أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ليس ذنبي















المزيد.....

ليس ذنبي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 18:23
المحور: حقوق الانسان
    


الذنب ليس ذنبي واليد التي امتدت لتخرجني من بطن أمي ليست يدي, واليد التي كتبت هذا ليست يدي واليد التي ما زالت تمتدُ إلى عنقي لتخنقني ليست يدي..ومصيري لم أحدده لوحدي دائما هنالك شيء ما يدفعني للتصرف وأشعرُ بأنه أقوى مني ولم يكن بيدي أن أختار الإله الذي أعبده كما أنه لم يكن بيدي أن أختار الإله الذي خلقني لقد كنت وما زلتُ لعبة يحركها القضاء والقدر, أنا أتيت إلى هذه الدنيا ووجدت إلهي أمامي من قبل أن أعلم بوجوده من أصله, رأيت الناسَ تعبده وتتقرب إليه زلفى وحين يغضبون منه يسبونه ويشتمونه لذلك تعلمت سب الدين في بعض الأحيان أو سب الإله للترويح عن نفسي كما تفعلُ بعض الناس وليس لأنني ملحد أو علماني أو ماركسي أو يساري ولكن لأني وجدت الناس يسبونه وبنفس الوقت يموتون بالدفاع عنه لأنهم مؤمنون بأنه سبب سعادتهم وتعاستهم.. ووجدته وقد بنا لنفسه بيتا واختار لنفسه عبادا من خيرة الناس ومن أبشعهم, فالحقراء يعبدونه ويحبونه والأنذال يركعون له والأشراف يعبدونه ويركعون له والأراذل من الناس يعبدونه, والإنسُ والجان يعبدونه ولم يكن الموضوع متوقفاً عليّ وحدي..ووجدتُ بيته محجاً لكل الفئات الشبابية والعُمرية من مُختلف الأعمار والأحجام ومن كل الشرائح الاجتماعية فلم يختص بعبادته أناس دون أناس ..هكذا قد وجدت صورته غريبة ومشوهة في بعض الأحيان, ووجدته يعطي ويأخذ ويمنح بعض الناس الأعمار الطويلة والبعض الأعمار القصيرة..وجدت إلهنا غريب الطباع فهو مزاجي في بعض الأحيان ومُتَقلب المزاج والتفكير وفي الأحيان الأخرى يكون اختياري وانتقائي حين يغدق بكرمه, وكثيرا ما يكون صبورا جدا وكثيرا ما يكون فالت الأعصاب ولا يحتمل أي تصرف يصدر عنا وبسرعة البرق ينتقمُ منا وأحيانا يمهلنا إلى أجل-قال- غير مُسمى- وأحيانا يقلب الأرض التي نكون عليها أسفلها على أعلاها حتى يأت آخرها على أولها وأولها على آخرها, وأحيانا كثير الرحمة وأحيانا كثير الغضب ولم يكن بوسعي أن أقترح عليه برأيي فهو لا يأخذ برأيي مطلقا لا هو ولا عباده, وأحيانا يعطي الدنيا والآخرة للذين يريدهم هو دون أن يأخذ بعين الاعتبار حسابا لنا ويتناسى وجودنا وكأنه لم يخلقنا, وأنا أشعر أحيانا بأنه ليس هو الذي خلقني لأنه لم يعطنِ في أي يوم من الأيام ما أريده, وجدته منتقما من أعدائي وأحيانا متعاونا مع أعدائي والأمور بالنسبة لي غير واضحة الشكل فيقف معهم في كل الظروف الصعبة التي تحيط بي من كل النواحي ووجدته ينتقمًُ بسرعة وأحيانا يتسامح مع أعداءه ويعطيهم مفاتيح كنوز السموات والأرض وأحيانا يمهل الظالم سنينا طويلة ولم أسمع عنه يوما بأنه انتقم من أعدائي فحتى اليوم لم يشف لي غليلي من الذين ظلموني وأساءوا لي, ويعطي للكافر أكثر مما يعطي للمؤمن, وأستغرب جدا من تصرفاته معي لأنه لم يعطن لا وأنا مؤمن به ولا وأنا كافر به أو مرتد عنه أو وأنا فاسقٌ أو وأنا فاسدٌ وحين أكون راضيا عنه لا يعطيني وحين أكون غاضبا منه لا يعطيني ولا يحسبُ حسابا لي وحين نسأل العارفين به عن هذا السبب يقولون( هو حر يفعل ما يشاء) ويعطي الذين لا يتعبون ولا يعرقون ولا يتحركون من مقاعدهم من الأموال ما يكفي للإنفاق على ألف عائلة وحين جلست في البيت دون أن أتعرق رفض أن يعطيني وقالت لي الناس (اسعي واعرق واتعب حتى يعطيك) وحين تعبت وتعرّقتُ حتى نزل العرق من تحت أباطي ومن أكمام قميصي ومن أعلى جبيني لم يعطن ولم يُعوضنِ لا عن تعبي ولا عن دموعي, ولم يرضن لا هو ولا أعدائي حين سالت دموعي على وجهي وعلى خدي وحين جلست قليلا ليعطيني لم أحصل منه على شيء وأستغرب جدا حين يعطي غيري وهم متعبون أو وهم مرتاحون فأنا أستغرب كيف مثلا لا يعاملني لا كمعاملته للكفار ولا كمعاملته للمؤمنين به, ولم يعاملنِ ولا حتى كمواطن أجنبي أو كلاجئ سياسي لجأ إليه من الخوف..أستغرب جدا كيف لا يعطيني وأنا مرتاح وكيف لا يعطيني وأنا مُتعرق وكيف لا يعطيني وأنا مُدمعَ العينين!!!, وما زلتُ أستغرب وأستهجن تصرفاته معي ومع غيري حين لا يعطيني وحين يعطي المتعرق أجرة على عرقه وكفاحه, وهذا الشيء جعلني مكسور الخاطر وغريبا في بلدي لا أعرف كيف يعطي الله وكيف يأخذ فالذين يعرقون ليلا ونهارا لا يأخذون منه إلا ما يسدون به الرمق الأخير من حياتهم وأحيانا لا يعطهم ما يسدون به جوعهم وحين نسأل العارفين به عن السبب أو عن أي تفسير لهذا السر العميق يدندلون رؤوسهم ويقولون(يعطي من يشاء بغير حساب) وفي بعض الأحاديث نجده محبا للعبد أللحوح الذي يلح عليه باصرار وفي النهاية نكتشف بأن المطلوب منا أن نسكت وأن لا نتكلم وأن لا نسأله عن أي شيء, فما هو هذا الإله الغريب والعجيب في تصرفاته؟ هل تلك التصرفات تنبينا عن تصرفات مخترع ومكتشف وجوده الذي تخيلها على شاكلته!هل الله فكرة اخترعها البشر ليتسلطوا بها على بعضهم البعض؟ وليضحكوا بها على بعضهم البعض؟ فكل إنسان يرسم في نفسه الصورة التي تعجبه لخالقه ومجتمعنا العربي الإسلامي رسم تلك الصورة عن خالقه ووضع فيها صفاته الاجتماعية وبالذات الصفات الذكورية حتى غدى الإله في نهاية الأمر صورة طبق الأصل عن النظام الاجتماعي الذي يحكمنا, وإلهنا غريب الأطوار والطباع يعطي الدنيا للمؤمن وللكافر ويعطي الآخرة لمن يشاء من عباده أو عباده الطيبين ويرزق عباده المؤمنين ويرزق الكفار, ويهب لمن يشاء إناثا ويهبُ لمن يشاء ذكورا ويخلق أناسا بعين واحدة ويخلق أناسا برجل واحدة أو يد واحدة ويتاجر العباد الناقصين بأعضائهم الناقصة فمنهم من يأخذ دون أن يمد يده ودون أن يطلب منه شيئا ومنهم من يخلق له الأمراض وأحيانا يتاجر بالأمراض فيسلطها على المؤمن وعلى الكافر, ويشل حركة من يشاء ويزيد في حركة من يشاء ويعلو على كل شيء ولا أحد يعلو عليه ويجعل من يشاء يتيما ويجعل من يشاء عقيما, ورأيت أناسا بستة أصابع ورأيتُ أناسا بأربعة أصابع, ويعطي الرزق للكافر أكثر مما يعطيه للمؤمن ويسلط الأمراض على المؤمن به وعلى الكافر به, وليس عنده مبدأ ثابت يمشي عليه فلا هو ثابت على رأي من الآراء التي نسمعها, فيدخل كثير العبادة النار ويدخل قليل العبادة الجنة وحين نسأل عن هذا السر يقولون لنا(كلنا ندخلُ الجنة برحمته) أي ليس بعمله, إذا ما قيمة العمل الذي نعمله مرة من أجله ومرة من أجلنا؟ نحن نعمل من أجله دون أن نتأكد بأن عملنا سيعجبه والنتيجة أن أعمالنا وأشغالنا بلا قيمة لها, وأحيانا يكون العكس هو الصحيح في كل ما ذكرت فأحيانا يعطي للمؤمن فقط لا غير ولا يعطي الكافر أي شيء وحين نسأل عن السبب يقولون لنا (يعطي على قدر الإيمان) حسناً ليكن على قدر الإيمان ولنثبت على هذا الرأي بينما في بعض الأحيان يعطي الكافر أكثر مما يعطي المؤمن, وكل شيء لديه يفعله بمزاج شخصي وعلى أقل من مهله, فإن كان مزاجه(عال العال) وجاءه طالب رزق يعطيه وإن كان مزاجه مُعكر وجاءه طالب رزق لا يعطيه, ويقول عن مزاجه بأنه باب من أبواب السماء فهو يجعل من مزاجه بابا يفتحه متى يشاء ويغلقه متى يشاء, وأنا لا أدري متى تفتح السماء أبوابها كما لا أعلم متى ستفتح محبوبتي ذراعيها.

وكل شيء قرأته وفهمته ما عدى ألله, فأنا حتى هذه اللحظة أحاول التعرف عليه, وليس ذنبي أن أتيت إلى هذه الحياة وليس بيدي أن أموت وليس بيدي أن أحيا وليس بيدي أن أحب وأعشق وأتلوع, وليس بيدي أن أتضور جوعا وليس بيدي أن ينتفخ بطني من كثرة الشبع وليس بيدي أن أمشي حافي القدمين فكل شيء كتبه على جبيني وكل شيء قرأته بظاهر الكف, عشت حياتي كما الريح وهي تلعب بأغصان الشجر وبأوراق الشجر وعصرت قلبي وأخرجت عصارته بيدي كما تخرج الريح عصارة الغيم الذي نسميه بالمطر.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحيه كاريوكا
- ايحاء الكلمة
- مهارات لغوية
- مي زياده2
- مي زياده 1
- حبر على ورق وكلام أفلام ومسلسلات
- الاسلام والأمراض العقلية
- الكلمة الأخيرة
- دنيا الوهم والخيال
- المرأة الضاحكة
- أين كان الحب مختفياً عن القرآن
- كاتب وعاشق بإحساس
- حقوق الضعفاء
- الحكم الذاتي للسكان الأصليين
- الهيراركية-hirearchy الاسلامية
- أين أهرب؟
- بشاعة الحقيقة
- أحلى شخصيه شخصية مأمون
- رياضة التكسير
- المشاكل الجديدة


المزيد.....




- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...
- أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم ...
- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
- الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين ...
- ??مباشر: مجلس الأمن يعقد جلسة للتصويت على عضوية فلسطين الكام ...
- لازاريني: حل الأونروا يهدد بتسريع المجاعة وتأجيج العنف بغزة ...
- الأونروا تحذر من حملة خبيثة لإنهاء عملياتها
- اقتحام بلدتين بالخليل ورايتس ووتش تتهم جيش الاحتلال بالمشارك ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ليس ذنبي