|
هل العراق عظيم
واثق غازي
الحوار المتمدن-العدد: 3485 - 2011 / 9 / 13 - 02:02
المحور:
الادب والفن
هل العراق عظيم ؟ كل يوم تقريباً ، أسأل نفسي : هل العراق عظيم ؟ هل بلدي عظيم ؟ ، أسمع هذه المقولة تتردد في مناسبة ومن دونها ، هل عليَّ أن أصدق هذه المقولة ؟ وأن أنقلها بشكل ما إلى أبنائي ، لتبقى في ثلاجتها الأبدية محافظةً على كل خصائصها الخارجية ، من العمق التاريخي ،إلى التكوين الجغرافي ، إلى القياس المتري لآباره النفطية التي لا قرار لها . طبعاً سيقذفون صورتي بالأحذية عندما يتأكدون من إنني كنت كاذبا وموهوماً بالتبعية ، كما هو حال الجميع اليوم ! متى كان العراق عظيماً ؟ إذا كان اعتبار ما وصل إلينا من (رُقم ٍ ) طينية هو الدليل على تحضر مَن قطنوا هذه الأرض قبلنا ، فأن في أرجاء الأرض كلها يتوزع ما يماثلها من حيث الغرض والنشأة ، والفارق بين (أطلالنا ) و ( أطلال ) الآخرين ليس بالمهم بالقياس على مدى الإفادة منه كعمق مؤسس لحاضر يمتلك ديمومة المستقبل ، ولم نكن يوما مشمولين بهذا الطرح أبداً . وإذا رددنا بكل ما أوتينا من عنتريات (نحن العجلة الدوارة ، نحن المسلة ، نحن قنوات الرّي ، نحن الزراعة ) فلا بد أن يخفت الصوت ليأتي صداه سريعا ً :من أنتم ؟ إذا كان ماضيكم قد أفتقر الوسيلة ليؤسس لحاضركم ؟ . هنالك أمم كان لها: الحرفُ ، والخزفُ ،وأخرى لها المدن المشيّدة .. لقد تركوها عند أول حاجة إنسانية ,وانطلقوا بكل قوتهم نحو فضاء أرحب ، فضاء قابل للحياة . ليس معنى هذا أنه يجب إنشاء قطيعة مع الماضي ، ولا يعني تمجيد الروابط معه حد السذاجة والسخف الذي لا طائل من ورائه ، أن الشعوب الواعية تتعامل مع التأريخ باعتباره مُنتج : لك أن تبتاعهُ متى شئت وأن ترمي به في أول حاوية قمامة متى لم يوفر شروط التفاعل مع حالة البقاء . هل من يدلّني على نقطة بيضاء واحدة في جبين حاكم (ممن حكموا العراق ) وبدون مزايدات على آلام الإنسان العراقي بالقول : (فلان زيّد فلس ، وعلان نص كيلو طحين ) ومن كان قبلهم أسوء حدّ التقيؤ . لم ، ولن ، يمر حاكم عادل في العراق (العظيم) كما يصفهُ الحكّام الذين مرّوا على خزائنه وتركوه وأهلهُ جياع متخلفون عن المعرفة ومواكبة العالم قرون بكل ما تحمل هذه المفردة من معنى . لم أنسى أو أتغافل عندما تحولت بالحديث من عصر الطين ، إلى العصر المُهين لكرامة الإنسان العراقي ، حيث أن ما يقع بين هذا وذاك لهو تاريخ ملؤه الدم والخراب وتأسيس الفرقة والبغضاء ، زمن من الانتكاسات التي لو أردنا جردها لما وسعتها أوسعُ ذاكرة رقمية ، لا شيء في هذه البقعة من الأرض يدل على عظمتها ! أن كل أمجادنا نحن العراقيين عبارة عن خرافة . وليس للأمر علاقة برابطة المكان ، فالمكان يحمل معه أشياء تخص الفرد ، ولكي لا يختلط الأمر على المتلقي نقول : هناك من يجهل الفصل بين المكان والشعب الذي ينتسب لمكانٍ ما ، نحن قطعا ً نحب العراق المكان ونحزن لأمر العراق الشعب . الشعب الذي لا مفخرة له نتباهى بها بالمعنى البسيط أمام الأمم .. ماذا أنتجنا منذ مئة عام في شتى المعارف ؟ ماذا بنينا منذ مئة عام على المستوى العمراني ، قياساً بأصغر دولية مجاورة لنا ؟ ما هو رصيدنا أمام الإنسانية ؟ سوى تلك الحروب التي خضناها بإرادة قادتنا العظماء على الدوام ،وبمباركة مرجعياتنا الرشيدة على مدى الدهور ، منذ الإفتاء بحلية قتل الحسين أبن علي بدعوى أنه بغى على إمام زمانه ، إلى جواز القتل على الهوّية ،تقليصاً للنوع المضاد للطائفة المذعورة .. العراق عظيم : مقولة بحاجة للفحص : كيف يكون العراق عظيماً وثلاثة أرباع أراضيه بور ؟ وثلث سكانه تقريباً لا يملكون سكناً ، بدليل العشوائيات التي هي منجزنا العمراني الأحدث ! كيف يكون العراق عظيما ً ، وخيرة من أبنائه يملئون منافي العالم مطرودين أو فارين ؟ كيف يكون العراق عظيماً ، وفي داخله وزارة للمهجرين فيه ؟! كيف يكون العراق عظيماً ، وفيه رجال دين ، بعد أكثر من مليون مسلوب الحياة منذ العام 2003 ولم ينتحر منهم أحدا احتجاجاً على أمر الله ! بماذا هو عظيم : بخسارة طرفه الشمالي ، بعد أن سام حكامهُ قاطني الشّمال مُرَّ العذاب ، إلى الحدّ الذي جعلهم يغادرون انتماءهم لعظمتهِ بالفدرالية أو بالقادم من ويلاتها ، التي تلوح للطرف الجنوبي بالمصير ذاته ، لكن بمقاسات مختلفة هذه المرة ؟! بماذا هو عظيم : بإعادة انتخاب من لا هَمَّ لهم سوى نهب ثرواته ، وسينتخبهم مرةَ أخرى من باب الاحتياط الوجوبي ، وأخرى دفعاً بالضرر الأصغر ضرراً أكبر ،وهكذا كلما نضج جلد الشعب بدلوا جلده ولن تأخذهم في تردّيهِ لومتَ لائم ..إنهم حكامهُ الذين كسروا قواعد تعامل المستعمر : - منذ أن نشأ الاستعمار وفي كل ارض يدخلها يقدم من باب (كسر الخاطر ) بعض البنى التحتية ، بعض المساعدة في بناء الإنسان ، فتح مجالات للمعرفة محدودة . إلا في العراق : لقد علمَ حكامهُ مستعمريه كيف يكونوا آيات الله في اللصوصية .. - ما الذي يلوح في الأفق يجعلنا نطمئن لمستقبل العراق ؟ ماذا تحقق بعد كل انكساراتنا عبر تأريخنا المعاصر على شتى الصُعد ، لكي نأمل أن يتحقق مثلهُ بعد هذه السنوات التي تمتعنا بها (بالموز ، والستلايت فاتح الشفرة ،والموبايل ،والديموقراطية على طريقة (طك وشرد) الأمريكية ، التي سمحت لكل( عشرة من فتاحي الفال ،ومثلهم ممن أسلموا بعد واقعة الجمل ، يوآزرهم بعثيٌّ وذميّ ، برعاية من دول الجوار، أن يشكلوا حزباَ لا منجاة من فوهات بنادقه ) عراق عمقه في التاريخ عمق الوجود ولا ينتج حاكما واحدا عادل .! عراق ثرواته يسلح عليها الطير والوحش ، وأبناءه إلى اليوم من مقاعد الدرس إلى (العمّالة) ومن يتشطّر منهم ويحصّل الدال قبل أسمه ، إما أن يفر بجلده أو يتحول مصاص دماء حقيقي كامل الموصفات ، إلا من رحم ربي وهم ... ما يدفعني للسؤال : هو عجز بلدي عن إنتاج أناس نوعيين يأخذون بزمام الأمور . إذا كنا اليوم نمتلك ثلث احتياطي الأرض من النفط ، ونحن جياع عراة نتعامل بمنطق الغابة من رجل الشارع إلى رجل السياسة إلى رجل العلم إلى رجل الدّين ، من الطفل إلى الكهل ، متى يمكن أن نتحضر ؟ متى تعود علينا منفعة الثروة بتطوير ذواتنا ؟ أم نحن شعب متخلف إلى الحد الذي لا يستحق ما يمتلك ،ومتشدق بالشعارات التي جعلته في المرتبة ألأخيرة في كل شيء وعلى الدوام .؟
#واثق_غازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أمل دنقل
-
بيت
-
جنوبيون
-
اتجاهات الشعرية
-
النبيَّ الورقيَّ
-
وصية حامل الرّاية
-
إنجاز الرؤية
-
إنفتاح الحقل الدلالي
-
الطائر والذئبة
-
النقطة أم الحرف
-
المفقود
-
سدهارتا
-
المفرد الثاني / إلى الشاعر موفق محمد
-
يا امراة الوجع الحلو
-
الحكاية لا يخدعها الغياب
-
ألإشارات المضيئة/ج4
-
إلى القاص:محمد خضير/ساعة جبريل
-
ألأشارات المضيئة /ج3
-
ألإشارات المضيئة/ ج2
-
ألإشارات المضيئة / قراءة في منجز الشاعر عبد الرزاق صالح/ج1
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|