أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة















المزيد.....

شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1032 - 2004 / 11 / 29 - 07:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ينتاب المرء مشاعر مختلطة من الاحباط واليأس والخيبة احيانا وهو يتابع هذا السيرك الفضائحي المخجل والمخزي المتواصل من التخلف الحضاري والبدائية السياسية والجهل المعرفي ويعجز كثيرا عن فهم وفك تعاويذ وطلاسم تلك الطقوس والشعائر السياسية البالية التي اصبحت تقاليدا راسخة وثوابت ومحرمات لا يمكن الاقتراب منها بحال من الاحوال. فقد رأينا وشاهدنا وعايشنا جميعا ما قامت به شموليات القهر الجاهلية في القرن العشرين من جرائم وأد سياسي جماعي شامل وعلى مدى الخمسين سنة الماضية في استعراض فاشي فاجر لكافة اشكال الاستئصال والابادة والتطهير السياسي والفكري لدول وشعوب و مجموعات واتجاهات واحزاب بكاملها وحتى افراد. ولقد استمرت حالة الانفلات الجنوني السلطوي الهيستيرية والفوضوية تلك لعقود طويلة واشتملت على الاعتقال التعسفي والسجن والتصفية الجسدية ان لزم الامر احيانا. فقد كان الاعتقال لمجرد الشبهة او تقرير مغرض لمتكسب متعيش كفيل بان يغيب صاحبه الى الابد في زنازين الثوار والرفاق الاشاوس. وقد تفنن حماة الحمى البررة في اساليب الترهيب والتعذيب ولم يتركوا وسيلة الا واستخدموها وقد استلزم الامر احيانا استيراد محققين وادوات تعذيب من دول مشهود لها بالقمع الاممي والبروليتاري الشامل.ولقد كانت تلك العمليات والاجراءات تعبير عن فشل ذريع في معالجة الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومواجهتها بالشكل الانساني والحضاري وعدم اتقان لغة الحوار الانسانية التي ميز الله الانسان بها عن الحيوان والاصرار بالحوار عبر السوط والعصا و العنف والقمع والاستئصال والتصفية فقط. وحين استفاق البعض من تلك اللوثة الثورية والانحراف السلوكي الفاشي ادرك المسافة المجراتية اللامحدودة التي تفصل بينه وبين اقرب معلم حضاري وانساني متمدن.ولقد شملت الاعتقالات التعسفية والسجن كافة شرائح المجتمع وقواه وفعالياته وكانت تلك العمليات محاولة لكسر ارادة اولئك المعارضين وثنيهم عن القيام باي دور على الحلبة السياسية المملوكة حصرا للطبقة الحاكمة وجوقة الزفة المرافقة المعروفة من المطبلين والمزمرين والراقصين على ايقاع البيانات الصاروخية والنيرانية اللاهبة الصادرة من قصور الشعوب المنكوبة. فما الذي حصده اولئك العباقرة بعد عشرات الالاف من الضحايا وسنوات عجاف جرداء بائسة ومديدة واوطان منهكة وفقيرة وجدباء سوى استعداء المزيد والمزيد من ابناء تلك الشعوب المقهورة واتساعا افقيا وشاقوليا لقوى الشعب المهمشة والمعارضة؟ فلقد انهارت تلك الاساليب تماما وسقطت وظهر كم كانت كرتونية وهشة ورخوة واصبح اصحابها انفسهم سجناء او منفيين او جرذانا يقتاتون على الفضلات في جحور لا تختلف كثيرا عن سجونهم السابقة واصبحوا مجرمي حرب مقيدين بالسلاسل ومطلوبين للعدالة في اكثر من مكان. ورأينا كيف سقطت دول وانهارت جدران الرعب وفتحت مجاهل السجون و لم تستطع كل ماكينات الفرم الجهنمية في ان تمنع رياح الحرية العاتية من الهبوب. وهناك مثل روسي كان شائعا ابان حكم القياصرة لروسيا يقول اقتل قيصرا يأتي قيصر اخر وبالتالي اقتل معارضا يفرخ لك الف معارض ومعارض اخر. فكم سجن من الصحفيين والمفكرين والادباء والمعلمين ورجال السياسة والاقتصاد والاعمال والفلاسفة والمفكرين وكم اغلق من الجمعيات والاحزاب والنقابات والصحف والمجلات وشرد ونفي من المواطنين في اصقاع الارض البعيدة ثم عادت تلك الجاهليات الرعناء لتجد نفسها في المربع الاول الذي انطلقت منه . و لذلك فقد عجزت قوى القمع الرهيبة من منع وجود المعارضة هنا او هناك او منع الكلمة الحرة ولجم الصوت الجريء . وعلى العكس من ذلك كانت تلك المعارضة تنمو وتتسع باطراد ملحوظ وكانت تنضم اليها قوى وشخصيات واحزاب وافراد لا علاقة لها بما يجري على الساحة على مبدأ " ليس حبا بعلي ولكن نكاية بمعاوية" ورأينا كيف استطاعت قوى المعارضة المحافظة هنا وهناك في هذا البلد او ذاك في استقطاب كثير من الشباب نكاية بالاحزاب التي ادعت العلمانية والقومية والتفدمية واصبحت مصدر قلق لتلك السلطات التي منعت سابقا كل اشكال الاحتجاج والتعبير السياسي السلمي الهادء وبالوسائل الديمقراطية. وقد حاولت بعض السلطات احيانا استمالة هذا المعتقل او ذاك وثنيه عن افكاره ومعتقداته وترغيبه بميزات ومكاسب فردية كثيرة ومناصب عالية قد تصل الى وزارة ما لكنه كان يزداد صلابة ويمعن بالرفض حتى ولو رأى الموت امامه وقد سمعنا عن كثيرين قضوا دون معتقداتهم وارائهم. ويخطىء كثيرا من يظن بان تلك الجينة الوراثية المعارضة العصية على العلاج ستموت وتنقرض يوما ما لدى تلك النوعية من البشر ولنا في مثال نلسون مانديلا الزعيم الجنوب افريقي السابق المحبوب وصاحب الشعبية العارمة عبرة في هذا الصدد حيث فشلت حكومة الفصل العنصري وسنوات السجن الثلاثون في كسر عزيمته والنيل منها .هذا ولم تفلح كل تلك الالة القمعية التي كانت تتسلط على الاتحاد السوفيتي المنقرض سيء الذكر وذراعه الجهنمية جهاز الKGB وممارساته الوحشية في منع انهيارره ولقد كان اي اعتراض او اي كلمة حرة من رجل حر تعني الموت الزؤام والاختفاء عن وجه البسيطة في ظل غياب كامل لاليات الحكم المعتادة والتي كانت تمارس في دول العالم المتحضر والتي قطعت شوطا طويلا في مسيرة الحضارة الانسانية. وفي الوقت نفسه لم تفلح تلك القرقعة الدعائية الغوغائية الهوجاء المستمرة صباح مساء في خلق شعبية زائفة لهذا القائد او ذاك وغالبا ما كانت نهايتهم ماساوية ومذلة واعتقد ان الجميع يتذكر الان ميلوسوفيتش والهبل القومجي العروبي المعروف وهونيكر وتشاوشيسكو. اذن لقد فشلت كل تلك الاساليب البالية والمهترئة في توجيه المسيرة السياسية وقولبة الجماهير والشعوب بالشكل الذي تمناه اولئك الشموليون الحمقى وكانت نتائج تلك الاجراءات التعسفية عكسية تماما.ولو انتقلنا الان الى الضفة الاخرىوعما كان يجري في تلك الدول التي سارت في اتجاهات مغايرة تماما واعتمدت انظمة ديمقراطية وعلمانية وليبرالية وانتخابات وصحافة حرة وتعددية سياسية كيف تنعم بالترف والرفاهية الحضارية التي شرعت الابواب وفتحتها للنقد وتقييم الاداء الحكومي والسلطوي وكافة اشكال التعبير الاخرى وكانت الصحافة والاعلام مساعدا ودليلا ورديفا ومرشدا في كشف كافة الاخطاء والعيوب والتقصير والنواقص وفضح الاسرار والخفايا وبالتالي معالجتها . وكانت هي السلطة الرابعة الممارس الحقيقي لكافة السلطات والموجه لكافة السياسات العامة لتلك الدول.وكانت استطلاعات الراي هي البوصلة السياسية التي يهتدي بها اولئك الساسة في كافة تحركاتهم وقراراتهم. كما كانت الصحافة احيانا هي التي تختار الحكومات وتسقط الرؤساء ولعل ووتر غيت ماتزال ماثلة الى الان في اذهان الكثيرين.وقد ذهبت حرية الصحافة والاعلام بعيدا جدا في كشف المجاهل والمخبوءات والمستورات السياسية وحتى الشخصية للزعماء والمرشحين للمناصب العامة. ورأينا كيف ارخ فيلم مايكل مور فهرنهايت 11وثائقيا لحقبة الرئيس الامريكي والمرشح الرئاسي جورج دبليو بوش وكان سلبيا جدا في تفسيره وتقديمه لسياسات اقوى رجل على سطح الارض الان ولم تستطع ادارة بوش القوية التي هزمت الملا عمر واجهزت على نظام صدام وسجنت ميلوسوفيتش في الهايغ وتأمر العربان فينصاعون في منع عرض هذا الفيلم في صالات العرض الامريكية.وكان هذا الفيلم واحدا من اقوى الافلام التي تتناول الحياة الشخصية والمسيرة السياسية لرئيس امريكي في تارخ امريكا على الاطلاق بدعائية سلبية سافرة فهم الجهابذة العروبيين ومفكريهم الاستراتيجيين بان الرجل "طاير" لامحالةلدرجة ان احد منظري القومجية والاكاديميين المتفوهين بشر بسقوط حتمي ومدو لجورج بوش وبداية عصر جون كيري المحب للعربان والذي سيقيم لهم دولة الخلافة القومية العتيدة دون ان يعلم طبعا بان كيري زار اسرائيل اكثر من بوش وانه اطلق تصريحاته العنصرية المتطرفة طالت دولا وشخصيات كثيرة في المنطقة ودون ان يدرك ذلك الذكي المتشدق وهذا الاهم ان السياسة الخارجية والداخلية لهذه الدول التي تعتمد على المؤسسات وتسير وفق نمطية سياسية ثابتة ومحددة الاستراتيجيات والاهداف رسمها وخططها مجلس الامن القومي والمعاهد الاستراتيجية الاكاديمية المتخصصة وخبرائها وعقولها المرعبة وتستشعر ادائها مراكز استطلاعات الراي وان الرئيس ماهو الا منفذ واداة في هذه التركيبةوحين كان احدهم يخطىء او يحيد عن هذه الخطة كان يساق الى مجالس التحقيق تماما كما يساق رعايا قمعستان المساكين الى مخافر الدرك العصملية وان السياسة العامة الخارجية في هكذا دول لا تتاثر بالافراد مطلقا وسيان لدينا جورج بوش او جورج سيدهم. ونحن كما اكدنا مرارا الحياد المطلق وعدم التهليل لهذا الشخص او ذاك اطلاقا ولكنا في باب السرد الوقائعي الامين لمشهد يراه ويراقبه الجميع ولم نأت بأي شيء جديد. وفاز جورج بوش اخيرا برغم الفيلم والحملات الدعائية المضادة له لان الكلمة في النهاية كانت للناخب الامريكي, وفي نفس الوقت يمكن القول انه كان هناك بعض القادة التاريخيين الملهمين الذين احدثوا تغييرات واسعة وتحولات تاريخية بارزة كبسمارك وتشرشل ولنكولن وغاريبالدي وهلموت كول واخرين يضيق المجال عن ذكرهم ولكنهم كانوا يعودون الى منازلهم البسيطة كمواطنين عاديين يشربون الشاي ويقرؤون الصحف بعد انتهاء مدة ولايتهم. وبعد ذلك كله متى يستيقط اولئك الشموليون من غيبوبتهم وموتهم الدماغي والفشل العقلي المزمن ويقرؤوا ولو لمرة واحدة والى الابد تلك المتغيرات والحقائق الدامغة الذي لاينفع معها الانكار والمكابرة. والان من هم الاغبياء؟ انها دعوة للتفكير.


نضال نعيسة صحفي وكاتب سوريِ



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة