أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة















المزيد.....


ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 23:46
المحور: كتابات ساخرة
    


ليس مقال ادبي كما توخيت كي يكون إبداعا فنيا يصلح للإهداء، عمليا فشلت أن أهدي عملا لرفيقة رائدة، لكني، مع ذلك، ساهديه للناطقة الرسمية لملائكة سوريا، وعادة ، الملائكة تقبل أي هدية مهما كانت صغيرة، هذه هديتي الصغيرة لك زميلتي مريم التي هي عمق الإحساس أكبر من كتابة مقال، لقد تأثرت بالوضع السوري، كما تاثرت كثيرا بظاهرته: اطفال عنيدون عناد الكبار، وأكثر من هذا، وهو الظاهرة في سوريا: عناد ملائكة، تمنيت أن يصل مقالي مستوى هدية لرفيقة عزيزة، هي مريم نجمة: المناضلة العنيدة، لكني ساتركه كما كتبته، إهداءا صغيرا

سليل البيعات الطويلة، يولد الطفل عندنا منبوذ البراءة، يولد حقا لكي يببيع براءته، لكن في الحقيقة يولد بأنفة فطرية متوحشة، صعبة التهذيب، اقصد هذا التهذيب ذو البعد الكياني الذي يؤسس لنمطنا الأسري، لصيرورة فكرنا الجمعي كما يحلو للبعض أن يقول، في الدار يدخل الأب منزله ليختلي بوحشته وفحولته، في العالم العربي بيت الزوجية مظلم إلى أقصى الحدود، هذا على الأقل ما تثبته الدراسات الجنسانية في الأوساط العائلية الصغيرة والمتوسطة عندنا، أي هذه الفئات التي تمثل أغلب الشعب، بيت مقدس مظلم تفوح منه رائحة الفحولة، زاوية عفنة بكل الرطوبة المحتملة، بيت عنكبوت كهل، يأتي الأب من العمل ليدخل ظلمته للراحة،لا شيء فيه إلا أفرشة مختبرية،كل الأطفال يعرفون سرها، هذه اول فطنة للطفل عندنا، يعرف ان البيت المظلم هو بيت العمليات السرية: وضع حقا مدعاة للثورة، في الوضع العربي عامة، في سوريا: هو وضع ثورة طفل.. لن أدخل عمقا في هذه الإثارة فالكل يعرفها، لكن ماذا في باقي الغرف؟ فيها حقا كل ما يرسم الطريق للفطنة المركبية، قبل أن يكتشف الطفل الشارع يكتشف فضاء منزله، صور لبعض طحالب نسله، صورة كبيرة لصاحب المحل، صورة أكبر للملك أو الريس، بعض اللوحات المبدعة بالخط العربي الجميل، “باسم الله” ملتوية بشكل تلوي خلايا عينك أيضا وتنكمش كشفرة إلكترونية في عمقك: “الله أكبر” مكوما وناخرا لأعماقك، هذه اللوحات الجميلة تريد حقا ان تثبت كياننا وترسم للطفل طريقه الآتي: أن يرث خزعبلات أسرته بكل تفاصيلها، لكن المدهش حقا، هي هذه الظاهرة المنفلتة للعادة هي ثورة الطفل ضد كل هذا الكيان برمته: أن يبزق طفل، سوري على هبة أسد،خليفة الله في أرضه، فقط لأن صورة ريس صغير في الجدران، في سوريا الحزينة مثلا، طفل يأبى السجود لصورة أسد في الصورة، تحت التعذيب ينظر إلى الصورة ويبزق عليها، يعلن بحركة عفوية تخالف التهذيب الفطري لعائلاتنا المحترمة: هذه صورة أسد ممسوخ، الأسود لا تملك أنف الصقور: الأسود معروفة عند الأطفال، تلك الأسود التي هي متوحشة حقا، هذه هي صورة الأسد في سوريا فقط، اسد يضحك حين البركان يجلجل قوافل السير في سوريا، في سوريا، الشعب يسير رغما عن أنف الظروف، ولتكن إسرائيل ذريعة قصوى للمنام: إسرائيل معروفة عندنا: هي تدبير رأسمالي للملهاة، وحش مضخم حد الكسر،، فالكهف السوري لم يعد مريحا كما كان، الناس عادة تنام حين لا يعكر صفوها. ويبدو أحيانا أن أطفال سوريا لم يشاهدوا اسدا قبل، وهذا خطأ تقديري و ظني مني لا أكثر، وربما أيضا بالفطرة البريئة، الأطفال في سوريا يعرفون انه لم يبقى للأسود زمن في بلاد الشام إلا في حديقة الحيوانات. ويعرفون ايضا أن ضفدعا صغيرا في سوريا ينقنق زئيرا، سقط القناع (الذريعة الأولى)، فالأسود في زمننا هذا تنقرض من تلقاء ذاتها ولم يعد لها من قوة البطش ما يطيل علينا رائحتها الكريهة، هيبتها القديمة. يقتل الطفل السوري لأن المدرسة برغم ترسانة تدجينها، وهذه هي الذريعة الأخرى التي لا أريد الدخول في تفاصيلها لجهلي حقا بأسس التعليم في سوريا، أقول بأن المدرسة لم تعلم هذا الطفل أن صورة الأسد ذو الأنف الصقري هو أسد سوري بالهوية القومية، بل هو بالفطرة الغريبة التي لم يألفها الحاكم القمعي، في النبوغ المبكر للطفولة السورية، تبدوا ملامح الأسد هي ملامح ضفدع هرم وليس النسر حتى، فكم إذن للجيش السوري، الجيش العربي المحجم، كم يكفيه من الزمن لتهشيم عظام أطفال صغار؟
هل يخجل الجنود السوريون من تعذيب أطفال؟؟؟
عيب عليكم ياسادة الجيش أن نرى طفلا صغيرا يستصغر انفتكم العزيزة، تحت القمع يرفض أوامركم: كرامته هي خلاصة براءته، أن نرى طفلا يبزق على صورة وحشكم على الرغم من قوة بطشكم، أمام بطشكم واختلائكم بجسد صغير، في غرفة ضيقة لا حول للكائن المحقور فيها مهما كان كبيرا، شبيهة بغرفة العمليات: غرفة الظلمة السرية، هي غرفة معروفة عند الاطفال وليس هناك سر محموم
لكن أن تعذبوا طفلا هو أصلا خرج إلى الوجود في الغرفة المحمومة ذاتها، فهذه ساعة القيامة
وماذا بعد؟
كم من طفل قتلتم أيها السادة في سوريا؟؟؟
هاكم المفارقة العجيبة، في فيديو آخر رجل بالغ يقبل حذاء اسود تحت التعذيب، والفيديو هذا، وبمرح عارم سربه الجنود المهللون أنفسهم لحكمة ما:مالذي سيستفيذه المتلقي من هذا النمط، أكيد هي خلاصة واحدة: الجندي السوري حثالة، إذ كيف يجبر مخلوقا على تقبيل حذاء أسود، ومهما يكن التقبيل طوعيا فهذه ذروة تخلف ووحشية.
هل هذه هي شهامتكم أيها الجنود المجللون الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة في سبيل تحرير الجولان؟
لعل صورة التحدي للطفل السوري هي أبلغ حقارة لجيش تضخم إعلاميا حتى التخمة
جيش عربي خرافي
قاتل أطفال
هذا أنتم أيها الجنود السوريون، قتلة سوريا الطفلة وبعيد عنكم كل البعد أن تتشرفوا بمكان جندي يحمي الوطن: أنتم جنود تحمي ضفدعا من بزق أطفال بريئون، فكم يكفيكم من الهرولة من قرية إلى أخرى، فالضفادع هنا وهناك، والأطفال يبزقون فيها هنا وهناك، والمستنقعات كثيرة في سوريا: كل ضفدع يفتخر بمستنقعه، فإلى متى أنتم تهرولون، رحم الله نابغتكم الكبير صاحب قصيدة المهرولون، فالإقتباس فيها قوي لدرجة لا نميز في الهرولة بين جنود يعاودون اقتحام مدن وقرى وبين حكام عرب يهرولون بطريقة أخرى (ذريعة مراسيم دبلوماسية): الديبلوماسية طبيعة فطرية للحشرات. هكذا علمتنا التجربة في العالم العربي
لم أحتقر في حياتي جيشا كالجيش السوري: جيش حظيرة ضفادع، جيش يحمي مستنقعات، مع اعتذاري الكبير لكل الذين هربوا من وصمة عار، من الجنود الذين استشهدوا أو اولئك الجنود الذين تركوا الخدمة حقنا للدم السوري، لهؤلاء اقول: انتم سوريا الجديدة بارواحكم، وسوريا الطفولة والمستقبل.
عندما شاهدنا فيديوا طفل يحتقر جنودا مكثلة بهيأتها الجسدية، تظهر فحولتها البطشية، في البيت المظلم ذاته الذي خرج الأطفال منه، في استعراضها لنفخها الدجاجي، تأكدت بشكل لا يقبل الجدل لماذا قتل الاطفال في سوريا. والنتيجة ان كل طفل قتل هو طفل بال على صورة الأسد وليس بزق عليها فقط.على المعارضة السورية إن كانت حقا معارضة وغير زائفة وما اكثر المعارضات الزائفة في هذا الزمن الرديء، عليها أن تعلن الحداد على روح اطفال سوريا: سوريا وحدها من قدم أرواح أطفال ياسادة، وهي ميزة خاصة ياسادة، وعوض جمعات التراويح، جمعة حداد حول الطفولة السورية:، اطفال سوريا هم أطفال الأنفة، وأطفال المرح الحقيقي للحياة، أطفال النضال الملائكي.أطفال يناضلون لأجل انعتاقكم في منفاكم ايتها المعارضة المبجلة ....
انصتوا لأطفالكم
في ربيع الثورات في العالم العربي، كل ثورة أبدت ظاهرتها الغريبة، وهي في الحقيقة أشكال أوجه البطش في كل بلد، في سوريا، البلد الشامي الجميل، بلد الآلهة وانبثاق الحضارات القديمة، بلد الملائكة حقا، أبدع في ثورته ظاهرة استشهاد الملائكة لأجل وطن جميل، بلد اطفاله قتلوا الذرائع القديمة: لا ذريعة لقتل طفل أو تهشيمه أو اغتصابه، ونحن الرعاع المهمش من المثقفين لا نعرف في اللغة شكلا متميزا من الإدانة يوازي حجم الوقائع، شكلا متميزا بتميز تضحية الملائكة، غير القول باللغة الجوفاء دائما والتي اعتدناها: تبا لبشار الأسد وتبا لحشراته.
لي صديقة جميلة من سوريا، تكتب كل شيء عن وجع الإنتماء والرحيل الأبدي، تعيش الغربة مثلي ولا أدري هل هي ايضا معارضة في صفوف الحلول الرائدة من مثل المناداة بندخل أجنبي، غير أني أعرف ومن خلال موقها في الفضاء المفترض، أنها ناطقة باسم الملائكة، ومع أن برجوازيتنا(وهنا لاأقصد زميلتي التي هي غير برجوازية بالضرورة) التي ينقصها الكثير من الحس النضالي لغاندي، وهو شعار ربيع الثورات العربية رغم هذا الإستبعاد الممنهج لثقافة غاندي والذي عوض بثقافة التراويح في العالم العربي، إلا أنها تدين بكل التلقائية التي هي لغاندي نفسه: النضال السلمي حتى الموت، هذا طبعا فهم المعارضة عندنا، والغريب أن الطبيعة المسالمة للأطفال في سوريا تبنت منهج غاندي بكثير من التهذيب، بل أستطيع القول بأن أطفال سوريا هم المعبرون الحقيقيون عليه: الموت لأجل قضية سوريا حتى الموت، ألا يستحق هؤلاء المناضلون الكبار أسبوع حداد عالمي لأجل قضيتهم، أسبوع حداد في استبسالهم واستشهادهم، فهم ليسوا ملتزمون بعقيدة خرقاء نسميها عادة استمرار النسل، والحفاظ عليه كما هي عند رفاق المعارضة، أطفال سورية هم صيحة فائقة ضد البيت المظلم الذي ذكرته سالفا، هم اطفال فقط، ملائكة لأجل سوريا.أدوا بسالتهم وانتهوا.
لا أيها السادة المعارضون، موقفكم حتى الآن شبيه بموقف الحشرات السورية الأخرى، هو موقف الطامعين في السلطة لا أكثر
كم انا حقير حين لا ابلغ مستوى فهم الرسالة الإعجازية لطفل سوري
سقطت في سوريا كل الذرائع القديمة
سوريا وطن قوميات متعددة، هي قلب العالم وهي لذلك وطن الملائكة، وليس غريبا أن ينتفض فيها كيان الملائكة وليس ثورة الشباب، أول الضحايا في سوريا هم كانوا أطفال مدرسة، لذلك لا يجب أن تكون حظيرة وحوش.في سوريا، الجيش العربي الكبير، القومي الإشتراكي الديموقراطي يقتل اطفال! هل هي هذه، الذريعة لقيام جيش عربي قومي بهذا النمط ساديون من عشاق تقبيل الأحذية؟؟
سأنهي مقالي لأني كرهت الكلام، أن أجد ذرائع مثلا لقيام الطفولة في سوريا، لا أعرف عن سوريا سوى تلك الذرائع القديمة التي أغرقنا فيها الإعلام العربي الرسمي، لكن فيها الآن شيء جديد يتجاوز الهرولة، فيها شيء مميز، فيها الملائكة تتحرك، تنتفض، وللذرائع القديمة عادة حليمة المغربية، في سوريا سقط الكبار، سقطت المعارضة المبجلة بإعلام غربي، هرولة من نوع آخر، معارضة تستنجد بآلهة “الدبحقراطية” الغربية ، فسلام لأطفال سوريا وسلام إلى كل روح خفيفة ومرحة بتعبير نيتشة، روح شهيد طفل.طفل لم يقل شيء سوى انه يكره الصورة الخبيثة الغير جميلة: صورة أسد ماسخ.
سأكون خبيثا أكثر مع المعارضة المبجلة، ليس في سوريا فقط، بل في العالم كله، لماذا لا نكون على النهج الغيفاري ضدا لأي حلول غربية في أوطاننا مادمنا نحتاج إلى دعم بقوة السلاح لإجلاء أنظمة خنوعة، ماذا وضعت الثورة الليبية غير أشلاء شهداء توهموا التحرير، ألم يكن في ليبيا قتلى؟؟ هل بطائرات الأواكس ينقذ الشعب الليبي؟؟ شهداء ناضلوا حقا لتتحقق ليبيا الجديدة، أصبحت اخيرا ليبيا ساركوزي وكاميرون، فمادام السلاح هو طريق التحرر، ومادام التحرر ضد هذه الأنظمة التي هي رمح القوى الإمبريالية، فلنتحلى بنوع من الدهاء وليكن عالمنا خراب للإمبريالية بشكل عام تخليصا لمقولة رائدة على سبيل المثل: علي وعلى أعدائي. النظام السوري يخدم قوى دولية ولا يهمني فصلها، النظام السعودي يخدم قوى دولية اخرى، الأنظمة الأخرى كذلك هي في هذا المنحى أو ذاك، مالنا نحن الشعوب وهذه الأنظمة؟؟
إلى الجحيم كل الأنظمة الدولية.
لكن الجواب الحضاري على مثل هذا السؤال، هو جواب مبرر للغاية، فالمعارضة عندنا هي كوادر معترف لها بخرافاتها، بخبراتها العلمية الزائفة، أجلاء في الديموقراطية العجيبة، عاهرون إلى أقصى الحدود، منتميون إلى هذا النمط الإستهلاكي، مخنثون إلى أقصى الحدود، شاذون حتى جنسيا، مثليون إلى أقصى الحدود بحيث يستطيعون تقديم مؤخراتهم إلى كل غاد وبائد، معارضة تتفهم جدلية طقوس الوضع: تتفهم موازين القوة في أحسن الحالات ذلا، (وهنا لا أنطق الكلمات على عواهنها) معارضة كريمة بتوعداتها حالة التملك، كأننا نحن الشعوب المغلوبة على أمرها كنا ننتظر تبخرا: أن يحكمنا من يبذر ثروتنا أكثر، بشكل ديموقراطي هي التوعد وليس الوعيد، أن تنشيء لنا مؤسسات استثمار بقناع خرافي أو حقيقي كقناع جوع كلبك يتبعك، لقد رأينا في العراق قوى تدعي الأصالة كيف صارت قوة تدعي المعاصرة، في مصر تحول الإخوان إلى إخوان الرضى الديموقراطي، الشيخ الذي لا ينتخب أصلا، أصبح اكثر ديموقراطية من جورج بوش، فقط لأنه يبجح شعارا رائدا من شعارات العولمة، في العراق أصبحنا باسم الديموقراطية نرى القتل مشروعا حضاريا كما هو في الويستيرن الهوليودي: أن تدمر حيا كاملا لأجل عيون امرأة شقراء، عاهرة في أحسن الحالات.من هنا فليس عندنا معارضة اكثر عهرا من النظم الإمبريالية التي هي سند المعارضات عندنا.
كل معارضة مثخنة بالتعهدات هي معارضة عهر بالوصفة الجميلة لصوفيا العاهرة، هذه قاعدة أساسية في العلم الرياضي حسب سبينوزا، هي حقا حسب علمي لكني اعتمدتها وفق منطلقات افتراضاية على طريقة سبينوزا.
انسجاما مع ثورة الملائكة في سوريا، مع غاندي أيضا، قوتنا وسلاحنا نحن الشعوب في العالم الثالث هي العصيان المدني: نحن لك أيها الوطن بالعصيان
وما أحقر أن نعصي حشرات، لأنه يجب تجاوزها وليس عصيانها
مشكلتنا في العالم الثالث هي مشكلة تحررنا من قوى الإمبريالية، عصياننا يخالف نمط غاندي حين يكون الدم مباحا، لم تتخلص الهند بعد من القوى الإستعمارية رغم عصيانها الغاندي، ثورة غيفارية هي الحل، فلتكن أرضنا أرض محروقة لقوى الهيمنة. سبارطاكوس فعل الشيء نفسه، في الشمال الإفريقي فعلت ذلك أمرأة امازيغية وليس رجل: الملكة “داهية” امام الغزو البدوي العربي، ولها قولة شهيرة في الأمرا: هؤلاء الرعاة، جلبتهم الخضرة عندنا، فلنحرق خضرتنا وينتهي الأمر. عبد الكريم الخطابي الثائر الأمازيغي في شمال المغرب فعل الأمر كذلك، وحين جاءته إسبانيا بسياسة إباذة (الريف هي المنطقة الأولى عالميا التي استعملت فيها الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، حولها صمت قاتل في المغرب حتى الآن لولا جمعية واحدة بالريف استطاعت جلب دعم لضحايا الحرب الكيميائية في بعض برلمانات إسبانيا، لنسي الأمر) فضل عبد الكريم المنفى على إباذة الريف شمال المغرب.
حين نتحرر من القوى الإمبريالية، إذذاك سنسأل الفلسفة على الطريقة النيتشوية: هل نحن في وضع صحي؟
هذا هو السؤال الذي لا تطرحه على الإطلاق شيع المعارضة
وحين تجيبنا الفلسفة بدون قناع كالذي أشار إليه نيتشة، أننا في الوضع الصحي، إذ ذاك سنؤسس نمط عيشنا، ولا يهم حينها كنهه . المهم هو ان نتحرر ونخطواإذ ذاك طريقنا إلى الأمام.
هذه هي فلسفة الثورة.
قد يلومني الكثير من الرفاق عن عدم اقتناعي بالمعارضات عندنا، والجواب سهل للغاية وقد أثرته في مقالات سابقة، وبكل الوضوح المطلوب، كلموني عن أي جمعية او كيان سياسي منفي في الغرب أو في العالم العربي، كم مرة انتخب رئيسا في كيانه؟؟ الجواب في أغلب التخمينات: هم دائما المنتخبون، والمجرى الحقيقي لنهر الحياة هو هذا المصب العائم حيث يستكين التيار في المستنقع نفسه: هم كائنات قزمية ساكنة لا تعترف بالعياء، هذه المعضلة ليست نموذجا صالحا للمقارنة مع كائنات سياسية من الداخل (أقصد الداخل العربي)، وما أدراك بالداخل، في الداخل عندنا آلهة وليس كائنات سياسية، في الداخل يحتكمون إلى السلطة بالمنطق ذاته كما في الميثولوجيا الإغريقية. كيان الدولة عندنا متزن ومنزه تنزيه الآلهة، لأن كل إله يلعب دوره المنوط به، وانطلاقا منه فالأطفال في سوريا يشكلون قاعدة شاذة: في الممالك الإلهية لم تنتفض يوما كائنات ملائكية. بالطبع هذا هو الجديد (الظاهرة) في سوريا:
ليس هناك موضوعا يستحق الإدانة والشجب أكثر من قتل أطفال، وهذا مبدأ إنساني أكثر من إدانة سجن معارض تافه.
قد يعجب المرأ بالإنتقال السلمي في الخطوات، وهو انتقال لا يؤلم حقا، لكنه انتقال بطيء وكارثي في نفس الوقت، يعطل حركة التاريخ. القوى المناهضة، عادة مصابهة بشهية البقاء والتنازل على مراحل، وفي الأخير لا تتنازل، المعارضة عادة مصابة بداء الشهية، تشتهي السلطة التي لم تنلها في مسارها، فهي تستوجب هذا الإنتقال لتكون في لحظة الشهية: فقاعة تاريخية كل المعارضات السلمية.كم من زعيم سياسي عندنا يعجبة التصفيق حول ثرثرته الغريبة ويغردها طيلة أسبوع بعد أن يلقيها بزقا علينا؟
يجب أن نسأل حقا، كم جائع يموت في هذا التمرحل السلمي؟
الجواب القاتل أن هؤلاء الموتى كانوا معدمين ! (طبعا في مجتمع انتقال ديموقراطي)ليست لهم أية تغطية: ضحايا وضع قدري.
من من المعارضين لا يعجبه الوقوف في عتبة السلطة؟
الأطفال وحدهم في سوريا : المعارضة السورية الحقيقية، التي لم تثر شهية السلطة: بزقت على كل الأقزام ببزقها على الرئيس، طفل صغير سوري يبزق على هيبة أسد، كم يكفيك بشار الأسد من الوقت لتهشيم عظام صغيرة؟؟
من منا في العالم عندنا سيقبل بحاكم طفل؟ طبعا هذه هي ذريعة المعارضة التي ينتفض في سبيل انعتاقها أطفال.
ولماذا ستثير انتفاضة أطفال كل العالم أصلا؟؟
كم انتم صغار فصائل المعارضة!
هذا مايجعلني في موقفي نحو سوريا، أكتشف قناعة جنونية أخرى: لعل اجمل ثورة في الموسيقى هي هذا الذي يسمونه بموسيقى أو اغاني الهيب هوب، في الولاية المتحدة، ليست سوى شكل التمرد الأولي، اللامبالاة في أحسن الأحوال تبجحا، فن زنقوي للغاية، شعبي في أحسن الحالات تعبيرا عن السذاجة، رقص إحائي: كل العالم في القاع. هذه هي سميائية الهيب هوب في حركة اليد نحو الأسفل(ولا أدري لماذا لا يعجبني أصلا؟؟).مع ان كل حركاته هي نحو الأسفل، هي “اتفو” أخرى على العالم في أرقى تجلياته.
حتى كلمات الهيب هوب متقطعة على نمط هذه ال”تفو” ، متقطعة على نمطها وثائرة على نمط ثورتها: كل الناس أوغاد إلا الأطفال الرائعون: أطفال سوريا
عموما الشباب الأمريكي (الولايات المتحدة تحديدا) لم ينضجوا بعد كأطفال سوريا، هم لا زالوا في الهيب هوب، في ثورة لا شعورية بقياس فرويد الغريب الآخر عن الثورة الحديثة (ربما هذا الذي لا يعجبني في الهيب هوب..).
لاشك أن الطفل في سوريا مهمش، وهذه حقيقة بديهية، فالطفل الذي يبزق على صورة اسد أمام جنود جبابرة، هو طفل بلا شك يعي خرافة الأسد (ماذا سيحصل لو سجد طفل لصورة بشار؟: حملة أخرى من الإدانة لا أكثر: نحن في زمن لا أحد يقدس السلطة المطلقة، والرجل قبل حذاء أسود لتداعيات أخرى معروفة، أهمها أنه مسؤول عن أسرة بئيسة، وهو وضع مدان وليس وضعا مشرفا لصاحب الحذاء الأسود، لكن هو وضع يضعنا حتما امام موقف طفل من الوضع المظلم لبيت الزوجية) الطفل يعرف حقا أن بشار حشرة في صورة أسد: يعرف أنه خرج هو الآخر من البيت المظلم الذي يعرف الأطفال سره المجيد، كما يعرف عادة أن الأسود ليس لها مناقر كأنف الأسد السوري، لقد نظرت جيدا حولي، في العالم كله، ولاحظت أنه ليس هناك في الطبيعة مخلوقات تكتسب صفات ربانية اكثر من الحشرات، الحشرات وحدها من يكتسب صفات مشابهة للكائنات الأخرى كخرطوم فيل كما عند الذباب، أقدام رباعية، أجنحة، قرون طويلة، “أنتينات” طويلة لالتقاط الموجات وغيرها وهي لذلك تستمتع بالكمال الرباني.
كل الحكام عندنا يتميزون بهذه الخصل الحشرية.
تحية لظاهرة الثورة السورية: ثورة الملائكة. ولماذا لا يوم عالمي للملائكة تجسيدا لأرواح أطفال سوريا، يوم على غرار اليوم العالمي للمرأة، يوم لم تتجرأ المعارضة السورية على طرحه بسبب بسيط هو انها منهمكة في الضحك، في مؤتمراتها الساذجة..مؤتمرات قرود....
لقد انتهى سحر الذرائع عندي أيضا. الأطفال في سورية هم كنه الثورة الحقيقية.
كنت تمنيت أن يكون المقال أدبيا لكي أهديه لرفيقة عزيزة سورية هي مريم نجمة، في الأخير لم يكن.
انتهت ايضا ذرائعي.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...
- الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
- الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع ...
- الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
- الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
- من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
- عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية
- لقاء مع بيكاسو: حي الجيتو
- حول الصراع الطبقي والماركسية
- حول الصراع الطبقي، رد على الزميلة مكارم
- مغرب الإجماع البليد
- نحو آلية عالمية للتنسيق بين ثورات الشباب في كل العالم


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة