أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - دانيال نعمة - ذكريات عن جريدة “النور”في سلسلتها الأولى (كتبها دانيال نعمة)















المزيد.....

ذكريات عن جريدة “النور”في سلسلتها الأولى (كتبها دانيال نعمة)


دانيال نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:01
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


أنا لست صحفياً ممتهناً في الأصل، ولم أسع كي أكون صحفياً، وكنت سابقاً قد كـُلـِّفتُ حزبياً بالعمل في المحاماة، وسُجّلت في نقابة المحامين في اللاذقية، وبقيت أمارس عملي في المحاماة مدة قصيرة بين عامي 1952 و1953. وفي اللاذقية اعتقلت، ومنها أرسلت إلى سجن تدمر.
بعد الإفراج عن المعتقلين والعودة من تدمر استدعيت من اللاذقية إلى دمشق للعمل في المركز، وكان الحزب قد قرر أن يُصدر جريدة له في سورية، وأمكن الحصول على امتياز جريدة (النور)، وسُجِّـلـَت باسم المحامي الحمصي الرفيق عبد الباقي الجمالي، كما استـُدعي أيضاً الرفيق ظهير عبد الصمد للعمل في هذه الجريدة، التي كانت تصدر في المراحل الأولى أسبوعياً وليس يومياً.
كان مقر الجريدة الأول مقابل الهافانا، في شقة تقع في الطابق الثاني مؤلفة من غرفتين واحدة منهما ضمن الأخرى، أي أن الانتقال إلى الغرفة الثانية كان يتطلب المرور بالأولى. وقد شغل ظهير عبد الصمد مسؤولية رئيس تحرير الجريدة، وكنتُ أنا المحرر الثاني فيها. وكنا نعمل واصلين ليلنا بالنهار، وأول مجيئي إلى دمشق كنت أنام في مكتب الجريدة، إذ كان عندي فراش أمده في آخر الليل على الطاولات، وأنام إلى الصباح. وكنا نستقبل زوار الجريدة ونكتب ونحرر المواد في هذا المكتب، وكان المسؤول السياسي عنا هو الرفيق خالد بكداش، وكان ظهير يمرر إليه المقالة الافتتاحية وكذلك المقالات الأساسية. وكنا مشتركين بنشرات للأخبار، وتعاونـَّا مع صحف أخرى مثل (الرأي العام) وغيرها.
استمرت الجريدة فترة غير قصيرة على هذا الوضع، ثم بنيت مطبعة للحزب هي (مطبعة الوفاء)، وكان مقرها في ساحة باب توما. فيما بعد انتقلت الجريدة إلى مقر جديد، وهو المقر الذي أصبح حالياً مقراً للجنة المركزية للحزب.
في عام 1954 صار الرفيق خالد بكداش نائباً، وكانت الجريدة تغطي أشياء كثيرة، بدءاً من الأخبار الدولية إلى التعليقات وأخبار مجلس النواب، وكانت تنشر خطب خالد بكداش ومداخلاته، وتشير إلى مواقف الآخرين حول مختلف القضايا، ونشرت المناقشات الجارية بين مختلف الأحزاب. كان نشاط مجلس النواب فيه الكثير من الحيوية، وكانت حرية الصحافة موجودة ودمشق ممتلئة صحفاً، وكان للأحزاب صحافتها، وكذلك الشخصيات السياسية، فقد صدرت جرائد (الرأي العام) و(القبس) و(النصر)، وصدرت جريدة السوريين القوميين (البناء) وجريدة الإخوان المسلمين (المنار)، وأصدر عدنان الملوحي (الطليعة)، وكان صديقاً لنا يكتب عندنا، وينشر لنا وللاشتراكيين العرب... إلخ.
لم يطل عمل ظهير في الجريدة، إذ يبدو أنه اختلف قليلاً في فترة من الفترات مع الرفيق خالد، ولم يكن ذلك خلافاً فكرياً أو سياسياً، لذلك عاد إلى حمص، وأتى الرفيق فرج الله الحلو ليستلم مسؤولية الجريدة، أي ليصير رئيساً للتحرير. والتحق بالجريدة محرر من لبنان، وصارت هيئة التحرير تضم الرفاق فرج الله الحلو وحسن فخر من لبنان ودانيال نعمة من سورية. وكان الرفيق يوسف الفيصل يكتب فيها أحياناً، وقد أتى الرفيق نقولا الشاوي وعمل فيها كذلك فترة طويلة. وهكذا فإن شخصيات حزبية انتقلت من لبنان إلى دمشق للمساهمة في عملها.
كان عبد الباقي صاحب امتياز الجريدة من المحررين الرئيسيين، وصار حسن فخر محرراً ثابتاً ومختصاً بالقضايا المالية. وكان الأديب مواهب الكيالي يكتب زاوية يومية أحياناً فيها نفحة أدبية تحت عنوان (خيط من نور)، وفيما بعد أصبحت أنا متخصصاً بكتابة تقارير عن مناقشات مجلس النواب. وأحياناً كانت الجلسات تستمر إلى منتصف الليل، لذلك كنت أعمل حتى الثالثة وأحياناً حتى الرابعة أو إلى الفجر لكتابة الريبورتاج وما قاله الرفيق خالد بكداش والآخرون، فيطلع عليه خالد، ثم ترسل المواد إلى المطبعة لتُصفّ وتدقق، وكانت تجري التعديلات على المانشيتات في آخر لحظة قبل صدور الجريدة.
الرفيق رشاد القوتلي كان المشرف الرئيسي على المطبعة، والمرحوم جرجس الهامس الذي كان شاباً آنذاك عمل في المطبعة، وكنا نتعاون بعد صدور الجريدة على رزمها وتوضيبها وإرسالها إلى المحافظات. وهكذا، كنا لا ننام في المرحلة الأولى إلا بعد أن ينتهي التحرير والإخراج والطباعة والإرسال. وبعد فترة من الزمن اشتغل آخرون في الجريدة، وتابعوا القضايا المالية والإدارية والتوزيع، لكن العمل الرئيسي والأساسي كان التحرير، وقد قاده فرج، وكان خالد بكداش يشرف عليه.
ومع متابعتي لجلسات مجلس النواب، فقد كنت أتابع ما ينشر في الصحافة السورية، وكنت آخذ من هذه الصحف ما يهمنا تعميمه، فيعاد نشره عندنا، وكنت أكتب تعليقات صغيرة وأخباراً مختصرة (خبر مع رأي وتعليق مختصر)، وأحرر عدة أخبار يومياً للصفحة الأولى. وفي فترة الإعداد للانتخابات البلدية كـُلـِّفت بكتابة سلسلة من المقالات لشرح قانون الانتخابات بصفتي محامياً، وكان ذلك في عام ،1956 فقد صدر ذلك القانون، وبدأت على أساسه حملة توعية إعداداً لتلك الانتخابات، وقد بدأت السلسلة بشرح القانون بمقالات خاصة، لأن الانتخابات كانت على نطاق البلاد، وكان ينبغي إعداد الحزب وكادراته في هذا المجال. وكانت تردنا رسائل من كل أحياء دمشق، لذلك كنت أتابعها وأدققها، ثم ننشر مقالات نتناول فيها أوضاع تلك الأحياء ومطالب سكانها والنشاطات التي تجري فيها دفاعاً عن هذه المطالب.
وكتبت مقالات تابعت فيها أخبار محاكمة القوميين السوريين بعد حادثة اغتيال عدنان المالكي، كما كتبت مقالات وأخباراً تتعلق بالفلاحين.
وذات مرة كـُلـِّفت بكتابة بيان بمناسبة يوم الطفل العالمي في الأول من حزيران، وقد كتبته ونشر دون أي تعديل، وكان قطعة جميلة جداً.
وتقرر عقد مهرجان للشباب والطلاب في فرصوفيا (وارسو)، وسافر الوفد السوري عبر البحر عن طريق اللاذقية، وقد تخيَّلت نفسي بينما كنت جالساً في دمشق وكأنني جالس على الطابيات، فرأيت كيف خرج سكان اللاذقية على متن الزوارق المرافقة، لوداع الوفد المبحر الذي كان ينبغي أن يذهب بالباخرة إلى بوخارست أولاً، ومن هناك يتابع طريقه. وقد اطلع الرفيق فرج الله على الريبورتاج المنشور في جريدة (النور)، وأبدى استغرابه لما وجده فيه، إذ بدا وكأن مصوراً أو رساماً واسع الخيال كان يتابع هذا النشاط والتقط له صورة فوتوغرافية. وقد سألني كيف تخيلتُ ذلك وأنا لم أذهب إلى هناك، فأجبته بأنني عملت في اللاذقية فترة طويلة، وقد سبق لي أن ركبت على الطابيات، وسمعت أخبار النشاط التحضيري الذي جرى سواء في اللاذقية أم على نطاق البلاد، لذلك اتضحت الصورة في ذهني وكتبتها.
وقد يُسأل ربما تكون قد كتبتَ مئات الصفحات، فلماذا تتذكر هذا الأمر بالذات؟
وجوابي بسيط، لأنه كان من الأشياء البارزة المميزة.
آخر شيء كتبته في جريدة (النور) بسلسلتها القديمة كان عن بيت يهدم في الديوانية، وقد ذهبت لتغطية الحدث، وكان لدينا شعار بأنه لا يصح هدم بيت قبل تأمين بيت بديل لساكنيه. وحول هذا الأمر جرى نقاش كبير في مجلس النواب، وقد لعب الشيوعيون والاشتراكيون العرب دوراً كبيراً في إصدار قوانين تحمي الساكنين، وتثبت حقوقهم في ضرورة تأمين بيوت لهم قبل هدم البيوت الموجودين فيها، وكان هذا الأمر يدل على أن الحزب، إضافة إلى اهتمامه بالخطوط الكبرى للاتجاهات السياسية، كان يهتم كثيراً بمطالب الناس، وبضمن ذلك تلك المرتبطة بقضاياهم الحيوية وحياتهم. وقضية السكن كانت إحدى القضايا غير البسيطة. وقد كتبت الريبورتاج المتعلق بهذه القضية ليلة سفري، ومررت صباح اليوم التالي بمكتب الجريدة بينما كنت ذاهباً إلى المطار القديم في المزة كي أسافر، وأخذت معي نسخة من عدد الجريدة، واحتفظت بها طيلة فترة إقامتي في الاتحاد السوفييتي خلال مرحلة الدراسة.
من الحوادث اللافتة للانتباه في الجريدة قبل أن ننتقل إلى مقر (النور) الموجود في ساحة الشهبندر، هو ما حدث مرة في مكتب النور الأول المقابل للهافانا، الذي كان يجاور مكاتب لآخرين. فقد كان لغرفة التحرير شباك يطل على فندق كانت تقيم فيه مجموعة من الفنانات الراقصات اللواتي كن يؤدين تمارينهن بالمايوهات، وكنت أنا وظهير عازبين في الثلاثينيات من العمر، وما كان معقولاً أن نشاهد كل هذه الأجساد الملتهبة والمتمرنة دون أن نختلس النظر. وفي مرة من المرات جاءنا رفيق رضا، وقد مزحنا أمامه أنا وظهير مزحة بخصوص الصبايا. وفي اجتماع رسمي للقيادة في بيت الرفيق إبراهيم بكري ألقى رفيق رضا مداخلة ضدنا، وتساءل إن كنا في الجريدة نعمل أم نتلهى بالبصبصة إلى الراقصات، وصار الرجل شيخاً وقوراً وكائناً يغض الطرف باستمرار كلما بدت له جارة، وحوَّلنا إلى أشخاص لا عمل لهم إلا النظر إلى النساء، وحاول جهده أن يظهر بمظهر المدافع الرصين عن الأخلاق. والحقيقة أنه لم يظهر من أيّ منا في هذا المكتب أي عمل يمكن أن يخجل منه، لكن الشباك كان ينبغي أن يفتح، والسطح الذي كان يجري عليه التدريب يقابلنا، وما كان ممكناً أن نغلق هذا الشباك، إذ لا يوجد غيره والوقت صيف، وعلينا أن نعمل في هذا المكتب.
وقد تبيَّن فيما بعد أن ما قاله رفيق رضا كان فيه الكثير من الرياء.
لقد كانت لنا علاقات مع صحيفة (الرأي العام) وكنا نزور محرريها أحياناً، ونأخذ إليهم مواد للنشر عندهم، وفي هذه الصحيفة كان يعمل منذر الموصلي، وهو من أنصار عبد الغني قنوت الآن، ولا يزال صديقنا حتى الآن ونلتقي به. وقد عمل في تلك الصحيفة جبران كورية، الذي يعمل الآن مستشاراً في القصر، ، كما عمل هناك أيضاً أحمد عسِّة، الذي كنا نوصل إليه موادنا، وكانت لقاءاته الأساسية مع خالد بكداش، وأتذكر أن نجاة قصاب حسن عمل في (الرأي العام)، وقد التقينا به مرات هناك.
على كل حال فترة عملي في جريدة (النور) الأولى لم تكن طويلة كثيراً، وقد دامت من عام 1954 إلى عام ،1956 أي نحو سنتين ونصف، وقد عملت فيما بعد في صحافة الحزب السرية.
حول مطبعة (الوفاء)
لقد جمع ثمن مطبعة الوفاء من الناس، أي من الرفاق والأصدقاء، وقد نظمت حملة واسعة جداً من أجل ذلك، وتراوحت التبرعات لها بين نصف ليرة وألف ليرة. وقد كانت المرحومة فلك طرزي صديقة للحزب ووجهاً نسائياً ديمقراطياً، ولا أعلم لماذا لا تكتب رفيقاتنا عنها وعن دورها. وقد كانت من عائلة غنية، وأتذكر أنها طلبت منا أن نزورها كي تدفع لنا تبرعاً، وقد مررت إلى بيتها، فاستقبلتني استقبالاً ودياً جداً، ودفعت آنذاك خمسمئة ليرة سورية، وكان هذا المبلغ محرزاً.
وأذكر أيضاً أن بشير العظمة، الذي صار رئيساً للوزراء فيما بعد، وكان وزيراً في عهد جمال عبد الناصر، قد استقال برضا جمال عبد الناصر، لأنهم أخذوا عليه أنه فيما مضى تبرع من أجل شراء مطبعة للحزب الشيوعي.
الحزب الشيوعي كان علنياً، وقد حاولت جريدة (المنار) الادعاء أن مطبعة الحزب قد بنيت بأموال سوفييتية، لكن الحزب رد رداً قاسياً على المنار، وكان من الردود المفحمة عليها القوائم التي نـُشِرَت بأسماء المتبرعين. كانت مطبعة (الوفاء) مطبعة متواضعة، ثم توسعت، وكانت تصدر فيها إضافة إلى الجريدة كتب وروايات، مثل رواية (مكاتيب الغرام) للأديب حسيب كيالي، التي خلقت مشكلة بين الكتاب، من هو مع ومن هو ضد، وقد عدَّ الكتاب خالد بكداش متحيزاً لآل الكيالي، ويميِّز حسيباً ومواهب على حساب حنا مينه والآخرين.
في هذه المطبعة عمل أخي يفتاح، ومنها فيما بعد أرسل كي يستلم دار (الفارابي) في بيروت عوضاً عن هيفاء الطويل، وقد عمل في بيروت فترة طويلة.
وفي هذه المطبعة عمل كذلك بعض أولاد المرحوم جبران حلال في صف الأحرف، وأظن أن جميل حلال كان أحد من عملوا قبل أن يصبح موسيقياً، وهناك عمال آخرون اشتغلوا في المطبعة، وقد نسيت أسماءهم، وإذا سألنا رشاد القوتلي فلربما تذكر من عمل فيها.
هذه المطبعة صودرت في عهد الوحدة، وبعد أن عدنا إلى العلنية أقيمت دعوى، وحكمت المحكمة بضرورة إعادتها إلينا، فالمطبعة كانت مسجلة باسم مراد القوتلي، الذي كان مهندساً مرموقاً ومليئاً مادياً، لكن وزارة الثقافة ادعت أنها جددت في المطبعة وأضافت إليها، لذلك بقيت المطبعة في حوزة الوزارة، وقد وعدوا بدفع 90 ألف ليرة سورية آنذاك، دون أن يفعلوا.
بالمناسبة، كنا نعمل آنذاك في مكتب النور، ونحرر المقالات، ثم نأخذها إلى المطبعة ونعود إلى مقر الجريدة لنكمل عملنا، وكان كل تحركنا دون سيارة، أما الآن فيحتج العاملون في الجريدة على وجود نقص في السيارات.
صدى المؤتمر العشرين في سورية
أتذكر أن وفد حزبنا إلى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي كان كبيراً ومؤلفاً من خالد بكداش ويوسف الفيصل وصوايا صوايا وآخرين من لبنان، وقد كتبت حول هذا الموضوع. كنا ننتظر أن يجري تمجيد لا مثيل له لستالين، وإذ بالعكس تماماً هو ما جرى، فقد تناقلت وكالات الأنباء أخباراً عن تقرير خروشوف وعن عبادة الفرد. في هذه الفترة بالذات أصيب فرج الله الحلو بنوع من الانكماش، وهو الذي كان كله حمية ونشاط ومتابعة، ولذلك فقد أخذت أخبار المؤتمر العشرين تتقلص في جريدة (النور)، ولم يعد لها ذلك الزخم. وقد رجع صوايا صوايا من موسكو إلى دمشق، وقد يكون رجع معه يوسف الفيصل، وعقد اجتماعاً مع فرج الله، وجرى انتقاد له لأن الجريدة لا تعكس كما ينبغي أخبار المؤتمر العشرين، وقيل له إن هذا تقصير غير مقبول، وعادت الجريدة لتنشر أخباراً أوسع عن نتائج المؤتمر العشرين، ونشرت مطبعة (الوفاء) كل الخطب الرئيسية التي ألقيت في هذا المؤتمر.
وقد ألقى خالد بكداش خطاباً هناك، ونشرناه في جريدتـَيْ (النور) و(الرأي العام)، أي سعينا لنشره في أكثر من جريدة في الوقت ذاته، و(الرأي العام) آنذاك كانت جريدة واسعة الانتشار جداً، ولها نفوذ كبير في أوساط معينة، ولها علاقة بالاشتراكيين العرب، ولأكرم الحوراني نفوذ عليها، كما كان لخالد العظم علاقة بها أيضاً، وكانت هذه الجريدة مقروءة في أحياء دمشقية كثيرة، وخصوصاً افتتاحياتها وأخبارها الصغيرة التي كانت تنشرها، وهو الأمر الذي تأثرنا به، وحاولنا أن نفعل مثله في (النور).
استـُقبِل الوفد العائد وخالد بكداش استقبالاً واسعاً جداً، وكان هناك عدة ألوف في مطار المزة ينتظرونه، وكنت أنا واحداً من الذين ساهموا في التنظيم واللقاء والكتابة في الجريدة، وقد شاركتْ في هذا الاستقبال وفود من كل أنحاء سورية ومن لبنان، ومرت وهي آتية من المطار إلى ركن الدين أمام البرلمان، وكانت تصل إلى ساحة الشهبندر بالقرب من جامع الكويتي حالياً، فتتوقف الباصات هناك، ثم تتابع الوفود سيرها باتجاه ركن الدين على شكل عراضات متتالية، وكان هناك نهر من الناس، الذين مروا خلال فترة طويلة من الزمن، وقد أحدث هذا الأمر نوعاً من الرعب، فقال النواب لخالد بكداش في البرلمان
- هل هي مظاهرة تخويف؟ هل تريد أن تخيفنا؟
حول المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، الذي انعقد في شباط من عام ،1956 جرى اجتماع للجنة المركزية في أيار من ذلك العام، وأصدر الاجتماع سلسلة من القرارات، فقد أدان الاجتماع عبادة الفرد، وأعلن أهمية المؤتمر العشرين، وقد حدث فيه أمر طريف جداً، إذ أعلن خالد بكداش أنه لا توجد في الحزب الشيوعي السوري عبادة فرد، لكن يوجد قائد تُلْقى كل الأعمال على عاتقه، وهناك مجموعة من القادة عددهم كبير، لكنهم يفتشون عن الأعمال السهلة، وبمعنى آخر فهناك شخص واحد فهيم والآخرون ليسوا على المستوى، وكانت نقطة الضعف في القرار أنه مظهر من مظاهر عبادة الفرد، وقد لقي هذا الأمر انتقاداً شديداً فيما بعد في المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي السوري، وقد ذكـِّر به كثيراً، ولو أخذنا الناس الذين يتبنون هذا الجانب من خالد بكداش، فسنرى أنهم يدينون المؤتمر العشرين، ويعدُّونه كارثة.



#دانيال_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معذرةً أبا فياض لقد قصَّرنا بحقك وحق حزبنا كثيراً


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - دانيال نعمة - ذكريات عن جريدة “النور”في سلسلتها الأولى (كتبها دانيال نعمة)