أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي















المزيد.....

خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3492 - 2011 / 9 / 20 - 19:58
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بداية أستأذن رفيقنا العزيز علي الأسدي لأن أؤكد احتجاجي على منعه التعليقات على كتاباته بالرغم من أنني كنت رجوته لأكثر من مرة ألا يفعل ذلك حيث أن التفاعل مع القراء من شأنه أن يغني الكاتب فكرياً ويزيده حيوية بالإضافة إلى تنبيهه إلى بعض الهفوات والسقطات إن وجدت. كما أنني كنت طالبت رئيس التحرير الصديق رزكار عقراوي بأن لا يسمح لبعض الكتاب أن يقوموا بدور مراقب المطبوعات على منشورات " الحوار المتمدن " فيمنعوا التعليقات على مقالاتهم. فلوا أتيح لي التعليق على استعراض الرفيق علي القيّم لكتاب " خيانة الاشتراكية " للكاتبين الأمريكيين توماس كني وروجر كيران لما تجشمت عناء كتابة هذه المقالة حتى ولو أنها تتناول أهم موضوعات العصر على الإطلاق وهو انهيار مشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية المتجسد في الاتحاد السوفياتي والمعسكر الإشتراكي.

الكاتبان الأمريكيان توماس كني وروجر كيران يستحقان كل الشكر والتقدير ليس لأنهما بذلا جهداً كبيراً للكشف عن الأسباب الحقيقية لانهيار الاتحاد السوفياتي فقط، بل لأنهما قبل ذلك توقفا بشكل بارز أمام قضيتين محوريتين تشكلان دليل عمل لقوى التقدم وهي تشق الطريق نحو فجر جديد للإنسانية جمعاء. القضية الأولى تتمثل في تساؤلهما .. " لكننا نسأل أنفسنا ، لماذا لم يقال عن الانهيار إلا القليل؟ ". مثل هذا التساؤل المثير حقاً يشير إلى أن الذين يتمنعون بصورة لافتة ومشبوهة عن البحث الجاد والمعمق، بل وعن أي بحث في أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي، من الذين ما زالوا يعلنون عن أنفسهم شيوعيين على الأقل، هم حصراً من خان الاشتراكية. فهم ما تمنّعوا إلا لأنهم شاركوا في فعل الخيانة، وإلا فمن سيصدق أنهم ما زالوا شيوعيين ليعيدوا المحاولة وينهار المشروع مرة أخرى بعد أن يكون قد كلف البشرية ما كلفها المشروع اللينيني !؟ وأما القضية المحورية الثانية وهي متصلة بقوة بالقضية الأولى فهي كما طرحها الكاتبان .. " نعتقد أن اشتراكية القرن الواحد والعشرين تحتاج لمعرفة ما حدث لاشتراكية القرن العشرين "، أي أن أولوية الشيوعيين حالياً يجب أن تنصب على معرفة الأسباب الحقيقية لانهيار مشروع لينين كيلا تتكرر في المشروع التالي.

مشروع الكاتبين هو البحث عن الأسباب الحقيقية لانهيار الاشتراكية السوفياتية لكنهما عندما تحاشيا التعرض لقضية ساخنة بوصفهما كموضوع ستالين، لآنه باعترافهما .. " لم تكن لنا معرفة كافية حول كثير من الموضوعات التي تتعلق بستالين " ، فإن ذلك بالطبع ينزع عن كتابهم أهم الشروط العلمية للبحث، فالاشتراكية السوفياتية من ألفها إلى يائها هي من صناعة ستالين، ولو أنه كان يؤكد على الدوام على أنه لم يخرج لأدنى انحراف عن المنهج اللينيني. من لا يعرف ستالين وبكل تفاصيل الستالينية فهو بالقطع لا يعرف الاشتراكية السوفياتية وليس مؤهلاً بالتالي للبحث في أسباب انهيارها. وهذا ما ينطبق تماماً على الكاتبين الأمريكيين حتى وصل بهما الأمر لأن يعتقدا أنه .. " لم يكن هناك أزمة في الاتحاد السوفييتي ، كانت هناك مشاكل وليس أزمة "، وهو ما يعني أن الكاتبين ظلا يعتقدان أن الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات كان ما يزال اشتراكياً يحكمه تياران يميني ويساري !! في حين أن "النظام" الاشتراكي أو العبور الاشتراكي لا يحتمل تشطّر القيادة إلى يمين ويسار، حيث يسارية تروتسكي ويمينية بوخارين قادتهما إلى خيانة الاشتراكية حتى وصل بهما الأمر إلى التعاون مع هتلر باعتراف الأخير.

كل التقدير والإجلال لكل من يحاول تلمس الأسباب الحقيقية لانهيار أول دولة للعمال في التاريخ ومنهم الكاتبان توماس كني وروجر كيران. لكن ومن باب الواجب المقدس للبحث في أسباب انهيار أول تجربة اشتراكية في التاريخ يقتضينا القول بأن الكاتبين الأمريكيين لم يفلحا قط في الغوص في أعماق التجربة الاشتراكية السوفياتية وبقيا على السطح الذي لا يكشف عادة ما تحته من تناقضات متصارعة تحكم بالتالي كل تطورات المشروع اللينيني. لم يفسرا ظهور اليمين واليسار في الحزب بالرغم من تحذيرات لينين القوية التي حظرت أي انقسام في الحزب، ولم يعللا تحريفية خروشتشوف والتراجع الاقتصادي الهائل أثناء ولايته، ولااحجام بريجينيف عن معالجة المشاكل في المجتمع، وعللا الانكباب على عسكرة الاقتصاد السوفياتي بأثر الضغوط الأمريكية، بالرغم من أي ماركسي يعلم تماماً أن كل ذلك إنما هو من تجليات الصراع الطبقي في المجتمع الاشتراكي الذي وصفه ماركس في البيان الشيوعي 1848 بأنه سيكون أعنف صراع تواجهه البروليتاريا، وعاد ستالين يؤكد ذلك بعد تسعين عاماً عندما قال في العام 1938 .. " كلما تقدم البناء الاشتراكي كلما ازدادت حدة الصراع الطبقي ".

يبدو أن الكاتبين لم يدرسا التاريخ السوفياتي دراسة ديالكتيكية دقيقة، ولذلك بقيت معلوماتهما في هذا الشأن سطحية ولا تقدم أي خدمة لموضوعهما المرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الاشتراكية في البلاد السوفياتية. قرأ الكاتبان كثيراً عن كل ما كتب عن أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي دون أن يصلا إلى طرف الخيط وهو ما لا أستغربه حيث ثمة اتفاق عام بين مختلف الطبقات، بمن فيهم "الشيوعيون" الخونة، باستثناء طبقة البروليتاريا المتراجعة على مختلف الأصعدة، الإتفاق على مصلحتهم في طمس أسباب الانهيار من أجل أن تنسب العلة إلى الاشتراكية نفسها وإلى الماركسية كنظرية خاطئة، وهو ما بتنا نسمعه في صيحة غبية تعلو بين المثقفين تقول بسقوط الايديلوجيا على اعتبار أن الماركسية هي إحدى الإيديولوجيات وليست علماً، بالرغم من أن كارل ماركس نفسه كان يؤكد دائماَ بأنه لا يؤمن بشيء على الإطلاق.

أما الأسباب الحقيقية وراء انهيار مشروع لينين المتجسد بالاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي فيمكن إجمالها بكلمتين فقط هما "الصراع الطبقي". خشي لينين كثيراً من أخطار الصراع الطبقي على مشروعه في الثورة الاشتراكية فكان يحرص على تعظيم البولشفية التي تعني تحالف العمال مع صغار الفلاحين لضمان التقدم أشواطاً كبيرة في عبور الاشتراكية. وفي العام 1922 تراجع لينين خطوتين على طريق الاشتراكية فأجاز للبورجوازية الاقتصاد البورجوازي الصغير فيما يسمى ب " السياسة الاقتصادية الجديدة ـ النيب ". خلال السنوات الخمسة التالية 1922 ـ 26 استعادت البروليتاريا عافيتها بعد أن كانت قد تكبدت خسائر فادحة في الحروب المتوالية 1914 ـ 1921، وهو ما انعكس في القوى المتعاظمة للحزب الشيوعي فكان أن تخلى عن سياسة النيب وعوّم ملكية الأرض الزراعية عن طريق تعميم التعاونيات 1929 ـ 31، وانطلق في مشروع التصنيع الكثيف 1928 ـ 33. النجاحات الهائلة التي حققها الحزب في الثلاثينيات كانت قد أدخلت الروع إلى قلوب الامبرياليين وأدركوا أن نشاط المخابرات الانجليزية في تطويق الاتحاد السوفياتي وإقامة الحكم الفاشي في إيطاليا سنة 1921، والحكم النازي في ألمانيا سنة 1933، لم يعد كافياً فكان أن اتفقت الامبريالية الأنجلوفرنسية والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية على إنهاء دولة العمال السوفياتية التي أخذت تشكل خطراً داهماً على أنظمتهم الرجعية الاستغلالية كمثل يحتذى من قبل شعوبهم. أمام تلك المؤامرة الكبرى على مصير الدولة السوفياتية ارتفعت وتيرة الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي وأخذت البورجوازية الوضيعة تحلم بأن ترث السلطة بعد تحطيم دولة البروليتاريا. ذلك ما واجهه الحزب بقيادة ستالين بحزم لا هوادة فيه وهو ما مكنه من تقوية الجبهة الداخلية التي استطاعت الصمود بوجه الغزو النازي الوحشي الكبير.

لئن توقف الكاتبان الأميركيان أمام مسألتين لهما دلالات خاصة، فإني سأتوقف أمام مسألة أخرى ذات دلالات خاصة أيضاً في البحث عن أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي وهي أن الندرة من الكتاب الذين بحثوا في أسباب الانهيار ومنهم الكاتبان صاحبا البحث لم يكلف نفسه أحد منهم بدراسة آخر الانتاجات الفكرية ليوسف ستالين في كتابه " المسائل الاقتصادية للاشتراكية في الإتحاد السوفياتي " الصادر في العام 1952 أي قبل رحيله ببضعة أشهر فقط، وفيه يشرح ستالين سبل التقدم إلى الأمام على طريق الاشتراكية. كتب ستالين مؤلفه القيّم ذاك إثر مناقشات حامية جرت في قيادة الحزب بحضور علماء متخصصين بالإقتصاد الزراعي حول محو طبقة الفلاحين الكولخوزيين ومطالبة عدد من قادة الحزب أولهم فياتشسلاف مولوتوف بإلغاء طبقة الفلاحين بقرار واحد يصدر عن السلطة العليا للدولة. إلا أن ستالين عارض ذلك لأنه يشكل خطورة على مصائر الثورة وشرح خطته في تصفية طبقة الفلاحين خلال عدة سنوات من خلال رفع مستوى حياة البروليتاريا عن طريق مضاعفة إنتاج السلع الاستهلاكية وهو ما يضطر الفلاحين لهجرة الفلاحة والإنضمام للبروليتاريا حيث أن إنتاجهم من الغذاء لن يعود كافياً لرفع مستوى حياتهم كما حياة البروليتاريا. بعد صدور الجزء الأول من الكتاب عقد الحزب بعد طول غياب مؤتمره العام التاسع عشر (أكتوبر 1952) وقرر خطة التنمية الخمسية التي تقضي بمضاعفة الصناعات الخفيفة باتجاه رفع مستوى حياة البروليتاريا.

في ذلك المؤتمر وهو آخر مؤتمر عام يحضره ستالين، شكا ستالين من ضعف وخوَر أعضاء القيادة في الحزب وأكد للهيئة العامة للحزب أن ليس أولئك القادة من سيوصل البلاد إلى الشيوعية، ولذلك يتوجب إحالتهم إلى التقاعد بما في ذلك هو شخصياً نظراً لسن الشيخوخة والبحث عن طواقم جديدة من الشباب المتحمسين لقضية الشيوعية، وتوطئة لذلك رأى وجوب مضاعفة عدد أعضاء القيادة، البريزيديوم أو المكتب السياسي للحزب، من 12 إلى 24
ليس لدي أدنى شك من أن تلك السياسات الستالينية أخافت الرفاق في القيادة على مصائرهم وقد اعتادوا طويلاً على أن يكونوا السادة في أماكنهم. فمضاعفة عدد أعضاء المكتب السياسي إلى 24 عضواً من جهة ورفع مستوى حياة البروليتاريا من خلال الخطة الخمسية من جهة أخرى لن يترك لهم أي دور هام يقومون به وأن شكيمة البروليتاريا ستقوى فتمسك بقيادة الحزب بثبات لا يتزعزع. لا يجوز تجاهل مثل هذا الأمر لدى النظر في موقف هؤلاء القادة كبار السن بالنسبة للإنقلابات المتتالية التي وقعت في قيادة الحزب خلال بروز خروشتشوف وتسلمه قيادة الحزب من سبتمبر 1953 إلى أكتوبر 1964

ثمة دلائل كثيرة تشير إلى أن ستالين قد أغتيل بالسم بيد وزير أمن الدولة لافرنتي بيريا الذي تناول العشاء معه عشية وقوع ستالين في الصباح التاليي 1 مارس 53 مصاباً بنزيف في الدماغ وهو ما لمح إليه بيريا لمولوتوف الذي تشكك في أن مالنكوف وخروشتشوف اللذين شاركا في العشاء كانوا على علم بذلك، وهو أيضاً ما توصلت إليه لجنة أميركية روسية بحثت حديثاً في أمر موت ستالين المفاجئ، إلا أننا لا نقف عند هذا الانقلاب في القصر بالرغم من أنه الأهم، لأننا لا نملك الحجج القاطعة، غير أننا لا نستطيع تجاهل وقائع الانقلابات الأربعة التالية ..
(1) 14 سبتمبر 1953 اجتممع المكتب السياسي الاثنا عشري (وليس 24 خلافاً لما طلب ستالين ولما قرر المؤتر العام للحزب وهو صاحب السلطة العليا المطلقة) وقرر رفض مطالبة مالنكوف الملحة في تخصيص الأموال اللازمة لتنفيذ الخطة الخمسية التي اعتمدها المؤتمر العام للحزب قبل عشرة أشهر فقط، وكان ذلك القرار المخالف لكل القوانين والنظم قد أُتخذ بضغط من قيادة الجيش التي غدت بعد رحيل ستالين صاحبة السلطة العليا المطلقة وليس الحزب. أتخذ ذلك القرار بحجة تفضيل الصناعات الثقيلة على الصناعات الخفيفة ولم تكن الصناعات الثقيلة سوى صناعة الأسلحة وهو السلاح الذي تحارب به البورجوازية الوضيعة وعلى رأسها الجيش البروليتاريا السوفياتية وليس الإمبريالية الأمريكية كما كانت تزعم. لا يجوز تغيير مقررات المؤتمر العام للحزب إلاّ المؤتمر العام التالي. وفي ذلك الاجتماع المؤامرة أزيح مالنكوف من الأمانة العامة للحزب لصالح خروشتشوف، وتوقف تقدم الاشتراكية ليبدأ الرجوع عن الاشتراكية وهو ما يغفله مختلف الدارسين.

(2) 25 فبراير 1956 انتهى المؤتمر العام للحزب العشرين في ذلك اليوم وبعد الإنتهاء طلب خروشتشوف جلسة خاصة للمؤتمر خارج الجدول، وفي تلك الجلسة الإضافية وغير القانونية فوجئ الجميع بتقرير يسحبه خروشتشوف من جيبه ليهاجم ستالين أشد هجوم واصفاً إياه بالدكتاتور والطاغية وبممارسة طقوس عبادة الذات فكما لو أن الاتحاد السوفياتي لم يكن امبراطورية الاشتراكية بل امبراطورية الخوف والدكتاتورية الفردية. وليدلل هذا الأفّاك على فجور كذبه اختتم تقريره الشخصي بالقول .. " لن ننسى الخدمات الجليلة التي قدمها ستالين لوطننا الاشتراكي " !! ذلك التقرير الذي شكل انعطافة كبيرة في التاريخ السوفياتي لم يكن تقريراً رسمياً ولم يطلع عليه المكتب السياسي لاقرارة كما تقتضي الأصول.

(3) أواسط يونيو1957 اجتمع البريزيديوم (المكتب السياسي) وقرر بالأغلبية سحب الثقة من خروشتشوف. كان على خروشتشوف وفق الأصول أن يتنحى عن مركز الأمين العام للحزب وعن رئاسة مجلس الوزراء إلا أنه وهو الذي شلح كل التقاليد الشيوعية لجأ إلى المارشال وزير الدفاع جوكوف يستنجده في إلغاء قرار البريزيديوم بالقوة. بادر ذلك المارشال لحماية رجل العسكر في الحزب فجمع أعضاء اللجنة المركزية من أطراف الاتحاد السوفياتي بالطائرات العسكرية خلال 24 ساعة بحجة أن هناك مؤامرة على قيادة الحزب تقوم بها عصابة منشقة. إذّاك قررت اللجنة المركزية إبطال قرار سحب الثقة وطرد المتآمرين من البريزيديوم وكانوا البلاشفة الستة في البريزيديوم ــ مالنكوف، مولوتوف، فورشيلوف، كاغانوفتش، بولغانين وشبيلوف. كان ذلك انقلاباً عسكرياً حيث أن البريزيديوم يشكل أعلى سلطة في الدولة بغياب الؤتمر العام للحزب ولا يجوز إبطال قراراته واجتماع اللجنة المركزية غير قانوني فاللجنة المركزية لا تجتمع إلا بدعوة من البريزيديوم والبريزيديوم حينذاك لم يدعُ لأي اجتماع، ولذلك كان قرار طرد البلاشفة من البريزيديوم غير قانوني وفاقد الشرعية، والدلالة على ذلك هو استبقاء فورشيلوف وبولغانين في البريزيديوم بعد سحب اعتراضهما على خروشتشوف. ما يتوجب ذكره تبعا لذلك الانقلاب هو إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا وهي الميزة الوحيدة للاشتراكية واستبدالها بدولة بورجوازية سماها خروشتشوف "دولة الشعب كله" كما أعلن خروشتشوف رسمياً وقف العمل بمبدأ الصراع الطبقي كي يبرر انتصاره لطبقة الفلاحين بعد أن كان الحزب في صدد إلغائها.

(4) 14 أكتوبر 1964 اجتمع البريزيديوم وقرر استدعاء خروشتشوف في الحال الذي كان في رحلة يتفقد فيها زراعة حقول الذرة في الجنوب وحال حضوره وجد في مكتبه جنرالات وعساكر بانتظاره. كان هؤلاء العسكر لديهم الأمر باعتقاله في حالة عدم استقالته كتابة بخط يده. كتب خروشتشوف استقالته دون تردد لأنه كان يعلم تماماً أن البديل لن يكون إلا رصاصة في الرأس مثلما كان هو قد فعل ببيريا في ديسمبر 53. كان خروشتشوف قد جاء به العسكر لإطلاق العنان للتسلح وعندما أيقن أن الاستمرار في التسلح من شأنه أن يقضي على النظام الاشتراكي أخذ يطالب بقوة بوقف المبالغة في التسلح لصالح الإنتاج المدني في محاولة لاسترداد القرار الوطني من قيادة الجيش وإعادته إلى قيادة الحزب. لم يمهله العسكر طويلاً فانقلبوا عليه وعزلوه وأتوا بمتعاون آخر وهو بريجينيف.

بعد كل هذه الإنقلابات على الحزب لا يمكن اعتبار الاتحاد السوفياتي في السبعينيات والثمانينيات بلداً إشتراكياً كي يقول الكاتبان " لم يكن هناك أزمة بل مشاكل في الإتحاد السوفياتي " فالأولى القول أن لم يكن هناك اشتراكية ولم يكن هناك اتحاد سوفياتي أصلاً. ولذلك لم نعتبر الإنقلاب العسكري الخامس في 2 أغسطس 1991، ولا الانقلاب العسكري السادس الذي وقع بقيادة يلتسن في 4 أكتوبر 93، لم نعتبرهما إنقلاباً على الاشتراكية حيث كانت كل السلطة ومنذ انقلاب 1964، بل انقلاب 57 بيد البورجوازية الوضيعة. وما كان الانقلابان العسكريان 91 و 93 إلا صراعاً بين شطري البورجوازية الوضيعة، شطر ينادي باستمرار استغلال البروليتاريا تحت علمها، علم المطرقة والمنجل وبقيادة حزب البورجوازية الوضيعة "الشيوعي"، وشطر آخر يصر على استممرار استغلال البروليتاريا تحت علم القيصرية ومن خلال التعددية. انتهت الاشتراكية بعد رحيل ستالين مباشرة وبالتحديد في 14 سبتمبر 1953 عندما قررت قيادة الحزب متجاوزة كل شرعية وقف العمل بالخطة الخمسية التي كان الممؤتمر العام للحزب قد أقرها في أكتوبر1952. مرة أخرى نود أن نؤكد على أنه لو اكتملت أول خطة خمسية اتخذت بعد الحرب وإعادة إعمار ما دمرته الحرب لفاتت كل فرصة على أعداء الاشتراكية في أن ينجحوا في النيل من دولة دكتاتورية البروليتاريا.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
- الإفساد بالأدلجة
- نقد فظ لشيوعي ناعم
- ماذا عن وحدة اليسار
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا
- إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
- حاجة العالم للينين مرة أخرى
- ماركسيون بلا ماركس
- لماذا الأول من أيار !؟
- المتلفعون باليسار واليسارويّة
- العقبة الكبرى أمام استئناف العمل الشيوعي
- الحرية ليست إلاّ شرطاً ظرفياً يستوجبه فقر أدوات الإنتاج
- فؤاد النمري في حوار مفتوح حول: القراءة اللينينية لماركس المت ...
- ماذا في مصر وفي تونس
- حزب العمال الشيوعي يعادي الشيوعية
- الكارثة الكونية الوشيكة (انهيار نظام النقد العالمي)


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي