أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أبوعبيد - صبرا وشاتيلا.. الذكرى المنسيّة














المزيد.....

صبرا وشاتيلا.. الذكرى المنسيّة


محمد أبوعبيد

الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 22:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


ذكرى صبرا وشاتيلا في السنوات الأخيرة ليست كسابقاتها، فليتها اعتكفت. إنها تحمل من الأخبار ما قد يحدو برميم ضحاياها إلى الحمد أنهم غادروا قبل معرفة الجرح الذي ألَمّ بوطنهم الجريح، أصلاً، وهو بفعل أبنائها هذه المرة. فالوطن الذي تمنوا أن يصبحوا عليه هو الآن دويلتان بجوار دولة قامت عليه. لعل الضحايا يتذكرون في قبورهم كيف كانت وجهة السلاح الفلسطيني!

الآن الأمر مختلف، فيجوز للفلسطيني، الذي له سلطة وليست له دولة، أن يقيم دويلتين تبغي إحداهما على الأخرى، ولا تفيء إحداهما إلى الهدف الأسمى، ولا تجنحان للسلم وتغليب مقام الوطن. عَلمٌ يتغيّر، واسم يتبعثر: دويلة الضفة الملونة، ودويلة غزة الخضراء. فالمشروع الوطني صيّره البعض دينياً انصياعاً لمرجعيّات خارجية تبحث عن موطئ قدم لها في فلسطين.

عندما كان يُقال فلسطين، كانت المخيلة تتفتق صوراً أبسطها أن للفلسطينيين الشمس والقدس والساحات والبيوت العتيقة، وأن على أرضها ذاك الفتى الربيعي القابض على حجره يرميه على الجندي الممتلئ بأوامر القتل، وأن خارجها تلك التسعينية العاضة بنواجذها على مفتاح العودة، ومُدْنِية على جسدها الثوب الشعبي الذي، وإن صار خرقة بالية، لا تُمحى ألوانه. أما اليوم، إذا قيل فلسطين، قيل ماذا تقصدون؟ الملاصقة للأردن، أم المجاورة مصر؟ ثم قيل نعرفها، فهي التي يعتدي ابنها على نفسه، وهي الآن دويلتان لا وطن، عَلَمان ودستوران. هي حركة باتجاه الانتحار لا صوب الولادة والانبعاث.

لعل من بين الرماد السياسي، ينبعث صوت ليعتذر لضحايا المجزرة، متذكراً كيف ذُبحوا بدم بارد في شهر حار، على أرض أحبوها وأهلها، لجأوا إليها وإليهم تجنباً للذبح حتى يعيشوا في انتظار العودة إلى حيث اقتلعوا. لكن مصيرهم كان الذي راموا تجنبه، فاصطادتهم ميليشيات مسلحة لسانها عربي. وانقضت عليهم كأنهم ليسوا بشراً يستحقون الحياة على أرض بعد أن كانت لهم أرض يستحقون عليها الحياة، فيناجيهم بالقول:

ذُبحتم يا أهل صبرا وشاتيلا بتفنن كأنكم تجارب لفنون القتل وابتكار طرائق لإخراج الجنين من رحم أمه، فتمتد إليه يد من لا يرحم ليرحل الجنين من رحم أمه إلى رحمة ربه، وهي التي تمنتْ مصيرها المشؤوم قبل طفلها كيْ لا تُقتَل مرتين. ما ذنبكم سوى أن قدركم هو النسب إلى فلسطين، فما كان عقابكم مجرد قتل، وفي بعض القتل رحمة، لكنه كان إشباعاً لنزوات السادي.

أعذرونا يا أموات صبرا وشاتيلا الأحياء إنْ تراقصنا مع أغنية طرباً، أو اندمجنا مع فيلم رومانسي أو تمتعت الأعين بكل فاتن، فما هذه إلا ضرورات الحياة. أعذرونا إن أنستنا هموم العيش، أو ملذاته، بعضاً من ذكراكم، فواجبنا على أرضنا أن نفرح قليلاً لعل فيه غيظاً لمن صادروا الفرح، وتِلكم حلاوة العيش: هَمٌّ يصاحبه سرور، وحزن تتخلله ابتسامة.

ستبقى ذكرى الساعة الخامسة من يوم الخميس 16 سيبتمبر 1982 يقظة في نومنا وصحونا، وهي لن تغفر ما دام الآثمون يسرحون كأن أياديهم براء مما اقترفت. فثلاث ليال مرت عليكم كثلاثين عاماً من الرعب والخوف، سُخرت فيها أدوات القتل عليكم فإذ أنتم صرعى كأنكم أعجاز نخل خاوية. لقد لملمنا أشلاءكم في أفئدتنا، وصبرا وشاتيلا صيرناهما اسميْن للأبناء من بعدكم كي تبقى الذكرى حية. لقد حُرِمْتم حتى ميتةً على أرضكم ومواراة جثامينكم في ترابكم. ويبقى لكم حق، هو حق الأرض التي أنشأتكم، وحق السماء التي ظللتكم، وحق التاريخ الذي جعل فلسطين أرضكم، فناموا قريري العين، ناموا بسلام لأنكم ما كنتم تنشدون إلا السلام.



#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نِصْفُ حُرّية أفْضَلُ مِنْ عَدمِها
- العرب والغرب .. نقطة جعلَتْنا نكتة
- الشباب يرسمون مرحلة جديدة
- محمود درويش غائبٌ في حَضْرتِه
- فرصتان أمام المسلمين
- أين استنكار المسلمين لمجزرة النرويج!!
- سيّارة -إسلامية-
- شاكيرا في إسرائيل
- إناث في انتظار -الاغتصاب-
- دون الحاجة إلى -العربية- أو -الجزيرة-
- القدس
- حزب النفاق.. الأكثر صدقاً
- احذروا العطْس.. فإنه -مؤامرة- غربية
- المقال.. للعائلات فقط
- مقطع -يوتيوبي- لمدرّس غير -يوطوبي-
- أكبر سجن في العالم.. عند العرب
- خياران لا ثالثَ لهما
- مجتمعٌ بلا امرأة حُرّة .. مجتمعٌ مهزوم
- فتح وحماس .. التحامُ الدم
- وكمْ أبٍ هو حاكمٌ ديكتاتور !!


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أبوعبيد - صبرا وشاتيلا.. الذكرى المنسيّة