أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - حسبك انك برهان كركوتلي















المزيد.....

حسبك انك برهان كركوتلي


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 1037 - 2004 / 12 / 4 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


حسبك انك برهان كركوتلي
عام على رحيل ثورة موال عربي في وطن الغربة

زاهد عزت حرش

"غني قليلا يا عصافير فاني كلما فكرت في امر بكيت"
يقتلني بغاء هذا الوطن العربي الممتد من الهادر الى الثائر "سجون متلاصقة سجان يمسك سجان".. يقتلني هذا الظلم المبوء بكل الاحكام العرفية.. وقانون الارث المنزل باسم سلاطين العهر, لعروش ملوثة بدماء الانسان العربي, والتاريخ العربي, الفكر العربي.. فالى متى نموت هناك.. في وطن ليس لنا.. ونعود الى الوطن رفاة وذاكرة.. وربما لا نعود!! يقتلني هذا الصوت الكاذب والنبض الكاذب.. والصمت الكاذب.. لانه لا يحمل العاصفة.. "كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا".. فالى متى يظل الصوت العربي الحر مذبوحاً على عتبات مماليك الردة, اقزام الامبريالية, قواد البيت الابيض, الى متى يدوسون بنعالهم ملامح حياتنا السوداء.. ونصمت صمت القبور.. الى متى؟؟!
عام مضى على رحيلك ايها الصوت الصارخ باسم الثورة.. ايها الدمشقي المولود من رحم فلسطين.. ريشتك موال صدح باسم الحرية والقضية.. وموالك ريشة اثرت فضاء الكون بالحلم الانساني العظيم.. بانه لا بد من واقع آخر!! واقع الجمال, الحب, الحق, الحرية.!! فحسبك انك موال ثائر, حسبك انك برهان كركوتلي!!
قبل عام, اي في اواخر كانون الاول عام 2003, اعلنت احدى مستشفيات مدينة بون الالمانية, خبر وفاة الفنان العربي السوري الفلسطيني برهان كركوتلي, عن عمر يناهز ال 65 عاماً قضى قرابة نصفها بعيداً عن حضن الوطن. فمات مرتين!! مرة بداء الغربة والحنين الى الوطن.. والاخرى بداء التعتيم والقهر العربي لكل ما هو ثوري واصيل وانساني!! الا ان هناك من حملوا تراثه الفني والانساني ونقلوا قليلاً منه, ليحتل قليلاً مما سمحت به سماء ثقافتنا المقروءة.. علنا نحمله الى الغد الآتي, لينهل من حلمه حلم آخر يتوق للحق والشمس والحرية!!
"إنني كرسام احب الجمال في كل شيء . الجمال ضرورة للحياة ولهذا أتأثر به بسرعة وعمق. فانا هنا لا اعني جمال الوجوه فقط، بل كل ما يحمل صفة الجمال. جمال الروح، جمال الفعل، جمال الصدفة، جمال الشجاعة. إن الكفاح السياسي الثوري يحمل ذات الجمال الذي نراه في عيون إمرأة جميلة. إنه الجانب الاخر في جمال الثورة. لان الثورة هي الحلم لتحقيق عالم إنساني جميل. ليس جميلا باشجاره وزهوره فقط، بل بما هو اهم أيضا، بإنسانه الحر. فماذا يهمني من جمال العالم، إذا لم تتوفر السعادة لساكنيه. ماذا يهمني من جمال غابة او جبل إذا كان في سفحه جثة لانسان اغتيل غدرا وظلما." برهان كركوتلي
ولد برهان عام 1931, تمرغ ككل اطفال العالم على ثرى بلاده.. فحضن الام وحضن الوطن لا يمكن ان نولد منه وفيه سوى مرة واحدة في العمر.!! كانت ولادته ببيت محاذ لفندق بسيط متواضع في احدى حواري دمشق يملكه والده.. وفي رحاب فناء هذا الفندق تعرف برهان على جذور القضية الفلسطينية منذ ما قبل النكبة.. ذلك من خلال رواد هذا الفندق من الفلسطينيين, ومنهم استمع الى ملحمة الجرح الفلسطيني وهو بعد في مقتبل العمر.. فسكنت فلسطين, كما سكنت دمشق ببيوتها وازقتها, جنان قلبه ووجدانه وروحه الدافئة المشاعر, ومات وهو ينادي باسمهما معاً بصوته السردي لتغريبة الحق الفلسطيني, امام واجهات المقاهي وعلى خشبات المسارح, في بون وبرلين وفرانكفورت بالمانيا.. يروي لكل الناس قصة الثورة على الظلم والاحتلال والعدمية والتشرد.!! ويحلم على مسمع منهم بالثورة على الظلم والفقر والتخلف.

غادر دمشق متوجهاً الى القاهرة في عام 1954 ليلتحق بمعهد الفنون الجميلة فيها.. حيث درس فن التصوير الملون (الرسم الزيتي).. انهى دراسته هناك عام 1958, ويترك القاهرة متوجهاً الى اسبانيا ليترجل مشواره الدراسي في كلية سان فرناندو بمدريد سنة 1959.. ومن هناك يرحل الى برلين, كي يدرس فيها فن النحت, الغرافيك, والتصوير الجداري, ما بين 1961- 1963. وليعود قافلا الى ربوع وطنه الام .. الى ارض الشام التي لم تحتمل وطئ هديره الثوري المشبع بحب الانسان والوطن.. فعمل استاذاً لفن الغرافيك في كلية الفنون الجميلة في دمشق 1967- 1868.. الا انه اضطر الى الذهاب لبيروت دون ان يحصل على مرتبه عن السنة التي قضاها في الشام.. لم يحتمل هذا الباشق الثائر ظلم ذوي القربى, فهاجر سنة 1971 الى موطن زوجته ليستقر واياها باقي سنوات عمره, متجولاً ما بين المدن الالمانية الكبرى يمارس عمله كفنان حر, يردد مواله الثائر من خلال ريشة التي اعتمدت اللون الاسود على بساطها الابيض.. وليعلن من خلالها عن قوة الحق في وجه الظلم وقوة النور في وجه الظلام.
رسم برهان كركوتلي اعماله عن دمشق وحواريها, رسم طرقاتها وازقتها ونوافذ بيوتها.. رسم قناطرها ومأذنها واسواقها.. كما رسم فلسطين بمأساتها ومآسيها.. رسم فلسطين بدماء ثوارها ومقاتليها.. رسم فلسطين ببنادقها وتشردها ومعاناة اهليها.. رسم فلسطين بحلم العودة رسم القدس ثلاثون عام واكثر.. حتى اصبح جزءا من فلسطين والقضية.. كل ذلك على بطاقات بيضاء وبلون واحد.. هو لون الحبر الصيني الاسود.. ليجسد من خلال هذه الرسوم رؤيته التعبيرية لطفولته المحجوزة خلف جدارن دمشق.. وليروي قصة حلمه الثائر للحق الفلسطيني والانسانية جمعاء!! طيلة هذه السنوات ظل يرسم برهان كركوتلي مواويله الثورية, على بطاقاته البيضاء لينثرها على الناس باسعار شعبية.. كي تكون صوت فلسطين المسموع في كل ارجاء الدنيا.. يُحملها عبق انفاسه عن كل شيء معتق بالذاكرة.. ذاكرة الوطن الذي يسكن في الانسان حين يكون هائما بين ضباب الغربة وقسوة الوطن. كان يعرض تلك الاعمال على ارصفة الطرقات وهو قابض على الة العود, يعزف عليها الحان مواويله التشكيلية.. كانه صوفي وفق ما بين هذيان الموسيقى وهذيان الجسد.

فرقة مسرح الحكواتي اثناء جولة لعرض مسرحية "العصافير" في المانيا سنة 1987
الفنان اسماعيل الدباغ وزوجته المخرج فؤاد عوض الفنان رمزي شيخ قاسم الفنان برهان كركوتلي والفنان صقر السلايمه
في السنوات الاخيرة من عمره توقف هذا الفنان العريق عن عرض اعماله في الصالات الكبرى.. حين ايقن من ان المانيا .. بل اوروبا برمتها, لن تسمح لفنان من اصل عربي, مهما ملك من قدرة على العطاء, ان يصبح شريكا في صنع تاريخ الفن الانساني هناك.. هنا.. وبالتحديد قبل وفاته بعشر سنوات, استبدل مسار عطاءه ليرتدي ثوبا فولوكلورياً يحمل في طياته صوت الموال الثوري الناطق باسم الحق والحرية.. فلعب دور "الحكواتي" متلبسا شخصيته الشامية المحفورة في ذاكرة الطفولة كوشم عربي اصيل.. تقمصها بكل ما فيها من اثارة وحدة وسخرية.. ليروي لمستمعيه قصص النضال الثوري التي كانت تجود بها بنات افكاره بشكل تلقائي.. اضافة الى قصائده المكتوبة بالالمانية, تلك المعبرة عن احلامه الجميلة التي اوردت مقتطفاً منها في بداية هذا الكلام.

في هذا السياق كتب عنه احد النقاد الذين واكبوه وعرفوه عن قرب يقول: "ظلّ برهان يحكي اكثر من ساعة مؤلفاً الحكايات بصيغة فورية, مشخصاً تفاصيل المواقف الملحمية, مستعرضاً العناوين مما يكشف نسيانه لبعض المضامين من دون ان يثير فينا أدنى ملل. كان هذا العرض البارع المرتجل ذريعة لإقناعنا بما نحن مقتنعون به أصلاً وهو أن: السياسات الدولية والمحلية لا تعمل لمصلحة الانسان".
مات برهان كركوتلي.. ولم ينل حقه كفنان متميز بادائه واسلوبه وادواته وقضيته.. لا من وطنه الام سوريا.. ولا من الوطن العربي الاكبر.. كما لم تعطي الظروف الحالية لفلسطين قيادة ومؤسسات وشعب, ان يحتضن تراثه وينشره بالشكل الذي يليق فيه.. الا انه على الرغم من قساوة الظروف, فان فلسطين قامت بتكريمه بعمل فيلم وثائقي عنه.. كما اعتبرته احد اهم الوسائل النضالية الفنية الفلسطينية, التي رصدها الشعب الفلسطيني وقيادته الثقافية في مواجهة الصهيونية ودحر مزاعمها.
سيمضي الكثير من الزمن.. اجيال واعوام!! حتى تاتي الايام العظيمة التي يتحرر بها الانسان العربي من نير العبودية والاستعباد.. ويقبض بكلتا يديه على زمام اموره.. ويعرف تاريخ عظمائه ومخلديه.. ويعرف تاريخ وفضل ثواره انبياء الحق والحرية, فيعيد لهم اعتبارهم ويكتب اسمائهم باحرف من وهج الشمس على جبين ابنائه انذاك.. يومها سيكون اسمك يا ابا نديم .. يا موال الثورة النقي, اول الاسماء!! فلا عليك ان امة انجبتك لن تتخلى عنك ولن تنساك.!!

شفاعمرو 25.11.04



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما زالت الوان الامل تضيء
- ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا
- اتحاد الادباء العرب الفلسطينيين في اسرائيل ينعي الرمز والشهي ...
- زيتون فلسطين يستصرخ ارجاء الدنيا
- -جالري- الغربال.. ريشة, كلمة وموال
- من اجل المشاركة الشمولية في الحياة الثقافية
- عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!
- فيوليت رزق
- قلبي معــــكم
- اخر الكلام
- ساضحك ملء قلبي الان.. فرحاً يا مسرح الميدان!!
- كل لقاء وانت حبيبتي
- مرثاة الرمال
- د. عزمي بشاره ...انا اسف جداً !!!
- ابتعدي - احبك اكثر ؟؟
- دموعي عبير الياسمين
- رفيقين التقينا مهداة الى الرفيقة عبير خطيب
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- نص البيان الذي اصدرته الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - حسبك انك برهان كركوتلي