أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - سورية المستعجلة إلى اقتصاد السوق: تنعطف يمينا أم تتأزم؟















المزيد.....

سورية المستعجلة إلى اقتصاد السوق: تنعطف يمينا أم تتأزم؟


قاسيون

الحوار المتمدن-العدد: 1036 - 2004 / 12 / 3 - 08:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أشارت العديد من التصريحات والتصرفات لمسؤولين سوريين مؤخرا إلى احتمال حصول تبدلات جوهرية في الخيارات السورية على المستويات الداخلية «الاقتصادية والاجتماعية» وعلى المستويات الخارجية التي تعني علاقات سورية واستقلاليتها ودورها في بيئتها العربية والاقليمية وثوابتها والقيم التي درجت على التشبث بها وخوض معاركها المتعددة الاشكال والاساليب تحت سقفها مهما كان الظرف او الضغط.
وقّعت سورية عقد الشراكة الاوروبية، بعد اجراء تغيير ملموس في النص تحت ضغط فرنسا والمانيا وبريطانيا ربطت التوقيع بتغيير في الفقرات التي تخص اسلحة التدمير الشامل، واللافت حجم الاحتفالية السورية بالتوقيع «لن يكون ملزما قبل 10 سنوات وبعد ان توقع عليه المؤسسات الدستورية لخمسة وعشرين بلدا اوروبيا»، ومشاركة وزير الخارجية الذي تم «اصطياده» في أوج فرحته في تصريح نُسب له وقال فيه عن مجلس الامن وقراراته انه «تافه» ثم سارعت الخارجية السورية إلى نفي ما نسب للوزير وصححت الكلام.
على نفس النسق، سارع رئيس هيئة تخطيط الدولة د. الدردري الى اطلاق سيل من التصريحات والمقابلات، ركز فيها على القول «إن سورية حددت خياراتها النهائية واعتمدت اقتصاد السوق الحر» ودخلت مرحلة الاصلاح السياسي تحت وقع وضغط الشراكة ومستلزماتها، وان العناصر المادية قد توفرت لاقلاع الاصلاح بما في ذلك اقصاء وعزل القوى التي ترفض الانفتاح واقتصاد السوق وإبعاد حزب البعث واحزاب الجبهة عن الادارة والمؤسسات السيادية، بفعل التأثير الجاري في التحولات الاقتصادية وتلبية لشروط الشراكة ومستلزماتها التعاقدية والزمنية.
ودللت عملية اختيار وزير الاعلام د. دخل الله على تحول عميق في النخبة الحاكمة، فالوزير الجديد عرف بجرأته «وصنف بين الاصلاحيين الجدد» في طرح ومقاربة قضايا وموضوعات وعناوين كانت للتو مسلمات لم يجرؤ احد على طرحها أو مقاربتها، كدعوته الصريحة في افتتاحية «البعث»، إلى تغيير جوهري في مبادئ الحزب وتركيبته ومنطلقاته النظرية للتحول إلى حزب قطري، يقيم علاقات مع فروعه السابقة أو مع الأحزاب العربية الأخرى على قاعدة الجاري في الجامعة العربية بما في ذلك اعادة مقاربة طروحات المسألة القومية والوحدة العربية والامة والعروبة، بما ينسجم مع تحولات في «الوعي والتطورات الاجتماعية والسياسية العربية والعالمية». وقد اعلن على الملأ انه سمي وزيرا بناء على وجهات نظره هذه وليس على اي شيء آخر، وفي ذلك دلالات عميقة وقوية على تحولات جارية في البنية السورية من اعلى الهرم الى قاعدته.
وكانت قد نظمت حملات اعلامية تصدت لزيارة الرئيس الأسد إلى الصين، في جهد يستهدف النيل من فكرة الاسترشاد بالتجربة الصينية والماليزية، والسعي لتسويق التجربة الاردنية التونسية المصرية، شارك فيها الكثير من شخصيات النخب السورية وبعضها في مواقع حساسة وقريبة جدا من صناع القرار. واستكملت الحملة بمشاركة العديد من الوزراء المعنيين بالملفات المالية والاقتصادية الاجتماعية، ومنهم من بدأ حملة عملية تصفية القطاع العام لإطلاق الخصصخة، وإقفال المعامل. وترجمت التوجهات في الموازنة حيث تبخرت الموازنات الاستثمارية والتوسعية في قطاعات الانتاج والخدمات العامة.
اللافت أن التحولات والتغييرات جاءت بعد قرار مجلس الامن 1559 اثر زيارة بيرنز «الزيارة النوعية التي تباينت الآراء والمعلومات عما جرى فيها وما تم الاتفاق عليه». لكن المعطيات بدأت تنكشف لجهة الاجراءات السورية على الحدود العراقية ((بناء جدار رفع سواتر، وإعلان الشرع عن توقيع بروتوكول امني مع الحكومة العراقية، ودعوة وزير الداخلية العراقي إلى زيارة سورية)) كمؤشر لتغيير في الموقف السوري السابق ترافق مع تغيير في تعاطي الاعلام في توصيف ما يجري في العراق، وتصميم على توصيف العلاقات السورية الأميركية بأنها ايجابية وترحيب ببوش الثاني ورهان على ان تكون رئاسته الثانية فاتحة لعلاقات ايجابية، مع تراجع واضح لحضور المسؤولين الفلسطينيين في دمشق وحركتهم الاعلامية).
إن الثابت في قراءة تاريخ سورية الحديث، ولا سيما منذ تسلم حزب البعث السلطة، يدلنا على ان التغيير في سورية له خاصية التغيير من فوق، والتغيير الداخلي كان دائما مقترنا بتغييرات في البيئة المحيطة، ويستهدف تعزيز صلابة سورية وقدرتها على المواجهة، فكانت تحسم الصراعات والتباينات وتستقر الخيارات اولا في البنية الداخلية برغم حدة الحصارات والضغوط. ففي عام 1970 جرت الحركة التصحيحية في الوقت الذي كانت فيه المنطقة برمتها تقف على عتبة تغييرات بعد هزيمة ال1967 ورحيل عبد الناصر، وظهور علامات الاعياء على معسكر قوى التحرر الاجتماعي والوطني، وفي فترة 1976 لغاية 1980 كانت المنطقة حبلى بالتطورات والتغييرات فتعرضت سورية لازمة داخلية حادة قاربت حد الحرب الاهلية، بالترافق مع انفجار الحرب الاهلية اللبنانية، وكانت التحضيرات لزيارة السادات للقدس وتوقيع اتفاقي كامب ديفيد. كما وقعت في سورية توترات داخلية في قلب بنية الدولة والنظام خلال اعوام 1983 و1985 على اثر الغزو الصهيوني لبيروت ودق الدبابات الاسرائيلية ابواب دمشق على بعد 18 كيلومترا.
في هذه اللحظة،)...( يمكن القول ان البلاد دخلت لحظات تفترض انعطافة حادة تبدو مؤشراتها الطافية على السطح انها ستكون باتجاه اليمين الاجتماعي الاقتصادي وبالتالي الوطني والقومي. فمن غير المعقول ان بنية يمينية اجتماعيا واقتصاديا تستطيع تحصين سورية لتخدم ثوابتها وقيمها ودورها.
في المؤشرات ما يفيد بأن خيارات اللبرلة واليمينية باتت في مواقع قيادية قادرة على التأثير، وخاصيات سورية تبدو المسألة اعقد بكثير، فما زال الخطاب الرئاسي نفسه، والدليل الواضح الهجومية في ادراة الملف اللبناني، والتمديد واقصاء الليبرالية من الحكومة اللبنانية، وقرار توفير سبل مواجهة مجلس الامن والقوى النافذة فيه، وفي تحركات حزب الله واعماله دليل على استمرار النهج المقاوم بل دفعه نوعيا إلى مرحلة تهدد بفرض اشتباك واسع بقرار مسبق من حزب الله المتفهم للحاجات السورية الايرانية في هذه المرحلة الحرجة.
سورية أو بعضها المستعجل إلى اقتصاد السوق الحر والشراكات، والمبتهج بتوقيع الشراكة مع اوروبا «لانها عامل محفز اضطراري للاصلاح واعادة الهيكلة»، والمعتمد اجراءات عملية في تصفية القطاع العام وتخسير شركاته، والحد من السياسات الحكومية الاستثمارية والتعرض للعاملين وللمواطنين بتحريك ملفات متفجرة ومطلوب تأجيلها، كقانون العاملين، وعقود اجارة الاراضي، والاحياء العشوائية في قاسيون ومحيط دمشق والمدن، والمستفيدين من الدعم، ومن ضبط الاسعار، ربما يعبث بالنار ويستعجل انعطافة يمينية تفجيرية لم تنضج معطياتها وظروفها في البيئة والبنية السورية، او يؤدي الى استعجال حسم الصراع الداخلي لتحديد الخيارات واطلاق ديناميات تجديد في البنية الاجتماعية والسياسية للدولة والحزب ومؤسسات النظام والمجتمع.
مرحلة الخيارات الحاسمة
في كل الاحوال، تفيد المؤشرات ان سورية دخلت مرحلة الخيارات الصعبة المفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها احتمال الإقدام على دعسات ناقصة)...( قد تؤدي الى انفجار وتغيير درامي في البنية والتوجهات، يسعى اليها فريق من المتعبدين لايديولوجيا التخصيص واقتصاد السوق الحر، واعادة الهيكلة.
باختصار شديد: سورية إمام ثلاثة خيارات في مجملها تحمل على الاعتقاد أن سورية دخلت مرحلة من الحيوية والتعارضات تتحفز لتغيير ما، والاحتمالات الثلاثة تندرج في الآتي:
الاحتمال الاول: ان ينجح اليمين الاجتماعي مستفيدا من الضغوط الخارجية وضعف اداء القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في الاصلاح والتنمية الوطنية الاجتماعية المكثفة بابعادها الوطنية والتزاماتها القومية، فيجر سورية الى محاولات متسرعة لانعطافة يمينية اجتماعيا ووطنيا الامر الذي يحمل في طبيعته خطر انفجارات اجتماعية وسياسية تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.
الاحتمال الثاني: ان يقوم تعايش رجراج غير مستقر بين الاتجاهين اليميني الليبرالي، والاجتماعي الوطني لمدة زمنية اضافية، تترتب عليه تحولات بطئية تؤدي في نهاية المطاف لانتصار احد الخيارين وحسم الصراع سلميا وببطء على ما جرى في التجربة الايرانية بسمات سورية «اطالة المرحلة الانتقالية» يؤدي ذلك الى تراجع الهجومية السورية في مختلف الملفات ودخول السياسة السورية مرحلة الاضطراب وعدم الاستقرار ما يحمل في طياته خطر نجاح الضغوط والرهانات الخارجية على تفجير بؤر توتر ومشكلات عدة.
الاحتمال الثالث: ان يكون الجاري من ممارسات وتصعيد لقوى ورموز التيارات الليبرالية الى مواقع في السلطة السياسية والحكومة، والاعلام، بما في ذلك الاستجابة للضغوط لتوقيع الشراكة ومغازلة الاميركي، وتبريد ساحات المواجهة، جاريا عن قصد ومعرفة مسبقة من رأس الهرم بقصد ترك الآخرين يجربون في البنية السورية، ويلعبون في ساحات هامشية لتقطيع الوقت، وامتصاص الضغوط، وتحفيز القوى الاجتماعية والسياسية في الدولة والمجتمع للنهوض دفاعا عن خيارات الاصلاح لتعميق الاتجاه لا لتغييره، والاستثمار في مقولة التعددية السياسية تحت عباءة النظام نفسه كما كانت عليه الحال طيلة الثلاثين سنة الماضية، حيث ظهرت الصراعات وعنفت تحت عباءة النظام وليس خارجه، الامر الذي وفر امكانية ضبطها وحسمها في الوقت المناسب وبأقل الخسائر الممكنة، وعندما يثبت فشل وافلاس تلك الخيارات القاصرة عن استيعاب الدروس ومعرفة طبيعة سورية وخاصياتها ويتلمس الجمهور مخاطر الاندفاع الى اليمين الاجتماعي والوطني، تكون عمليات الاحتواء او الاقصاء هي خيار «الكي». حمى الله سورية وخياراتها من العابثين المستعجلين، عبيد ايديولوجيا الليبرالية برغم تراجعها وازمتها العالمية، على انها آخر المواقع الحصينة والحصون المتمردة على الارادة الاميركية الاسرائيلية.
السفير 19/11/2004
■ د. ميخائيل عوض



#قاسيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاغ سكرتاريا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي
- الورقة التنظيمية
- البيان الدولي ضد الإرهاب: بيان ديكتاتوري من مواطن ديمقراطي ي ...
- الليبرالية بين الماضي والحاضر!
- الفساد والخائن هما عدوان للوطن والوحدة الوطنية
- الوطن يدعونا للإئتلاف بدل الخلاف
- رأي في أسباب ميثاق شرف لوحدة العمل الوطني لمواجهة الإمبريالي ...
- من أجل دور جديد للدولة
- محطة العمل الوطني الانتقالية ستكون مسرحاً لاختبار مصداقية كل ...
- الوحدة الوطنية أكثر إلحاحاً من أي وقت آخر
- الديمقراطية هي أساس كل أنماط الحياة
- بلاغ صحفي عن ندوة الوطن
- «إصلاحات» الدمار الشامل
- تفجيرات سيناء من وراءها وصاحب المصلحة فيها؟
- التلوث البيئي في سورية مسؤولية من.. ومن يدفع ضريبته؟
- الاجتماع الوطني الرابع لوحدة الشيوعيين السوريين - قدري جميل
- وصية والدي الشيوعي القديم!!!
- خيارهم الحرب.. خيارنا الشعب!
- الاجتماع الوطني الرابع لوحدة الشيوعيين السوريين
- لماذا يسعى الأمريكان لاغتيال الصحافيين الفرنسيين؟!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - سورية المستعجلة إلى اقتصاد السوق: تنعطف يمينا أم تتأزم؟