أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية















المزيد.....

سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية


عادل أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يرى المتأمل المحايد في الحدث السوري و في امتداداته الاقليمية و الدولية فرادة غريبة نادراً ما صادفه مثلها في قضايا سياسية مماثلة كعمليات اسقاط أنظمة عسكرية أو سياسية معينة أو خلع رئيس أو تغير اصطفاف سياسي لبلد ما ، فاتساع ساحة الصراع في سورية و تنوع أدواته و عناصره قد فاق بكثيرما كان متوقع من بلد متواضع بالمساحة و الثروات و يمتلك نظام "المفروض" أنه قد أضاع بوصلة القرن الواحد و العشرين السياسية فأمسى في حالة احتضار داخلياً و خارجياً و يعيش على منشطات منتهية الصلاحية من الخطابات البالية و المبادئ الثورجية المنقرضة . بل لقد تجاوزت الحالة السورية بطيفها العالمي تلك التي تخص كيانات و دول أكبر و أقوى من سورية بمرات . فبالرغم من الشكل الخارجي المألوف لنظام قاس و لجمهور يسعى للحرية في قطرعربي ذو نهج شمولي كلاسيكي نجد تفاصيل مميزة للمشهد السوري تتبدى من وسط الرصاص و الاعلام لتعطينا صورة مغايرة لجوهر معقد و متداخل لبلد بات ساحة لصراع عالمي شبه شامل دخل فيه الشرق و الغرب ، العرب و الأعاجم ، الطوائف و المذاهب ،الدول العظمى و التي تسعى لأن تكون!!
الغريب في الأمر أن الغالبية تجاهلت التطرق إلى هذا الوضع الشاذ و ركزت على تحليل الأحداث اليومية للأزمة السورية بتحيز فاضح وعلى اطلاق توقعات تفاؤلية ساذجة أو مقصودة لما قد يؤول إليه الصراع في سوريا ، و بصرف النظر فيما لو كانت تلك الأراء ناتجة عن قلة معرفة أو عن قصد اعلامي إلا أنها لعبت دور في تفاقم الأزمة و في دفع الأحداث إلى الأمام .
عند المحاولة لتبيان العلاقة التي تربط الأحداث الدولية المتعلقة بالأزمة السورية ببعضها البعض و قراءة ما قد يأتي منها ، علينا أن نضع الخصائص الجيوسياسية و الاجتماعية الحالية التي تنفرد بها سورية تحت المجهر مع التركيز على الصراعات الدولية القائمة على بناء المصالح الاقتصادية للمستقبل المنظور و تقاطعاتها الطارئة مع طبيعة النظام السياسي الذي يجب أن تتمتع به سوريا . طبعاً هذا لا يعني اسقاط العامل الداخلي أو اهماله لكن حجم الانشغال العالمي و اهتمام دوله العظمى بالمسألة السورية يقزم من تأثير الدور الداخلي العفوي لوحده على مجريات الأمور و على قدرته المستقلة على احداث تغيرات جذرية في المشهد السياسي السوري .
في قراءة الأزمة السورية على المستوى الدولي تواجهنا ثلاثة مظاهر مميزة علينا الخوض فيها و هي : الاهتمام الكبير بسورية و على مستوى قادة العالم ، و الاصطفافات أو الاستقطابات الدولية الحادة المساندة و المضادة للنظام السوري ، و التخبط في أخذ موقف دولي و عربي واضح و حازم من المسألة السورية . لمعرفة أسباب هذه المظاهرو لقراءة الواقع السياسي الحالي للمنطقة علينا العودة إلى الخلف إلى تسعينيات القرن العشرين للحصول على صورة بانورامية للساحة الدولية تحوي كل المعطيات التي أدت إلى نشوء هذا الاصطفاف الدولي الفج و الاهتمام الطارئ بسورية .
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي قامت أمريكا بالقيام بعدة حملات عسكرية محمومة و عجولة على بلدان و أقاليم ذات مكانة حساسة ممن كانت محسوبة على القطب السوفييتي السابق كيوغوسلافية و العراق و حتى أفغانستان و ذلك بغية الاسراع في الأحاطة على قدر الامكان بالأرث السائب للدولة الروسية خليفة القطب الكبير الزائل ، فهي تبقى العدو الأقوى و المنافس الأول على مصادر الثروة ، و في حسابات السياسة فأن تحجيمها و الاحاطة بها يبقى هو الهدف المتقدم مقارنة بباقي المسائل العالقة ، و هذا ما أثبتته مهزلة أسلحة الدمار الشامل العراقية و اصرار الجيوش الغربية الغير مبرر على البقاء في أفغانستان حتى بعد تأديب طالبان و ازاحتها من الحكم .
بدا للدول الغربية الكبرى أن النظام الاقتصادي العالمي المفتوح الذي أوجدوه قد حمل في طياته مشكلة كبيرة تتمثل في نشوء أقطاب اقتصادية متعددة بعيدة عن الكتلة الغربية و صاعدة بقوة باحثة لها كل يوم عن آفاق جديدة ، و هي الصين العملاق الصناعي النهم ، و الهند التي أصبحت عاصمة للاتصالات و البرمجيات و روسيا التي تعمل على أن تكون أول مصدر للطاقة و البرازيل بلد المواد الخام للصناعة ، يضاف لهم دولة جنوب افريقيا . و بحكم المنافسة الاقتصادية مع الغرب و المدعومة بالمنافسة السياسة خلقت هذه الاقتصاديات الصاعدة نوع من الحلف و التفاهم فيما بينها برأسة روسيا الدولة الأقوى بينهم . و مع حقيقة أن النفط يبقى ( أقله على مدى الخمسين عاما القادمةً ) هو الدم الذي يسري بشرايين أي صناعة و عليه تعتمد الاقتصاديات العملاقة ، فأن السيطرة على منابعه تعني التحكم في سير النمو الصناعي و بالتالي الاقتصادي لأي منافس طامح .
شكلت ايران و سوريا و العراق في الشرق الأوسط مجموعة الدول التي لم تتبع النهج الاسلامي اليميني السائد في الخليج العربي و الملتصق بالمعسكر الغربي ، بل اتبعوا نوعاً من النهج السياسي ذو الطابع الاسلامي اليساري المعتدل الذي يميل بعلاقاته لروسيا مع الحفاظ على قنوات مفتوحة مع الغرب حسب ما تسمح لهم الظروف المتغيرة . لذلك و بعدما دخل الجيش الأميركي إلى العراق ذات الخزان النفطي الهائل و التي تقع في الوسط ما بين ايران و سورية كانت الرؤية الامريكية تقوم على الانتشار انطلاقاً من العراق باتجاه الجوار المارق ، و هذا ما انعكس من التصريحات المتكررة لجورج بوش الابن بضرورة توجيه جيوشه باتجاه سورية و بالتالي الحليفة الأم ايران لخلق شرق أوسط جديد لا مكان فيه لنفط قد يقدم بسهولة لدولة مارقة ( منافسة ) كبيرة . تمكن ادراك ايران و سورية للنتائج الكارثية العائدة عليهم و المترتبة على استكانة العراق تحت أقدام الأمريكان لقيام هاتان الدولتان و بالتناوب على اشعال العراق على الأمريكان و على من فيه ، و قد استطاعوا في نهاية المطاف على تحويل المعادلة الأمريكية في هذا البلد المنكوب و القائمة على الانتهاء من مرحلة السيطرة عليه و من ثم الانتقال إلى الجوار ، إلى الغوص المتزايد في المرحلة الأولى ، و دفعوها إلى التخلي عن فكرة توسيع التدخل العسكري ( أقله مؤقتاً ) و اعتمادها التفاوض معهم حول الملف الأمني في العراق بعيداً عن الاعلام . كما و قيض لهم ( و خاصة ايران ) مقاسمة أمريكا النفود على العراق و جعلها محشورة بينهم في الوسط عوضاً عن العكس .
هذا الوضع الجيوسياسي الجديد المتشكل من تعزيز سيطرة ايران على العراق و من تحالفها العضوي مع سورية و تنسيقها معها قد غير كل المعادلات على أرض الواقع ، فقد شكلت ايران كتلة امبراطورية متراصة يمتد طيف نفوذها من أفغانستان حتى فلسطين مروراً بلبنان ، و شكلت سوريا بحكم موقعها الجغرافي بين العراق و لبنان و فلسطين و بحكم نفوذها التاريخي في الجوار الضعيف ، شكلت حجر الزاوية لهذه الامبراطورية الطارئة و التي بسقوطها ( سورية ) يبدأ انهيار النفوذ الايراني في المنطقة لتعود إلى حدودها الجغرافية الطبيعية مما يسهل التعامل معها لاحقا .
تمثلت المكاسب السورية من هذا الوضع الجديد في مستويين: الأول و هو مستوى النظام السوري الذي لم يعد مجرد نظام معزول يلعب منفرداً و مدعوم من أقلية محصورة معه ضمن حدود سورية الجغرافية ، بل لقد أصبح محاط بالملايين من المناصرين له من خاصرتيه الشرقية و الغربية و يمون على حدوده المشتركة معهم و على حدود بلادهم مع جيرانهم ، كما و يمون و بشكل متبادل على ايران ، و هذا يفسر لنا سر التردد في مواقف الدول العربية و خاصة الخليجية من الأزمة السورية و يفسر أيضاً التذبذب و التناقض الحالي في مواقف تركيا من النظام السوري بعدما كانت عنترياتها قد أصبحت لازمة في تعاملها مع سورية و التي اختفت فجأة حتى عندما صعدت هذه الأخيرة من لهجتها تجاهها و دفعت بمئات مظادات المدرعات و قواعد الصواريخ المتحركة لأول مرة إلى حدودها مع تركيا .
لم يعد يخشى النظام السوري حسب الوضع الجديد من العزل أو الحظر كما في السابق كما لم يعد ( و هذا الأهم بالنسبة له ) يرهب النقص في النسبة العددية أو في المقاتلين الموالين عندما تحين الساعة . و هذا الشيء قد فات على المتظاهرين السوريين و خاصة اولائك من لجؤا للعنف تسيرهم عقلية قديمة مبنية على التفوق العددي الساحق و الذي يضع النظام و مناصريه بين فكي كماشة و القادر في أول فرصة متاحة على حسم الأمور لصالحهم !!
المستوى الثاني من المكاسب قد يكون لعنة بنفس الوقت و يتمثل بوضع سورية كجزء مفصلي في التركيبة الاقليمية الجديدة التي تنافس دول الخليج العربي من حيث الجغرافية و الديموغرافيا و المخزون النفطي ، مما أعطاها أهمية فريدة ان كان لائتلاف الدول الاقتصادية الصاعدة برئاسة روسيا و الداعمة للنظام ، أو للفريق الغربي برئاسة أمريكا الذي يدعم المعارضة السورية و المتظاهرين بمساعدة حلفائه الخليجيين .
مع مرور الوقت و تصاعد الأزمة الداخلية السورية ازداد نشاط الفريقين الداعمين باضطراد في أروقة السياسة العالمية و اشتد تمسك كل طرف بحليفه و سعيه لتسجيل نقاط على الأخر . فالفريق الغربي لن يفوت عليه فرصة ذهبية تمثلت بخروج جمهور سوري لأول مرة إلى الشارع لخلق نظام جديد يعزز تحكمه بمفاصل الاقتصاد العالمي لعدة عقود قادمة ، و الفريق الآخر لن يتوانى عن السير قدماً في دعم النظام السوري و خاصة بعدما خسر نفط السودان و ليبيا . و هذا الاصرار الروسي قد فاجأ أمريكا التي أظهرت بعض التخبط و التوتر في تعاملها مع النظام السوري كأطلاق تصريحات انفعالية ضده و اعادة سحبها في اليوم التالي أو كحشرالسفير الأمريكي لنفسه بصورة طفولية في دورمراقب الحرية العتيد !!
لكن ارتفاع وتيرة الصراع قد أوصل إلى أستخدام كروت ضغط تتخطى الالتفافات الدبلوماسية في مبنى هيئة الأمم و بدأت تظهر على السطح ملفات أوسع من الشرق الأوسط ( فلم يكن من باب المصادفة البريئة و قوع تفجيرين في الشيشان الاسبوع الفائت) !! لنتفاجأ بعدها بقبول تركيا استقبال الدرع الصاروخي الأمريكي على أراضيها و ببيع روسيا لسورية صواريخ أرض متطورة قادرة على دك البوارج الحربية و حاملات الطائرات !!
من مفارقات السياسة و المصالح الكبرى أنها لا توفر وسيلة و لا وجود فيها لقديم صدئ أو انتهت صلاحيته ، فسورية تقع الأن في مركز حرب باردة كلاسيكية بكل ما في الكلمة من معنى ، فالعازفون هم أنفسهم و المقطوعة الموسيقية هي نفسها و الراقصون لم يتغيروا و ان كانت الرقصة قد تطورت على شكل صرعة جديدة تواكب العصر هي عبارة عن مزيج مبتكر من الروك الأميركي مع الدبكة العربية ...






#عادل_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا الصامتة بين الشبيحة و الموتورجية
- وجهة نظر سورية
- تساؤلات سورية غير مشروعة (2)
- تساؤلات سورية غير مشروعة (1)


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية