أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مرثا فرنسيس - من الأكثر أنانية؟














المزيد.....

من الأكثر أنانية؟


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 22:52
المحور: حقوق الانسان
    



كنت أستعد أنا وزوجتي للذهاب إلى مدرسة إبننا وسيم للإحتفال بنهاية العام الدراسي وتسليم الشهادات للأطفال وتهنئتهم بالنجاح، وبينما كنتُ انتظرأن تنتهي زوجتي من إرتداء ملابسها بعد أن فرغت لتوها من مساعدة وحيدنا في الإستعداد للحفل، كنتُ أتابع تعبيرات وجه إبني الطفل ذي الأعوام السبعة وإبتسامة الفرح تعلو وجهه، وهو يحدث أصدقاءه تليفونيا ً ويحثُّهم على الذهاب مبكرين للمدرسة ليتعارف الأباء والأمهات على بعضهم البعض قبل بدء الإحتفال.
تأثرتُ جدا ً بحماس إبني وسيم ولهفته على الذهاب للمدرسة حيث الإحتفال وهو يمسك بيدي فخورا ً بي أنا والده وبحضوري معه في هذا اليوم التاريخي بالنسبة له. وشرد ذهني إلى سنوات عديدة مضت عندما كنتُ في نفس عمر وسيم إبني ومرّت أمام عينّي صورتي وأنا وحيد في إحتفالات المدرسة ليس فقط الابتدائية ولكن أيضا الإعدادية والثانوية وكل المناسبات التي مرّت بي في سنين عمري الثلاثين؛ حيث لم يحدث يوما ً أن أمسكت بيد والدي أو والدتي ليشاركني احدهما فرحة نجاحي، لا أتذكر أن أحدهما إصطحبني من أو الى المدرسة، ولكني أتذكر جيدا ً الخمس سنين الاولى من عمري التي مرت وانا أعيش وحيدا ً مع أم تبدو أكبر كثيرا ً من عمرها الحقيقي وأب تجاوز الخامسة والستين من العمر وأصبحت تحركاته محدودة، ولا يغادر البيت إلا لزيارة الطبيب؛ أب إختار أن يتزوج من تُصِّغره بثمانية عشر عاما ً، بعد أن تزوجت إبنته الوحيدة(اختي من زوجته الأولى)، وأراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد؛ أن يتخلص من وحدته ويجد بديلا ً عن إبنته التي كانت تخدمه وأيضا ً أن يتزوج من تُصغِّره لتعيد إليه بعض مما فات من شبابه، ووجد الفتاة المنشودة التي كانت تخشى الوحدة وتخشى أن لا تلحق بالعربة الأخيرة من قطار الزواج، فقبلت التنازل عن بعض أحلامها أو لنقل معظم أحلامها خوفا ً من السرعة التي يجري بها قطار العمر. أتذكرجيدا ً إنني عندما وصلت لسن الإلتحاق بالمدرسة كنتُ مضطرا ً إلى طرق باب السيد مجدي جارنا ليذهب معي لتقديم أوراق الالتحاق للمدرسة، كما أتذكر أن زوجة السيد مجدي أخذت على عاتقها أن تشتري لي ملابس المدرسة والشنطة والحذاء، وتكررت الطَرَقات لنفس الطلبات من الجيران المحترمين حتى جاء اليوم الذي إنتقل فيه السيد مجدي وعائلته للسكن في منطقة أخرى، ولم أجد بديلاً عن الإتصال بأختي من أبي وهي أم لطفل في مثل سني وقتئذٍ ، ولكنها تعللت بضيق الوقت وأنها ستحاول خلال أيام أن تقوم بهذه المهمة عندما تأتي للإطمئنان على والدها(أبي المسن) في موعد زيارتها الشهري له!
مرّ شريط ذكريات سريع أمام عينيَّ ولم أشاهد في هذا الشريط ولا لقطة واحدة تضمني في الشارع مع امي وأبي أو مع أحدهما سواء في المدرسة أو في زيارة عائلية، ولا لقطة واحدة شاهدتُ فيها أحدهما يسأل عني في المدرسة أو يطمئن على تحصيلي الدراسي أويتسلم معي شهادة إنتهاء العام أو... أو.... كنتُ دائما ً وحيدا ً، وكان السؤال الذي يتردد في أذنيَّ وكأننّي أسمعه من خلال مكبر الصوت؛ من الأكثر أنانية؛ أبي الذي إختار الزواج دون أن يضع في إعتباره أن ينتج عن هذه الزيجة طفلاً يولد وحيدا ً ويعيش وحيدا ً؟ أم إنني أنا الأكثر أنانية لأنني لم أعترف بحق أبي في اختيار الزواج للتخلص من وحدته وتلبية لاحتياجاته المعيشية دون أن يفكر في تداعيات ذلك، ووجدتني لا أعلم من أعاتب هل أعاتب الزمن أم ألوم أبي ام ألعن الظروف؟ من كان المتسبب في أنني فقدتُ أجمل مراحل العمر نتيجة شعوري بالوحدة وفقداني لهذا الاحساس الممتع بأن لي ابا ً وأما ً يشاركانني لعبي ومرحي وخيالي أو يرافقاني نزهاتي ورحلاتي حتى إنني لا أعرف ماذا كان شعوري عندما مات ابي!
إنتبه رفيق(زوج إحدى صديقاتي) وأفاق من شروده على نداء وسيم طفله ويده الصغيرة وهي تهزه هزا" بابا هنتأخر على الحفلة" واحتضن طفله بكل الحب والحنان واعدا ً إياه في قلبه أنه لن يتأخر أبدا ً عن أي موعد أو نزهة أو حفلة تخص هذا الإبن الحبيب، ولم يستطع رغم ذلك أن ينسى السؤال الذيِّ لم يعرف له إجابة على الإطلاق.

محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد المسيحيِّة
- معنى الصوم
- سؤال صريح جداً
- الله الذي أعرفه
- الإرهاب ليس من المسيحية
- مشكلات الشيوخ والقسوس
- لقطات(مسئولية المجتمع)
- الله والحياة بلا أطراف
- الشيخ القوصي وجه مُشَرِّف
- داود الملك وخطايا البشر
- ضرب المرأة وكرامة الانسان
- المرأة ومتعة الرجل
- هل حقاً هناك خالق؟
- اُكفُل يتيم في بيتك
- هل المسيحية ديانة؟
- سيادة المشير طنطاوي: لحظة من فضلك
- المرأة والحب والمعجزات
- الضرب بيد من حديد
- سأحلم من جديد
- كيف لا أحبك؟


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مرثا فرنسيس - من الأكثر أنانية؟