أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 )















المزيد.....

العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 )


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 18:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هى تأملات من داخل مشاهد الحياة ولكن هذه المرة من لقطات لأفلام سينمائية ترسم مشاهد لصور حية من واقعنا , لتعكس نمنمات الصورة أعماقنا الداخلية الدفينة فنجد تطابق للصور والمشاهد مع سلوكنا ومنهجنا الفكرى .
إستوقفتنى العشرات من المشاهد السينمائية التى أجد لها إسقاطات رائعة على الواقع , وأعتقد أن الكثير منها لم يقصد مؤلف أو مُخرج الفيلم هذه الإسقاطات بل عقلى هو من أوجد هذه العلاقة والمفارقة مما دعى أبى أن يُعزى هذه التأملات أنها من حيل الشيطان الذى يراودنى ويتغلغل فى مسام دماغى فيجعلنى أفكر بهذه الطريقة لأدرك حينها أن الشيطان ماهو إلا خرافة جاءت لتحصين الأفكار الهشة من الإقتراب ولترسخ مفاهيم وسلوكيات وأنماط حياتية يُراد له أن تبقى دون أن يطالها أحد .
لو كان هناك شيطان لقتلته , فبداية تحررنا الإنسانى لن تأتى إلا عندما يقتل كل واحد منا وهم الشيطان الذى فى داخله .. إذن دعونا نقتل الشياطين .

* العلبة دى فيها فيل .
من أرشيف السينما المصرية فيلم بعنوان " سر طاقية الإخفاء " بطولة عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن وزهرة العلا .. الفيلم من النوع الكوميدى والذى يقدم رؤية ساذجة وخرافية عن وجود طاقية كل من يضعها على رأسه لا يراه أحد !.. بالفعل هى فكرة تلعب على أوتار الخرافة وتداعب أحلام البسطاء والمهمشين ... لكن ليس هذا ما أود إثارته بل يعنينى إلقاء الضوء على مشهد حوارى ساخر بين عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن فى خضم صراعهم على الطاقية السحرية .
توفيق الدقن يمثل شخصية جواهرجى جشع يحاول نيل الطاقية من عبد المنعم إبراهيم لتساعده على السطو على محلات المجوهرات , ولا يخلو الأمر من ممارسة توفيق الدقن سطوته وسخريته من عبد المنعم إبراهيم البائس عند وصوله لحيازة طاقية الإخفاء , ليأتى مشهد لتوفيق الدقن يمسك فيه بعلبة حمراء صغيرة ويسأل عبد المنعم إبراهيم : العلبة دي فيها إيه ؟!.
يُبدى عبد المنعم إبراهيم حيرته فيعاجله توفيق الدقن بصفعة على وجه ويصرخ فى وجهه بصوت أجش ذو نبرة حادة : العلبة دي فيها فيل .!
يعيد توفيق الدقن السؤال مرة أخرى : العلبة دي فيها إيه ؟!..ومازال صاحبنا عبد المنعم إبراهيم مندهشا ً مرتبكا ً فيباغته توفيق الدقن بصفعة أخرى قوية على وجهه ويردد : العلبة دي فيها فيل .!
يكرر توفيق الدقن سؤاله الساخر: " العلبة دى فيها إيه " مع كل صفعة قوية على وجه عبد المنعم إبراهيم ليردد المسكين من تحت شدة الصفعات : العلبة فيها فيل !!.. تتوالى الصفعات ويتوالى رد عبد المنعم إبراهيم الوجل : العلبة فيها فيل .. يجرى فى الشارع خائفا ً مرتعداً من حجم الإلم والأذى الذى ناله ويردد : العلبة فيها فيل ..العلبة فيها فيل .!!

بالرغم من كوميدية المشهد وسذاجته إلا أنه إستوقفنى لأجد فكرة تنساب تسقط نفسها على الواقع الفكرى الإيمانى ومنهجية سلوكه .. فإدعاء العلبة فيها فيل وما صاحبها من صفعات مشهد ينطبق مع واقع الإيمان فنحن نمارس التعاطى مع الحياة بمنظور أن العلبة فيها فيل !!
الإنسان تنهال على وجهه الصفعات القوية من قسوة الطبيعة والحياة ولا يعرف سببا ً لهذه القسوة ..ليجد من يقول له ان سبب الألم أن العلبة دي فيها فيل .!!.. تتوالى الصفعات والألم وفى كل مرة يجد من يقول له أن العلبة فيها فيل .. ولنهرب من الألم سنستجيب لمقولة صاحبنا بأن العلبة فيها فيل كإعتقاد بأن بهذا الإقرار سنتجاوز به الألم أو يفسر سبب الألم أو ظن بأنه وسيلة للهروب من الألم ليصبح إرتباط شرطى مع الألم ..الطريف أننا نعتاد أن العلبة فيها فيل حتى ولو لم نمر بالألم فقد أصبح الفيل فى العلبة كفكرة .!

لو تم صفعنا من الحياة وقال لنا أحد أصل العلبة دى فيها فيل .. فلماذا لا نقول له : دعنا نرى هذا الفيل .. ولكننا لن نفعل نتيجة خوفنا الممزوج بجهلنا أو إيثاراً للسلامة أو قد نمرر أن الفيل فى العلبة لأن هناك من نثق فيه قال لنا ذلك فنحن نعيش الحياة بمنهج " قاللوه "... لكننا لو توقفنا بعد تلقى الصفعة ونزعنا الخوف من قلوبنا فلن نجد الفيل فى العلبة .. أجدادنا خلقوا الفيل فى العلبة وصدقوا ذلك ولهم كل العذر ولكن من البؤس أن نظل نردد بأن العلبة فيها فيل .

* أحلام الموت .
يسترعينى مشهدين من فيلمين لهما نفس المعنى والمغزى تمت صياغتهما بشكل مختلف وإن إشتركا فى نفس المضمون والأداء الدرامى ولكن بمسحة كوميدية ... المشهد الأول لفيلم من بطولة الممثل القديم القدير عبد الوارث عسر يجسد فيه شخصية إنسان بسيط مهووس بالإعداد ليوم وفاته فيريد أن يكون جاهزا ً لكل مراسم الجناز والدفن حتى يكون إنصرافه عن الحياة بشكل رائع وكريم !! .. فيدخر من قوته قروش يسارع بتقديمها لحانوتى الحي ليحفظها لديه كوديعة حتى يجهز كل لوازم دفنه !! ..وكلما زاد إدخاره وتوفر له المزيد من النقود لا يتوانى أن يقدمها للحانوتى لترتفع معها أسقف أحلامه وأمانيه فى أبهة ورونق مراسم الدفن .. الطريف أن هناك مصريين حريصين على إقتناء لفافات الدفن والإحتفاظ بها فى دواليب ملابسهم ليكونوا جاهزون للحظة الرحيل وكأنهم لن يجدوا من يسعف جثثهم فى أن تتوارى إلى التراب .!

المشهد الثانى من فيلم للرائع فريد شوقى يجسد شخصية موظف من الطبقة المتوسطة مهموم هو الأخر ولكن بنعى موته . !!..فيدخر من معاشه القليل ليورد بعض الجنيهات لخزينة جريدة الأهرام لنيل مساحة مستقبلية فى الجريدة عند وفاته ليذكر فيها أهله وأنسابه !!..وكلما تمكن من توفير النقود سارع فى إضافة بعض الأسماء لنعيه وسط حالة من النشوة تعتريه بأن النعى سيكون بشكل رائع وعلى مساحة كبيرة .!!
بلاشك أن المشهدين يعطيان شكل فنتازى لا يخلوا من الكوميديا والطرافة لتندهش من هذه العقليات ولكن لو تمعنا ملياً فيهما ستجد أن تفكيرنا ورؤيتنا وسلوكنا يتقارب بشدة مع ذهنية ونفسية عبد الوارث عسر وفريد شوقى فى المضمون وإن إختلفت حدة الألوان .!.. نحن نهتم بقضية الموت لنشغل تفكيرنا به لتظهر بشكل فج عند المصريين القدماء الذين كانوا يعدون لهذه اللحظة فلا يتوانوا فى إرفاق أغراضهم وأدواتهم الشخصية فى توابيتهم على أمل العودة للحياة .

نحن فى حياتنا لا نختلف عن عبد الوارث عسر وفريد شوقى والفراعنه فى شئ ..فعبد الوارث عسر وفريد شوقى والفراعنه إهتموا بكرنفال الموت فأنفقوا أموالهم للإعداد لحفلة الخروج من الحياة .. بينما نحن ننفق أموالنا وفكرنا ونستهلك وقتنا فى ممارسة أفعال معنوية منافقة ليبقى لنا رصيد للإعداد لوهم ما بعد الموت -فليس هناك فرق !..هم أنفقوا ونحن ننفق من أجل وهم وحلم سرابى يجعلنا نبدد الحياة للإعداد للرحلة التى ستنتهى حتما ً فى جوف دودة وحشرة ..فتتبدد الحياة وتنساب الأيام من بين أيدينا .
نحن مرعبون من الموت كفقد للحياة فى المقام الأول وليأتى وهم الجحيم المنتظر ليزيد رعبنا وخوفنا ولكن فى المقابل هناك وهم آخر وهو الجنه التى ستجعل الحياة رائعة من اللذة المفرطة لننفق رحلتنا فى الحياة فى تقديم أشياء لنكون من أهل الجنه .!
نحن مهمومون بالموت للدرجة التى ننفق فيها الحياة من أجل لحظة عدمية فكما بدد عبد الوراث عسر وفريد شوقى حياتهما فى تجهيز كرنفال خروجهم من الحياة الذى لن يشهدوه فنحن ننفق عمرنا فى الإعداد لرحلة لن تتواجد .

ماذا لو تم نزع فكرة العالم الأخر من ذهنية الإنسان وهذا الوجل والإضطراب المصاحب لها -ماذا سنتوقع ؟!... سنتوقع أن الإنسان لأخر لحظة فى حياته سيحاول أن يقدم شيئا ً فلن تصيب روحه الوهن ..لن تضطرب فرائصه ..سيعيش الحياة بانيا ً منتجا ً معطاءا ً لأنه بالعطاء يجد متعته ويحس بكل لحظة فى وجوده .. لن نجد من يحفظ كفنه فى دولابه ولا من يسجل فى دماغه حجم ما صنعه من حسنات لينال وهم ما بعد الموت .

* الزوجة الثانية .
فيلم الزوجة الثانية بطولة سعاد حسنى وشكرى سرحان وصلاح منصور وحسن البارودى .. الفيلم من العلامات المميزة فى السينما المصرية و قصته تدور فى ريف مصر حيث العمدة صلاح منصور الجشع الحائز على المال والقوة والسطوة ولكنه لم يحظى بالنسل لتشكل له مشكلة تشاركه فيها زوجته سناء جميل العاقر لتتفتق الذهنية بزواجه من إمرأة أخرى ولودة تأتى له بالنسل ليسجل الطفل المنتظر بإسمها على أنها أمه حتى تضمن أن تؤول أملاك العمدة لها من خلال هذا الطفل .
يشتهى العمدة زوجة فلاح بسيط ويفتنه تضاريس جسدها ويخطط للإستحواذ عليها بالرغم أنها زوجة " شكرى سرحان " فيمارس ضغوط على هذا الفلاح البائس ليطلق زوجته حتى يتزوجها ويقوم شيخ القرية بالمهمة بالإلحاح على شكرى سرحان بضرورة تطليق زوجته تحت دعوة طاعة أولى الأمر وليردد الآية " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم "
يطلق الزوج زوجته مكرها ً وتتوالى الأحداث ولكن ما يهمنا هو هذا المشهد الذى يتم إستدعاء آية قرآنية لتمرير رغبة العمدة فى الإستحواذ على زوجة الفلاح , فهذا المشهد ثرى بالمعانى والدلالات فلن نخوض بإستغلال الشيخ الضلالى للآية لتمرير رغبات السادة ولكن الأمور أبعد من هذا بكثير فالدين جاء أساسا لتمرير رغبات وأطماع وهيمنة السادة وبدون هذا الأمر لا داعى أن يكون هناك دين .!
فصلاح منصور لديه رغبة وإشتهاء لهذه الفلاحة الجميلة التى كان يحدق فى تضاريسها كما لديه الرغبة فى أن يصون أملاكه بتوريثها لنسله وهنا نجد الدين أسعف الرجل فهناك بحبوحة لإنطلاق الشهوات وصيانة الاملاك مع غطاء مقدس .
العمدة صلاح منصور نموذج لواحد من طابور المستفيدين ولكن فى أول الطابور كان هناك صلاح منصور آخر بزى أعرابى جاء النص خصيصاً ليحقق رغباته وينال رضاه ولولا نصوص البحبوحة والهيمنة الذكورية ما كان هناك داع للإنتماء لدين .

* أحمدك يارب .
أتذكر فيلم أمريكى يحكى عن عصور قديمة حيث السادة والعبيد .. ليرسم مشهد الملك وهو يجلس على كرسيه الذى يستوى على لوح عريض يحمل أطرافه مجموعة من العبيد الأشداء ليمر موكبه وسط جمع من العبيد فيسجدون له وهو متكئ فى عظمة وخيلاء .
فى وسط هذا الجمع كان هناك عبد مفجوع فى إبنه الذى مات مقتولا ً من عدة أيام على يد الملك ومازال يحمل فى داخله أحزانه وآلامه ليقف منتصبا ً أثناء موكب الملك ليجد زملائه يحثونه على السجود وهو فى حالة من الذهول ليدفعه زميله للإنبطاح أرضا ويذكره بأن الملك هو السيد وعلينا الخضوع له وشكره وحمده أن جعلنا أحياء ننعم بالخبز .. ليسجد هذا العبد البائس ودموعه تنساب على وجنتيه بدلاً من أن يلعن هذا الملك الظالم .
هذا المشهد بالرغم من قسوته وفظاعته وتمرغه فى الذل والهوان إلا أنه غير غريب عنا بل حاضر وسطنا ونمارسه ببلاهة وذل العبيد ولكن وجه الإختلاف أن العبد قديماً كان يخضع لسيد ذو سطوة يراه بينما نحن نخضع لفكرة .
أتذكر عدة مشاهد كثيرة أراها تتطابق مع حال هذا العبد الذليل فى الفيلم , منها جناز زميلى فى المدرسة مات على أثر حادث أليم ولم يتجاوز عمره ستة عشر عاما ً لتكون فجيعتنا هائلة فيه وأرى أمه فى حال يُرثى لها من البكاء والنحيب ولم يختلف المشهد عن أبيه الملكوم ليبكى بحرارة ويرتفع منسوب حزنه لتنطلق منه صرخات غاضبة مؤنبة للرب فيقول : ليه يارب أخذت أبنى ..أنا لم افعل شئ .. حرام عليك .. انت قاسى وظالم فبعد ما فرحت به تنزعه منى !!... لأجد أخوته يحاولون تكميم فمه حتى لا يسترسل فى تأنيبه لله ويقولون له : حرام كده .. هذه إرادته .. انت عليك أن تشكر الرب فهو أخذ إبنك فى الملكوت .! .. يحاول المسكين أن يهدأ أو يعبر هذه اللحظة بقوله : سامحنى يارب !! ... ولعله تعامل أما بخنوع المؤمنين المعتاد أو بمفهوم برجماتى نفعى فإبنه قد مات وهو الآن فى السماء فلننافق هذا الإله حتى يأخذه فى ملكوته .
مشاهد اخرى أراها لأباء موجعون معجنون فى الألم عندما يحظوا بأبناء معاقين ذهنيا أو جسديا لتجدهم يشكرون ويحمدون الله على قدره .
ما هو الفرق بين مشهد العبودية فى الفيلم ومشهد عبودية الإنسان المعاصر فلا يوجد إختلاف فالأول سجد للملك الذى قتل ابنه والثانى سجد لله الذى إختطف ابنه أو شوه جسده أو عقله .!!.. بل من سخرية وبشاعة المشهد أن الأول سجد مرغما ً والثانى سجد وشكر وحمد !!
يمكن أن نتقبل أن الإنسان يكون ممنون لسيده وإلهه على النعم التى يحظى بها مع تحفظنا لقصة العبودية والآلهة , فأليس من المنطق أن يعترض ويلعن إذا نال منه الأذى والألم ... ولكن هكذا الدين ينتهك إنسانيتنا عندما يصدر لنا نفسية العبيد .
تتطابق الصور فصورة عرش الملك الذى يجلس على كرسيه يحمله ستة من العبيد الأشداء وصورة الله الذى يجلس على عرشه يحمله ستة من الملائكة الأشداء وعلينا أن نفكر قليلا من إستعار المشهد من الآخر .!!!

* أرض النفاق .
من روائع يوسف السباعى قصة أرض النفاق والتى ترجمتها السينما المصرية بفيلم يحمل نفس الإسم .. الفيلم يحكى عن وجود رجل حكيم يمتلك العلم ليصنع من خلال عطارته حبوب تكسب متعاطيها الصفات التى يأملها مثل القوة - الشجاعة - النفاق - الصراحة... الخ
بطل الفيلم فؤاد المهندس يتعرف على هذا الشيخ وينال بعض الحبوب ليمارس القوة والشجاعة حينا والنفاق حينا والصراحة حينا آخر ليجد أن النفاق هو الذى يجعله يكسب ويغنم فى الحياة بينما الصراحة ستجعل الجميع يهجره ولن يحصد منها إلا الخسارة .
يقوم فؤاد المهندس بمغامرة كبيرة فيقرر أن يجعل البشر يمتلكون الصراحة فيقوم بإلقاء حبوب الصراحة فى نهر النيل ليشربها المصريين فيكونوا صرحاء ..وبالفعل تأتى الحبوب بمفعولها فبمجرد أن يشرب المصريون الماء تنتابهم الصراحة والشفافية فنرى مشهد كوميدى طريف عندما يشرب المشيعون لجنازة الماء المذاب فيه حبوب الصراحة فينصرفوا عن موكب الجناز فلا نجد سوى حاملى النعش !.. وهاهى زوجته التى تبدو ملكومة فى موت زوجها فتصرخ و تولول وتشيد برجولته ثم عندما تجرعت رشفة من ماء الصراحة يتبدل بها الحال مائة وثمانون درجة فتقول : روح فى ستين داهية الله ما يرجعك أنا مشفتش يوم حلو فى حياتى معاك .!!

تخيلت هذا المشهد فى الحقيقة بإلقاء كمية لا بأس بها من حبوب الصراحة فى نهر النيل ولا أعتقد أن هذا المشهد خيالياً صعب المنال فالعلم إكتشف أن العقاقير تؤثر بشكل قوى على سلوك ونفسية الإنسان فترفع وتخفض من معدلاتها للمتعاطين منها كالإكتئاب أو النشوة أو الهدوء وهذا يعنى أنه فى المستقبل يمكن أن نحصل على حبوب للصراحة ولكن فلندع الفكرة فى قالبها الخيالى الفنتازى ... فماذا سيفعل البشر لو تجرعوا حبوب الصراحة ؟!!
لن نجد أحد يصلى ويصوم وسنرى البشر ينصرفون من معابدهم فور تجرعهم لحبوب الصراحة .. سنجد أن من يرددون كالببغاوات قصص الجن والعفاريت سيتوقفوا فور إرتشافهم لجرعة من ماء الصراحة ليقولوا : ماهذا الهبل الذى نقوله ؟!!.. سنجد من يمجدون قصص الأنبياء الساذجة والعنيفة ويغرقون فى تفسير عظمتها وروعتها , سيقولون بمجرد إرتشافهم لدفعة ماء الصراحة ما هذه الهمجية والوحشية لهؤلاء الأنبياء فهم لم يتركوا شيئا ًلهولاكو .

الإنسان ينافق لأنه لديه مصلحة وإحساس بالضعف والخوف أمام من يريد نيل المصلحة منه لذا يلزم أن يمارس فعل منافق , فليفعل هذا السلوك حتى ينال ما يربو له حتى لو لم يقتنع به .
عندما نكون صرحاء مع أنفسنا لن نقتل أسئلتنا الشائكة ولن نمرر الخرافات كما نمرر الجمل من سُم إبرة ..وعندما نجد شئ تافه وساذج سنقول عنه أنه تافه وساذج وليس إعجاز .. عندما نكون صرحاء مع أنفسنا سنقول عن البشاعة والهمجية أنها بشاعة وهمجية ومن العيب أن نمارس صناعة التبريرات واللف والدوران .
سيأتى اليوم أن نكون صرحاء مع أنفسنا بدون حبوب الصراحة وحينها ستنهار اوهام كثيرة .

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين ذبيحة على مذبح يهوه والمسيح والله الإسلامى - تديين ال ...
- الإسلام وحقوق الإنسان بين الوهم والإدعاء والعداء .
- التاريخ عندما يُكتب ويُدون لحفنة لصوص - تديين السياسة أم تسي ...
- هل الله حر ؟!! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 8 )
- البحث عن جذور التخلف - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين - حقاً الدين أفيون الشعوب .( 8 ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .
- حكمت المحكمة ( 3 ) - القصاص فى الشريعة بين القبول والإدانة .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 28 ) - رخصة للنكاح .
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 14 ) - إشكاليات العقل الدينى وطر ...
- تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ( 14 ) - أفكار مدببة
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 7 ) - إشكاليات منطقية ف ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 11 ) - يوم القيامة بين ال ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 10) -الصلاة فعل تواصل أم ...
- تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ( 13 ) - البحث عن معنى ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (27) - الحنين لدهاليز وكهوف الما ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 9 ) - الوجود بين العشوائي ...
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 13 ) - علاقات الإنتاج كخالقة وحا ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 11 ) - إنهم يصفعوننا ...
- الأديان بشرية الهوى والهوية ( 1 ) - خرافات الأديان . جزء أول


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 )