أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - أساطير التراب














المزيد.....

أساطير التراب


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 22:18
المحور: الادب والفن
    



في ليلةٍ صيفية مقمرةٍ، أستقطبني مقهى قديم في الريف الانجليزي كان يعج برائحة القهوة البرازيلية، كان المقهى مشيداً بالحجر الاسود وخشب الابنوس. تسللت الى احدى زوايا المقهى والتي كانت تطل على نافذة تمتد من خلالها سهول خصراء داكنة تتثائب تحت ضوء القمر فتنأى بعيداً لتعانق الافق.
كانت السماء صافية ووديعة، وعلى حين غرة أخترق الفضاء نيزكاً وكأن الكوكب قد غضب ثم القى به بعيداً نحو المجرات الاخرى (كما طرد الله آدم وحواء نحو الارض).
سطع النيزك صارخاً بقوة ألقه ثم تشظى، وتصاعد بعيداً في أعماق السماء، ليتهاوى متلاشياً الى الاسفل كالصدى يستعيد فراغه وهو يأفل ويخر صريعاً من قبة سماء الليل ليسقط في نهايات الوديان
فاستحالت ذاكرتي كفضاءٍ حلقت فيه أقمار وقصص لقرى جنوب العراق البعيد.
وحكاياته المنسية خلف أسوار الاساطير الطينية وأحجياته الشعبية العالقة في ذاكرة الطفولة.
عندما كنت اقضي عطلتي المدرسية الصيفية في ريف بائس يسمى (الشوفة) وكانت هذه القرية تسترخي مابين مدينة الناصرية وقضاء الغراف.
كانت نساء الريف أنذاك يتناقلن حكاية شعبية قديمة تقول الاسطورة "اذا مرالشهب او اخترق النيزك في لحظة خاطفة تلك السماء الصافية أثناء نوم الناس فوق سطوح الطين الملتحفة بالتراب
فسعيد الحظ هو الذي يبادر بسرعة الضوء وبسرعة اختراق النيزك أثناء تالقه وتوهجه ان يقبض بكفه على حفنة تراب ثم يضمها تحت وسادته ليلاً. وعند الصباح التالي ستستحيل حفنة التراب تلك الى سبيكة ذهبية".
فكان شبق الفضول للحصول على خرافة الذهب جعلني أراقب السماء طويلاً وفي كل ليلةٍ كنت أعد النجوم وأحاور المدارات منتظراً الشهب. وسبابتي على زناد التراب كصياد متاهب لاقتناص الفريسة.
غالباً ماكان النعاس يغلبني فتفيقني شلالات الشمس الذهبية في بواكير الصباح التالية.. ويبقى الحلم والامنية يعاوداني مرة أخرى وانا انتظر الليل ونيازكه الذهبية مرة اخرى.
كنت شغوفا في الليل بحلم عبور الشهب وفي الفجر تتيقظ هواجسي وأمنياتي لحكاية أخرى وهي استراقة السمع لتغريد الطائر الذي ينتظره الجميع ومنذ الازل في تلك القرية وقد كان القرويون يسمونه "طائرالسعد"، هذا الطائر الذي يحلق في فضاء الالغاز متخفياً وخجولاً
ولم يره احداً من قبل كان هذا الطائر يمر بلحظة خاطفة كالشهب او كنجمة عاشقة تتهاوى في احضان القمر الوحشي.
يعبر قباب النخيل وسطوح البيوت الطينية وسقوف الصرائف. ولمرةٍ واحدة في كل سنه كان يصدح طائر السعد بصوت ساحر في الغبش ثم سرعان مايتوارى خلف البساتين الغافية باحضان السكينة. وكان غناء هذا الطائر يجلب الفآل الحسن والمصباح السحري لكل من يسمعه في شفق القرية.
ينام الليل ويستفيق الفجر وانا انتظر مرور الشهب وحلم التبر أو سماع صوت طائر السعد..
ملبون-استراليا
أيلول 2011



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربات وذاكرة
- الابحار نحو فضاءات الخلاص
- نذور لعودة الغائب
- البحث عن الماء
- احتراق الخطى مابين الرمال والمدن
- النزوج بعيداً
- اغتيال الجسر الاخير
- مزامير الشمس وينابيع الياسمين
- تراتيل تحت نصب الحريه
- مابين نايّ تومان.. وعازف ساكسفون سوهو
- رأس ومنفى وقمر
- الحلم العاري يغادر الخيمة
- مابين وشاية القمر.... وعبور الحدود
- الله والمطر
- التوحد في حضرة النخلة
- ثوابت مشتركة للانتفاضات المعاصرة
- انشودة اذار 1991
- تراتيل في ساحة التحرير
- انتفاضة الجسد ..وظل الرصيف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - أساطير التراب