أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عثمان الزياني - الاحزاب المغربية وحرب التزكيات















المزيد.....

الاحزاب المغربية وحرب التزكيات


عثمان الزياني

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 18:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تعيش الأحزاب المغربية على إيقاعات انبثاق حراك حزبي يحمل نكهة خاصة ،تنجلي فيه حدة الصراعات بين مختلف القيادات والقواعد ،والتسابق المحموم حول الحصول على التزكية الحزبية، للترشح في الانتخابات التشريعية القادمة ،خصوصا السعي وراء الحصول على رأس اللائحة،الذي يعتبر صيدا ثمينا تسخر له كل الإمكانيات المادية والبشرية وكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة .
فتتكاثف الجهود وتتعاظم التحديات لدى كل عضو حزبي يستهويه الحصول على كرسي البرلمان ،والصراع يزداد حدة عندما يتعلق الآمر بعضو حزبي/ برلماني، الذي يستبعد أي إمكانية تحول بينه وبين المنصب البرلماني القادم ،والأعضاء الذين يريدون إيجاد موطأ قدم في البرلمان،ومن جهة أخرى الوافدين الجدد من أحزاب أخرى ضاق بهم الحال ،ولم تعد هذه الأحزاب تلبي لهم طموحاتهم الشخصية ،وشهواتهم النفسية النزوعية نحو الاعتلاء والتدرج في مناصب السلطة ،خصوصا إذا تعلق الآمر ب "عين انتخابي" خبر بحكم الممارسة الوصفات السريعة/الجاهزة للفوز في الانتخابات ،فعمليا يعد الترحيب بهؤلاء الأعضاء في محمله ومكمنه الاستغناء عن أعضاء آخرين أو التضييق عليهم، فيبرز الخصام والشقاق ويتحول الحزب إلى حلبة للصراع والشنآن ،تستثمر فيه كل الأدوات والإمكانيات،حيث يظل البقاء للأقوى ليس بحكم ما يملكه من رصيد نضالي حزبي أو مجتمعي ،وإنما ماله هو حصنه وهو من يعبد له الطريق ويهين الصعاب ويقهر المنافسين.
فالحرب تضع أوزارها ،وتأتي على الأخضر واليابس في كل بيت حزبي وطنيا جهويا وإقليميا وتعبر بشكل أو بآخر عن حالات الترهل التي تملكت بنية الأحزاب المغربية ،وتبين عن تعاظم الداء واستفحال العدائية بين الأعضاء،والاجتماعات التحضيرية والتقريرية لمنح التزكيات عادة ما تتوج بكل أنواع السب والقذف وحتى استحضار جميع فنون الحرب،والقتال بين المتوجين والغاضبين ومؤازريهم ،وهذا يبين كيف تتحول الأحزاب وتسخر لخدمة المطامح والمطامع الشخصية.
فالمناضل الحزبي يظل مركونا وقابعا على الهامش، ويتوارى إلى الصفوف الخلفية ،ولا يشفع له رصيده النضالي ،ولا ولاءه الحزبي ،وعند تقدمه تعشما للحصول على التزكية ،فانه يخضع لقاعدة محتومة قوامها"لا يعذر احد بجهله لقواعد منح التزكية" ،ويتم الاستنجاد به فقط لتحمل وزر الأعباء التنظيمية للحزب في وقت الشدة ،وعلى الرغم من جده وكده وفي كونه أفنى روحه في خدمة الحزب فجزاؤه "سعيكم مشكورا" .إنها قواعد الاعتمال الداخلي الحزبي على النمط المغربي .
فموعد انتقاء المترشحين وتزكيتهم لخوض سباق الانتخابات تشكل للأحزاب المغربية موضع انتهاك حرمة قوانينها الأساسية، واغتصاب الديمقراطية الداخلية وفرصة لاختراق حتى القانون الأسمى، الذي هو الدستور وقانون الأحزاب ،اللذان حرصا على ضرورة اعتماد المعايير الديمقراطية في الاختيار ،فهي تتمادى في أفعالها بدون روادع ذاتية أو موضوعية ،فكيف يمكن أن تكون صورة البرلمان إذا كان المنهل الذي ينهل منه متهلهل ويمده بنخب عازمة على نشر سمومها وأمراضها وزرع الكآبة داخل هذه المؤسسة ،التي يراهن عليها المواطن المغلوب على أمره
هل أصبح قدرا محتوما عند حلول موعد الانتخابات أن يشتعل فتيل هذه الحرب ويشتد عودها ،وتنبعث في الأفق رائحة الموت الكريه لكل القيم الحزبية /السياسية النبيلة ،وتولد منغوليات حزبية مشوهة الخليقة والصنيعة وتمد البيئة السياسية بسلوكيات وممارسات مشوهة تستعصي على التقويم والعلاج ،وتتمادى بفعلها وأفعالها في إفساد العملية الانتخابية بدسها لعناصر بلغت من الفحش السياسي عتيا ،عتهها في عنادها وملحاحيتها في الاستمرار والتشبث الأزلي /الأبدي بكرسي البرلمان ،وكأني بها فطمت على جلوسه منذ صغرها.
فالأحزاب المغربية بحكم ضعفها وغياب الديمقراطية الداخلية ظلت مرتعا للاختراق بفعل فاعل خارجي أو داخلي سواء ابتغاء مرضاة السلطة او تحت وقع الاستنجاد بالأعيان لإسنادها في تمويل حملاتها الانتخابية من جهة أو ضمان مقعد برلماني يعزز من موقعها السياسي بدون تكلفة وبطريقة يسيرة ،مما فتح الباب على مصراعيه للوافدين سواء كانوا أعيان أو بارونات المخدرات للعبث بالحزب رفقة عابثيه وفي نهاية المطاف يدفع المواطن ضريبة هذا الجشع الحزبي وتتعطل عجلة الديمقراطية.
تكثر الخطابات الواهية والادعاءات الكاذبة حول اعتماد المنهجية الديمقراطية في الاختيار والانتقاء ولا دخل للمعايير الأخرى ، وتكثر المخاضات العسيرة والنقاشات الصدامية الفارغة المحتوى ،الزمرة الحزبية الغاضبة ترفع شعار التجديد في النخب المرشحة والشلة الحزبية الماسكة بزمام الأمور الحزبية يشدها الحنين إلى الكراسي وتعتبر أن في الانفتاح على الأعضاء الآخرين مخاطرة ومغامرة غير محسوبة النتائج وبعد شد وجذب ،ينتصر الحل لصالح النواة الصلبة للحزب التي امتهنت الترشح، ويتم تلقيحها بأمصال جديدة تضفي عليها نوعا من التغيير، ويتم تسويق هذه الصورة للخارج على أن الديمقراطية الداخلية للأحزاب على خير ،والنتيجة في نهاية المطاف انبعاث المستحثات البرلمانية من جديد والتي ألفنا ظهورها منذ ردح من الزمن.
إن الأحزاب المغربية أضحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى على إحداث ثورات داخلية على النمط الحاصل في الدول العربية ،فهي بحاجة إلى ربيع حزبي لاستئصال كل العابثين بالفعل الحزبي، أو إبقائهم تحت الحجر السياسي، فلا يمكن أن نراهن على التغيير بهذه النخب المتقادمة التي مازالت مشدودة إلى التدبير التقليدي الذي يستند إلى ثقافة السيد والمتبوع ،فالجيل الجديد من الشباب جدير بتولي المناصب القيادية وبعث دماء جديدة في شرايين الحزب تقيه من خطر الإفلاس أو الموت السياسي ،فنحن في أمس الحاجة إلى ثقافة حزبية جديدة قائمة على ديمقراطية التدبير والتسيير والتعاطي مع مختلف الاستحقاقات الانتخابية بنوع من المسؤولية ،والالتزام لقطع دابر الخلاف والصراع حول التزكيات ،والانشغال بدل ذلك في الاجتهاد في ابتكار وإبداع برامج سياسية يمكن ان تشكل خارطة طريق لمواجهة مشاكل الحاضر والمستقبل.
إن منطق منح التزكيات للترشح للانتخابات التشريعية يقتضي احترام جملة من الأدبيات المعمول بها في الأنظمة الحزبية المقارنة ،وهي في العادة تتضمنها قوانينها الأساسية ،ويتم تطبيقها في سيادة جو من الثقة بين مختلف أعضاء الأحزاب ،والأجهزة الداخلية التي تتشكل منها ،سواء على المستوى الوطني والمحلي ،وفي سياق الالتزام الصارم بالشفافية والنزاهة وعادة ما يتم ذلك في اجتماعات حزبية مسترسلة ،ويتم الاحتكام إلى الانتخاب أو اعتماد معايير أخرى من قبيل الرصيد النضالي/السياسي للعضو ،ومقدار قاعدته الشعبية ،اشتراط العضوية الحزبية لمدة زمنية معينة ،واعتماد نوع من اللامركزية في اختيار المرشحين في مختلف المناطق الجغرافية تتحكم فيها الأجهزة الحزبية المحلية(جهويا،إقليميا)،مما يؤدي بانتقاء مرشحين في مستوى تطلعات الحزب والمواطنين، حيث يتكرس مظهر التنافس الانتخابي على البرامج الحزبية،وليس على الأشخاص مما يفضي في نهاية المطاف إلى اختيار أعضاء برلمانيين أكفاء، مما ينعكس بشكل ايجابي على الأداء العام للبرلمان ويعزز ثقة المواطنين فيه.
+أستاذ جامعي



#عثمان_الزياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات النقاش الدستوري في المغرب


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عثمان الزياني - الاحزاب المغربية وحرب التزكيات