أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - نبوة المختار – قدر التاريخ وقدرة الروح!















المزيد.....

نبوة المختار – قدر التاريخ وقدرة الروح!


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 11:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وليس مصادفة أن يجري الانهماك اللاحق في اختلاق مختلف الروايات وتهويل "الكذب" فيها، وبالأخص من خلال فبركة التشنيع الأيديولوجي عما يسمى بادعائه بالنبوة. ويمكن فهم المضمون التاريخي لهذا الاتهام باعتباره الصيغة المتحاملة على ما في إبداعه العملي من بديل ارتقى إلى مستوى التهديد الشامل للنظام السياسي السائد آنذاك. فالاتهام بالنبوة "الكاذبة" هي الصيغة التي تميز جمود العلاقات السائدة، التي ترى في كل انقلاب جذري أو شامل عليها شكلا من أشكال "السحر" و"الهذيان" و"الكذب" و"الدجل". ونعثر على هذه الصيغة في اتهامات العرب الجاهلية للنبي محمد. إذ لم يتركوا كلمة في قاموس اللغة المتداول آنذاك دون أن يجري لصقها به، بما في ذلك محاولات "إقناعه" بالعلاج إن كان يحس في أعماقه "شيطانا" يؤذيه! بينما لم تكن حقيقة "الشيطان" هنا سوى الصورة المخيفة التي ترتسم في خيال القوى الخائفة من إمكانية اندثار وجودها الهادئ خارج وجود الأشياء الطبيعي، أي حرارة الحياة القاسية وزمهرير الموت المفاجئ! وذلك لأنها تنظر إلى الحياة باعتبارها حكرا أبديا لها. وليس مصادفة فيما يبدو أن يقول المختار في أول خطبة سياسية له في مسجد الكوفة "الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوّه الخسر، وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا!". وهي فكرة بسيطة ومباشرة، لكنها عميقة وحقيقية. بمعنى أنها تحتوي بقدر واحد على حكمة التاريخ والأخلاق والوجود وما وراءه. وذلك لأنه قرن الانتصار وبقاءه بالحق. واعتبر العمل من اجل هذه الحقيقة البسيطة العميقة والأبدية ثمرة ممكن قطافها عندما توضع بأفواه الجمهور وعقولهم وأفئدتهم، بوصفها الصيحة الضرورية للعقل الجريء والنفس الحرة.
من هنا كان اتهامه بالنبوة الوجه الآخر لنبوته الفعلية. لقد أرادوا سلبه "المقدس" من خلال صيغة الجحود. لكن المثقف الكبير "نبي" بالضرورة، بمعنى انه يعمل بمعايير ومقاييس الوحدة الخفية للتاريخ والمطلق، أو الجسد الاجتماعي وميتافيزيقيا الروح. ومن ثم لم يكن الاتهام بالنبوة سوى نفسية السلطة، وأيديولوجيتها "السنيّة" التي تجد في كل خروج على رؤيتها جحودا وكذبا ودجلا. وحالما يرتقي هذا الجحود إلى منظومة تقويض أسسها، آنذاك تصبح "النبوة الكاذبة" قمة الاتهام والشتيمة. وقد حصل هذا الشيء مرات عديدة. تماما كما أن تهمة "الغلوّ" هي الصيغة الفقهية التي كانت ترمي إلى "حق" إهدار دماء الخارجين على السلطة واستبدادها. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن المختار قد جمع في ذاته ومفاهيمه ومبادئه وحركته السياسية "النبوة" و"الغلو". من هنا يمكن فهم سعة وشراسة الاتهام السلطوي له ولحركته الفكرية والسياسية.
لقد كانت السلطة الأموية والزبيرية تدركان خطر "النبوة" في المختار، وذلك بسبب اختزاله القرآن إلى فكرة وعقيدة الثأر الشامل من الاستبداد والظلم والانحراف الروحي والأخلاقي للسلطة عن قيم الإسلام الكبرى التي وجد نموذجها الفعلي في شخصية الإمام علي بن أبي طالب. دون أن ينفي ذلك استقلاله الجريئ وبالأخص في ميدان الرؤية السياسية والتاريخية. فقد كانت السلطة تدرك قدسية الثار عند المختار. أنها كانت ترى فيه "نبي الثأر". فأبقت على الأولى من اجل رفعه إلى مصاف الكافر الملحد الزنديق الدجال! أنها أرادت بطريقتها الخاصة الثأر من ثأره بإعلانه دجالا. لكنها صنعت منه نبيا بين المثقفين، استعاد في شخصيته النموذج التاريخي الرفيع للنبي محمد من حيث ربطه القول بالعمل، والدفاع عن المستضعفين بالانتقام من طغاة المال والجاه. لاسيما وأنها نفس الارستقراطية القرشية القديمة بعد أن تلبست بلباس الإسلام والخلافة. وليس مصادفة فيما يبدو أن يقول المختار في معرض تعليقه على معاقبته وتتبعه لقتلة الحسين "لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لا يساوي قيد أنملة من أنامله!". وهو موقف وجدت فيه "أشراف" الكوفة والعراق والشام والحجاز خطر "النبوة" القادمة. من هنا سرعة الاتهام، التي جعلت آذان الأشراف لا تسمع غير "سجع" المختار، مع أن ذوق البيان العربي لا يتعارض مع السجع، كما انه ارتقى لاحقا إلى مصاف الصيغة المثلى والنموذجية للإبداع الأدبي في الكتابة والخطابة.
ومع ذلك لم يسجع المختار.أما النماذج التي تقدمها كتب "السنة" المتشددة، فهي اقرب ما تكون إلى أكاذيب سهلة التأليف. بمعنى أنها حتى لم تجهد نفسها في وضع ما يمكنه أن يكون مغريا للمستمعين. فقد كانت الكوفة مدينة اللغة العربية في أصولها الأولية، بمعنى إنها كانت تطالب المرء بالبقاء ضمن عبارة العربية الدقيقة والجميلة والعميقة. وكل من يتابع ولو بقدر ضئيل خطابات العرب آنذاك، فانه سوف يقف أمام نماذج رفيعة للغاية لا يمكن للمرء أن يتحول بينها إلى "نبي" دون أن يبزها جميعا. وما تقدمه كتب الاتهام والتزييف لا تعدو عبارات يقدر عليها كل مبتدى ضعيف الذوق! وقد جمع البغدادي كثير منها في كتاب (الفرق بين الفرق)، مثل "أما والذي انزل القرآن، وبيّن الفرقان، وشرّع الأديان، وكره العصيان، لاقتلن البغاة من أزد عمان، ومذحج وهمدان، ونهد وخولان، وبكر وهزّان، وثعل ونبهان، وعبس وذبيان، وقيس وعيلان"، و"حق السميع العليم، الحي العظيم، العزيز الحكيم، الرحمن الرحيم، لاعركن عرك الأديم، أشراف بني تميم"، و"الحمد لله الذي جعلني بصيرا، ونوّر قلبي تنويرا، والله لأحرقن بالمصر دورا، ولأنبشن بها قبورا، ولأشفين منها صدورا، وكفى بالله هاديا ونصيرا"، و"برب الحرم، والبيت المحرم، والركن المكرم، والمسجد المعظم، وحق ذي القلم، ليرفعّن لي علم، من هنا إلى إضم، ثم إلى أكناف ذي سلم"، "أما وممشي السحاب، الشديد العقاب، السريع الحساب، العزيز الوهاب، القدير الغلاب، لانبشن قبر ابن شهاب، المفتري الكذاب، المجرم المرتاب"، و"أما ورب السماء، لتنزلن نار من السماء، فلتحرقن دار أسماء"، فانتهى الخبر إلى أسماء بن خارجة، فقال "سجع بي أبو إسحاق، وانه سيحرق داري". فهرب من داره. وبعث المختار إلى داره من احرقها بالليل، واظهر من عنده أن نارا من السماء أنزلت فأحرقتها.
إننا نقف أمام صيغ تتسم بقدر كبير من الزيف والتزييف. ففي تلك النماذج التي تنبعث منها رائحة القبلية في "السجع" هي ليست إلا إنتاج تفكير قبلي صرف. بينما كان شعار المختار "يا لثارات الحسين"، أي أن شعاره يقوم في الثأر من قتلة الحسين. ومن ثم فلا قبلية فيه. كما أن سلوكه منذ صعوده السياسي حتى موته كان تجسيدا نموذجيا لهذا الشعار، بما في ذلك في جميع الروايات التاريخية المؤيدة والمعارضة. ومن ثم يمكننا القول، بان المختار هو أول من تجاوز فكرة القبيلة في التاريخ السياسي العربي، من خلال إشراك الموالي والأعاجم في وحدة إسلامية اجتماعية مبدأها المساواة وغايتها الحرية. وبالتالي ليست "آيات السجع" التي يوردها البغدادي إلا نماذج تعبيرية لذوق صحراوي، من أعراب البادية. فهي لا تحتوي على أي قدر من الإحساس المديني والاجتماعي المميز لشخصية المختار. وبحصيلتها هي نماذج عن شكل ومضمون الصيغة المستعملة من جانب السلطة وتقاليد التسّنن التابعة لها، في محاربة الأعداء. ولا غرابة في الامر إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنها تقاليد لم تجد حرجا في وضع المئات من الأحاديث المزيفة على النبي محمد نفسه، وتقديم نفسها باعتبارها ممثلة "السّنة النبوية"!! فالأحاديث السنيّة عنه في اغلبها هي كتلة من الأكاذيب والافتراء على النبي محمد، بحيث أصبح النبي محمد كذابا وعرافا ومتنبئا وكاهنا من الدرجة الأولى!! مع أن القرآن من ألفه إلى يائه لا يحتوي على تنبؤ واحد!! انه يتكلم حول يقين النصر الملازم للحق والعدل وليس لله علاقة مباشرة بتاريخ الصراع اللاحق. وذلك لما في إدخال الله في صراع العائلات والقبائل من تسخيف شنيع لفكرة الوحدانية الدينية نفسها. خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار انه عادة ما يجري تحويل الله إلى آلة ودمية صغيرة بيد المجرمين والقتلة!!
غير أن للصراع السياسي أنبياءه وكذبته، ملائكته وشياطينه. ومن ثم لم يكن بإمكان المختار أن يتخلص من هذه الوحدة المتناقضة في مصالح القوى السياسية المتضادة. وليس مصادفة أن تكون تقاليد التشيع هي تقاليد الدفاع عنه، بسبب طبيعة الترابط بينهما في تاريخ الوجدان والرؤية العامة عن الحق وتاريخ الروح، وبالضد منه تاريخ التسنن السلطوي وهيامه بتقاليد الاتهام والتكفير والتحريم والتجريم والخنوع للإمام برا كان أو فاجرا! من هنا كمية التزييف الهائل تجاه مواقفه من الموقع السياسي للمختار في التاريخ السياسي للإسلام، وموقعه الروحي في التاريخ الروحي للإسلام. ووجدت هذه الظاهرة تعبيرها فيما يسمى بابتداع المختار فكرة البداء، أي إمكانية تغير الله لمواقفه! وهي فكرة تريد "البرهنة" على أن أول المختار ادعاء بالنبوة الكاذبة ونهايته تكذيبا لله! وتعكس هذه الدورة من حيث الجوهر ملامح الذهنية المحترفة في تصنيع الكذب والخداع المميز للأموية وتقاليدها "السنيّة". إذ تحولت هذه التقاليد لاحقا إلى تيار قائم بذاته بعد أن جرى الافتراق التاريخي بين السنة والشيعة. أما من الناحية التاريخية، فقد كان تصنيع الكذب العقائدي ضد المختار شكلا من أشكال الهجوم المضاد على موقعه السياسي في التاريخ السياسي للإسلام. وهو واقع يمكن رؤية اغلب مفاصله في تفسير ظهور فكرة البداء المنسوبة له. فقد كانت هي من حيث الجوهر "البدعة" العقائدية للرؤية "السنية" السلطوية تجاه برنامجه السياسي الاجتماعي. إذ نعثر عند البغدادي نفسه، على سبيل المثال، كيفية تفسيره لظهورها. فنراه يورد الشائعات والأحداث التاريخية عبر موشور وعيه العقائدي، لكن مضمونها يبقى واقعيا فيما لو جرى النظر إليه بمعايير التاريخ السياسي. فهو يشير إلى أن سادة الكوفة وأشرافها الذين طردهم المختار، وحقدهم على العبيد والموالي، وبقاء إبراهيم الاشتر في الجزيرة وعدم رغبته بمناصرة المختار لما يسمى بانزعاجه من "سجع" المختار و"تكهنه"، يكشف عن طبيعة القوى والأسباب القائمة وراء معارضته. ومن الناحية السياسية، أدى تجمع حزب "الأشراف" ضد حزب "العبيد والموالي" إلى إغراء مصعب بن الزبير بالقضاء عليه. وبعد أن تم لهم ما أرادوا، نسبوا إليه تفسير سبب هزيمته، بأنه كان يقول لجيشه قبل المعركة بأنهم منتصرون لا محالة. وعندما يستفسرون منه عن كيفية معرفته ذلك، فانه كان يجيب "الوحي أعلمني"!! وهي صيغة بدائية. والقضية ليست فقط في أن كل من يخوض معركة يسعى للفوز فيها، وان التأكيد على الفوز هو احد شروط الفوز وإلا فلا معنى للإقرار بالهزيمة والاشتراك في معركة خاسرة! غير أن جيشه حالما تعرض للهزيمة لم يجد سوى تبريرها بفكرة البداء، أي ينسبون له عبارة "إن الله وعدني بالنصر لكنه بدا له" مستندا بذلك إلى الآية (يمحو الله ما يشاء ويثبت). ذلك يعني، أن فكرة البداء المنسوبة إليه، ليس إلا الصيغة العقائدية الكاذبة والمنحولة للقضاء على موقعه السياسي في التاريخ السياسي للإسلام
أما من الناحية الروحية، فقد جرت محاولة الانتقام منه من خلال ربط مأثرته الروحية بفكرة التكهن. وهي نفس فكرة البداء من حيث أسبابها السياسية والاجتماعية، لكنها "تتسامى" من اجل إيجاد الخط الموازي للافتراء الجسدي بالافتراء "الروحي. وهي صفة مميزة للتقاليد "السنيّة" السلطوية العقائدية التي لا يحكمها من حيث الجوهر غير العبودية للسلطة والسلطان. كما يمكن رؤية البواعث غير المباشرة لهذه الصيغة فيما أورده البغدادي بهذا الصدد. فهو ينقل لنا كيف أن "أهل الكوفة خرجوا على المختار لما تكهن. واجتمعت السبئية إليه مع عبيد أهل الكوفة، لأنه وعدهم أن يعطيهم أموال ساداتهم وقاتل بهم الخارجين عليه". وكيف انه ظفر برجل يقال له سراقة بن مرداس البارقي. ومن خوفه قال لمن أسره تخوفا من أن يقتله المختار "ما انتم أسرتمونا ولا انتم هزمتمونا بعدتكم، وإنما هزمتنا الملائكة الذين رأيناهم على الخيل البلق فوق عسكركم". فأعجب المختار قوله هذا فأطلق سراحه!!" كذا وبكل بساطة!! والشيء نفسه يمكن قوله، عن محاول "التدليل" على أن ادعاءه بالنبوة كان تحت تأثير السبئية (!) الذين قالوا له "أنت حجة هذا الزمان" وحملوه على دعوة النبوة، فادعاها عند خواصه، حيث زعم أن الوحي ينزل عليه وسجع بعد ذلك".
لقد أرادت هذه الصيغة الساذجة كشف "سذاجة" المختار أو استعداده لقبول أية فكرة ما زال بإمكانها مد رحيقه السياسي بلعاب الزيف والدجل! لكنها رواية تستند إلى "مأثرة" نكرة جبانة تفتعل الأقاويل الكاذبة للخلاص من مواجه الموت، بحيث تصبح "شخصية إسلامية" ومصدرا للتدليل والبرهنة والصدق!! بينما تحتوي كل الأخبار والروايات التاريخية المدونة على معطيات تكشف عن صلابة وعقلانية المختار الثقفي ونزوعه الإنساني. وهي صفات لا يمكنها التوافق مع خزعبلات وترهات التزييف العقائدي.
فقد كانت حركة المختار استمرارا أشد تجانسا لحركة التوابين. وبالتالي، فهي حركة محكومة في نياتها وغايتها بفكرة جليلة وروح متسام، ألا وهو الاستعداد التام لمواجهة الاستبداد والظلم، والقدرة على التضحية بالنفس من اجلها. وهي الخاتمة التي توج بها المختار حياته، بعد أن استطاع إرساء أسس جديدة لفكرة المواجهة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية ضد الاستبداد وانعدام الشرعية في الدولة. وحاول بناء هذه الأسس على مبادئ العدل والمساواة والحرية. وقد أرعبت هذه النتيجة السلطات والأشراف على السواء وخدمتها وسدنتها الجدد. من هنا بحثها عن كل ما بإمكانه إثارة اللغط أو التشويش على شخصه وتاريخه. ذلك يعني، أن هذه المحاولات ليست إلا الصيغة العقائدية الكاذبة والمنحولة للقضاء على موقعه الروحي في التاريخ الروحي للإسلام.
بعبارة أخرى، ليست محاولات اقتلاع المآثر السياسية والروحية للمختار وطمس أثره من تاريخ الإسلام السياسي والروحي، ومحاولة حشره ضمن نطاق مذهبي ضيق وتطويقه بقيود الغلو والخروج على الإسلام، سوى الصيغة الأيديولوجية والعقائدية التقليدية لتقاليد الاستبداد والعبودية المميزة للخلافة الأموية واستمرارها اللاحق. لقد حدست فيه ممثلا نموذجيا لفكرة العدالة والمساواة والحرية المبنية على أساس الحق والحقوق. من هنا شراسة هجومها ضده. ذلك يعني أنها مواجهة كانت تحتوي في أعماقها على انتقال تأسيسي لاضمحلال مرحلة وجيل وبروز منظومات وفكر يناسبها.
فالحركات الفكرية الراديكالية التي تتسم بقدر هائل من الوجدان السياسي والعنف العملي، كما هو الحال بالنسبة للمختار والمختارية، سرعان ما تحترق وتتلاشى في رماد الخريف السياسي لتنتعش في ربيع الإبداع الروحي والثقافي. وبالتالي، فأن مأثرة المختار تكمن أيضا في انه أول من جسّد هذا الانتقال في حركة سياسية اجتماعية ذات أبعاد كونية (إسلامية). ومن خلالها جرى تراكم مختلف التصورات والأحكام العقائدية واجتهادها اللاهوتي والفلسفي كما سنراه لاحقا في قضايا مسئولية الفرد، والاختيار، وأمة الحق، وأمة الباطل، والإمامة، والعصمة وغيرها. وقد نفّذ هذه المهمة في بادئ الأمر "المثقف المجاهد"، ولاحقا أعلام الفكر ومنظوماته النظرية، بوصفها الذروة الأولية لتحول "مسرحية" التاريخ المعذب إلى فصول لم تعد أدوارها تنفذ في أطراف الكوفة، بل في العقل والضمير الاجتماعي للأمة الثقافية والإمبراطورية (الخلافة).
*** *** ***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والروح في شخصية المختار الثقفي
- العقيدة السياسية لفكرة الثأر الشامل في العراق (الماضي والحاض ...
- فردانية المعرفة الصوفية ووحدانية العارف
- كلمة الروح وروح الكلمة في الابداع الصوفي
- النادرة الصوفية
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (5-5)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (4)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية(3)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (2)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (1)
- مذكرات الحصري والذاكرة التاريخية السياسية
- بلاغة طه حسين وبلاغة الثقافة العربية
- شخصية طه حسين وإشكالية الاستلاب الثقافي!
- الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!
- مصر والمنازلة التاريخية الكبرى
- الإرادة والإلهام في انتفاضة مصر
- حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!
- ياسمين الغضب التاريخي
- إسلام -فاشي- أم يسار فاشل؟
- الانقلاب التونسي ومشروع المستقبل


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - نبوة المختار – قدر التاريخ وقدرة الروح!