أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيده بن علي - الثورات العربية بين العفوية واستراتيجية الفوضى البناءة















المزيد.....

الثورات العربية بين العفوية واستراتيجية الفوضى البناءة


سيده بن علي

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورات العربية بين العفوية واستراتيجية الفوضى البناءة

الثورة فعل تاريخي او لا يكون اذ هي تغيير نوعي في حياة الشعوب وانقلاب على كل المفاهيم والاطر والقيم والعلاقات القديمة واعلان عن مرحلة جديدة.
قد ينطبق هذا التعريف للثورة على التجارب الثورية القديمة اكثر من انطباقه على الثورات العربية الراهنة التي اشتعلت على يد شباب اعلن رفضه للانظمة الحاكمة دون قيادة او تأطير من اي نخبة سياسية او فكرية.فقد فاجأت الثورة في تونس كل العالم ثم انتشرت وسرت كسريان النار في الهشيم الى بقية البلدان العربية بطريقة جعلت أغلب التنظيرات الثورية تقف شبه عاجزة عن تفسير ما يجري رغم الفرحة والنشوة بميلاد مفهوم جديد للجماهير العربية فكان ان فرضت الأسئلة الحائرة نفسها على الاذهان.
هل هي ثورات شعبية عفوية ونتيجة طبيعية لأحقاب زمنية من الكبت والقهر ام ان هناك اياد خفية تحرك الاحداث عن بعد لغرض ما وما هو الاتي؟؟
كل هذه الاسئلة نبهت للحديث عما يسمى بالفوضى الخلاقة الامريكية فما الذي يعنيه هذا المصطلح؟؟وما هي العلاقة الرابطة بين الفوضى والخلق؟؟وماهو المصدر الذي منه استمد هذا المفهوم الذي تحول الى نظرية؟؟وهل ان غاياته الخلق والبناء فعلا ام انه قناع وذريعة لخدمة مصالح واشنطن؟؟.
الفوضوية هو لفظ ذو جذر يوناني ألفنا تعريفه سلباً لانه يعبر عن إنعدام النظام وغياب القيادة اما وقد اقترن بصفة الخلق والبناء فهذا يحيل حتما على مفهوم جديد ومختلف عن الفوضى السلبية!! .
وقد ذكر ان مفهوم الفوضى الخلاقة نابع من إصول مسيحية اذ ينسب الى الأب ديفيد فليمنغ القول بان :"الانجيل يؤكد لنا ان الكون خلق من فوضى,وان الرب قد اختار الفوضى ليخلق منها الكون".
ويعد مايكل ليدين العضو البارز في - معهد امريكا انتبرايز- أول من صاغ مفهوم الفوضى الخلاقة او البناءة في معناها السياسي الذي يتلخص في كونها وضعية إيجابية بعد حالة من الفوضى المتعمدة اذ ان خلق حالة من الفوضى وعدم السكون واللااستقرار سوف يؤدي حتما الى بناء نظام سياسي جديد يوفر الامن والازدهار والحرية فهو بمثابة العلاج بالصدمة.
وقد وجدت هذه النظرية ديناميتها الفعلية بعداحداث11سبتمبر2001 التي عكف على اثرها العديد من منظري ومفكري المحافظين الجدد الأميركان على وضع فلسفة متكاملة لتبرير الحروب ولعل نظرية الفوضى الخلاقة هي اهم منجزات هؤلاء.
ووضع هذه النظرية في مثل تلك الظروف اي اثر تفجير مبنى التجارة العالمية لا يخفي الهدف من وراء تأسيسها وهو بالتاكيد مصلحة امريكا قبل كل شيء.فنظرية الفوضى الخلاقة تعني في الحقيقة السعي الإستباقي نحو تفكيك كل المواقع والجغرافيات المفترض انها تشكل مصادر تهديد لأمن ومصالح امريكا التي تبادر بالحرب الوقائية لمجرد افتراض خطر داهم يهدد الامن القومي الامريكي.
و كانت كونداليزا رايس قد رددت في حديث أدلت به الى صحيفة الواشنطن بوست الامريكية حين قيل لها ان التفاعلات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط ستؤدي الى خيارين :فأما الفوضى او سيطرة الجماعات الاسلامية على السلطة ولن تؤدي بالضرورة الى الديمقراطية فاجابت بان الوضع الحالي ليس مستقرا وان الفوضى التي تفرزها عملية التحول الديمقراطي في البداية هي نوع من الفوضى الخلاقة التي ستكون نتيجتها حتما وضعا افضل مما عليه المنطقة الان .وهذا ما يجعلنا نخلص الى نتيجة يعتبر الجدال فيها مثل سلوك النعام في مواجهة الحقيقة وهي ان حالات الفوضى والاضطراب التي تعيشها المنطقة العربية تقف وراءها وتحركها الولايات المتحدة الامريكية في محاولة لتطبيق استراتيجيتها وهو ما يؤكده قول مايكل ليدن العضو الاهم في معهد امريكا انتربرايز وصائغ نظرية الفوضى البناءة:(الوقت حان لكي تصدر الثورة الاجتماعية)من اجل اعادة صياغة المنطقة العربية عبر التغيير ليس في النظم وحدها بل في الجغرافية السياسية كذلك
ولنا ان نتساءل ماهي الاهداف الحقيقية الكامنة وراء هذه الاسترتيجية الامريكية؟؟
اجابة صانعي هذه الاستراتيجية ومطبقيها هي النهوض بالمنطقة العربية والاخذ بيدها كي تخرج من جمودها وتمكنها من التمتع بالديمقراطية في ظل حكومات شرعية ناضجة فالمعاينة للمنطقة العربية حسب العديد من المستشرقين اسفرت على الخروج بنتيجة وهي ان العالم العربي ماهو الا تجمع لاقليات دينية وعرقية متناحرة عاجزة عن الاجتماع تحت لواء دولة واحدة مما يفرض ضرورة تشكل كل طائفة وكل دين في تشكيل سياسي خاص وهذا لن يتم الا عبر بث حالة من الفوضى البناءة التي ستتمخض في النهاية عن حالة سياسية واجتماعية جديدة قوامها الديمقراطية التي رفعتها امريكا شعارا تود تحقيقه لتبرير احتلالها للعراق فهل آل العراق الان الى الوضع الافضل؟؟؟ ولنفترض ان غاية واشنطن من وراء بث فوضاها الخلاقة داخل العراق واحتلاله كانت غاية نبيلة في الاصل فبماذا نفسر تلك الابادة الجماعية للشعب العراقي اثناء الحرب؟؟ لقد كانت ابادة تشي بالرغبة في القضاء على اكبر عدد ممكن من النوع البشري الموجود بالمنطقة وهذا لا يعبر الا عن نزعة عنصرية متجذرة في العقلية الامريكية.
والتاريخ لن يمحو تلك الزلّة اللسانية التي تورط بقولها بوش الابن بانه سيقود حروبا صليبية جديدة معتبرا نفسه ابن المسيح الطيب. .وكيف يمكن نسيان او تجاهل تلك الحملة من الاغتيالات التي استهدفت علماء ومفكرين عراقيين في حين ان مساعدة الشعب على النهوض تستوجب الحفاظ على اولائك العلماء والمفكرين وليس اصطيادهم واحدا واحدا.
ان الحديث عن سقوط العراق وما تبعه من سقوط للعديد من الانظمة الاستبدادية العربية يقودنا بصفة عفوية الى الاشارة ولو بصفة عابرة الى ما عرف بنظرية الدومينو وهي نظرية ظهرت في الخمسينات وتعني سقوط النظم الواحد تلو الاخر .ويبدو انه قد وقع احياء هذه النظرية
فقيام الثورة في تونس تلته سلسلة من الثورات جعلت الشعوب والانظمة على حد سواء في حالة من الذهول امام هذا التسارع العجيب في قيام الثورات وسقوط الحكومات الدكتاتورية كما جعلت الانظمة الاستبدادية والوراثية المتبقية في حالة توجس وخيفة من ان تطالها الشرارة ويأتي عليها الدور مما جعل الاسئلة تطرح على الاذهان هل هي ثورات عفوية ام هي صنيعة قوى خارجية؟؟ هل هي نتيجة حتمية لما كابدته الجماهير العربية من قهر ومصادرة لحقوقهم في الحرية والعيش الكريم ام هي تجسيد لنظرية الفوضى الخلاقة الامريكية على الاراضي العربية؟؟.
ما نذكره جيدا ولا جدال فيه هو ان الولايات المتحدة وقفت محايدة اثناء الثورة التونسية وقلقة اثناء الثورة المصرية وكانت تعبر عن موقفها من الاحداث بتحفظ شديد مكتفية باعلان اسفها عن سقوط الشهداء وداعية السلطة المصرية خاصة الى ضبط النفس والتعامل مع ما يحدث بحكمة لكن موقفها لم يكن كذلك اثر قيام الثورة في ليبيا فهي لم تطل الانتظار حتى سارعت الى ادانة نظام القذافي ثم الاتفاق على تجريده من صفته القانونية والسياسية بصفته حاكما للبلاد والذريعة طبعا هي عمليات الابادة الوحشية التي مارسها على شعبه ولذلك ساندت الثوار ثم تلا ذلك عقد للتحالف نفسه الذي كان قدتم بواسطته اسقاط النظام العراقي.وهاقد سقط النظام الليبي المستبد بدعم من الاحلاف وبعض دول الخليج فمتى اصبحت هذه الاخيرة داعمة للحريات حريصة على الديمقراطية؟؟
طرح مثل هذه التساؤلات ليس الغرض منه الحط من قيمة انجاز الجماهير الثائرة والتشكيك في اشعاعها الشعبي فالعفوية حاضرة لان الثوار عندما خرجوا الى الشوارع متحدين الموت لم تكن ترفع شعارات ذات مرجعية فكرية او عقيدة سياسية معينة بل كانت تنادي بكلمات مرتجلة تؤكد على مرجعيتها الشعبية البسيطة,كلمات واستغاثات لشعوب ضاقت ذرعا بالظلم والاستبداد فكان انفجارها في وجوه انظمتها نتيجة طبيعية فالضغط يولد الانفجار.ثم ان التساؤل حول من سيدفع الشعوب للخروج على حكامها بذلك الاصرار التاريخي يفرض نفسه ويؤكد على عفوية الثورات اذ انه من الصعب على عناصر خارجة مهما كانت محكمة التنظيم ان تقوم بحشد وتعبئة كل تلك الجماهير الثائرة باحدى تقنيات التحكم عن بعد لكن التساؤل حول ما يحف بتلك الثورات من غموض في بعض من جوانبها لا يعني الاستخفاف بالثورة كما يذهب العديد ممن الفوا فن التقديس وافتقدوا الى الحس النقدي للظواهر فبالامس كان الطاغي من المقدسات التي يشيح الناس عن اخطائه بوجوههم مما جعل الانظمة الاستبدادية تستبيح حرياتنا وتسوقنا بالعصا كما الابل!!.
واليوم فاننا نقع في الخطا ذاته حيث اضحت الثورة من المقدسات ومحاولة نقدها او البحث في نقاط ضعفها اثم في حقها وحق الجماهير والشهداء فمتى نتخلص من المقدسات التي تحد من طاقاتنا وتعمي عيوننا عن رؤية الحقائق ومواجهتها؟؟. فالاستفهام حول ما يحيط بالثورات من غموض بات من الهموم التي تشغل بال عدد ليس بالقليل من الجماهير العربية وتجاهل هذه الاسئلة والتغاضي عن محاولة ايجاد اجوبة منطقية لها هو خيانة للثورة والشعب ومساهمة في تهميشها والحياد بها عن العقل والمنطق واغراقها في الانفعالات والعواطف التي لن تنقص من الحاح السؤال اذا اختلى كل فرد بذاته ولن تهدئ من الصراعات النفسية التي تعانيها الجماهير في خضم ما يدور حولها من احداث متسارعة كما انها لن ترفع عن المشهد الثوري العربي ما يحيط به من ضبابية وكثافة في الرؤيةفقيام الثورات العربية جعل الانسان العربي يسترد ثقته بانسانيته وكرامته التي استبيحت لحقبة طويلة من الزمن فالرغبة في خلق عالم جديد وخلق فرخ النسر من نسل العبيد كما عبر خليل حاوي هي هاجسنا كلنا لكن هذا التغيير يجب ان يكون نابعا من الشعب بذاته وليس تفصيلا جاهزا تعده ايادي اجنبية وتود اسقاطه دون مراعاة لخصوصياتنا ومشاكلنا الداخلية وللتفاعلات النفسية لجماهيرنا.



#سيده_بن_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الياسمين في مواجهة الثورة المضادة


المزيد.....




- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...
- احتجاز رجل بالمستشفى لأجل غير مسمى لإضرامه النار في مصلين بب ...
- برازيلية تنقل جثة -عمها- إلى البنك للحصول على قرض باسمه
- قصف جديد على رفح وغزة والاحتلال يوسع توغله وسط القطاع
- عقوبات أوروبية على إيران تستهدف شركات تنتج مسيّرات وصواريخ
- موقع بروبابليكا: بلينكن لم يتخذ إجراء لمعاقبة وحدات إسرائيلي ...
- أسباب إعلان قطر إعادة -تقييم- دورها في الوساطة بين إسرائيل و ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيده بن علي - الثورات العربية بين العفوية واستراتيجية الفوضى البناءة