أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طالب الأديب - في الذكرى العاشرة ل 11/سبتمبر















المزيد.....



في الذكرى العاشرة ل 11/سبتمبر


محمد طالب الأديب

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 16:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إضاءة:
"عندما تقرأ تاريخك قراءة علمية محايدة، أي بوصفه تاريخاً مجرداً لا تنتمي إليه ولا ينتمي إليك، سترى الحقائق والوقائع كما هي، سترى الجريمة جريمة، ولن تحتاج الى تأويلها أو تبريرها، وتذكر دائماً أن (الحقائق المكروهة) كانت ولا تزال تزعج وترعب أولئك الواهمين، فضلاً عن أولئك المنتفعين الذين يسعون في صناعة وتضخيم يحيرة الأوهام". المفكر السعودي محمد بن علي المحمود.
البناء السليم لمدنية الدولة لابد أن يستهل بحوار ينفتح على جميع الرؤى ولا يهمش الهواجس المختبأة في النفوس والتي عادة ما تكون قنابل موقوتة تتفجر حين توفر عوامل الانفجار الذاتية أو مصالح الانفجار الخارجية سواء أكانت هذه المصالح طائفية أو عنصرية أو غير ذلك. حيث إن تغييب بعض الحقيقة لا ينتج حلاً، بالعكس، يفاقم المشكلة الى أزمة أكبر. في هذا الإطار، سيكون من الإيجابي تناول ما تصرح به قيادات "سياسية سنية أو سنية سياسية" عن شعور سنة العراق بـ"الإحباط الشديد وبأنهم مواطنون درجة ثانية وغير مشاركين حقيقة في السلطة". ولهذه التصريحات التي تنطلق بين حين وآخر أهمية في الرد عليها لدحض بعضها، وإزالة الغبار عن بعض آخر منها، ووصف موضوعي لما تبقى منها لتجريدها من الخلط أو المبالغة إنصافاً لأهلها. لذلك لابد من أن يكون الحديث الذي يتناول هذه التصريحات صريحاً، وإن وصف المواقف بدوافعها أو صبغاتها الدينية أو المذهبية لا يعني الإشارة الى أصحابها بالطائفية، وإنما هو وصف الحدث كما هو (سلباً أو إيجاباً)، لاسيما الحديث عن أن السيد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بتصريحه الشهير في الولايات المتحدة "لم يقصد ما فهم من كلامه" هو حديث تبريري أكثر مما هو معلومة تفيد البحث عن أساس المشكلة، فـقد أكد سياسيون سنة أو سنة سياسيون ما صرح به السيد النجيفي وتنفي نفيه.
من لغة الأرقام
غالباً ما يلجأ "مصرحون سنة" الى لغة الأرقام والإحصائيات التي تتحدث عن انخفاض أعداد "السنة" في الوزارات والسفارات والجيش والشرطة للإيحاء - عبر ذلك - بأنهم مهمشون وإن الآخر "الشيعي" قد ظلمهم، وهي أرقام وإحصائيات – عموماً - غير موثقة رسمياً، فحينما قال السيد النجيفي: أن "هناك وزارات قد خلت من السنة" لم يكشف عن اسم وزارة واحدة خالية من السنة. وقد كرر القول نفسه النائب سلمان الجميلي في جلسة البرلمان في 13/8/2011، دون أن يذكر اسم الوزارة الخالية من السنة، ولم يكشف السيد الجميلي عن مقصود كلامه بالسنة، هل هم سنة الشعب أم سنة الحزب.
وإلحاقاً بتصريحات السيد النجيفي أشار (كناية) النائب السابق طه اللهيبي على قناة البغدادية الى أن السجناء الشيعة هم من المجرمين، والسجناء السنة "أبرياء". وقد تساءل متهكماً "لماذا أغلب السجناء اليوم من السنة؟!". والإجابة عن هذا التساؤل في غاية الأهمية حيث بها تسليط الأضواء على أزمة خطرها يهدد معظم بلاد العالم، لاسيما واليوم يستعيد العالم الذكرى العاشرة لكارثة 11/سبتمبر والتي نفذها إرهابيون استكملوا عملياتهم في لندن ومدريد وروسيا ومصر والأردن والسعودية والصومال واليمن والجزائر والمغرب وجاكارتا والعراق. وإن الذين قتلوا السنة والشيعة في الأنبار وصلاح الدين، وقتلوا الإيزيديين والشيعة في الموصل، وقتلوا الكرد والشيعة في كردستان، وقتلوا التركمان والشيعة في كركوك، وقتلوا الشيعة والسنة والكرد في بغداد، وقتلوا الشيعة والسنة والصابئة والمسيحيين في وسط وجنوب العراق، والذين يقتلون ويهجرون الكرد والشيعة في مناطق من ديالى، كل أولئك القتلة هم من "السنة". كما أن الذين قتلوا المئات من علماء السنة في العراق هم من السنة، فقد أعلن (في 30/8/2011) رئيس الوقف السني د. أحمد عبد الغفور السامرائي خلال خطبة العيد التي أقيمت في مسجد أم القرى الذي تعرض الى هجوم إرهابي ببغداد إن "تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية قتلت الشعب العراقي وأكثر من 450 إماماً وخطيباً ومن خيرة العلماء". وبالتأكيد فإن الإرهابي الأردني الزرقاوي مثال بارز على عمق الأزمة التي يعيشها عموم "الفقه السني – التدين السني" ليس لأن الزرقاوي سفاح من طراز وحشي خاص وإنما لوجود قاعدة شعبية (في العراق وغير العراق) دعمته بالذبح والقتل أو مساعدته والتستر عليه، وأعداد المآتم التي أقيمت الى روحه الخبيثة بعد قتله تأكيد على مقبولية متسترة لفقه الزرقاوي. كما أن الرجوع الى أرشيف أحداث العراق بعد سقوط الطاغية صدام يكشف بأن ليس هناك من ندد من المصرحين السنة صراحة بقادة الإرهاب في العراق ومنهم الذباح الزرقاوي، ورغم ما كان يحمله موبايل الزرقاوي من أرقام هواتف عدد من "السياسيين السنة" لكنهم كانوا يقولون مراراً وتكراراً: "الزرقاوي لا وجود له إنه كذبة أميركية"!. ورغم التبرير الصريح والمقنع للأعمال الإرهابية غالباً ما يلجأ "مصرحون سنة" الى ترويج فكرة أن "الإرهابيين في العراق قد أتت بهم أميركا" لتغطية عمليات ضرب الشيعة والقوات الأميركية. والسؤال: إذا كان من أرسل الإرهابيين أميركا وإسرائيل لإيقاع الفتنة بين العراقيين وتقسيم العراق... الخ، فلماذا احتضنت المحافظات الغربية هؤلاء الإرهابيين فوفرت لهم المأوى والمأكل والمال؟! ولماذا وفرت لهم الأمان والاستقرار، وهناك من زوج بناتهم لأمراء القاعدة الذين جاؤا من ليبيا والسعودية والأردن واليمن وسوريا والجزائر وتونس وغيرها؟! ولماذا وفرت تلك المحافظات لهؤلاء الإرهابيين أسلحة القتل وسيوف الذبح وسيارات التفجير وكانوا لهم الدليل الأمين للوصول الى شوارع بغداد ومحافظات أخرى لتفجير أجسادهم النتنة وسط الأبرياء؟!.
بل لم تكتف بعض القيادات السنية بالتستر على الإرهابيين وتبرير أعمالهم ودعمها في العراق فقط، بل كانوا يجولون من بلد الى آخر ليستفزوا مشاعر السنة في العالم بحجة "مقاومة المحتل" لاستقدامهم الى العراق واستخدامهم طائفياً، وما قام به زعيم جبهة التوافق عدنان الدليمي في (مؤتمر تركيا الطائفي) شاهد بغيض على ذلك. حتى وصف الكاتب شاكر النابلسي مشهد قطعان العرب وهم يتهافتون على تفجير أجسادهم النتنة في العراق قائلاً: (المهم أننا أصبحنا كلنا إرهابيين. فمِنْ منَّا مَنْ حمل السلاح، واتجه إلى العراق، وأفغانستان، والباكستان لـ"جهاد" الكفَّار هناك، دفاعاً عن دولة "خلافة" طالبان "الإسلامية"، وإعادةً لسلطتها في أفغانستان! ومِنْ منَّا مَنْ حمل السيف في غمده، ووضع القرآن الكريم في جيبه، وذهب للتدرب على القتل والتفجير، استعداداً للدخول إلى العراق لـ "جهاد" الكفار هناك! ومِنْ منَّا مَنْ هاجر مع عائلته إلى الغرب، ليعيش هناك، وفرض على زوجته وبناته، ارتداء الحجاب والنقاب، والنزول إلى الشارع، لتحدي هؤلاء "الكفار الخنازير"! ومِنْ منَّا مَنْ أرسل ملايين الدولارات، تبرعات سنوية، ومن "زكاة" الفطر، وزكاته السنوية، لدعم "المجاهدين" في أفغانستان، والباكستان، واليمن، وكذلك في العراق!).
كما أن مخيمات (عين الحلوة) في لبنان شاهد آخر على خصوصية الإرهاب المذهبية حيث كانت تستجلب الإرهابيين من شمال إفريقيا ودول أوربية وتستطلع آراؤهم من خلال استمارة طلب معلومات تتضمن فيما تتضمن سؤالاً: هل ترغب في قتل الأميركان أم الشيعة في العراق"؟ وكانت أكثر من 90% من الإجابات "قتل الشيعة"!، وكل أولئك "المجاهدين" من "السنة"!. واستثناءاً عن "التقية السنية"، صرح النائب السابق حسين الفلوجي بعد أن ألح عليه د. محمد الطائي (مدير قناة الفيحاء) في سؤاله حول موقف صريح للسنة من الزرقاوي قائلاً: "عندهم إيران وعندنا الزرقاوي". وهو خلط غير موضوعي بيّنه النائب السابق مشعان الجبوري: "أنا لا أخاف أحداً، وأقول ما يمليه عليّ ضميري، تنظيمات سنية هي التي بدأت بأعمال القتل والذبح الطائفي، وأن رد الميليشيات الشيعية تأخر حتى وقوع انفجار سامراء، فكان القتل على الهوية".
ولتحديد خصوصية الإرهاب الفقهية والاجتماعية والثقافية، من المهم الإشارة الى أن الحشود الشيعية المليونية التي تذهب سيراً على الأقدام في زيارات دينية ما زالت تتعرض الى عمليات قتل مروعة رغم وجود عشرات الآلاف من القوات العراقية والأميركية التي تستخدم تكنولوجيات أمنية متطورة، والسؤال: لو لم تكن هناك قوات بهذا العدد والعديد لحماية هؤلاء الزائرين ماذا يمكن أن يحدث؟ في الحقيقة، إن لهؤلاء الإرهابيين الاستعداد على إيقاع "القتل المقدس" بالملايين من هؤلاء الزائرين! حيث إن ظاهرة "التطرف الإسلام السني" المنتشرة في العديد من المجتمعات المسلمة باتت تشكل تهديداً للنظام العام وأمن واستقرار المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، وقد توجهت الاتهامات بالإرهاب إلى الإسلام "السني" صريحة في المصادر الرسمية الكندية، وقد رافق تنامي ظاهرة "الإرهاب السني" تجذر أسباب استمراره وبقائه، وهو ما أشار إليه الكاتب عبد المنعم الأعسم في سلسلة مقالاته حول "مستقبل تنظيم القاعدة" الإرهابي قائلاً: "إن طبيعة التنظيم الإرهابي العالمي المعاصر المستمدة من تجربتي حركة الأفغان العرب (ابن لادن)، والجهاد المصرية (الظواهري) خلقت معها عوامل استمرار وتواصل وتجديد". وقد أشار الكاتب يحيى الكبيسي صراحة الى الخلفيات الفقهية للجهات الإرهابية العاملة في العراق وكانت سنية قائلاً: "هي جماعات متعددة الاتجاهات، تضم سلفيين دعويين وجهاديين، وإسلاميين تقليديين، ومتصوفة، وبعثيين". وقال الكبيسي في معرض تأصيل الانتماءات الفقهية قائلاً: "قد استخدم بعضهم خطاباً إسلامياً متشدداً يوصف في بعض دراسات علم الاجتماع بـ(خطاب السيف). وهو خطاب يعتمد العنف منهجاً للتغيير، ويستمد مقدماته من كتابات أبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، ومدونات الجماعات الإسلامية المصرية التي ظهرت في السبعينات، وكتابات الدكتور عبد الله عزام وما أنتجته تجربة الأفغان العرب من خطاب سلفي جهادي. والذي يجعل (آية السيف) مقدمته النظرية الأولى في صياغة فقه الجهاد ومشروعية استعمال العنف، وهي قوله تعالى «فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ». لقد كان العنف هو الوسيلة الأولى والوحيدة لهذه الجماعات في تنفيذ ما تراه جهاداً وواجباً شرعياً، وقد وجدت هذه الجماعات في بعض الفتاوى إباحة القتل حتى لو كان السبب الاختلافات الفقهية، والفتاوى التي تجوز قتل (المتمترسين) من الكفار الأصليين، وهم في حالة العراق القوات الأجنبية، أو الـ(الكفار) المرتدين، أي المتعاونين، وإن أدى ذلك إلى قتل (الترس)، أي (معصومي الدم) من المسلمين الأبرياء الذين يمكن أن يسقطوا عرضاً، نتيجة للعنف المستخدم. ومن المعروف أن (مسألة الترس) تعود في جذورها إلى ابن تيمية، والتي قال بها أثناء مواجهة المغول. يقول ابن تيمية "وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترس بمن عنده من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم». (الفتاوى 28 / 546 - 537 و20 / 52) وتستمد حداثتها من التأويلات المفرطة التي أدخلها أبو قتادة عليها، حين أفتى بها لتنظيم "الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر" (الجيا). يقول: "ومما أجاز فيه جمهور العلماء قتل المسلم لأخيه المسلم وهو معصوم الدم جواز قتله في حالة الترس... قال جمهور أهل العلم: بجواز قتل التُرس لوجود المقصد الشرعي، والمصلحة المعتبرة، وهي تحقق النكاية في العدو، وعدم تفويت الفرصة بهزيمتهم، ونصر المسلمين". وجميع الأسماء التي وردت في كلام الكبيسي هم من كبار فقهاء وعلماء السنة في العالم.
وبدل أن تعالج، وهذه إشكالية مضافة، مشكلة تسلل شباب سنة عراقيين الى الإرهاب حتى أصبحت عملية تفريخ الإرهاب في العراق عراقية وهو ما أشار إليه د. سعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة، تفرغت نخب سياسية سنية للدفاع عن سجناء مدانين، فقط لأنهم من "السنة". علماً بأن معظم الذين شملوا بقانون العفو العام قد انخرطوا بعد إطلاق سراحهم بعمليات إرهابية، كما أن السجين الذي تباكى متظلماً أمام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عند زيارته لأحد السجون - وما أكثر زياراته لها – كان مداناً بقتل (واحد وعشرين) عراقياً فقط!!ً. واليوم يدافع د. الهاشمي وفريقه عن المجرم المدان حسين التكريتي الذي هتف حين إلقاء حكم إدانته من قبل القاضي بـ"عاش البعث"! وبموازاة ذلك، فإن مع كل عمل إرهابي يحدث، فإن حديث "المصرحين السنة" غالباً ما ينحصر فقط بالتشكيك بقدرات الأجهزة الأمنية وتقريع الحكومة، وقد يكون هذا التقريع موضوعياً، لكن لماذا يخلو من تنديد (واضح وصريح) بالإرهابيين، ودون أي ذكر (واضح وصريح) للضحايا، والموقف يكون مختلفاً فيما إذا كانت "الضحية" مثل صابرين الجنابي، وإن كانت كذبة طائفية سمجة!. كما أن ابتعاد المصرحين السنة عن إدانة صريحة للجهات التي تقف خلف هذه العمليات الإرهابية، هو تعبير عن واقع "سني – سياسي" مريض تتبين مأزوميته أيضاً في التهرب من التنديد (الواضح والصريح) بجرائم النظام السابق في الوقت أنها شككت - وما زالت - تشكك بالمقابر الجماعية وجرائم الأنفال وحلبجة كالنائب السابق ظافر العاني الذي ظل مخلصاً في الدفاع عن نظام الطاغية وتبرير أفعاله، فكان ضيفاً (نجماً) يومياً على قناة الجزيرة حتى سقوط الطاغية، ومن ثم ظهر بعد بضعة أشهر مدافعاً عن السنة ورافعاً شعار "المشروع الوطني".
وفي إطار لغة الأرقام والإحصائيات، ما زال مصرحون سنة يتناسون عدد الذين قتلوا من الشيعة بعد 2003 مقارنة بما قتل من السنة، وهل يعكس الفارق الكبير جداً أن زمام أمور البلاد والعباد بيد الشيعة وأن السنة لا وجود لهم في العراق ولا أثر لهم ولا تأثير!. كما تصور ذلك تصريحات قيادات سنية مراراً وتكراراً، في الوقت الذي تشير الأرقام بل تؤكد أن الإرهاب منهج تبنته (بصراحة ووضوح) أطراف "سنية" لتحقيق أهدافها، كما أن الحاجة السلبية في مرحلة الاصطفاف الطائفي وضرورة الخروج منها هي التي حتمت التستر على ملفات تورط سياسيين سنة كبار بأعمال إرهابية.
من المهم تأكيد: إن استعراض تلك الأرقام "السنية" لا ينسي ما قامت به ميليشيات الخارجين على القانون (الشيعية) من أعمال قتل وخطف وتخريب طالت الدولة والقانون والدين والإنسان والحياة، وقد كشف عن بعض تلك التجاوزات بيان السيد مقتدى الصدر في 9/7/2011 بقوله: "أرى أن المفاسد قد زادت مرة أخرى بين صفوف من يدعون أنهم منتمون إلى جيش المهدي (...) فيكم من هم من الشيطان ينهلون ومن الشهوات يغرفون فتباً لهم". وفي 12/7/2011 أضاف واصفاً بعض الأشخاص الذين "يدعون" أنهم يعملون ضمن جيش المهدي، وقاموا بالاعتداء على بعض المواطنين في بغداد أنهم "قتلة وملعونون وقذرون". هذه التصريحات إيجابية إلا أنها جاءت متأخرة جداً، فقد أريقت دماء وأزهقت أرواح وأهدرت كرامات وضاعت أموال ومزقت مدن، وقد كتب – قبل سنوات - كتاب وعلت أصوات الناس استنكاراً لوقائع ذكر بعضها السيد مقتدى الصدر، فضلاً عن أن التوجهات المسلحة لـ"جيش المهدي" لم تحظ بتأييد المرجعية الدينية في العراق، لكن ولكن تبقى مأساتنا سارية المفعول حتى إشعار آخر، فلو شهد مليون عراقي ببعض مما صرح به السيد مقتدى – قبل ساعات من بيانه – لكذب الصدريون شهادة المليون عراقي، وشاهد على ذلك، ما كان في البصرة قبل انطلاق عملية تحريرها في معركة "صولة الفرسان" التي سقط فيها أكثر من 1500 قتيل فقد نعتها نواب التيار الصدري بـ"صولة الخرفان". ما يعني أن كثيراً من السلوكيات العنيفة تمسخ بالقوة وإن كثيراً من القناعات الإيجابية تترسخ بفعل قوة القانون، علماً بأن اعتراف السيد مقتدى الصدر بتلك الأخطاء خطوة واحدة نحو الأمام وليست نهاية الطريق ولابد أن تسكتمل تلك الخطوة بتصحيح بقية الأخطاء ومحاسبة بقية المخطئين.
عموماً فإن ما جرى في العراق ويجري من ظهور حركات دينية ليس غريباً، فبين حين وآخر تشهد بلاد المسلمين ظهور حركات تنعت نفسها بأنه "دينية" ولم يكن مبرر واحد لهذه التسمية سوى أن أصحابها سموا أنفسهم بذلك لدوافع سياسية انتهازية أو لأهداف دينية منحرفة، وقد شوهت تلك التوجهات قيم الإيمان وأوقعت قتلاً بالعباد وتخريباً بالبلاد، وإن تتابع ظهور حركات دينية راديكالية تعبث بأمن الدولة والمجتمع وتدعي أنها "إيمانية أو إسلامية" يؤكد أزمة إيمان ومعرفة تشكل خطراً موقوتاً على كرامة الناس ويهدد حياتهم. وكان على السيد مقتدى الصدر أن يلتفت الى تلك الأبعاد قبل كل شيء، وليس بعد "خراب البصرة"، وإلا كيف تسترجع أرواح الذين أزهقت على أيادي من هم "قتلة وملعونون وقذرون". بموازاة ذلك، لابد من الإشارة الى مشاركة "الميليشيات الشيعية" القوات العراقية والأميركية في مقاتلة تنظيم القاعدة، وقد أكد ذلك الجنرال المتقاعد (جاك كين) الذي عمل مع الخبير السياسي (فريدريك كاغان) في وضع الخطوط الرئيسة لـ(خطة الاندفاع) الرائعة في العام 2007 التي أدت الى دحر كبير للإرهاب في العراق.
فتاوى القتل
في الوقت الذي كانت المرجعية الدينية الشيعية في العراق تؤكد "حرمة دماء أهل السنة وأعراضهم وأموالهم" وأيضاً، موقف نبيل لعلماء دين سنة لاسيما الوقف السني بحرمة دماء الشيعة، في ذاك الوقت، كانت فتاوى التكفير تتوالى من رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق حارث الضاري ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي والعشرات من العلماء السعوديين كعبد الرحمن البراك (أستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً) الذي قال في بيان ومعه 38 من علماء السعودية: "الشيعة كفار". وبحسب رويترز قال البراك: "الرافضة (الشيعة) في جملتهم هم شر طوائف الأمة واجتمع فيهم من موجبات الكفر تكفير الصحابة، وتعطيل الصفات، والشرك في العبادة بدعاء الأموات، والاستغاثة بهم". ومن الذين وقعوا على بيان الإرهاب والفتنة هذا: (عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً، عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عبد الله بن عبد الله الزايد رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً، سفر بن عبد الرحمن الحوالي رئيس قسم العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً). علماً بأن هذا النوع من التكفير يتعدى التكفير الديني أو الفكري الى الدعوة "استحباب" الى قتل هؤلاء الشيعة ونهب أموالهم وسبي نساءهم. وخصوصية هذا البيان أنه جاء متناسقاً مع تصاعد الإرهاب في العراق حيث حفز شياطين إرادات المال الخليجي والسنة الانتحاريين لتفجير الوضع الى أقصى درجات العنف حتى وصل عدد السيارات المفخخة التي تتفجر في شوارع بغداد الى أكثر من عشرين سيارة في اليوم الواحد. وفي مقال كتبه المستشار الأمني للحكومة السعودية نواف العبيد بصحيفة الواشنطن بوست، أكد "الدور السعودي في دعم التنظيمات الإرهابية لبعض السنة في العراق"، ودعوته الى "تشكيل تنظيمات أخرى، وبناء جيش عراقي خاص لكي يستولي على الحكم في العراق". وفي السياق ذاته،، وجه الناشط والمستشار القانوني أمين طاهر البديوي خطاباً الى ملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز مطالباً إياه بإحالة (52) من العلماء السعوديين إلى هيئة الادعاء والتحقيق، وتوجيه أكثر من (13) تهمة منها تهماً إرهابية وتحريضية، وإشعال الفتنة بين مذاهب المسلمين، وتشويه سمعة الإسلام وسمعة المملكة العربية السعودية والمواطنين السعوديين أمام العالم، وإصدار الفتاوى العشوائية والتحريضية والتكفيرية، والخروج عن طاعة ولي الأمر، وزج الشباب السعودي الى مستنقع الإرهاب، وتحريضهم على التطاول على المذاهب الإسلامية وتكفيرهم، وطالب بإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم، كما طالب البديوي القضاء بالحكم عليهم بالقصاص، وقتلهم تعزيراً بسبب إدانتهم واثبات الأدلة عليهم، وعددهم 52 من علماء الدين وغالبيتهم من أساتذة الجامعات السعودية والدعاة، واتهمهم بإصدار فتاوى عشوائية هدفها تحريض الشباب السعوديين بالسفر إلى العراق بدون إذن أو موافقة ولي الأمر، وقد تم خداع وتغرير أكثر من 3569 شاب سعودي في العراق بسبب تلك الفتاوى التحريضية، وأغلبيتهم من المراهقين.
إن نقد النقد "السني" ليس غرضه سلب "حرية" علماء السنة في قول ما يرونه أنه من "دينهم"، وإن كان تكفير الشيعة، لكن الاعتراض هو على أن ينتهي هذا التكفير بقتل وذبح وتهجير، وهو ما جرى بعد 2003، وحتى يومنا هذا، ففي (تموز/2011) كشفت (قناة الحرة) عن آخر أعمال "مجاهد السيدية" حيث قام باختطاف شاب شيعي ثم قتله وحرقه، وهو ما يذكرنا بحادثة الأعظمية في منتصف 2010 قتل إرهابيون جنوداً موجودين في إحدى السيطرات لكنهم قاموا بعد ذلك بحرق جثث الجنود الشيعة منهم فقط، علماً بأن الذي كان يقود تلك العصابة الإرهابية محام. يقول الأب جورج مسوح (مدير مركز الدراسات الإسلامية المسيحية في جامعة البلمند): "في مقابل كل إيمان هناك كفر به، ولا أجد غضاضة أن يكفرني المسلم، إنما المشكلة في نتائج هذا الحكم". وبغض النظر عن إشكالية التعميم الذي يتبناه الأب مسوح، قد تجد من الشيعة من يكفر السنة، لكن هل تجد فتوى شيعية واحدة تبيح قتل السنة أو تشجع الاعتداء على ممتلكاتهم وانتهاك حرماتهم، كما فعل "المؤمنون" في جامع بلال الحبشي مع "روافض عرس الدجيل"، وأيضاً، ما حدث مع مراسلة قناة العربية أطوار بهجت بالقرب من منطقة الشيخ حارث الضاري، وقبل هذا، وبعد سقوط عصابة طالبان في أفغانستان عثر مراسل إحدى القنوات الأجنبية على سجن ضم خمسين فتاة مجردات من ملابسهن ألقى بهن "مجاهدون" على مئات النسخ من القرآن بذريعة أن الفتيات "رافضيات" والقرآن "قرآن الروافض".
الفقه الإسلامي، في بعض جوانبه، يحمل "رفضاً للآخر" المخالف في العقيدة، وهذا الرفض تترجمه (بعض) مدارس الفقه الإسلامي (الوهابية أو السلفية الجهادية) الى شكل عنيف متصادم مع المفاهيم الحضارية المعاصرة التي يفهمها عموم المسلمين، لكن يبقى "الإرهاب الشيعي" حالة ليست لها أي أساس فقهي وإنما هي اندفاعات مارقة، بينما ظاهرة "الإرهاب السني" لها أساس فقهي واضح وصريح. يقول الباحث حسن محسن رمضان مؤلف كتاب (تشريح الفكر السلفي المتطرف): "أساس مشكلة التطرف هو أن مصادر تشريعه وأساسيات فقهه موجودة أصلاً في كتابات وآراء ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب ضمن مصادر أخرى، وهذه الكتابات والآراء مطبوعة ومنشورة ومتوفرة في كل الدول الإسلامية وغير الإسلامية بدون أي قيد أو شرط أو حتى محاولة تفنيد أو مناقشة، وهي تُدّرس وتُحفظ على أنها المنهج السلفي الذي كان عليه النبي (ص) وصحابته والسلف الصالح في جامعات بعض الدول ومدارسها ومساجدها ومراكز الدعوة والإرشاد، ويتم تلقين الأطفال والنشئ على أن هذه الآراء والمصادر تحتوي على منهج الطائفة المنصورة، الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، أهل الحديث، بل الحقيقة هي أنه يكفي أي سلفي أن يحتج برأي ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب حتى يملك الدليل على ما يفعل أو يقول، ولتنظروا فقط الى محتوى رسائل وكتابات التوجه السلفي المتطرف حتى تملكوا الدليل على هذا". وحتى لا يفهم البعض بأن التطرف بقراءة الآخر المذهبي يتموضع في مساحة مجتمعية سنية محدودة، يقول المفكر السعودي محمد بن علي المحمود: "الموضوع كبير وشائك. لكن، كي ندرك حجم هذا الأثر الذي تمارسه التقليدية على أتباعها، لا بد أن نتذكر أن العنصري الذي ترحّم (بصيغة صريحة، قال: رحمه الله) قبل بضعة أشهر، وفي برنامجه على الهواء مباشرة، على أكبر طاغية منتهك لحقوق الإنسان في التاريخ العربي: صدام حسين. وعندما أحس بأن مقدم البرنامج قد ذُهل، وأن المشاهد كذلك، قال مُبرراً: نترحم عليه، لأن من مذهب أهل السنة والجماعة الترحم على من مات من المسلمين. والسؤال هنا، هل كان يجرؤ على الترحم على بعض المختلفين معه في المذهب من المسلمين، ممن لم يرتكبوا 1% مما ارتكبه صدام من جرائم بحق الإنسان؟!، بل هل يستطيع الدعاء لمن هم أقل جرائم من صدام بما لا يقاس؟ أليس وراء الترحم على صدام نفس عنصري مذهبي واضح؟!. لن نختلف كثيراً على الجواب، لأنه كان واضحاً للعيان، ولكن تم التغاضي عنه لأنه يخص ذلك الإنسان، وليس نحن!". لذلك، فليس غريباً أن يترحم سلفي كويتي على المدان علي الكيمياوي (حاكم الكويت إبان الاحتلال) فقط لأنه سني بحجة أنه نطق الشهادتين قبل إعدامه.
وفي خضم دوي الإرهاب الدامي المنطلق من فتاوى القتل والتكفير لم يسمع العراقيون من "المصرحين السنة" إدانة لفقهاء الإرهاب في السعودية يقارب السفك المريع بدماء العراقيين الأبرياء، في الوقت الذي يعلن ليبراليون سعوديون عن إدانتهم لتلك الفتاوى الإرهابية. والمؤسف أن القرضاوي الذي أباح دماء العراقيين المدنيين بفتوى نشرت على موقعه، لم يتلق إدانة واحدة من النخب "السنية المصرحة" بينما قام صحافيون مصريون بمهاجمته وأرغموه على رفع الفتوى من موقعه الإلكتروني، في حين تساءل ‎‎مساعد رئيس ‎تحرير مجلة ‎(أخبار العرب) الناطقة باللغة الإنكليزية سابقاً الإعلامي جمال الخاشقجي في مقال له قائلاً: "لو كان ‎آية ‎الله السيستاني ‎يحذو حذو المتشددين ‎من السلفية‎‎ ويفتي‎ بقتل‎ السنة فما كان‎‎‎ يحدث؟! أليس‎ بإمكان شخص‎ من الشيعة‎‎‎ تفجير سيارة مفخخة أمام‎ مسجد للسنة‎‎ في‎ يوم‎ الجمعة ويقتل‎ بعض‎ الأشخاص؟ هل‎ بإمكاننا أن ‎نتصور نجاحاً لهذه المجازر التي ‎‎تطال ‎العراقيين‎ على أيدي ‎هؤلاء المتشددين؟!". وأضاف ‎الخاشقجي أن‎ "الشخص‎ الوحيد الذي ‎بعث الهدوء في‎ صفوف‎ الشيعة ‎‎هو سماحة آية ‎‎الله السيد السيستاني, ولذلك‎ ألا يجدر بان‎ يتوجه شيخ ‎الأزهر ومفتي‎ لديار العربية السعودية ‎والشيخ‎ القرضاوي والآخرين إلى ‎النجف‎‎ الاشرف لتقبيل‎ أيدي ‎سماحته؟".
مغالطة
لا تنحصر أسباب الرفض الواسع لدعوات الانفصال (غير الدستوري) السنية، وإنما الرفض أيضاً بسبب الإيحاء بأن الحكومة المركزية "الشيعية" هي سبب الحيف والحرمان الواقع على أهالي المحافظات الغربية "السنية"، وهو إيحاء مثير للفتنة ومغالط للحقيقة حيث أن نائب رئيس الوزراء د. صالح المطلك قد صرح أكثر من مرة – قبل دخوله الى الحكومة – في معرض نقده للأحزاب الإسلامية الشيعية الحاكمة بأنها "لم تقدم الخدمات حتى لأبناء الطائفة التي ينتمون لها" وهذا تأكيد أن سوء الخدمات يتوزع على الجميع دون تمييز طائفي أو فئوي، وإذا كان هناك فارق في حجم الاستثمارات الأجنبية فهذا يعود الى أن المحافظات "السنية" ما زالت تضم حواضن عديدة للإرهابيين. ووفقاً لمقاييس الحوادث التي جمعتها (أوليف غروب - شركة أمنية خاصة كبرى تعمل في العراق) كان متوسط العدد الشهري من هجمات التمرد بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2011 هو 380 هجوماً. وثمة خمس محافظات ذات أغلبية سنية وهي الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى وكركوك، وكذلك غرب بغداد كانت مسؤولة عن معدل 68.5 بالمائة من الحوادث التي وقعت شهرياً على مستوى البلاد في عام 2011. من جهته، يقول الخبير في شؤون تنظيم القاعدة ناظم الجبوري، أن "مشروع انفصال السنة الذي أثاره رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي هو مشروع يعود إلى العام 2007 ويدعمه عدد من التجار العراقيين المؤثرين"، مبيناً أن "المشروع تم الإعداد له خدمة لمصالحهم (التجار) الفردية النفعوية الضيقة والذاتية وتم تغطية هذا المشروع وإعطاءه صبغة الدفاع عن أهل السنة وحقوقهم ومقدراتهم المنهوبة من الشيعة". وأضاف: "الدعوة إلى إقليم السنة أو دولة سنية لم تكن وليدة تصريح النجيفي الأخير بل أن الزرقاوي سبق النجيفي بها". واعتبر أن "تلك المحافظات تعاني حقيقة من التهميش ومصادرة الحقوق والتجاوز على الكثير منها"، إلا أنه استدرك قائلاً: "هذا الظلم والتمييز يقع جزء كبير منه على أيدي مسؤولين انتخبهم المواطن السني، وهم من أهل السنة، بل وبعضهم إسلاميون تجمعهم قواسم المذهب والجغرافية والعيش المشترك". واعتبر الجبوري أن "هؤلاء المسؤولين هم من يسلب حقوق الضعفاء ويعيشون على مصائب المعدمين"، متسائلاً: "لماذا نلوم غيرنا وندعي اضطهادنا على يديه، مع أن جل الحقيقة تقول غير ذلك". ولم يكن السيد النجيفي موضوعياً بطرحه الذي أحال فيه جميع أسباب واقع "المحافظات السنية" الى الحكومة المركزية، ويعفي من ذلك الصراع على السلطة بين جميع الأطراف (شيعة وسنة وكرد) كأحد أبرز الأسباب التي أعاقت إعمار العراق، قال عضو التحالف الوطني طه درع (في 7/9/2011) إن "الصراع الموجود بين الكتل السياسية يعد أكبر مغذي يوفر مناخ جيد لانتشار الفساد الإداري في البلاد"، مشيراً الى إن "هذا الصراع جعل من الكتل السياسية ومن المسؤولين الموجودين الآن في الدولة يسيسون أي ملف بحيث لا يوجد هنالك تعامل مهني مع حالات الفساد". فضلاً عن الأزمات الداخلية والخارجية للائتلافات والأحزاب وقد أشار الى ذلك د. غسان العطية (رئيس المعهد العراقي للتنمية الديمقراطية): "أحذر من تواصل الصراع على السلطة الذي سيحفز المتطرفين من السنة والشيعة للوصول الى السلطة والإطاحة بالمعتدلين"، مؤكداً "امتعاظ عدد من أعضاء إئتلاف العراقية من عدم وجود نظام داخل للقائمة وتفرد زعيمها ومجموعة قليلة بالقرار، وأيضاً، تذمر أهالي محافظات الرمادي وصلاح الدين ونينوى من الذين انتخبوهم ولم يقدموا لهم من تحسين ظروف حياتهم واكتفوا بالصراع على المناصب". فضلاً عن انخراط أطراف سياسية في أجندات خارجية تهدف الى إفشال الحكومة العراقية وخاصة في مجال الإعمار والخدمات، وقد أعلنت النائبة عالية نصيف – قبل أسبوعين - لوكالة كل العراق إن "انسحاب النائب زهير الأعرجي من القائمة العراقية سببه ارتباط هذه القائمة بأجندات وجهات خارجية تفرض املاءاتها على القاعدة النيابية للقائمة العراقية"، مشيرة الى "إن انسحاب النائب طلال الزوبعي والنائب عبد الرحمن اللويزي إضافة الى انسحاب كتلتها كان على خلفية ذلك الارتباط". وأوضحت أن "اعضاءاً آخرين يرغبون بالانسحاب من العراقية منذ فترة ولكن الإرهاب الذي تمارسه العراقية بحق هؤلاء الأعضاء منعهم من الإعلان عن انسحابهم ولكن يبدو أن هذا الخوف بدأ بالتلاشي". كما أن نائب رئيس الوزراء د. صالح المطلك قد أقر بارتباط بعض أعضاء القائمة العراقية بأجهزة مخابرات أجنبية (في قناة الرشيد 25/8/2011)، وأيضاً، فإن نسبة كبيرة من الفساد يتوزع على فساد عراقيين، وفساد تقوده أجندات دول جارة وإقليمية من أجل النيل من النظام الديمقراطي الناشيء في العراق، حيث ساهمت دول خليجية وإيران بتخريب الاقتصاد العراقي وأعاقت نموه. فضلاً عن سياسة المياه التركية المخالفة للقوانين الدولية وسببت للعراق خسائر اقتصادية وبيئية جسيمة.
ومن واقع محافظات "المهمشين" المأزوم ذاتياً: أقصت (قائمة الحدباء) زميلتها قائمة (نينوى المتآخية) حتى أكد الحزبان الكرديان – في تموز/2011 - صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية في المحافظة دون حل الخلاف السياسي بين القائمتين الذي يبدو أنه ما زال مستعصياً. فضلاً عن قول رئيس مجلس نواب إقليم كردستان كمال كركوكلي قبل أسبوعين في معرض وصفه طبيعة العلاقة بين الكرد والعرب قال: "من الممكن أن ترى رجلاً بزيه العربي في أي نقطة من إقليم كردستان، لكن من الصعب أن يذهب الرجل بزيه الكردي الى أي مكان في عدد من المدن العربية كـ تكريت على سبيل المثال". وأضيف، إن من الممكن أن ترى رجل أعمال أو مقاول سني في مدن جنوب ووسط وشمال العراق، لكن من النادر أن يحدث العكس. هذا الواقع المحتقن بالشك والخوف قد رسمه "سنة" طائفيون، وهو توجه رفضه بعض المجتمع السني. بموازاة ذلك، من أوصل نينوى الى هذا الواقع المأساوي أليس أصحاب شعار "مقاومة المحتل" الذين احتضنوا الإرهابيين العرب أم الحكومة المركزية التي كلما قامت قواتها باعتقال إرهابيين مستوردين ومحليين في الموصل تتهم بالطائفية، حتى أصبحت هذه المدينة الضاربة بجذورها الحضارية والمدنية مرتعاً للإرهابيين وهو ما أشار إليه د. غسان العطية في 17/5/2011: "التنظيمات الإرهابية فرضت سطوتها على محافظة نينوى وإنها تجبي الضرائب من الجميع وإلا فالقتل". ولا ننسى الأخبار التي أشارت الى تورط (سياسيين متنفذين) بدعم تظاهرات يقودها "بعثيون" رفعوا علم الطاغية صدام وعلم السعودية..! حينها طالب عدد من شيوخ العشائر وممثلو منظمات المجتمع المدني في مدينة الموصل خلال مؤتمر شعبي بإقالة محافظ نينوى ومجلس المحافظة وإجراء انتخابات مبكرة، كخطوات لا بد منها لانتشال المحافظة من واقعها الحالي، وقال راعي المؤتمر أمير قبائل شمر الشيخ فواز الجربا على هامش المؤتمر الذي عقد تحت عنوان (من أجل نينوى نحو التغيير والبناء والشموخ) إن "الواقع المرير الذي تعيشه نينوى منذ عام 2003 حتى الآن، لجهة تفشي الإرهاب والفساد والبطالة، مضافاً الى عجز الحكومات المحلية عن تقديم حلول لهذه الأزمات، دفع بالمواطنين الى المطالبة بتغيير هذا الواقع عبر إقالة المحافظ أثيل النجيفي، ومجلس المحافظة وإجراء انتخابات مبكرة". وناشد الجربا "رئاسة الوزراء ومجلس النواب العراقي، وحكومة إقليم كردستان العراق، لمساعدة أهالي نينوى على تحقيق هذه المطالب"، مؤكداً على "تشكيل لجنة منتخبة أو مجلس إنقاذ يتولى مهمة التفاوض مع الحكومة الاتحادية لتحقيق مطالب أهالي المحافظة". وبالطبع، أن هذه المآسي التي لحقت بنينوى هي من صنع بعض المتنفذين بإدارة هذه المدينة المنكوبة. وذهبت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها إلى أنه "على مدى أغلب فترات العقد الماضي، تبدو ثالث أكبر مدينة عراقية بشعور كأنها سجن كبير، فالأسلاك الشائكة تلتف في كثير من شوارعها، فيما سكانها يتجنبون النظر في عيون بعضهم بعضاً، جراء انعدام الثقة بين مكوناتها". وأيضاً، ما كان في نينوى كان بالأنبار، فكان الأحرى بالسيد النجيفي أن يستحضر الشكاوى الاتهامية التي رفعتها عشائر الأنبار (2007 – 2010) التي أشارت الى أن أحزاباً سنية متنفذة في المحافظة (منها الحزب الإسلامي) لها علاقات تعاون مع التنظيمات الإرهابية وضالعة بالفساد، وهي التي جلبت الى هذه المحافظة سيوف الذبح وسيارات التفجير التي قضت على حياة مئات المدنيين الأبرياء وجرحت آلاف الأبرياء ودمرت ممتلكات، وقد نفذ جميع هذه العمليات الإرهابية شباب "سنة" من أبناء هذه المحافظة، وقد اعتصم جمع من أهالي ضحايا صناع الذهب (الصاغة) في الرمادي (حزيران/2011) احتجاجاً على إطلاق سراح أحد المجرمين لكونه (ابن أحد أعضاء مجلس المحافظة)، وهذه كلها أزمات مركبة شاركت في إعاقة حركة الإعمار والاستثمار في هذه المحافظات.
وقائع
1- استذكاراً لتوقعات د. حيدر سعيد – وقد قالها قبل تصريحات النجيفي - بأن "السنة سيكونون أول المندفعين الى الفدرالية على العكس من تاريخهم الذي كانوا فيه أول المحافظين على مركزية الدولة"، مروراً بتصريحات استفزازية عديدة منها للنائب أحمد العلواني (وغيره) قالها عبر قناة الرشيد (14/6/2011) أشار فيها الى طائفية الوزراء الشيعة وارتباطهم بأجندات خارجية، وصولاً الى صراخات متشنجة كالتي أطلقها طه اللهيبي (وغيره) على قناة البغدادية. هذه الوقائع (قد) تدفع الشيعة وغيرهم الى الظن بأن هذه الحملة المستعرة هي تعبير عملي عن "أصالة العنف" في السياسة السنية في العراق، فإن التشكيك بوقوع جريمة "عرس الدجيل" من قبل عدد من نواب إئتلاف العراقية مثل صالح المطلك وفائزة العبيدي وحيدر الملا الذي نقل وقائع مغلوطة الى الشعب عبر قناة الحرة، كما كشف عن ذلك أحد أعضاء اللجنة النيابية التي قامت بزيارة مريبة الى قضاء الدجيل، وكما أكد ممثل أهل الدجيل على شاشة قناة الحرة بعد يوم من زيارة اللجنة النيابية الى مدينة الدجيل المنكوبة. وبعض ذلك لو صدق، فإنه سيؤكد ما ذهب إليه النائب كمال الساعدي: "يجب أن لا يتصور الشعب العراقي أن فراس الجبوري هو المجرم الوحيد الذي له علاقة ببعض السياسيين"، مؤكداً "وجود العديد من المجرمين ممن لهم علاقات واسعة مع أطراف سياسية عراقية". أكرر, هذه الوقائع (قد) تدفع الشيعة والسنة والعرب والكرد على حد سواء الى الشك بنزاهة العديد من النخب السياسية السنية المتنفذة حتى يثبت العكس.
2- خلال السنوات التي أعقبت سقوط الصنم كانت مواقف النخب السياسية السنية غير حكيمة، فأولها كان انسحاب شبه كامل بانفعال تأجيجي، رغم نصائح أميركا لهم بخطأ قرارهم لكنهم فضلوا الانصياع الى فتوى هيئة علماء المسلمين ونصيحة بلدان خليجية وعربية. ومعظم السياسيين السنة ما زالوا - اليوم - بين مشاركة طامحة وبين معارضة مستصحبة أنواع الاتهامات، وهذا ما يضيف عبئاً إضافياً على عملية النهوض بواقع الإنسان والدولة. لكن السؤال: هل تنطلق هذه المواقف "السياسية السنية" المستفزة (بكسر الفاء) والمستفزة (بفتح الفاء) من مزاجية غير منضبطة أم أنها من وحي "قناعات" تدفع أصحابها الى اتخاذ مواقف د تبدو متباينة أحياناً لكنها تأتي جميعها تحت عنوان واحد "ليس للسنة أن يقتنعوا بالعملية السياسية إلا إذا كانوا (هم) على رأس السلطة". وقد أشار رئيس الوزراء المالكي في (تموز/2011) الى ذلك قائلاً أن "عدم القبول بالآخر شريكاً هو سبب تأزم الأوضاع، ويهدد وحدة العراق والانقسام". وهو مؤشر خطير على أن هناك نخباً سياسية سنية ما زالت لا تؤمن بالعملية الديمقراطية، وهذه القناعة السلبية وما يرتبط بها من مواقف مريضة إذا ما ظلت فإنها سترسم أفقاً مظلماً لمستقبل العراق بعد أن دفع العراقيون أثمان باهظة من أجل التحرر من قبضة نظام استبدادي مجرم وسيوف قوى الإرهاب والذبح والتكفير، يقول الكاتب كامران قره داغي في مقال له متسائلاً: "ماذا تغير خلال السنوات الخمس الماضية وغيّر التفكير العربي السني تجاه اطروحة الفيدرالية والأقاليم؟ هل هذا التغيير دافعه حقاً الشعور بالاحباط والغبن والتهميش؟ قد يكون هناك بعض الحق في هذه الشكوى على رغم أن مشاركة السنة في الحكم باتت أوسع في الولاية الثانية لمجلس النواب على صعيد الرئاسات الثلات، الجمهورية والوزراء والنواب، وربما بثقل أكبر من نسبتهم السكانية مقارنة بالغالبية الشيعية التي لا يجادل أحد في أنها باتت تمسك بالمفاتيح الرئيسة للحكم بعد تهميشها لمصلحة الأقلية العربية السنية منذ تأسيس الدولة العراقية. هنا بيت القصيد. فجوهر المشكلة أن العرب السنة ما زالوا غير قادرين، أو غير راغبين، في قبول عراق يهيمن الشيعة على حكمه".
3- من يتأمل المشهد السياسي العراقي سيظن أن الطاغية صدام كان شيعياً وإن على السنة اليوم استرجاع حقوقهم المضيعة، وإن القاعدة لا تمت للسنة بصلة وعلى الشيعة إثبات نظرتهم السلمية للآخر السني. هذا التمويه وهذه الشعارات الشعبوية قد يجيرها البعض لصالحه إلا أنها لا يمكن أن تعيش طويلاً في ظل نظام ديمقراطي، لقد تناسى الشيعة "سنية" نظام صدام وتنظيم القاعدة، بينما لم تتوانى نخب سنية سياسية عن اتهام الشيعة بعمالتهم الى إيران وإن الحكومة العراقية قد شكلتها إيران، وهو اتهام طائفي وليس سياسي، لأن الكتل الرئيسية حصلت على دعم من دول أخرى ومنها القائمة العراقية التي حصلت على دعم خليجي وعربي هائل.
4- إن تعاظم النفوذ الإيراني كان بعضه بفعل قوى شيعية لمصالح خاصة أو بتبرير الحرب الطائفية التي شنتها تنظيمات تكفيرية برعاية أنظمة خليجية ضد الشيعة في العراق بعد 2003، لكن من قوّض النفوذ الإيراني وبتر أذرعه المسلحة والتخريبية أولاً هم الشيعة (مرجعيات دينية وسياسية وثقافية وشعبية)، علماً بأن أطراف سنية (عراقية وغير عراقية) لها علاقات تخادم مع إيران ساعد على تغلغل النفوذ الإيراني في العراق. وقد أشار النائب عزت الشابندر الى أن "المالكي بصولة الفرسان قاتل الحرس الثوري الإيراني ولم يقاتل فقط ميليشيات الخارجين على القانون وعصابات الخطف والجريمة والسرقة". في حين تغافل الشيعة عن كل الدعم الخليجي السني الهائل للقائمة العراقية حيث سخرت أكثر من 65 فضائية ومئات الصحف والمجلات لدعم القائمة العراقية، فضلاً عن دعم البعثيين للقائمة العراقية باعتبارها القائمة السنية الأكبر، وقد لمس العراقيون المقيمون في سوريا والأردن واليمن هذا الدعم. وأيضاً حظيت القائمة العراقية بدعم تنظيمات إرهابية، وقد كشف عن ذلك (على قناة البغدادية في 22/8/2011) الإرهابي المطلوب دولياً والنائب سابقاً عبد الناصر الجنابي. وبمراجعة ما كان قبل الانتخابات وبعدها يتبين أن "المشروع الخليجي" الذي تبنته "نخب سنية" عبر القائمة العراقية لم يكن "استيعابياً" للبعثيين وغيرهم في مشروع وطني – كما قالت قيادات القائمة - وإنما كان مشروعاً خليجياً يستهدف الإطاحة بمنجزات التحرير وينتهك النظم الديمقراطية، وقد أجهض في الوقت المناسب.
5- لم ترتكب أحزاب أنظمة تونس ومصر عشر معشار معشار ما اقترفه صدام وحزبه من جرائم في العراق، وما زالت عمليات "الاجتثاث" قائمة في البلدين ولا ضجيج من حولها، بل إنها توسعت لتشمل الفنانين الذين لم يدافعوا عن النظام ولم يعلنوا تأييدهم في الأيام الأولى لشباب الحرية، وقد ابتعد العراقيون (الشيعة والكرد) كثيراً عن النهج التونسي والمصري "المتحامل"، في الوقت نفسه، فإن هناك تناسي وتجافي لحقوق ذوي الشهداء الذي قتلهم الطاغية صدام، فبعد صدور القرار الأخير في شهر تموز الماضي أصبح راتبهم الشهري – بعد الزيادة – أقل من ستمائة دولار، ومن لديه شهيدان أكثر من سابقه بعشرة دولارات، ومن لديه ثلاثة شهداء أكثر من سابقه بعشر دولارات فقط وفقط، فضلاً عن البؤس الذي يلازم حياة آلاف السجناء السياسيين الذين قضوا سنوات كالحة في سجون الطاغية صدام وتجرعوا غصص الموت في كل يوم ألف مرة ومرة. في المقابل، هناك حرص – فوق العادي - على حقوق أزلام النظام السابق ومنهم البعثيين، وأيضاً، دفاع "إنساني" عن حقوق السجناء المحكومين بالإعدام رغم أن الإرهابي السجين في العراق يعيش اليوم في "سجن خمس نجوم" فما له من امتيازات يفتقدها من هو مثله في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الدولتين الأكثر عراقة ديمقراطياً، بدليل أن عدد من السجناء كانوا يديرون عمليات إرهابية من داخل سجنهم، كل هذا، لم يرض بعض السنة، لأنهم يريدون ما هو أكثر.
6- اندفاع كبير من قبل قيادات في العراقية للدفاع عن مجرمي النظام السابق ومشروع قانون العفو العام الأخير السيء الصيت يشير الى أن القائمة العراقية إنما تمثل المكون السني بصبغة غالباً ما تكون ذات مصالح ضيقة، وإن الدفاع عن رموز مجرمة فقط لأنها "سنية" دليل على أن بعض قيادات العراقية لا تعير أهمية لصوت الناخب الشيعي أو الكردي الذين اكتووا بنار أولئك المدانينً بجرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية. رغم أنه لا يمكن تبرير الدفاع عن بعض المدانين بذريعة أنهم عناصر في جيش الدولة وعليهم الانصياع للأوامر، لأن الجيش لم يكن حينها جيشاً عراقياً بل كان جيشاً صدامياً، وإن كان يضم عدداً من الضباط الوطنيين الذين قارعوا النظام وعدد منهم شارك قوات التحالف الدولية بإسقاطه، فما قام به ذلك الجيش من حروب على مدى عقود في الجنوب والشمال، وخاصة في أحداث انتفاضة آذار 1991، يدل على أنه جيش مع الحاكم وضد الشعب، على عكس ما كان من جيشي تونس ومصر. وبالتالي فإن أفضل ما عمله السفير بريمر هو حل هذا الجيش الذي ما زالت بعض قياداته تدير الشبكات الإرهابية. وكما قال المحلل السياسي خالد السراي: "إذا كان هناك من يرى ضرورة وطنية في الدفاع عن سلطان هاشم وحسين رشيد التكريتي لأنهم قادة جيش وطني فماذا نسمي الضباط الذين أعدمهم النظام البائد لأنهم رفضوا قتل أبناء شعبهم". إنه جيش تناصف مع حزب البعث العديد من الجرائم منها – على سبيل المثال – جرائم الأنفال التي سجل التاريخ في صفحة من صفحات السوداء انتزاع المئات من بنات كردستان (منهن بعمر الزهور) وتوزيعهن "سبايا" على أعضاء بالحزب، بحسب الدرجات الحزبية فكلما كانت الدرجة الحزبية أعلى يكون عدد البنات أكبر، وبعضهن تم بيعهن الى تجار الرقيق الأبيض في مصر.
7- غالباً، النخب السياسية الشيعية تتحدث عن الظلم الذي أوقعه نظام الطاغية صدام بالعراقيين دون أن يستثنوا في حديثهم السنة علماً بأن ظلم صدام كان مكثفاً في المناطق غير السنية، في حين لم نسمع من النخب السنية وصفاً بنصف مستوى الوصف الذي يصف به الشيعة والكرد جرائم النظام المجرم، ألا يعني هذا وغيره، أن بعض السنة ما زال غريقاً في بحيرة أوهام لا عودة لها، وبالتالي، فإن هذا البعض "السني" ما زال غير مقتنع بالعراق القائم على أسس ديمقراطية، وإن "البلد أصبح ليس بلدهم"، كما قالها أحد "المتظاهرين" الذين هاجموا الدوائر الحكومية في الموصل (2011).
8- مثلما تمايلت القائمة العراقية بين (الوطني والمذهبي) وبين (الحكومة والمعارضة)، تمايلت في مواقع آخرى، حيث أنها في الوقت الذي تندد بـ(التدخل الإيراني) في العراق، ومعظم العراقيين مع هذا التنديد، تعمل على ترسيخ ذلك التدخل من خلال الدعوات المستمرة لـ(التدخل الخليجي - العربي) في العراق، فالعراقيون لن ينسوا القيادي الكبير في العراقية الذي قال لحاكم قطر: "ناديت ولبينا النداء"!!. وبالتالي فإن القائمة العراقية هي (قائمة هجينة) لا ثوابت محددة لها، وقد أشار الى ذلك رئيس مؤسسة المدى الثقافية الأستاذ فخري كريم قائلاً: "إن ادعاء النجيفي بتعبيره عن هواجس العرب السنة، إنما هو تلفيق سياسي بامتياز، رد عليه قادة معروفون في الوسط السني، أدانوا دعواته واتهموه بمصادرة إرادة السنة. وهذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها قادة العراقية بتمثيلهم للعرب السنة، مع دعاواهم باللاطائفية، إذ أن كل ممارساتهم وتوجهاتهم ومطالباتهم تنصب على مطالبة لا تخرج عن الدفاع عن البعث وبقايا النظام السابق، سواء عند تصديهم لتطبيق المصالحة الوطنية أو التوازن الوطني والمشاركة الوطنية أو المطالبة بإلغاء الاجتثاث والمساءلة والعدالة، فهل هم يمثلون بهذه الدعاوى والمطالبات العرب السنة؟ وهل ستظل العراقية والدكتور إياد علاوي يستمرون بالتأكيد على أن قائمتهم، مشروعٌ وطنيٌ لا طائفي..؟". ويبدو أن قيادات بالقائمة العراقية اختارت مجالاً آخر للتمايل ما بين استقرار العملية السياسية ولا استقرارها، وهو ما أشار إليه النائب عزت الشابندر الى (السومرية نيوز) قائلاً: "إن تلويح القائمة العراقية بسحب الثقة من الحكومة واتهام دولة القانون بالتفرد بالسلطة كلام من طرف واحد بالعراقية وهو زعيمها إياد علاوي فقط وليس كلام العراقية بأكملها". وأضاف: "نتمنى على علاوي أن يفي بتهديد واحد مع ناسه وجمهوره فإما أن يدخل العملية السياسية كما يلوح كل يوم أو يسحب الثقة من الحكومة وننتهي إلى انتخابات جديدة ليأتي هو كرئيس وزراء". وتابع: أن "بث السموم من خلال التصريحات محاولة لخلق أزمة من علاوي لأن استقرار العملية السياسية لا يخدمه إنما يخدمه بشكل شخصي أن تقلق الساحة السياسية وتضطرب". ولعل ترشيح القائمة العراقية لبعض "أبطال" البعث وفدائيي صدام، وفي ذلك قال المالكي مؤخراً: "تم تقديم أسماء مرشحة لوزارة الدفاع، لكن أحدها عضو شعبة بحزب البعث حتى 9 نيسان 2003، والآخر مسؤول ألوية الناصر صلاح الدين الإرهابية، وهناك ضابط مخابرات مطرود"، مضيفاً أن "هناك ضابطاً أنا طردته لأنه متواطئاً لانقلاب في فترة سابقة"، متسائلاً "هل من المعقول هذه الأسماء تصبح بمنصب وزارة الدفاع"؟!. دليل على أن قيادة القائمة العراقية لا تريد المضي بالعملية السياسية الى الأمام، فإن تقديم مرشح مرفوض لا يدل على سلامة النيات، ويظهر أن سياسة التمايل هذه ليست طارئة على القائمة العراقية التي تضم العديد من النخب "السنية" وإنما هي سياسة قديمة، ففي (2006) سألت مذيعة العربية زينة يازجي د. عدنان الدليمي (وكان زعيم جبهة التوافق وهو أستاذ في التاريخ) من يقتل السنة في العراق. أجاب: "الشيعة". فسألت: من يقتل الشيعة: أجاب: "الشيعة". فأنهت اليازجي المقابلة فوراً. وفي شهر رمضان وعبر ندوة حوارية على قناة الرشيد أشار النائب عزت الشابندر الى أن اتفاق أربيل كان اتفاقاً على خطوط عامة ولم يتضمن التفاصيل التي ينبغي الاتفاق عليها أيضاً. متسائلاً: إذن لماذا تمتعض العراقية وتتهم الآخرين كلما أعربوا عن عدم اقتناعهم بهذا المقترح أو ذاك التفصيل، أليس هو حوار من أجل الوصول الى الاتفاق. فما كان من السيدة ميسون الدملوجي التي شاركت الشابندر الندوة إلا أن تصف كلام الشابندر بأنه "كلام تافه" مذكرة الشابندر بأن د. علاوي "صديقك وأخوك"!! وكأنها تشير الى أن الحديث ليس بين سياسيين وإنما بين زبائن دائميين في مقهى عزاوي.
9- غالباً ما تتعامل العراقية مع مشاكل الدولة وعموم العملية السياسية بحجم مضخم جداً، وإن أقل ما يمكن أن يوحيه هذا التضخيم أن قيادات في القائمة العراقية لا تستطيع استيعاب أخلاقيات العملية السياسية، وهو ما أشار إليه الكاتب غالب حسن الشابندر في مقال له بعنوان (أياد علاوي مشروع تأزيم وليس مشروع حل) قائلاً: "مشروع مجلس السياسات الاستراتيجية مسمار صديء في جسم العملية السياسية لأنه ولد مشوهاً، عاجزاً، ليس هناك أي مبرر دستوري أو سياسي أو قانوني يجيزه ويبرره ويسوغه، بل هو أشبه بالمخلوق الشاذ، حيث لم نعهد له شبيهاً أو نظيراً في الأنظمة السياسية الديمقراطية. وإن الموقف السليم من السيد علاوي هو تعديل المسار الخاطيء لحكومة المالكي بالاستفادة من هذا الدعم لا حرف المسار إليه، إن السيد علاوي بدل أن يكون قوة ضاغطة بالاستفادة من هذا الدعم تحول إلى قوة حذف... إلغاء... إسقاط.... إنهاء...".
10- تردي الواقع الخدمي والحياتي كان وما زال بسبب أن العراق كان بلداً مهدماً ولا بنى تحتية لديه في العام 2003، فضلاً عن التزايد السكاني وتوسع متطلبات الحياة عند كثير من العراقيين بعد ارتفاع المدخولات الشهرية بعد 2003، لكن الصراعات والمناكفات السياسية كانت وما زالت عاملاً سلبياً في تأخير البناء والإعمار. فإن سياسيين سنة وافقوا سياسيين شيعة قادوا عملية رفض برلماني لمشروع الـ 80 مليار المقدم من الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا واليابان ودول أخرى لإعمار العراق في العام 2008 بالتمويل الآجل، والذي كان يؤمل منه القضاء على أزمات البنى التحتية الخدماتية والزراعية والمائية والصناعية والتعليمية والسكنية والاستثمارية، تفادياً لاستفادة المالكي منه انتخابياً، وقد أبدى النائب فؤاد معصوم - حينها - امتعاضه من هذا الاندفاع باتجاه رفض هذا "المشروع العظيم".
11- حتى اليوم، ورغم مشاركة النخب السنية بحسب استحقاقاتها الانتخابية، ورغم إشارة د. حيدر سعيد في فترة ما بعد الانتخابات الأخيرة وأزمة تشكيل الحكومة الذي قال: "أخبرني صديق أجنبي كبير بأن إئتلاف العراقية حصل على أكثر مما له". إلا أنها مواظبة عبر عدد من نوابها على إثارة أجواء الفشل والارتياب والتهميش، يقول النائب عزت الشابندر: أن "لغة الإقصاء والتهميش التي تتحدث بها القائمة العراقية خطاب سلبي ليس له وجود على أرض الواقع". وقال في تصريح لـ[أين] إن: "القائمة العراقية تعودت الخطاب السلبي الذي لا يتلائم مع حقيقة تواجدهم في حكومة الشراكة الوطنية".
للغد
1- الوصول الى حفظ الحقوق ينبغي أن يكون عبر الآليات الديمقراطية حصراً بعيداً عن مظاهر العنف المادية والمعنوية، وبعيداً عن التصريحات الطائفية والاتهامية والتعويقية والانتهازية، وهذا يتطلب سمواً ثقافياً وقيمياً وحياتياً. حيث أن "ما هو مقدس في النظام الديمقراطي هو القيم وليس الآليات، وما يجب احترامه بالمطلق ودون أي تنازل هو كرامة البشر بغض النظر عن معتقداتهم أو لون بشرتهم أو أهميتهم العددية، ويجب تكييف هذا الاقتراع مع هذا الشرط". كما يقول الكاتب أمين معلوف في كتابه (الهوبات القاتلة).
2- كثير من الناخبين فقد الثقة بمعظم المنتخبين سواء أكانوا سنة أو شيعة أوكرداً، وإن النظام الديمقراطي بحاجة دائمة الى حماية مستدامة من الناخبين، لذلك فإن الشعب مسؤولية كبيرة – خصوصاً في هذه المرحلة وحتى الانتخابات البلدية والنيابية القادمة – في إزاحة المسلحين والمتطرفين والطائفيين والشعبويين الانقلابيين وناقصي الإمانة الوطنية والإنسانية. فصاحب كلمة الفصل هو الشعب، وكل سياسي سيء يمسك – اليوم - بزمام مفصل من مفاصل الدولة، فإنه جاء بصوت الشعب.
3- بنبغي عدم الوقع بفخ "الشعور بالإحباط المضخم" من النظام الديمقراطي نتيجة سلبيات ومخاضات مرحلة البناء الديمقراطي، يقول د. جابر حبيب جابر: " ويشير العديد من الباحثين في علم السياسة، مثل هنتنغتون، إلى أن السنوات الأولى من التحول نحو الديمقراطية غالباً ما تشهد إحباطاً اجتماعياً واسعاً بل وتوجهاً لدى كثير من أفراد المجتمع نحو إظهار حنينهم للديكتاتورية. بالطبع مثل هذا الحنين هو تعبير عن خليط من خيبة الأمل التي سبقتها آمال عريضة ومبالغ بها، وتعبير عن النقمة تجاه واقع جديد يتسم بقدر كبير من الفوضوية وعدم الوضوح واللايقينية، تنمو معه مشاعر الخوف من الآتي". ويضيف: "سبق لـ ونستون تشرشل أن وصف النظام الديمقراطي بأنه سيئ، لكنه الأقل سوءاً بين الأنظمة السياسية. لذلك من الضروري تجنب رفع سقف التوقعات بشأن ما يمكن للديمقراطية أن تفعله، فهي وإن أقامت النظام الأقل سوءا فإن التطبيق يظل دائماً بيد البشر الذين يتصرفون بواعز من مصالحهم ورغباتهم، ويحاولون في الغالب أن يغلفوها بأحلى العبارات عن الأخلاق والقيم.".
4- العراقيون قادرون على تجاوز آلامهم، ومن الممكن لهم مواصلة التحرر من موبقات النظام البائد وبناء العراق الجديد، والتحرر من بعض أفكارهم البالية والمتخلفة والمريضة، وقد انتفض عموم العراقيين مع القوات الأمنية في تحرير مدن الجنوب والوسط من ميليشيات الخارجين على القانون، وانتفض أهل الأنبار على تنظيمات القاعدة وكسروا ظهر أكبر تنظيم إرهابي في العالم، بعد أن كان كثير من أهلها مؤازرين للقاعدة، يقول الجنرال المتقاعد جاك كين (قائد أركان الجيش الأميركي 1999 – 2003) في دراسة مطولة أعدها في الربع الأخير من العام 2008: "من المهم أن نفهم كيف انهزمت القاعدة والأسباب التي أدت الى ذلك، فالسنة لم يعودوا يؤازرون القاعدة، وهذا يعد تطوراً كبيراً في العالم العربي والإسلامي، ومع ذلك لم يحظ بالتغطية الإعلامية الكافية والتقدير الملائم. لقد ابتعد ملايين السنة في العراق عن الإسلام الأصولي، وهو أمر لم يحدث في أي مكان في العالم العربي الإسلامي، إنه هزيمة كبرى للقاعدة في العالم العربي حصلت بعد عمليات شديدة خاصة وعامة". وهذه الحقائق جزء من واقع عراقي إيجابي يؤكد قابلية التغيير وتنامي عوامل التغيير، تغيير سيطال "مقدسات" ليست بمقدسات، وسينال من أيديولوجيات تاريخ دموي مرير لم يجلب لنا سوى الخراب والتخلف والموت، فالحرية قيمة إنسانية وهي حاجة أساسية وضرورة بقاء ووجود لكل إنسان، وإن انتفاضة المحافظات الجنوبية على الميليشيات الشيعية بعد احتضانها لها وانتفاضة المحافظات الغربية على تنظيمات القاعدة بعد احتضانها ودعمها لها دليل على أن القناعات سرعان ما تتغير بفعل غريزة البقاء وقانون المصالح والتمسك بالحياة الكريمة والحرية الكاملة. وتذكيراً، فإنه بعد إسقاط صنم الطاغية ووصول القوات الأميركية الى مشارف محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل كان شيوخ العشائر في مقدمة أهاليهم، وقد التقوا بقادة الجيش الأميركي مؤكدين أنهم سيتعاملون مع الوضع بواقعية حكيمة ولا شأن لهم بالسلاح ولا بـ"جعجعة المقاومة"، وبذلك، فقد حافظوا على حياتهم وحياة من جاء للإطاحة بحكم ديكتاتوري مجرم بخل حتى على مدينة أهله وعشيرته (تكريت) فجعلها من المدن الأكثر عدداً بالمدارس الطينية. وقد أكدت هذه العشائر نزعتها الوطنية والحكيمة مرة أخرى حينما انتفضت على تنظيمات القاعدة فقاتلتها بشجاعة ورجولة، وكان قتالها البطولي أحد أبرز عوامل نجاح عملية الاندفاع التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش في تحقيق انتصار كبير على الإرهاب في العراق، وعلى هذا الطريق الوطني قدمت عشائر من محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى ومعها الصحوات الشهداء والجرحى وخسائر باهظة بالأموال والممتلكات، في الوقت الذي كان (سياسيون) في تلك المحافظات لا شأن لهم إلا جمع الملايين والنفخ بأبواق الطائفية السياسية المقيتة.
5- الانجاز الديمقراطي الذي تحقق في العراق في 9/4/2003 ينبغي أن يحافظ عليه العراقيون السنة والشيعة والكرد والعرب والتركمان والمسيحيين والصابئة والإيزيديين واليهود، فإن العراقيين أصبحوا – بعد إنجاز التحرير العظيم - أكثر شوقاً لحياة السلام والرخاء وأكثر تمسكاً بالحرية والرفاه، وقد أدركوا أن تهميش حرية وحقوق ومواطنة أي مكون سواء أكان من الأقلية أو الأكثرية سيكون عامل تهديد لاستقرار جميع المكونات.
الخلاصة
1- إن مشكلة معظم السنة تكمن بأنهم لا يقبلون بالآخرين شركاء بكامل حقوقهم فقط لأنهم اعتادوا على أنه لا ينبغي لأولئك الآخرين أن يأخذوا كامل حقوقهم، بل هناك من يرى أن الآخرين ليسوا شركاء. وإن الاندفاع التسلطي عند بعض السنة لا ينفع السنة كما لا ينفع أحداً غيرهم. حيث إن النظام السياسي الذي تسلط على العراقيين بالحديد والنار قد انهار سريعاً في العام 2003 لأنه لم يكن نظاماً ديمقراطياً، وبالتالي، فهو لم يكن يملك مقومات البقاء. كما أن بقاء التنظيمات الإرهابية مستفحلة في مدن سنية قد تدفع الآخرون الى التصريح باتهام نخب سياسية سنية إحقاقاً للحق حيث إن صبر الشعب قد نفد.
2- إن النضال من أجل الحرية الذي كان يخوضه الشيعة والكرد ضد نظام الطاغية صدام لم ينعكس على علاقة الشيعة والكرد مع المكون السني الذي ينتسب إليه صدام، ولم يظهر له أي أثر سلبي على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإنساني أو الأمني أو الحياتي، بينما وبعد سقوط نظام صدام أصبحت المحرمات (الشيعية والكردية) مستباحة، في الوقت الذي يبدو أن المنهج السني في استحصال ما يرونه حقاً غالباً ما يميل أولاً الى العنف الدموي.
3- إن طرفي معادلة تأخير انتاج الدولة العراقية الحديثة هما: بعض الشيعة المتخوفين من الاندثار بعد خسارات انتخابية كبيرة وجاملوا إيران على حساب مصلحة العراق، وبعض السنة الذين يعتقدون بأن حكم العراق لا ينبغي إلا أن يكون لهم وتحاملوا على العراقيين محاباة لمصالح دول خليجية طائفية في مقدمتها السعودية الدولة المنتجة لفقه الإرهاب ومقاتلي القتل والكراهية.
4- من الضروري أن يتصور الشعب العراقي إن السياسي الذي تسمح له قيمه أن ينافس الآخر عبر تأخير الخدمات الحياتية الضرورية عن الشعب لا يمكن أن حاكماً صالحاً، وإن الخيار سيبقى بيد الشعب سواء أراد أن يكون الحاكم أو المسؤول طاغية أو طائفياً أو سفاحاً أو لصاً.
5- اليوم يستعيد العالم المشاهد الدامية للعمليات الإرهابية التي تفجرت في 11/سبتمبر والتي نفذها "عرب مسلمون سنة"، وهذا الوصف المحدد لهؤلاء الإرهابيين ينطبق على الذين نفذوا عملياتهم في لندن ومدريد وروسيا ومصر والأردن والسعودية والصومال واليمن والجزائر والمغرب وجاكارتا، وأيضاً، وآلاف العمليات الإرهابية التي نفذت في العراق، وبالتالي هو وصف يكشف نصف الحل لأزمة متفاقمة هناك من يدعمها ويحميها ويبرر أعمالها بينما هي ما زالت أزمة تهدد أمن الدول المتقدمة وحياة المجتمعات الحرة...
أخيراً..
بالتأكيد.. ليس كل من له القدرة على كتابة أفكاره والتعبير عن هواجسه قد ألم بالحقيقة من جميع أطرافها، وليس كل من يرى أن حقه مسلوب فإنه سيكتفي باسترداد حقه فقط فالبعض يرى حقه يمتد الى أبعد من مدى نظره والوصول الى الواقعية يتطلب قدراً من الوقت والتجربة، كما أنه ليس كل من يشير الى مواضع الخطأ هدفه الإصلاح، وليس كل من يقرأ عن أخطائه يتغيا التقييم والمراجعة والتقويم.
إن الرؤى التي تتضمنها هذه المقال قد تكون صائبة أو خاطئة، وقد تكون موضوعية أو متحاملة أو مجاملة، لكن الأكثر أهمية هو الحيادية في قراءة الواقع كما هو. وقد انتقدت مضامين المقال شخصيات لها صفحات مشرقة في مقارعة نظام الطاغية صدام وشخصيات أخرى تمردت على التنظيمات الإرهابية وقد دفعت ثمناً باهضاً نتيجة هذا التمرد والعودة الى الصف الوطني، وسبب توجيه النقد لتلك الشخصيات فقط لأنها شخصيات أضحت - اليوم – على الجانب السلبي من المشهد السياسي أكثر مما هي موجودة في الجانب الإيجابي، وإن الأعمال الوطنية والتضحيات الكبيرة لا تبرر لأي أحد ارتكاب الأخطاء. وإن تسليط الأضواء على أخطاء شخصيات سياسية ودينية من هذا المذهب أو ذاك المكون لا يعني – بتاتاً – أنه حكم نهائي على تلك الشخصيات بالسلبية، وفي الوقت نفسه، فإن الانطباع الذي يتولد عند القارئ عن تلك الشخصيات لا يمكن أن ينعكس على المكون الاجتماعي الذي تنتمي إليه تلك الشخصيات. كما أن عدم التطرق الى شخصيات إيجابية من هذا المكون أو ذاك لا ينبغي أن يفهم على أنه تهميشاً له أو تغييباً، فإن هدف تقديم هذه المراجعة هو تشخيص الأخطاء من أجل تصحيحها، وفي هذا خدمة للجميع سواء السلبيين أم الإيجابيين.



#محمد_طالب_الأديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برلمان .. شرعنة الفساد
- ضرورة الحرية...
- أحمد راضي والانتخابات الكروية القادمة
- عودة اللاجئين العراقيين.. متى ولماذا
- المواجهة مع الداخل .. أولاً
- يوم الانسحاب.. وجهة نظر أقرب
- التاسع من نيسان .. مراجعة وانطلاقة


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد طالب الأديب - في الذكرى العاشرة ل 11/سبتمبر