أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بلغيت حميد - دور التعليم في التغيير الاجتماعي















المزيد.....

دور التعليم في التغيير الاجتماعي


بلغيت حميد

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 09:22
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إن الحديث حول الظاهرة التي يمكن التعبير عنها من داخل المفهوم المعروف ب"التغير الاجتماعي" حديث قديم, لقد اهتم المفكرون والفلاسفة في مختلف العهود برصد التحولات التي تطرأ في مجال الحياة الاجتماعية. فكتب عن هذا فلاسفة اليونان, ومن بعدهم فلاسفة العرب المسلمين تم جاء دور مفكري عصر التنوير ومن أتى بعدهم... ومثلت أعمال هؤلاء العلماء رصيدا مهما للمتخصصين المعاصرين في مجال العلوم الاجتماعية وتطور النظر لأسباب وحجم الظاهرة ونتائجها عبر الزمن, ويظهر هذا بوضوح في استخدام المفاهيم التي تعبر عن الظاهرة في محاولات لدراستها مثل التقدم التطور و الارتقاء...
وتجدر الإشارة إلى أن اصطلاح "التغير الاجتماعي" قد استخدم أول مرة وبصورة عرضية في كتابات "أدم سميث" وعلى الأخص في كتابه "ثروة الأمم" سنة 1776. لكن لم ينتشر ويصبح واسع التداول إلا بعد نشر عالم الاجتماع الأمريكي "أوجبرن" كتابا يحمل عنوان"التغير الاجتماعي" عام 1922، ويرى عالم الاجتماعي هذا أن التغيير ظاهرة عامة مستمرة ومتنوعة ولا لزوم لربطها بصفة معينة. لذلك وجد في اصطلاح التغير الاجتماعي مفهوما متحررا من التقييم, ولا يرتبط بصفة موجب أو صفة سلبية. وبدون استعراض مختلف التعريفات والموازنة بينها, يمكن أن نرى لغرض هذه المحاولة البحثية البسيطة، أن التغير الاجتماعي يعني التحولات أو التبدلات التي تستقر عبر الزمن في مجالات الحياة الاجتماعية, كذالك المتصلة بالمجال الثقافي القيمي الوجداني و المعياري أو البناء الاجتماعي أو مكوناته أو وظائفه أو الأنماط السلوكية للأفراد .
وعمل كل من "أوجست كونت" و"هربرت سبنسر" و"ألان تورين" وغيرهم من علماء الاجتماع على البحث عن الأسباب التي أدت إلى تلك التغيرات الاجتماعية الهامة عبر التاريخ وإلى الكيفية و العمليات التي حدثت بها هذه التغيرات. ولهذا قام علماء الاجتماع ببناء نماذج ذهنية و تصورات نظرية لتفسير الظاهرة و في كل مرحلة تاريخية تأثر المنظرون الاجتماعيون بالأفكار النظرية التي كانت مسيطرة في مختلف الحقول المعرفية الأخرى، و كانت البدايات الأولى مع المنظور التطوري. لذالك افترض الآباء الأولون لعلم الاجتماع و خصوصا "سبنسر" و "أوجست كونت" أن التطور الاجتماعي يشبه التطور البيولوجي، فهو تقدم للمجتمعات في حركة دائمة من البسيط إلى المتوسط فالمعقد، من المتشابه المتجانس إلى المتباين و المختلف، من البداوة إلى الريف ثم التحضر، من سيادة لعلاقات العضوية إلى سيادة العلاقات الميكانيكية...
و يجمع العلماء الذين يأخذون بهذا المنظور على أن حركة التطور تسير في اتجاه خطي و يختلفون في عوامل التغيير و مراحله، فيعتبر "ماركس" الاقتصاد العامل الأساس في التغيير و يعزي "مورجان" السبب إلى مستوى التطور التكنولوجي و التقني، بينما يقترح "أوجست كونت" النمو الفكري كعامل أهم و كمحصلة نهائية للتغيير الاجتماعي. وسيتم وفقا للتصور الأخير دراسة العلاقات المتبادلة بين المنظومة التربوية و التغيير الاجتماعي. و لهذا يشدد "عبد الله العروي" على دور هذه المنظومة في الإسراع بعملية التغيير و تقويم مسارها، حيث أن خروج البلدان النامية من سلطة التقليد رهين بالدرجة الأولى بتحديث المناهج التعليمية، لخلق ما سماه "عبد الله العروي" بالشخصية الحداثية، و من بين أهم خصائصها نجد :
- الاعتقاد في إمكانية المعرفة العلمية لحل جميع المشكلات
- الركون إلى الحوار لحل الخلافات
- تقبل الرأي المخالف
- احترام القانون و قواعد العمل
- التحرر من ما سماه "محمد عابد الجابري" بسلطة النص و النموذج
- الأخذ بالمعرفة البرهانية عوض المعرفة البيانية و العرفانية
و نفس الأمر تعرض له "لوران" "leurin" - أي دور الشخصية الحداثية في التغيير- بمناسبة شرحه اختلاف فعالية نماذج التدخل، حيث ميز بين مجموع القوى التي تتدخل لتغيير سلوك المجتمع ككل، و مجموع القوى التي تسعى لتغيير سلوك الفرد داخل الجماعة، و أكد أن التدخل الأكثر فاعلية هو الذي يتم على مستوى مجموع القوى الثانية.
غير أنه إذا كانت عوامل التحديث متعددة كما رأينا, فقد تكون بفعل التقدم الاقتصادي التكنولوجي والتقني, وقد يعزى لأسباب خارجية كالتدخل العسكري كما حدث إبان الحقبة الاستعمارية خلقا ما وصفه فريد المريني الوهابي بصدمة الحداثة و التغيير... فهل يمكن لهذه العوامل على اختلافها أن تلغي دور التعليم في عملية التغير أو على الأقل تهمشيه ؟. وإذا كان الجواب بالنفي, فبماذا يتميز التحديث الناتج عن المنظومة التربوية عن مثيله بفعل الفواعل السابق ذكرها؟
برصد مسار عملية التغيير يمكن التميز بين التغيير المادي للمجتمعات والتغيير النفسي لها, إذ يتم الأول بفعل التقدم الاقتصادي والتطور التكنولوجي والتقني... فيحين أن الثاني يعود بشكل أساس إلى تحديث المناهج التربوية أي الانتقال من التعليم التقليدي إلى تعليم حديث. ولم يقصر بعض الباحثين دور التعليم في التغيير النفسي فقط, بل جعلوه يمتد إلى المساهمة في التغيير المادي، وذلك مثلا عبر تحديد حركة السكان من الريف إلى المدينة, فقد ظهر واضحا من نتائج بعض الدراسات أن الذي يحصل على بعض التعليم ترتفع درجة احتمال تغييره لموقع عمله و لمكان إقامته, ولهذا نجد كلما اتسعت قاعدة الفئات المتعلمة ازداد النزوح نحو المدينة. لأن الحراك الاجتماعي قد يكون رأسيا بمعنى الانتقال من مستوى اجتماعي إلى مستوى مختلف سواء إلى أعلى أو إلى أسفل، وقد يكون أفقيا بمعنى الانتقال جغرافيا وفي هذه الحالة يعني في الغالب الانتقال من الريف إلى المدينة.
ولهذا تكمن أزمة التغيير في البلدان النامية فيما أطلق عليه "أوجبرن" ب"الهوة الثقافية", وتعني ذلك الاختلاف الناشئ عن تفاوت سرعة تغيير العناصر المادية وتغيير العناصر المعنوية, و كلما اتسعت المسافة الفاصلة بين التغير المادي و التغير النفسي, فقد المجتمع انسجامه أو ما يطلق عليه ب"التراص الاجتماعي", وسار غارقا في عالم يسوده الجمع بين مفارقات صارخة كالتماهي بين فكرتي المأسسة و الشخصنة، و لا يتم الأخذ بأسباب الديمقراطية - كأحد الأوجه السياسية لعملية التحديث - إلا بغاية شرعنة الحكم السلطوي المستبد، و تفضي هذه البنية الهجينة إلى إلباس الفكر الخرافي الغيبي مسوح الفكر العقلاني والمعرفة العلمية. بل أن المؤسسات التعليمية ذاتها, تعمل على إنتاج و إعادة إنتاج نفس علاقات البنية التقليدية الماضوية، و يمكن تتبع هذا التناقض على مستوى سلوك الفرد الواحد, فهكذا تجد مثلا علاقة الأستاذ بالتلميذ منطبعة بالآمر والطاعة والتسليم عوض الحوار والنقد والإقناع.
- باحث مغربي



#بلغيت_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخل الإعلان عن الدولة الفلسطينية
- ثورات العالم العربي بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية
- محددات السلوك الصراعي لدول منطقة الساحل و الصحراء
- لنقوم أسلوب الحركة


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بلغيت حميد - دور التعليم في التغيير الاجتماعي