أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الفلسفة بين الأدلجة والتسييس














المزيد.....

الفلسفة بين الأدلجة والتسييس


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 10:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



" التسييس هو بعيد أن يكون مجرد انعكاس للمصالح الاجتماعية بل هو أيضا مواصلة للثقافة بطرق أخرى"
لا نستطيع أن نتفلسف دون أن نعير اهتماما بالواقع الاجتماعي ونسهم في تغييره ولن ندخل الى رحاب الفلسفة بالمعنى الملموس للكلمة اذا ما أدرنا ظهرنا الى المشاكل السياسية لعصرنا وذهبنا بعيدا في تفكيرنا خارج الأطر الاجتماعية للمعرفة. لقد كان جيل دولوز مخلصا الى هذه الفكرة حينما بيّن أن السياسة تأتي قبل الوجود الانساني وبالتالي وجود انساني دون فعل سياسي ومشاركة ميدانية وتحمل للمسؤولية لا يستحق أن يعاش ويكون فاقدا للمعنى. أما ميشيل فوكو فإنه جعل من الاهتمامات السياسية المادة المفضلة للفيلسوف وكأن الفلسفة تنتعش عند الأزمات النفسية والاقتصادية ويتزايد الاقبال عليها حيث تتفاقم المشاكل الاجتماعية وتظهر العديد من الوضعيات القصوى مثل الفقر والبطالة والحرمان والقهر والمنع.
من المعلوم أن الفلسفة تطبخ في عقول المفكرين الأحرار عند اقبالهم وادبارهم ويتلقفها الباحثون عن الحكمة والتائقون الى الوجود الأشرف ولكنها تتكلس في مخابر الجامعة وتتعرض الى قولبة وتدجين. ومن المعلوم أيضا أن السياسة تصنع في الشارع والساحات من قبل العمال والثوار وتحفظ في قلوب الرجال وربات الحجور ولكنها تصادر وتحتكر من قبل محترفي الخداع والكذب وصائدي المصالح والفرص.
بيد أن المتفلسف لا يقف عند تحليل الوضعيات المتأزمة وتشخيص الأمراض وطرح الاشكاليات بل هو كذلك يساهم من موقعه النظري وانتمائه الثقافي في ايجاد مخرج وتقديم أجوبة واقتراح تصورات والعناية بالذات وتقديم استراتيجيات بديلة لجماعته السياسية ويضع نفسه على ذمة الكوكب الذي يسكنه.
يمكن أن نميز بين ظاهرتين وهما تسييس الفلسفة بمعنى توظيفها حزبيا وسلطويا وذلك عندما تعمد جهة معينة الى توظيف الفلسفة لمصالحها الضيقة ومحاولة تطويع الأفكار الفلسفية لبرامجها ومخططاتها الخاصة، ثم انخراط الفيلسوف في الشأن العام وممارسة مواطنته والاسهام في تشريع القوانين واحترامها.
ان المتفلسف الحقيقي هو الذي ينتصر الى التاريخ على حساب البنية وينغمس في التجربة اليومية عوض الاحتماء بالنظرية المجردة ويضع الانسان نصب عيني عوض التركيز على الأشياء والمادة ويكون واعيا بأهمية الحياة بدل الخوف من الموت والتنظير الى العدم ويقوم بتثوير طرق انتاج المعرفة بدل المحافظة على الآليات القديمة وتكرار نفس المقولات واجترار الآراء الشائعة والانسياق وراء الثقافة المعولمة.
ان اقتحام المجال السياسي من طرف مريدي الحكمة لا يعني بالضرورة أدلجة المعرفة وتسييس الفلسفة بقدر ما يدل على الاحتكام الى العقل في الخلافات بين وجهات النظر المتصارعة واعطاء الكلمة الى الفلاسفة من أجل أن يفصلوا المقال في ما بين الناس من خلاف واتصال وأن يحددوا وجهة المجتمع عند المنعطفات ويضعوا له برنامج عمل المرحلة القادمة ويساهموا في التأسيس والاسترجاع واعادة البناء.
لكن هل يقتضي كل الانخراط في العملية السياسية التزاما حزبيا معينا؟ وماهي المخاطر التي يقع فيها الفيلسوف جراء الالتزام الحزبي؟ وما العمل لتفادي ما وقع فيه هايدغار زمن الحكم النازي؟ وكيف يكون الفيلسوف مثقفا عضويا بالمعنى الذي يقصده أنطونيو غرامشي؟ وهل المطلوب هو استكمال الثورة أم المشاركة في الانتخابات والفعل النضالي الميداني في اطار اللعبة السياسية؟ ولماذا يمثل الترشح ضمن قائمات مستقلة ضرورة وطنية؟
المستقلون غير المنتمين الى الأحزاب والمنشغلون بمستقبل البلاد ومسار استكمال الثورة من شعراء وكتاب وصحفيين ومحامين وعاطلين وطلبة وشباب ومثقفين وعاملين مطلوب منهم اليوم وليس غدا الاصطفاف ضمن قوائم مستقلة والترشح لانتخاب المجلس التأسيسي وذلك لعدة اعتبارات أهمها:
- الحلم بتنظيم أول مرة انتخابات حرة ونزيهة في الوطن وعدم تفويت هذه الفرصة التاريخية التي وهبها الشعب للمهتمين بالشأن العام والمشاركة الفعالة فيها والمساهمة الايجابية في الانتقال الديمقراطي من لحظة الثورة الشبابية الى لحظة بناء الدولة العصرية.
- مرونة القانون الانتخابي وسماحه للمستقلين بالمشاركة ضمن قوائم عن كل الدوائر والترشح بشكل فردي مع ضمان نفس الحظوظ مع بقية الأحزاب والهيئات السياسية.
- التصدي للثوريين الجدد والملتفين على منجزات قيامة 14 جانفي من قوى الارتداد والمتسلقين والمتزلفين صائدي المواقع وقانصي الغنائم والزعامات الفارغة والعمل على اردة الحياة و تكريس الاختلاف والتنوع والتعددية فعليا والحيلولة دون اعادة انتاج نفس المنظومة التسلطية والقطع مع الشمولية.
- الايمان بقدرة شباب الثورة ونسائها على العطاء والبذل وفسح المجال أمامهم من أجل الترشح بشكل مستقل وتعزيز الثقة لديهم في امكانية التعاون على صناعة المستقبل بالنسبة للوطن وخلق نخب سياسية جديدة تمثل تونس العماق وتعبر عن جميع الشرائح ومختلف الجهات والأطياف.
- العمل على تكوين قوة جذب مضادة لمشاريع الهيمنة واستراتيجية السيطرة والأدلجة الزائفة والنظريات القديمة التي بين التاريخ فشلها وبدأت تتهاوى أمام الأنظار وتحقيق المصالحة مع الدين وحماية المقدسات والدفاع عن الطبقة العاملة والقوى الثورية و اعادة الاعتبار الى القومية العربية والنهج الوحدوي ضمن رؤية جديدة و ضمان الحريات الشخصية واعطاء الحقوق الثقافية للأقليات.
- اقتراح جملة من الأفكار المبتكرة والمبادئ التجديدية التي تعكس الحراك الشعبي والثورة الثقافية والمساهمة في كتابة دستور عقلاني يواكب التطورات الحضارية ويحترم روح الهوية والمدنية.
لكن الى أي يمثل الابقاء على وضع الاستقلالية التنظيمية حلا للورطة الحزبي وحفظ ماء الوجه من التلوث فصائلي وتوجها نحو الفعل السياسي بالمعنى النبيل للكلمة؟
المرجع:
Louis Pinto, la théorie souveraine, les éditions du CERF, Paris, 2009
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنظمة العربية بين الصعود والهبوط
- متابعة كتاب -الثورة العربية وارادة الحياة، قراءة فلسفية-
- السيادة بين المطلق والنسبي
- مفارقة السلطة والعنف
- الثورة الرقمية والفعل الافتراضي
- تعاقب النظام والفوضى على المشهد العربي
- طبيعة التحولات المعاصرة
- الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني
- الاسلام المستنير وأهمية العمل السياسي
- فهم الظاهرة الشمولية
- فصل المقال بين السياسة والدين
- المد الثوري العربي واستحقاقات المرحلة
- الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية
- سيكولوجيا الشعوب والعقل الجمهوري
- الحرية للأفراد والسيادة للشعوب
- فلسفة الثورة التونسية
- المعقول واللامعقول عند جوليان فروند
- الارتقاء بأخلاق المهنة
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الفلسفة بين الأدلجة والتسييس