أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرزوق الحلبي - عن سورية: الدوغما بعض شيوعيي بلادنا نموذجا!















المزيد.....

عن سورية: الدوغما بعض شيوعيي بلادنا نموذجا!


مرزوق الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 01:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مصطلح "الدوغما" ومنه الدوغمائي أو الدوغماتي، وجدناه أكثر شيوعا في الخطاب الماركسي الذي تعددت فيه المذاهب والمدارس كغيره من الخطابات الحديثة التي رأت أن تفسّر العالم وتغيّره. ومع هذا أمكننا أن نلجأ إليه في توصيف حالات التشدد والانغلاق لدي غير الماركسيين في قراءة ظاهرة أو تحديد موقف. فقد يكون الليبراليون دوغماتيين ومثلهم المتدينون. ومن هنا، نرجّح أن المتورطين في العقائد الشمولية عُرضة أكثر من غيرهم للوقوع في شرك "الدوغما" وإغوائها. فالدوغما تُريح الدوغمائي من عناء البحث عن الحقيقة بالاستكانة عند حدود عقيدته. وهي تعفيه من عناء البحث والتقصّي والمعرفة وتحرره من تبعات عدم الوضوح والشك والحالة الملتبسة و"الثقوب السوداء". فأداته المعرفية جاهزة، و"حقيقته ناجزة" وموقفه غبّ الطلب مسنود إلى النظرية التي لا تخيب ولا تخذل.
نسوق هذا "التنظير" تمهيدا لاقتحام حالة "دوغما" نموذجية يمثلها قياديون في الحزب الشيوعي الإسرائيلي (محمد نفاع الأمين العام للحزب مثلا) في رسم موقف من الحراك الشعبي في سورية. يقوم الموقف في النصوص التي وصلتنا عبر "الاتحاد" وموقع "الجبهة" على جملة فرضيات نذكر منها أربع: أولا ـ إن النظام السوري نظام ممانع أو مقاوم أو صامد أو كلها مجتمعة. ثانيا ـ الأخذ بادعاءات النظام وتوصيفه للأحداث وروايته للتفاصيل. ثالثا ـ أن في سورية حراكا شعبيا وطنيا حقيقيا وانتهازيين يستفيدون من الوضع الجديد. رابعا ـ وجود "إمبريالية" متحفزة ووجود عرب ارتهنوا للخارج معنيون بسقوط النظام السوري. وهذه الفرضيات مجتمعة ومضافة إلى أخرى (مثل السؤال عن هوية الحالة بعد إسقاط النظام) تُفضي بمحمد نفاع مثلا وبغيره من كتاب على النهج ذاته، إلى موقف مفاده التأكيد على أولية "التصدي لمشاريع إسقاط النظام المقاوم إلخ...".
ليس صعبا أن نثبت أن النظام السوري غير مقاوم ولا ممانع برصد تاريخه في العقود الخمسة الأخيرة، وإذا فعل فمن خلال اضطرار اللبنانيين على دفع ثمن "ممانعته. فجبهة الجولان كانت هادئة تماما عبر عقود. وأمكننا أن ندعي أن النظام الهادئ على هذه الجبهة هو نفس النظام الذي دكّ تل الزعتر واغتال كمال جنبلاط وصفّى غيره من قيادات وطنية وشيوعية لبنانية. وهو نفس النظام الذي أعمل مخابراته في لبنان قمعا وخطفا. وهو نفس النظام الذي دكّ نهر البارد والبداوي فوق رؤوس أهلهما وعرفات ورفاقه. وهو نفس النظام الذي تقاسم لبنان مع إسرائيل كحيز للنفوذ، وأطلق فيه نظام التصفية والاغتيالات على العقيدة حتى إلى ما بعد انسحابه مضطرا من بيروت. وهو نفس النظام الذي شارك بقواته في الحرب الأولى على العراق ضمن قوى تحالف دولي تقوده أمريكا. في الشق الداخلي لملفّ النظام تاريخ دموي حافل من القتل والتصفيات والإبعاد والملاحقات للسوريين والسوريات الوطنيين والوطنيات ومنهم شيوعيون ماركسيون وليبراليون وإسلاميون ومستقلون. في رصيده سجون وتفانين في التعذيب وأساليب في القمع وصلت ذروتها في تدمير مدينة حماة فوق رؤوس أهلها ـ لكن ما دام بعض الشيوعيين وقع في شرك الدوغما فلن يتيحوا للحقائق أن تعطّل عليهم "راحتهم" إلى موقفهم "الوطني" وصمودهم المتخيّل ضد إمبريالية متخيّلة!
في الفرضية الثانية ادعاء مستهجن ينبني على الرواية الرسمية لنظام قمعي ويحتل مدنه وريفه لإخضاع أهلها وترويعهم وصلا حدّ القتل أو التعذيب حتى الموت. وهنا لا تسعف تلك الحصيلة من الضحايا اليوميين في وجبات يزيدها النظام وجلاوزته من أسبوع لآخر، في تغيير الفرضية. فلا الموت بقذيفة دبابة يُحسب ولا الموت تحت التعذيب ولا الاعتقالات بالجملة ولا الإذلال اليومي المبثوث عند أصحاب "المعتقد الأوحد"، لأن أصحاب الدوغما لا يترددون في إشهار ادعاءات لتبرير القتل وهذا العدد الهائل من الضحايا وصولا حدّ اتهام القتلى أنفسهم بموتهم من خلال تحويلهم وبينهم أطفال وفنانون وناشطون سلاميون إلى "عصابات مسلحة"! هذا فيما تضطر الفرضية العالقين في وحل الدوغما ـ حسب الفرضية الثالثة ـ إلى التدقيق في هوية المحتجين بملايينهم وتبدأ عملية التصنيف التي تذهب أبعد مما يذهب إليه النظام نفسه في فرز "محتجين وطنيين" و"انتهازيين" و"قوى ظلامية" "وإرهابيين" و"عصابات". ويغلّبون التصنيفات التي تخدم أربهم فيظلون على حالهم من قبول رواية نظام ما صدّقه أهله يوما لا في السلم ولا في الحرب، لا في الريف ولا في المدن، لا في الموقف من الداخل ولا في الموقف من الخارج، ولا صدّقناه نحن أيضا. لكن لا يجد الدوغمائي أي حرج أو غضاضة في ركل عشرات ومئات النصوص والأعمال الفنية والمسرحية السورية التي أنتجها الشعب السوري عبر عقود وأحبها العرب العاربة بمن فيهم الدوغمائيون أنفسهم لنقدها النظام وفضحها وإدانتها له، فلا تتعب ضمائرهم ولا تتعطّل متعة الاستسلام للدوغما. يُسقط أصحاب الدوغما عن الشعب السوري آلامه وقهره ومعاناته وفقره وتطلعاته عبر عقود من الزمن ويتعلقون بهامش الحدث الجلل للانقضاض على ثورته.
أما في الفرضية الرابعة القائلة بوجود "إمبريالية" و"عرب مرتهنون لإرادة الخارج"، فهي حسب حضورها في نصوص الدوغمائيين، أهم فرضية وادعاء في "نظريتهم". ولأنهم ضد الإمبريالية المفترضة هذه فلا يبقى سوى الوقوف في صف النظام السوري ضد المؤامرة! في هذه الفرضية تقادم حدّ الزوال. لأن العالم تغيّر إلى حدّ كبير منذ انتهاء الحرب الباردة ودخل دوامة العولمة وتعدد المحاور ومراكز القوة، وامتلأ بالمحاور الإقليمية وبتشابك القوى العالمية حدّ ضياع حدودها وضياع حدود الدول وانحسار سياداتها في كل مكان. وهم غير معنيين هنا تحديدا في تفاصيل العلاقات/التدخلات بين الدول ولا في تحولاتها وتفاهماتها وتقاطعها بما فيها بين سورية و"أمريكا" أو بين "سورية" وقطر ـ على سبيل المثال لا الحصر! فإذ بالصين كأمريكا تماما وكروسيا وفرنسا، وإذ إيران كتركيا والسعودية واليابان والهند. كل دولة تبحث عن مصالحها، عن رأس جسر وموقع نفوذ ومنفعة. هكذا سوريا في لبنان منذ استقلاله، وهكذا سورية في الأردن وفلسطين والعراق! وهكذا أيضا مع الدول المهنية بالشأن السوري بما فيها أمريكا وإسرائيل. هذه هي طبيعة العلاقات بين الدول وحقيقتها، لكن لماذا كل هذا التعقيد الذي يخرّب على الدوغمائيين عكس مقولة بوش عن محور خير ومحور شرّ واختيار ما يُعتبر خيرا ـ وهو عند الدوغمائيين ـ محمد نفاع مثلا ـ يضم نظام القمع في إيران ونظام الثقب الأسود في كوريا الشمالية!
قلنا في مكان آخر أن المعرفة ليست قدرا وإنما اختيار واع وخيار أخلاقي من الدرجة الأولى. والمعرفة نقيض الدوغما لأن الدوغما تفرض قيودا على المعرفة وتمنع حركة السؤال وترفضها. كما أن الدوغما تعدم الاستقامة والاستنارة في آن. فالدوغمائيون الذين يقتبسون كل ما تصدره منظمات حقوق الإنسان الدولية في السياق الفلسطيني ويسوقونه شاهدا على موقفهم من سياسات إسرائيل يرمون الشك في وجه هذه المنظمات ويشيحون عنها! وهم الذين اعتادوا الرقص على تقارير الجزيرة والعربية في الشأن الفلسطيني انسحبوا من حلقة الرقص في السياق السوري! وهم الذين يُبدون تفهما وانفتاحا بشأن الشراكة العربية اليهودية على علّاتها في وجه ما يصفونه بموقف "قومجي" "متشنّج" غير قادرين على أي موقف انفتاحي مماثل على الحراك الشعبي في سورية! وهم الذين يتبجحون بنضالات هنا ضد القهر والقمع يستسيغونه في سورية حيث يدفع غيرهم الثمن! يخرجون على السلطة هنا مطالبين بديمقراطية وحريات ينكفئون عن الاهتمام بهذه القيم في الحالة السورية ويبرطعون نضالات ضد إمبريالية لم تعد قائمة أصلا، أو يتحولون إلى "شبيحة كلام" ضد شعب يخرج عن بكرة أبيه يوما يوما ضد ظلم النظام هناك وتجبّره ودمويته! غارقون في نسبية العمل السياسي هنا ويريدونه نضالا خالصا ولوجه الله هناك وثورة نقية من الانتهازيين هناك! وهم المستعدون هنا لابتلاع ضفادع عدة كُرمى لـكرسي في سلطة محلية أو مقعد آخر في الكنيست ويعقدون تحالفات أشكالا وألوانا، يتخوفون من تحالفات الداخل السوري على تشكيلاته المتعددة ويشككون فيها!
الأزمة السورية لم تولد مع مجيء الربيع العربي ولا بسبب من امبريالية مفترضة. بل وأساسا وتحديدا، من أداء نظام الحزب الواحد والعقيدة الواحدة ومن الاستبداد الذي بدأ قبل أن يولد 90% من المحتجين السوريين الآن! هو حراك شعبي عام على أساس سلمي مدني من أجل الحريات وضمن منظور متطور لأوساط لا تقل ثقافة وتعلما واطلاعات ووطنية عن أي دوغمائي هنا. وهم يقينا يرون صورة بلادهم الحقيقية وشعبهم على قهره وتطلعاته أفضل مما يراه أي دوغمائي هنا من عليائه واستعلائه فيزجرهم لئلا يُسقطوا النظام فتسقط النظرية! الدوغما هي الدوغما تصل في تجسيداتها حدّ إهانة العقل بتبلّدها فتطالب السوريين الذين لا يستطيعون التنفّس إلا عند الفحص الطبي أن يواصلوا على هذا النحو حياتهم/مماتهم لئلا تستفيد من حريتهم "الإمبريالية"! إنه "منطق" الدوغما عاريا! إنها الدوغما في أوضح تجلياتها!
[email protected]



#مرزوق_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الحق الفلسطيني المطلق في عدل نسبي!
- عن الذين عرفوا وحرفوا!
- من وحي الثورات وأسئلة طرابيشي
- وسورية التي هنا!
- سورية التي هنا!
- وجوب تعديل ميثاق المحكمة الجنائية الدولية!
- الثورات العربية: فصل الخاتمة لنسق -النقدية المثقوبة-!
- المستبطنون أمريكا!
- غداة خطاب نتنياهو: العودة إلى التاريخ من خلال الأمم المتحدة!
- المنافحون عن نظام بشّار الأسد: ماذا ستقولون لمحمّد الماغوط إ ...
- عن ثورات تفتح أبواب الأمل الموصدة !
- أفكار في نقد الضحية،
- يسار عيّ على الطريقة العربية!
- في ذكرى 11 سبتمبر:الإرهاب الإسلاموي حين يكون بديلا للسياسة!
- نظريات وحقيقة بسيطة!
- هدايا من باريس
- وحده المزيّن!
- بوابات فاس
- عن المسألة الإيرانية: كيفما اتفق وليس أبعد من ذلك
- عن أسر الإسلام والتمثيل به!


المزيد.....




- إسبانيا: رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يفكر في الاستقالة بعد تحق ...
- السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟
- كأس الاتحاد الأفريقي: كاف يقرر هزم اتحاد الجزائر 3-صفر بعد - ...
- كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغرا ...
- خبير عسكري: عودة العمليات في النصيرات تهدف لتأمين ممر نتساري ...
- شاهد.. قناص قسامي يصيب ضابطا إسرائيليا ويفر رفاقه هاربين
- أبرز تطورات اليوم الـ201 من الحرب الإسرائيلية على غزة
- أساتذة قانون تونسيون يطالبون بإطلاق سراح موقوفين
- الإفراج عن 18 موقوفا إثر وقفة تضامنية بالقاهرة مع غزة والسود ...
- الى الأمام العدد 206


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرزوق الحلبي - عن سورية: الدوغما بعض شيوعيي بلادنا نموذجا!