أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبد الحسين شعبان - في رحيل عبد الرحمن النعيمي















المزيد.....

في رحيل عبد الرحمن النعيمي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 12:53
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


كلمة د. عبد الحسين شعبان
في إحتفالية يقيمها أصدقاء عبد الرحمن النعيمي والمنتدى القومي العربي بعنوان:
تحية لروح المناضل العربي الكبير عبد الرحمن النعيمي
في رحيل عبد الرحمن النعيمي
كلام في المعنى: هل يغيب التاريخ؟
فارقنا عبد الرحمن النعيمي مبكّراً وهو على أبواب السبعين. كان قد تجاوز الستين ونيّف من عمره يوم دخل في الغيبوبة، وبعد أن قضى شبابه وكهولته في المنفى الذي أكل ما يزيد على نصف عمره البيولوجي، ونحو ثلثي عمره الإبداعي والنضالي، غاب هذه المرّة مثل شهاب! ولكن هل يغيب التاريخ الذي اعتاد أن يحجز مكاناً لمن يتركون أثراً لوجودهم؟ أظنّه سيحفظ لعبد الرحمن النعيمي ورديفه "سعيد سيف"، موقعاً في ذاكرته الحية أبداً، ما دام التاريخ باقٍ ولم يمت، وإن كان يراوغ أحياناً على حد تعبير هيغل.
كانت سنواته الأخيرة، ولاسيما بعد أن قرر التخلي عن الموقع الأول في جمعية العمل الديمقراطي (وعد) أكثر هدوءًا، لكنها أكثر تأملاً ومراجعة وحكمة ونقداً، وبلا أدنى شك فقد أصبح أكثر نضجاً، لاسيما بتراكم خبراته المتنوّعة من العمل الطلابي في المنامة الى بيروت ومنها إلى العمل السياسي في إطار حركة القوميين العرب، الى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج والتي تم اختزالها الى البحرين، ومن الكفاح المسلح في ظفار ومروراً باليمن الى الشام والعمل السياسي العربي، ثم الى جمعية العمل الديمقراطي بعد عودته الى البحرين.
أدرك النعيمي في خلاصات تجربته الكثير من هشاشات الآيديولوجيا وإن أطلقنا عليها "ثورية" و"علمية" أحياناً، لكن صخرة الواقع لا تزال صلدة ومنيعة، فما قيمة الأفكار إنْ لم تخترق الواقع وتسعى لتغييره؟ الأمر الذي يتطلب معرفة ميدانية بأوضاع الناس ومعتقداتها وفئاتها وعشائرها وقبائلها وعاداتها وتقاليدها، وتاريخها وحاضرها، وعقليتها وآفاقها، وأحلامها ومخاوفها، كل ذلك حاول التوقف عنده، بعد عودته إلى البحرين، ولعله كان يشعر أن الكثير قد فاته لهذا أخذ يسابق الزمن للتعويض أحياناً.
كان النعيمي أحد روّاد مدرسة المصالحة التاريخية، وقد بذل الكثير للتقارب مع جبهة التحرير البحرينية اليسارية، وفيما بعد بين جبهة العمل الديمقراطي والمنبر الديمقراطي، وسعى للتنسيق مع كتلة الوفاق الاسلامية، وعمل ما في وسعه لتوحيد مواقف المعارضة إزاء السلطة. وقد إقتنع في سنواته الأخيرة بفكرة الكتلة التاريخية، في جانبها الفكري، وفي جانبها العملي، إذ أن القوى مجتمعة بروافدها الماركسية والعروبية اليسارية والوطنية والإسلامية، ليس بمقدورها إنجاز عملية التغيير، فما بالك لو كانت مشتتة!؟ ولعل إيمانه بمفهوم الكتلة التاريخية انطلق من قراءة الواقع البحريني والواقع العربي، وهي الدائرة الثانية من الدوائر الثلاث التي كان يتحرك فيها: البحرينية - الخليجية والعربية- الفلسطينية والعالمية-الإنسانية.
وكان النعيمي حتى في موته موحّداً للبحرين، فقد خرجت البحرين بتياراتها السياسية والفكرية والدينية، في الموالاة والمعارضة، لتكريمه وإلقاء تحية الوداع الأخيرة على روحه. لعلها مفارقة أن يصبح موت عبد الرحمن النعيمي مناسبة للوحدة الوطنية البحرينية. هكذا احتفل المنبر الديمقراطي بتكريمه، وتبعه نادي العروبة، إضافة الى جمعية العمل الديمقراطي التي تستعد لتكريمه في مناسبة عربية متميّزة، ناهيكم عن مشاركات عربية وإسلامية نوعية من البحرين ومن خارجها ومن المؤتمرات الثلاث: القومي العربي والقومي الإسلامي والأحزاب. وما هذا الاحتفال الذي ينظمه المنتدى القومي العربي وحضور هذه الكثافة الثقافية والنخبة اللامعة، الاّ دليل على أن النعيمي بحضوره وغيابه، كان عنصر تقارب وتنسيق وتوحيد.
كنت أرى أن شروط المثقف العضوي بتعبيرات أنطونيو غرامشي تنطبق على النعيمي، لاسيما وهو يتماهى مع قضيته، وخصوصاً بتفاؤل الارادة، الذي امتلكه وصفاء الذهن الذي كان لديه، على الرغم من تشاؤم الواقع. وقد يكون النعيمي وبعد حوارات مطوّلة مع الباحث العراقي هادي العلوي أميلُ الى المثقف الكوني المترفّع عن الخساسات الثلاث: السلطة والمال والجنس. ولعل مقاربتي لهذا الموضوع من زاوية أخرى، كنت قد اشتبكت فيها معرفياً مع الراحل هادي العلوي، وهذا ما حاولت عرضه في كتابي" تحطيم المرايا- في الماركسية والاختلاف".
كان النعيمي عابراً للطوائفيات والمناطقيات والانحدارات القبلية والجهوية وكانت شعوره أنه يحمل هوية جامعة مع احترامه للهويات الفرعية، وكان بقدر كونه بحرينياً خليجياً، كان فلسطينياً وعراقياً وسورياً ويمنياً ومغاربياً ولبنانياً ومصرياً، بل كل ذلك في آن، لاسيما شعوره العروبي الجامع فقد كان حبه للآخرين صافياً وكان يسعى لحمل همومهم ومساعدتهم، أما عشقه لبلاده فكان شيئاً آخر، فقد استغرق بتفاصيلها وقهوتها وفنانيها ومثقفيها ونسائها وروادها ومناضليها وعلمائها، لذلك أجمع الجميع على تكريمه، مثلما كان حبه لأسرته عالياً، لاسيما زوجته السيّدة مريم وأبنائه.
على الرغم من رقته ولطفه، لكنه كان صلباً وحازماً.. صبوراً ومثابراً، وقد كان رصيده قوة الثقافة والمثقف والمعرفة التي في داخله، وتلك أسلحته السرّية التي طالما نازل بها، مائزاً، رائزاً بالحق والاجتهاد، حتى وإن أخطأ.
لم يتهاون النعيمي إزاء الاستبداد ولم يبرّره تحت أية حجة أو ذريعة، وإذا كان موقفه ثابتاً إزاء الإحتلال والصهيونية ومن يقف وراءها من قوى امبريالية، فإن قناعته لاسيما في السنوات الأخيرة أصبحت راسخة إزاء التحوّل الديمقراطي وإزاء قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان.
إمتاز النعيمي بعفة اللسان والنفس، حتى إزاء خصومه ومنتقديه، لاسيما وقد كانت سعة صدره وحلمه، دليلاً على أناقة روحه وإباء نفسه وجاذبيته كقائد له كاريزما وحضور أدبي وهيبة كبيرة.
تدريجياً أصبح عبد الرحمن النعيمي مَعْلماً من معالم البحرين، لاسيما منذ عودته في العام 2001 بعد التغييرات الإيجابية التي حصلت فيها، وكان صادقاً في دعمه للميثاق الوطني، مثلما كان يأمل في تحوّلات ديمقراطية أكثر جذرية ورسوخاً ومؤسساتية، وكان يدرك أن ذلك لن يتأتّى دون تدريب وتهيئة المواطن، لاسيما بروح المواطنة التي كان مؤمن بها ويعدّها نقيضاً للطائفية، وكان يتمنى أن يعبر النضال الشعبي في البحرين من الطائفية الى المواطنة، ومن التمييز الى المساواة، خصوصاً وأن موقفه من المرأة كان حضارياً وراقياً، والسبيل الى ذلك هو توسيع دائرة الحريات وإقرار مبادئ المساواة وسيادة القانون والشفافية والتداول السلمي للسلطة، بحيث تصبح البلاد على عتبة الملكية الدستورية الديمقراطية، وقد كرّس جهده وقلمه وفكره لذلك.
كان عبد الرحمن النعيمي بقدر ما له من خصوم، يكسب كل يوم صديقاً جديداً، بل إنه يكسب لنا أصدقاء جدد حتى دون أن يسألنا إنْ كنّا نرغب بذلك أو لا نرغب، ولذلك كان بالغ الثراء بأصدقائه ورفاقه، وعند رحيله كسب دفعة واحدة عشرات الأصدقاء الجدد، بمن فيهم بعض خصومه القدامى، الذين يحتفلون بتكريمه ومعترفين بنزاهته وأخلاقيته وكرمه.
وإذا كان النعيمي قد رحل وهو مرتاح البال، فإن ما نقوله هنا هو كلام في المعنى لدينٍ علينا جميعاً، لرجل شجاع وإنسان نادر، والنادر لا حكم له كما يقال، ولكن عبد الرحمن النعيمي نادر بحكم.. إنه التاريخ، ولذلك علينا أن نقدّر كم خسرنا!!؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟
- أسئلة الثقافة والسلطة: اختلاط الزيت بالماء
- ثروات العراق: عقود ملتبسة ومستقبل غامض!!
- إرهابيون أشرار وإرهابيون أخيار!
- في وداع عبد الرحمن النعيمي : حين يجتمع العقل والحكمة والصدق
- الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة
- ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!
- صالح جبر وسعد صالح : التاريخ وصداقة الأضداد
- دولة فلسطين واعتراف الأمم المتحدة
- الربيع العربي واستنساخ التجارب!
- القوى المخلوعة والمحافظة تهدد الثورة .. وحذار من التصدع!
- في نظرية التفكيك العراقية!
- سياسيون بلا سياسة في العراق!
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبد الحسين شعبان - في رحيل عبد الرحمن النعيمي