أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - المصاري مش كلشي














المزيد.....

المصاري مش كلشي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 00:28
المحور: كتابات ساخرة
    


المشكلة التي نستطيع حلها بالمصاري نطلق عليها وعلى صاحبها مصطلح تافه وتافهة.

كنت وأنا طفل صغير في المدرسة الابتدائية أحلم بأن يكون معي ديناراً أردنياً واحداً لأحقق به كل أحلامي وكل أمنياتي وتطلعاتي ,وكان رقم الدينار الواحد هو أكبر رقم أعرفه في ذلك الوقت وكنت أنظر إليه على أنه 100 قرش وهذا طبعا شيئا كبيرا وكثيرا جدا حين تعرفوا بأن مصروف الطالب في ذلك الزمن سنة 1977م كان قرشا واحدا أو قرشين ونصف يحصل عليهن طالب المدرسة من الأب الميسور الحال وهو أبلغ حدود من الممكن أن أصل إليها بخيالي,وكنتُ وأنا طفل صغير أسمع عن مشاكل الناس وهمومهم التي يحلونها بما يملكون من دولارات ومصاري وعملات أجنبية ومحلية, وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حياة بسيطة كانت تتمتعُ بها الناس وكان كل الناس بسطاء جدا وسعداء جدا حين كانت المصاري تحل معظم مشاكلهم وحين كبرت قليلا صرت أعرف وأنا بالمدرسة الإعدادية بأن رقم (دينار واحد) تافه جدا وبسيط جدا لا يليق بمستوى آمالي وتطلعاتي لذلك تطلعت لأبعد من ذلك كله وصرتُ أتمنى لو أملك في جيبي عشرة دنانير أردنية لتحقيق كل آمالي وطموحاتي كأن أأكل في مطعم ديكوراته من التراث الشعبي القديم على طاولة خشبية وكرسي خشبي صغير من العصر العثماني, وحين خرجت من المدرسة خروجا نهائيا إلى سوق العمل لأعمل مع العمال والشغيلة صرت أعرف بأن العشرة دنانير لا تساوي شيئا في ذلك الزمن ولا تستطيع العشرة دنانير أن تُغطي كل احتياجاتي وتطلعاتي للمستقبل لذلك تركت الحلم القديم بالعشرة دنانير وصرتُ أحلم مجدداً وأنا بمقتبل العشرين بأن يكون معي 100 دينارٍ أردنيٍ لتحقيق كل رغباتي في الحياة وكنت أجهد نفسي لجمع ال 100 دينار أردني لكي أحقق أمنياتي وحين كبرت قليلا وصرت في مُقتبل الثانية والعشرين من عمري اختلطت بالناس بالأبيض منهم والأسمر وبأصحاب الوجوه البريئة وبأصحاب الوجوه الخبيثة فاختلفت نظرتي للحياة وللناس فعرفت بأن بعض الأمنيات وبعض المشاكل فعلا من المستحيل حلها وتحقيقها بالمصاري وبالدولارات ولا حتى بكل كنوز الدنيا لذلك أنا اليوم أشعر بأنني بحاجة إلى معجزة كبيرة لتحقيق كل أحلامي وأمنياتي ,وأيضا لحل معظم مشاكلي العاطفية والثقافية.

واليوم فإن الموضوع معقد جدا نظرا لأننا أصبحنا نعيش في مجتمع تركيبته أصلاً معقدةٌ جدا من حيث تنظيمه إداريا ومعنويا... ولم يكن يخطر ببالي أن أصطدم يوما بمشاكل لا أحد يستطيع حلها بالمصاري حتى ولا أكبر حلال للمشاكل يستطيع حلها لا بالدولارات ولا بالجنيهات..

أنا اليوم لا أحتاج إلى الدولارات لحل مشاكلي,(فالمصاري فعلا مش كل إشي) وهذه الفلسفة ليست فلسفة الفقراء فحسب بل هي فلسفة كل إنسان اعترك الحياة وعرفها بالشكل الصحيح فكل مشاكلي الكبيرة والمستعصية من المستحيل حلها بالذهب الأصفر حتى ولو وجدت صندوقا من الذهب الخالص مدفونا في غرفة نومي, ومشاكلي الكبيرة بحاجة إلى معجزة ربانية أو إلى ضمير حي ووجدان طيب وقلب مرهف الحس وعين تدمع ومُخلّص ينزل على شاني من السماء أو يخرج لي من تحت الأرض على شاني لينقذني من يد البشر أما بالنسبة للمشاكل البسيطة فغالبيتهن أحلهن ببعض المصاري والدولارات, إلا أن غالبية مشاكلنا لا يمكن حلها ولا بملايين الدولارات, لذلك تلجأ بعض الناس إلى العيادات النفسية لحل مشاكلهم رغم أنهم يدخرون في البنوك الألوف المؤلفة من العملات الصعبة, وبعض الناس تنتحر رمزيا وطبيعيا حين لا تستطيع المصاري التي جمعوها أن تحقق لهم رغباتهم في الحياة وأغلب الناس يقضون نصف عُمرهم وهم يجمعون بالمصاري ومن ثم يقضون نصف عمرهم الأخير وهم يحاولون استعادة الصحة والشباب التي فقدوها أثناء جمعهم للمصاري, والمصاري فعلا ليست حلا لمشاكلي ومشاكل الآخرين وأسمع اليوم بعض الناس وهم يقولون (يا ريت المصاري تكون حل لمشاكلنا) والذي لا يملك المصاري يبقى طوال عمره موهوما بأنه إذا امتلك المصاري يستطيع بواسطتها حل معظم عقده النفسية والاجتماعية ويبقى للأبد مسكوناً بهاجس جمع المصاري ليعيش مرتاح البال علما أنه يشاهد أصحاب الألوف وهم مرهقون ومتعبون من القلق الذي تسببه لهم مصالحهم الاقتصادية وبأن الذي لا توجد عنده مصالح تجارية يبقى مرتاح البال على الآخر ...إن المصاري لا يمكن أن تحل المشكلات المستعصية هي فقط تحل بعض المشاكل الرخيصة أما مشاكلنا العويصة وخصوصا العاطفية لا يمكن أن نحلها بما ندخر من نقود, لذلك سيبقى شعورنا متعلق بالمُخلص الذي يحل لنا مشاكلنا دون أن يمد يده إلى جيبه.

أنا اليوم في وضع صحي لا أحسد عليه وكل مشاكلي وكل همومي وكل تطلعاتي وكل آمالي لا يمكن تحقيقها بما ندخر بالبنوك من العملات الصعبة أنا فقط بحاجة إلى قلب يحب أو قلب يضحي أو إلى فادي يفتديني بدمه وقلب يشعر بي ,أنا كل ما أحتاجه فقط لا غير قلب مصنوع من السُكر ومن العسل وهذا لا يمكن شراءه ولا بكل المليارات النقدية, نحن جميعنا بحاجة إلى المحبة لنحل بها مشاكلنا وحين يقع الحب في قلوبنا كما يقولون(إذا وقع الحب بَطُلَ التكلف), لا يمكن أن تكون المصاري حلا لمشاكلي, أو لمشاكلك أنت بعد أن تتأكد بأن الشباب والصحة لا يستعادان بالمصاري وبأن المشاكل العاطفية والوجدانية لا يمكن تصفيتها بحفنة من الدراهم أو الدولارات,ومع ذلك يسعى الجميع إلى شبح المصاري من أجل تحقيق رغبات تافهة حين تجد نفسك تنفق أموالا كثيرة بوقت قليل جدا لا يتعدى دقائق أو ثواني معدودة وهنا تحدث الصدمة الكبرى حيث أنفقت مالك في مكان لم يجعلك سعيدا كما كنت تتوقع.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفتر مذكراتي
- اللعب مع الذئاب
- على الساكت
- لماذا أبكي؟
- الدنيا معكوسة
- الطرق الملتوية
- طباعة القرآن والمحافظة على البيئة
- سائق فرشة
- إلى الدكتورة وفاء سلطان
- المدينة الفاضلة
- لكي لا ننسى
- خيانة زوجية أم زواج بالسر!
- كلب متشرد وكلب بوليسي
- اقرأ واستمتع
- كلمات عربية أصلها رومانية ولاتينية
- نظام الشورى الاسلامي
- آخر الصرعات الفلسفية
- أول 500 جامعة في العالم
- ضاع الأمل
- ليس ذنبي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - المصاري مش كلشي