لها ظروف معيّنة . فى مناطق القواعد المناهضة لليابان ، كما قد عرضنا من اللازم تطبيق المبدأ و كذلك فى تلك التى يسيطر عليها الحزب الشيوعي و لها تجربة فى السلطة فى المناطق المحرّرة أمّا المنطقة المعيّنة حيث بالإمكان أن يكون الشيوعيون مرنين فهي منطقة حديثة بدؤوا فيها فى تأسيس السلطة السياسية الديمقراطية المناهضة لليابان و السياسة التى رسمها ماو تهدف لمزيد إستنهاض القوى المعادية لليابان و غير المعارضة للحزب الشيوعي فى غالبيتها. و نعود لنذكّرأنّ القيادة حسب الرؤية الثورية ليست كما فسّرها ماو مسألة شكلية أو شعارا تلوكه الألسن وإنّما تؤمّن القيادة بسلوك سياسة صحيحة تقنع حتى غير الشيوعيين و الجماهير العريضة و تثقّفهم فينهضوا للتصدّى للمهام المحدّدة متّبعين الشيوعيين الذين يجب أن يكونوا القدوة.

و على كلّ من يعتقد أنّ السوفياتات ، أثناء ثورة أكتوبر، كانت متكوّنة مائة بالمائة من البلاشفة أن يراجع المعطيات التاريخية و مسار البلاشفة و المناشفة و الإشتراكيين الثوريين و كتابات لينين و ستالين بهذا الشأن.

هذا من ناحية، و من ناحية ثانية، لنلقى نظرة سريعة على رؤية ستالين لمستقبل السلطة فى الصين و ذلك فى خطابه " آفاق الثورة فى الصين" الذى أهمله قصدا الخوجيون لأنّه و ببساطة يفضح إلى أبعد الحدود تحريفيّتهم الفظّة. فى النقطة الرابعة من الخطاب، متناولا " طبيعة السلطة المستقبلية فى الصين" حدّد بصريح العبارة :" ...أوّليّا ستكون سلطة مناهضة للإمبريالية. ستكون سلطة إنتقالية نحو تطوّر غير رأسمالي أو بصورة أدقّ نحو تطوّر إشتراكي للصين". ( التسطير مضاف).

ليست يقينا سلطة إشتراكية بل إنتقالية نحو تطوّر إشتراكي و مناهضة للإمبريالية و نحو تطوّر غير رأسمالي و ليست ضد راس المال الوطني ، إنّها بتحديد ماو تسى تونغ فى أربعينات القرن العشرين و بعد ممارسة و خبرة و تجربة سنوات سلطة الديمقراطية الجديدة كمرحلة تمهّد للمرحلة الإشتراكية التى هي تتمّة للسابقة. و ذلك على أساس أنّ خصوصية الثورة الصينية هي أنّها " ثورة ديمقراطية برجوازية و فى نفس الوقت ثورة تحرّر وطني موجّهة ضد الهيمنة الإمبريالية الأجنبية على الصين". ( ستالين نفس المصدر فقرة " طبيعة الثورة الصينية" ).


===23- فضح الكذب و التزوير بصدد الصراع الطبقي و الطبقات فى المجتمع الإشتراكي ===

و المجتمع الإشتراكي " مجتمع متكوّن من الطبقات الصديقة فقط" ( صفحة 80) من المنظور الخوجي و الصراع الطبقي الدائر فى هذا المجتمع " لا يقابل بين الطبقات المتضادة فى المجتمع الإشتراكي بل هو بين الطبقات الصديقة التى تكوّن التشكيلة الإجتماعية للمجتمع الإشتراكي و بين العناصر المتفسّخة و بقايا المجتمع القديم و الإمبريالية و التحريفية و الرجعية العالمية" ( صفحة 81) . و هذه النظرة الخوجية صراحة نظرة تروتسكية للمجتمع الإشتراكي الذى لا توجد فيه برجوازية و بالتالى الصراع الطبقي فى الإشتراكية يدور دون طبقة برجوازية و فقط ضد عناصر متفسّخة أو متبقرطة.

أمّا ماو وريث ماركس و لينين ( راجعوا ماقيل بصدد الإستشهاد 12) و مستفيدا من التجربة السوفياتية و إنطلاقا من التجربة الصينية فى الصراع الطبقي و الصراع داخل الحزب الشيوعي الصيني و بعد تعميق التحليل الجدلي للمجتمع الإشتراكي ، إستشفّ أن " المجتمع الإشتراكي يشكّل وحدة أضداد " فيه " توجد تناقضات [ طبقية] و طبقات و صراع طبقي " ( فى الصفحة السابقة لصفحة الإستشهاد 96، الصفحة 408 من المجلّد الخامس) و التناقض الرئيسي فى ظلّ الإشتراكية هو بين البروليتاريا و البرجوازية القديمة منها و الجديدة . و الصراع الطبقي البروليتاري يجرى ضد البرجوازية الجديدة بالأساس ، هذه البرجوازية التى تفرزها تناقضات المجتمع الإشتراكي داخليّا سواء بالبنية الفوقية أو البنية التحتية ( الحق البرجوازي و التناقضات الكبرى بين العمل الفكري و اليدوي ، الريف و المدينة ، العمّال و الفلاحين ...) و لذلك ما لم تبلغ الشيوعية و على النطاق العالمي تبقى إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية على أيدى البرجوازية الجديدة التى يكون التعبير المركّز عن مصالحها ممثّلا فى أتباع الطريق الرأسمالي و الخطّ التحريفي داخل الدولة و الحزب عينه محور المجتمع الإشتراكي و يسعى هذا الخطّ التحريفي الذى يظهر بإستمرار طوال المرحلة الإشتراكية ، تكرارا و مرّة فمرّة إلى الإطاحة بالخطّ الثوري البروليتاري لإيقاف التقدّم نحو الشيوعية و تغيير لون الحزب و الدولة من دولة و حزب بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين. و متى وصلت التحريفية إلى السلطة وصلت البرجوازية إلى سدّة الحكم و تغيّرت طبيعة المجتمع من إشتراكي إلى رأسمالي. و على هذا الأساس من الممارسة و النظرية البروليتارية ،طوّر ماو تسى تونغ الماركسية-اللينينية لقطع الطريق أمام إفتكاك التحريفية و بالتالى البرجوازية الجديدة للسلطة داخل الحزب و الدولة البروليتاريين فتغيّر لونهما ليصيرا حزبا و دولة برجوازيين . و الأسلوب و الطريقة الضروريين تماما ( و بصفة متكرّرة) تجسيدا للنظرية الماوية و أعظم مساهمات ماو تسى تونغ النظرية و العملية هي " مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا" و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى تمكّن من إسترجاع اجزاء السلطة التى تستولى عليها البرجوازية الجديدة و تعمّق الصراع الطبقي من اجل التقدّم صوب الشيوعية و ممارسة البروليتاريا لدكتاتوريتها الشاملة على كافة الأصعدة و ترفع من وعي الجماهير و تغيّر نظرتها للعالم بإتجاه تبنّى النظرة البروليتارية المادية الجدلية و الشيوعية للعالم بصورة أشمل و أعمق.

و ما شهده الإتحاد السوفياتي من ردّة تحريفية و إعادة تركيز للراسمالية بعد وفاة ستالين و ما شهدته الصين بالذات رغم ما بذله الشيوعيون الثوريون الماويون من جهود جبّارة و تضحيات جسام للحيلولة دون ذلك و كما تنبّأ بذلك ماو نفسه حيث تمكّنت التحريفية و بالتالى البرجوازية الجديدة عن طريق إنقلاب سنة 1976 من الإستيلاء على الحزب و الدولة فباتت الصين الثورية البروليتارية صينا رجعية برجوازية ؛ و حتى ما شهدته بلدان أخرى إشتراكية سابقا يثبت بما لا يدع مجالا للجدال و يبرهن بصورة ساطعة صحّة الأطروحات الماوية التى دونها لا يفهم بتاتا علميّا و جدليّا ما حلّ بتلك البلدان و الصراع الطبقي الذى دار فيها طوال المرحلة الإشتراكية.

ولمزيد تعميق الوعي بهذا الشأن نحيلكم على الأقلّ على كتابات متداولة إلى حدّ ما و بعديد اللغات على الأنترنت ، هي " حول شيوعية خروتشاف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدّمها للعالم" للحزب الشيوعي الصيني أثناء صدامه مع التحريفية المعاصرة السوفياتية بوجه خاص و دفاعه عن المكاسب التاريخية للبروليتاريا العالمية ؛ و " تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين..." لجون دوبيه، دار الطليعة ؛و تقارير المؤتمر التاسع (1969) و المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني (1973).

و ندعوكم الآن إلى تدبّر الموقفين التاليين لتتبيّنوا مدى رجعية و إنتهازية النظرة الخوجية : عندما توفّي ستالين و إستولت التحريفية و بالتالى البرجوازية الجديدة على مقاليد الحزب و الدولة فى الإتحاد السوفياتي محوّلة الحزب و الدولة البروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين و معيدة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، إنبرى ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصين يدافع عن مكاسب البروليتاريا العالمية و التجربة السوفياتية و ستالين و يدرس الإرث البروليتاري للإستخلاص الدروس و العبر . و عندما توفّي ماو تسى تونغ و حصل إنقلاب تحريفي بنتائج وخيمة على البروليتاريا فى الصين و عالميّا ، إمتشق أنور خوجا و الإنتهازيين عبر العالم سيوفهم الدغمائية التحريفية و إنهالوا بها يحطّمون مكاسب الثورة البروليتارية العالمية وماو تسى تونغ و من ورائه مثلما مرّ بنا مرارا و تكرارا لينين و ستالين .من يخدم هذا السلوك الخوجي ؟ بالطبع لا يخدم الشيوعية و المهام التاريخية للبروليتاريا العالمية و تحرير الإنسانية!!!

=24- فضح الكذب و التزوير بصدد "الثورة الثقافية " لا رابط بينها و بين الماركسية-اللينينية"=

يدّعى الكيلاني أن ّ " " الثورة الثقافية" لم تحقّق الأهداف المعلن عنها أي ضرب التحريفية و نفوذ البرجوازية بل على العكس فإنّ الأمور تدهورت أكثر فى الصين و التحريفية تغلغلت و ثقلت على جهازي الحزب و الدولة. وفى الوقت الذى كان يعلن فيه عن " نجاح الثورة الثقافية " و " بلوغ أهدافها " نرى ماو يؤكّد بنفسه فى أفريل 1969 : " على ما يبدو إذا لم نقم بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فإنّ الأمور لن تسير على أحسن ما يرام لأنّ قاعدتنا ليست صلبة فما لاحظته و لا أقول هنا أنّ كلّ أو الأغلبية الساحقة من المعامل بل اقول أنّ أغلبيتها الهام لا توجد قيادتها لا بين أيدي ماركسيين حقيقيين و لا بين أيدى الجماهير العمّالية".

هذا الكلام المنسوب لماو مصدره " خطاب أمام الإجتماع العام الأوّل للجنة المركزية التاسعة للحزب الشيوعي الصيني" فى 28 أفريل 1969 ( صفحة 271-272 من " ماو ستحدّث إلى الشعب" نصوص قدّم لها ستوارد شرام ، الصحافة الجامعية الفرنسية، 1977). فى هذا الخطاب :" إذا كنّا نتحدّث عن الإنتصار فعلينا أن نتأكّد من إتحاد جماهير الشعب العريضة ، فى ظلّ قيادة البروليتاريا ، لأجل إحراز الإنتصار لا يزال ينبغى مواصلة الثورة الإشتراكية حيث لا تزال توجد أشياء فى هذه الثورة لم يتمّ بعدُ إنهاءها و يجب مواصلتها : مثلا الصراع-النقد-التغيير. فى غضون بضعة سنوات ، ربّما يكون علينا أن نقوم بثورة أخرى.

كثير من رفاقنا المتمرّسين ذهبوا لبعض الوقت إلى المصانع ليتحقّقوا من الأمر عن كثب و أرجو فى المستقبل أن تذهبوا أنتم أيضا لمعاينة ما يحدث بالمناسبة. عليكم أن تدرسوا مختلف مشاكل المصانع. يبدو من الأساسي مواصلة جهودنا الرامية للمضيّ بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى إلى النهاية . فقاعدتنا لم تتعزّز ووفق ملاحظاتى الخاصّة يمكن أن أقول ، ليس فى كلّ المصانع و لا فى الغالبية الساحقة منها ، بل فى غالبية كبيرة من الحالات ، يمكن أن أقول إنّ القيادة ليست بين أيدى ماركسيين حقيقيين و لا حتى بين أيدى الجماهير العمّالية ...

لقد بسطت هذا المثال قصد أن أبيّن أنّ الثورة لم تنته. و بناء عليه، نرجو من كلّ رفاق اللجنة المركزية، بمن فيهم الأعضاء المعوّضين أن يحذروا: عليكم القيام بعمل دقيق جدّا و يجب إنجازه بصورة مفصّلة إذ لا يكفى إنجازه بصورة عامّة، فذلك عادة ما يسفر عن أخطاء".

و إعلاء لصوت الحقيقة ، كلّ الحقيقة ، يملى علينا هنا أن نقدّم لكم النصّ الأصلي بالفرنسية لما عرّبه الخوجي .
« Il parait essentiel de continuer nos efforts pour mener la grande revolution culturelle proletarienne jusquau bout. Notre base na pas ete consolidee. D apres mes propres observations je dirais que, pas dans toutes les usines, ni dans limmense majorite des usines mais dans la grande majorite des cas, la direction nest pas aux mains dauthentiques marxistes, ni meme aux mains des masses ouvrieres ».
بعد هذا ننصرف إلى النقد ووضع النقاط على الحروف متجاوزين للخوجي عن تعريبه الأخرق و المحرّف القائل بنهاية الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ( الجملة الأولى) و الحال أنّها لم تبلغ نهايتها بالمرّة حسب ماو.

إنّ ماو ما فكّر أصلا و ما لمّح و لو أدنى تلميح إلى أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى منيت بالهزيمة و لم تحقّق أهدافها أو عكس ذلك أنّها نجحت نجاحا نهائيّا. وفق المنظور الماوي كما شرحنا يمتدّ الصراع الطبقي على طول المرحلة الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية فالمعارك ، من ثمّة، متجدّدة بين الخطّ الثوري و الخطّ التحريفي داخل الحزب و الدولة كتعبير مكثّف للصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية الجديدة. و ماو لم يقل بالإنتصار النهائي ( و ليس بوسعه قول ذلك) للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى نظرا لأنّ المرحلة الإشتراكية لم تنته و لأنّ عناصر البنية التحتية و البنية الفوقية التى عددنا قبلا لا تزال تفرّخ البرجوازية الجديدة يوميا و فى كلّ ساعة و بالتالى الحديث عن الإنتصار النهائي مناهض لللينينية و للماوية.

أثناء حوار ، فى أوج الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، أكتوبر 1968، أعرب ماو تسى تونغ عن " لقد أحرزنا بعدُ إنتصارات عظيمة. لكن الطبقة المهزومة ستظلّ تصارع. هؤلاء الناس ما زالوا هنا و هذه الطبقة كذلك. لذا ، لا يمكننا الحديث عن إنتصار نهائي حتّى بالنسبة للعشريات القادمة. لا ينبغى أن نخفض من يقظتنا. من منظور لينيني، يتطلّب الإنتصار النهائي لبلد إشتراكي لا جهود البروليتاريا و الجماهير الشعبية العريضة لهذا البلد فقط بل إنّه مرتهن كذلك بإنتصار الثورة العالمية و القضاء كونيّا على نظام إستغلال الإنسان للإنسان ما سينجرّ عنه تحرّر الإنسانية جمعاء. بالتالى، الحديث ببساطة عن الإنتصار النهائي لثورتنا أمر خاطئ و مضاد للينينية و أكثر من ذلك ، لا يتطابق مع الواقع".( صفحة 226-227،"كيف تكون شيوعيّا جيّدا " ملحق :تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني ، ليوتشاوتشى ، الإتحاد العام للنشر ، باريس 1970، سلسلة 10/18).

هذا من جهة و من جهة أخرى ، أيتحوّل ماو إلى مثالي لينكر ما أنجزته الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى من إسترجاع لجزء السلطة و النفوذ الذين كانت التحريفية المتكتّلة حول ليوتشاوتشى قد سرقته من أيدى الثوريين البروليتاريين الحقيقيين؟ أيتحوّل إلى مثالي ليتنكّر إلى إرتفاع مستوى الوعي لدى الجماهير الكادحة لمشاركتها مباشرة فى الصراع الطبقي المحتدم بقيادة الخطّ الثوري الماوي فى الحزب الشيوعي الصيني و ماو تسى تونغ ذاته؟ أيتنكّر ماو لمفاهيمه عن " مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا"؟ ما من شيء من هذا القبيل حصل؟

كلّ ما فى الأمر أنّ ماو و تناغما مع نظريته " مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا" ، عاد ليؤكّد ضرورة مواصلة الثورة الإشتراكية و أنّه فى مستقبل منظور ، ربّما إضطرّوا إلى القيام بثورة ثقافية أخرى و لا غرابة فى ذلك بما أنّ وجهة النظر الماويّة هي أنّ طوال المرحلة الإشتراكية لا بدّ من عدّة ثورات ثقافية. و من الثابت أنّ ماو عُني بالقاعدة الحزبية ، المواقع القيادية فى المصانع أمّا اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني فتبنّت تقرير ذلك المؤتمر القائم أساسا على النظرة الماوية و هذا فى حدّ ذاته إنتصار للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . وفضلا عن ذلك ، حدّد ماو عباراته و كان دقيقا فى إستعماله لها فهو لم يقصد " الغالبية الساحقة" و لم يقف مكتوف الأيدي و سلبيّا إزاء الوضع بل عمل ودعا اللجنة المركزية بكافة أعضائها أن تعمل على تعميق الثورة فى كلّ مصنع و كلّ قرية و كلّ إدارة و كلّ مدرسة . قال القائد البروليتاري العالمي بالصفحة 273 فى نفس الخطاب و نفس الكتاب المذكورين أعلاه :" لنتحد من أجل هذا الهدف : تعزيز دكتاتورية البروليتاريا . عليكم أن تسهروا على تركيزها فى كلّ مصنع و فى كلّ قرية و كلّ إدارة و كلّ مدرسة".

فما يزعمه الخوجي من أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى جعلت " الأمورتدهورت فى الصين و التحريفية تغلغلت و ثقلت على جهازي الحزب و الدولة" عار أصلا من الصحّة. و من المفيد و لا شكّ التعريج هنا على تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني و إنتصارات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى:" إنّ مؤتمرنا ينعقد فى وقت أحرزت فيه الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى أطلقها الرئيس ماو و قادها شخصيّا إنتصارات عظيمة. لقد حطّمت هذه العاصفة الثورية الكبرى مركز قيادة للبرجوازية الذى كان على راسه ليوتشاوتشى ،هذا المرتدّ و عميل العدوّ و خائن الطبقة العاملة ؛ و قد كشفت حفنة المرتدّين و العملاء السرّيين و المسؤولين المتبعين بعناد للطريق الرأسمالي ، والذين تخفّوا داخل الحزب و كان ممثلهم الأبرز ليوتشاوتشى ، ووطّدت بصفة معتبرة دكتاتورية البروليتاريا فى بلادنا و عزّزت حزبنا تعزيزا عظيما. وهذا ما أعدّ ، على المستويات السياسية و الإيديولوجية و التنظيمية ، كلّ الظروف المطلوبة لإنعقاد مؤتمرنا الراهن.( ملحق من ملاحق كتاب ليوتشاوتشى ، " كيف تكون شيوعيّا جيّدا" ، الإتحاد العام للنشر ، سلسلة 10/18 ، باريس 1970).

و " إنّ إنتصار ثورتنا الثقافية البروليتارية الكبرى بالتأكيد إنتصار عظيم" ( نفس المرجع السابق ، الصفحة 226).

و الحكم على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بأنّها خاطئة لنذها حافظت و صانت دكتاتورية البروليتاريا لعقد من الزمن و نشرت الماركسية-اللينينية و درّبت أجيالا من الثوريين الذين أخذوا المشعل البروليتاري و هو اليوم يخوضون شتّى أنواع المعارك و فى ألخير تمكّن التحريفيون أتباع الطريق الرأسمالي ممثّلو البرجوازية الجديدة ، عن طريق إنقلاب، من الإستيلاء على السلطة فى الحزب و الدولة - وهو أمر توقّعه ماو تسى تونغ و قاومه ما إستطاع ، إلى آخر نفس فى حياته ، يشبه تماما الحكم على لينين و ستالين بالخطإ لأنّ الإتحاد السوفياتي بات إمبريالية إشتراكية بعد إغتصاب الطغمة التحريفية البرجوازية الجديدة لقيادة الحزب و الدولة و تحويلهما من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين. و مثل هذا التفكير الخوجي لا يمتّ بصلة قطعا للماركسية.و لستالين فى هذا الشأن قول ماثور فيه أفاد و أجاد: " إنّ سياسة صائبة لا تؤدّي دائما و حتما إلى الإنتصار المباشر على الخصم. فالإنتصار المباشر على الخصم لا تحدّده سياسة صائبة فحسب بل يُحدّده و فى المصاف الأوّل و على وجه الخصوص ميزان القوى الطبقي و التفوّق الجلي لقوى الثورة و تفكّك الجانب الخصم ووضع عالمي مناسب" ( ستالين " حول المسألة الوطنية و الإستعمارية " منشورات نورمان بيتون، باريس صفحة 272).

و ما قاله ستالين هنا يثير سؤالا : هل بحث الكيلاني الخوجي ، و الخوجيون المفضوحين منهم و المتستّرين فى ميزان القوى الطبقي و الوضع العالمي اللذان أسفرا عن الإنقلاب فى الصين سنة 1976 و تصفية ما سمّاه " ما تبقّى من القيادة العامة " للثورة الثقافية" " و فى مدى تناقض سياسات المدافعين عن خطّ الثورة الثقافية و الإنقلابيين و سياساتهم ؟ إطلاقا لم ينبس الخوجيون بكلمة فالأمر لا يهمّهم و ما يشغل بالهم جميعا كخوجيين و دغمائيين تحريفيين هي غايتهم المبيّتة ألا وهي طمر الحقائق و قبرها و نبذ علم الثورة البروليتارية العالمية . نهجهم بجلاء غير بروليتاري بتاتا و سياساتهم إصلاحية بحتة.

( لمزيد التعمّق فى الردّ المفصّل على الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين :حزب العمّال و "الوطد" بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، نحيلكم على العدد الرابع من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" لناظم الماوي، على موقع الحوار المتمدّن بالأنترنت ) .

سؤال مهمّ و خاتمة :

و قد بلغنا هذا المبلغ من الإيضاح للحقيقة ، لا يسعنا إلاّ أن نثير بعد تأكّدنا جميعا و على أساس دلائل قطعية من دغمائية و تحريفية الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين ، سؤالا من الطبيعي أن يكون قد نشأ بخلد الكثيرين الا وهو أيّة مصلحة طبقيّة يخدم هذا الخطّ الفكري الدغمائي التحريفي؟ إنطلاقا من أنّ تاريخ البروليتاريا كتابة و تقييما هو ذاته محلّ صراع طبقي ،و تنظيرات المجموعات الخوجية و ممارساتها فى خضمّ الصراع الطبقي فى القطر لعقود الآن ، نجيب و بإقتضاب -لأنّ الإجابة الشافية تقتضى دراسة واقية ليس هذا إطارها- أنّ الخوجية بلا ريب و بالتأكيد فى خدمة أرهاط متنوّعة من المعادين للثورة البروليتارية العالمية محلّيا و عالميّا.

و على غرار ما قاله لينين لكاوتسكي ، نقول للخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين و لمعلّمهم أنور خوجا " فيا للعلم! و ياله من إستخذاء ناعم أمام البرجوازية! و أيّة طريقة متمدّنة فى الزحف على البطن أمام الرأسماليين و لعق جزماتهم!" ( " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، صفحة 21 ، دار التقدّم ، موسكو).

و يبقى أن نجمل الدروس فى الإستشهاد الإنتهازي للخوجيين بناء على ما تقدّم من نقد تفصيلي للإستشهادات بماو تسى تونغ فى كتاب الكيلاني الخوجي " الماوية معادية للشيوعية" . إذا أردت أن تكون خوجيّا معاديا للماوية و الشيوعية و طامسا لها و مشوّها فعليك ، بما يشبه طاحونة كلام، أن تملأ غالبية مقالك أو كتابك بثرثرة تطرب الإنتهازيين و أن تتبع الأساليب الإنتهازية التالية :
1- تحريف كلام الإستشهاد بالإنقاص و الزيادة و التحوير.
2- عدم إحترام التنقيط و نهايات الجمل.
3- إستعمال صيغ فعلية ماضية ،عند التعريب، عوض الصيغ الفعلية المضارعة و العكس بالعكس.
4- تعريب دون إحترام الكلمات و الجمل و سواها أو صياغة تعريب نصّه مبهم يستعصى على الفهم.
5- إيراد كلمات بين معقّفين على أنّها لماو تسى تونغ فى حين أنّها ليست له.
6- إذا كان للمصطلح المقصود معنيين، عدم ذكر أكثر من واحد فقط يخدم أغراضك.
7- من الضروري التلاعب بأدوات الربط بين الكلمات و الجمل.
8- إضافة جمل زورا و بهتانا تلصق بجمل معروفة لماو.
9- تهويل الأمر عبر التعميم و التجريد و إستعمال " جميع "و " كلّ" ...
10- تقديم كلام فى تاريخ ما دون تحديد لمرجع الوثيقة المقتطف منها.
11- إنكار الواقع و إيراد آراء مناقضة له.
12- عدم الإكتراث لنصّ إستشهاد تتحوّل جمله كالحرباء من موقع لآخر من المقال أو الكتاب.
13- إعطاء مرجع خاطئ لخلط التواريخ.
14- أخذ كلمات من جرائد فى حقبة معيّنة و الإيحاء بأنّها تعبير عن آراء ماو و إن كان هو نفسه نقدها.
15- عدم ذكر الصفحة ، ذكر فقط إسم المصدر.
16- تقديم حدث تاريخي معيّن في سنة محدّدة على أنّه من أحداث فترة لاحقة.
17- إنكار ظروف تطبيق سياسة معيّنة و تأويل تكتيك على أنّه إستراتيجيا.
18- عدم التعرّض للحلول المقترحة من قبل ماو لمعالجة المشاكل المناقشة.
19- إهمال الكمّيات و الأرقام.
20- عدم التفريق بين خصوصيّات الثورات و عقد مقارنات تماثل مهما كانت طبيعة الثورة مختلفة.
21- تأويل نصوص ماو تأويلا مغرضا .
22- منذ البداية، صياغة عنوان يحمل طرحا مغلوطا للمسألة المعالجة.
23- وضع عنوان و اللغو ثمّ اللغو دون البرهنة على صحّة العنوان الموضوع.
24- نزع الجمل من إطارها و تركيبها تركيبا على أطر أخرى.
25- إلصاق نظرية هي لخصم ماو بماو والإنهيال على الأخير بالشتائم على أنّه متبنّيها.
26- حذف الأمثلة التوضيحية كي يمسي الكلام مجرّدا فضفاضا.
27- إدارة الظهر لآراء المنظّرين و نسب أفكار لهم و إن لم تكن لهم.
28- إستخدام مفردات متقاربة المعنى دون التمييز بينها من وجهة النظر الشيوعية.
29- تبنّى نظرية إحادية الجانب و عدم النظر للمسالة من جميع جوانبها.
30- إعتبار كلام ماو جريمة و مأثرة ثورية إن نطق به غيره.
31- الصمت المطبق عن عنوان المقال أو الخطاب إذا كان مناقضا للإتهام الموجّه لماو.
32- خلط المفاهيم المتعلّقة بالبرجوازية و أصنافها.
33- إيراد ما إشتهر به ماو تسى تونغ و إعتباره إعلانا كلاميّا لا غير لا ينطبق على ممارسته.
34- إدّعاء الدفاع عن لينين و ستالين و ضرب مقولاتهما في الصميم من خلال الهجوم على ماو.
35- توجيه تهمة بدعة حيث يوجد تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية.
36- إعلاء المواقف اليسراوية على أنّها المواقف الثورية و تمرير مواقف يمينية.
37- إنتقاد أي عمل جبهوي على أنّه تنازل عن النقاوة الثورية.
38- الحكم بالخطإ على خطّ صحيح تعرّض الفشل في لحظة ما لأسباب ما.
39- الإستناد إلى التحريفيين السوفيات و الصينيين و تروتسكي و كاوتسكى ... و تبنّى بصورة غير معلنة موافقهم و إستعمالها ضد ماو.
40- إعتبار كلّ تنازل مهما كانت الظروف خيانة للبروليتاريا.
41- سلوك سياسة ماكييفال - الغاية تبرّر الوسيلة – غاية الخوجيين سحق الماوية لا تهمّ الوسيلة .
42- التنكّر للمنهج المادي الجدلي و تكريس المنهج الميتافيزيقي المثالي في تناول القضايا.
43- عمليّا و تطبيقيّا إعلاء راية الفلسفة البراغماتية و الإنتقائية...".

و ليفق من سباتهم من خدعهم خوجا و الخوجيّون المفضوحون منهم والمتستّرون و ضلّلوهم بصدد الماوية وليعلموا أنّه " إذا كان أعمى يقود أعمى فكلاهما يسقطان فى حفرة ".

و الكلمة الأخيرة لما تسى تونغ :
"على الشيوعية أن يكون صريحا، صافي السريرة، مخلصا، عظيم الهمّة و النشاط، يفضّل مصالح الثورة على حياته ،و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة. و عليه أن يتمسّك فى كلذ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة، و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعية للحزب و تعزيز الروابط بين الحزب و الجماهير. و عليه أن يهتمّ بالحزب و الجماهير أكثر من إهتمامه بأي فرد ، و أن يهتمّ بالآخرين اكثر من إهتمامه بنفسه. و بهذا وحده يمكن أن يعدّ شيوعيّا ". ( ماو تسى تونغ " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" المجلّد الثاني ، الصفحة 42 ،الطبعة العربية).
============================
إنتهى – سبتمبر 2011



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دحض ترهات حزب العماّل -الشيوعي- التونسي الخوجية حول الثورة ا ...
- دحض خزعبلات -الوطد- الخوجية المتسترة حول الثورة الثقافية الب ...
- ترهات خوجية بصدد الثورة الثقافية -فى الردّ على حزب العمّال و ...
- نضال ماو على رأس الشيوعين الصينيين ضد التحريفية السوفياتية م ...
- نقد ل-جدول للمقارنة بين ماوتسى تونغ و ستالين حول السياسة الم ...
- مسألة ستالين من منظور الماركسية-اللينينية -الماوية
- الرفيق ستالين ماركسي عظيم قام بأخطاء.( مقتطف من العدد3 من - ...
- طريق الثورة الديمقراطية الجديدة : حرب الشعب أم الإنتفاضة الم ...
- الديمقراطية الجديدة تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية ...
- إنتفاضة أم ثورة ( مقتطف من - أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغي ...
- الديمقراطية / الدكتاتورية ( مقتطف من - أنبذوا الأوهام البرجو ...
- ديمقراطية أم ديمقراطيات - مقتطف من- الديمقراطية القديمة البر ...
- إصلاح أم ثورة ( مقتطف من - أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة ...
- الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية
- الشيوعية، لا البلشفية
- - طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!=====طليعة المستقبل لتحرير ال ...
- - قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين- ال ...
- -فى الردّ على الوطد-- الحلقة الأولى_لا حركة شيوعية ثورية دون ...
- لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 1 / مارس 2011)القلب على ...
- تونس : قراءة فى بيانات المجموعات- اليسارية- حول العدوان على ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:-الماوية معادية للشيوعية- نموذجا( فى الردّ على حزب العمّال و -الوطد-)-لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة- عدد5 / سبتمبر 2011