عبد الحسين سلمان
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 19:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الزميل حسقيل قوجمان
الصراع الطبقي و قضايا أخرى
1
....
Segui il tuo corso, e lascia dir genti
أمضِ في سبيلك ودَع الناس يتقوِّلون...دانتي
يقول: حسقيل قوجمان ....ولكن حياتي ظلت مرتبطة بالماركسية التي حاولت جهدي ان اتقنها خلال حياتي السجنية وواصلت دراستها هنا في بريطانيا. ولهذا كانت كل كتاباتي تستند الى علم الماركسية حتى يومنا هذا.
واخر مقال له:
جواب على تعليق جاسم الزيرجاوي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273272
وكما عودنا دائما هادئ في الحوار, بل و يذهب اكثر من ذالك, يطلب من المتحاوريين بكل آدبآ و آحترامآ أن يكون الحوار هادفآ ((لكي يكون نقاشنا ذا طائل من ورائه ينبغي ان ينصب النقاش حول الافكار التي هي موضوع الخلاف بيننا. فانا اكتب ما افكر به ولا استطيع ان اكتب ما يفكر به الاخرون. واذا اراد انسان ان يجري نقاشا ذا طائل من ورائه عليه ان يناقش الاقكار التي اعبر عنها في لغتي المختلفة عن لغته.))
يقول الزميل الفاضل: في المقال السابق :
هل توجد قوانين طبيعية تتحكم في مسار الطبيعة والمجتمع؟٢
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=272989
((حول هذا الموضوع اقتبس فقرة اخرى من كراس ستالين:
احدى المعالم المميزة للاقتصاد السياسي هي ان قوانينها، بخلاف قوانين الطبيعة الانفة الذكر، قوانين مؤقتة، اي انها او على الاقل اغلبها، تعمل لفترة تاريخية محددة، تتخلى بعدها لقوانين جديدة. ومع ذلك فان هذه القوانين لا تزول بل تفقد مصداقيتها نظرا لظهور ظروف اقتصادية جديدة فتختفي من المسرح لكي تفسح المجال لقوانين جديدة لم تخلق بارادة الانسان بل تنشأ عن الظروف الاقتصادية الجديدة.))
((اذا اخذنا قانون الصراع الطبقي على سبيل المثال نفهم من اسمه انه صراع يجري بين طبقات مختلفة. وعليه لا يمكن ان يوجد قانون كهذا في مجتمع خال من الطبقات كما كان الحال في المشاعية البدائية وما سيكون في المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات. ان وجود الطبقات شرط حتمي لوجود الصراع الطبقي. لذلك فالصراع الطبقي هو قانون اساسي في المجتمعات التي تتكون من طبقات مختلفة متصارعة.)).
ما هو الصراع الطبقي؟
جاء في البيان ألشيوعي 1848 مايلي:
)) أن تاريخ كل مجتمع الى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ نضال بين الطبقات . فالحر و العبد و النبيل و العامي , و السيد الاقطاعي و القن , و المعلم و الصانع , اي باختصار المضَطهدون و المضِطهدين , كانوا في تعارض دائم , و كانت بينهم حربا مستمرة تارة ظاهرة و تارة مستترة, حرب كانت تنتهي اما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره و اما بانهيار الطبقتين المتناضلتين معا )).
و(( المجتمع البرجوازي العصري, الذي قام على أنقاض المجتمع الإقطاعي, لم یلغ التناحرات الطبقیة, بل أحل فقط محل الطبقات القدیمة طبقات جدیدة, و حالات اضطھاد جدیدة, و أشكالا جدیدة للنضال .
غیر أن عصرنا, عصر البرجوازیة, یتمیز بتبسیطھ التناحرات الطبقیة. فالمجتمع كلھ ینقسم أكثر فأكثر إلى معسكرین كبیرین متعادیین, إلى طبقتین كبیرتین متجابھتین مباشرة: البرجوازیة و البرولیتاریا)).
ماركس و انجلز ..مختارات 4 أجزاء ج1..ترجمة الياس شاهين..دار التقدم ..موسكو..47-48.
تعتبر كلمة الصراع الطبقي هي العمود الفقري للنظرية الماركسية .
لكن كيف السبيل الى فِهمْ هذه الكلمة ؟
لفهم هذه الكلمة , يوجد أفتراضين متناقضين :
ألاول: هل هي مبدأ شبة ماورائي تفوق قدراتنا و طريقة تفكيرنا يسمح بتفسير التاريخ أو تأويله؟
و الثاني : هل هي مجرد تحديد لحقل من الظواهر يتكفل علم التاريخ بتحليلها و تتكفل الممارسة التاريخية بترجمتها الى مفاهيم و أستراتيجيات جماعية ؟
أن دراسة تاريخ الماركسية ليومنا هذا تجعلنا نقتنع بصحة الافتراضين معا رغم ما يتخلّلهما من تناقض.
أن نص ( البيان ألشيوعي..1848 ) والذي عرض لأول مرة كلمة الصراع الطبقي (وكان عمر ماركس 29 سنة و إنجلز 27 سنة) قد تعامل معه البعض و كأنه قرأن أو أنجيل جماهيري جديد , بينما أعتبره البعض الاَخر مدخل الى ((عالم)) جديد في ميدان البحث.
1.ورد في صياغة الانظمة الداخلية للأمية الشيوعية الأولى و التي حررها ماركس بنفسه (( أن انعتاق الشغيلة لا يمكن أن يتم إلا على أيدي الشغيلة انفسهم أو لا يتم)) .
2.أما في بؤس الفلسفة 1847 , فقد بين ماركس أن تاريخ المجتمعات يتقدم من (( الجانب السئ )) , أي بفعل ديناميكية التناقض , وبهذا المعنى ليس مبدأ صراع الطبقات تضمناً لجدلية السيد و العبد بل (( نقيضها)).
3. أستمد ماركس مفهوم استغلال الانسان للإنسان من سان سيمون ( 1760-1825 ) , لكن ماركس قام بقلب هذا المفهوم رأسآ على عقبآ , وبدلا من النظرية السان سيمونية حول ((إن استغلال الانسان للإنسان هو واقع العلاقات الاجتماعية في الماضي...)) , جاء البيان ألشيوعي ليقول (( إن تاريخ كل المجتمعات الى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ نضال بين الطبقات...)), وبذالك طرح ( ( الديالكتيك المادي )..وليس المادية الديالكتيكية والتي لم يتطرق اليها لا ماركس و لا إنجلز) ) بصفته (الديالكتيك المادي ) بديلا عن الطوباوية السان سيمونية التفاؤلية. وكما عبر تروتسكي ذات مرة انها أستبدلت "المصلحة المشتركة" و "الوحدة الوطنية" و"حقائق الأخلاق الأبدية" بصراع ((المصالح المادية)).
4. وردت في البيان الشيوعي 1848 ألفاظآ ثنائية , الحر و العبد , الاقطاعي و القن...الخ, هذه الألفاظ تستعمل بمثابة استعارات Metaphors , ظلت تراود الفلسفة السياسية من ميكافيلي الى هيجل , والامر هنا يتعلق أساسآ بإدراج هذه الصراعات (ثنائية ) و يؤسس مسبقآ لحلها أو لكبتها., أن الاقتصاد السياسي الكلاسيكي ينادي بمقولة الالتقاء العفوي للمصالح الفردية في إطار التنافس, و على العكس يعود الطرح الماركسي الى استحالة إزالة التناقض طالما بقيت عملية إعادة إنتاج شروط المعيشة قائمة استغلال العمل الانساني.
تعرضت النظرة الثنائية هذه والواردة في البيان الشيوعي الى نقدا من ناحيتين:
الاول: أن النظرة الثنائية تحمل بصمات الإرث الجدلي الهيجلي , و كذالك أن قيام الدولة (العصرية ) والتي تعتبر قوة ثالثة بين الطبقات المتقابلة .
الثاني: أن هذه النظرة الثنائية تؤدي الى ربط جملة من المزدوجات النظرية المتشابهة : المستغِلة و المستغَلة , القاعدة و البنية الفوقية, القوى المنتجة و علاقات الإنتاج. هذا يجعل المستغِلة و المهيمنة نفسها بناءآ فوقيآ , لذالك إما أن نقول بأن هذه الطبقة لا تمثل واقعآ حالها حال البنى الفوقية أو تشكل طبقة عبر البنية الفوقية : أي عبر ألامساك بسلطة الدولة : أي حزب الطبقة البرجوازية ليس إلا الدولة نفسها.
قدَّما إدورد برنشتاين (1850-1932 ) و لينين (1870-1924 ) بدائل متميزة من النظرية الثنائية :-
يعتقد برنشتاين أن البروليتاريا لا تشكل سوى أقلية بالقياس الى عموم الشغيلة , وكذالك صفوف البرجوازية متفرقة نتيجة ما يفرزه تطور الرأسمالية , لذالك لايمكن أن ينجم الانتقال الى الاشتراكية عن استقطاب المجتمع في كيانين : كيان بروليتاري و كيان غير بروليتاري , بل عن طريق جبهة من التحالفات الطبقية.
أما بالنسبة إلى لينين فإن نقده للثنائية يمر عبر إخضاع الجوانب الاقتصادية للصراع الطبقي للجوانب الاخرى التي لا ترتدي المواصفات نفسها.
كتب يقول (( إن الاعتقاد بأن الثورة الاجتماعية ممكنة بدون انتفاضات الأمم الصغيرة في المستعمرات و أوربا , و بدون الانفجارات الثورية لجزء من البرجوازية الصغيرة مع ما تحملة من أحكام مسبقة, ....هو تطليق للثورة الاجتماعية . وهو بمثابة التصور أن في إمكان جيشآ مَا أن يتخذ له موقعآ معينآ ويصيح ( أنا مع الاشتراكية) ...فيجبه جيشآ من مكانآ آخرآ ( أنا مع الإمبريالية) فتقوم الثورة الاجتماعية...أن من يتوقع أن تكون الثورة الاجتماعية ( خالصة) لن يعيش حتى يراها...وهو ثوري بالكلام فقط ولا يدرك ما هو المقصود بالثورة الحقيقية)).
5. علاقة الصراع الطبقي بالاقتصادوية Economism ؟
كتب ماركس رسالته الشهيرة الى جوزيف فيدمايار (1818-1866 : صحفي و سياسي ماركسي ) في العام 1852 : ((إن الفضل لا يعود لي في اكتشاف ما يحتويه المجتمع المعاصر من طبقات أو ما يتخخله من صراع بين الطبقات )), فهو يدعوا هنا الى تفحص ما كتبه الفلاسفة الفرنسيون في القرن الثامن عشر و التاسع عشر.
تنطوي التحاليل الماركسية على ثلاث أطروحات تجنح كلها نحو اختزال جدلية صراع الطبقات في جانبها الاقتصادي :
الأطروحة الأولى: لا تعتبر البروليتاريا مجرد طبقة ((متحررة من الأوهام)) حول واقع الاستغلال الذي تعيشه فقط , بل طبقة تفتقر الى (ايديولوجية) خاصة بها.
الأطروحة الثانية: والتي تختزل أسباب الوجود التاريخي لصراع الطبقات الى السبب المتعلق بندرة الموارد الانتاجية.
الأطروحة الثالثة: هي التي تصور صراع الطبقات في شكل (( ظاهرة)) أو في شكل (( المظهر الخارجي)) لتناقض مختلف و (( أكثر عمقآ )) بين القوى المنتجة من جهة و علاقات الانتاج من جهة ثانية.
لقد فسر إنجلز في مقدمة الطبعة الجديدة ل ( حرب الفلاحين في ألمانيا) 1874 تفوق الحركة العمالية الألمانية على الحركة النقابية الإنكليزية و الفرنسية في : المزج بين الأشكال التاريخية لصراع الطبقات :- لقد جرى الصراع لأول مرة منذ أن ظهرت للوجود حركة عمالية في الاتجاهات الثلاثة : النظري و السياسي و الاقتصادي .
أما لينين في ( ما العمل 1902) فقد ذكر (( إن وعي الطبقة العاملة لا يمكن أن يكون وعيآ سياسيآ حقيقآ إلا إذا تعوًد العمال على الرد عند حصول أي تجاوز....... إن الطبقة العاملة لا يمكنها أن تعي نفسها جيدآ إلا إذا كانت تملك معرفة دقيقة للعلاقات القائمة بين كل الطبقات..)).
وبذالك طرح فكرةً تقولُ : إن قيام الطبقات ليس شرطآ سابقآ لوجود الصراعات بل إن هذه الصراعات هي التي تؤدي الى قيام الطبقات.
((ان وجود الطبقات شرط حتمي لوجود الصراع الطبقي. حسقيل قوجمان)).
أما غرامشي فقد أستخدم تعبير (( موازين القوى)) للأشارة الى صراع الطبقات , وبين أن هذه الموازين تنطوي على ثلاثة أبعاد متداخلة :
1. اللحظة البنياوية: المرتبطة بتاريخ الإنتاج.
2. اللحظة السياسية : والتي تمر عبر العديد من المراحل التناحرية ; من الفئوية الى قيام هيمنة الكتلة الاجتماعية الأساسية على جملة من الكتل المهيمن عليها.
3. لحظة ميزان القوى العسكري : الذي يُحسم .
كتب إنجلز في مقدمة الطبعة الألمانية في العام 1872 للبيان الشيوعي:
(...ورغم ان الظروف تبدلت كثيرا خلال السنوات الخمسو العشرين الاخيرة , فا لمبادئ العامة الواردة في هذا (( البيان)) لاتزال بالاجمال محافظة حتى اليوم على كل صحتها, وان كان يجب ادخال بعض التعيل على عدد من الفقرات, ان البيان نفسه يوضح ان تطبيق هذه المبادئ يتعلق دائما وفي كل مكان بالظروف و الاوضاع التاريخية في وقت معين, فلا تعلق اهمية قائمة بذاتها على التدابير الثورية المذكورة في نهاية الفصل الثاني. ونحن لو عمدنا الى انشاء هذا المقطع اليوم , لأختلف في اكثر من نقطة عن الاصل.
وقد شاخ هذا البرنامج اليوم في بعض نقاطه, نظرا للرقي العظيم في الصناعة الكبرى خلال السنوات الخمس و العشرين الاخيرة...)).
ماركس و انجلز ..مختارات 4 أجزاء ج1..ترجمة الياس شاهين..دار التقدم ..موسكو..40.
يا ترى ماذا سيقول إنجلز اليوم وبعد مرور 139 سنة على كتابة مقدمته هذه ؟؟؟.
يقول الزميل الفاضل ((اذا اخذنا قانون الصراع الطبقي على سبيل المثال نفهم من اسمه انه صراع يجري بين طبقات مختلفة....))
و ((...قد يقول البعض ان الصراع الطبقي نظرية وليس قانونا. وهذا مجرد خلط بين القانون والنظرية.))
و ((...ولم يتغير في النظام الراسمالي سوى ان الصراع الطبقي الجاري في المجتمع انعكس في دماغ الانسان انعكاسا صحيحا فاصبح الانسان عالما بفضل الماركسية بضرورته...)) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=272989
وبعد كل هذا التوضيح ( رغم أننا تجاونا مفهوم ماركس عن الطبقة و البرجوازية و البروليتاريا لأن الموضوع سوف يتسع الى مالانهايه) , الأ يعتقد زميلنا الفاضل حسقيل قوجمان أنه يتكلم بلغة هي غير اللغة التي نتكلمها نحن.
الجزء الثاني: قانون فناء الضدين, و ستالين.
المصادر :
Dictionnaire Critique du Marxism: Gerard Bensussan & G. Labica
ماركس و انجلز ..مختارات 4 أجزاء … ترجمة الياس شاهين..دار التقدم ..موسكو.
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
