أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الكحط - الديمقراطية سلاح ذو حدين فالى أي حدٍ أنتم سائرون















المزيد.....

الديمقراطية سلاح ذو حدين فالى أي حدٍ أنتم سائرون


محمد الكحط

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 22:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ليست الديمقراطية كلمة ذات معنى واحد للجميع، فالكل يغني على ليلاه، فهي بالنسبة للشعوب الغربية وبالذات أنظمتها، تعني الليبرالية حيث الانتخابات الحرة وسيادة القانون والفصل بين السلطات وحماية الحريات الأساسية...الخ، ورغم ان "الديمقراطية" قد ترسخت عبر عقودٍ طويلة قدمت خلالها هذه الشعوب التضحيات الجسام لتصل لهذه المرحلة منها، لكننا نرى ان الناخبين يتأثرون بأبواق الدعاية الانتخابية وما يتخللها من تضليل، والتي ترصد لها الأموال والخطط لخلق أجواء معظمها زائفة بعيدة عن الشفافية التي يفترض ان تسودها وترفع خلالها الشعارات والوعود الرنانة، وتفوت أساليبها على المواطنين البسطاء وبالتالي يقعون في فخ الديمقراطية وينتخبون من هم بعيدون عن تمثيل مصالحهم الحقيقية.
وهذه الديمقراطية هي التي جاءت بهتلر لقيادة ألمانيا وليقود العالم إلى حرب عالمية راح ضحيتها قرابة خمسين مليون مواطن، ناهيك عن المعوقين والدمار والخراب الاقتصادي والعمراني والاجتماعي الذي عم العالم بأسره.
والديمقراطية الامريكية والتي يعتبرها البعض نموذجا يحتذى به، ما هيّ إلا صورة مشوهة للديمقراطية التي تعني حكم الشعب، فأي شعب هو الذي يحكم في امريكا، كم من ممثلي العمال والفلاحين موجود في عضوية الكونكرس الامريكي، وكم من أبناء الكادحين يحق له حق الترشيح، أو يمكنه الوصول الى مواقع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية...؟، هل يعلم البعض ان المحكمة العليا وهي أحدى السلطات الثلاث الرئيسية في أمريكا، بل تعتبر السلطة العليا، يرأسها تسعة أشخاص من نساء ورجال غير منتخبين يحكمون مدى الحياة، ومجلس الشيوخ الامريكي ليس كالتمثيل النيابي المعروف في معظم الدول البرلمانية، فترسل كل ولاية أمريكية عضوين من الشيوخ لواشنطن، دون النظر الى حجم وتعداد الولاية السكاني، فولاية كلفورنيا التي يبلغ تعدادها حوالي ثلاثين مليون نسمة، لها نفس تمثيل ولاية أريزونا التي يبلغ عدد سكانها أقل من أربعة ملايين شخص وهكذا، فليس هنالك تمثيل حقيقي للمواطنين في مجلس الشيوخ لا في العدد ولا في الأنتماء الطبقي ولا في المصالح، فمن يحكم هم الحفنة المالكة وأصحاب رؤوس الأموال وأصحاب مصانع السلاح الضخمة والذين يشرفون على تسويق النفط العالمي.

وفي البلدان التي عانت لسنوات طويلة من تسلط أنظمة شمولية تكون عملية الأنتقال الى الحياة الديمقراطية مليئة بالمصاعب والتعقيدات، وهذا ما دعا الدبلوماسي الأمريكي ريتشارد هولبروك ليقول في معرض حديثه بخصوص الأوضاع في يوغسلافيا في التسعينات، (لنفترض أن الانتخابات حرة ونزيهة، وأن الذين تم أنتخابهم عنصريون وفاشيون وأنفصاليون. هنا تكمن المعضلة.)، وهذا مشابه لما أفضت إليه الانتخابات العراقية ضمن المرحلة التي أردناها ديمقراطية حقيقية وليست شكلية، فالديمقراطية اليوم وفي العراق بالذات تم أختصارها بالانتخابات فقط، دون الحريات العامة ولا الحريات الشخصية ولا الرقابة الشعبية ولا التثقيف بماهيّة الديمقراطية التي يجهلها حتى معظم الذين يقودون العملية السياسية في العراق اليوم "ولن أستثني أحدا منهم" لأن حتى الذين يفهمونها وهم قلة، لا يمارسونها حقا بل أمست شبه ديكور سياسي يتم الرجوع إليه من قبل السياسي عندما يتفق ومصالحه ويحيد عنه عندما يتعارض ومصالحه الضيقة.
اليوم وقد تم تحريك البرك الراكدة في البلدان العربية وأنتشار الحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح، وبفعل المجتمع الجديد مجتمع المعلوماتية، رغم أنها لازالت في بداياتها، وما تراكم من خبرات نضالية عبر العقود الماضية، نجد ان الوقت قد أزف لتعي النخب السياسية المتنفذة حركة العصر، حركة التغيير، وأن تسعى "رغم أنفها" لتوفير مناخات من الديمقراطية الحقيقية والمساواة والمشاركة الفعالة في عملية البناء من قبل الجميع على أساس المواطنة والكفاءة والإخلاص، بعيدا عن نظام المحاصصات والطائفيات والأثنيات وأن تسعى لتعزيز الروح واللحمة الوطنية، بل ونبذ كل من يتكلم خارج هذا السياق، ليشارك الجميع في عملية التنمية والبناء، واستبعاد المفسدين من المراكز المهمة، وحل مشاكل المجتمع بالطرق العلمية الصحيحة وليس بالشعارات والنيات الحسنة ولا بالتخبط وعدم التخطيط السائد في بلادنا اليوم.
قد تكون محاولات السلطات في تفتيت عضد التجمعات الاحتجاجية نجحت في تحديد وتحييد هذه الفعاليات التي تخرج كل يوم جمعة تحت نصب الحرية مطالبة بالإصلاح وتعديل المسيرة الديمقراطية وتوفير الخدمات وفرص العمل، لكنها ستكون واهمة جدا لو اعتقدت أنها قادرة على القضاء عليها وعلى صوت الاحتجاجات دون حلول جذرية للمعضلات، فلا الضرب ولا المضايقات ولا الاعتقالات أو المنع والتشويه والأندساسات وقذف التهم الباطلة وهي من ممارسات النظام البائد، ستكون قادرة على منع تلك الفعاليات، بل التوجه الحكيم لحل وطني مدروس هو الطريق الصحيح، فهنالك ظواهر جديدة دخلت الملعب لم تتهيأ أذهان السادة الحكام بعد لاستيعابها وهضمها، فخلال السنوات الأخيرة دخل إلى المعادلة التاريخية المتمثلة بتفاعل المجتمع والسياسة والعقيدة والمذهب والقومية والدين والاقتصاد عامل مهم جديد ألا وهو ثورة تكنولوجيا الاتصالات والتي لازالت في بداياتها، وتشع منها رائحة عطرة تفوح ديمقراطية وحرية، فالديمقراطية ليست القوانين والانتخابات رغم أنها جزءا مهما منها، بل هدفها تحقيق العدالة الاجتماعية ومساواة أكبر بين المواطنين، ومدى الالتزام بالحريات والقوانين الموضوعة لصيانتها كي تسير الى تحقيق أهدافها بشكل نزيه وسليم.
ولأجل ذلك يتطلب قبل كل شيء تبلور وعي وإدراك من قبل المجتمع لعملية البناء الديمقراطي، وعلى الدولة مهمة أساسية هي التنوير والتبصير لجميع أبناء الشعب بمبادئ الديمقراطية، كما ان هذا الواجب ينسحب على القوى السياسية الديمقراطية الحقيقية التي تجد الديمقراطية الحقيقية هي ضمانة لمصالحها الإستراتيجية، وفسح المجال لعملية النقد والمراقبة للصحافة والمعارضة على مصراعيها، بعيدا عن المتاجرة أو استخدام ذلك كغطاء للإسقاطات السياسية، ليتمكن الجميع من أخذ دورهم كمساهمين في عملية البناء بالأسس الديمقراطية، والتي جاءت بعد تدخل خارجي سبب الفوضى والخراب في المجتمع والبنى التحتية للبلد.
ما تتطلبه المرحلة اليوم من الحريصين على الديمقراطية هو تأسيس قاعدة متينة لها، من خلال تعديل الدستور ليكون ممثلا لكل أبناء الشعب دون تمييز او تفضيل أو فرض مبادئ طائفة أو قومية على أخرى، وأن لا يسمح لمجئ الدكتاتوريات من جديد، وأن يقر قانون للأحزاب حديث يواكب العصر لا يسمح ان تتشكل الأحزاب على اسس طائفية أو عرقية أو أثنية، بل أحزاب سياسية بروح وطنية، لها مبادئ وبرامج وأهداف تخدم جميع أبناء الشعب دون تمييز، وأن لا يسمح لحزب له مصادر تمويل مشبوهة بالعمل السياسي، وأن يقر قانون للأنتخابات جديد على اسس ديمقراطية حقة، لا أن يفصل لخدمة قوى سياسية تمسك بزمام السلطة اليوم، وعلى هذه الأحزاب بالذات أن تفكر جليا بالمستقبل، فالقانون الذي يخدم مصالحها الذاتية اليوم سيكون ضدها بالغد، وكذلك الرجوع الى قرارات المحكمة العليا التي أكدت خطأ قوانين الانتخابات السابقة، وحرم أعضاء من حقوقهم بسبب القوانين الخاطئة، لتذهب أصواتهم الى آخرين لم يحصلوا على أصوات حقيقية، مما يتطلب التعديل الديمقراطي السليم والأستفادة من الخبرة الدولية في هذا الشأن لوضع قوانين ثابتة للمستقبل لا ان تعدل كل أنتخابات جديدة، وكذلك ضمان أشراف دولي مهني على الأنتخابات المقبلة لتحقيق النزاهة التي يبدو أنها غائبة الى حين، وقبل هذا وذاك لابد من إنجاز التعداد السكاني على اسس علمية حديثة ويعتبر هذا الشرط مهمة وطنية عاجلة وضرورية لا تتحمل التأجيل، ليكون هذا الإحصاء تحت تصرف جميع مؤسسات الدولة لتقوم بالتخطيط السليم لبرامجها.
ودون ذلك لا يمكن الحديث عن ديمقراطية وأنتخابات، وحرية وعدالة، فالديمقراطية كمفهوم حسب ما نصت عليه منذ البداية هي "حكم الشعب"، ويوضح صمويل هانتنجون (أستاذ العلوم السياسية)، في كتاب "الموجة الثالثة" لماذا تعتبر الانتخابات العامة الحرة والنزيهة، بمثابة جوهر الديمقراطية، وشرطا ضروريا لها لا مفر منه. وقد تكون الحكومات التي تفرزها الانتخابات عديمة الكفاءة، وفاسدة، وقصيرة النظر، وتفتقر للشعور بالمسؤولية، وتهيمن عليها المصالح الخاصة، وغير قادرة على تبني السياسات التي تهم الصالح العام. ان تلك الصفات تجعل مثل هذه الحكومات غير مرغوب فيها، رغم أنها جاءت بشكل ديمقراطي.
وهذا ما هو حاصل اليوم في بلدنا، ولكن هذا يجب ان لا يدعونا لشتم الديمقراطية أو تعييبها، بل العيب في الممارسات الخاطئة وضعف الوعي بمبادئ الديمقراطية، مما أفضى لأن تتحول الديمقراطية الى جسد بلا روح، ومن أجل أحيائها يتطلب فسح المجال أمام الحريات العامة دون أي تضييق أو محاولة إخضاعها أو التلاعب فيها، وصيانة الديمقراطية والتوعية المستمرة بقيمها ومبادئها، والشعب الذي تحمل الكثير لا تظنونه سيقف ساكتا هذه المرة، فقد وصلت الأمور الى حد الأنفجار وشعبنا الصابر سيهب حتما ليزيل رموز الفساد والمحاصصة والتخلف والطائفية العفنة، فالديمقراطية بكل نواقصها اليوم ما هي إلا الأمل المفضل لشعبنا وللشعوب جميعا، ومهمة تطويرها وصيانتها وتدعيمها هي خدمة لشعبنا والى عصرنا والى الإنسانية جمعاء.



#محمد_الكحط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة والفن Life and art
- ديمقراطيتهم ونهجنا
- إلى ملف الفضائية اليسارية العلمانية
- إلى مظفر النواب، عاشق البنفسج وليله أبن الرافدين البار الإنس ...
- أمسية حوارية حول تجربة النصيرات في حركة الأنصار في كردستان ا ...
- لقاء مع الرفيق أبو سركوت شذرات من سيرة كفاحية ثرة
- الفنان فؤاد الطائي يستذكر
- من يتحمل المسؤولية....؟ في استبعاد أصوات هؤلاء، في السويد وف ...
- زكريا تامر يفوز بجائزة ملتقى القاهرة الدولي الأول للقصة العر ...
- حرية الصحافة بين أخلاقية المهنة والنصوص القانونية 3-3
- حرية الصحافة بين أخلاقية المهنة والنصوص القانونية 2-3
- حرية الصحافة بين أخلاقية المهنة والنصوص القانونية 1-3
- شاعر الأغنية العراقية سيف الدين ولائي سيظل علماً من أعلام ال ...
- كامل شياع شهيد الثقافة العراقية
- ايام الثقافة العراقية في السويد كرنفال عراقي وسط العاصمة الس ...
- نوارس دجلة تحلق في سماء ستوكهولم
- آن للدم أن يتكلم خشبة المسرح تحاكم الجلادين
- مناضلون حتى الرمق الأخير، عمره عمر الحزب الرفيق أبو ستار رجل ...
- تحية للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي اللبناني
- الفنان أحمد مختار ...خطوات رصينة نحو الإبداع الحرية هنا منحت ...


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الكحط - الديمقراطية سلاح ذو حدين فالى أي حدٍ أنتم سائرون