أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟















المزيد.....

بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 12:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخيرًا؛ وبعد ترقّب وانتظار صدر تقرير لجنة بالمر الخاص بالتحقيق في العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية وسفينة مرمرة التركية التي كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزّة في محاولة لكسر الحصار غير الشرعي المفروض عليها منذ سنوات، الذي أسفر عن استشهاد تسعة مواطنين أتراك كانوا على متنها وجرح آخرين.
وبدأ عمل اللجنة في العاشر من آب (أغسطس) 2010، بعد أن كان الاعتداء قد وقع في 31 أيار (مايو) من العام ذاته، وتولى رئاستها رئيس وزراء نيوزيلاندا السابق جيفري بالمر، وأسند منصب نائب رئيس اللجنة إلى الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي. وصدر التقرير في نهاية آب (أغسطس) 2011 ونشرته كاملاً صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في الثاني من أيلول (سبتمبر) 2011.
وخلاصة التقرير تتضمن استنتاجات غريبة سواء لتبرير استمرار حصار غزة بإيجاد مسوّغ قانوني له أو شرعنة الإجراء الإسرائيلي بقتل المتضامنين الأتراك ومهاجمة السفينة مرمرة، حيث جاء فيه أن الحصار البحري جاء كإجراء أمني مشروع بهدف منع دخول الأسلحة إلى غزّة بحرًا، وأن تطبيقه يتماشى مع متطلبات القانون الدولي .
وعلى الرغم من الفترة الطويلة نسبيًا التي استغرقها صدور التقرير (أكثر من عام)، إلاّ أن اللجنة لم تكلِّف نفسها عناء اللقاء ببعض ضحايا الجريمة الإسرائيلية من الناجين من المذبحة، بل اكتفت بمراجعة وثائق التحقيقات التي أجرتها الحكومتان التركية والإسرائيلية، ولعل بعض المواقف المسبقة لأعضائها، ولا سيما رئيسها، كان وراء التحقيق المسيس للجنة والتقرير المنحاز الذي أصدرته على أساسها.
وتلقَّت إسرائيل هذا التقرير بارتياح على الرغم من نقد مخفف ورد في سياقه ما يتضمن استخدامها القوة المفرطة، فكيف لها لا تغتبط وتشعر بالرضا، بل بالزهو حين يصدر تقرير دولي يبرر عملها اللاقانوني واللاشرعي؟! ولعلها تدرك أكثر من غيرها أن ما قامت به هو قرصنة في وضح النهار في المياه الدولية، وجريمة حسب القانون الدولي تستحق العقاب لمرتكبيها. وهكذا تتحول الجريمة إلى عمل مشروع ، وحين يتم انتقاد الجاني فمن باب رفع العتب؛ لأنه مارس عنفًا أكثر من اللازم ضد المجني عليه!
وتضمن التقرير إضافة إلى استنتاجاته المنحازة إلى جانب إسرائيل ثلاث مغالطات قانونية صارخة. المغالطة الأولى اعتبار حصار غزة شرعيًا ، وتتفرع عنها مغالطة ثانية تلك التي تقول إن هذا الحصار شرعي بسبب التهديدات الأمنية التي تتعرض لها إسرائيل، أما المغالطة الثالثة فتلك التي تقول إن إسرائيل في حالة دفاع عن النفس.
وبدلاً من إدانة عدوان إسرائيل وتحميلها الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ذلك، دعا التقرير كلاً من تركيا وإسرائيل إلى تجاوز الوضع القائم من أجل الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي أيدته الولايات المتحدة، وليس ذلك سوى تغطية للجريمة ودعوة لنسيان الفاعلين والجناة لتلك المذبحة التي لم تكن سوى استمرار لمذابح غزة وحصارها.
إن اعتبار حصار غزة شرعيًا مخالفة صريحة للقانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وطبقًا لهذه القواعد الدولية فإن غزة لا تزال أراضي محتلة، ويحقُّ لسكانها حق الدفاع الشرعي عن النفس، ولعل هذا الحق لهم وحدهم وليس لمحتليهم، كما تُعَدُّ المقاومة بكل أشكالها السلمية والمسلحة حركات تحرير وطنية يمنحها القانون الدولي حق الدفاع الشرعي. وكيف يمكن المواءمة بين دفاع شرعي وآخر، فإمّا أن تكون غزة في حالة دفاع شرعي، وإما إسرائيل هي التي في حالة دفاع شرعي، لكن العالم كلّه بموجب قرارات ما يسمى الشرعية الدولية ، ولا سيما القرار 242 لعام 1967 والقرار 338 لعام 1973 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، طالبا بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، فكيف تكون دولة محتلة وتدافع عن نفسها؛ لأن دفاعها سيكون عن احتلالها، وتلك فضيحة قانونية دولية أخرى ليس لها مثيل.
جدير بالذكر أن حصار غزة لم يتقرر بموجب قرارات مجلس الأمن أو ما يسمى المجتمع الدولي والشرعية الدولية، حتى لو تقرر بموجب هذه الجهات وتعارض مع قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه يُعَدُّ غير شرعي، فما بالك والحصار مقرر من جانب طرف معتد ومحتل وحده، ويحاول أن يضع نفسه فوق القانون، مستخدمًا قانون القوة، فلم يصدر أي قرار بحق غزّة كعقوبة من جانب الأمم المتحدة بموجب ما يسمى الفصل السابع (المادة 39 إلى المادة 51 حسب ميثاق الأمم المتحدة)، أي بتأكيد حق مجلس الأمن في اتخاذ عدد من التدابير بهدف امتثال الدولة المعنية لقواعد القانون الدولي من بينها وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية ... إلخ، وهو ما اتخذ في حق العراق بعد غزوه الكويت عام 1990، وهو الحصار الذي استمر لغاية عام 2003 وجرى توظيفه سياسيًا بالضد من أسبابه المتعلقة بالغزو والانسحاب.
ويُعَدُّ الحصار جريمة ضد الإنسانية طبقًا للمادة الثانية والمادة 51 الخاصة بالدفاع عن النفس من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك المادتان الخامسة والسابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الموقع عليها في روما في تموز (يوليو) 1998 التي دخلت حيّز التنفيذ في نيسان (أبريل ) 2002.
إن ما ينطبق على قطاع غزة هو ذاته ما ينطبق على فلسطين كلها، أي اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولا جنيف الملحقين لعام 1977 وقواعد القانون الدولي الإنساني؛ لأنها لا تزال تحت الاحتلال، وطالما هي أراض محتلة فمن حقها الدفاع عن نفسها، فما بالك إذا كان المتضامنون معها سلميين ومدنيين وجاءوا امتثالاً واستجابة لنداء الضمير الإنساني بتوفير كمية من الدواء والغذاء، فستكون جريمة المحتل أكبر؛ لأن الفعل أكثر خطورة وجسامة؟!
ويقع على قوات الاحتلال أصلاً مسؤولية ضمان تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية والطبية والخدمية للأراضي المحتلة، طبقًا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين، لكن إسرائيل منذ نحو أربعة أعوام تفرض حصارًا اقتصاديًا شاملاً على قطاع غزة، في البر والبحر والجو، ويشمل هذا الحصار من الغذاء إلى قلم الرصاص، ناهيكم عن الماء والدواء والوقود والكهرباء ومواد البناء ومنع مرور الأشخاص وجميع أنواع البضائع الأخرى وغيرها.
إن حصار غزة جريمة إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية مثلما هو جريمة حرب تنبغي إحالة مرتكبيها إلى القضاء، وليس محاباتهم أو تبرير فعلتهم الإجرامية وتغليفها بنقد لا يرتقي حتى إلى اللوم لقتلهم مدنيين وأبرياء.
لعل ما أقدمت عليه تركيا من خطوات سياسية ودبلوماسية إنما ينسجم مع قواعد القانون الدولي، خصوصًا طردها السفير الإسرائيلي، وتخفيض درجة التمثيل إلى سكرتير ثان، وإلغاء الاتفاقيات الأمنية بين البلدين تلك التي أبرمت منذ عام 1960 وبالأخص اتفاقية ترايندت، وإعلان عزمها اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لرفع دعوى ضد إسرائيل لارتكابها جريمة قرصنة دولية، وهي في الوقت نفسه جريمة حرب حسب قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ولا يمكن تصوّر لجنة دولية هدفها إصدار تقرير حول عمل إجرامي أن تخرج بما خرجت به لجنة بالمر، وعلينا أن نتذكّر كيف أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها عندما صدر تقرير جولدستون، الذي اعتبر عدوانها ضد غزة وارتكابها ضد المدنيين بمنزلة جرائم حرب أو ترتقي إلى ذلك، وحاولت بشتى الطرق الضغط على غولدستون لتغيير تقريره، وإن حصل بعد حين، لكن الأمر لن يغيّر من رأي اللجنة بشيء أو ينتقص من تقريرها، الأمر الذي سعت إلى تداركه عند اختيار لجنة بالمر التي تبنّت الوجهة الإسرائيلية للأحداث، واقتفت أثر التفسير الإسرائيلي لعملها الإرهابي، وذلك لكيلا يحصل معها ما حصل في لجنة جولدستون، التي لا تزال تشعر بالضيق والتبرم كلما جاء ذكرها.
أو كما حصل معها عند صدور قرار مؤتمر ديربن عام 2001 بإدانة الممارسات الإسرائيلية الصهيونية ودمغها بالعنصرية، الذي تم التراجع عنه في ديربن الثانية التي انعقدت في جنيف، وكذلك ما حصل عند صدور القرار 3379 عام 1975 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، وعَدَّها شكلاً من أشكال العنصرية للتمييز العنصري، وهو انتصار كبير للعرب ولقضية التحرر وضد الصهيونية العنصرية، لكن هذا الانتصار تبدد، ولا سيما بعد إصرار إسرائيل على إعدام هذا القرار، وحصل لها ما أرادت بمجرد اختلال ميزان القوى على المستوى العربي والعالمي في 16 كانون الأول (ديسمبر) عام 1991.
وعلى الرغم من أن تركيا أول بلد إسلامي اعترف بإسرائيل عام 1949 وأقام أوثق العلاقات معها، ولا سيما في سنوات الستينيات وما بعدها، وهي عضو في حلف الناتو، وفيها قواعد عسكرية أمريكية، لكنّ تغييرًا طرأ على الموقف التركي منذ فوز حزب العدالة والتنمية عام 2002، حيث بدأ باتخاذ مواقف متوازنة إلى حد ما ومعتدلة، ولا سيما موقفه الإيجابي ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وضد حرب إسرائيل وحصارها على غزة، الأمر الذي يتطلب تعزيز هذا الموقف واستثماره سياسيًا تبعًا للمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، ولتعزيز العلاقات بين الأمة التركية والأمة العربية.
إن موقف تركيا الأخير من تقرير بالمر يعدّ خطوة مهمة لتدعيم الكفاح العربي، خصوصًا بعد وصول اتفاقيات أوسلو إلى طريق مسدود، وسعي القيادة الفلسطينية إلى الحصول على اعتراف بدولة فلسطين من الأمم المتحدة، ولذلك ينبغي تعزيز هذه المواقف والتضامن معها سواءً على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، وأظن أن هذا الموقف ممكن في ظل الربيع العربي وبعد الإطاحة بعدد من أنظمة الاستبداد، وتحرر العديد من الشعوب العربية من الخوف المزمن والمعتّق، وشحّ الحريات، وسلب الكرامة التي عانتها سنوات طويلة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الثقافة والسلطة: اختلاط الزيت بالماء
- ثروات العراق: عقود ملتبسة ومستقبل غامض!!
- إرهابيون أشرار وإرهابيون أخيار!
- في وداع عبد الرحمن النعيمي : حين يجتمع العقل والحكمة والصدق
- الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة
- ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!
- صالح جبر وسعد صالح : التاريخ وصداقة الأضداد
- دولة فلسطين واعتراف الأمم المتحدة
- الربيع العربي واستنساخ التجارب!
- القوى المخلوعة والمحافظة تهدد الثورة .. وحذار من التصدع!
- في نظرية التفكيك العراقية!
- سياسيون بلا سياسة في العراق!
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟