|
كوم الله وكومين الطالب ، وكوم الله ايطالب بي طالب
عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 11:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا المثل يحكي قصة الاضطهاد والحيف اللذين كان يعاني منهما الفلاح العراقي على ايدي الاقطاع ، الذي انتعش بناء على خطة بريطانية ، للسيطرة على ابناء العشائر عن طريق شراء ذمم شيوخهم ، لان المتتبع لسيرة الاقطاع في العهد العثماني يرى ان شيوخ العشائر كانوا ، اكثر قربا الى ابناء عشائرهم وعمومتهم ، لكن بريطانيا وفي بداية احتلالها للعراق ، رأت ان تقطع الشيوخ مقاطعات من الاراضي الشاسعة ، لتجعل منهم حاكم ومحكوم وتقضي على صلة القرابة والالفة التي كانت تميزهم ، ولذا نرى ان بريطانيا حيدت الكثير من العشائر المستفيدة من وجودها عن المشاركة في ثورة العشرين ؛ وهذه الحكاية تحكي قصة اقطاعي تجبر على ابناء عشيرته ، وسامهم الحيف وهو انموذج للشيوخ الذين ساعدوا على هروب الفلاحين الى المدينة وتخلف الزراعة في العراق ، فشيخ طالب اقطاعي ناشئ ، احدى صنائع بريطانيا العظمى ، فرض على الفلاحين ان يزرعوا ويكون الحاصل على شكل ( كوم ) ، والكوم هو تجميع الحاصل في مكان واحد الى ان يرتفع الى الاعلى ، فكان للشيخ ( كومين ) ، في حين ان سهم الله والذي يعطى الى رجل الدين في القرية هو ( كوم واحد ) ، يتسلمه السيد ، ويبقى الفلاح المسكين على قدر قوت بطنه ، اوربما جاع لان مايزرعه يذهب للشيخ ، وفي مرة من المرات ، زرع مسكين من المساكين وعندما اعطى الزرع جناه ، بدأ التقسيم ، كومين للشيخ طالب ، وكوم سهم الله للسيد ، والفلاحون يعرفون ان الشيخ طالب سيعود من جديد على سهم الله فيصادره هو الاخر ، ولذا رأوا فراغ ايديهم من محصولهم فهوس احدهم : ( كوم الله ، او كومين الطالب ، وكوم الله ايطالب بيه طالب ) ، وهذه الحكاية احالتني على ابيات من الشعر تقول : ( ذريني يابنات الشعر ابكي على مانالت الايام مني امان متن في قلبي صغارا كما ذوت الكمائم فوق غصن وزرع طاب لم احصد جناه وكم بذرت يداي ولست اجني ) والان يعيد الزمان نفسه ، ولكن باستبدال شيوخ العشائر بالسياسيين ، لان العشائر لم تعد كما كانت ، فقد ضعفت سلطة العشيرة ، نتيجة للانتقال من الريف الى المدينة وتفكك عرى الالفة التي كانت موجودة في الريف ، فاستعاض الاميركان عن شيوخ العشائر ، ابان الالفين وثلاثة ببعض الوجوه التي قارعت نظام صدام ـ فكررت القضية من جديد وصرنا رهن اشخاص محددين ، حتى استبدالهم صار من المستحيلات ، وهم اصحاب الكومين بدل الشيخ طالب الذي ذكرناه ، اما خلاصة مانريد ان نذهب اليه فان اميركا مثل بريطانيا في عهدها بالعراق ، تريد من وراء خلق الطبقات في المجتمع العراقي تفكيك بنيته ، وتهميش سواده الاكبر ليتم لها امكانية عقد الصفقات وابرام الاتفاقيات ، وهذا كله نجح في العراق نجاحا باهرا ، فقد صنعت اميركا موالين لها ، وانشأت طبقات تدين لها بالفضل ، وسوف ترون في الايام المقبلة عودة لفظة الصاحب التي كانت تطلق على الانكليز ابان احتلالهم للعراق ، وهذا لم ينتج من فراغ لقد ملأوا افواه الشيوخ والاقطاعيين ذهبا ، فقالوا للجندي البريطاني صاحب ، فكان الصاحب الذي اخذ اسمه من شراء ذمم الثلة وحرمان الكثرة الغالبة ، ربما تكون بريطانيا ارحم لانها استخدمت الشيوخ في السيطرة على ابناء عشائرهم ، لكن اميركا لعبت على نطاق اوسع ، فاعطت بيدها وهي مصممة ( كومين ) الى طالب واعطت سهم الله وهي تعلم علم اليقين ان طالب سيدور ويلف على هذا الكوم الثالث ، مايعني اننا سنحتاج الى ثورة بحجم ثورة 14 تموز للقضاء على ما احدثته اميركا خلال تواجدها في العراق ، او ربما الجنوح الى اصلاحات كبيرة تكون بمعزل عن الارادة الاميركية تتبناها الحكومة لتعيد بعض الثوابت القيمية التي راح العراقيون يستذكرونها بحسرة . كل الصيغ المعمول بها حاليا هي صيغ مستهلكة وفاشلة ، ربما تأتي ثمارا آنية لاتلبث ان تختفي ، كما كانت معالجات التظاهرات العراقية عن طريق الالتفاف عليها ، ولم تكن معالجات حقيقية بالعمل على تنفيذ مطالب المتظاهرين ، في المرة القادمة ستكون اساليب المعالجة مشكوك فيها ، ولذا سينتقل الشعب على يد حكومات كهذه من حالة سيئة الى حالة اسوأ منها ، لغياب المعالجات الحقيقية ، ماذا كانت عاقبة الاقطاع ؟ كانت الفشل والثورة ومصادرة الاراضي من جديد ، فهل ان من المنطقي ان يحتفظ من يحاول سرقة الشعب وعدم اعطائه حقه بالاموال والمقاطعات ، هذا سؤال اجاب عليه التاريخ في ان اللصوص ستكون نتيجتهم الخزي والعار على مر الازمان الاتية ، وانهم افشلوا تجربة رائعة لا اعتقد انها تتوفر للعراقيين حتى بفارق آلاف السنين وهي التجربة الديمقراطية ، ومهما يكن سيرجع طالب الكومين وكوم الله ايضا برغم انفه .
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بنو ساسان
-
(عرب وين ، طنبوره وين )
-
ثرثرة فوق دجلة
-
الكويت وقاعدة طبع البالبدن مايغيره الا الجفن
-
طير النجر ينصاد من منكاره
-
احصان الشيخ
-
مطلب جماهير النصر ، احبال للطبكه تجر
-
ناب الافعى وصوت العندليب
-
صندوك الولايات
-
الياكل العصي مو مثل اليعدها
-
هالكرسي العندك من ذوله
-
ذاكرة العراق المشروخة
-
رحم الله جمعه افندي
-
هذا واحد من الاربعين
-
الكاع وثورة تموز 58
-
العطش ، العطش
-
احقد من جمل
-
من جلة الخيل
-
امر حكومه او جاري
-
اذا جان المغسّل اعور ، كول ياموتة الكشره
المزيد.....
-
كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم
...
-
أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
-
الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال
...
-
بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا
...
-
واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل
...
-
بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
-
أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك
...
-
جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
-
مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|