أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - البديل- ناشطو مناهضة العولمة في سورية - سورية: الأزمة المركبة















المزيد.....

سورية: الأزمة المركبة


البديل- ناشطو مناهضة العولمة في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1037 - 2004 / 12 / 4 - 09:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


سورية: الأزمة المركبة

أعلنت الصحف الحكومية مؤخرا عن ارتفاع الأسعار بنسبة 15 بالمئة، مما يعني أن الحكومة قررت ترك المواطن تحت قبضة السوق. وفي الوقت نفسه أعلن القانون الأساسي للعاملين الذي احتفظ بمادته ذات الرقم137 والتي تسمح بالفصل التعسفي للموظفين والعاملين دون حق الاعتراض حتى قضائياً. وتعلن الحكومة على لسان وزرائها وكبار موظفيها أنها حسمت أمرها باتجاه اقتصاد السوق وبأنها لا تنوي بيع القطاع "العام" بل طرحه للاستثمار الخاص عن طريق عقود.
وان لم نكن أبدا نشارك خرافة ممن كانوا- وبعضهم ما يزال- يعتقدون، من أطراف اليسار التقليدي، أن وجود وكبر قطاع عام هو من سمات الأنظمة "الاشتراكية"؟، ولكننا هنا نطلب من هذا الوزير أن يتفضل ويشرح لنا من وجهة نظر الأرباح ما هو الفرق بين الملكية الخاصة والحيازة.
مترافقاً مع كل ذلك تضخ السياسات الاقتصادية-الاجتماعية للحكومة كل عام 300 ألف باحث (أو عاطل) عن العمل، وفق الإحصائيات الرسمية. وعندما تجرأ عدد من طلبة كليات الجامعة الاحتجاج على قرار الحكومة – المفاجئ- في شباط/فبراير بالتخلي عن التزامها بتوظيف الخريجين من كليات الهندسة.نسقت الأجهزة البيروقراطية للجامعات عملها مع الأجهزة الأمنية فقامت الأولى بفصل عدد من الطلاب من الجامعة أما بشكل نهائي أو لعدة دورات وقامت الثانية باعتقال عدد من الطلبة مازال اثنين منهم هما الطالبان مهند الدبس ومحمد عرب أمام محكمة امن الدولة بتهمة مناهضة أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية.
من الواضح أن الحكومة السورية تتخلى بتسارع كبير عن دور الدولة القديم أي دولة "رعاية"، وتفسح في المجال واسعاَ لآليات السوق وللسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة بدون ضوابط.لكنها، وهي إن تفعل ذلك فأنها ترغب بتحقيق هذا الانتقال تدريجياً وبأقل تكلفة ممكنة من الإصلاحات السياسية والحريات الديمقراطية. أي أنها تريد إجراء هذا الانتقال خلسة ومن فوق دون السماح لقوى المجتمع حتى بابداء الرأي فكيف المشاركة.
يقر-أخيراً- ألان مينك- أحد ابرز الليبراليين الجدد الفرنسيين في كتابه الأخير(هذا العالم القادم) بان اقتصاد السوق لا يعني بالضرورة حلول الديمقراطية، وأيضا مثاله على ذلك هو الصين الذي يرى بأنها تشهد رسملة شديدة التوحش –حتى بالنسبة لواحد من اشد دعاتها- بغياب مطلق للديمقراطية، تذكره ببدايات النشوء التاريخي للرأسمالية. ويرى( مينك) بان اقتصاد السوق بحاجة إلى " شئ" ما من الديمقراطية لتحقيق الاستقرار والتوازن له.
اتفاقية الشراكة الأوربية – المتوسطية
كانت سوريا آخر الدول التي وقعتها بالأحرف الأولى في 19 تشرين أول/ أكتوبر، هذه الاتفاقية إنما تقوم أساسا على مفهوم وهدف استراتيجي أوربي مزدوج: شقه الأول هو إقرار الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة و شقه الثاني يرافق الأول ويليه وهو دمج المنطقة في اقتصاد السوق، وان من شروط تحقيق هذا الهدف هو القيام بإصلاحات سياسية مما يعني احترام حقوق الإنسان وفتح المجال أمام المجتمع المدني ونشاطاته. هذا ما أشار إليه بوضوح إعلان برشلونة للدول الأوربية عام 1995. انه مرة أخرى الحاجة إلى حديث عن "شئ" من الديمقراطية لتحقيق الاستقرار وحفظ ماء الوجه.
لا يختلف كثيرا "مشروع الشرق الأوسط الكبير" للولايات المتحدة في أهدافه الاستراتيجية عن المشروع الأوربي، الفارق الأساسي حتى الآن بينهما، - بل هناك مؤشرات عدة على بدء التحاق الأوربيين بالطريقة الأمريكية-، هو أن الأوربيين يعملون على المدى البعيد محاولين دفع الأنظمة إلى إعادة تأهيل نفسها. بينما ينزع المشروع الأمريكي إلى استسهال إزاحة الأنظمة التي تعيق تحقيقه في المنطقة أو تعاند في تكيفها السريع والكامل معه. بمعنى أن المشروع الأوربي –كان- ينظر إلى المنطقة و إعادة صياغتها على المدى الاستراتيجي البعيد المدى بينما يقوم المشروع الأمريكي على سياسات المدى القصير والمتوسط. و إعادة انتخاب بوش الابن لولاية ثانية ستجعل منطقتنا في القلب من اهتمامات وتدخلات الدول الكبرى وعلى رأسها القوة العظمى للإمبراطورية( الولايات المتحدة). ولا يبدو توفر أي أفق كان يشير إلى تغيير الإدارة الأمريكية لسياساتها في المنطقة وخصوصا مع إعادة انتخاب بوش ومنح "الصقور" من مستشاريه المناصب الأساسية في ولايته الثانية، وكما ذكر،تأكيدا على هذا المنحى، أحد كبار موظفي الخارجية الأمريكية في مقال له على الإنترنت(salon.Com) موقع باسم"مجهول" تعليقا على استقالة كولن باول : "إن غيابه يعني غياب آخر عائق كان يقف في وجه السيطرة الكاملة للمحافظين الجدد على السياسة الخارجية". وتترسخ ملامح حقبة ستطول لن تقبل خلالها الولايات المتحدة بتواجد عالم متعدد الأطراف. يكفي أن نتذكر معاملة إدارة بوش لأوربا – باستثناء الحليف البريطاني المطيع- قبل الحرب على العراق وبعدها، وتفاوت الموقفين الأمريكي من جهة والأوربي من جهة ثانية تجاه الملف النووي الإيراني، - و إيران كبلد لها أهمية كبرى في الاستراتيجية الأمريكية لإعادة صياغة المنطقة في المرحلة القادمة-، أكد مرة أخرى مدى الضعف الواضح للقدرة الأوربية على التمايز الجدي عن الاستراتيجية الأمريكية. بل أصبحت تتعامل الإدارة الأمريكية مع حلفائها باعتبارهم تابعين لها، وهي وحدها التي تحتفظ لنفسها الحق بالتدخل عسكريا في أي منطقة في العالم لحماية "مصالحها القومية" وفق مبدأ مونرو(سمير أمين ،مونثلي ريفيو ت2/نوفمبر،2004). هدا يعني أن استراتيجية الحرب الوقائية على الصعيد العالمي التي أصبحت العقيدة الرسمية للإدارة الأمريكية إنما تهدف، في الأساس، إلى منع تشكل وتكون أي قطب قد يصبح منافساً لها اقتصاديا أو عسكريا، في الحقيقة إنها تريدها "عولمة" للمصالح القومية للولايات المتحدة.
وتجد منطقتنا نفسها في القلب من هذه المعمعة، لأسباب جيوسياسية والثروات الطبيعية التي تحتويها وبالأخص النفط. وليس أبدا لأسباب أخلاقية تتعلق برغبة الإدارة الأمريكية في نشر الديمقراطية. لكن هذا لا ينفي أن استراتيجيي الليبرالية الجديدة يرون بان الفساد والاستبداد اللذين يميزان الأنظمة العربية هما أساس اضطراب خطير في هذه المنطقة الحساسة و أصبحت-الأنظمة- مصدر إرباك في تحقيق وديمومة السيطرة الأمريكية عليها، كما أن طبيعة هذه الأنظمة القمعية والفاسدة تجعل منظرو البنتاغون يستسهلون إمكانية التغيير. لهذا فان تغيير هذه الأنظمة الاستبدادية أصبح على الأجندة الأمريكية. بل وربما الأوروبية أيضا. و لا يبدو أن سيناريو الاحتلال الأمريكي للعراق أو السيناريو الليبي هما الوحيدان الممكنان. وفي كل الأحوال فالمطلوب من الأنظمة العربية- ولا سيما السوري- من وجهة النظر الأمريكية هو الانصياع الكلي والتنفيذ الكامل " لخارطة الطريق" التي وضعتها لهم الإدارة الأمريكية بدون أدنى حق في مفاوضتها على تفاصيلها أو مناقشة أي نقطة فيها. بمعنى آخر، يمكن القول أن الأنظمة العربية، وبالأخص السوري منها، هي في وضع لا تحسد عليه، وهي التي أوصلت نفسها والبلاد إليه. ولا نشارك في الرأي من يعتقد أن التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق والوضع الاقتصادي الأمريكي الذي يتعيش على الريع الخارجي والاستثمارات الأجنبية مع عجز مذهل في الموازنة سيضطران بوش وأدارته الثانية من المحافظين الجدد إلى أدراك أنهم " يملكون موارد محدودة ومصداقية ناقصة" ليتوصلوا من هذا الطرح إلى الاستنتاج بان الإدارة الثانية لبوش ستتجنب، في الأربع سنوات القادمة، التدخلات العسكرية (مثل أطروحة جيمس مان ، فورين بوليسي ، ت2/نوفمبر ، 4 200 ) ، لان العوامل السابقة قد تلعب ، على العكس، دورا حافزا على نزوع توسيع عدوانية ورقعة النفوذ الأمريكي ، ومصالح المجمع الصناعي-العسكري الأمريكي على صعيد العالم ، ولعل تأثيرها الوحيد هو أن تعيد الإدارة الأمريكية تأكيدها على تقاسم الأدوار مع أوربا واليابان( قرار مجلس الأمن 1559 ) ، وهذا ما حصل في أفغانستان وهذا ما هو في طور التحقق في العراق مع انتهاء أعمال المؤتمر "الدولي" حول العراق الذي انعقد مؤخرا في شرم الشيخ. هذا التقسيم للأدوار بين الولايات المتحدة وأوربا يصفه أحد المحافظين الجدد الأمريكيين على النحو التالي " نحن نقوم بالطبخ وهم يغسلون الصحون". كل المؤشرات تنحى باتجاه استمرار الضغط والتغلغل الأمريكي على المنطقة.
في هذا السياق، يتعرض النظام في سوريا إلى ضغوط متزايدة، وتلفه ترسانة متزايدة من آليات الضغط بدءا من قانون محاسبة سورية الأمريكي وصولا إلى قرار مجلس الأمن رقم 1559 الخاص بالتواجد السوري في لبنان. ومحاولة النظام تعزيز وضعه عبر بعض أوراقه الإقليمية تتساقط واحدة اثر الأخرى: دعوته للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل بدون شروط مسبقة لا تجد أدنى صدى، وعلاقته مع إيران التي تتعرض هي الأخرى إلى ضغوط اكبر مما يتعرض هو لها باعتبارها من وجهة النظر الأمريكية من دول "محور الشر" أصبحت هده العلاقة عبئا على النظام السوري. وتواجد القوات السورية في لبنان تحول هو الآخر من ورقة إقليمية بيد النظام السوري إلى عبء إضافي عليه التخلي عنه بقرار دولي ودون مقابل.. إنها العصا دون جزرة أبدا. حتى التعاون الأمني الواسع لسورية مع الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول ومحاولات ضبط الحدود مع العراق لم تتلق مقابله أي مكافئة أو تقدير عليه. أن الضغوط التي يتعرض لها النظام السوري هي من الحالات القليلة التي لا تترك له حتى الآن مجالا للمناورة وتضع "الظهر على الحائط" بلا مفر سوى الرضوخ أو المقاومة ؟
وما يبدو واضحا أن خيار النظام السوري هو "التأقلم"، كما يحب أن يصف بعض مثقفي السلطة عملية خضوعه واندراجه في "خريطة الطريق" التي حددتها له الإدارة الأمريكية. و كل محاولات السلطة حتى الآن كانت فقط في إطار طلبها من الإدارة الأمريكية وأوربا بان تتحكم هي نفسها – أي السلطة- بوتيرة "تأقلمها" الذي تقبل به، لخشيتها من أن تؤدي عجالة هكذا وتيرة إلى تفككها كما حصل في بلدان أخرى ( لنتذكر بعض التصريحات الرسمية القائلة بان السلطة ترفض أن تتحول سوريا إلى مثال يوغسلافيا أو الجزائر أو جو رجيا)، لكن حتى طلبها هذا لا يلقى لغاية اليوم أي استجابة تذكر من القوى الإمبريالية. وتتكاثر في الآونة الأخيرة المؤشرات على هذا الخيار السياسي للنظام السوري، أي استجابته لكافة الاستحقاقات الإقليمية المطلوبة منه: العراق، إسرائيل، لبنان، وعلاقته مع إيران.. وعلى الصعيد الداخلي يسارع النظام بمحاولة تكييف نفسه: بسياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية جديدة وفق وصفات المؤسسات المالية الدولية. ومسعاه إلى التعديل المحدود لسماته الشمولية والاستبدادية. ويتم هذا كله مع إقصائه الكامل للمشاركة الشعبية ، و لأطراف سياسية أو اجتماعية مستقلة عنه ، و إبقائه معلقة دون حل حقيقي لقضايا حقوق الإنسان والحريات : المعتقلين ، المحاكمات الاستثنائية للناشطين، المجردين من حقوقهم المدنية والمجردين من الجنسية، والمنفيين...
و لأنكى من ذلك، هوان السلطة تعمل على احتكار ليس فقط السياسات الاقتصادية الليبرالية بل و الخطاب الليبرالي نفسه لإفراغه من شقه السياسي. وقد تعاملت بقسوة مع دعاة أصيلين له مثل رياض سيف باعتقاله، أو بإبراز الخفة السياسية لليبراليين آخرين. والواقع أن الخطاب الليبرالي يسود في أوساط النخبة السورية وخاصة المعارضة منها، وان كان ما يزال مشوشا وغير واضح عند البعض. ولكن يكمن هنا تحديدا المأزق السياسي لدعاته.
فالسلطة هي من ينفذ سياسات ليبرالية "جديدة"، وهي من يزيح دولة "الرعاية" على حساب معاناة متزايدة للشرائح المأجورة والمفقرة والمهمشة، وهي من يعلن تبنيها وانفتاح البلاد الكامل على اقتصاد السوق. وتحاول في الوقت نفسه إضافة بعض الرتوش السياسية: التعديل الوزاري، إعادة النظر في دور الإعلام الرسمي، و إعادة النظر في مرجعية وهيكلية حزب البعث نفسه وربما توسيع عدد الأحزاب الجديدة وبعضها يقول عن نفسه انه" ليبرالي" وضمها بشكل أو بآخر في الجوقة الحكومية، وربما غداً انتخابات "مضبوطة" بمشاركة سياسية أوسع؟؟ ، إضافة لإعداد نفسها واقتصاد البلاد من اجل انخراطها على الصعيدين الدولي والإقليمي بما يتوافق مع مطلب أرباب الليبرالية الجديدة في العالم. فماذا تبقى لليبراليي"نا" المعارضين" سوى قضايا الحريات والديمقراطية ؟ وهذه الأخيرة هي بحد ذاتها ليست احتكاراً "لليبراليي"نا" ، بل كانت في تجربة سورية –وغيرها من البلاد-هماً حمله أساساً ولسنوات طوال ناشطون من اليسار. والمفارقة الهامة، هي أن السلطة التي كانت تغلق سابقا على الأطراف السياسية المعارضة أبواب "اليسار" من خلال الخطاب "الاشتراكي" لحزب البعث والأحزاب الشيوعية والقومية المنضوية في الجبهة الحكومية، بدأت اليوم تضيف على ذلك إغلاقها لأبواب "اليمين" من خلال انعطافها "الليبرالي" الاقتصادي –الاجتماعي من جهة، وتبنيها لبعض الشخصيات الدينية، من جهة أخرى.
وتأكيداً على سياسة القمع و المصادرة والاحتواء التي تمارسها السلطة بحق أي حراك مستقل في سوريا، فقد تعاملت بقسوة وحزم تجاه الأطراف الثلاثة التي تجلت في الحراك الديمقراطي الذي تشهده سوريا منذ أكثر من أربع سنوات:
الطرف الأول، هو الحراك الديمقراطي للهيئات المدنية و المثقفين، وهو الحراك الأنشط و الأبرز للشرائح الوسطى( ويمكن أن تشمل ضمنها الأحزاب المعارضة)، حيث تعاملت-وما تزال- السلطة مع البارزين فيه بالاعتقال والمحاكمات الاستثنائية والمضايقات والاستدعاءات الأمنية المتواصلة والتهديدات والافتراءات....الخ. ومع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت أهمية نشاط مكوناته. لكن يمكن القول أن حراك هذه الشرائح الوسطى عموماَ، المشهود لها تقلبها وتفتتها وقصر نفسها، يشهد حالة ركود كبيرة، تتحمل أطرافه الفاعلة المسؤولية عنه وليست فقط السلطة. فقد فشلت في توحيد جهودها وفشلت في دفع شرائح اجتماعية أخرى على النشاط وانغلقت في عالم ذاتيتها، وافتقر العديد من نشطائها للديمقراطية في التعامل مع أنفسهم. و بالرغم من ذلك يبقى تأثير هذا الحراك هاماَ، وتميز بعدة نشاطات ديمقراطية بارزة أهمها الاعتصامات التي تمت من اجل إلغاء حالة الطوارىء وإطلاق سراح المعتقلين أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء وساحة عرنوس.
الطرف الثاني، هو الحراك الطلابي، الذي أجهضته السلطة سريعا منذ بداياته في شباط من هذا العام، عبر فصل الطلاب من جامعاتهم بشكل نهائي أو لمدة محددة أو تهديدهم من قبل الأجهزة الأمنية أو اعتقالهم كما حدث للمعتقلين من الطلاب، من مقصف المدينة الجامعية أو أحالتهم إلى محكمة امن الدولة (محاكمة الطالب مهند الدبس وزميله محمد عرب
ونعتقد أن هذا الحراك يتميز بأهمية خاصة، لأنه يعني خروج شريحة اجتماعية كبيرة ودينامية في سوريا إلى الحقل العام باستقلالية عن أطر السيطرة الحكومية. وما يحمله هدا الأمر من إمكانيات على تطوير وتوسيع الحراك الديمقراطي عموماً، بان يتحول إلى مثال يحتذى به يشجع شرائح اجتماعية أخرى على النشاط المستقل، لو لم تجهضه السلطة التي استشعرت هذا الخطر. هذا، برأينا، هو ما دفع السلطة على القمع المتشدد لهذا الحراك المطلبي الطلابي.
الطرف الثالث، هو الحراك السياسي القومي الكردي، فقد أبرزت أحداث آذار مشكلة طالما تم تجاهلها من قبل السلطة والمعارضة، ودفعت إلى واجهة الأحداث الواقع القومي للأكراد في سورية والاضطهاد الذي يتعرضون له، وجعلت من الحركة السياسية الكردية مكونا أساسيا في الحراك الديمقراطي لا يمكن تجاهله. فكان أيضا رد السلطة عنيفا خلال الأحداث وبعدها، وما تزال المحاكمات الاستثنائية تجري على قدم وساق للمتهمين بالمشاركة فيها. ومن جهة أخرى، أبلغت السلطات الأمنية الأحزاب الكردية قرارها بمنعها لهم من النشاط.
في مواجهة مجمل هذه التحديات، ومهما كانت الاصطفافات السياسية الضرورية اليوم، أو الخيارات التي ستتبناها الحكومة. فإننا إذا كنا ما نزال نعتقد بان الانتقال الديمقراطي " هو ثمرة غير إرادية لميزان قوى متأرجح أكثر منه تجسيداَ لفكرة فلسفية"، إلا أن مدى و أهمية وعمق هكذا انتقال ديمقراطي تبقى مرهونة بمقدار قوة ونفوذ الأطراف الديمقراطية السياسية والاجتماعية وتألفها، وهذا يعني ضرورة خلق ائتلاف ديمقراطي واسع ومستقل يضم الأطياف السياسية والاجتماعية المتعددة يقوم على أساس برنامج ديمقراطي واضح ومختصر. من اجل انتقال ديمقراطي حقيقي في سورية يوفر تداول السلطة بانتخابات حرة. ويوفر إمكانية مواجهة الكوارث الاجتماعية التي تسببها السياسات الليبرالية الجديدة، إن إهمال الجانب الاجتماعي في هكذا انتقال ديمقراطي يترك أكثرية المواطنين ضحية لمناورات الحكومة ويصبح تحقيقاً لحاجة و رغبة نخبة من المثقفين والسياسيين أكثر منه حاجة لأكثرية أبناء الوطن و غالبيتهم العظمى من الشرائح المأجورة والمفقرة و المهمشة خصوصا. هؤلاء هم الضحايا الأّول لسياسات العولمة الليبرالية المتوحشة التي بدأت بتطبيقها الحكومة، لذلك فان مناهضة هذه العولمة والدفاع عن مصالح وحقوق هذه الفئات الاجتماعية هي، بالنسبة لنا، شرط رئيس من اجل تحقيق انتقال ديمقراطي عميق ذي مضمون اجتماعي، وقيام تنمية قاعدية بالمشاركة الواعية والمباشرة للمواطنين.
ندعو للعمل من اجل "الخبز والحرية" معاً.
البديل



#البديل-_ناشطو_مناهضة_العولمة_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - البديل- ناشطو مناهضة العولمة في سورية - سورية: الأزمة المركبة