أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أميرة الطحاوي - قطار الأصولية بكردستان ، متى يرحل ؟















المزيد.....

قطار الأصولية بكردستان ، متى يرحل ؟


أميرة الطحاوي

الحوار المتمدن-العدد: 234 - 2002 / 9 / 2 - 15:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


 

من منا ينسى الكاميرات و هي تتابع توقيع اتفاق السلام بين ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ( أو منظمة التحرير الفلسطينية سابقا ) ، و الرئيس الإسرائيلي إسحاق رابين ، و قد وضع الرئيس الأمريكي كلينتون يديه رابتا على كتفيهما بعد التوقيع ، إذ نسى كلاهما انه من دواعي إكمال المشهد التلفزيوني أن يصافح كل الآخر ثم يشدا على أيدي بعضهما أمام الكاميرات لفترة تسمح بالتقاط الصورة التي ستؤرخ لحدث التصالح و تؤكد جديتهما فيما اتفقا عليه ( و الكل يعلم مصير هذا الاتفاق الآن ) ؛ فكل اتفاقات السلام تظهر أول أخبارها غالبا على صفحات الجرائد بهذا المشهد و ليس المشهد النهائي للمتفاوضين على الطاولات المستديرة أو البيضاوية أو لحظة التوقيع ؛ فهذه الصور تظهر متأخرة نوعا ما عن لاحقتها زمانا و سابقتها اهتماما .
في سبتمبر 1998 و قع الزعيمان برزاني و طالباني اتفاقية سلام أو صلح جرى على تسويقها إعلاميا باسم صلح واشنطون ، و ربما نسى الاثنان أيضا في غمرة الزخم الإعلامي المحيط بهما و بالموجودين و بصورة تلقائية أن الوضع الجديد بينهما هو التآخي أو التقارب أو حتى التهادن و ليس العداء أو التباعد أو حتى التربص ، فما كان من مادلين أولبرايت أجمل وزيرة خارجية أمريكية ( باعتبارها المرأة الوحيدة التي شغلت هذا المنصب حتى الآن ) إلا الربت برقة على كتفي عدوي الأمس ( و قبل الأمس )حتى يدشنا معا صفحة جديدة من العمل المشترك لصالح قومهما بأن يمدا يديهما للتصافح ، و قد كان .
و بغض النظر عن حجم التطبيق الفعلي لاتفاقية واشنطون ( روحا و نصا ) و بغض النظر عن كون وقف إطلاق النار كان منفذ عمليا قبل هذا التاريخ بعام ، أي منذ اتفاقية أنقرة 1997، الأب الشرعي لاتفاقية واشنطون 1998 ، فمن المؤكد أن الأجواء الحالية بين الفصيلين الكرديين تبدو للعيان كما لو كانت على ما يرام ، و قد التقيا غير مرة في الفترة السابقة ، و التقى أيضا مندوبون عنهما من مستويات عالية ، و لم يعد الجدال بينهما على من يأتي اسمه قبل الآخر في لقاء ما أو كتاب مشترك ( مثلما حدث في تحرير كتاب صدر عن الحوار العربي الكردي ) و بأي لقب يُعرف ( السيد ، القائد ، العم أم الزعيم ) ، و تحسنت حالة المواطن الكردي كثيرا ( و الفضل الأكبر في هذا لمخصصات النفط مقابل الغذاء ، و التي سمح الاتفاق بمرونة في توزيعها ) ، و عاد المواطنون ببطء لكن بثبات إلى القرى التي رحلوا عنها من قبل الحزبين ( و إن كانت مشكلة وفود مرحلي كركوك - على يد النظام العراقي هذه المرة - لازالت تتفاقم ) ، الخلاصة إذن : هناك هدؤ في علاقات الحزبين الكبيرين في طريقه للتفعيل على ما يقولان ، لكن الأمر ليس كذلك بين كليهما و بين الأحزاب الكردية الأصغر ( و معظمها اسلامية باستثناء بقايا حزب العمال الكردستاني بالاقليم ، و الذي غير اسمه هذا العام الى مؤتمر الحرية و الديموقراطية الكردستاني – كاديك أو حزب العمل الشيوعي الكردستاني و لهذه الأحزاب وضعها الخاص بالاقليم ) ، المعضلة الان أمام الحزبين الكبيرين هي الجماعات الاسلامية المتطرفة التي درج البعض على وصفها بالأحزاب الأصولية أو طالبان كردستان أو حتى فلول القاعدة بالإقليم ، إلى آخر هذه التسميات التلخيصية المتسرعة .
قطار الأصولية يصل متأخرا إلى كردستان العراق :
عرفت الحركة التحررية الكردية ،كغيرها من حركات التحرر الوطني بالعالم العربي و الشرق ، الصبغة الدينية ؛ففي كردستان كانت السلطة الدينية تعطى غالبا لزعماء العشائر ( الأغوات ) و أمراء الولايات و حكامها المحليين عامة ، كما أسهمت حركات التصوف بنصيب في الحياة السياسية ؛ فكان الشيخ " محمود الحفيد " زعيم ثورة 1919 في كردستان العراق رجل دين ، و كان القاضي محمد رئيس أول و آخر جمهورية كردية قامت العام 1946 يستخدم الدين كثيرا و كغيره من القادة الكرد في تبرير خروجه عن السلطات الإيرانية ، و استخدم النظام العراقي الحالي (كسابقيه ) الدين في صبغ سياسته العدائية ضد الأكراد بشرعية ما ؛ فعندما قام صدام حسين مثلا بالإغارة على آلاف القرى الكردية بعد أيام من الوقف الرسمي لحربه مع إيران (أغسطس 1988 ) سمى هذه الحملة بالأنفال نسبة إلى السورة القرآنية ، و كناية عن كون حربه مع إيران هي الفرض الديني الأساسي الذي أنهاه ليتفرغ إلى السنة أو النفل وهو حربه ضد الأكراد ، و رتلت الآيات القرآنية تماما مثلما حدث في اعتقالات مؤامرة عام 1970المزعومة عندما كان المذيع يبدأ بآية قرآنية قبل أن يتلو وجبة من المحكومين بالإعدام و الذاهبين إلى مزبلة التاريخ حسبما كان ينهي بيانه الإذاعي . لم يشارك الأكراد بصورة كبيرة في الأحزاب العراقية الإسلامية مثل حزب الدعوة الذي نشأ بالخمسينات أو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في الثمانينات إذ يبدو أن الانتماء الديني و المذهبي كان هو الأغلب في عملها ، كما أن موقفها من مطالب الكرد لم يكن حاسما بما يرضي مطامح الكرد، إضافة لأنها كانت تتلقى الضربات الأمنية المتكررة من نظام بغداد ، و فضل الأكراد الانضواء تحت لواء الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة الملا مصطفى البرزاني في 1946 و هو الحزب الأقرب للمفهوم المتفتح للدين منه للمتشدد ، كما انضوى آخرون تحت لواء الحزب الآخر (الاتحاد الوطني الكردستاني )الذي نشأ في 1975 بمباديء علمانية تتفهم خصوصية الأكراد الدينية ، و حتى الآن لازالت فصائل كردية إسلامية تعمل في إقليم شمال العراق مثلما في جنوب شرق تركيا و جنوب غرب إيران و شمال شرق سوريا (أي بالمناطق الكردية في الدول الأربعة )، و عند النظر إلى إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بما يشبه الحكم الذاتي منذ العام 1991 فأننا نلاحظ ظهورا غير مسبوق للتيار الأصولي ؛ لم يكن يتوقعه أحد ممن يراقبون الإقليم أثناء الحكم العراقي له فلم يكن هناك بوادر تذكر لهذا الاتجاه الأصولي المتشدد الذي يلجأ له عادة المواطنون القابعون تحت قمع منتظم من قبل حكومات وطنية أو محتلة .

أصولية ما بعد 1991:
بعد الانسحاب الطوعي للقوات الحكومية العراقية عن إقليم كردستان ( بالأحرى نحو 60% منه ) قامت الجبهة الكردية الموحدة بإدارة الإقليم لفترة استعدادا لانتخابات نيابية أسفرت عن برلمان تقاسم فيه الحزبان الأكبر الديموقراطي و الاتحاد المقاعد مع خمس مقاعد من أصل 105 للآشوريين ، و أخرى رئاسية لم يفز أي من المرشحين لها بالأغلبية المطلوبة فقد تقاسم الزعيمان مسعود برزاني و جلال طالباني الأصوات تقريبا ، في حين ظهر على استحياء اسم الملا عبد العزيز زعيم الحركة الإسلامية ( الموحدة لاحقا ) فائزا بنحو 4% من جملة أصوات الناخبين مثلما اشترك حزبه في الانتخابات البرلمانية و لم يحصل على الحد الأدنى من الأصوات( 8 % ) للتمثيل برلمانيا . و مع الاضطراب الذي شهده الإقليم بعد الحرب الأهلية بين الحزبين الكبيرين ( الديموقراطي و الاتحاد ) أعوام 1994-1997 لم تشترك الحركات الإسلامية المعلنة في تأييد أيهما بل تنافست في استغلال هذه الفوضى لتقترب من المواطنين بالمساعدات الكبيرة التي كانوا يحصلون عليها من الدول الإسلامية بالمنطقة ( إيران و المملكة السعودية و بدرجة أقل الحركات الإسلامية الأخرى في المنطقة و منظمات الإغاثة) كان هذا بالطبع قبل أن ينال الإقليم نصيبه من اتفاق النفط مقابل الغذاء المبرم بين حكومة بغداد و الأمم المتحدة و المقدر بنحو 13 % من عائد البيع ، إذ كانت معونات الإسلاميين للمواطنين قبل هذا أكبر عون يمكنهم تصوره ، و بالطبع كان عليهم سداد الثمن من حرياتهم الشخصية و التزامهم بما يمليه عليهم الملالة من أمور تلخصت غالبها في الالتزام بنمط حياة بعينه يراه الإسلاميون الأقرب لروح الدين ( الإسلامي ) و لاقت بعض الملل عنتا في هذا الصدد إذ عوملوا باعتبارهم فرقا ضالة عن الإسلام ( الأزيديون و الكاكائيون مثالا ) أما غير المسلمين ( الآشوريون و الصابئة تحديدا ) فقد كان حظهم أفضل إذ تواجدوا في مناطق بعيدة نسبيا عن تمركز هذه الحركات ( دهوك مثالا ) أو في مناطق لازالت الحكومتان الإقليميتان (لحزبي برزاني و طالباني ) تسيطران عليها ، و إن لم تمنع هذه المصادفة المكانية من تعرضهم لمضايقات من الإسلاميين الذين توسع نفوذهم فيما بعد ، ليس بالإعانات و استغلال الفراغ الأمني هذه المرة بل بقوة سلاحهم و جنودهم التي تضخمت فيما الحزبان الكبيران منشغلين بحروب بينية . و هناك العديد من الحركات الإسلامية العاملة في شمال العراق – ومنها (حماس) و(جبهة التوحيد) و(وحدة سوران الثانية) و(حركة الوحدة الإسلامية) ، و شهدت غالبها عمليات تفكيك و توحيد فمثلا وحدة سوران الثانية وجبهة التوحيد قررتا الاندماج في الأول من سبتمبر الماضي، وتشكيل جماعة جديدة باسم (جند الإسلام)، ثم أخيرا " أنصار الإسلام " و الحديث بالطبع يتجاوز الأحزاب الإسلامية المعتدلة .
و لكن هل تخدم الطبيعة في شمال العراق الإرهاب؟
يبدو نوع من التبسيط التعويل على الأبعاد الانتروبولوجية و الجيو بولوتيكية عند تحليل ظاهرة ما ؛ إن هذه الإحالة لعوامل ما وراء مستقلة قد يفلح فقط في توضيح كيف خدمت الطبيعة الجغرافية هنا تحركات الإسلاميين الأصوليين ، إذ يتميز هذا الإقليم بالطبيعة الجبلية الوعرة، كما تتدفق عليه أموال وأسلحة عبر حدوده الهشة التي يصعب السيطرة ، و حسب منشور داخلي لجماعة (جند الإسلام) يضيفون أن هناك عدد من الأسباب للجهاد ضمن حدود كردستان، منها القيمة الإستراتيجية لموقعه الجغرافي وطبيعته الجبلية.
مؤخرا و بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة و بعد الحملات الغربية المنظمة ضد الأصولية و الإرهاب العالمي ظهر في إقليم كردستان العراق جدل حول جماعات من هذا القبيل ، و أبدت الأحزاب الكردية الكبرى تمللها ثم نقمتها على هذه الجماعات ، فهل ظهرت في يوم و ليلة ؟ أم أن الهوى العام الذي اجتاح العالم أو بالأحرى الفوبيا الكونية ضد الإسلام السياسي المتطرف هو ما حرك أكراد العراق لتنقية الإقليم ممن اعتبروهم " جحوش الإسلام " ؟ (و لفظة جحوش بالكردية تدلل غالبا على المتعاون مع النظم التي تضطهد الأكراد ) فمع من تعاون هؤلاء ؟ مع طهران صديقة طالباني مع بعض الفتور حاليا ، أم بغداد ناجدة برزاني في العام 1996مع بعض التجافي حاليا؟، و لماذا تأخر هذا التحرك لما بعد أحداث سبتمبر 2001باقل من أسبوعين فقط رغم أن جند الاسلام قد تورطت في قتل فرانسوا الحريري القائد بالحزب الديموقراطي الكردستاني في فبراير 2001 ؟ ربما الصدفة ، وربما هناك تنسيق على مستوى الحركة الأصولية العالمية ، و ربما أراد البعض استغلال هذا الهجوم العالمي على الأصولية الإسلامية المتطرفة ، و ربما و ربما …..لسنا بقادرين على حسم هذه النقطة بيقين .
خريطة هذه الأحزاب و انقساماتها المتتالية الأشبه بالقنابل الانشطارية و العنقودية ثم تحالفاتها التي لا تصمد كالعديد من تحالفات القوى الكردية المعاصرة معروفة للجميع ، و الصلح بينها يأتي و يذهب كأطياف سراب على طريق صحراوي في صيف أغسطس ، فالحل الفردي ( أي جماعة فأخرى ) هو ما يتم بالفعل بدءا بجند الإسلام وصولا إلى أنصاره ، و فاعليته ليست بالأمر المؤكد ، لكن تعاون الحزبين في التصدي معا لها قد يؤتي بثمار أسرع و أينع . و الصلح مع هذه الأحزاب برعاية طرف خارجي كما في صلح واشنطون ليس بالأمر اليسير ، فلن يسمح الملا كريكار أو أبي بصير لأمريكي ( أو حتى أمريكية فان ذهبت أولبرايت فهناك رايس ) مسيحي أن يربت على كتفه أو يرعى اتفاق صلح مع طرف آخر ( علماني كافر ) لأنهم يعتقدون أن الجميع في سلة واحدة ، و فتاواهم التي تملأ منشوراتهم تؤكد على المعنى ذاته ، فهم يخلطون التكفير بالتخوين ، و معلوم أن هذه القضايا لا يبت فيها بالفتاوى أو الأخذ بالظاهر ، لكنه التعصب الديني الأعمى و دفع قوى أصولية لهم هو ما يجعل من مستقبل الصلح مع مثل هذه الجماعات غير وارد على الأقل في القريب العاجل أو بتدخل طرف خارجي قبل أن يتدخل هذا الطرف لتغيير كامل النظام في العراق .
و هذه الفكرة لا نوردها لمجرد تزكية الخيار العسكري في التعامل مع الأحزاب الإسلامية التي شقت عصا الطاعة على قادة الإقليم ، أو بالأحرى إدارة السليمانية بالإقليم ، و بصفة لاحقة و بدرجة أقل على إدارة أربيل ، كل هدفنا التنبيه أن ما يعتمل داخل مثل هذه الحركات هو خليط بين إيمان دوجمائي بأفكارهم ، و تنفيذ أعمى لفتاوى شيوخهم الذين بلغوا من الكبر عتيا ، و في الآن ذاته يمضون قدما في أفعالهم تلك لطمأنينة ما لديهم بأن هناك من وراءهم ، و بالطبع مثل هذه الطمأنينة الدافعة للقتل و التدمير و نبش القبور لا يمكن أن تأتي فقط من العبارات المؤيدة و الدعوات في الصلوات ، و تبادل التهاني في الأعياد مع دولة ما .
فإذا صحت فرضية تمويلها الخارجي من دول اسلامية مجاورة و أخرى إقليمية اسلامية ، فالأمر في الصلح و الحرب موكول لداعميها بالأساس ، و هؤلاء الداعمون كانوا سابقا أحد دافعي الحزبين الكرديين في حروبهما غير المبررة طوال ثلاث سنوات و يبدو أن دعم هاتين الدولتين للأحزاب الإسلامية قائم على أساس براجماتي أكثر منه أيدلوجي ؛ فهذه الأحزاب تستخدم إلى حين للضغط و الترهيب على أصدقاء الأمس . أما انقضاء الهدف من هذه الجماعات كأن تتقارب القوى الخارجية المؤلبة لها مع الحزبين الكبيرين فلا يعني تلقائيا تلاشي هذه الجماعات ، فالمارد يخرج من القمقم مرة واحدة و لا يعود ، و التفاف بعض الأهالي حولهم لبساطة وعي لديهم أو إغراء قد قدم لهم، قد يتطلب وقتا لينتهي . و على أرض المعارك اختار هؤلاء النقاط الأحصن كما أشرنا ( و يعلم الجميع أن الجبال أصدقاء للأكراد حتى لو كان هؤلاء من شيوخ التطرف ) ، تماما مثلما تمركزت فلول حزب العمال الكردستاني – سابقا – في جبال قنديل لشهور ، بين كر و فر لا ينتهي في النصف الثاني العام 2000 و لفترات في 2001، و لم ينه الأمر النزال الحربي بينه و بين الاتحاد الوطني بل بالأساس اعتبارات و اتفاقات ما ، و هو ما تكرر مع الجماعة الاسلامية لمرتين و قبل صلح طهران و السليمانية بينها و بين الاتحاد الوطني ، اذن الحل العسكري ليس بالسهولة المفترضة .
، أما إذا كانت هذه الجماعات إفراز داخلي من النقمة على عثرات و مساوئ الحكم الثنائي للإقليم ، فليس أيضا من السهل إقناعها بالصلح مع أحزاب تراها سبب تردي الأوضاع في الإقليم ، و هي هنا تتحدث أكثر الأمر عن تراجع تمسك المؤمنين بالإسلام و تعاليمه ( وفق فهمها هي ) و ذلك بإيعاز من الحزبين أو كرد فعل أي أنها حتى في انتقاداتها تولي الأبعاد الدينية المكان الأول على الأبعاد الاقتصادية و الاستقرار السياسي مثلا ، فخروج فتاة سافرة اشد خطرا لديهم من مقتل عشرات النسوة لقضايا تتعلق بالشرف أو التقاليد القبلية ، و عدم انتظام الشباب في الصلاة بالمساجد هو صداعهم اليومي ( بالأحرى خمس مرات في اليوم ) أكثر من بطالة آلاف الشباب طوال اليوم عن أي عمل ، انتشار محال الخمور في عين كاوا بأربيل ذات الأغلبية المسيحية يؤرقهم أكثر من مقتل فتاة آشورية بوشاية من مسئول بالإقليم ، إلى آخر هذه السخافات التي تشغل بالهم صباح مساء .
و إذا كانت هذه الأحزاب الإسلامية تتخذ من الدين أساسا لمعاداتها للحزبين الكبيرين ، ناهيك عن تكفيرهما ، فلا سبيل للصلح معها إلا – و كمزحة نقول هذا - لو غلبت هي مبدأ التقية ، لكن هذه الأحزاب ليست بالشيعية ، بل و منهم من يقول بكفر الشيعة ، رغم أن المدد يأتي لهم أحيانا من دولة إيران شيعية بحسب وسائل إعلام الحزبين أو تستنتج أو تلوح على استحياء بدور إيراني في تأليب هذه الجماعات ( مثالا تنتقد جماعة أنصار الاسلام الجماعة الاسلامية لعلاقتها بطهران و الجماعة ترد " لا ننكر مودتنا لايران و احترامنا للشيعة " ) ، سوف يكون هناك مسار طويل لتوضيح مباديء الدين الحق أمام الجميع و نفض التطرف عنه ، سوف تكون المهمة في جزء كبير منها فكري ، و سوف يتعين على الحزبين الكبيرين الحرص الشديد في كل ما يمس الدين ( فالجماعات الاسلامية المتطرفة لا تترك صغيرة أو كبيرة يقوم بها الحزبان الا و تعلق عليها سلبا بل و تقحم الدين في هذا النقد السياسي ) .
و أخيرا لو تم التغلب على كل ما سبق فلا أحد يستطيع التنبؤ على وجه الدقة ، كيف ستكون حالة الإقليم بعد إسقاط النظام الحالي ، و الأفضل أن ينتهي الحزبان الكبيران من صراعهما مع مثل هذه الجماعات ، فترتيب البيت من الداخل أيسر على اله من انتظار الأمر بذلك من ضيف خارجي ، حتى لو كان هذا الضيف هو الولايات المتحدة تمهيدا و استعدادا لضربتها القادمة أو بعدما يتغير النظام بالفعل ، إذ سيعاد وقتها ترتيب البيت العراقي ككل .
 
 

 



#أميرة_الطحاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أميرة الطحاوي - قطار الأصولية بكردستان ، متى يرحل ؟