أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الخبث السياسي.















المزيد.....

الخبث السياسي.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 15:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يبدو أن الخبث في عمومه، موجد ومتداول بين الناس في كل الأوطان والأزمان، يسهل رصده وحصاره في كل مجالات حياة، لأنه يتحرك على السطح مكشوفا، بعكس الخبث السياسي الذي غالبا ما تنطلي حيله على الناس، فيتعاطونه عسلا مسموما يشل قدراتهم على التمييز بين الحقيقة والخيال، بين الحق والباطل، يصعب التعرف عليه لأنه خبث غير مرئي، يتحرك في مسارب الأحزاب ودهاليزها المظلمة، وكما أن يوجد خبثاء محنكون بين الناس العاديين، يتعاطون الخداع والمراوغة للإيقاع بالسذج والنصب عليهم لسلبهم مقدراتهم. كذلك هناك خبثاء في السياسة أشد حنكة، وأعتى مكرا، يتكلمون كثيرا ولا يفعلون إلا الشيء القليل، يوظفون كل شيطنات إبليس وضلالاته التي يجيدونها ويتقنونها كثيرا لتسريب كل مقابح الانحراف والغواية السياسية والفكرية والثقافية إلى المجتمع، للوصول لكراسي السلطة، وشرب نخب الانتصار على المغفلين••
ومن أخبث الخبث السياسي وأغربه، هو رغبة بعض القيادات السياسية والنقابية، في الحصول على كم ونسب كبيرة من الناخبين، وانسياقهم وراء تلبية ذلك في خضم حمى الاستقطابات الحزبية الحادة والصراعات السياسية العنيف التي تعرفها البلاد، وتعيشها الأحزاب المغربية كافة، كلما حل موعد الانتخابات، التشريعية منها والجماعية، وفي ظل الاستبداد السياسي، وترهل العمل الحزبي، وغياب المجتمع المدني القائم على احترام حرية التعبير، وانسداد الآفاق السياسية الجادة وانغلاقها أمام فئة عريضة من المواطنين الحكماء الذين رحمهم الله ووقاهم من شرور الكرسي ونجاهم من غيبوبته الساحرة، الذين غالبا ما لا يسعفهم وعيهم ووطنيتهم في تبني المواقف السياسية غير السليمة، وتتفننهم في الدفع بالكثير ممن يشعرون بالنقص ويحلمون بالوجاهة والوضع الاجتماعي المتميز الذي تضمنه عضوية المجالس المنتخبة، من المقعد البرلماني المريح بحصانته، والمجالس الجماعية والإقليمية والجهوية والغرف الفلاحية والتجارية والصناعية المتميزة "بخيرها وخميرها" غير المراق، ما جعل مشهد المعترك الانتخابي مشوها بما تذروه فيه رياح الأحزاب وتدفع به قياداتها، من كائنات انتخابوية الجديرة بالسجون، والمصحات النفسية، -حالمة بالكرسي وغيبوبته الساحرة التي ترفع الأقزام، وتعملق الأوغاد، وتدفع أبناء السفلة وأهل الحطة والخسة إلى التفاخر على العباد، والاستعلاء على الشرفاء- من أصحاب" الشكارة" و"البزناسة" وذوي السوابق، والجهلة والحمقى والمعتوهين وكل حُثالات القوم، وأرذلهم خِلقة وخُلُقا الذين لم يكونوا في يوم من الأيام من وجهاء قومهم أو من قادتها السياسيين أو التربويين أو من أدبائها وفنانيها أو حتى من مثقفيها، لأنهم في الدرك الأسفل من عشائرهم من فرط إيغالهم في الخسة والوقاحة التي اتخذوها منهجا في السلوك والتفكير، حتى غدت عملة "صرف" بينهم. والذين هم دائما، في وضع المُريب، يحسبون كل صيحة عليهم، بسبب ما أصابهم من سعار انتخابي، حولهم إلى طفيليين يتصدرون في وقاحة،كل وليمة، ويرقصون في كل عرس وعقيقة وختان، ويبكون في كل مأتم، ويتحسرون على كل كوارث ونزاعات البسطاء، التي هم في الغالب الأعم من وراء أكثرها، يعتاشون على بعض عادات المجتمع السيئة ومآسي الناس الذين ليسوا عندهم، أكثر من أرقام في لوائح انتخابية, سرعان ما ينسون وفقاً لبوصلة مصالحة شخصية وأهواء نفوس متربصة، يعرفون كيف تكون مُربحة لهم، تحت جُنح الظلام الذي تجدهم في عتمته، حيثما وليت وجهك، -حتى في بيوت الله والأضرحة والمزارات الدينية- وقد انشغلوا بالتموقع في المراكز الحساسة التي تجعل "عمشهم" امتيازا بين قطيع العميان؛ فتراهم يقفون مع طرف ثم يتقلبون عليه, مثلما ينقلبون على طرف ثم يهتفون له مهما كانت وضاعته وحقارته، مستعرضين، بطولاته الوهمية و‬إنجازاته الخرافية، و‬فتوحاته الدنكيشوطية. الحربائيات التي تنتعش مع كل استحقاق، أحيانا بخبث شديد وتارة بغباء اشد، لكنه في الغالب، بتواطؤ مع جل الأحزاب والنخب السياسية اليسارية منها واليمينية، اللبرالية أو الإسلامية، التي أثبت بغالبيتها, إن لم يكن جلها, أنها لا تسعى إلا لتسلق سدات الحكم واعتراش الكراسي من خلال افتراش مآسي الشعب، ظنا منها أنها ترسخ أقدامها في مؤسسات السلطة وتؤسس للبقاء طويلا فيها، بينما هي تقوض بيتها بأيديها وتشيد في المقابل ترسانة معاناة الشعب ويأسه الغاضب والقابل للاشتعال، والتي لا تخطر على بالهم إلا إذا أصبحت الانتخابات قاب قوصين أو أدنى، فيغطون عليها بالخطب العنترية، والشعارات الفضفاضة، والوعود البراقة العرقوبية، المتضمنة للحلول السحرية لكل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والنفسية لتي لا أثر ولا مفعول لها على أرض الواقع.
إنها قضية شائكة، بل هي معضلة مستعصية تتطلب جرأة النقاش وفتح الملفات، خاصة وأن التجارب الانتخابية السابقة مع الأسف الشديد لم تأت بجديد، ولم تُظهر أي اختلاف أو تميز بين جل الذين خاضوا غمارها، إذ لم يتميز خلالها التقدمي عن المحافظ، والعلماني عن الإسلامي، ولا اللبرالي عن الاشتراكي، حيث وقفت جل الأطياف المتنافسة بكل مشاربها المتنوعة وأيديولوجياتها المختلفة في منطقة الظل أو ما يسمى بالمنطقة الرمادية، أي بلا لون وبلا طعم وبلا موقف، وتنسى أغلبهم كل المبادئ الإيديولوجية والأخلاقية و حتى الدينية وتعاليمها التي اعتادوا الصياح بها كلما اعتلوا منصة أو أمسكوا بمكرفون.
كم يتطلع المغاربة إلى أن تخرج الانتخابات هذه المرة عما عرفته في كل المرات الفائتة، إطاراً رؤى وأفكارا، وأن تنئ بنا عن العناوين العامة الفضفاضة المتشابهة والأرقام الخيالية المتطابقة والمشتركة التي جعلت من المرشحين صورا مستنسخة برغم تعدد الانتماءات وتنوع المشارب. إن الأصل في العملية هو التعدد والتنوع والاختلاف والتجدد الذي من أجله شرعت الانتخابات لتغيير الوجوه والطاقات كل خمس سنوات، لا أدري لماذا يخيفنا التجديد والاختلاف والتنوع إلى هذا الحد-أم أن في القضية إنة- فبدون اختلاف لن يكون هناك تغيير، ومن دونه لن نتمكن من خلق أو إبداع أو ابتكار، و سيبقى الحال على ما هو عليه، وسنظل في صراخ الضفادع المؤدي إلى الوهم لا الحقيقة، وإلى الخيال لا الواقع،
وهذا في حد ذاته وجه من أوجه الخبث السياسي والانحراف الخطيرة،‮ ‬الذي ‬يستدعي‮ ‬إجتراح آليات تفرض من خلالها رقابة شعبية دائمة، تحول دون وقوع المرشحين ‬في‮ ‬مستنقع الانحراف من اجل مصلحة شخصية أو حزبية ضيقة، خاصة أن التجربة العملية أثبتت أن هناك قابلية كبيرة ‬ليتورط العضو المرشح في‮ ‬بؤرة الفساد،‮ ‬لأنه من البشر،‮ ‬والبشر‮ ‬غير معصومين من الوقوع في‮ ‬الخطأ،‮ ‬وفي‮ ‬أحيان كثيرة تكون تلك الأخطاء فادحة ونتائجها كبيرة ووخيمة في‮ ‬حق المجتمع بأكمله.. وابسط خطإ من هذا النوع تلك الفكرة التهديدية الجديدة المبتكرة التي يروج لنغمتها الرتيبة قادة بعض الأحزاب التي تعتبر أن حال الناخبين وأحوالهم لن تتغير إلا إذا احتلوا هم وحدهم، ودون غيرهم كل المناصب البرلمانية وبالتالي رئاسة الحكومة، ظنا منهم أن الناخبين لا عقول لهم تفهم، ولا أسماع لهم تسمع، ولا عيون تراقب وتحاسب.
وأنه مهما استغبى المرشحون وأحزابهم العوام والبسطاء بالخطب الرنانة والكلام المعسول، ومهما استثمروا الدين والمقدسات، ووظفوا التبريرات وحشدوا الأعذار، فلن يكون بمقدورهم إخفاء هوياتهم وأجنداتهم الحقيقية طويلا، فهم معرضون اليوم أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في حال ركونهم إلى حالهم الراهنة، واطمئنانهم إلى أدائهم المستفز بغيابهم عن الحضور الفاعل في حياة المواطن المغربي ومساندته في نضاله من اجل الخبز والكرامة، نعم هم معرضون إلى التحول إلى واقع أكثر هشاشة وهامشية مما هم عليه اليوم، فعصر الصبر الجميل قد ولى إلى الأبد وحل مكانه زمن الرحيل السريع لزعماء وقادة الأحزاب الذين لم يستوعبوا الدرس بعد، ولا يحاولون تصحيح فهم دورهم الذي ربما فهموه-خطأً- على انه هو الحصول على القدر الأكبر من الغنائم والامتيازات، وتحقيق المزيد من المصالح الخاصة لهم ولدويهم وأقربائهم على حساب مصالح المواطنين، ونسوا أو تناسوا ما حدده الدستور جديد الذي صوت له المغاربة قاطبة، وما أناطه بهم من وظائف وواجبات نحو هذا الوطن الكريم..

حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الجمال قيمة كونية؟
- لماذا الفنون والآثار الإنسانية؟.
- قضية انسانية
- فرحة الانتصار.
- فتاوى الفتنة لا تخلق رأياً عاماً في المجتمعات.
- فتاوى الفتنة لا تخلق رأياً عاماً، لكنها تغلق الوعي بالخرافة.
- ثقافة الإبتسام
- رمضان وعبق الماضي.
- من أجل هذا يحق لنا أن نغضب، بل وننفجر !
- الكتابة عن الكلاب.
- الأمازيغفوبيا والأحزاب الدينية..
- الميدان الذي في خاطري.
- رمضان ومطاعم القلب الفرنسية.
- الإسراف الرمضاني.
- الدستور الجديد والابتزاز السياسي.
- معاناة المواطنين بفاس مع وسائل النقل.
- الخرافة في الأحياء الشعبية. فاس الجديد كمثال.
- فاس لا تستحق كل هذه البهدلو وهذا العقوق!!
- الدكتاتورية العائلية..!
- الإحباط وتأثيراته الخطيرة والمدمرة


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - الخبث السياسي.