أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - في متعةِ الحيرة














المزيد.....

في متعةِ الحيرة


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 18:43
المحور: الادب والفن
    


عفواً سيدي، أنا لا أقصد أي إهانة، لكن..

ثم أكملتُ كلامي

محاولاً ألا ألتفتُ مباشرةً إلى عينيه

وألا أكْثِرُ من النظر، عبر النافذة المجاورة

إلى أطفالٍ كانوا يلعبون بمنتهى الحرية

وإلى شمسٍ كانت تحاول التمسك بآخر فرصة لها في السطوع

وإلى اللاشيء، ذلك الكائن الأثير عندي الذي لطالما أولعتُ به

..

المهم أني أكملتُ كلامي

وهو لم يُجبني إلى طلبي، ولم يصدق أني حقاً ما كنتُ أقصدُ إهانته بذاك الطلب

لكنه – على أية حال – لم يطردني كآخرين

بل انتظرَ حتى أكملتُ كلامي

ثم أشاح بوجهه عني

وفهمت أنا مغزى رسالته جيداً، وعلى الفور

كأني كنتُ أعرفه دوماً، منذ أبد الدهر

وانطلقتُ إلى حال سبيلي

..

وفي الطريق، وجدتُ الساحة خلاء

أقصدُ تلك التي كان الأطفال يلعبون فيها

أظنهم كانوا يلعبون الاستغماية

وجدتها خلاء منهم ومن أي كائن

ووجدتُ كذلك الشمس قد غابت وكُتبتْ لقصتها لهذا اليوم النهاية

لكني، كالعادة، وجدت صديقي الأثير.. اللاشيء

وجدته بانتظاري على رصيف الشارع الموصل إلى حيث يبدأ الطريق نحو ذلك الآخر

الذي يقضي ترتيب الأسماء في القائمة المفروضة عليَّ بأن أزوره لاحقا

وقد صاحبني في رحلتي إليه

وظَلَّ يحدثني طيلة المشوار عن معانٍ ملتبسةٍ عدة

ولاستمتاعي بصُحبته وبحِيرتي بسببه، هان عليَّ طول المدة

ولحسن حظي وحظه، لم يلق عليَّ أسئلةً جديدة

هل النفوس في لحظات الحيرة تتألق، والعقول تصبح بليدة؟

لا أدري

لقد وصلتُ إلى الرجل الآخر، الأخير على قائمتي لليوم.. هذا هو المهم الآن

وتركتُ صاحبي على رصيف مشابه

فكل الأرصفة في عصرنا تتشابه

والناس حتى يبدون، من نواحٍ عدة، كالأرصفة

وصعدتُ إلى حيث يجب أن أصعد

وطرقت باباً جديدا، حديدياً

وفتح الباب وجهٌ ملائكيٌ كاذبٌ جديد

وعرضتُ نفس المطلب على رجل آخر

أقصدُ على سيدٍ آخر لبيتٍ آخر

وحين أصابه الضيق من كلامي، ألقيتُ على مسامعه نفس الحيثيات

وقمتُ بنفس الاستدراك السخيف

يبدو أنني أصبحتُ محترفاً في تبرير ما لا حاجة إلى تبريره

وفي طلب أمورٍ الأصل فيها أن تُمنح لأمثالي تلقائيا

لكن غضبه كان أشد من غضب سابقه

فطردني طرداً صريحاً

وقال للملاك الكاذب: عليك أن تلاحقه

وهو ما لم يفعله الخادم الكاذب

وفي طريق نزولي جلستُ لبُرهةٍ على كرسيٍ مريح

بين طابقه وبين الأرض

واكتشفت، حين وطأت قدماي الأخيرة

أنني عند الرجل الآخر لم أنظر عبر النافذة

أو ربما لم تكن ثمة نافذة عنده في غرفته الكئيبة

واكتشفتُ أن الليل قد أرخى سدوله كافة على منطقة شديدة الهدوء

لا أطفال كانوا يلعبون الاستغماية

ولا حتى في السماء كان القمر

هي ليلةٌ ليلاء

حزينة

ووجدتُ صاحبي على الرصيف

هو أوفى الأوفياء لي في رحلتي

لا يفارقني أبدا

ولا يخلف لي وعدا

لا يحتاج إلى مقدماتٍ أو حيثيات

لا أحتاج أمامه إلى الاستدراك

فقط أحتاج إلى استطرادات عدة في كل دقيقة

خصوصاً حين يسائلني بشغف

وحين يباغتني بأسئلة جديدة

لا يتمرد عليَّ ولا يتكاسل عن مصاحبتي في غزواتي الفاشلة

وأقصى ما بوسعه إتيانه من اجتراء

هو أن يعبر نهر الطريق

أتركه على هذا الجانب، ثم أصعد

وحين أنزل، أجده على الجانب الآخر

يحاول استكشاف كُنه الأسئلة هناك

ولا يراودني شكٌ في أنه سيكون معي غداً، حين أزورُ رجلاً آخر

سينتظرني بالأسفل

وسرعان ما سأنزلُ إليه بخُفي حنين

ثم أنظرُ في القائمة من جديد

..

وعندما استيقظتُ، بغتةً، في تلك الليلة من نومٍ عميق

وقمتُ لأحتسي بعض الشراب

أو لأغتسل، قبل أن أواصلَ النوم

راودني سؤالٌ حاد: لماذا لا يصعد صاحبي معي إليهم؟؟

ثم أعقبه سؤالٌ أحَدّ: ومَن عساه أن يكون أصلا؟؟

وما استطعتُ إكمال نومي أبدا



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...
- حكايات النظريات: ماركس والحتمية المادية للتاريخ
- حكايات النظريات: طه حسين ونظرية التأويل السياقي
- حكايات النظريات: الإدارة الإنسانية والحق في الإبداع
- حكايات النظريات: ابن رُشد ومحاكم التفتيش
- حكايات النظريات: اليد الخفية وحرية السوق
- حكايات النظريات: الشك المنهجي ونظرية الأفكار
- متوالية، بين نقل وعقل
- حكايات النظريات: الماجنا كارتا وحقوق المحكومين
- حكايات النظريات: البقاء للأصلح


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - في متعةِ الحيرة