|
دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 11:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أي حدث ، خاصة عندما يطول ذلك الحدث ، يمكن تقسيمه لمراحل ، و ربيع العرب الديمقراطي مر عليه حتى الآن عدة شهور ، و نهايته لا تلوح في الأفق . حتى هذا اليوم ، أرى إنه بالإمكان تقسيم ربيع العرب إلى موجتين ، معتمداً في تقسيمي هذا على تاريخ وصول كل شعب شارك في ربيع العرب إلى مرحلة أكثر تقدماً ديمقراطياً عن سابقتها ، و متجاهلاً تاريخ بدأ النضال . الموجة الأولى تضم تونس ، و مصر . في هذه الموجة يمكن أن نلحظ تشابهاً كبيراً بين ثورتي تونس ، و مصر ، خاصة في الإسلوب ، و في النتائج . تونس هي رائدة ربيع العرب ، لا جدال في ذلك ، و نجاح الشعب التونسي في الإطاحة بزين العابدين بن علي ، هو الذي دشن ربيع العرب ، و هذه الحقيقة تطرح بقوة سؤال جانبي ، مهم من الناحية التاريخية النظرية فقط ، و هو : هل بدأ ربيع العرب في الرابع عشر من يناير 2011 ، أم مع بداية الأحداث التي توالت حتى أطاحت بزين العابدين بن علي ؟؟؟ أعتقد أن الإجابة هي : الرابع عشر من يناير 2011 ، فلولا سقوط بن علي ما كان ليكون هناك ربيع للعرب هذا العام . تونس كانت البداية ، و مصر هي التي أكدت ربيع العرب ، و دفعت به للأمام ، بوزنها السكاني ، و مكانتها التاريخية و الثقافية بين العرب ، و بشهرة الشخصية التي أطاح شعبها بها . إسلوب الإحتجاج كان أيضاً متشابه في هذه الموجة ، و سقوط الطاغيتين ، التونسي ، و المصري ، كان متشابه - إلى حد ما - في الإسلوب . النتائج أيضاًَ كانت متشابهة في إحباطاتها ، و السبب هو إنه لم يحدث في الدولتين إسقاط كامل للنظامين الإستبداديين . سقط رأسي النظامين في كل من تونس و مصر ، و معهما أسرتيهما ، و بعض الشخصيات ، و لكن لم يسقط النظامان بالكامل ، بل ظلا هما الممسكين بالسلطة في البلدين ، و هما من يرسمان خطوط العملية السياسية المستقبلية لهذه اللحظة ، و هذا في حد ذاته فشل ديمقراطي بالتأكيد . التحول للديمقراطية لم يكتمل في كل من تونس ، و مصر ، هذه هي خلاصة وصف نتائج الموجة الأولى . الموجة الثانية تضم بالتأكيد ليبيا ، التي يمكن القول اليوم إنها أطاحت بنظام القذافي ، و مرشح للإنضمام لهذه الموجة كل من سوريا ، و اليمن . هنا أيضا هناك تشابه في طبيعة الثورات في تلك البلدان الثلاثة من حيث القمع الدموي الذي قوبلت به الإحتجاجات السلمية ، مع إختلاف في رد الفعل الشعبي تجاه هذا القمع الدموي ، و الذي تراوح بين مواجهته بالسلاح كما في ليبيا ، و الإستمرار في الإلتزام بشكل عام بالنهج السلمي كما في سوريا ، و التراوح بين النهجين كما في اليمن . نتائج الموجة الثانية لازالت فعلياً في علم الغيب ، فالنظام الليبي سقط بالأمس فقط ، و في كل من سوريا و اليمن ، لازال النظامين الإستبداديين قائمين ، و لكن لا مانع من محاولة إستشفافها . أعتقد أن دول الموجة الثانية ، أو الموجة الحمراء ، إن تمتعت بالإستقرار السياسي ، و الأمني ، بعد نجاح ثوراتها ، سوف تكون فرصة تمتع شعوبها بالديمقراطية الحقيقية ، أكبر من دول الموجة الأولى . السبب في ذلك أن القمع الدموي الذي شهدته شعوب تلك الدول قد قطع كل الخيوط بين شعوب تلك الموجة ، و النخب الحاكمة في دول تلك الموجة ، و دمر بالتالي كل فرص النخب الحاكمة في تلك البلدان للبقاء على قمة السلطة بعد نجاح الثورات ، أو حتى المشاركة في السلطة . ما يمكن أن يحلم به أعضاء النخب الحاكمة - الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء شعوبهم - في بلدان الموجة الثانية ، أو الموجة الحمراء ، بعد نجاح الثورات ، هو تركهم لحالهم ، و الإكتفاء بحرمانهم من العمل السياسي ، و أقصى ما يتمنونه هو السماح لهم - من موقع التفضل - بالمشاركة في الحياة السياسية ، و بالتأكيد سيكون دورهم فيها هامشي للغاية . دول الموجة الثانية لن تسمح شعوبها لنخب القمع أن ترسم مستقبلها ، بعكس ما حدث في دولتي الموجة الأولى ، و هذا هو مفتاح الإختلاف في النتائج . الشعب الذي يسمح لأعداء الديمقراطية في بلده برسم معالم الحياة السياسية ، و التحكم في العملية السياسية برمتها ، بعد ثورته ، لا يمكن أن يتمتع بديمقراطية حقيقية ، و أقصى ما يمكن أن يتمتع به هو مزيد من مظاهر الديمقراطية عن ذي قبل ، و بعض التحسن في ميدان حقوق الإنسان ، ليس أكثر . تونس لها الريادة ، و مصر لها فضل التأكيد ، و لكنهما لن يتمتعا - لو إستمرت الأوضاع فيهما كما هي الآن - بنفس درجة الديمقراطية التي ستتمتع بها دول الموجة الثانية ، شريطة تمتع دول الموجة الثانية بالإستقرارين ، السياسي ، و الأمني .
24-08-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل ستخفض درجة تصنيفها لمبارك
-
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
-
نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً ك
...
-
حتى يصبح الخامس و العشرين من يناير 2011 العيد الوطني لمصر
-
المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية
-
الشعب يريد الحكم
-
درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل
-
إستكمال الثورة أولاً
-
إنه نظام طنطاوي ، و الأدق نظام طنطاوي - سليمان
-
تسييس القضاء العسكري خيانة
-
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
المزيد.....
-
وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع
...
-
تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
-
السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس
...
-
زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
-
الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا
...
-
الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
-
تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
-
أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
-
كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
-
تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|