أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - طارق الاعسم - رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة التاسعة














المزيد.....

رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة التاسعة


طارق الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 09:36
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


في حضرة شقيق الوزير
كان من بيننا اسير قصير القامة ملتحي عصبي المزاج ومتوتر وكان يقفز كالمجنون بين الحين والاخرمع كل صوت سيارة تدخل المعسكروينظر الى النافذة ويتأفأف كان اسمه اسماعيل لولح حمّادي من اهالي كربلاء وكثيرا ماكان يلملم بطانيته كمن يهمّ بالمغادرة في ايّة لحظة!! وكان الايرانيون قد وزعوا علينا آنية معدنية للطعام وزعوا لكل اسيرين اناء واحد فكان كل اثنين منا يأكلان معا ماعدا الجندي الذي يدعي انه ايراني ,فقد رفض رفضا قاطعا ان ياكل مع اي منا ويلتصق بفراشه قرب الباب رافضا الكلام معنا ولايكف عن الانين فاضطر ثلاثة من الاسرى ان ياكلوا معا ويتركوا له قصعة مفردة.
وكان شريكي في الصحن المعدني اسماعيل الذي يبدوا معتوها ولانني كنت لاأستطيع حينها المشي الا بصعوبة فكان الرجل يكرمني باستلام الطعام وغسل الاناء وكنت ممتنا له جدا فقد كان هو السليم الوحيد بيننا جميعا.
وفي احد الايام وفي اثناء الغداء مرّت شاحنة عسكرية تحت شباكنا فقفز اسماعيل هذا بسرعة جنونية الى الشبّاك فطارت قصعة الثلاثة الذين ياكلون معا بجانبنا في الهواء وتناثر الطعام فجنّ جنون احدهم ويدعى يحيى من بغداد –حافظ القاضي واشتبك الاثنان بشجار وصراخ وجاء الحراس الايرانيون وهجموا علينا جميعا بالضرب بالاحزمة الا اسماعيل الذي اعتذروا له وسألوه بلطف غير معهود عن سبب المشادة فقال لهم انه هو الغلطان وانتهت المشكلة بتنازلنا انا واسماعيل عن طعامنا للثلاثة الذين رفضوا بادب وبتوجّس خيّم على الجميع الذين كان همّهم ان يعرفوا كنه اسماعيل هذا ؟!!!.
ماأن خرج الحراس حتى انزوى كل اسير على فراشه قلقين من اسماعيل الذي فهم انه مطالب بتوضيح وفجأة فجّر اسماعيل مفاجأته الصاعقة حيث نهض وسط الغرفة مخاطبا الجميع:اخواني انا اعتذر بس انتو متعرفون آني منو؟؟ آني اخو سعدون حمّادي وزير الخارجيّة فعلّق يحيى هازئا واني رئيس الوزراء فرد عليه اسماعيل صارخا انا اسماعيل لولح حمادي شقيق وزير الخارجيّة سعدون لولح حمادي كنت مفوّض شرطة بمركز شرطة الزبير وسرّحني اخي بنفوذه من الشرطة ولبست احتياط في الفيلق الثامن وكنت على وشك الانتقال بنفوذ شقيقي الى وزارة الدفاع في مديرية التجنيد العامة كي لاأكون في الجبهة ولسوء حظي اسرت قبل ان استلم كتاب نقلي وقد علمت من الجنود الايرانيين ان هنالك لقاء سري للغاية حصل قبل ايام في تركيا بين شقيقي وبين وزير خارجية ايران علي اكبر ولايتي لأنهاء الحرب وطالب ولايتي من اخي ابداء حسن نوايا باطلاق سراح وزير النفط الايراني تندوكيان هامش(وزير النفط الايراني الذي اسر بكمين عراقي في ترعة بهمشيرحين كان يتفقد مصفى عبادان عام 1981 اثر قصف المصفى ولم يعلم جنود لواء 33 قوات خاصة بانه الوزير حين اسروه ولكن حين اسر بالكمين مع حراسه كان واضحا انه شخصية هامة وحين اوثقهم الجنود العراقيون بالاشجار ليعدمونهم صرخ معلنا هويته بعربية ركيكة فأخذ اسيرا كصيد ثمين وموضع تندّر للاعلام الحربي العراقي ) وطالب وزير خارجية الجمهورية العراقية (شقيقي) بي ووافق ولايتي وانا اتوقع ان يأتي الايرانيون ليرجعوني للعراق في اية لحظة,ولذلك ياأخوان اعذروني حين اقفز مع كل صوت سيارة متوقعا الرجوع للعراق وحتما سأكلّم شقيقي بشأنكم!!!!.
كنا فاغرين الافواه ونحن نستمع لاول مرة في حياتنا لشخص قريب من احد اركان السلطة في العراق لان هذا شيء قريب للاحلام كما يعلم العراقيون صرنا نتكلّم بحذر لاننا في حضرة شقيق وزير الخارجيّة ..سارع يحيى بالاعتذار لاسماعيل شاكرا له كرمه بقبول الاعتذار اما انا فقد تحيّنت نداء الحرس لاستلام العشاء لانهض بصعوبة واجلب الطعام لي ولاسماعيل لاول مرّة رغم تمنّع اسماعيل واصراره (لاأدري هل كانت لواكة مني ام رهبة... اضنها لواكة على الاحوط وجوبا وعلى كراهية شديدة )!!!.
بعد ايام اقتحم الزنزانة فجأة وقت الغداء مجموعة جنود يتقدمهم مدني يتحدث اللهجة العراقية بطلاقة ونادى على اسماعيل فنفض يداه من الطعام فرحآ فقد ظن ان اوان عودته للعراق قد حان واذا بالمدني يسأله بلهجة صارمة عن رقم تلفون شقيقه وزير الخارجية (سعدون حمادي)الشخصي فردّ اسماعيل له الرقم بسرعة دون تردد وحينها تركوه فعاد للجلوس معي لاكمال طعامه فعنّفته بشدّة لانه اعطاهم الرقم بكل سهولة فاجابني ضاحكآ :عيني ابو زياد آني مفوض شرطة واختصاصي التحقيقات فكان لازم اجاوبهم بسرعة ودون تردد بأي رقم يخطر ببالي حتى لايشكوا في صدق جوابي ولو اني ترددت لما صدقوني بعد ذلك ولو اعطيتهم الف رقم ,لذلك اعطيتهم رقم لاأدري ماهو (وشمدريني يطلع محل حلاقة بالسعدون لودكان عطّار ببغداد الجديدة!!!!)فضحكنا وحينها ادركت ان اسماعيل ثعلب وليس ساذجا كما تصورناه ولكنه مع ذلك بقي اسير احلامه بالعودة وانقطعت بعد ذلك اخباره بعد ان نقلوه الى معسكر آخر وبعدها بست سنوات على ماأظن سمعت في سماعات الاذاعة الداخلية الايرانية الناطقة بالعربية والموجهة للاسرى قصيدة شعبية تافهة توجه السباب لسعدون حمادي وتسخر منه وتبشره(!!) بان شقيقه صار تواب وفي ظني ان اسماعيل قد افاق من احلامه الوردية على كابوس اليأس وانتقل الى طريق ينجيه بحسب ظنه من السجن باية طريقة ولكنه خرج من حفرة ليقع في بئر وانا لاألومه على كل حال فبشاعة الاسر اوحت لبعض الاسرى احيانا بطرق جهنمية للخلاص مهما كان الثمن واخطر مايمر به الانسان هو ان يفكر بالحل مهما كان الثمن فحينها سيدفع اضعاف ماتستحقّه البضاعة ايا كانت وتلك هي المصيبة.



#طارق_الاعسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الثا ...
- رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة السا ...
- رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة السا ...
- رحلتي في بلاد العمائم ...مذكراتي في الاسر 1982- 1990 الحلقة ...
- رحلتي في بلاد العمائم ...مذكراتي في الاسر 1982- 1990 الحلقة ...
- رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982- 1990 الحلقتين ا ...
- رحلة في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة الاول ...
- سمعة شعب بين اسلوبين
- بين كارتر و فِريضة آل بدير..دروس في حيثيّات وثائق ويكيليكس
- كتابات ساخرة (حمّام السفارة)
- في رحاب عاشوراء الحسين يذبح من جديد!!
- مقال(قبل فوات الاوان
- تساؤلات على بوابة يوم السيادة


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - طارق الاعسم - رحلتي في بلاد العمائم مذكراتي في الاسر 1982-1990 الحلقة التاسعة